الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجذع وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا كِتَابًا فِيمَنْ عَاشَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَذَكَرَ مِنْهَا كَثِيرًا، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ مَرِيضٌ يَعْقِلُ فَلَمْ نَبْرَحْ حَتَّى قُبِضَ، فَبَسَطْنَا عَلَيْهِ ثَوْبَهُ وَسَجَّيْنَاهُ، وَلَهُ أَمٌّ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهَا بَعْضُنَا وَقَالَ: يَا هَذِهِ احْتَسِبِي مُصِيبَتَكِ عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ أَمَاتَ ابْنِي؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَتْ: أَحَقٌّ ما تقولون؟ قلنا: نعم، فمدت يدها إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَتِ: اللَّهمّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَسْلَمْتُ وَهَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِكَ رَجَاءَ أَنْ تعينني عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ وَرَخَاءٍ، فَلَا تُحَمِّلْنِي هَذِهِ الْمُصِيبَةَ الْيَوْمَ. قَالَ: فَكَشَفَ الرَّجُلُ عَنْ وَجْهِهِ وَقَعَدَ، وَمَا بَرِحْنَا حَتَّى أَكَلْنَا مَعَهُ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ قَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي دَلَائِلِ النبوة. وقد ذِكْرِ مُعْجِزِ الطُّوفَانِ مَعَ قِصَّةِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَهَذَا السِّيَاقُ الَّذِي أَوْرَدَهُ شَيْخُنَا ذَكَرَ بعضه بالمعنى، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَالْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرٍ الْمُرِّيِّ- أحد زهاء الْبَصْرَةِ وَعُبَّادِهَا- وَفِي حَدِيثِهِ لِينٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ. وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ عَجُوزًا عَمْيَاءَ ثُمَّ سَاقَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ أَنَسٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ، وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِحَضْرَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا إسناد رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَلَكِنْ فِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ عَبْدِ الله بن عون وأنس والله أعلم.
قِصَّةٌ أُخْرَى
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ قَالَ: أَقْبَلُ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَنِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطريق نفق حماره فقام وتوضأ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي جئت من المدينة مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَأَنَا أَشْهَدُ أنك تحيي الموتي وتبعث من في القبور، لَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ مِنَّةً، أَطْلُبُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ أَنْ تَبْعَثَ حِمَارِي، فَقَامَ الْحِمَارُ يَنْفُضُ أُذُنَيْهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ كَرَامَةً لِصَاحِبِ الشَّرِيعَةِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَكَأَنَّهُ عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ قُلْتُ: كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فَذَكَرَهُ قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَأَنَا رَأَيْتُ الْحِمَارَ بِيعَ أَوْ يُبَاعُ فِي الْكُنَاسَةِ- يَعْنِي بِالْكُوفَةِ- وَقَدْ أَوْرَدَهَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ قَوْمِهِ فِي ذلك:
ومنا الّذي أحيى الْإِلَهُ حِمَارَهُ
…
وَقَدْ مَاتَ مِنْهُ كُلُّ عُضْوٍ وَمَفْصِلِ
وَأَمَّا قِصَّةُ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ وَكَلَامُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَشَهَادَتُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ بِالصِّدْقِ فَمَشْهُورَةٌ مَرْوِيَّةٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ صَحِيحَةٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ: زَيْدُ بْنُ خَارِجَةَ الْخَزْرَجِيُّ الأنصاري شهد بدرا وتوفى في زَمَنَ عُثْمَانَ، وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِهِ وَصَحَّحَهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ طريق العتبى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ زيد بن خارجة الأنصاري ثم من الحارث بن الخزرج، توفي زمن عثمان بن عَفَّانَ فَسُجِّيَ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ سَمِعُوا جَلْجَلَةً في صدره، ثم تكلم فقال: أَحْمَدُ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ صَدَقَ صَدَقَ، أَبُو بَكْرٍ الضَّعِيفُ فِي نَفْسِهِ الْقَوِيُّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ صَدَقَ صَدَقَ، عُمَرُ بن الخطاب القوى فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ مَضَتْ أَرْبَعٌ وَبَقِيَتْ ثِنْتَانِ، أتت الفتن وأكل الشديد الضعيف، وقامت الساعة، وسيأتيكم عن جيشكم خير قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ المسيب: ثم هلك رجل من بنى حطمة فسجي بثوبه فسمع جلجلة في صدره، ثم تكلم فقال: إن أخا بنى حارث بْنِ الْخَزْرَجِ صَدَقَ صَدَقَ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا وَأَطْوَلَ، وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ: وَقَدْ روى في التكلم بعد الموت عن جماعة بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قُلْتُ: قَدْ ذَكَرْتُ في قصة سخلة جَابِرٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَكْلِ الْأَلْفِ مِنْهَا وَمِنْ قَلِيلِ شَعِيرٍ مَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ محمد بن المنذر المعروف بيشكر، فِي كِتَابِهِ الْغَرَائِبِ وَالْعَجَائِبِ بِسَنَدِهِ، كَمَا سَبَقَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ عِظَامَهَا ثُمَّ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى فَعَادَتْ كما كانت فتركها في منزله وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْ مُعْجِزَاتِ عِيسَى الْإِبْرَاءُ مِنَ الْجُنُونِ، وَقَدْ أَبْرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي مِنْ ذَلِكَ- هَذَا آخر ما وجدته فيما حَكَيْنَاهُ عَنْهُ. فَأَمَّا إِبْرَاءُ عِيسَى مِنَ الْجُنُونِ، فَمَا أَعْرِفُ فِيهِ نَقْلًا خَاصًّا، وَإِنَّمَا كَانَ يُبَرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَالظَّاهِرُ وَمِنْ جَمِيعِ الْعَاهَاتِ وَالْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ وَأَمَّا إِبْرَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْجُنُونِ، فَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ بِهِ لَمَمٌ مَا رَأَيْتُ لَمَمًا أَشَدَّ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنِي هَذَا كَمَا تَرَى أَصَابَهُ بَلَاءٌ، وَأَصَابَنَا مِنْهُ بلاء، يوجد منه في اليوم ما يؤذى، ثم قالت: مَرَّةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ناولينيه، فَجَعَلَتْهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاسِطَةِ الرَّحْلِ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ وَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثًا وَقَالَ:
بِسْمِ اللَّهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ، ثُمَّ ناولها إياه فذكرت أنه بريء من ساعته وما رابهم شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِوَلَدِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إن به لمما، وأنه يأخذه عند طَعَامِنَا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا طَعَامَنَا، قَالَ: فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ وَدَعَا لَهُ فَثَعَّ ثَعَّةً فَخَرَجَ مِنْهُ مِثْلُ الْجَرْوِ الأسود فشفى غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفَرْقَدٌ فِيهِ كَلَامٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ زُهَّادِ الْبَصْرَةِ، لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ لَهُ شَاهِدٌ وَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ فَرْقَدٍ أيضا عن سعد بن عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْخَبِيثَ قَدْ غلبني، فقال لها: تصبرى على ما أنت عليه وتجيئى يوم القيامة ليس عليك ذنوب ولا