المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ القسم الأول - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - المقدمة

[ابن تيمية]

الفصل: ‌ القسم الأول

(2) كتاب الصلاة

هذا الكتاب تقاسمته نسختان ونشرتان. فقد وجد قسم منه في آخر نسخة الظاهرية، ومعظمه في نسخة آل مشيقح. أما في الطباعة، فحقق القسم الأكبر منه الدكتور خالد بن علي بن محمد المشيقح، وطبعته دار العاصمة بالرياض سنة 1418 في 632 صفحة. وقد ترك لأمرٍ ما من أول باب صفة الصلاة إلى آخر النسخة، فحققه الدكتور عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن حمود المشيقح، وطبعته دار العاصمة أيضا سنة 1429 في 218 صفحة. وفيما يأتي كلمة عن كل قسم فيما يتعلق بتصحيح النص.

1)‌

‌ القسم الأول

وهو من أول كتاب الصلاة إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة. وذكر المحقق في مقدمته (ص 21) أن القسم المحقق قسمان، القسم الأول من أول كتاب الصلاة إلى نهاية الفصل الثالث من باب الأذان، واعتمد فيه على نسخة الظاهرية. والقسم الثاني من قوله: «مسألة: ويقول في أذان الصبح

» إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة، و اعتمد فيه على نسخة الشيخ علي بن إبراهيم المشيقح.

ولما وصل المحقق إلى آخر القسم الأول (ص 104) أورد مسألتين: الأولى: «والأذان خمس عشرة جملة، لا ترجيع فيه، والإقامة إحدى عشرة» . والثانية: «وينبغي أن يكون المؤذن أمينا

يحدر الإقامة». وعلق بأن المسألتين مع شرحهما ساقطتان من شرح العمدة، ثم نقل شرحهما من كتب المصنف الأخرى. وبدأ القسم الثاني من «مسألة: ويقول في أذان الصبح .. ».

ص: 51

يفهم من صنيع المحقق أولًا: أن كلام المصنف في أول باب الأذان والإقامة كان في ثلاثة فصول، وقد تمَّ في نسخة الظاهرية. وتبعه الكلام على المسألتين المذكورتين في نسخة المشيقح، وقد ذهب به الخرم. وثانيا: أن نسخة المشيقح قد بدأت بمسألة «ويقول في أذان الصبح» . وكلا الأمرين غيرصحيح.

أما الأمر الأول، فقد جاء في خاتمة نسخة الظاهرية: يتلوه في المجلد الثاني: «فصل والأذان والإقامة لكل صلاة مكتوبة فرض على جميع الناس» . فتبين أن هذا الفصل ساقط أيضًا. ولا ندري قد تكون فصول أخرى سقطت معه. وكان ينبغي للمحقق أن يثبت عنوان هذا الفصل في الكتاب.

وأما الأمر الثاني، فإن نسخة المشيقح لم تبدأ بالمسألة المذكورة، بل قبلها أكثر من ستة أسطر من نص الكتاب: «والإقامة. وقال أيضًا: كانوا يجزمون التكبير. وفي لفظ: الأذان جزم، والتكبيرجزم، والتسليم جزم، والقراءة جزم، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقطع قراءته

» إلخ. وقد أغفل المحقق هذا النص برمَّته دون إشارة.

وقد بيَّن المحقق منهجه في نشر الكتاب في عدة نقاط، ومنها:«تصحيح ما قد يوجد من خطأ في النص، كالأخطاء في الأعلام أو الأخطاء النحوية أو في بعض ألفاظ الحديث ونحو ذلك، فإن الناسخ في أول هذا الجزء إلى ص (83) قد يضيف حروفا أو كلمات زائدة أو ينقصهما، فيصحح ذلك مع الإشارة إلى ذلك في التعليق غالبًا» . المقدمة (ص 5).

