الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخل أهل السواد إلى بغداد. وَفِيهَا وَلِيَ أَبُو أَحْمَدَ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ خُرَاسَانَ وَفَارِسَ وَأَصْبَهَانَ وَسِجِسْتَانَ وَكَرْمَانَ وَالسِّنْدَ، وَوَجَّهَهُ إِلَيْهَا بِذَلِكَ وَبِالْخِلَعِ وَالتُّحَفِ. وَفِيهَا حَاصَرَتِ الزَّنْجُ تستر حتى كادوا يأخذونها فَوَافَاهُمْ تِكِينُ الْبُخَارِيُّ فَلَمْ يَضَعْ ثِيَابَ سَفَرِهِ حتى ناجز الزنج فقتل منهم خلقا وهزمهم هزيمة فظيعة جدا، وهرب أميرهم على بن أبان المهلبي مَخْذُولًا: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذِهِ وَقْعَةُ بَابِ كُودَكَ الْمَشْهُورَةُ، ثُمَّ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبَانٍ الْمُهَلَّبِيَّ أَخَذَ فِي مُكَاتَبَةِ تِكِينَ وَاسْتِمَالَتِهِ إِلَيْهِ وإلى صاحب الزنج فسارع تكين في إجابته إِلَى ذَلِكَ فَبَلَغَ خَبَرُهُ مَسْرُورًا الْبَلْخِيَّ فَسَارَ نحوه وأظهر له الأمان حتى أخذه فقيده وَتَفَرَّقَ جَيْشُهُ عَنْهُ فَفِرْقَةٌ صَارَتْ إِلَى الزَّنْجِ وَفِرْقَةٌ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْكُرْدِيِّ. وفرقة انضافت إلى مسرور بَعْدَ إِعْطَائِهِ إِيَّاهُمُ الْأَمَانَ، وَوَلَّى مَكَانَهُ عَلَى عمالته أميرا آخر يقال له اغرتمش. وفيها حج بالناس هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى العباسي.
وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ رَاوِيَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَقَدْ صَحِبَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ وَكَانَ يعد من الابدال توفى عن ثلاث وستين سَنَةً. وَسَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد المخزومي وَعَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ الْمَوْصِلِيُّ. وَأَبُو حَفْصٍ النَّيْسَابُورِيُّ عَلِيُّ بْنُ مُوَفَّقٍ الزَّاهِدُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي كَامِلِهِ: وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ صاحب أبى عبيدة والأصمعي قتلته الزنج بالبصرة.
يعقوب بْنُ اللَّيْثِ الصِّفَّارُ
أَحَدُ الْمُلُوكِ الْعُقَلَاءِ الْأَبْطَالِ. فتح بلادا كثيرة من ذلك بلد الرجح التي كان فيها ملك صاحب الزنج وكان يُحْمَلُ فِي سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى رُءُوسِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ فِي رَأْسِ جَبَلٍ عَالٍ سَمَّاهُ مَكَّةَ، فَمَا زَالَ حتى قتل وأخذ بلده واستسلم أهلها فأسلموا عَلَى يَدَيْهِ، وَلَكِنْ كَانَ قَدْ خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ الْخَلِيفَةِ وَقَاتَلَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَمَّا مَاتَ وَلَّوْا أَخَاهُ عَمْرَو بْنَ اللَّيْثِ مَا كَانَ يَلِيهِ أَخُوهُ يَعْقُوبُ مَعَ شرطة بغداد وسامرا كما سيأتي.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
فِي صَفَرٍ مِنْهَا تَغَلَّبَ أَسَاتِكِينُ عَلَى بَلَدِ الرِّيِّ وَأَخْرَجَ عَامِلَهَا مِنْهَا ثُمَّ مَضَى إِلَى قَزْوِينَ فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا فَدَخَلَهَا وَأَخَذَ مِنْهَا أَمْوَالًا جَزِيلَةً، ثُمَّ عَادَ إِلَى الرِّيِّ فَمَانَعَهُ أَهْلُهَا عَنِ الدخول إليها فقهرهم ودخلها [وفيها غارت سَرِيَّةٌ مِنَ الرُّومِ عَلَى نَاحِيَةِ دِيَارِ رَبِيعَةَ فَقَتَلُوا وَسَبَوْا وَمَثَّلُوا وَأَخَذُوا نَحْوًا مِنْ مِائَتَيْنِ وخمسين أسيرا، فنفر إليهم أهل الصين وَأَهْلُ الْمَوْصِلِ فَهَرَبَتْ مِنْهُمُ الرُّومُ وَرَجَعُوا إِلَى بلادهم][1] وَفِيهَا وَلِيَ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ شُرْطَةَ بَغْدَادَ وَسَامَرَّا لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ أبو أحمد بالخلعة
[1] سقط من المصرية.
وَخَلَعَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ أَيْضًا وَأَهْدَى إِلَيْهِ عَمُودَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، وَذَلِكَ مُضَافًا إِلَى مَا كَانَ يَلِيهِ أَخُوهُ مِنَ الْبُلْدَانِ. وَفِيهَا سار اغرتمش إلى قتال عَلِيِّ بْنِ أَبَانٍ الْمُهَلَّبِيِّ بِتُسْتَرَ فَأَخَذَ مَنْ كَانَ فِي السِّجْنِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبَانٍ الْمُهَلَّبِيِّ مِنَ الْأُمَرَاءِ فَقَتَلَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ، ثُمَّ سَارَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبَانٍ فَاقْتَتَلَا قتالا شديدا في مرات عديدة، كان آخِرُهَا لِعَلِيِّ بْنِ أَبَانٍ الْمُهَلَّبِيِّ، قَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِ أَغْرِتْمِشَ وَأَسَرَ بَعْضَهُمْ فَقَتَلَهُمْ أيضا، وبعث برءوسهم إلى صاحب الزنج فنصبت رءوسهم على باب مَدِينَتِهِ قَبَّحَهُ اللَّهُ.
