الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَقْضِي بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي الْمُرَادَاتِ بِقَوْلِهِ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [
النساء: 24]
3927 -
حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ:" أَصَبْنَا نِسَاءً يَوْمَ أَوْطَاسٍ وَلَهُنَّ أَزْوَاجٌ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَقَعَ عَلَيْهِنَّ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] فَاسْتَحْلَلْنَاهُنَّ "
3928 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ التَّيْمِيِّ، أَوِ الْبَتِّيِّ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ:" نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سَبْيِ أَوْطَاسٍ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] "
⦗ص: 74⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُحْصَنَاتِ الْمُرَادَاتِ بِمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَنْ هُنَّ؟ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما فِي ذَلِكَ:
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، قَالَ عَلِيٌّ:" الْمُشْرِكَاتُ إِذَا سُبِينَ حَلَلْنَ بِهِ " وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: " الْمُشْرِكَاتُ وَالْمُسْلِمَاتُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَلَى الْمُحْصَنَاتُ الْمَسْبِيَّاتُ الْمَمْلُوكَاتُ بِالسِّبَاءِ، وَكَانَ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ
⦗ص: 75⦘
عَلَى اللَّاتِي طَرَأَتْ عَلَيْهِنَّ الْإِمْلَاكُ مِنَ الْإِمَاءِ بِالسِّبَاءِ وَبِمَا سِوَاهُ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ يَقُولُ: بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَقَدْ خَالَفَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا تَأَوَّلَا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَيْهِ، فَتَأَوَّلَهَا عَلَى خِلَافِهِ
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابُ اللهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24]، قَالَ:" لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَوْقَ أَرْبَعَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ فَهِيَ عَلَيْهِ مِثْلُ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ " فَكَانَ الْمُحْصَنَاتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُرَادَاتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُنَّ الْأَرْبَعُ اللَّاتِي يَحْلِلْنَ لِلرَّجُلِ دُونَ مَنْ سِوَاهُنَّ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي تَأْوِيلِهَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ هَذَا الْوَجْهِ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24]، قَالَ:" هُنَّ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ مُوَافِقًا لِعَلِيٍّ أَوْ مُوَافِقًا لِابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي إِخْبَارِهِ بِالسَّبَبِ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ مَا قَدْ حَقَّقَ فِي تَأْوِيلِهَا مَا تَأَوَّلَهَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ حَقَّقْتَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا مَا حَقَّقْتَهُ مِنْ تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ حَدِيثٌ فَاسِدُ الْإِسْنَادِ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ
3929 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحٌ أَبُو الْخَلِيلِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجُلٌ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ:" فِينَا نَزَلَتْ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] ، قَالَ: " سَبْيَنَا نِسَاءً فِيهِنَّ نِسَاءٌ لَهُنَّ أَزْوَاجٌ، فَجَعَلَ أَحَدُنَا يَكْرَهُ أَنْ يَطَأَ الْمَرْأَةَ مِنْ أَجْلِ زَوْجِهَا،
⦗ص: 77⦘
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ السِّبَاءُ، {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] " فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ بِفَاسِدِ الْإِسْنَادِ كَمَا ذُكِرَ، وَلَكِنْ صَالِحٌ لَمْ يُسَمِّ لِلْبَتِّيِّ الرَّجُلَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي سَعِيدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ سَمَّاهُ لِقَتَادَةَ فِيهِ
3930 -
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، وَهُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقُوا عَدُوًّا، فَقَاتَلُوهُمْ، فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ، فَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاجٌ فِي الْمُشْرِكِينَ، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَحَرَّجُونَ مِنْ غِشْيَانِهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، أَيْ: هُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إِذَا مَضَتْ عِدَدُهُنَّ " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ الْمَسْكُوتَ عَنِ اسْمِهِ فِي حَدِيثِ الْبَتِّيِّ هُوَ أَبُو عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيُّ
⦗ص: 78⦘
فَقَالَ قَائِلٌ: وَهَلْ أَبُو عَلْقَمَةَ هَذَا مِنَ الْمَشْهُورِينَ فِي الْعِلْمِ، الْمَأْخُوذِ مِثْلُ هَذَا عَنْهُ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ هَذَا رَجُلٌ جَلِيلُ الْمِقْدَارِ فِي الْعِلْمِ، قَدْ رَوَى عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
