الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهَ وَلَامَ سَلْمَانَ عَلَى تَرْكِ مَا أَمَرَهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَسَأَلَهُ مُقْعَدٌ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ سَأَلْتُكَ حِينَ وَصَلْتَ فَلَمْ تُعْطِنِي شَيْئًا وَهَا أَنَا أَسْأَلُكَ فَنَظَرَ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ قُمْ بِسْمِ اللَّهِ فَقَامَ وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَلَا قَلَبَةٌ كَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ.
فَقَالَ لِي يَا عَبْدَ اللَّهِ احْمِلْ عَلَيَّ مَتَاعِي حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى أَهْلِي فَأُبَشِّرَهُمْ، فَاشْتَغَلْتُ بِهِ ثُمَّ أَدْرَكْتُ الرَّجُلَ فَلَمْ أَلْحَقْهُ وَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَ وَكُلَّمَا سَأَلْتُ عَنْهُ قَوْمًا قَالُوا أَمَامَكَ حَتَّى لَقِيَنِي رَكْبٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي كَلْبٍ فَسَأَلْتُهُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا لُغَتِي أَنَاخَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِعِيرَهُ فَحَمَلَنِي خَلْفَهُ حَتَّى أَتَوْا بِي بِلَادَهُمْ.
فَبَاعُونِي فَاشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَجَعَلَتْنِي فِي حَائِطٍ لَهَا وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ; ثُمَّ ذَكَرَ ذَهَابَهُ إِلَيْهِ بِالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ لِيَسْتَعْلِمَ مَا قَالَ صَاحِبُهُ، ثُمَّ تَطَلَّبَ النَّظَرَ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ فَلَمَّا رَآهُ آمَنَ مِنْ سَاعَتِهِ.
وَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَهُ الَّذِي جَرَى لَهُ.
قَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَاشْتَرَاهُ من سيدته فأعتقه، قال ثم سَأَلْتُهُ يَوْمًا عَنْ دِينِ النَّصَارَى فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِمْ.
قَالَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَحِبْتُهُمْ وَمِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الَّذِي كَانَ مَعِي بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا، وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)[المائدة: 82] فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجِئْتُ وَأَنَا خَائِفٌ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) الْآيَاتِ.
ثُمَّ قَالَ: " يَا سَلْمَانُ أُولَئِكَ الَّذِينَ كُنْتَ مَعَهُمْ وَصَاحِبُكَ لَمْ يَكُونُوا نَصَارَى كَانُوا مُسْلِمِينَ " فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَهُوَ أَمَرَنِي بِاتِّبَاعِكَ.
فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنْ أَمَرَنِي بِتَرْكِ دِينِكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَاتْرُكْهُ فَإِنَّ الْحَقَّ وَمَا يُرْضِي اللَّهَ فِيمَا يَأْمُرُكَ.
وَفِي هَذَا السِّيَاقِ غَرَابَةٌ كَثِيرَةٌ وَفِيهِ
بَعْضُ الْمُخَالَفَةِ لِسِيَاقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَطَرِيقُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَقْوَى إِسْنَادًا وَأَحْسَنُ اقْتِصَاصًا وَأَقْرَبُ إِلَى مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ طَرْخَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ تَدَاوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ، مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ، أَيْ مِنْ مُعَلِّمٍ إِلَى مُعَلِّمٍ وَمُرَبٍّ إِلَى مِثْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: تَدَاوَلَهُ ثَلَاثُونَ سَيِّدًا مِنْ سَيِّدٍ إِلَى سَيِّدٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَذَلِكَ اسْتَقْصَى قِصَّةَ إِسْلَامِهِ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ وَأَوْرَدَ لَهَا أَسَانِيدَ وَأَلْفَاظًا كَثِيرَةً، وَفِي بَعْضِهَا أن اسم سيدته التي كاتبته حلبسة فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ
.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَابِيُّ (1) حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن أبي السوية الْمِنْقَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ كُسَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عن أبي
(1) هو أبو بكر محمد بن زكريا بن دينار الغلابي البصري يعرف بزكرويه.
[*]
عتوارة الخزاعي عن سعير بن سوادة العامري قال كنت عشيقاً لِعَقِيلَةٍ مِنْ عَقَائِلِ الْحَيِّ، أَرْكَبُ لَهَا الصَّعْبَ والذلول لا أبقي من البلاد مسرحا أرجوا رِبْحًا فِي مَتْجَرٍ إِلَّا أَتَيْتُهُ، فَانْصَرَفْتُ مِنَ الشام بحرث وأناث أُرِيدُ بِهِ كُبَّةَ (1) الْمَوْسِمِ وَدَهْمَاءَ الْعَرَبِ، فَدَخَلْتُ مَكَّةَ بِلَيْلٍ مُسْدِفٍ فَأَقَمْتُ حَتَّى تَعَرَّى عَنِّي قَمِيصُ اللَّيْلِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا قِبَابٌ مُسَامِتَةٌ شعف الجبال، مضروبة بأنطاع الطائف وإذا جزر تُنْحَرُ وَأُخْرَى تُسَاقُ، وَإِذَا أَكَلَةٌ وَحَثَثَةٌ عَلَى الطُّهَاةِ يَقُولُونَ: أَلَا عَجِّلُوا أَلَا عَجَّلُوا، وَإِذَا رَجُلٌ يَجْهَرُ عَلَى نَشَزٍ مِنَ الْأَرْضِ، يُنَادِي يَا وَفْدَ اللَّهِ مِيلُوا إِلَى الْغَدَاءِ.
