الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الرابع: أنها من الإفساد في الأرض
.
لقوله تعالى {وَإَذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فَيهَا وَيُهْلِكُ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُ الْفَسَادَ} .
(1)
(2)
قال ابن كثير: " المحاربة: هي المضادة والمخالفة، وهي صادقة على الكفر، وعلى قطع الطّريق وإخافة السبيل، وكذا الإفساد في الأرض يطلق على أنواع من الشّر، حتى قال كثير من السّلف: منهم سعيد بن المسيب: " إن قرض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض وقد قال الله تعلى {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فَيهَا} .. ".
(3)
وأورد ابن جرير بسنده عن مجاهد في قوله قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوُنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} ، قال: الزِّنا، والسَّرقة، وقتل النَّفس، وإهلاك الحرث والنسل".
(4)
قال الشوكاني: " وقد اختلف في هذا الفساد المذكور في هذه الآية {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَاِئيلَ} ماذا هو؟ فقيل: هو الشِّرك، وقيل: قطع الطريق، وظاهر النظم القرآني أنه ما يصدق عليه أنه فساد في الأرض، فالشّرك فساد في الأرض، وقطع الطريق فساد في الأرض، وسفك الدماء، وهتك الأعراض، ونهب الأموال فساد في الأرض، والبغي في الأرض، وهدم البنيان، وقطع الأشجار، وتغوير الأنهار فساد في الأرض، فعرفت بهذا أنه يصدق على هذه الأنواع أنها فساد في الأرض، وهكذا الفساد الذي سيأتي في قوله {وَيسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} ".
(5)
(1)
البقرة (205).
(2)
المائدة (33).
(3)
تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، ج 3، ص 94.
(4)
جامع البيان في تأويل القرآن: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي الطبري، تح: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة: بيروت، ط (1) 1420 هـ-2000 م، ج 10، ص 278.
(5)
فتح القدير: الشوكاني، ج 2، ص 49.
قال محمد رشيد رضا: في تفسير قوله تعالى {وَيسْعَونَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} ؛ والفساد ضد الصّلاح، فكل ما يخرج عن وضعه الذي يكون به صالحا نافعا، يقال إنه قد فسد، ومن عمل عملا كان سببا لفساد شيء من الأشياء يقال إنه أفسده، فإزالة الأمن على الأنفس،
…
أو الأموال، أو الأعراض، ومعارضة تنفيذ الشريعة العادلة وإقامتها كل ذلك إفساد في الأرض، روى عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد أن الفساد هنا الزنا، والسرقة، وقتل النفس،
…
وإهلاك
الحرث والنسل، وكل هذه الأعمال من الفساد في الأرض ".
(1)
قال الشنقيطي: " اعلم أن جمهور العلماء يثبتون حكم المحاربة في الأمصار والطرق على السواء، لعموم قوله تعالى {وَيْسَعْونَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} وممن قال بهذا الأوزاعي، والليث بن سعد، وهو مذهب الشافعي، ومالك .. قال مالك في الذي يغتال الرجل فيخدعه، حتى يدخله بيتا فيقتله ويأخذ ما معه، إن هذه محاربة، ودمه إلى السلطان، لا إلى وليّ المقتول، فلا اعتبار بعفوه عنه في إسقاط القتل".
(2)
وقد تقدم في هذا البحث كلام مالك في الموطأ في قتل المسلم بالكافر في الغِيلة، وتعليل ابن عبد البر: أن ذلك من باب المحاربة وقطع السبيل، وقول الزرقاني إن ذلك لأجل الفساد.
ومما سبق يتضح للباحث أن الاغتيالات من الإفساد في الأرض للآتي:
- عموم اللفظ في اللغة والتفسير.
- " ذكر أهل التفسير أن الفساد في القرآن على سبعة أوجه .. منها القتل:
{أَتَذَرُ مُوْسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}
(3)
أراد: ليقتلوا أهل مصر.
{إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ}
(4)
أي: بقتل الناس.
{أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ}
(5)
أي: (بالقتل) ".
(6)
(1)
تفسير المنار: محمد رشيد رضا، ج 6، ص 290.
(2)
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الشنقيطي، دار الفكر: بيروت، ط () 1415 هـ-1995 م، ج 1، ص 397.
(3)
الأعراف (127).
(4)
الكهف (94).
(5)
غافر (26).
(6)
نزهة الأعين النواظر: ابن الجوزي، ص 470.