الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قارب التسعين
أبو أحمد العسكري
الحسن بن عبد الله بن سعيد أَحَدُ الْأَئِمَّةِ فِي اللُّغَةِ وَالْأَدَبِ وَالنَّحْوِ وَالنَّوَادِرِ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ تَصَانِيفُ مُفِيدَةٌ، مِنْهَا التَّصْحِيفُ وغيره، وكان الصاحب بن عباد يوم الاجتماع به فسافر إلى عسكر خلفه حَتَّى اجْتَمَعَ بِهِ فَأَكْرَمَهُ وَرَاسَلَهُ بِالْأَشْعَارِ. تُوُفِّيَ فيها وله تسعون سنة. كذا ذكره ابْنُ خَلِّكَانَ. وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَنْ تُوُفِّيَ في سنة سبع وثمانين كما سيأتي.
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة
فِيهَا أَمَرَ الْقَادِرُ باللَّه بِعِمَارَةِ مَسْجِدِ الْحَرْبِيَّةِ وَكِسْوَتِهِ، وَأَنْ يُجْرَى مَجْرَى الْجَوَامِعِ فِي الْخُطَبِ وَغَيْرِهَا وَذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اسْتَفْتَى الْعُلَمَاءَ فِي جواز ذلك. قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ. أَدْرَكْتُ الْجُمُعَةَ تُقَامُ بِبَغْدَادَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَسْجِدِ الرَّصَافَةِ، وَمَسْجِدِ دَارِ الْخِلَافَةِ، وَمَسْجِدِ بَرَاثَا، وَمَسْجِدِ قَطِيعَةَ أُمِّ جَعْفَرٍ، وَمَسْجِدِ الْحَرْبِيَّةِ. قَالَ: وَلَمْ يَزَلِ الْأَمَرُ عَلَى هَذَا إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَتَعَطَّلَتْ فِي مَسْجِدِ بَرَاثَا. وَفِي جُمَادَى الْأُولَى فُرِغَ مِنَ الْجِسْرِ الَّذِي بَنَاهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ فِي مَشْرَعَةِ الْقَطَّانِينَ، وَاجْتَازَ عَلَيْهِ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ زين المكان. وفي جمادى الآخرة شعثت الديالم والأتراك في نواحي البلد لتأخر العطاء عنهم، وغلت الأسعار وراسلوا بهاء الدولة فأزيحت عللهم.
وفي يوم الخميس الثاني من ذي القعدة تَزَوَّجَ الْخَلِيفَةُ سُكَيْنَةَ بِنْتَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ عَلَى صداق مائة ألف دينار وكان وكيل بهاء الدولة الشريف أبو أحمد الموسوي، ثم تُوُفِّيَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ دُخُولِ الْخَلِيفَةِ بِهَا. وفيها ابْتَاعَ الْوَزِيرُ أَبُو نَصْرٍ سَابُورُ بْنُ أَزْدَشِيرَ دارا بالكرخ وجدد عمارتها، وَنَقَلَ إِلَيْهَا كُتُبًا كَثِيرَةً، وَوَقَّفَهَا عَلَى الْفُقَهَاءِ، وَسَمَّاهَا دَارَ الْعِلْمِ. وَأَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ أَوَّلُ مدرسة وقفت على الفقهاء، وكانت قبل النظامية بمدة طويلة. وفيها في أواخرها ارتفعت الأسعار وضاق الحال وجاع العيال.
وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ
أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
الْحَسَنِ بن شاذان بن حرب بن مهران، أبو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنَ الْبَغَوِيِّ وَابْنِ صاعد وابن أبى داود وابن دريد، وعنه الدار قطنى والبرقاني والأزهري وغيرهم، وكان ثَبْتًا صَحِيحَ السَّمَاعِ، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، مُتَحَرِّيًا وَرِعًا. تُوُفِّيَ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
فيها عظم الخطب بأمر العيارين، عاثوا ببغداد فسادا وأخذوا الأموال والعملات الثقال ليلا ونهارا، وحرقوا مواضع كَثِيرَةً، وَأَخَذُوا مِنَ الْأَسْوَاقِ الْجِبَايَاتِ، وَتَطَلَّبَهُمُ الشُّرَطُ فلم يفد ذلك شيئا ولا فكروا في الدولة، بَلِ اسْتَمَرُّوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَخْذِ الْأَمْوَالِ، وَقَتْلِ الرِّجَالِ، وَإِرْعَابِ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ، فِي سَائِرِ الْمَحَالِّ. فَلَمَّا تَفَاقَمَ الْحَالُ بِهِمْ تَطَلَّبَهُمُ السُّلْطَانُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ وَأَلَحَّ فِي طَلَبِهِمْ فهربوا