الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أغراض البحث:
الدراسات الجديدة هي أساس النهضة الفكرية وركائز الحضارة، والبحوث المبتكرة من دعائم التقدم العلمي والرقي الأدبي، ولولا ذلك لتبلد الإحساس والشعور، وعجز العقل واللسان، ودارت كل أمة حول نفسها ونظرت تحت أقدامها، وفي هذا قتل للمعرفة التي عن طريقها يسخر العقل الكائنات لخدمة البشر على أحدث أشكالها، وفي هذا موت للمشاعر التي بها يهذب الأدب إحساس الجماهير، ويعمق إدراكهم ويدخل إلى عقولهم من منافذ الوجدان والعاطفة والشعور، وجميعها يخضع لها العقل ويستجيب لها الفكر، وفي هذا أيضا دعوة إلى العجز والتبلد، والكسل والتنطع، فيتوقف سير التقدم، ويتقيد الانطلاق الحضاري والرقي الفكري.
لذلك كله، كان الغرض من الدراسات العلمية نهوض الأمم وشحذ الهم، وكان الهدف من البحوث الأدبية والرسائل العلمية الحركة الدائبة للعقل البشري؛ فيحل مشكلة، ويضع نظرية، توفر على الإنسان جهدا ومالا ووقتا؛ أو تحريك العاطفة والشعور ليهذب الأديب عواطف الآخرين ومشاعرهم، ويسمو بأصحابها إلى درجة من
الرقي البشري والتهذيب الأخلاقي؛ حتى يكون مواطنا صالحا وإنسانا مهيئا لخدمة نفسه وأهله ووطنه والإنسانية كلها.
ومن هنا نرى الباحث حين يدرس يختار موضوعا من تراثه الأدبي والعلمي القديم فيعمل على تحقيقه وبعثه من جديد، وهو بهذا العمل يحيي أمجاد أمته ويزيل الغبار عن حضارة ماضيه، ويسمى هذا العمل في ميدان البحث بالتحقيق، وعلى الباحث أن يوضح بالدراسة القيم التي اشتمل عليها السفر المحقق ورأيه القوي المدعم بالبراهين في ذلك.
وقد يتجه الباحث إلى حل مشكلة أدبية قديمة عجز دونها النقاد القدامى لتوفر الدواعي والأسباب لديه، أو دراسة قضية نقدية لم تتضح قبله، وعليه حينئذ أن يعرض القضية كما هي، يضع لها الحلول المدعمة بالأدلة والأقيسة العقلية، ثم يوضح العوامل التي استعان بها في حل القضية، وهل هذه العوامل نبعت من عصر الباحث ولم تتيسر للنقاد القدامى؛ أو كانت موجودة عندهم ولكنهم لم يفطنوا إليها، وهكذا حتى يصل إلى جوهر القضية ويقف القارئ على حقيقتها.
وقد يتناول الباحث موضوعا جديدا لم يسبقه إليه أحد؛ فيوضح نشأته ونموه وقيمته ونتائجه الفعالة؛ التي أسهمت في الرقي الأدبي والعلمي، ويؤيد هذا بقوة الإقناع وروعة التأثير.
وقد يعرض الباحث مدرسة أدبية جديدة أو مذهبا نقديا جديدا، فيبين أصوله ورواده وأثره، وغير ذلك من الدراسات
الدقيقة التي تكشف عن أصالة المدرسة وعراقة المذهب وشخصية الباحث.
وقد يضيف البحث والدرس إلى الأدب والنقد فنا أدبيا جديدا لم يكن موجودا من قبل ذلك، مثل فن المسرحية الشعرية على يد إمامها شوقي، ومن سار على دربه مثل عزيز أباظة وغيره، فيقف هذا الفن الشعري بجوار الفنون القديمة، كالغزل والمديح وغيرها.