الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القدر المشروح من «العمدة»
سبقت الإشارة إلى أن الكتاب في أربعة مجلدات، وصرَّح ابن عبد الهادي في «العقود الدرية» (ص 58) أنه شرح فيه قطعة من كتاب العمدة في الفقه للشيخ موفق الدين، وكذا ذكر المرداوي في مقدمة «الإنصاف» (1/ 24):«قطعة من شرح العمدة» للشيخ تقي الدين.
ويستفاد منه أن الشيخ لم يشرح «العمدة» كاملًا، واقتصر على تأليف أربعة مجلدات منه. ثم وجدنا في «الذيل على طبقات الحنابلة» لابن رجب (4/ 522 - تحقيق العثيمين) تعليقًا نقله المحقق من إحدى نسخ الكتاب، فقال: جاء في هامش نسخة (ب) ما يلي: «يقول كاتب هذه الأحرف الفقير عبد الله الطلباني
(1)
: بل ثمان مجلدات استنسخها والدي، وكانت عنده، ثم استوليتُ عليها بعد وفاته بقريب ثمان سنين بعد (كذا، ولعل الصواب: بقي) منها سبعة، والثامن كان موقوفًا بعد والدي على أولاده، فكان تحت يد أخي طلحة، لأنه كان الأرشد، ولكن لم يكن بدمشق ــ أظنّ ــ ولا في غيرها أكثر من أربعة إلّا عندنا. فإن الذي كتبها لوالدي تتبَّعها من كراريس وأوراق متفرقة بالقاهرة بخط الشيخ تقي الدين، وقد اندرست أماكن كثيرة من الخط، فكان في المجلدات الأواخر من نسختنا بياضات، كثيرة في بعض الأماكن في الصفحة الواحدة عليه (كذا، ولعل الصواب: عدّة) بياضات. وإنما ذكرتُ ذلك لتحقيق الثمان مجلدات (كذا). ولهذا الكلام بسطٌ وإيضاح لا يليق بهذا الهامش، أذكره إن شاء الله في غيره».
(1)
. لم نجد ترجمته ولا ترجمة أبيه وأخيه في المصادر.
نقول: هذا التعليق يفيد أنه كان هناك نسخة من الكتاب في ثمان مجلدات، وأن الذي نسخها كان قد تتبَّعها من كراريس وأوراق متفرقة بالقاهرة بخط الشيخ تقي الدين، وأن النسخة الكاملة منه لم تكن توجد في دمشق ولا في غيرها إلا عند الطلباني.
ولكنه لا يدلُّ على نهاية القدر المشروح من «العمدة» ، ولا على أن المؤلف شرح ما بعد كتاب الحج. بل البياضات الكثيرة التي كانت في المجلدات الأواخر من تلك النسخة (كما ذكر المعلِّق) يوجد مثلُها في شرح كتاب الحج في المجلد الرابع من نسخة (س) والمجلدين الخامس والسادس من نسخة (ق)، مما يفيد أن عدد المجلدات في النسخ كان مختلفًا، فبعضها كانت أربع مجلدات كما أشار إليه ابن رجب وغيره، وبعضها كانت ست مجلدات كما في نسخة الجُراعي التي سيأتي وصفها، وبعضها كانت ثمان مجلدات كما ذكره الطلباني. وجميع النقول من الكتاب في الكتب المتأخرة تتعلق بالطهارة وأبواب العبادات، كما سيأتي
(1)
.
هذا ما يتعلق بالقدر الذي ألَّفه الشيخ. أما ما وصلنا من الكتاب فيحوي: كتاب الطهارة، وبعض أبواب كتاب الصلاة، وكتاب الصيام، وكتاب الحج. ولم يصلنا شرح كتاب الزكاة وأبوابٍ كثيرة من كتاب الصلاة، ولعلّ ما فُقِد منه يقارب نصف الكتاب أو أقل بقليل، والله أعلم.
(1)
. يوجد في «الإنصاف» (باب الصلح) 5/ 189، 190 نقلٌ عن «شرح العمدة» ، وهو ضمن كتاب الصلاة هنا (2/ 488). وذكر مرة في كتاب الصيام (3/ 229) أنه سيأتي استكمال الكلام على المسألة في كتاب العتق، ولعل هذا ما كان يأمله ولم يتم.
ومن لطيف الاتفاق أن الشيخ اقتصر على شرح أبواب العبادات في «شرح العمدة» ، وفي كتابه الآخر ــ المفقود حتى الآن ــ «شرح المحرر» اقتصر على أبواب البيوع والنكاح وأدب القاضي، كما تدلُّ عليه النصوص المقتبسة منه في «الإنصاف»
(1)
. وشرحه (أو تعليقته) على «المحرر» كان في عدة مجلدات، ولم يبيَّض، كما في مصادر ترجمته
(2)
. ولو وُجد الكتابان بتمامهما لاطلعنا على شرحه لأبواب العبادات والمعاملات جميعًا على طريقة الفقه المذهبي. وقد فتّشنا عنهما في فهارس المكتبات في العالم فلم نجد إلا هذه الأجزاء التي ننشرها من «شرح العمدة» . ولعل الله يُحدِث بعد ذلك أمرًا.
(1)
. ينظر (4/ 200، 238، 240، 308)، (8/ 21، 22، 161)، (11/ 222).
(2)
. انظر «العقود الدرية» (ص 58) و «الجامع لسيرة شيخ الإسلام» (ص 357، 380، 394، 483، 610، 619).