المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثانيفي اشتراك الجماعة في قتل النفس - الاشتراك المتعمد في الجناية على النفس بالقتل أو الجرح

[عبد الله السهلي]

الفصل: ‌المطلب الثانيفي اشتراك الجماعة في قتل النفس

ما لا يتحقق في عدم قتلهم بحال، ولا في قتل واحد منهم فقط.

أنه يصدق على كل واحد من الجماعة المتمالئين على القتل أنه قاتل فيقتل لذلك1.

أنه إذا تقرر أن الحد يقام على الجماعة بقذف الواحد كان قتلهم بقتل الواحد أولى؛ لأن حفظ النفس أشد ضرورة من حفظ العرض، وإن اشتركا في عناية الشريعة بحفظهما.

أن قياس القصاص على القذف في هذه المسالة أولى من قياسه على الدية؛ لاشتمال قياسه على هذا الأخير على الفارق، وسلامته من ذلك في قياسه على الأول.

ومعلوم أن اشتمال القياس على الفارق قادح من القوادح المانعة من صحة الاحتجاج به. والله تعالى أعلم.

ص: 373

‌المطلب الثاني

في اشتراك الجماعة في قتل النفس

إذا كان كل واحد منهم لو انفرد بقتله لم يقتل به

إذا اشترك جماعة أو اثنان في الجناية على واحد بالقتل ويكون كل واحد منهم أو منهما لو انفرد لم يجب عليه القود كأحرار قتلوا عبدا أو مسلمين قتلوا ذميا ففيه خلاف كالخلاف في قتل الحر بالعبد والمسلم بالذمي، وفيهما قولان:

القول الأول: أنه يقتل الحر بالعبد والمسلم بالذمي. وهو قول الحنفية2.

1 انظر: أضواء البيان 2/96.

2 انظر: مختصر الطحاوي ص/230، المغني 11/465، 473.

ص: 373

القول الثاني: أنه لا يقتل الحر بالعبد ولا المسلم بالذمي.

وهو قول أكثر أهل العلم منهم المالكية1 والشافعية2 والحنابلة3.

الأدلة:

استدل أصحاب القول الأول بالمنقول والمعقول:

1-

عموم الآيات والأخبار في القصاص.

2-

قوله صلى الله عليه وسلم: " المؤمنون تتكافأ دماؤهم "4.

3-

ما روى ابن البيلماني أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد مسلما بذمي، وقال:" أنا أحق من وفى بذمته " 5

1 انظر: الكافي لابن عبد البر ص/587، بلغة السالك لأقرب المسالك 4/161، الذخيرة 12/320، 332.

2 انظر: الحاوي 12/128.

3 انظر: المغني 11/465،473.

4 أخرجه أبو داود في سننه رقم 4530 كتاب الديات، باب أيقاذ المسلم بالكافر، وابن ماجة في سننه رقم 2683 و 2684، كتاب الديات، باب المسلمون تتكافأ دماؤهم من حديث ابن عباس مرفوعا. واللفظ لأبي داود.

وضعفه البوصيري في زوائد ابن ماجة – بهامش ابن ماجة 3/294-295 طبعة دار الحديث 1418 هـ.

وأخرجه بنحوه البخاري في صحيحه، رقم 1870 كتاب فضائل المدينة، باب حرم المدينة، ومسلم في صحيحه، رقم 1370 في كتاب الحج، باب فضل المدينة من حديث علي رضي الله عنه.

5 أخرجه الشافعي في ترتيب المسند 2/105، كتاب الديات، وعبد الرزاق في المصنف 10/101 كتاب العقول، باب قود المسلم بالذمي، والدارقطني في سننه 3/135 كتاب الحدود والديات وغيره، والبيهقي في السنن الكبرى 8/30، 31، كتاب الجنايات، باب بيان ضعف الخبر الذي روي في قتل المؤمن بالكافر، وما روي عن الصحابة في ذلك.

والحديث ضعفه الإمام أحمد - كما في المغني 11/467 - والبيهقي، وقال الدارقطني:" يرويه ابن البيلماني، وهو ضعيف إذا أسند، فكيف إذا أرسل؟ ".

ص: 374

4-

ولأن العبد آدمي معصوم، فأشبه الحر1.

5-

ولأن الذمي معصوم عصمة مؤبدة، فيقتل به قاتله كالمسلم2.

واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:

1-

قوله صلى الله عليه وسلم: " المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواه، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر "3.

2-

عن علي رضي الله عنه أنه قال: "من السنة أن لا يقتل مسلم بكافر"4.

3-

عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقتل حرٌّ بعبد"5.

4-

ولأنه لا يقطع طرف الحر بطرف العبد مع التساوي في السلامة، فلا يقتل به، كالأب مع ابنه. الراجح:

هو القول بأن الحر لا يقتل بالعبد وكذا المسلم لا يقتل بالذمي، لأن العبد منقوض بالرق، فلم يقتل به الحر، كالمكاتب إذا ملك ما يؤدي، ولأن

1 انظر: المغني 11/473.

2 انظر: المغني 11/466.

3 تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.

4 أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 9/295 كتاب الديات، باب من قال: لا يقتل مسلم بكافر، والدارقطني في سننه 3/134، كتاب الحدود والديات وغيرها. انظر: إرواء الغليل 7/267.

5 أخرجه الدارقطني في سننه 3/133، كتاب الحدود والديات وغيره.

ص: 375