المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - المقدمة

[ابن تيمية]

الفصل: ‌ ‌مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم،

‌مقدمة التحقيق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، فإن «شرح العمدة» لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من الكتب الفقهية المهمة، وهو من أهم كتب المذهب الحنبلي، بل هو أوسع كتب المذهب التي وصلت إلينا، وأغناها من حيث تفصيل الروايات والوجوه، وأقوال الأصحاب المتقدمين، وإفاضة القول في مناقشتها، والترجيح بينها في كل مسألة، على الرغم من النقص الذي اعتراه فلم يكتب المؤلف إلا العبادات، وما وصل إلينا منها اعتراه بعض النقص أيضًا كما سيأتي مشروحًا.

وقد اعتمد عليه مَن بعده من تلامذة المصنف وغيرهم من فقهاء المذهب، كشمس الدين ابن مفلح صاحب «الفروع» ، وشمس الدين الزركشي شارح «مختصر الخرقي» ، وبرهان الدين ابن مفلح صاحب «المبدع» ، وعلاء الدين المرداوي صاحب «الإنصاف» ، فنقلوا منه اختيارات المصنف وترجيحاته، وبعض احتجاجاته، والأقوال الواردة فيه.

ومن المحزن حقًّا أننا لا نعرف للكتاب نسخةً كاملة، وإنما وصل كتاب الطهارة مع قسم من كتاب الصلاة في نسخة محفوظة في الظاهرية. وكانت نسخةٌ بخط الشيخ أبي بكر الجراعي الدمشقي (825 - 883) في القصيم تشتمل على كتب الصلاة والصيام والحج، مع خرم في أول كتاب الصلاة وآخره، وقد نُقِلت منها قبل أن تأكلها الأرضة نسختان، فهما في الحقيقة بمنزلة نسخة واحدة. وعن هذه النسخ حُقِّق الكتاب ونُشِر من قبل، في أجزاء

ص: 5

متفرقة، وأزمنة مختلفة، على أيدي عدد من الباحثين الأفاضل.

وكان أسبقهم الدكتور سعود بن صالح العطيشان الذي حقّق قسمًا من كتاب الطهارة من نسخة الظاهرية في رسالته للماجستير سنة 1403، ثم أكمل تحقيق سائر كتاب الطهارة، ونشرته مكتبة العبيكان بالرياض سنة 1412.

ثم حقّق الدكتور صالح بن محمد الحسن كتاب المناسك منه في رسالته للدكتوراه سنة 1405، وطُبع في مكتبة الحرمين بالرياض سنة 1409 في مجلدين، وطبع مرةً ثانية (مع كتاب الطهارة) في مكتبة العبيكان بالرياض سنة 1413 في ثلاثة مجلدات. وصدرت له طبعة ثالثة عن دار المنهاج بالرياض سنة 1433 في مجلد ضخم.

وحقّق قسم الصيام الشيخ زائد بن أحمد النشيري، ونشرتْه دار الأنصاري سنة 1417 في مجلدين.

أما كتاب الصلاة، فحقق معظم الموجود منه الدكتور خالد بن علي بن محمد المشيقح، وطبعته دار العاصمة بالرياض سنة 1418 في مجلد كبير. وباب صفة الصلاة منه طبعته دار العاصمة أيضا بتحقيق الدكتور عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن حمود المشيقح سنة 1429 في مجلد صغير.

وننوّه هنا أن لآل مشيقح فضلًا مضاعفًا في إحياء هذا الكتاب، فقد خدموه مرتين: مرة إذ تجشَّم الشيخ علي بن إبراهيم بن صالح بن حمود المشيقح (ت 1428) رحمه الله نقلَ الكتاب من نسخة الجُراعي التي كانت عند الشيخ فهد بن عبيد العبيد. ومرة أخرى إذ نهض بعضهم بتحقيق بعض أجزائه كما سلف. فالله يجزيهم جميعًا على حسن مسعاهم في الحفاظ على

ص: 6

الكتاب وخدمته ونشره.

تبين مما سبق أن ما وصل إلينا من أجزاء الكتاب بدأ نشره سنة 1409، وانتهى سنة 1429. وكان بعض أقسام الكتاب قد حقق ضمن رسائل علمية، فاختلف منهجها عن منهج الأقسام الأخرى في التقديم والتعليق على الكتاب والفهارس.

وكان الشيخ العلامة بكر أبو زيد رحمه الله يتمنى ــ وكلُّ محبّ لتراث شيخ الإسلام ــ لو صدر الكتاب كلُّه مجتمعًا على نسق واحد، ومحقَّقًا على منهج واحد، فأدرج ضمن خطة مشروع آثار شيخ الإسلام وما لحقها من أعمال. وصح العزمُ على إخراجه في خطة هذا العام 1435، فخططنا لتحقيقه على طريقة موحّدة، واقتسمه ثلاثة باحثين.

