الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلُ تَعْلِيمِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ وَأَوْقَاتَهَا]
فَصْلٌ
وَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ صَبِيحَةِ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ، جَاءَهُ جِبْرِيلُ عِنْدَ الزَّوَالِ، فَبَيَّنَ لَهُ كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ وَأَوْقَاتَهَا، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ فَاجْتَمَعُوا، وَصَلَّى بِهِ جِبْرِيلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى الْغَدِ، وَالْمُسْلِمُونَ يَأْتَمُّونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْتَدِي بِجِبْرِيلَ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ، «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ» ، فَبَيَّنَ لَهُ الْوَقْتَيْنِ، فَهُمَا الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وَمَا بَيْنَهُمَا الْوَقْتُ الْمُوَسَّعُ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَوْسِعَةً فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ. وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَبُرَيْدَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَكُلُّهَا فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " وَمَوْضِعُ بَسْطِ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا الْأَحْكَامِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
فَأَمَّا مَا ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«فُرِضَتِ الصَّلَاةُ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ.» وَكَذَا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ
، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْهَا. وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ، وَكَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ الْحَضَرِ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ أَرْبَعًا، كَمَا ذَكَرَهُ مُرْسَلًا مِنْ صِلَاتِهِ عليه السلام صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا، وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، يَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَالْعِشَاءَ أَرْبَعًا يَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَالصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا.
قُلْتُ: فَلَعَلَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ تَكُونُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لَمَّا فُرِضَتِ الْخَمْسُ فُرِضَتْ حَضَرًا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَرُخِّصَ فِي السَّفَرِ أَنَّ يُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَمَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ قَدِيمًا وَعَلَى هَذَا لَا يَبْقَى إِشْكَالٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.