المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب التشهد في الصلاة) - شرح النووي على مسلم - جـ ٤

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب القدر المستحب من الماء في غسل الْجَنَابَةِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ افاضة الماء على الرأس وغيره ثلاثا)

- ‌(باب حكم ضفائر المغتسله)

- ‌(باب استحباب استعمال المغتسله من الحيض فرصة من مسك)

- ‌في موضع الدم)

- ‌(باب الْمُسْتَحَاضَةِ وَغُسْلِهَا وَصَلَاتِهَا)

- ‌(إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي

- ‌(باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة)

- ‌(باب تستر المغتسل بثوب ونحوه)

- ‌(باب تَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَى الْعَوْرَاتِ)

- ‌(باب جَوَازِ الِاغْتِسَالِ عُرْيَانًا فِي الْخَلْوَةِ)

- ‌(باب الِاعْتِنَاءِ بِحِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(باب التستر عند البول قَوْلُهُ)

- ‌(باب بيان أن الجماع كان في أول الاسلام لا يوجب

- ‌(باب الوضوء مما مست النار)

- ‌(باب الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ شك في الحدث)

- ‌(بَابُ طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ)

- ‌فصل)

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(يَبُولُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ المسلم في هذا الحال

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها)

- ‌(باب جَوَازِ أَكْلِ الْمُحْدِثِ الطَّعَامَ وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ)

- ‌(باب ما يقال اذا أراد دخول الخلاء)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ نَوْمَ الْجَالِسِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ)

- ‌كتاب الصلاة)

- ‌(باب بدء الاذان)

- ‌(باب الأمر بشقع الأذن وايتار الاقامة الا كلمة

- ‌(باب صفة الاذان)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنَيْنِ للمسجد الواحد)

- ‌(باب جَوَازِ أَذَانِ الْأَعْمَى إِذَا كَانَ مَعَهُ بَصِيرٌ)

- ‌(باب الْإِمْسَاكِ عَنْ الْإِغَارَةِ عَلَى قَوْمٍ فِي دَارِ الْكُفْرِ إِذَا

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ الْقَوْلِ مِثْلِ قَوْلِ المؤذن لمن سمعه)

- ‌(بَابُ فضل الاذان وهروب الشَّيْطَانِ عِنْدَ سَمَاعِهِ)

- ‌(بَابُ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمِنْكَبَيْنِ مَعَ تَكْبِيرِةِ

- ‌(بَابُ إِثْبَاتِ التَّكْبِيرِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ ركعة وانه اذا لم يحسن)

- ‌(وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ حَتَّى فَعَلَ

- ‌(باب نَهْيِ المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه)

- ‌(بَابُ حُجَّةِ مَنْ قال لا يجهر بالبسملة)

- ‌(باب حُجَّةِ مَنْ قَالَ الْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ سِوَى

- ‌(باب وضع يده الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ

- ‌(باب التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ)

- ‌(باب التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّأْمِينِ)

- ‌(باب ائتمام المأموم بالإمام)

- ‌(بَابُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ إِذَا عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ وَسَفَرٍ

- ‌(باب تَقْدِيمِ الْجَمَاعَةِ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ إِذَا تَأَخَّرَ الْإِمَامُ)

- ‌(بَابُ تَسْبِيحِ الرَّجُلِ وَتَصْفِيقِ الْمَرْأَةِ إِذَا نَابَهُمَا شَيْءٌ فِي

- ‌(باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها)

- ‌(باب تَحْرِيمِ سَبْقِ الْإِمَامِ بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَنَحْوَهُمَا)

- ‌(باب النهي عن رفع البصر إلى السماء فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة

- ‌(باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها)

- ‌(باب أَمْرِ النِّسَاءِ الْمُصَلِّيَاتِ وَرَاءَ الرِّجَالِ)

- ‌(باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب التَّوَسُّطِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ)

- ‌(بَابُ الاستماع للقراءة)

- ‌(باب الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَالْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنِّ)

- ‌(باب الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ)

