الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصالة الترقيم: بين دعوى المستشرقين.. وعراقة التراث العربي القديم:
تراثنا العربي الأصيل كالبحر الزاخر، من يغوص في أعماقه يجد كل يوم جديدا فيه، يرد به كل دعوى باطلة، توجه إليه عن قصد أو غير قصد: جاء في النقد الغربي الحديث أن "بندتو كروتشيه 1866-1952م" عالم الفلسفة الجمالية في النقد الإيطالي، هو مبتكر نظرية العلاقات "النظم" في التعبير الجمالي، وثبت أن عبد القاهر الجرجاني "وهو من نقاد القرن الخامس" الهجري "المتوفى عام 471هـ"، قد اكتملت على يديه نظرية العلاقات بين الألفاظ والمعاني1.
ونسبوا إلى المستشرقين أيضا ابتداع الترقيم، ولا حَظَّ للعرب في هذا الفن الجميل
…
واليوم نعلنها صريحة: بأن الترقيم فن أصيل في تراثنا العربي القديم.
دعوى المستشرقين؟!!
اشتهر بين الكتاب والمحققين2 في العصر الحديث أن علامات الترقيم والفواصل حسنة من حسنات العصر، كان للمطابع
1 أسرار البلاغة، دلائل الإعجاز: عبد القاهر الجرجاني.
2 مثل أحمد تيمور باشا، وأحمد زكي باشا، ومحمود الشنقيطي وغيرهم.
دور كبير في ظهور هذا الفن الجميل، وتردد على ألسنتهم جميعا أن هذا الفن هو من ابتداع المستشرقين، فهم الذين وضعوا قواعده، وحددوا أصوله، ورسموا أشكاله كلها، ولهذا فهم أصحاب الفضل الأول، قال المحقق الكبير:
"وقد كان لجمهرة العلماء المستشرقين فضل عظيم في تأسيس "المدرسة الطباعية الأولى" للتحقيق والنشر، وقلت الطباعية لأني أعلم أن تحقيق النصوص ليس فنا غربيا مستحدثا، وإنما هو عربي أصيل قديم.. ثم كان أكبر وسيط عربي في نقل هذا الفن عن المستشرقين هو المرحوم العلامة "أحمد زكي باشا" الذي لم يقتصر جهده على أن ينقل هذا الفن فحسب، بل أشاع معه كذلك استعمال علامات الترقيم الحديثة، التي كان لها أثر بعيد في توضيح النصوص.."1.
فهو يرى أن فن التحقيق عربي أصيل، أما فن الترقيم فقد نقله العلامة أحمد زكي باشا عن المستشرقين، حيث أشاع استعمال علامات الترقيم الحديثة، وإنصافا للحق أن هذا العالم المحقق قر بعد ذلك -كما سنرى- أن المستشرقين أخذوا النقطة من علم الحديث الشريف2، ولكنه أغفل علامات الترقيم التي جاءت
1 تحقيق النصوص ونشرها: عبد السلام هارون ص77.
2 المرجع السابق ص79.
قواعدها وأصولها في علم البلاغة، وعلم النحو العربي.
أهداف الترقيم:
علامات الترقيم لها دور كبير في ضبط الكتابة، وتنسيق العمل الأدبي، ولها تأثير بالغ في إتقان البحث وتنسيقه، فهي تعين القارئ على تنظيم الفكرة، وعلى السرعة في فهمها، وعلى ملاحقتها في تراسل وانثيال، فلا يتوقف للتأمل وطول النظر ليبحث عنها، فيقطع القراءة لاختلاطها وغموضها، وذلك لسوء التنظيم والترتيب، فيضطر إلى التوقف والمطاولة والمعاودة، حتى تنضج الفكرة، لتتصل بحلقات الفهم التي تتابعت من قبل.
والترقيم له دور كبير في استرواح النفس عند القارئ؛ فيتوقف عند الفقرات والجمل، وتنتظم عمليتي الشهيق والزفير، كما هي العادة في وقت القراءة لئلا يطول تعاقب الشهيق والزفير لطول الفقرة الخالية من علامات الترقيم، مما يؤدي إلى ضيق النفس عند القارئ؛ فيمل القراءة بعد وقت وجيز ويضطر إلى التوقف ليستريح فترة، حتى تنتظم عملية التنفس المعتادة، ليستعيد القراءة من جديد، ومن هنا يتضح أن الترقيم يعين كثيرا على عملية انتظام التنفس المعتاد.