3931 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:" رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ وَعِنْدَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا، وَوَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ هَذَا الْوُضُوءَ "
3932 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
⦗ص: 79⦘
وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ
3933 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عَلْقَمَةَ حَلِيفٌ فِي بَنِي هَاشِمٍ، فَتَتَابَعْتُ إِلَيْهِ أَنَا وَعَلِيٌّ الْأَزْدِيُّ، فَكَانَ مِمَّا حَدَّثَنَا أَنْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالشُّحُّ، وَيُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنَ الْأَمِينُ، وَتَظْهَرَ ثِيَابٌ كَأَفْوَاجِ السَّحَرِ، يَلْبَسُهَا نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، وَيَعْلُو التُّحُوتُ الْوُعُولَ " أَكَذَاكَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ سَمِعْتَهُ مِنْ حِبِّي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قُلْتُ: وَمَا التُّحُوتُ الْوُعُولَ؟ قَالَ: فُسُولُ الرِّجَالِ، وَأَهْلُ الْبُيُوتَاتِ الْغَامِضَةِ، يُرْفَعُونَ فَوْقَ صَالِحِيهِمْ وَأَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ "
⦗ص: 80⦘
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى جَلَالَةِ مِقْدَارِ أَبِي عَلْقَمَةَ هَذَا، وَأَنَّهُ مِنْ جِلَّةِ التَّابِعِينَ، وَأَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ صَالِحٌ أَبُو الْخَلِيلِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ
3934 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَلْقَمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ يَقُولُ: " أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَشَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ "
⦗ص: 81⦘
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَلْقَمَةَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ مَا لَا أُحْصِي مِنْ مَرَّةٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مَا لَا أُحْصِي مِنْ مَرَّةٍ يَقُولُ: " مَنْ قَالَ بَعْدَ الصُّبْحِ سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ مِثْلَ ذَلِكَ، غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ "
⦗ص: 82⦘
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعَاهُ جَمِيعًا فَقَالَ قَائِلٌ: مَنْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ أَبِي عَلْقَمَةَ الَّذِي قَبْلَ هَذَا؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ، كَذَلِكَ يَقُولُهُ يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، فَثَبَتَ لَنَا بِذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثُ، وَجَازَ لَنَا أَنْ نَحْتَجَّ بِهِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، وَعَقَلْنَا أَنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرْنَا بِهِ، وَقَدْ كَانَ وَقَعَ إِلَى نَاحِيَةِ الْمَغْرِبِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ إِفْرِيقِيَّةَ فِي لَيَالِي الْأُمَوِيِّينَ وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النِّسَاءَ اللَّاتِي نَزَلَتْ فِيهِنَّ هَذِهِ الْآيَةُ هُنَّ النِّسَاءُ اللَّاتِي سُبِينَ دُونَ أَزْوَاجِهِنَّ، فَأَمَّا الْمَسْبِيَّاتُ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَنَا لَا يَبِنَّ مِنْهُمْ بِالسِّبَاءِ كَذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا بِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ بِتَفْرِيقِ الدَّارِ بَيْنَهُمْ وَتَبَايُنِ أَحْكَامِهِمْ، فَأَمَّا إِذَا تَسَاوَوْا فِي ذَلِكَ فَلَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَوْ
⦗ص: 83⦘
خَرَجُوا إِلَيْنَا بِأَمَانٍ، لَكَانُوا عَلَى نِكَاحِهِمْ، وَلَوْ خَرَجُوا إِلَيْنَا بِذِمَّةٍ مُرَاغِمِينَ لِأَهْلِ دَارِهِمْ، مُتَمَسِّكِينَ بِأَدْيَانِهِمْ، كَانُوا عَلَى نِكَاحِهِمْ، وَإِنْ مَلَكْنَاهُمْ بِوُقُوعِ أَيْدِينَا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَلَوْ جَاءَنَا أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ، وَخَلَّفَ صَاحِبَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، انْقَطَعَ النِّكَاحُ الَّذِي بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ، فَالسِّبَاءُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فِي الْحُكْمِ كَذَلِكَ وَسَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: هَلْ عَلَى السَّبَايَا ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ إِذَا سُبِينَ دُونَ أَزْوَاجِهِنَّ، فَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَهُمْ مِنْ عِدَّةٍ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي رَوَيْتَهُ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّمَا عَلَى مَالِكِيهِنَّ اسْتِبْرَاؤُهُنَّ عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَا فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّبَايَا:" لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ " وَفِيهِنَّ الْأَزْوَاجُ وَغَيْرُ الْأَزْوَاجِ، وَتَلَقَّى الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ بِالْقَبُولِ فَقَالُوا بِهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ، وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ مُضِيِّ الْعَدَدِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ رُوَاتِهِ، فَكَانَ مَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