الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى شريكه، فلم يسقط القصاص عنه1.
المطلب الرابع: اشتراك اثنين أو جماعة في الجناية على الواحد بالقتل
…
المطلب الثّالث:
اشتراك اثنين أو جماعة في الجناية على الواحد بالقتل إذا شارك فيها من لا قصاص عليه لمعنى في فعله
إذا اشترك في القتل من يجب القود على أحدهما لو انفرد، ولا يجب على الآخر إذا انفرد لمعنى في فعله، كالخاطئ أو الصبي أو المجنون إذا شارك كل واحد منهم عامدا في القتل أو تعمد الخطأ إذا شارك عمدا محضا، فيسقط القود عنه لمعنى في فعله لا في نفسه. واختلف الفقهاء في شريك من سقط عنه القود على النحو التالي:
1-
إذا اشترك في القتل صبي ومجنون وبالغ، هل يجب القصاص على البالغ؟ على قولين:
القول الأول: أنه لا يجب القصاص عليه.
وهو قول الحسن والأوزاعي وإسحاق2.وإليه ذهب الحنفية3،والشافعية في أحد القولين4 وأحمد في رواية هي المذهب5. وهو أيضا قول
1 انظر: المصادر السابقة، وفتح العزيز 10/179، روضة الطالبين 7/39-40.
2 انظر: المغني 11/498.
3 انظر: المبسوط 26/94، الجوهرة النيرة 2/159.
4 انظر: الحاوي 12/130، حلية العلماء 7/458، فتح العزيز 10/181-182، روضة الطالبين 7/41.
5 انظر: المغني 11/498.
المالكية في اشتراك المجنون والبالغ1
القول الثاني: يجب القصاص عليه.
وهو قول قتادة والزهري وحماد2.وهو القول الثاني للشافعي3،وأحمد في رواية4.وإليه ذهب المالكية5 في اشتراك الصبي والبالغ.
واستدل أصحاب القول الأول بالمعقول من وجهين:
1-
أنه شارك من لا مأثم عليه في فعله، فلم يلزمه قصاص كشريك الخاطئ6.
2-
أن الصبي والمجنون لا قصد لهما صحيح، ولذا لا يصح إقرارهما، فكان حكم فعلهما حكم الخطأ7،فلا يلزم شريكهما القصاص للشبهة.
واستدل أصحاب القول الثاني بالمعقول:
أنها شركة في قتل فلم يؤثر في إسقاط الجنس الذي يجب به حال الانفراد8.
الراجح:
1 انظر: مختصر خليل 2/258، الشرح الصغير لأحمد الدردير 4/170، جواهر الإكليل 2/258، بلغة السالك لأقرب المسالك 4/170.
2 انظر: المرجع السابق.
3 انظر: الحاوي 12/130، حلية العلماء 7/458، فتح العزيز 10/181، روضة الطالبين 7/41.
4 انظر: المغني 11/498.
5 انظر: الإشراف 2/185، قوانين الأحكام ص/363، بلغة السالك لأقرب المسالك 4/170، جواهر الإكليل 2/257-258.
6 انظر: الحاوي 12/130، المغني 11/499.
7 انظر: المغني 11/499.
8 انظر: الإشراف 2/185.
هو القول الثاني، وهو وجوب القصاص؛ لأن كل من انفرد بالقتل لزمه القود، فإذا شاركه فيه من لا قود عليه لم يسقط القود عنه1. ولأن القاتل البالغ تعمد الفعل فلزمه القود أشبه المنفرد2.
2-
إذا اشترك العامد والمخطئ في الجناية، فهل يجب على شريك المخطئ قصاص؟.
أما المخطئ فلا قصاص عليه للكتاب والسنة والإجماع3. وأما شريكه فقد وقع فيه خلاف على قولين:
القول الأول: ليس على شريك المخطئ قصاص.
وهو قول أكثر أهل العلم.4 وبه قال النخعي والحنفية5والشافعية6والحنابلة7.
القول الثاني: أن عليه القصاص.
وهو قول مالك8وأحمد في رواية9.
1 انظر: الإشراف 2/185.
2 انظر: الإشراف 2/185.
3 انظر: المغني 11/502، الشرح الكبير 25/72.
4 انظر: المبسوط 26/93، الحاوي 12/128، تكملة المجموع 20/291، المغني 11/502.
5 انظر: المبسوط 26/93، مختصر الطحاوي ص/231.
6 انظر: الحاوي 12/128، تكملة المجموع 20/291.
7 انظر: المغني 11/502، المقنع 25/68، الشرح الكبير 25/72، الإنصاف 25/68.
8 انظر: بلغة السالك لأقرب المسالك 4/170، جواهر الإكليل 2/258، الحاوي 12/128، تكملة المجموع 20/291.
9 انظر: المصادر السابقة بهامش 7.
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1-
أنه قتل لم يتمحض عمدا فلم يوجب القصاص كشبه العمد، وكما لو قتله واحد بجرحين عمدا وخطأ.1
2-
ولأن كل واحد من الشريكين مباشر ومتسبب، فإذا كانا عامدين، فكل واحد متسبب إلى فعل موجب للقصاص فقام فعل شريكه مقام فعله لتسببه إليه، وههنا إذا أقمنا فعل المخطئ مقام فعل العامد صار كأنه قتله بعمد وخطأ، وهذا غير موجب.2
3-
ولأنه إذا اجتمع في النفس موجب ومسقط يغلب حكم المسقط على حكم الموجب، كالحر إذا قتل من نصفه مملوك ونصفه حر.3
4-
ولأن سقوط القود في الخطأ يجري في حق القاتل مجرى عفو بعض الأولياء.4
والقاعدة عندهم: " لا يقتص من شريك مخطئ أو شبه عمد، ويقتص من شريك من امتنع قوده لمعنى فيه إذا تعمدا جميعا ".5
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
1-
أن كل من وجب عليه القود إذا انفرد وجب عليه القود إذا شارك
1 انظر: الحاوي 11/129.
2 انظر: الشرح الكبير 25/72.
3 انظر: الحاوي 12/129، مغني المحتاج 4/20.
4 انظر: الحاوي 12/129.
5 انظر: مغني المحتاج 4/20.
فيه من لا يجب عليه القود كشريك الأب1.
2-
ولأنه لو جاز أن يتعدى حكم الخاطئ إلى العامد في سقوط القود لجاز أن يتعدى حكم العامد إلى الخاطئ في وجوب القود.2
3-
ولأنه لما لم يتغير حكم الدية بمشاركة الخاطئ، لم يتغير بها حكم القود.3
الراجح:
هو القول الثاني: وهو وجوب القصاص؛ لأن شريك الخاطئ شارك في القتل عمدا وعدوانا فوجب عليه القصاص كشريك العامد، ولأن مؤاخذته بفعله، وفعله عمد وعدوان، لا عذر له فيه.4
1 انظر: الحاوي 12/128.
2 انظر: المصدر السابق.
3 انظر: الحاوي 12 /128.
4 انظر: المغني 11/503، الشرح الكبير 25/72.