وَأُنَيْسَانٌ عَلَى مَدْرَجَةٍ يَقُولُ: يَا وَفْدَ اللَّهِ مِنْ طَعِمَ فَلْيَرُحْ إِلَى الْعَشَاءِ، فَجَهَرَنِي (2) مَا رَأَيْتُ فَأَقْبَلْتُ أُرِيدُ عَمِيدَ الْقَوْمِ، فَعَرَفَ رَجُلٌ الَّذِي بِي، فَقَالَ أَمَامَكَ، وَإِذَا شَيْخٌ كَأَنَّ فِي خَدَّيْهِ الْأَسَارِيعَ (3) ، وَكَأَنَّ الشِّعْرَى تَوَقَّدُ مِنْ جَبِينِهِ، قَدْ لَاثَ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ قَدْ أَبْرَزَ مِنْ مِلَائِهَا جَمَّةً فَيْنَانَةً كَأَنَّهَا سَمَاسِمٌ.
قال في بعض الروايات تحته كرسي سماسم (4) ومن دونها نمرقة بيده قضيب متخصر به حوله شمايخ جلس
نَوَاكِسُ الْأَذْقَانِ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يُفِيضُ بِكَلِمَةٍ.
وقد كان نمى إلى خبر من أخبار الشَّامِ أَنَّ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ هَذَا أَوَانُ نُجُومِهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ ظَنَنْتُهُ ذَلِكَ.
فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يارسول اللَّهِ.
فَقَالَ: مَهْ مَهْ، كَلَّا وَكَأَنْ قَدْ وليتني إياه فقلت مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟ فَقَالُوا هَذَا أَبُو نَضْلَةَ (5) ، هَذَا هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، فَوَلَّيْتُ وَأَنَا أَقُولُ هَذَا وَاللَّهِ الْمَجْدُ لَا مَجْدُ آلِ جَفْنَةَ - يَعْنِي مُلُوكَ عَرَبِ الشَّامِ مِنْ غَسَّانَ كَانَ يُقَالَ لَهُمْ آلُ جَفْنَةَ -.
وَهَذِهِ الْوَظِيفَةُ الَّتِي حَكَاهَا عَنْ هَاشِمٍ هِيَ الرِّفَادَةُ يَعْنِي إِطْعَامَ الْحَجِيجِ زَمَنَ الْمَوْسِمِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي يَحْيَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قُتَيْبَةَ الْخُرَاسَانِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
قَالَ سَمِعْتُ أَبَا طَالِبٍ يحدِّث عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ.
بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ إِذْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي فَفَزِعْتُ مِنْهَا فَزَعًا شَدِيدًا، فَأَتَيْتُ كَاهِنَةَ قُرَيْشٍ وَعَلَيَّ مُطْرَفُ خَزٍّ وَجُمَّتِي تَضْرِبُ مَنْكِبَيَّ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيَّ عَرَفَتْ فِي وَجْهِي التغيير وَأَنَا يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ قَوْمِي فَقَالَتْ: مَا بَالُ سَيِّدِنَا قَدْ أَتَانَا مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ؟ هَلْ رَابَهُ من حدثان الدهر شئ؟ فَقُلْتُ لَهَا بَلَى! وَكَانَ لَا يُكَلِّمُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاس حَتَّى يُقَبِّلَ يَدَهَا الْيُمْنَى، ثمَّ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهَا ثُمَّ يَذْكُرُ حاجته ولم أفعل لاني [كنت]
(1) كبة: الزحام.
(2)
جهرني: راعني.
(3)
الاساريع: خطوط وطرائق ; وقد تكون: الدود بيض حمر الرؤوس واحدتها أسروع ويسروع (قاموس محيط (سرع) .
(4)
سماسم: الاولى عيدان السمسم.
والثانية خشب أسود.
(5)
نضلة أحد ابناء هاشم.
[*]
كَبِيرُ قَوْمِي.
فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ وأنا نائم في الحجر كأن شجرة تنبت (1) قَدْ نَالَ رَأْسُهَا السَّمَاءَ وَضَرَبَتْ بِأَغْصَانِهَا الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَمَا رَأَيْتُ نُورًا أَزْهَرَ مِنْهَا أَعْظَمَ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ سَبْعِينَ
ضِعْفًا.
وَرَأَيْتُ الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ سَاجِدِينَ لَهَا وَهِيَ تَزْدَادُ كُلَّ سَاعَةٍ عِظَمًا وَنُورًا وَارْتِفَاعًا سَاعَةً تَخْفَى وَسَاعَةً تَزْهَرُ، وَرَأَيْتُ رَهْطًا مَنْ قُرَيْشٍ قَدْ تَعَلَّقُوا بِأَغْصَانِهَا، وَرَأَيْتُ قَوْمًا مِنْ قُرَيْشٍ يُرِيدُونَ قَطْعَهَا.
