الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6) قطعة جديدة من كتاب الصلاة
قطعة من كتاب الصلاة وجدت ضمن مجموع محفوظ في المكتبة الظاهرية برقم 40 من مجاميع المدرسة العمرية. وهي ست ورقات (258 - 263)، وفي كل صفحة سبعة عشر سطرًا.
يظهر أن هذه الأوراق كانت جزءا من نسخة من الكتاب، ثم فارقتها لسبب من الأسباب، وضُمَّت إلى هذا المجموع. فليس في أولها ولا في آخرها ما يدل على عنوانها أومؤلفها، أوناسخها أو تاريخ نسخها. ثم كتب بعضهم في أعلى الورقة:«قطعة في الصلاة» . ولما وضع الأستاذ ياسين محمد السواس فهرس مجاميع المدرسة العمرية سماها (ص 213): «مسائل في الصلاة» .
هذه القطعة في صلاة الخوف، وبدايتها: «في التشهد الأول من الثلاثية والرباعية أو في القيام؟ على وجهين، وما فعلته من ذلك جاز
…
».
وبعد أسطر ذكر الصفة الثانية من صفات صلاة الخوف، ثم الصفات الأخرى. فدلَّ ذلك على أن ما ضاع من الباب شرح أوله مع الكلام على الصفة الأولى.
ثم جاء عنوان «مسألة» بحرف كبير، ونصها:«وإذا اشتد الخوف صلَّوا رجالا وركبانا إلى القبلة أو غيرها يومئون بالركوع والسجود ..... » . وهذا نص كتاب العمدة للموفق.
ولما انتهى شرح باب الخوف جاء عنوان بارز آخر هكذا: «باب صلاة الجمعة مسألة كل من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة إذا كان مستوطنا ببناء بينه وبينها فرسخ فما دون، إلا المرأة ..... وانعقدت به» .
وهذا أيضا نص كتاب العمدة للموفق. ثم تلاه قول الشارح: «في هذا الكلام فصول، الفصل الأول: الجمعة واجبة» . وهذا آخر ما في القطعة.
وتبين من ذلك أن القطعة من أحد شروح العمدة. وقد وقف عليها الأخ الفاضل سامي بن محمد جاد الله، وأتحفنا بها جزاه الله خيرا، لما غلب على ظنه كونها من شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وذكر قرائن منها:
1 -
أن نفس شيخ الإسلام ظاهر في الكلام على المسائل الواردة في هذه القطعة.
2 -
أن صاحب القطعة لم يتعرض إلى الخلاف العالي، وهذا أيضا منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة.
3 -
أن بعض الكلام الوارد في هذه القطعة يشبه إن لم يطابق كلام شيخ الإسلام في مواضع أخرى من كتبه.
4 -
أن المؤلف قال عقب باب صلاة الجمعة: «في هذا الكلام فصول، الفصل الأول: الجمعة واجبة» . وقد استخدم شيخ الإسلام هذا الأسلوب في أكثر من موضع من شرح العمدة.
5 -
وأيضا من عادة صاحب القطعة تقديم ذكر أحمد في عزو الحديث إلى مخرجيه، وهي طريقة شيخ الإسلام في شرح العمدة.
قلنا: وقد صدق ظنّ الأخ الفاضل، فالذي قرأ شرح العمدة لشيخ الإسلام لن يخالجه شك في كون هذه الأوراق قطعة من الشرح نفسه. ونؤيده بشاهدين من داخل الشرح:
الأول: أن المصنف أحال في صلاة أهل الأعذار على موضع سيأتي في
كتابه، وقد جاء الموضع المحال عليه في هذه القطعة بنصه. وتفصيل ذلك أنه ذكر في فصل العذر في الصلاة على الراحلة ثلاثة أسباب منها الخوف، وقال:«فأما الخوف، فمثل الذي يخاف في نزوله من عدوه أو انقطاعه عن الرفقة ....... فإنه يصلي على حسب حاله، كما يصلي الخائف من العدو، على ما سنذكره إن شاء الله» (خ 191).
واقرأ الآن قول المصنف في هذه القطعة: وإن كان راكبا يخاف من نزوله انقطاعه عن القافلة صلَّى على حسب حاله» (262/ب).
الثاني: أن من اختيارات شيخ الإسلام جواز اقتداء المفترض بالمتنفل خلافا للمذهب. في المبدع (2/ 88): «(ويصح ائتمام المفترض بالمتنفل) في رواية نقلها إسماعيل بن سعيد وأبو داود، واختارها المؤلف وصاحب «النصيحة» و» التبصرة» والشيخ تقي الدين». وانظر: «الفروع» (2/ 441). وفي مجموع الفتاوى (23/ 384): أن في المسألة ثلاث روايات عن الإمام أحمد، والثالثة منها أنه يجوز عند الحاجة كصلاة الخوف. قال الشيخ:«وهو اختيار جدنا أبي البركات، لأن النبي صلى الله علي وسلم صلى بأصحابه بعض الأوقات صلاة الخوف مرتين. وصلى بطائفة وسلَّم، ثم صلَّى بطائفة أخرى وسلَّم» .
وفي القطعة التي بين أيدينا أورد حديث أبي بكرة التي أشير إليها في نص مجموع الفتاوى، ثم قال: «فهذه الصفة التي منعها القاضي وغيره على أنه لا يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل
…
قال طائفة من أصحابنا: يجوز هذا في الخوف
…
».
ثم قال: «وهذا كله يدل على اقتداء المفترض بالمتنفل عند الحاجة،
وحال الخوف حال حاجة
…
».
ليس في القطعة كما سبق تاريخ النسخ، ولكن الظاهر أنها كتبت في القرن الثامن. وهي بخط نسخي واضح، فيه نقط وضبط وتصحيحات تدل على المقابلة على الأصل. وقد وقع بياض في (258/أ) بقدر كلمة فكتب مكانه «صح» .
لا تخلو النسخة من سقط أوتصحيف في مواضع. ومن أمثلة التصحيف: «روى بن عباس الدرقي» ، وصوابه:«أبو عياش الزرقي» . وتصحف «الأشتر» إلى «الأسير» ، و «الهرير» إلى «الهربه» ، و «يقابلون» و «فقابلوهم» إلى «يقاتلون» و «قاتلوهم» . وحرَّف الناسخ كلمة «آمرة» إلى «مَرَّة» ، وضبطها بفتح الميم والراء المشددة!
ذكر الأستاذ ياسين محمد السواس في الفهرس المذكور أن أوراق النسخة مخرومة من أسفلها. وقد وقع هذا الخرم في أطرافها اليسرى، فانثنت، ثم ذهبت. وقد فطن لها بعضهم، فتدارك أمرها قبل ذهابها، ونقل الكلمات التي كادت تتلف من كل سطر إلى بداية السطر التالي، فجزاه الله خيرا.
(تنبيه): ذكر د. علي الشبل في «الأثبات»
(1)
أن للكتاب نسخة في المتحف البريطاني بلندن، صوَّرها الشيخ عبد الله بن دهيش قاضي مكة رحمه الله في رحلته إلى لندن للعلاج. وقد راجعنا ابنه الدكتور عبد الملك بن دهيش رحمه الله، وسألناه عن هذه النسخة فلم يعرف لها خبرًا، ثم بحثنا عنها في مكتبته وفهارسها وفي مكتبة المتحف البريطاني، فلم نجد لها أثرًا.
(1)
(ص 144 - 145).