- ‌(باب الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ)

- ‌(بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ)

- ‌(باب أَمْرِ الْأَئِمَّةِ بِتَخْفِيفِ الصَّلَاةِ فِي تَمَامٍ)

- ‌(باب اعْتِدَالِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَتَخْفِيفِهَا فِي تَمَامٍ)

- ‌(باب متابعة الإمام والعمل بعده)

- ‌(باب مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ من اركوع)

- ‌(باب النَّهْيُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(باب ما يقال في الركوع والسجود)

- ‌(باب فَضْلِ السُّجُودِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ)

- ‌(باب أَعْضَاءِ السُّجُودِ وَالنَّهْيِ عَنْ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ)

- ‌(باب الِاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ وَوَضْعِ الْكَفَّيْنِ عَلَى الْأَرْضِ)

- ‌(باب مَا يَجْمَعُ صِفَةَ الصَّلَاةِ وَمَا يُفْتَتَحُ به ويختم به)

- ‌(باب سترة المصلى والندب إلى الصلاة إلى سترة والنهي

- ‌(باب الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَصِفَةِ لِبْسِهِ)

الفصل: ‌(باب التشهد في الصلاة)

وَهِيَ مَذْهَبُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعَنْ مَالِكٍ رحمه الله أَيْضًا اسْتِحْبَابُ الْوَضْعِ فِي النَّفْلِ وَالْإِرْسَالِ فِي الْفَرْضِ وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الْبَصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ فِي اسْتِحْبَابِ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ حَدِيثُ وَائِلٍ الْمَذْكُورُ هُنَا وَحَدِيثُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعَيْهِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو حَازِمٍ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا يَنْمِي ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَرْفُوعٌ كَمَا سَبَقَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ وَعَنْ هُلْبٍ الطَّائِيِّ رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّنَا فَيَأْخُذُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَدَلِيلُ وَضْعِهِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى على صدره رواه بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَضْعُ الْأَكُفِّ عَلَى الْأَكُفِّ تَحْتَ السُّرَّةِ ضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي شَيْبَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي وَضْعِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْخُشُوعِ وَمَنَعَهُمَا مِنَ الْعَبَثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(باب التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ)

فِيهِ تَشَهُّدُ بن مسعود وتشهد بن عَبَّاسٍ وَتَشَهُّدُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنهم وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِهَا كُلِّهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْهَا فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى وبعض أصحاب مالك أن تشهد بن عَبَّاسٍ أَفْضَلُ لِزِيَادَةِ لَفْظَةِ الْمُبَارَكَاتِ فِيهِ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل تَحِيَّةً مِنْ عند الله مباركة طيبة وَلِأَنَّهُ أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ رضي الله عنهما وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ

ص: 115

تشهد بن مَسْعُودٍ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَشَدُّ صِحَّةً وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ صَحِيحًا وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَشَهُّدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ عَلَّمَهُ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ أَحَدٌ فَدَلَّ عَلَى تَفْضِيلِهِ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِلَى آخِرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّشَهُّدِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ سُنَّةٌ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَائِفَةٌ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالْأَخِيرُ وَاجِبٌ وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ هُمَا وَاجِبَانِ وَقَالَ أَحْمَدُ رضي الله عنه الْأَوَّلُ وَاجِبٌ وَالثَّانِي فَرْضٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ رضي الله عنهما وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ هُمَا سُنَّتَانِ وَعَنْ مَالِكٍ رحمه الله رِوَايَةٌ بِوُجُوبِ الْأَخِيرِ وَقَدْ وَافَقَ مَنْ لَمْ يُوجِبِ التَّشَهُّدَ عَلَى وُجُوبِ الْقُعُودِ بِقَدْرِهِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْبَابِ فَفِيهِ لَفْظَةُ التَّشَهُّدِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلنُّطْقِ بِالشَّهَادَةِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ) فَمَعْنَاهُ أَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَاهُ السَّالِمُ من النقائص وَسِمَاتِ الْحُدُوثِ وَمِنَ الشَّرِيكِ وَالنِّدِّ وَقِيلَ الْمُسَلِّمُ أَوْلِيَاءَهُ وَقِيلَ الْمُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَأَمَّا التَّحِيَّاتُ فَجَمْعُ تَحِيَّةٍ وَهِيَ الْمِلْكُ وَقِيلَ الْبَقَاءُ وَقِيلَ الْعَظَمَةُ وَقِيلَ الْحَيَاةُ وَإِنَّمَا قِيلَ التَّحِيَّاتُ بِالْجَمْعِ لِأَنَّ مُلُوكَ الْعَرَبِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تُحَيِّيهِ أَصْحَابُهُ بِتَحِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ فَقِيلَ جَمِيعُ تَحِيَّاتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ حَقِيقَةً وَالْمُبَارَكَاتُ وَالزَّاكِيَاتُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْبَرَكَةُ كَثْرَةُ الْخَيْرِ وَقِيلَ النَّمَاءُ وَكَذَا الزَّكَاةُ أَصْلُهَا النَّمَاءُ وَالصَّلَوَاتُ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْمَعْرُوفَةُ وَقِيلَ الدَّعَوَاتُ وَالتَّضَرُّعُ وَقِيلَ الرَّحْمَةُ أَيِ اللَّهُ الْمُتَفَضِّلُ بِهَا وَالطَّيِّبَاتُ أَيِ الكلمات الطيبات وقوله في حديث بن عَبَّاسٍ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ تَقْدِيرُهُ وَالْمُبَارَكَاتُ والصلوات والطيبات كما في حديث بن مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ حُذِفَتِ الْوَاوُ اخْتِصَارًا وَهُوَ جَائِزٌ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ التَّحِيَّاتِ وَمَا بَعْدَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا تَصْلُحُ حَقِيقَتُهَا لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ (السَّلَامُ عَلَيْكَ

ص: 116

أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) فَقِيلَ مَعْنَاهُ التَّعْوِيذُ بِاللَّهِ وَالتَّحْصِينُ بِهِ سبحانه وتعالى فَإِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ لَهُ سبحانه وتعالى تَقْدِيرُهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ حَفِيظٌ وَكَفِيلٌ كَمَا يُقَالُ اللَّهُ مَعَكَ أَيْ بِالْحِفْظِ وَالْمَعُونَةِ وَاللُّطْفِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ السَّلَامَةُ وَالنَّجَاةُ لَكُمْ وَيَكُونُ مَصْدَرًا كَاللَّذَاذَةِ وَاللَّذَاذِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى فسلام لك من أصحاب اليمين وَاعْلَمْ أَنَّ السَّلَامَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ يَجُوزُ فِيهِ حَذْفُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيُقَالُ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَسَلَامٌ عَلَيْنَا وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ هُنَا وَلَكِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ أَفْضَلُ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي رِوَايَاتِ صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَمَّا الَّذِي فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَهُوَ سَلَامُ التَّحْلِيلِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الْأَمْرَيْنِ فِيهِ هَكَذَا وَيَقُولُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ أَفْضَلُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ إِلَّا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَلِأَنَّهُ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي التَّشَهُّدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَهُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لِيَعُودَ التَّعْرِيفُ إِلَى سَابِقِ كَلَامِهِ كَمَا يَقُولُ جَاءَنِي رَجُلٌ فَأَكْرَمْتُ الرَّجُلَ قَوْلُهُ وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ قَالَ الزَّجَّاجُ وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُمَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ هُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الْعِبَادِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ دَاخِلَتَيْنِ عَلَى الْجِنْسِ تَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ وَالْعُمُومَ قَوْلُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ رَجُلٌ مُحَمَّدٌ وَمَحْمُودٌ إِذَا كَثُرَتْ خِصَالُهُ الْمَحْمُودَةُ قَالَ بن فَارِسٍ وَبِذَلِكَ سُمِّيَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم مُحَمَّدًا يَعْنِي لِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِكَثْرَةِ خِصَالِهِ الْمَحْمُودَةِ أَلْهَمَ أَهْلَهُ التَّسْمِيَةَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ السَّلَامِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِمَا شَاءَ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالدَّعَوَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الصلاة عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التشهد

ص: 117

الْأَخِيرِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وُجُوبُهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَمَنْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ زِيَادَةٌ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ وَلَكِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ هُوَ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ

ص: 118

سَاكِنَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ قَوْلُهُ (أُقِرَّتِ الصَّلَاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةِ) قَالُوا مَعْنَاهُ قُرِنَتْ بِهِمَا وَأُقِرَّتْ مَعَهُمَا وَصَارَ الْجَمِيعُ مَأْمُورًا بِهِ قَوْلُهُ (فَأَرَمَّ الْقَوْمُ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ سَكَتُوا قَوْلُهُ (لَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فِي أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا أَيْ تُبَكِّتَنِي بِهَا وَتُوَبِّخَنِي قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ) أَمْرٌ بِإِقَامَةِ الصُّفُوفِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَهُوَ أَمْرُ نَدْبٍ وَالْمُرَادُ تَسْوِيَتُهَا وَالِاعْتِدَالُ فِيهَا وَتَتْمِيمُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مِنْهَا وَالتَّرَاصُّ فِيهَا وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ فِيهَا حَيْثُ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (ثم ليؤمكم

ص: 119

أَحَدُكُمْ) فِيهِ الْأَمْرُ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ أَمْ إِيجَابٍ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ فَالرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِنَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا فَعَلَهُ مَنْ يَحْصُلُ بِهِ إِظْهَارُ هَذَا الشِّعَارِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِنْ تَرَكُوهُ كُلُّهُمْ أَثِمُوا كُلُّهُمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أصحابنا هي سنة وقال بن خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا هِيَ فَرْضُ عَيْنٍ لَكِنْ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَمَنْ تَرَكَهَا وَصَلَّى مُنْفَرِدًا بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ هِيَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَقَالَ بِكُلِّ قَوْلٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ طَوَائِفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا) فِيهِ أَمْرُ الْمَأْمُومِ بِأَنْ يَكُونَ تكبيره عقب تكبير الإمام ويتضمن مسئلتين إحداهما أنه لَا يُكَبِّرَ قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ بَلْ بَعْدَهُ فَلَوْ شَرَعَ الْمَأْمُومُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ نَاوِيًا الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ وَقَدْ بَقِيَ لِلْإِمَامِ مِنْهَا حَرْفٌ لم يصح إحرام المأموم بلاخلاف لأنه نوى الإقتداء بالإمام بِمَنْ لَمْ يَصِرْ إِمَامًا بَلْ بِمَنْ سَيَصِيرُ إِمَامًا إِذَا فَرَغَ مِنَ التَّكْبِيرِ وَالثَّانِيَةَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُ تَكْبِيرَةِ الْمَأْمُومِ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ وَلَا يَتَأَخَّرُ فَلَوْ تَأَخَّرَ جَازَ وَفَاتَهُ كَمَالُ فَضِيلَةِ تَعْجِيلِ التَّكْبِيرِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَإِذَا قَالَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ) فِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ لِمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ أَنَّ تَأْمِينَ الْمَأْمُومِ يَكُونُ مَعَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ لَا بَعْدَهُ فَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ مَعًا آمِينَ وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا قَالُوا مَعْنَاهُ إِذَا أَرَادَ التَّأْمِينَ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ يُرِيدُ التَّأْمِينَ فِي آخِرِ قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ فَيَعْقُبُ إِرَادَتَهُ تَأْمِينَهُ وَتَأْمِينَكُمْ مَعًا وَفِي آمِينَ لُغَتَانِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَالْمَدُّ أَفْصَحُ وَالْمِيمُ خَفِيفَةٌ فِيهِمَا وَمَعْنَاهُ اسْتَجِبْ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَمَامُ الْكَلَامِ فِي التَّأْمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي بَابِهِ حَيْثُ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَقُولُوا آمِينَ يُجِبْكُمُ اللَّهُ) هُوَ بِالْجِيمِ أَيْ يَسْتَجِبْ دُعَاكُمْ وَهَذَا حَثٌّ عَظِيمٌ عَلَى التَّأْمِينِ فَيَتَأَكَّدُ الِاهْتِمَامُ بِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ فَقَالَ رَسُولُ

