المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 2

- ‌قِصَّةُ حِزْقِيلَ

- ‌قِصَّةُ الْيَسَعَ عليه السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌قصة شمويل عليه السلام

- ‌قصة داود وَمَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ [

- ‌شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌وَمِنْهُمْ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا

- ‌وَهَذِهِ قِصَّةُ الْعُزَيْرِ

- ‌فَصْلُ

- ‌قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

- ‌بَيَانُ سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى عليه السلام

- ‌قِصَّةُ عِيسَى بْنِ مريم [

- ‌ميلاد العبد الرسول عيسى بن مريم [

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تعالى منزه عن الولد [تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوا كبير] (3) قَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً) أَيْ شَيْئًا عَظِيمًا وَمُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً

- ‌بَيَانُ نُزُولِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ وَمَوَاقِيتِهَ

- ‌ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ

- ‌فصل

- ‌ ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي الْآثَارِ فِي صِفَةِ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ:

- ‌فَصْلُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الْمَسِيحِ عليه السلام بَعْدَ رفعه إلى السماء عَلَى أَقْوَالٍ

- ‌بَيَانُ بِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ وَالْقُمَامَةِ

- ‌كِتَابُ أَخْبَارِ الْمَاضِينَ

- ‌خَبَرُ ذِي الْقَرْنَيْنِ

- ‌بَيَانُ طَلَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ عَيْنَ الْحَيَاةِ

- ‌ذِكْرُ أُمَّتَيْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَصِفَاتِهِمْ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ

- ‌قِصَّةُ الرَّجلين الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي سَبْتِهِمْ

- ‌قصة أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ

- ‌قِصَّةُ لُقْمَانَ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ

- ‌قِصَّةُ جُرَيْجٍ أَحَدِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قِصَّةُ بَرْصِيصَا

- ‌قصة الثلاثة الذين أووا إلى الغار

- ‌خَبَرُ الثَّلَاثَةِ الْأَعْمَى وَالْأَبْرَصِ وَالْأَقْرَعِ

- ‌قصَّة أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ

- ‌ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا

- ‌ينما رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً

- ‌يْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ

- ‌ عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا

- ‌ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ امْرَأَةٌ قَصِيرَةٌ

- ‌ إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى

- ‌ بَيْنَمَا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ لَهُ فِي السَّلَفِ الْخَالِي

- ‌قِصَّةُ الْمَلِكَيْنِ التَّائِبَيْنِ

- ‌ إِنَّ رَجُلًا كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالًا

- ‌ كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ

- ‌ الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إسرائيل

- ‌ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ

- ‌ كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ

- ‌ إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبِغُونَ فَخَالِفُوهُمْ

- ‌ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا

- ‌فَصْلٌ وَأَخْبَارُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي الكتاب والسنة النَّبَوِيَّ

- ‌وأما الأخبار الإسرائيلية

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ لِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ

- ‌ذكر أخبار العرب

- ‌قِصَّةُ سَبَأٍ

- ‌فَصْلٌ وَلَيْسَ جَمِيعُ سَبَأٍ خَرَجُوا مِنَ الْيَمَنِ

- ‌ذكر بني إسماعيل وما كان من أمور الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

- ‌بَابُ جَهْلِ الْعَرَبِ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ (3) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عبَّاس [رضي الله عنهما] قَالَ إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ وَمَا كَانُوا ابْتَدَعُوهُ مِنَ الشَّرَائِعِ الْبَاطِلَةِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي ظَنَّهَا كَبِيرُهُمْ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ قَبَّحَهُ اللَّهُ مَصْلَحَةً وَرَحْمَةً بِالدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ وَهُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ فِي ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ اتَّبَعَهُ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةُ الطَّغَامُ فِيهِ بَلْ قَدْ تَابَعُوهُ فِيمَا هُوَ أَطَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْظَمُ بِكَثِيرٍ وَهُوَ عبادة الأوثان مع الله عزوجل وَبَدَّلُوا مَا كَانَ اللَّهُ بَعَثَ بِهِ ابْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ مِنَ الدِّينِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ جُمَلٍ من الأحداث في الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذكر قس بن ساعدة الإيادي

- ‌كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وُلِدَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ

- ‌صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عليه الصلاة والسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْآيَاتِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ ارْتِجَاسِ إِيوَانِ كِسْرَى وَسُقُوطِ الشُّرُفَاتِ وَخُمُودِ النِّيرَانِ وَرُؤْيَا الْمُوبِذَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الدَّلَالَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَقِصَّتِهِ مَعَ بَحِيرَى الرَّاهِبِ

