الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَجْهُولَينِ إِلَى ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُحْيِيَ أَبَوَيْهِ، فَأَحْيَاهُمَا وَآمَنَا بِهِ، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا.
وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا بِالنَّظَرِ إِلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
لَكِنَّ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ يُعَارِضُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ - يَعْنِي بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ - فَكَانَ يُوضَعُ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فراش في ظل الكعبة وكان ينوه يَجْلِسُونَ حَوْلَ فِرَاشِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيْهِ، لَا يَجْلِسُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَنِيهِ إِجْلَالًا لَهُ.
قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي وَهُوَ غُلَامٌ جَفْرٌ، حَتَّى يَجْلِسَ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهُ أَعْمَامُهُ لِيُؤَخِّرُوهُ عَنْهُ.
فَيَقُولُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، إِذَا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ: دَعُوا ابْنِي، فَوَاللَّهِ إنَّ لَهُ لَشَأْنًا، ثُمَّ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ وَيَمْسَحُ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ وَيَسُرُّهُ مَا يَرَاهُ يَصْنَعُ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهري وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَحَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَسْلَمِيُّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ.
وَحَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحُيْمٍ عَنْ نافع عن ابن جُبَيْرٍ - دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ - قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَكُونُ مَعَ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ قَبَضَهُ إِلَيْهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَضَمَّهُ وَرَقَّ عَلَيْهِ رِقَّةً لَمْ يَرِقَّهَا عَلَى وَلَدِهِ، وَكَانَ يُقَرِّبُهُ مِنْهُ وَيُدْنِيهِ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ إِذَا خَلَا وَإِذَا نَامَ.
وَكَانَ يَجْلِسُ عَلَى فِرَاشِهِ فَيَقُولُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ دَعُوا ابني إنه يؤسس مُلْكًا (1) .
وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: احْتَفِظْ بِهِ فَإِنَّا لَمْ نَرَ قَدَمًا أَشْبَهَ بِالْقَدَمِ الَّذِي فِي الْمَقَامِ مِنْهُ.
فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِأَبِي طَالِبٍ: اسْمَعْ مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ! فَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَحْتَفِظُ بِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِأُمِّ أَيْمَنَ - وَكَانَتْ تَحْضُنُهُ - يَا بَرَكَةُ لَا تَغْفُلِي عَنِ ابْنِي فَإِنِّي وَجَدْتُهُ مع غلمان قريب مِنَ السِّدْرَةِ، وَإِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَزْعُمُونَ أَنَّ ابْنِي نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا إِلَّا يَقُولُ: عَلَيَّ بِابْنِي فَيُؤْتَى بِهِ إِلَيْهِ.
فَلَمَّا حَضَرَتْ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ الْوَفَاةُ أَوْصَى أَبَا طَالِبٍ بِحِفْظِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحِيَاطَتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَدُفِنُ بِالْحَجُونِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثمان سنين (2) هلك جده عبد المطلب بن
(1) في الطبقات: إنه ليؤنس ملكا.
(2)
الطبري - الطبقات، وفي رواية شكك فيها الطبري قال: وكان بعضهم يقول توفي عبد المطلب ورسول الله ابن = [*]
هَاشِمٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ جَمْعَهُ بَنَاتِهِ وَأَمْرَهُ إِيَّاهُنَّ أَنْ يَرْثِينَهُ.
وَهُنَّ أَرْوَى وَأُمَيْمَةُ، وَبَرَّةُ، وَصَفِيَّةُ، وَعَاتِكَةُ، وَأُمُّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءُ وَذَكَرَ أَشْعَارَهُنَّ وَمَا قُلْنَ فِي رِثَاءِ أَبِيهِنَّ وَهُوَ يَسْمَعُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهَذَا أَبْلَغُ النَّوْحِ.
وَبَسَطَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يَعْرِفُ هَذَا الشِّعْرَ (1) قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا هَلَكَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ وَلِيَ السِّقَايَةَ وَزَمْزَمَ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْعَبَّاسُ، وَهُوَ مِنْ أَحْدَثِ إِخْوَتِهِ سِنًّا فَلَمْ تَزَلْ إِلَيْهِ حَتَّى قَامَ الْإِسْلَامُ وَأَقَرَّهَا فِي يَدِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ لِوَصِيَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَهُ بِهِ، وَلِأَنَّهُ كَانَ شَقِيقَ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ أُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ.
قَالَ فَكَانَ أَبُو طَالِبٍ هُوَ الَّذِي يَلِي أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [بَعْدَ جده] وَكَانَ إِلَيْهِ وَمَعَهُ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ.
وَحَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ - دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ - قَالُوا: لمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَبَضَ أَبُو طَالِبٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ يَكُونُ مَعَهُ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ لَا مَالَ لَهُ، وَكَانَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا لَا يُحِبُّهُ وَلَدَهُ، وَكَانَ لَا يَنَامُ إِلَّا إِلَى جَنْبِهِ، وَيَخْرُجُ فَيَخْرُجُ مَعَهُ.
وَصَبَّ بِهِ أَبُو طالب صبابة لم يصب مثلها بشئ قَطُّ.
وَكَانَ يَخُصُّهُ بِالطَّعَامِ وَكَانَ إِذَا أَكَلَ عِيَالُ أَبِي طَالِبٍ جَمِيعًا أَوْ فُرَادَى لَمْ يَشْبَعُوا، وَإِذَا أَكَلَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شبعوا.
فكان إذ أَرَادَ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ قَالَ كَمَا أَنْتُمْ حَتَّى يأتي ولدي.
فَيَأْتِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ فَكَانُوا يُفْضِلُونَ مِنْ طَعَامِهِمْ، وَإِنْ لم يكن منهم (2) لَمْ يَشْبَعُوا، فَيَقُولُ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ.
وَكَانَ الصِّبْيَانُ يُصْبِحُونَ رُمْصًا شُعْثًا، وَيُصْبِحُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَهِينًا كَحِيلًا (3) .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ سَمِعْتُ ابْنَ عبَّاس يَقُولُ: كان بنو أبي طالب يصبحون رمصاً عمصاً وَيُصْبِحُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَقِيلًا
دَهِينًا وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يُقَرِّبُ إِلَى الصِّبْيَانِ صَفْحَتَهُمْ أَوَّلَ الْبُكْرَةِ، فَيَجْلِسُونَ وَيَنْتَهِبُونَ وَيَكُفُّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فلا يَنْتَهِبُ مَعَهُمْ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمُّهُ عَزَلَ لَهُ طَعَامَهُ عَلَى حِدَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ لِهْبٍ (4) كَانَ عَائِفًا فَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَاهُ رِجَالٌ مَنْ قُرَيْشٍ بِغِلْمَانِهِمْ يَنْظُرُ إليهم ويعتاف لهم فيهم.
= عشر سنين.
وقال محمد بن حبيب توفي جده بعد وفاة أمه (وعمره ثماني سنين) بسنة وأحد عشر شهراً سنة تسع من عام الفيل.
(1)
راجع سيرة ابن هشام ج 1 / 179 وما بعدها.
(2)
في الطبقات: معهم بدل منهم.
(3)
رواه ابن سعد في الطبقات: ج 1 / 119.
(4)
بنو لهب من أزد شنوءة.
وقيل هو لهب بن آحجن بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن [*]