الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصحابنا أنه لايجوز التَّيَمُّمُ إِلَّا لِلْفَرِيضَةِ وَلَيْسَ هَذَا الْوَجْهُ بِشَيْءٍ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تَيَمَّمَ بِالْجِدَارِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الجدار كان مباحا أومملوكا لِإِنْسَانٍ يَعْرِفُهُ فَأَدَلَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَتَيَمَّمَ بِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْرَهُ مَالِكُهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ مِثْلَ هَذَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِآحَادِ النَّاسِ فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (إِنَّ رَجُلًا مَرَّ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(يَبُولُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ المسلم في هذا الحال
لايستحق جَوَابًا وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُكْرَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِقَضَاءِ حَاجَةِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ كُرِهَ لَهُ رَدُّ السَّلَامِ قَالُوا وَيُكْرَهُ لِلْقَاعِدِ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِشَيْءٍ مِنَ الْأَذْكَارِ قَالُوا فَلَا يُسَبِّحُ وَلَا يُهَلِّلُ وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ وَلَا يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا عَطَسَ وَلَا يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ قَالُوا وَكَذَلِكَ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَذْكَارِ فِي حَالِ الْجِمَاعِ وَإِذَا عَطَسَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ وَلَا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَرَاهَةِ الذِّكْرِ فِي حَالِ الْبَوْلِ وَالْجِمَاعِ هُوَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ فَلَا إِثْمَ عَلَى فَاعِلِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ الْكَلَامُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَوْضِعُ الضَّرُورَةِ كَمَا إِذَا رَأَى ضَرِيرًا يَكَادُ أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ رَأَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يَقْصِدُ إِنْسَانًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْكَرَاهَةِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ هُوَ مذهبنا ومذهب الاكثرين وحكاه بن المنذر عن بن عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدٍ الْجُهَنِيِّ وَعِكْرِمَةَ رضي الله عنهم وحكى عن ابراهيم النخعي وبن سِيرِينَ أَنَّهُمَا قَالَا لَا بَأْسَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ)
(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)
فِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (سبحان الله أن المؤمن لاينجس) وفي الرواية الاخرى (إن المسلم لاينجس
هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي طَهَارَةِ الْمُسْلِمِ حَيًّا وَمَيِّتًا فَأَمَّا الْحَيُّ فَطَاهِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى الْجَنِينُ إِذَا أَلْقَتْهُ أُمُّهُ وَعَلَيْهِ رُطُوبَةُ فَرْجِهَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هُوَ طَاهِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ فِي نَجَاسَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَلَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا فِي نَجَاسَةِ ظَاهِرِ بَيْضِ الدَّجَاجِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى رُطُوبَةِ الْفَرْجِ هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ الْحَيِّ وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَفِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ طَاهِرٌ وَلِهَذَا غُسِّلَ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ بن عَبَّاسٍ تَعْلِيقًا الْمُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَحُكْمُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ حُكْمُ الْمُسْلِمِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَأَمَّا قَوْلُ الله عز وجل انما المشركون نجس فَالْمُرَادُ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ وَالِاسْتِقْذَارِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ أَعْضَاءَهُمْ نَجِسَةٌ كَنَجَاسَةِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَنَحْوِهِمَا فَإِذَا ثَبَتَتْ طَهَارَةُ الْآدَمِيِّ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا فَعِرْقُهُ وَلُعَابُهُ وَدَمْعُهُ طَاهِرَاتٌ سَوَاءٌ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ وَهَذَا كُلُّهُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَدَّمْتُهُ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَكَذَلِكَ الصِّبْيَانُ أَبْدَانُهُمْ وَثِيَابُهُمْ وَلُعَابُهُمْ مَحْمُولَةٌ على الطهارة حتى تتيقن النجاسة فتجوزالصلاة فِي ثِيَابِهِمْ وَالْأَكْلُ مَعَهُمْ مِنَ الْمَائِعِ إِذَا غمسوا أَيْدِيَهُمْ فِيهِ وَدَلَائِلُ هَذَا كُلِّهِ مِنَ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مَشْهُورَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ احْتِرَامِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَأَنْ يُوَقِّرَهُمْ جَلِيسُهُمْ وَمُصَاحِبُهُمْ فَيَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ الْهَيْئَاتِ وَأَحْسَنِ الصِّفَاتِ وَقَدِ اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يُحَسِّنَ حَالَهُ فِي حَالِ مُجَالَسَةِ شَيْخِهُ فَيَكُونَ مُتَطَهِّرًا مُتَنَظِّفًا بِإِزَالَةِ الشُّعُورِ الْمَأْمُورِ بِإِزَالَتِهَا وَقَصِّ الْأَظْفَارِ وَإِزَالَةِ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ وَالْمَلَابِسِ الْمَكْرُوهَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ إجْلَالِ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ وَاللَّهُ أعلم وفي هذا الحديث أيضا من
مِنَ الْآدَابِ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا رَأَى مِنْ تَابِعِهِ أَمْرًا يَخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ خِلَافَ الصَّوَابِ سَأَلَهُ عَنْهُ وَقَالَ لَهُ صَوَابَهُ وَبَيَّنَ لَهُ حُكْمَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْبَابِ فَفِيهِ قوله صلى الله عليه وسلم (المؤمن لاينجس) يُقَالُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ وَفِي مَاضِيهِ لُغَتَانِ نَجِسَ وَنَجُسَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا فَمَنْ كَسَرَهَا فِي الْمَاضِي فَتَحَهَا فِي الْمُضَارِعِ وَمَنْ ضَمَّهَا فِي الْمَاضِي ضَمَّهَا فِي الْمُضَارِعِ أَيْضًا وَهَذَا قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَّا أَحْرُفًا مُسْتَثْنَاةً مِنَ الْمَكْسُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ قَوْلُهُ فَانْسَلَّ أَيْ ذَهَبَ فِي خُفْيَةٍ) وَفِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ) وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَشِبْهِهِ يُرَادُ بِهَا التَّعَجُّبُ وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ فِيهِ فِي بَابِ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَنْزَلَتِ الْمَنِيَّ وَفِيهِ قَوْلُهُ (فَحَادَ عَنْهُ) أَيْ مَالَ وَعَدَلَ وَفِيهِ أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاسْمُ أَبِي رَافِعٍ نُفَيْعٌ وَفِيهِ أَبُو وَائِلٍ وَاسْمُهُ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ فَفِيهِ قَوْلُ مُسْلِمٍ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ) هَذَا الْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ إِلَّا أَنَّ حُذَيْفَةَ كَانَ مُعْظَمُ مُقَامِهِ بِالْمَدَائِنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ واللفظ له قال حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فَقَدْ يَلْتَبِسُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ قَوْلُهُ قَالَ حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُوجِبُ اللَّبْسُ عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى اشْتِغَالٍ بِهَذَا الْفَنِّ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ قَدَّمَ حُمَيْدًا عَلَى حَدَّثَنَا وَالْغَالِبُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ فَقَالَ هُوَ حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِهِ وَتَأْخِيرِهِ فِي الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ فَهَكَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ هَذَا الْإِسْنَادُ مُنْقَطِعٌ إِنَّمَا يَرْوِيهِ حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ هَكَذَا أخرجه البخاري وأبوبكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