فَإِذَا دَنَوْا مِنْهَا أَخَّرَهُمْ شَابٌّ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ وَجْهًا وَلَا أَطْيَبَ مِنْهُ رِيحًا فيكسر أظهرهم، ويقلع أعينهم.
فرفعت يدي لا تناول مِنْهَا نَصِيبًا، فَمَنَعَنِي الشَّابُّ فَقُلْتُ لِمَنِ النَّصِيبُ؟ فَقَالَ النَّصِيبُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَعَلَّقُوا بِهَا وَسَبَقُوكَ إِلَيْهَا.
فَانْتَبَهْتُ مَذْعُورًا فَزِعًا فَرَأَيْتُ وَجْهَ الْكَاهِنَةِ قَدْ تَغَيَّرَ، ثُمَّ قَالَتْ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ صُلْبِكَ رَجُلٌ يَمْلِكُ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ وَيَدِينُ لَهُ النَّاس ثمَّ قَالَ - يَعْنِي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ - لِأَبِي طَالِبٍ، لَعَلَّكَ تَكُونُ هَذَا الْمَوْلُودَ قَالَ فَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَمَا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَمَا بُعِثَ.
ثُمَّ قَالَ كَانَتِ الشَّجَرَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَبَا الْقَاسِمِ الْأَمِينَ، فَيُقَالُ لِأَبِي طَالِبٍ أَلَا تُؤْمِنُ؟ فَيَقُولُ السُّبَّةُ وَالْعَارُ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا محمد بن زكرياء الْغَلَابِيُّ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ الضَّبِّيُّ حَدَّثَنَا أبو بكر الذهلي عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ قَالَ الْعَبَّاسُ: خَرَجْتُ فِي تِجَارَةٍ إِلَى الْيَمَنِ فِي رَكْبٍ - مِنْهُمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَقَدِمْتُ الْيَمَنَ فَكُنْتُ أَصْنَعُ يَوْمًا طَعَامًا وَأَنْصَرِفُ بِأَبِي سُفْيَانَ وَبِالنَّفَرِ وَيَصْنَعُ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمًا، وَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي فِي يَوْمِي الَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ فِيهِ، هَلْ لَكَ يَا أَبَا الْفَضْلِ أَنْ تَنْصَرِفَ إِلَى بَيْتِي وَتُرْسِلَ إِلَيَّ غَدَاءَكَ؟ فَقُلْتُ نَعَمْ.
فَانْصَرَفْتُ أَنَا وَالنَّفَرِ إِلَى بَيْتِهِ وَأَرْسَلْتُ إِلَى الْغَدَاءِ فَلَمَّا تَغَدَّى الْقَوْمُ قَامُوا وَاحْتَبَسَنِي فَقَالَ هَلْ عَلِمْتَ يَا أَبَا الْفَضْلِ أَنَّ ابْنَ أَخِيكَ يَزْعُمُ أنَّه رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُ أَيُّ بَنِي أَخِي؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ إِيَّايَ تَكْتُمُ؟ وَأَيُّ بَنِي أَخِيكَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ هَذَا إِلَّا رجلٌ واحدٌ؟ قُلْتُ وَأَيُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ قَدْ فَعَلَ؟ قَالَ بَلَى قد فعل.
وأخرج كتاباً باسمه مِنِ ابْنِهِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فِيهِ: أُخْبِرُكَ أَنَّ مُحَمَّدًا قَامَ بِالْأَبْطَحِ فَقَالَ: " أَنَا رسولُ أدعوكم إلى الله عزوجل " فقال العباس قلت: جده يَا أَبَا حَنْظَلَةَ صَادِقٌ.
فَقَالَ مَهْلًا يَا أَبَا الْفَضْلِ فَوَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ هَذَا، إِنِّي لَا أَخْشَى أَنْ يَكُونَ عَلَيَّ ضَيْرٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بَرِحَتْ قُرَيْشٌ تَزْعُمُ أَنَّ لَكُمْ هَنَةً وَهَنَةً، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غَايَةٌ.
لَنَشَدْتُكَ يَا أَبَا الْفَضْلِ هَلْ سَمِعْتَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ نَعَمْ قَدْ سَمِعْتُ.
قَالَ فَهَذِهِ وَاللَّهِ شُؤْمَتُكُمْ.
قُلْتُ فَلَعَلَّهَا يُمْنَتُنَا، قَالَ فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا لَيَالٍ حَتَّى قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ بِالْخَبَرِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَفَشَا ذَلِكَ فِي مَجَالِسِ الْيَمَنِ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَجْلِسُ مَجْلِسًا بِالْيَمَنِ يَتَحَدَّثُ فِيهِ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ مَا هَذَا الْخَبَرُ؟ بَلَغَنِي أَنَّ فِيكُمْ عَمَّ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ مَا قَالَ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ صَدَقُوا وَأَنَا عَمُّهُ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ أخو أبيه؟ قال نعم! قال
(1) في الدلائل والخصائص: نبتت.
[*]