المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ بكاء الألم

الله عليه وسلم فلبث تسعا وعشرين ليلة ثم نزل) (1)

وقد يكون من دواعي الحزن رؤية تفريط الناس في دينهم وذهاب هيبته من نفوسهم، أو رؤية المنكرات، لاسيما عند عدم القدرة على تغييرها كما حكى الزهري رحمه الله قال:(دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت ما يبكيك فقال لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت)(2)

-‌

‌ بكاء الألم

ومما لا يقدر الإنسان على منع نفسه منه دمعة تنزل لتألمه ألما نفسيا أو جسميا، فالدموع مظهر طبيعي للتعبير عن تألم الإنسان يشترك فيها الكبير والصغير، وإن كان بعض الناس أجلد من بعض، ومن أمثلة ذلك في السنة ما حدث به ابن عباس:(أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس يا عباس إلا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو راجعته قالت يا رسول الله تأمرني قال إنما أنا أشفع قالت لا حاجة لي فيه)(3)

(1) أخرجه البخاري في باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجوز من اللباس والبسط ج5/ص2197،، ومسلم في الطلاق / باب في الإبلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى وإن تظاهرا عليه ج2/ص1105 والترمذي في تفسيرا لقرآن/ باب ومن سورة التحريم 5/420 (رقم 3318) ،، وأبو عوانة في باب الخبر المبين أن الرجل إذا قال لامرأته اختاري 3/168،، وأحمد 217

(2)

أخرجه البخاري في باب تضييع الصلاة عن وقتها ج1/ص198،، وأحمد في باقي مسند المكثرين 11539، 12691

(3)

أخرجه البخاري في باب خيار الأمة تحت العبد ج5/ص2023،، وأبو داود في باب في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد 2/270،، والنسائي باب إشارة الحاكم بالرفق 8/245،، وابن ماجة في باب خيار الأمة إذا عتقت 1/671،، وابن حبان باب ذكر الخبر المصرح بأن زوج بريرة كان عبدا10/96،، والدارمي في باب سنن الدارمي

باب في تخيير الأمة تكون تحت العبد فتعتق ج2/ص223،، والبيهقي في باب الأمة تعتق وزوجها عبد7/222

ص: 82

فهو يبكي عليها لما كان بينهما من العلاقة المشروعة، ثم تألم لما عتقت وتأبت عليه فكان يتبعها ويبكي، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم البكاء بل رق له وتشفع فيه.

ومن بكاء الألم بكاء الصبي فإنه يبكي جوعا ويبكي خوفا، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقدر بكاءه ويشفق على أمه التي تسمع بكاءه وهو في الصلاة فيخفف صلاته رأفة بها وبه كما صح عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إني لأدخل في الصلاة فأريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه)(1)

(1) أخرجه البخاري باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي ج1/ص250،، وباب صلاة النساء خلف الرجال 1/296،، ومسلم في باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام 1/342،،وباب اعتدال أركان الصلاة وتخفيها في تمام 1/343،،وأبو نعيم في المسند المستخرج على صحيح مسلم المسند المستخرج على صحيح مسلم باب كيف ينبغي للناس أن يصلوا مع الإمام ج2/ص84،،وابن حبان في ذكر خبر ثان قد يوهم من لم يحكم صناعة العلم 5/205،،وباب ذكر ما يستحب للإمام أن تكون صلاته بالقوم خفيفة 5/510،، وابن خزيمة باب تقدير الإمام الصلاة بضعفاء المأمومين 3/50،،وأبو داود باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث 2/316،،والنسائي في باب الرخصة للأمام في التطويل 2/95،،وفي الكبرى باب ما على الإمام من التخفيف1/290 والترمذي في باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

2/214،، وابن ماجة باب الإمام يخفف الصلاة إذا حدث أمر 1/317،، والدارقطني في باب تخفيف القراءة لحاجة 2/86،، والبيهقي في باب الإمام يخفف القراءة للأمر يحدث 2/393،،وأبو عوانة في المسند 2/88، 2/421

ص: 83

وحينما يكون البكاء منهم على أمر يخالف مصلحتهم فإنه يحتمل ولا يؤبه به كع أنهم لا يلامون عليه ولا يوبخون، كما روي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة وأول من يدخل عليها إذا قدم فاطمة فقدم من غزاة له وقد علقت مسحا أو سترا على بابها وحلت الحسن والحسين قلبين من فضة فقدم فلم يدخل فظنت أن ما منعه أن يدخل ما رأى فهتكت الستر وفككت القلبين عن الصبيين وقطعته بينهما فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما يبكيان فأخذه منهما وقال يا ثوبان اذهب بهذا إلى آل فلان أهل بيت بالمدينة إن هؤلاء أهل بيتي أكره أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا يا ثوبان اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج)(1)

(1) رواه أبو داود في باب ما جاء في الانتفاع بالعاج ج4/ص 87 من طريق مسدد قال ثنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن حميد الشامي عن سليمان المنبهي عن ثوبان،، والبيهقي في باب المنع من الادهان في عظام الفيلة 1/26من الطريق نفسه، وهذا إسناد ضعيف، الشامي والمنبهي مجهولان، قال ابن حجر في التقريب.

ص: 84