القسم الأول الذي اعتمد فيه على نسخة الظاهرية بدايته من (ص 27)، وانتهى في (ص 104). وقضية هذا الغالب أنّا لا نجد في هذا القسم كله ــ وهي نحو 77 صفحة ــ أكثر من 12 تعليقًا من هذا النوع، مع أن مواضع

ص: 52

كثيرة كانت بحاجة إلى التثبت والتعليق عند التصرف. ومنها:

- ص 87: ذكر المصنف أدلة على أن للصلاة شأنًا انفردت بها على سائر الأعمال، وأولها أن الصلاة سماها الله إيمانا. وجاء ضمن الكلام عليه في المطبوع: «

هذا مع أنه خروج عما عليه أهل التفسير، وعما يدل عليه كلام الباري، لأن الله افتتح أعمال الصالحين بالصلاة، فقال:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)}

».

قلت: صوا ب هذه العبارة كما جاء في الأصل: «

وعما يدل عليه الكلام. الثاني: أن الله افتتح

». لم ينقط الناسخ حرف الثاء في كلمة «الثاني» ، ولكن نقطة النون واضحة. ولكن المحقق لما قرأها «الباري» حذف الألف واللام من لفظ الكلام قبله لتستقيم العبارة. ولما وجد بعد ذلك الثالث والرابع والخامس إلى الثالث عشر، وفقد الثاني من أجل تصحيفه هو، غيَّر الثالث إلى الثاني، والرابع إلى الثالث، وهكذا إلى الثالث عشر الذي أصبح عنده الثاني عشر. ولم يشر إلى كل هذا التصرف أدنى إشارة!

والواقع أن المحقق كان جريئا جدًّا في التصحيح، غير ناظر إلى اللفظ الوارد في النسخة ورسمه فيها، فكان يغيِّر ويزيد وينقص دون إشارة إلا قليلا. وإليكم أمثلة أخرى:

- ص 439: روي عن يزيد بن أبي مالك، قال: كان واثلة بن الأسقع يصلي بنا صلاة الفريضة في المقبرة، غير أنه لا يستتر بقبر. فحمله المصنف على وجهين، الثاني منه:«أو لم يبلغه نهيُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها، فلما سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم ينهى عن الصلاة إليها تنحى عنها؛ لأنه هو راوي هذا الحديث ولم يبلغه النهي عن الصلاة فيها عمل بما بلغه دون ما لم يبلغه» .

ص: 53

قوله: «تنحى عنها» زيادة من المحقق، أفسدت سياق كلام المصنف، فإن جواب «لما سمع» جاء فيما بعد، وهو:«عمِل بما بلغه» . ولا بأس على المحقق في خفاء السياق عليه، ولكن البأس كلّ البأس في إخفاء تصرفه، وعدم الإشارة إليه في الحاشية.

- ومثله في الصفحة التالية (440): «فالأرض التي هي عطن أو مقبرة أو حمام هي مسجد، لكن اتخاذها لمّا وُجد له مانع عرض لها إخراجها عن حكمها» .

في الأصل بعد «لما» بياض يسع كلمتين أو ثلاثًا، فوضع المحقق مكانه كلمة «وجد» ، ومشى دون تنبيه على وجود بياض في الأصل، ولا على ما فعله هو.

- جاء في الأصل (ص 187): «وكذلك عند القاضي والشريف أبو جعفر وغيرهما الباب في ذلك بأن كل بقعة نهي عن الصلاة فيها مطلقا لم تصح الصلاة فيها

». فعلق ناسخه على «أبو جعفر» بأن الصواب: أبي جعفر. وعلق على «الباب في ذلك» بقوله: «لعله: في ذلك الباب» . أما المحقق الفاضل، فأثبت (ص 512): «

أبي جعفر وغيرهما طرد الباب في ذلك

». فاختار تصحيح الناسخ في «أبو جعفر» ، وزاد كلمة «طرد» من كيسه، ومضى بلا تنبيه.

وهنا ملحوظة أخرى على منهج المحقق. قد سبق أن نسخة المشيقح تحمل في حواشيها قراءات واجتهادات في تصحيح ما ورد في المتن، وكثير منها بدأت بـ «لعل» ، وختمت بـ «كاتبه» . والمحقق كثيرًا ما يستفيد منها ويثبتها، ولكن لا يشير إليها.

ص: 54