- ‌قصة بحيرا

- ‌فَصْلٌ فِي مَنْشَئِهِ عليه الصلاة والسلام وَمُرَبَّاهُ وَكِفَايَةِ اللَّهِ لَهُ، وَحِيَاطَتِهِ، وَكَيْفَ كَانَ يَتِيمًا فَآوَاهُ وَعَائِلًا فَأَغْنَاهُ

- ‌شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حَرْبَ الْفِجَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌تَزْوِيجُهُ عليه الصلاة والسلام خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ

- ‌بَابُ مَا كَانَ يَشْتَغِلُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ خَدِيجَةَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَجْدِيدِ قُرَيْشٍ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ

- ‌ فَصْلٍ

- ‌مبعث رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا كثيرا

- ‌فَصْلٌ

- ‌إِسْلَامَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ

- ‌قِصَّةُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ وبشارته بالنبي

- ‌باب في هواتف الجان

الفصل: ‌مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ رداُ عَلَيْهِمْ فِيمَا ابْتَدَعُوهُ فَقَالَ [تعالى] : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) أَيْ جُمْهُورُ الْعَرَبِ مِنْ عَرَفَاتٍ (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(1) وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقِفُ بِعَرَفَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ لَهُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَيْهِمْ فِيمَا كَانُوا حَرَّمُوا مِنَ اللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ عَلَى النَّاسِ (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)(2) الآية.

وَقَالَ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ (3) عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَلَا أَدْرِي أَكَانَ ابْتِدَاعُهُمْ لِذَلِكَ قَبْلَ الْفِيلِ أَوْ بعده (4) .

‌مبعث رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا كثيرا

.

وذكر شئ مِنَ الْبِشَارَاتِ بِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله: وكانت الأحبار من اليهود والكهان من النصارى ومن الْعَرَبِ (5) قَدْ تَحَدَّثُوا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مَبْعَثِهِ لَمَّا تَقَارَبَ زَمَانُهُ، أَمَّا الْأَحْبَارُ مِنَ الْيَهُودِ وَالرُّهْبَانُ.

مِنَ النَّصَارَى فَعَمَّا وَجَدُوا فِي كُتُبِهِمْ مَنْ صِفَتِهِ وَصِفَةِ زَمَانِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَهْدِ أَنْبِيَائِهِمْ إِلَيْهِمْ فِيهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ)[الأعراف: 157] الآية وقال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى بن مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)[الصف: 6] .

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ)[الفتح: 29] الآية.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ، قَالَ أأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي؟ قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)[آل عمران: 81] وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أُخِذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقُ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ ليؤمننَّ بِهِ ولينصرنَّه، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أُمَّتِهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ

(1) سورة البقرة الآية 199.

(2)

سورة الاعراف الآيتان 31 و 32.

(3)

زياد البكائي هو أبو محمد زياد بن عبد الله بن طفيل القيسي العامري البكائي راوي السيرة عن ابن إسحاق توفي سنة 183 هـ.

(4)

ورد في تاريخ مكة ج 1 / 176: قال ابن جريج لما أن أهلك الله تعالى أصحاب الفيل عظمت العرب قريشا.

وأهل مكة وقالوا: أهل الله قاتل عنهم وكفاهم مؤنة عدوهم فازدادوا في تعظيم الحرم والمشاعر الحرام..وقالت قريش نحن أهل الله وبنوا إبراهيم..فابتدعوا في دينهم أحداثا أداروها بينهم.

(5)

في سيرة ابن هشام: والرهبان من النصارى، والكهان من العرب.

[*]

ص: 374

محمَّد وَهُمْ أَحْيَاءٌ ليؤمننَّ بِهِ ولينصرنَّه وَلَيَتَّبِعُنَّهُ " يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ بَشَّرُوا وَأَمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ.

وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فِيمَا دَعَا بِهِ لِأَهْلِ مَكَّةَ: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتك) الْآيَةَ [اَلْبَقَرَةِ 129] .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ قُلْتُ يارسول اللهِ، مَا كانَ بَدْءُ أَمْرِكَ؟ قَالَ:" دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ " وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ مِثْلَهُ وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ أَرَادَ بَدْءَ أَمْرِهِ بَيْنَ النَّاسِ وَاشْتِهَارَ ذِكْرِهِ وَانْتِشَارَهُ فَذَكَرَ دَعْوَةَ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْعَرَبُ، ثُمَّ بُشْرَى عِيسَى الَّذِي هُوَ خَاتَمُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمَا تَقَدَّمَ.

يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّ مَنْ بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَشَّرُوا بِهِ أَيْضًا.