والترقيم يعين القارئ كذلك على وصل الفكرة، وارتباط بعضها ببعض عن طريق "الفصلة" أو "الفصلة المنقوطة"، ثم يقف القارئ عند تكامل الفكرة الواحدة حينما يجد النقطة؛ ليبدأ بفكرة
أخرى وهكذا، والترقيم أيضا يعين على التوقف والتأمل في الفكرة أمام علامة "الاستفهام" أو "التعجب" أو علامة "التأثر" أو "الحزن والتأسف" ليشارك القارئ في عواطفه وانفعالاته للمواطن التي تحتاج إلى ذلك.
والترقيم يعين القارئ على التحديد للفكرة، ونسبتها إلى قائلها، فعلامات التنصيص تحدد النص، وتنسبه إلى صاحبه ومرجعه، سواء أكان ما بين العلامتين قرآنا، أو حديثا أو اقتباسا أو نصا لمؤلف
…
وعلامات الترقيم أيضا تعين الكاتب على الإيجاز في المواطن التي لا تحتاج إلى التفصيل لوضوحها عند القارئ، ولأمن اللبس في فهمها، ويظهر في رموز "التاريخ الهجري" و"التاريخ الميلادي" ورمز "الصفحة"، "الجزء" وغيرها.
دور المطابع الحديثة:
وعلامات الترقيم في بنائها المتكامل حديثا من حسنات العصر؛ فقد اهتمت دور الطبع والنشر بالإخراج الطباعي، فعالجت الطباعة معالجة واضحة ودقيقة.
والنهضة في فن الطباعة، والتطور في وسائلها من الدوافع الكثيرة لاكتمال هذا الفن الجميل، وانعدام الطباعة قديما هو الذي جعل تراثنا لا يهتم بكتابتها كثيرا إلا نادرا في الكتابة، وإن اهتم
بها التراث العربي القديم من حيث التقدير والمعرفة، وعقد لها الفصول لتحديد القواعد والضوابط لبعض علامات الترقيم، وذلك في علوم البلاغة، والحديث الشريف، والنحو العربي.
الترقيم في البلاغة العربية:
أما علماء البلاغة فقد اهتموا بها في علم "البلاغة" منذ أن نشطت فيه حركة التأليف، وخاصة في علم المعاني، فعقد العلماء فيه بابا، أطلقوا عليه باب "الفصل والوصل" وضحوا فيه بلاغة القول في الكلام؛ فالكلام البليغ هو الذي يصل إلى قلب القارئ وعقله، ولا يتم ذلك إلا إذا راعى مواطن الانفصال والاتصال، ولهذا عالجوا مواقع الانفصال؛ ليقف البليغ والقارئ على معرفة القواعد، التي تفصل بين الجمل والفقرات بعضها عن بعض، وهو ما اصطلح عليه العصر الحديث بالفصلة أو بالسكون والتوقف، وذلك في كمال الانفصال وكمال الانقطاع، مثل قولهم "لا شفاك الله"، فيلزم السكوت والتوقف بين الفقرتين، أي بين "لا" وبين "شفاك الله"، وإلا دل الكلام على غير المقصود، فصار دعاء على الإنسان لا دعاء له، وأعتقد أن السكوت والتوقف لا يراد به إلا "النقطة" من علامات الترقيم، التي يقف القارئ عندها.
وعالج علماء البلاغة أيضا مواقع الاتصال، فلا يصح فصل الكلمة أو الجملة عن سابقتها، حتى لا يفسد المعنى، أو يكون غامضا، ولذلك كان لا بد من وصل الكلام والجمل بعضها ببعض، وهو ما
يسمى عندهم "بكمال الاتصال" وكذلك وضحوا شبه كمال الاتصال، ومن يحتاج إلى مزيد من التفصيل فليرجع إلى باب "الفصل والوصل" في علم المعاني1.
ومثل هذه الجهود من علماء البلاغة تدل على أن أصالة هذا الفن في تراثنا العربي، وتؤكد أيضا أن المستشرقين، ومن تبعهم من المحدثين العرب أخذوا جميعا كلمة "الفصلة" من علم البلاغة، مما جعل هذا الفن موصولا بجذوره العميقة في تراثنا العربي الأصيل.
