الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
كتاب الصلاة)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ فَقِيلَ هِيَ الدُّعَاءُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ لِشَهَادَةِ التَّوْحِيدِ كَالْمُصَلِّي مِنَ السَّابِقِ فِي خَيْلِ الْحَلَبَةِ وَقِيلَ هِيَ مِنْ الصَّلَوَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ مَعَ الرِّدْفِ وَقِيلَ هُمَا عَظْمَانِ يَنْحَنِيَانِ فِي الرُّكُوعِ والسجود قالوا ولهذا كتبت الصلوة بِالْوَاوِ فِي الْمُصْحَفِ وَقِيلَ هِيَ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقِيلَ أَصْلُهَا الْإِقْبَالُ عَلَى الشَّيْءِ وَقِيلَ غَيْرُ ذلك والله تعالى أعلم
(باب بدء الاذان)
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْأَذَانُ الْإِعْلَامُ قَالَ اللَّهُ تعالى وأذان من الله ورسوله وقال تعالى فأذن مؤذن وَيُقَالُ الْأَذَانُ وَالتَّأْذِينُ وَالْأُذَيْنُ قَوْلُهُ (كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعْنَى يَتَحَيَّنُونَ يُقَدِّرُونَ حِينَهَا لِيَأْتُوا إِلَيْهَا فِيهِ وَالْحِينُ الْوَقْتُ مِنَ الزَّمَانِ قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ الَّذِي يَضْرِبُ بِهِ النَّصَارَى لِأَوْقَاتِ
صَلَوَاتِهِمْ وَجَمْعُهُ نَوَاقِيسُ وَالنَّقْسُ ضَرْبُ النَّاقُوسِ قَوْلُهُ (كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ وَلَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَرْنًا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُمْ يَا بِلَالُ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي إِصَابَتِهِ الصَّوَابَ وَفِيهِ التشاور في الامور لاسيما الْمُهِمَّةُ وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ كَانَتِ الْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ كَانَتْ سُنَّةً فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي حَقِّنَا وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ وُجُوبُهَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَشَاوِرْهُمْ في الامر وَالْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَمُحَقِّقُو أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُتَشَاوِرِينَ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا عِنْدَهُ ثُمَّ صَاحِبُ الْأَمْرِ يَفْعَلُ مَا ظَهَرَتْ لَهُ مَصْلَحَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ (أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ) فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِعْلَامٌ لَيْسَ عَلَى صِفَةِ الْأَذَانِ الشَّرْعِيِّ بَلْ إِخْبَارٌ بِحُضُورِ وَقْتِهَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحْتَمَلٌ أَوْ مُتَعَيَّنٌ فَقَدْ صَحَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُهُ بِهِ فَجَاءَ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَيَكُونُ الْوَاقِعُ الْإِعْلَامَ أَوَّلًا ثُمَّ رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ فَشَرَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ إِمَّا بِوَحْيٍ وَإِمَّا بِاجْتِهَادِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ هُوَ عَمَلًا بِمُجَرَّدِ المنام هذا ما لايشك فِيهِ بِلَا خِلَافٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ ولايصح لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ غَيْرُ حَدِيثِ الْأَذَانِ وَهُوَ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ ذَاكَ لَهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ عَمُّ عباد