ومن المؤسف أن ستًّا وعشرين سنة مضت على صدور المجلد الأول من هذا الكتاب، ولكن لم يُعثر في هذه المدة على شيء من القسم المفقود، ولا على نسخة جديدة من المتيسر الموجود؛ اللهم إلا قطعة من أول كتاب الصلاة تقابل 28 ورقة من نسخة الظاهرية، وقطعة جديدة من باب صلاة الخوف تنشر لأول مرة في هذه الطبعة، وقطعة في ورقتين من كتاب الصيام. وقد نمى إلينا خبر وجود كتاب الزكاة في إحدى المكتبات الخاصة بالرياض، وأن الشيخ عبد الله بن عقيل (ت 1432) رحمه الله قد اطلع على هذه القطعة ونقل منها، وما زلنا نبحث عمن يفيدنا بخبر عنها تأكيدًا أو نفيًا. ثم رأينا أخيرًا ورقة بخط الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله يذكر فيها أن في مكتبة الشامسي بالشارقة مجلدًا من شرح العمدة لشيخ الإسلام. ولا ندري من خبر هذا المجلد إلا هذه الإشارة، وقد سألنا عن مكتبة الشامسي

ص: 7

فلم نعثر على خبر عنها حتى الآن، فلعلّ قابل الأيام تكشف لنا من خبر نسخ هذا الكتاب ما كان خافيًا.

ونسخة الظاهرية التي تحوي كتاب الطهارة وقسمًا من كتاب الصلاة مشحونة بالأغلاط والأسقاط، وتحقيق الكتاب عن نسخة فريدة ــ ولا سيما إذا كانت كما وصفت ــ مدحضة وأي مدحضة! ونسختا الأقسام الأخرى أحسن حالًا من نسخة الظاهرية، ولكنهما منسوختان من أصل واحد، فكأنهما نسخة فريدة أيضًا.

ونقول هنا اعترافًا بالفضل للسابق: إن الطبعة السابقة التي أخرجها من سبقنا من الفضلاء عن النسخ المذكورة هي الخطوة الأولى في إخراج الكتاب، وكانت بلا شكّ خطوة مباركة مشكورة. وطبعتنا هذه خطوة ثانية، استفادت من الجهود السابقة، وصححت كثيرًا من التصحيفات والتحريفات التي فاتهم تصحيحها، وخالفت كثيرًا من قراءاتها، واستدركَتْ ما سقط منها من ألفاظ وعبارات في مواضع ليست بالقليلة. والقطعة التي عثرنا عليها من كتاب الصلاة كشفت عن تحريف عجيب في نسخة الظاهرية، إلى أخطاء أخرى، منها ورود بعض الفقرات في غير مكانها الصحيح.

وقد بذل المشتركون في هذا العمل ما في وسعهم تحقيقًا وتخريجًا ومراجعة، فإليهم جميعًا يرجع الفضل ــ بعد توفيق الله عز وجل ــ فيما حظيت به هذه الطبعة من الصحة والإتقان. فشكر الله سعيهم، وأجزل مثوبتهم.

ومع كل ذلك، لا نظنّ أن طبعتنا قد خلت من الوهم والغلط، فذلك ما لا سبيل إليه، ولا مطمَع فيه، إذ لم يكن بين يدي المحقّق إلا نسخة فريدة، ولا سيما مثل نسخة الظاهرية. وكلّ ما نرجوه أن تكون طبعتنا هذه ــ بعد ما

ص: 8

بُذِل فيها من جهد جهيد مضموم إلى الجهد السابق ــ أقرب إلى الصحة. ونحن نعلم أنه قد بقي في الكتاب خلل كثير لم تقو عليه يدُ الإصلاح، ومنه ما يحتاج تقويمه إلى بصر نافذ، ومنه ما لا يكشف عنه إلا العثور على نسخة جديدة جيدة. ونرجو الله أن يقيِّض لنا ولهذه الطبعة من الكتاب ناقدًا بصيرًا وقارئًا حصيفًا، يبين لنا ما خفي علينا، وينبهنا على ما غفلنا عنه من وجوه الصواب، متفضلًا مشكورًا.

وننوه بجهود الأخ الشيخ نبيل بن نصّار السِّندي الباحث في المشروع، الذي لم يقتصر عمله على تخريج أحاديث كتاب الحج وآثار كتاب الصوم وصنعِ بعض الفهارس، بل قرأ الكتاب كاملًا قراءة دقيقة وأفاد في تصحيحه في مواضع عديدة. كما شارك الأخ الفاضل عبد القادر محمد جلال في تخريج طائفة من أحاديث كتابي الطهارة والصلاة.

وقد تفضل الدكتور عبد الله المنيف بالمساعدة في تصوير قطعة من الكتاب في مكتبة الملك فهد الوطنية، وكذلك الأخ الشيخ سامي جاد الله إذ أرسل إلينا قطعة من الكتاب في شرح باب صلاة الخوف. وهي قطعة جديدة لم تنشر من قبل، عثر عليها ضمن أحد المجاميع العمرية. وتفضل الأخ الكريم محمد العتيبي بالمساعدة في تصوير ورقات من كتاب الصوم كانت محفوظة في مكتبة وزارة الأوقاف بالكويت، فجزاهم الله خير الجزاء.

وقد تولّى الأخ خالد محمد جاب الله صف الكتاب وإخراجه، وصنع فهارس الآيات والأحاديث والأعلام، فله الشكر منا والتقدير.

وندلف الآن إلى مباحث التعريف بالكتاب:

ص: 9