الترقيم في الحديث الشريف:
وفي علم "الحديث الشريف" كانت تستعمل النقطة بالفعل كتابة في القديم، للفصل بين الأحاديث النبوية الشريفة، وكانت ترسم مجوفة كالدائرة " " وحينا آخر توضع داخلها نقطة مصمتة مثل " "2.
قال ابن الخطيب البغدادي: "ينبغي أن يترك الدائرة غفلا، فإذا قابلها نقط فيها نقطة "وقال ابن الصلاح: "ينبغي أن يجعل بين كل حديثين دائرة، وممن بلغنا عنه أبو الزناد وأحمد بن حنبل، وإبراهيم الحربي وابن جرير الطبري، وقال ابن كثير: قد رأيته في خط الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله"3.
1 باب الفصل والوصل موجود في كل التراث البلاغي مثل المفتاح للسكاكي، وشروح المفتاح، ومثل الإيضاح للخطيب القزويني، وشروح التلخيص، والسعد وغيرها من كتب البلاغة التي اشتهرت في تراثنا الأصيل.
2 تحقيق النصوص ونشرها عبد السلام هارون، ص79.
3 الباعث الحثيث، شرح اختصار علوم الحديث للشيخ أحمد شاكر، مطبعة صبيح بالقاهرة عام 1370هـ.
وهذه الجهود أيضا التي قام بها علماء الحديث في تحديد مواطن النقطة وشكلها كتابة تدل على أصالة هذا الفن في تراثنا العربي، كما يدل على أن المستشرقين أخذوا قاعدة النقطة وشكلها من علماء الحديث الشريف، كما دلت النصوص السابقة على ذلك، وقد أشار إلى هذا العالم المحقق الكبير الأستاذ عبد السلام هارون.
الترقيم في النحو العربي:
ومثل هذه العراقة العربية في علامات الترقيم، قام بها علماء النحو في باب "الوقف"، حين حددوا في هذا الباب مواطن الوقف أثناء النطق -وهو موطن الاعتبار في الإعراب- وهذا ما يشغل جهود النحويين لا أن يكتبوا علامة من علامات الترقيم ويحددوا شكلها، ولذلك وضحوا القواعد في بعضها وإن لم يكتبوها، لأن علم النحو يهتم بالإعراب، وهو ما يتعلق بالنطق لا بالكتابة.
ومن المواطن التي وضحوها في باب الوقف: أن يلتزم الناطق التوقف عند نهاية الجملة، فلا يصلها بما بعدها، بل يجب أن يتوقف اللسان عندها؛ لصعوبة اتصال الجملتين في منطق واحد لعدم التتابع في قراءتها، وغير ذلك مما انتهوا إليه من قواعد الفصل بين الجمل، وإن لم يكتبوها ويتحدثوا عنها، مع أنهم وضعوا التوقف عندها.
وعلى سبيل المثال قول النحاة:
من خصائص الوقف اجتلاب هاء السكت، ولها ثلاثة مواضع "أحدها" الفعل المعل بحذف آخره.. مثل قوله تعالى:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ} .
"الثاني""ما" الاستفهامة المجرورة، فيجب حذف ألفها إذا جرت، قال تعالى:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} .
"الثالث" كل مبني على حركة بناء دائما، ولم يشبه المعرب وذلك كياء المتكلم، وكهي، وهو، فيمن فتحهن، وفي التنزيل {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ، وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} 1.
هكذا كان صنيع النحويين أيضا منطلقا للمستشرقين، ومن تبعهم من المحدثين، فقد استعانوا جميعا بقواعد "الوقف" في النحو العربي لكي يحددوا على أساسها بعض علامات الترقيم في هذا الفن الذي تكامل في العصر الحديث.
تلك علامات على الطريق، لكي تؤكد للباحثين في العصر الحديث، أن تراثنا العربي الأصيل كان له دوره العريق -ولا زال- في إرساء هذا الفن الدقيق وهو "علامات الترقيم".
1 منار السالك إلى أوضح المسالك لابن هشام الأنصاري، شرح وتعليق محمد عبد العزيز النجار ج1، ص256-258 وكذلك "الكتاب" لسيبويه، وشرح ابن عقيل، وغيرها من كتب النحو العربي في تراثنا القديم.
