الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْآثَارِ فِي فَضَائِلِ الْأَنْصَارِ وَحُسْنِ سَجَايَاهُمْ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9] الْآيَةَ.
[فَصْلٌ فِي مَوْتِ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ]
َ بْنِ عُدَسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ أَحَدِ النُّقَبَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةَ عَلَى قَوْمِهِ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَدْ شَهِدَ الْعَقَبَاتِ الثَّلَاثَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ فِي قَوْلٍ، وَكَانَ شَابًّا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِالْمَدِينَةِ فِي نَقِيعَ الْخَضِمَاتِ فِي هَزْمِ النَّبِيتِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَهَلَكَ فِي تِلْكَ الْأَشْهُرِ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَالْمَسْجِدُ يُبْنَى، أَخَذَتْهُ الذُّبْحَةُ أَوِ الشَّهْقَةُ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي " التَّارِيخِ ": أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ فِي الشَّوْكَةِ» . رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
حَزْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بِئْسَ الْمَيِّتُ أَبُو أُمَامَةَ لِيَهُودَ وَمُنَافِقِي الْعَرَبِ; يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ يَمُتْ صَاحِبُهُ. وَلَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي وَلَا لِصَاحِبِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ زَعَمَ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " أُسْدِ الْغَابَةِ ": أَنَّهُ مَاتَ فِي شَوَّالٍ بَعْدَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، «أَنَّ بَنِي النَّجَّارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِيمَ لَهُمْ نَقِيبًا بَعْدَ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقَالَ: " أَنْتُمْ أَخْوَالِي، وَأَنَا بِمَا فِيكُمْ وَأَنَا نَقِيبُكُمْ ".» وَكَرِهَ أَنْ يَخُصَّ بِهَا بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ. فَكَانَ مِنْ فَضْلِ بَنِي النَّجَّارِ الَّذِي يَعْتَدُّونَ بِهِ عَلَى قَوْمِهِمْ، أَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَقِيبَهُمْ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ أَبِي نُعَيْمٍ وَابْنِ مَنْدَهْ، فِي قَوْلِهِمَا: إِنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ كَانَ نَقِيبًا عَلَى بَنِي سَاعِدَةَ. إِنَّمَا كَانَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ. وَصَدَقَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِيمَا قَالَ. وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ فِي " التَّارِيخِ ": كَانَ أَوَّلَ مَنْ تُوَفِّي بَعْدَ مَقْدَمِهِ عليه السلام الْمَدِينَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - فِيمَا ذُكِرَ - صَاحِبُ مَنْزِلِهِ كُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ، لَمْ يَلْبَثْ بَعْدَ مَقْدَمِهِ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَهُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ مَقْدَمِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْرَغَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ بِالذُّبْحَةِ أَوِ الشَّهْقَةِ.