وَفِيهَا وَثَبَ أَهْلُ حِمْصَ عَلَى عَامِلِهِمْ عِيسَى الْكَرْخِيِّ فَقَتَلُوهُ فِي شَوَّالٍ منها، وفيها دعا الحسن بن محمد ابن جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُسَيْنٍ الْأَصْغَرُ العقيلي أَهْلَ طَبَرِسْتَانَ إِلَى نَفْسِهِ وَأَظْهَرَ لَهُمْ أَنَّ الحسين بن زيد أُسِرَ وَلَمْ يَبْقَ مَنْ يَقُومُ بِهَذَا الْأَمْرِ غيره، فبايعوه. فلما بلغ ذلك الحسين بن زيد قصده فقاتله فقتله ونهب أمواله وأموال من اتبعه وأحرق دُورَهُمْ. وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَنَوَاحِيهَا بَيْنَ الْجَعْفَرِيَّةِ وَالْعَلَوِيَّةِ [وَتَغَلَّبَ عَلَيْهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ مِنْ سُلَالَةِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي تَغَلَّبَ عَلَى طَبَرِسْتَانَ، وَجَرَتْ شُرُورٌ كَثِيرَةٌ هُنَالِكَ بِسَبَبِ قَتْلِ الْجَعْفَرِيَّةِ وَالْعَلَوِيَّةِ][1] يَطُولُ ذِكْرُهَا. وَفِيهَا وَثَبَتِ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَعْرَابِ عَلَى كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ فانتهبوها، وسار بعضهم إِلَى صَاحِبِ الزَّنْجِ [وَأَصَابَ الْحَجِيجَ مِنْهُمْ شِدَّةٌ وبلاء شديد وأمور كريهة. وَفِيهَا أَغَارَتِ الرُّومُ أَيْضًا عَلَى دِيَارِ رَبِيعَةَ. وَفِيهَا دَخَلَ أَصْحَابُ صَاحِبِ الزَّنْجِ إِلَى رَامَهُرْمُزَ فَافْتَتَحُوهَا بَعْدَ قِتَالٍ طَوِيلٍ][2] وَفِيهَا دَخَلَ ابْنُ أَبِي السَّاجِ مَكَّةَ فَقَاتَلَهُ الْمَخْزُومِيُّ فَقَهَرَهُ ابْنُ أَبِي السَّاجِ وَحَرَّقَ دَارَهُ وَاسْتَبَاحَ مَالَهُ، وَذَلِكَ يوم التروية في هذه السنة. ثم جعلت إمرة الحرمين إلى ابن أبى الساج من جهة الخليفة. وحج بالناس فيها هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ قَبْلَهَا. وَفِيهَا عمل محمد بن عبد الرحمن الداخل إلى بلاد المغرب- وهو خليفة بلاد الْأَنْدَلُسِ وَبِلَادِ الْمَغْرِبِ- مَرَاكِبَ فِي نَهْرِ قُرْطُبَةَ ليدخل بها إلى البحر المحيط ولتسير الجيوش في أطرافه إلى بعض البلاد لِيُقَاتِلُوهُمْ، فَلَمَّا دَخَلَتِ الْمَرَاكِبُ الْبَحْرَ الْمُحِيطَ تَكَسَّرَتْ وَتَقَطَّعَتْ وَلَمْ يَنْجُ مِنْ أَهْلِهَا إِلَّا الْيَسِيرُ بل غرق أَكْثَرُهُمْ. وَفِيهَا التَّقَى أُسْطُولُ الْمُسْلِمِينَ وَأُسْطُولُ الرُّومِ بِبِلَادِ صِقِلِّيَّةَ فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلْقٌ كثير ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2:156. وَفِيهَا حَارَبَ لُؤْلُؤٌ غلام ابن طولون لموسى بن اتامش فكسره لؤلؤ وأسره وَبَعَثَ بِهِ إِلَى مَوْلَاهُ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ، وهو إذا ذاك نائب الشام ومصر وإفريقية من جهة الخليفة، ثُمَّ اقْتَتَلَ لُؤْلُؤٌ هَذَا وَطَائِفَةٌ مِنَ الرُّومِ فقتل من الروم خَلْقًا كَثِيرًا. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ:
وَفِيهَا اشْتَدَّ الحال وضاق الناس ذرعا بكثرة الهياج والفتن وَتَغَلُّبِ الْقُوَّادِ وَالْأَجْنَادِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ بسبب ضعف منصب الخلافة وَاشْتِغَالِ أَخِيهِ أَبِي أَحْمَدَ بِقِتَالِ الزَّنْجِ. وَفِيهَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فِي تِشْرِينَ الثَّانِي جِدًّا ثُمَّ قوى به البرد حتى جمد الماء.
[1] زيادة من المصرية ومن نسخة أخرى بالأستانة
[2]
سقط من المصرية.