ووضع قواعده في علم البلاغة وعلم الحديث الشريف وعلم النحو العربي، وإن لم يستعمل بعضها العلماء في كتاباتهم واستعملوا البعض الآخر، لأن الوسائل المتطورة في فن الطباعة والنشر لم تكن آنذاك موجودة لتدفعهم إلى كتابة أشكال الترقيم لكنها تيسرت في العصر الحديث، مما جعل المحدثين يستخدمونها من هذا المنطلق التراثي القديم في جذوره العميقة؛ ليقيموا منه فنا له أصوله ومعالمه المحددة في شكل محدد، وفي نسق واضح، وتنسيق وترتيب.
الفواصل والعلامات:
أولا الفصلة "،":
وهذه العلامة تفصل بين الجمل ليستريح القارئ قليلا بوقفة خفيفة ولها مواطن:
1-
تكتب بعد لفظ المنادى مثل: أيها الطالب، ذاكر تنجح.
2-
تكتب بين أنواع الشيء وأقسامه، مثل: المساجد التي تشد إليها الرحال ثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف، والمسجد الأقصى.
3-
تكتب بين الشرط والجزاء مثل: {مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} ومثل: من طلب العلا، سهر الليالي.
4-
تكتب بين الجمل المرتبطة معنى وإعرابا، مثل: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" رواه البخاري وغيره.
5-
تكتب بين الكلمات المتعاطفة بعضها على بعض مثل:
كل فرد في الكلية لا بد أن يعمل: العميد في مكتبه والأستاذ في محاضراته، والطالب في درسه، والمهندس في حديقته والموظف في ديوانه.
ثانيا: الفصلة المنقوطة "؛" ولها مواطن أشهرها.
1-
تكتب بين جملتين الثانية فيهما سبب في الجملة الأولى مثل: ترتيبك الأول هذا العام؛ لأنك أخلصت العمل في الدراسة والتحصيل.
2-
تكتب بين جملتين تكون الجملة الثانية مسببة عن الأولى، مثل: نجح المهندس في تخطيط المشاريع للمدينة؛ فنال منزلة عالية بين الناس.
3-
تكتب بين الجمل الطويلة التي تحقق غرضا واحدا في الكلام؛ ليتمكن القارئ من استرواح التنفس بين الجمل الطويلة مثل: ينبغي مواجهة ما غرسه أعداء الإسلام من عراقيل أمام المثقفين بالثقافة الإسلامية؛ لصرف الشباب عن هذه الثقافة بأقصى طاقة ممكنة؛ من كتابات المستشرقين الذين يحاولون تمزيق المسلمين؛ بتشويه قضايا الإسلام وتعاليمه.
ثالثا: النقطة ".":
وتكتب عند استكمال الفكرة ونهايتها، لتبدأ بعدها فكرة جديدة أخرى، وإن كانت هذه الأفكار جميعها تدور حول موضوع واحد، مثل: أول ما تكلم به عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد توليه الخلافة فقال:
"ثلاث دعوات إذا دعوت بها فأمنوا عليها:
اللهم إني ضعيف فقوني. اللهم إني غليظ فليني.
اللهم إني بخيل فسخني1.
وتكتب أيضا عند استكمال الموضوع أو في نهايته للدلالة على الفراغ منه.
رابعا: النقطتان ":":
وهما رأسيتان تكتب إحدى النقطتين فوق الأخرى بغرض التفسير والتوضيح، ومن أشهر مواضعها:
1-
تكتب بين لفظ القول ومقوله، مثل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: $"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
2-
تكتب بين الشيء وأقسامه، مثل الكلمة ثلاثة: اسم، وفعل، وحرف، وبين الحكم وأنواعه مثل: أحكام الإعراب: الرفع، والنصب، والخفض والجزم.
3-
تكتب النقطتان لتفسير ما سبق ذكره وتوضيحه، مثل: حقيقة الصدق: الإخلاص في القول والعمل إنصافا للحق وإزهاقا للباطل.
4-
تكتب قبل الأمثلة التي تفسر الحكم والقاعدة، مثل: يعرب المضارع بالرفع إذا لم يسبقه جازم ولا ناصب، مثل: يعالج الطبيب المرضى.
