الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عِكْرِمَةَ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِيهِ ابْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْهُ، قُلْتُ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مَزَارًا فِيهِ أَشْيَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْ آثَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اعْتَنَى بِجَمْعِهَا بَعْضُ الوزراء المتأخرين، فمن ذلك مكحلة وقيل وَمُشْطٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ فاللَّه أَعْلَمُ
الْبُرْدَةُ
قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَمَّا الْبُرْدُ الَّذِي عِنْدَ الْخُلَفَاءِ فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي قِصَّةِ تَبُوكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَعْطَى أَهْلَ أَيْلَةَ بُرْدَهُ مَعَ كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَ لَهُمْ أَمَانًا لَهُمْ، فَاشْتَرَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ- يَعْنِي بِذَلِكَ أَوَّلَ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَهُوَ السَّفَّاحُ رحمه الله وَقَدْ تَوَارَثَ بَنُو الْعَبَّاسِ هَذِهِ الْبُرْدَةَ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ كَانَ الْخَلِيفَةُ يَلْبَسُهَا يَوْمَ الْعِيدِ عَلَى كَتِفَيْهِ، وَيَأْخُذُ الْقَضِيبَ الْمَنْسُوبَ إِلَيْهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ) فِي إِحْدَى يَدَيْهِ، فَيَخْرُجُ وَعَلَيْهِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مَا يَصْدَعُ بِهِ الْقُلُوبَ، وَيَبْهَرُ بِهِ الْأَبْصَارَ، وَيَلْبَسُونَ السَّوَادَ فِي أَيَّامِ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ، وَذَلِكَ اقْتِدَاءً مِنْهُمْ بِسَيِّدِ أَهْلِ البدو والحضر، ممن يسكن الْوَبَرَ وَالْمَدَرَ، لِمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ إِمَامَا أهل الأثر، من حديث عن مالك الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، وَفِي رِوَايَةٍ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَفِي رِوَايَةٍ قَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا مسدد، ثنا إسماعيل، ثنا أيوب، عن محمد عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ كِسَاءً وَإِزَارًا غَلِيظًا فَقَالَتْ: قُبِضَ رُوحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَيْنِ، وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ قَالَا: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَاذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا، قُلْتُ: وهذه الأبواب الثَّلَاثَةُ لَا يُدْرَى مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا بعد هذا، وقد تقدم أنه عليه السلام طُرِحَتْ تَحْتَهُ فِي قَبْرِهِ الْكَرِيمِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهَا، وَلَوْ تَقَصَّيْنَا مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي أَيَّامِ حَيَاتِهِ لَطَالَ الْفَصْلُ وَمَوْضِعُهُ كِتَابُ اللِّبَاسِ مِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ
ذِكْرُ أَفَرَاسِهِ وَمَرَاكِيبِهِ عليه الصلاة والسلام
قَالَ ابْنُ إسحاق عن يزيد بن حبيب، عن مرثد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن رزين، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ الْمُرْتَجِزُ، وَحِمَارٌ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، وَبَغْلَةٌ يُقَالُ لَهَا دُلْدُلُ، وَسَيْفُهُ ذُو الْفَقَارِ، وَدِرْعُهُ ذُو الْفُضُولِ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَيْنَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ أَسْمَاءَ أَفَرَاسِهِ الَّتِي كَانَتْ عند الساعديين، لزاز وَاللُّحَيْفَ وَقِيلَ اللُّخَيْفُ وَالظَّرِبَ، وَالَّذِي رَكِبَهُ لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ الْمَنْدُوبُ، وَنَاقَتُهُ الْقَصْوَاءُ وَالْعَضْبَاءُ والجدعاء،
وَبَغْلَتُهُ الشَّهْبَاءُ، وَالْبَيْضَاءُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ مَاتَ عَنْهُنَّ إِلَّا مَا رَوَيْنَا فِي بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَسِلَاحِهِ وَأَرْضٍ جعلها صدقة، ومن ثيابه، وبغلته، وخاتمه ما رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَهُ جُبَّةُ صُوفٍ فِي الْحِيَاكَةِ، وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ: حدثنا مجاهد، عن مُوسَى، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، ثَنَا غَالِبٌ الْجَزَرِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لِقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ لَيُنْسَجُ لَهُ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ، وَهَذَا شَاهِدٌ لِمَا تقدم وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نصير، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كثير، عن حُسَيْنٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُبِضَ وَلَهُ بُرْدَانِ فِي الْجُفِّ يُعْمَلَانِ، وَهَذَا مُرْسَلٌ. وَقَالَ أبو القاسم الطبراني: ثنا الحسن بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، ثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن على ابن عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفٌ قَائِمَتُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَقَبِيعَتُهُ، وكان يسميه ذَا الْفَقَارِ، وَكَانَ لَهُ قَوْسٌ تُسَمَّى السَّدَادَ وَكَانَتْ لَهُ كِنَانَةٌ تُسَمَّى الْجَمْعَ وَكَانَتْ لَهُ دِرْعٌ مُوَشَّحَةٌ بِالنُّحَاسِ تُسَمَّى ذَاتَ الْفُضُولِ، وَكَانَتْ له حربة تسمى السغاء، وَكَانَ لَهُ مِجَنٌّ يُسَمَّى الذَّقَنَ، وَكَانَ لَهُ تُرْسٌ أَبْيَضُ يُسَمَّى الْمُوجِزَ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ أَدْهَمُ يُسَمَّى السَّكْبَ وَكَانَ لَهُ سَرْجٌ يُسَمَّى الدَّاجَ، وَكَانَ لَهُ بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ يُقَالُ لَهَا دُلْدُلُ، وَكَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ تُسَمَّى الْقَصْوَاءَ، وَكَانَ لَهُ حِمَارٌ يُقَالُ لَهُ: يَعْفُورٌ، وَكَانَ لَهُ بساط يسمى الكر، وكان له نمرة تُسَمَّى النَّمِرَ، وَكَانَتْ لَهُ رَكْوَةٌ تُسَمَّى الصَّادِرَ، وَكَانَتْ لَهُ مِرْآةٌ تُسَمَّى الْمِرْآةَ، وَكَانَ لَهُ مقراض يسمى الجاح، وكان له قضيب شوحط يسمى المشوق، قُلْتُ: قَدْ تَقَدَّمَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتْرُكْ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً سِوَى بَغْلَةٍ وَأَرْضٍ [1] جَعَلَهَا صدقة، وهذا يقتضي أنه عليه السلام نَجَزَ الْعِتْقَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ، وَالصَّدَقَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنَ السِّلَاحِ، وَالْحَيَوَانَاتِ، وَالْأَثَاثِ، وَالْمَتَاعِ مِمَّا أَوْرَدْنَاهُ وما لم نورده، وأما بَغْلَتُهُ فَهِيَ الشَّهْبَاءُ، وَهِيَ الْبَيْضَاءُ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَهِيَ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ، صَاحِبُ الاسكندرية واسمه، جريج بن ميناء فِيمَا أَهْدَى مِنَ التُّحَفِ، وَهِيَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاكِبَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ يُنَوِّهُ بِاسْمِهِ الْكَرِيمِ شَجَاعَةً وَتَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ عز وجل، فَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا عُمِّرَتْ بَعْدَهُ حَتَّى كَانَتْ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ وَتَأَخَّرَتْ أَيَّامُهَا حَتَّى كَانَتْ بَعْدَ عَلِيٍّ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَكَانَ يَجُشُّ لَهَا الشَّعِيرَ حَتَّى تَأْكُلَهُ مِنْ ضَعْفِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا حِمَارُهُ يَعْفُورٌ، وَيُصَغَّرُ فَيُقَالُ له عفير، فقد كان عليه السلام يَرْكَبُهُ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي
[1] نسخة وأرضا.
حبيب، عن يزيد بن عبد الله العوفيّ، عن عبد الله بن رزين، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَبُ حِمَارًا يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ ورد في أحاديث عدة أنه عليه السلام ركب الحمار، وفي الصحيحين أنه عليه السلام مَرَّ وَهُوَ رَاكِبٌ حِمَارًا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ الله بن أبى بن سَلُولَ وَأَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، فَنَزَلَ وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَكَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى عِيَادَةِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: لَا أُحْسِنُ مِمَّا تَقُولُ أَيُّهَا الْمَرْءُ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَلَا تَغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الْإِسْلَامُ، وَيُقَالَ إِنَّهُ خَمَّرَ أَنْفَهُ لَمَّا غَشِيَتْهُمْ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ وَقَالَ: لَا تُؤْذِنَا بِنَتْنِ حِمَارِكَ، فَقَالَ له عبد الله ابن رَوَاحَةَ: وَاللَّهِ لَرِيحِ حِمَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَطْيَبُ مِنْ رِيحِكَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ اغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُ ذَلِكَ، فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ وَهَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا فَسَكَّنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَشَكَى إِلَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ. فَقَالَ: ارْفُقْ به يا رسول الله، فو الّذي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بَعَثَكَ اللَّهُ بِالْحَقِّ، وَإِنَّا لننظم له الخدر لنملكه علينا، فلما جاء الله بالحق شَرَقَ بِرِيقِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ رَكِبَ الْحِمَارَ فِي بَعْضِ أَيَّامِ خَيْبَرَ، وَجَاءَ أَنَّهُ أَرْدَفَ مُعَاذًا عَلَى حِمَارٍ، وَلَوْ أَوْرَدْنَاهَا بِأَلْفَاظِهَا وَأَسَانِيدِهَا لَطَالَ الْفَصْلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضُ بْنُ مُوسَى السَّبْتِيُّ فِي كِتَابِهِ الشِّفَا، وَذَكَرَهُ قَبِلُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارٌ يُسَمَّى زِيَادَ بْنَ شِهَابٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُهُ لِيَطْلُبَ لَهُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَيَجِيءُ إِلَى بَابِ أَحَدِهِمْ فَيُقَعْقِعَهُ فَيَعْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطْلُبُهُ، وَأَنَّهُ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُلَالَةُ سَبْعِينَ حِمَارًا كُلٌّ مِنْهَا رَكِبَهُ نَبِيٌّ، وَأَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذهب فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ فَمَاتَ، فَهُوَ حَدِيثٌ لَا يُعَرَفُ لَهُ إِسْنَادٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُوهُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَدْ سَمِعْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ رحمه الله يُنْكِرُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ إِنْكَارًا شَدِيدًا، وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْعَنْبَرِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، ثَنَا إبراهيم ابن سويد الجذوعى، حدثني عبد الله بن أذين الطَّائِيُّ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِخَيْبَرَ حِمَارٌ أَسْوَدُ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عَمْرُو بْنُ فَلَانٍ كُنَّا سَبْعَةَ إِخْوَةٍ كُلُّنَا رَكِبَنَا الْأَنْبِيَاءُ وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ، وَكُنْتُ لَكَ فَمَلَكَنِي رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَكُنْتُ إِذَا ذَكَرْتُكَ كَبَوْتُ بِهِ فَيُوجِعُنِي ضَرْبًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَنْتَ يَعْفُورٌ، هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا.