الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِي نَوْمِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي مَكَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَبُوسِهِ بُرْدَهُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ دَارَ الْهِجْرَةِ
4083 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَضَّاحُ وَهُوَ أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَلْجٍ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ:" إِنِّي لَجَالِسٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ تِسْعَةُ رَهْطٍ، فَسَأَلُوهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَالَ: " كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ خَدِيجَةَ رضي الله عنها، وَلَبِسَ ثَوْبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَامَ، فَجَعَلَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ كَمَا يَرْمُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَهَبَ نَحْوَ بِئْرِ مَيْمُونٍ فَاتْبَعْهُ، فَدَخَلَ مَعَهُ الْغَارَ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ عَلِيًّا رضي الله عنه حَتَّى أَصْبَحَ "
⦗ص: 272⦘
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَوَجَدْنَا فِيهِ لَبُوسَ عَلِيٍّ رضي الله عنه ثَوْبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَوْمَهُ وَهُوَ عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهِ وَهُمْ يَرَوْنَهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنِ احْتِمَالِهِ لِذَلِكَ، وَدَوَامِهِ عَلَيْهِ، فَاحْتُمِلَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِيَّاهُ بِذَلِكَ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كَانَ بِفِعْلِهِ إِيَّاهُ ذَلِكَ لَا بِأَمْرٍ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ بِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِبُعْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، وَلِتَقْصِيرِ الْمُشْرِكِينَ عَنْ إِدْرَاكِهِمْ إِيَّاهُ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ هَلْ نَجِدُ شَيْئًا يَدُلُّنَا عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ كَانَ فِيهِ
4084 -
فَوَجَدْنَا فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ رضي الله عنه: " لَمَّا انْطَلَقَ، يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَقَامَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَكَانِهِ، وَأَلْبَسَهُ بُرْدَهُ، فَجَاءَتْ قُرَيْشٌ يُرِيدُونَ أَنْ يَقْتُلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ عَلِيًّا وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَلْبَسَهُ بُرْدَهُ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَتَضَوَّرُ، فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ رضي الله عنه، فَقَالُوا: إِنَّهُ لَيَأْلَمُ، لَوْ كَانَ صَاحِبَكُمْ لَمْ يَتَضَوَّرْ، لَقَدِ اسْتَنْكَرْنَا ذَلِكَ " فَعَقَلْنَا لِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ لَبُوسَ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَمِيصَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَوْمَهُ فِي مَكَانِهِ كَانَا بِفِعْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ بِهِ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَدْ ظَنَّ بِرُؤْيَتِهِ عَلِيًّا رضي الله عنه حَيْثُ رَآهُ أَنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه مَا قَالَ لَهُ مِنْ إِعْلَامِهِ إِيَّاهُ بِالْمَكَانِ الَّذِي قَصَدَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْ عَلِيٍّ إِلَّا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ بِهِ، وَإِعْلَامُهُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه إِيَّاهُ لِيَلْحَقَ بِهِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَصَدَ إِلَيْهِ، وَانْقَطَعَ مَا كَانَ مِنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه بَعْدَ ذَلِكَ، وَتَفَرَّدَ أَبُو بَكْرٍ بِالصُّحْبَةِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَالدُّخُولِ فِي الْخَوْفِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَاحْتِمَالِ الْجَهْدِ الَّذِي كَانَا صَارَا إِلَيْهِ، وَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ إِنَّمَا كَانَ بَعْضَ لَيْلَةٍ، وَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه كَانَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي
⦗ص: 274⦘
ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَالْبِضْعُ مِنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشْرِ فَكَانَ جُمْلَةُ ذَلِكَ سِتَّ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، كَانَ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ وِقَايَتِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ، وَمِنَ الْخَوْفِ وَالْجَهْدِ الَّذِي كَانَا عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى قَدِمَا دَارَ الْهِجْرَةِ، فَاخْتَصَّ اللهُ عز وجل أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه لِذَلِكَ بِالذِّكْرِ فِي كِتَابِهِ مَعَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَفْرَدَهُ بِذَلِكَ دُونَ سَائِرِ أَصْحَابِهِ، وَأَعْلَمَهُمْ عز وجل أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