خامسا: الشرطة "-":
وتسمى الوصلة أيضا، ومن أشهر مواطنها:
1 طبقات ابن سعد "1/ 197".
1-
تكتب بين العدد سواء أكان رقما أو لفظا، وبين المعدود مثل: أركان الإسلام خمسة:
أولا- الشهادتان. ثانيا- الصلاة. ثالثا- الزكاة.
رابعا- الصوم، خامسا- الحج. هذا بالحروف والألفاظ، أو بالأرقام مثل 1- الشهادتان. 2- الصلاة. 3- الزكاة. 4- الصوم. 5- الحج.
2-
تكتب بين ركني الجملة حين تطول الجملة الأولى؛ فتكتب الشرطة بعد تمامها للتنصيص على تحديد موقع الركن الثاني من الجملة، مثل الفصل بين الشرط والجزاء في قولك: من يذاكر في الفصل الأول والفصل الثاني والفصل الصيفي في جميع سنوات الدراسة الجامعية المقررة -يحصل على شهادة البكالوريوس في مدة قصيرة، ومثل الفصل بين المبتدأ وخبره: العلماء العاملون بكتاب الله وسنة رسوله لا يخرجون من إجماع السلف الصالح -هم حجة الله على الناس يوم القيامة في كل عصر وجيل.
3-
تكتب بين الفعل وفاعله، مثل: تحدث إلينا في الليلة البارحة على مسرح الكلية أمام جمع كبير يحب العلم -رئيس الجامعة.
سادسا: الشرطتان "- -":
وتقع بينهما الجملة المعترضة بين الكلام التي يعبر عن فكرة واحدة، مثل: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "بينما نحن
جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل علينا رجل -شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر- حتى جلس بين يدي رسول الله
…
".
سابعا: علامة الاستفهام "؟ ":
وتكتب بعد الجملة الاستفهامية سواء أكانت أداة الاستفهام مذكورة أو مقدرة مثل: أين قضيت الأجازة؟ وتسافر إلى مكة المكرمة ولا تخبرني؟ والتقدير أتسافر؟.
ثامنا: علامة التأثر "! ":
وتكتب بعد الجملة التي تصور العواطف الإنسانية والانفعالات النفسية كالفرح والحزن، والتعجب والدهشة، والدعاء والاستغاثة مثل: ما أروع الخمائل في الحدائق!، وما أقسى الظلم!، اللهم دمر أعداء الإسلام!.
تاسعا: علامة الحذف "..":
وتكتب للدلالة على جمل محذوفة مستغنى عنها في الكلام؛ قصدا للإيجاز من غير إخلال بالكلام المنقول أو المطلوب مثل "والشهوات والشبهات توقع أصحابها في الذنوب
…
وبذلك يظلم القلب وتقسو النفس، وتغطيها الحجب فلا تبصر الحق ولا تهتدي إلى الخير، في الترمذي عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"إذا أذنب العبد نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد.. زيد فيها حتى تعلو قلبه، فذلك الرين الذي قال الله فيه: {كَلَاّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ".
والمحذوف من هذه الفقرة هو "واقترف الآثام" والحذف لا يخل المراد، ومثل: المحاضرات في الجامعة تقتضي من الطالب أن يكون سريع البديهة، موفور النشاط، جم الاستيعاب
…
وغير ذلك مما يتصف به الطالب الجامعي.
وتكتب علامة الحذف للدلالة على أن المحذوف يقبح ذكره في الكلام، مثل: ألفاظ السباب والقبح وغيرها، حيث يضع الكاتب مكانها علامة الحذف.
عاشرا: علامة التنصيص """":
يكتب بين القوسين المزدوجين ما ينقله الكاتب من نصوص لغيره ملتزما ما في النص من علامات الترقيم، مثل الاستشهاد بآية من القرآن الكريم قال تعالي:"رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ" أو الاستشهاد بالحديث الشريف: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" أو الاستشهاد بكلام الغير، قال الأحنف بن قيس:"ما عاداني أحد قط إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث خصال: إن كان أعلى مني عرفت له قدره، وإن كان دوني رفعت قدري عنه، وإن كان نظيري تفضلت عليه".