أَمَّا فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى فَقَدْ كَانَ أَمْرُهُ مَشْهُورًا مَذْكُورًا مَعْلُومًا مِنْ قَبْلِ خَلْقِ آدَمَ عليه الصلاة والسلام كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الْكَلْبِيِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيِّ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ.

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُنْبِئُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ، دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات المؤمنين "(1) .

وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ وَقَالَ: إِنَّ أُمَّهُ رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ قَالَ: قلت يا رسول الله، متى كنت نبيا؟ قَالَ " وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ " تَفَرَّدَ بِهِنَّ أَحْمَدُ (2) .

وَقَدْ رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النبُّوة مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - يَعْنِي أَبَا الْقَاسِمِ الْبَغَوِيَّ - حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئل رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟ قَالَ: " بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ " وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ به.

وقال:

(1) كذا في الاصل وفي دلائل البيهقي: النبيين.

(2)

أخرج الحديثان أحمد في مسنده ج 4 / 127 - 128 و 4 / 66 و 5 / 379.

وأخرج الجزء الأول من حديث الحاكم في المستدرك 2 / 600 وقال هذا حديث صحيح الاسناد، وأقره الذهبي وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبراني والبزار وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان.

[*]

ص: 375

" وَآدَمُ مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ ".

وَرُوِيَ عَنِ الْبَغَوِيِّ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - مَرْفُوعًا - فِي قَوْلِ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي البعث " ومن حديث أبي مُزَاحِمٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قِيلَ يَا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: " وآدم بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ ".

وَأَمَّا الْكُهَّانُ مِنَ الْعَرَبِ فَأَتَتْهُمْ بِهِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الْجِنِّ مِمَّا تَسْتَرِقُ من السمع، إذ كانت وهي لَا تُحْجَبُ عَنْ ذَلِكَ بِالْقَذْفِ بِالنُّجُومِ، وَكَانَ الْكَاهِنُ وَالْكَاهِنَةُ لَا يَزَالُ يَقَعُ مِنْهُمَا بَعْضُ ذِكْرِ أُمُورِهِ وَلَا يُلْقِي الْعَرَبُ لِذَلِكَ فِيهِ بَالًا.

حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَوَقَعَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ الَّتِي كَانُوا يَذْكُرُونَ فَعَرَفُوهَا، فَلَمَّا تَقَارَبَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَضَرَ زَمَانُ مَبْعَثِهِ حُجِبَتِ الشَّيَاطِينُ عَنِ السَّمْعِ، وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تعقد لاستراق السمع فيها، فرموا بالنجوم فعرفت الشياطين أَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ حَدَثَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عزوجل.

قَالَ (1) وَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ، وَكَذَا قَوْلِهِ تَعَالَى:(وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طريق مُسْتَقِيمٍ) الآيات، ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ ذَلِكَ كُلِّهِ هُنَاكَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ أَنَّهُ حُدِّثَ أَنَّ أَوَّلَ

الْعَرَبِ فَزِعَ لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ حِينَ رُمِيَ بِهَا - هذا الحي من ثقيف - وإنهم جاؤوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ أَحَدُ بَنِي عِلَاجٍ وَكَانَ أَدْهَى الْعَرَبِ وأمكرها (2) ، فَقَالُوا لَهُ يَا عَمْرُو أَلَمْ تَرَ مَا حَدَثَ فِي السَّماء مِنَ الْقَذْفِ بِهَذِهِ النُّجُومِ؟ قَالَ بَلَى، فَانْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمُ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا فِي البرِّ وَالْبَحْرِ وَيُعْرَفُ بِهَا الْأَنْوَاءُ مِنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ، لِمَا يُصْلِحُ النَّاسَ فِي مَعَايِشِهِمْ هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا، فَهُوَ وَاللَّهِ طَيُّ الدُّنْيَا، وَهَلَاكُ هَذَا الْخَلْقِ وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا غَيْرَهَا وَهِيَ ثَابِتَةٌ عَلَى حَالِهَا فَهَذَا لِأَمْرٍ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ هَذَا الخلق فما هُوَ؟.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَهْمٍ - يُقَالُ لها الغيطلة (3) -

(1) أي ابن إسحاق.

(2)

في سيرة ابن هشام: وأنكرها رأيا.

أي أهداها رأيا من النكر وهو الدهاء، ويروي بالباء من البكور في الشئ وهو مبادرته فيه وسبقه إليه.

(3)

قال ابن هشام الغيطلة من بني مرة بن عبد مناة بن كنانة، أخوه بني مدلج بن مرة.

ويقال الغيطلة بنت مالك بن الحارث بن عمرو بن الصعق بن شنوق بن مرة.

[*]

ص: 376