ص: 120

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتِلْكَ بِتِلْكَ) مَعْنَاهُ اجْعَلُوا تَكْبِيرَكُمْ لِلرُّكُوعِ وَرُكُوعَكُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ وَكَذَلِكَ رَفْعَكُمْ مِنَ الرُّكُوعِ يَكُونُ بَعْدَ رَفْعِهِ وَمَعْنَى تِلْكَ بِتِلْكَ أَنَّ اللَّحْظَةَ الَّتِي سَبَقَكُمُ الْإِمَامُ بِهَا فِي تَقَدُّمِهِ إِلَى الرُّكُوعِ تَنْجَبِرُ لَكُمْ بِتَأْخِيرِكُمْ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ رَفْعِهِ لَحْظَةً فَتِلْكَ اللَّحْظَةُ بِتِلْكَ اللَّحْظَةِ وَصَارَ قَدْرَ رُكُوعِكُمْ كَقَدْرِ رُكُوعِهِ وَقَالَ مِثْلَهُ فِي السُّجُودِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ الْجَهْرُ بِقَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَحِينَئِذٍ يسمعونه فيقولون وفيه دَلَالَةٍ لِمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ لَا يَزِيدُ الْمَأْمُومُ عَلَى قَوْلِهِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَلَا يَقُولُ مَعَهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ فيه في بابه إنشاء اللَّهُ تَعَالَى وَمَعْنَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَيْ أَجَابَ دُعَاءَ مَنْ حَمِدَهُ وَمَعْنَى يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ يَسْتَجِبْ دُعَاءَكُمْ قَوْلُهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ هَكَذَا هُوَ هُنَا بِلَا وَاوٍ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَبِحَذْفِهَا وَكِلَاهُمَا جَاءَتْ بِهِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ وَأَنَّ الْأَمْرَيْنِ جَائِزَانِ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رضي الله عنه اخْتِلَافًا عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَغَيْرِهِ فِي الْأَرْجَحِ مِنْهُمَا وَعَلَى إِثْبَاتِ الواو يكون قوله ربنا متعلقابما قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ يَا رَبَّنَا فَاسْتَجِبْ حَمْدَنَا وَدُعَاءَنَا وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى هدايتنا لذلك قوله (وإذا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمُ التَّحِيَّاتُ) اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ فِي أَوَّلِ جُلُوسِهِ التَّحِيَّاتُ وَلَا يَقُولُ

ص: 121

بِسْمِ اللَّهِ وَلَيْسَ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ بِوَاضِحٍ لِأَنَّهُ قَالَ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلَ وَلَمْ يَقُلْ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ مِنَ الزِّيَادَةِ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا) هَكَذَا (قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ قال أبو بكر بن أُخْتِ أَبِي النَّضْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مُسْلِمٌ تُرِيدُ أَحْفَظَ مِنْ سُلَيْمَانَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ هُوَ صَحِيحٌ يَعْنِي وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا فَقَالَ هُوَ عندي صحيح فقال لم لم تضعه ها هنا قَالَ لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٌ وَضَعْتُهُ ها هنا إنما وضعت ها هنا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ) فَقَوْلُهُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ صَاحِبُ مُسْلِمٍ رَاوِي الْكِتَابِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي طَعَنَ فِيهِ وَقَدَحَ فِي صِحَّتِهِ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ أَتُرِيدُ أَحْفَظَ مِنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِيَ أَنَّ سُلَيْمَانَ كَامِلُ الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ فَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَةُ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فقال

ص: 122