وكما تكون علامة التنصيص في النثر تكون في الشعر أيضا للدلالة على أن الشعر ليس للكاتب، وخاصة إذا كان البيت يتفق مع الأبيات المذكورة في الوزن والقافية.
الحادي عشر: القوسان - () -:
ويكتب بين القوسين الكلمات الاعتراضية التي تدل على الدعاء مثل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا".
أو التي تدل على التفسير مثل: "وأقبل أبو بكر رضي الله عنه وكان غائبا في السنح (أي في عوالي المدينة) حتى دخل على رسول الله في بيت عائشة وهو مسجى في ناحية البيت عليه برد حبرة (وهو برد من اليمن) فأقبل حتى كشف عن وجهه ثم أقبل عليه فقبله ثم قال: "بأبي أنت وأمي"1.
أو التي تدل على الاحتراس مثل: أصيب القوم (وقانا الله من المكروه) بعاصفة شعواء.
واستعملت الشرطتان "- -" مكان القوسين في المواطن التي سبق ذكرها، وهذا مشهور وجائز في الاستعمال أيضا، فاختر أيهما شئت فكلاهما يحقق الغرض من الدقة والتنسيق.
1 ابن هشام 2/ 372، والبخاري 4/ 193 وغيرهما.
الثاني عشر: الأقواس المعقوفة []
وتكتب بينهما الإضافات من خارج النص المعروض مثل: وتدافع الناس كالعاصفة الهوجاء [وكان ينبغي أن يكون بانتظام] نحو السفر إلى الخارج.
الرموز:
وهي كثيرة لا حصر لها، وسنكتفي بالإشارة إلى ما شاع منها في الاستعمال مثل:
هـ: التاريخ الهجري.
م: التاريخ الميلادي.
ق. م: للتاريخ قبل الميلاد.
ج: للدلالة على الجزء.
ص: للدلالة على الصفحة.
صلعم أو ص: أيضا للدلالة على "صلى الله عليه وسلم" والفقهاء يكرهون استعمالها بهذا الرمز وهو الصحيح.
ثنا: حدثنا.
ثني: حدثني.
ح: تحويل السند في الحديث.
رضي: رضي الله عنه.
المص: المصنف.
ش: الشرح.
الش: الشارع.
س: سيبويه.
الظ: الظاهر.
إلخ: إلى آخره.
اهـ: انتهى.
وغير ذلك من الإشارات التي اشتهرت كثيرا في علم الحديث وغيره من العلوم الأخرى، ولا يستغني عنها القارئ وخاصة في كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحواشي "الهوامش":
وفي أسفل الصفحات تكتب الحواشي، وهي إما إشارة إلى مرجع أو مصدر أو مخطوطة استعان بها الباحث، أو ذكر ترجمة لعلم من الأعلام الذي قد ورد ذكره في صلب الرسالة أو لشرح ألفاظ غريبة غامضة، أو لشرح موجز ورد في صلب الرسالة أو لإضافة فكرة نسيها الباحث أخيرا.
وينبغي على الباحث أن يكون دقيقا في توضيح المصدر أو المرجع في الحاشية "الهامش" حين يذكر لأول مرة، فيذكر موضوعه وعنوانه وصاحبه ورقم الصفحة والجزء -إن وجد- وسنة الطبع الهجرية والميلادية والمطبعة، والطبعة الأولى أو الثانية أو غيرها، والمحقق إن كان المصدر تحقيقا، وإن سقط شيء من هذه أشار إلى ذلك أيضا ونص عليه.
الخاتمة:
وفي نهاية البحث يكتب الباحث خاتمة في أقل من عشر صفحات يعرض فيها بإيجاز القضايا التي ناقشها فيه، والموضوعات الجديدة التي تناولها والأدلة والبراهين التي ساقها، ثم يوجز النتائج الجديد فيه، وأهمية هذه النتائج من الفكر الإنساني، ليقف القارئ على الدعائم الرئيسية في البحث، ولتكون منارة يهتدي بها القارئ أثناء عرضه لتفاصيل الموضوع، وهذه أيضا تدل على قدرة الباحث في الإيجاز والتركيز، كما دلت قدرته على التفصيل، وتعميق الجزئيات في صلب البحث، ويعد هذا تقريرا دقيقا عن قضايا البحث وأهميته ونتائجه.