الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَازِي يَغُلُّ مِنْ قَتْلِهُ وَمِنْ إِحْرَاقِ رَحْلِهِ
4240 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهُوَ ابْنُ زَائِدَةَ قَالَ: " دَخَلْنَا أَرْضَ الرُّومِ مَعَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَغَلَّ رَجُلٌ، فَبَعَثَ مَسْلَمَةُ إِلَى سَالِمٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ قَدْ غَلَّ، فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ، وَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ " وَكَانَ فِي مَتَاعِهِ - أُرَاهُ قَالَ -: مُصْحَفٌ، فَسَأَلَ سَالِمًا، فَقَالَ: بِيعُوهُ، وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ "
4241 -
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 447⦘
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَعَهُ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ غَلَّ، فَحَدَّثَهُ سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" مَنْ غَلَّ فَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ، وَاضْرِبُوهُ " فَجَمَعَ مَسْلَمَةُ مَتَاعَهُ، فَأَحْرَقَهُ إِلَّا مُصْحَفًا كَانَ فِيهِ "
4242 -
وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْغَزْوِ، فَوَجَدَ إِنْسَانًا قَدْ غَلَّ، فَدَعَى سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي،
⦗ص: 448⦘
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ قَدْ غَلَّ، فَاضْرِبُوهُ، وَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ "، فَوَجَدَ فِي رَحْلِهِ مُصْحَفًا، فَسُئِلَ سَالِمٌ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: بِيعُوهُ وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ "
4243 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاخْتَلَفَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَلَى الدَّرَاوَرْدِيِّ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَمْ يَذْكُرْ مُوسَى فِيهِ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ ابْنِ عُمَرَ أَبَاهُ عُمَرَ، وَذَكَرَهُ نُعَيْمٌ فِي إِسْنَادِهِ، وَاخْتَلَفَا فِيمَا يُفْعَلُ بِهِ بَعْدَ إِحْرَاقِ رَحْلِهِ، فَقَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ:" وَاضْرِبُوا عُنُقَهُ "، وَقَالَ نُعَيْمٌ فِي حَدِيثِهِ:" وَاضْرِبُوهُ " وَأَوْلَى الْحَدِيثَيْنِ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَاهُ مُوسَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي أَيْدِي النَّاسِ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِهِمَا، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ فِي حَدِيثِهِ الْأَمْرُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، وَإِحْرَاقِ مَتَاعِهِ لِلْغُلُولِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ وَإِنْ كُنَّا لَمْ نَسْمَعْ بِهَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا وَجَدْنَا أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَيْهِ غَيْرَ مَكْحُولٍ، فَإِذَا وَجَدْنَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ:
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ جَابِرٍ الْأَزْدِيَّ،
⦗ص: 449⦘
عَنْ مَكْحُولٍ وَغَيْرِهِ قَالُوا: " إِذَا وُجِدَ الْغُلُولُ فِي رَحْلِ الْغَازِي، أُحْرِقَ مَتَاعُهُ " وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ أَصْحَابِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ هَذَا تَضْعِيفَ رِوَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِسْقَاطٍ مِنْهُمْ لَهَا، فَتَأَمَّلْنَا حَدِيثَهُ هَذَا هَلْ نَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل أَوْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يُخَالِفُهُ أَمْ لَا؟ فَوَجَدْنَا اللهَ عز وجل قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: 38] ، فَأَخْبَرَ عز وجل أَنَّ الَّذِيَ أَمَرَ بِهِ فِيهِمَا مِنْ قَطْعِ أَيْدِيهِمَا جَزَاءً لِمَا كَانَ مِنْهُمَا، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنْ لَا جَزَاءَ لَهُمَا فِيمَا كَانَ مِنْهُمَا غَيْرُ قَطْعِ أَيْدِيهِمَا، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى سَرِقَتِهِمَا مَا هُوَ مَالٌ لِغَيْرِهِمَا لَا حَظَّ لَهُمَا فِيهِ، وَكَانَ الْغَالُّ مِنَ الْغَنَائِمِ غَالًّا لِشَيْءٍ لَهُ فِيهِ حَظٌّ، فَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّهُ إِذَا كَانَ غَيْرَ وَاجِدٍ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِحْرَاقُ رَحْلِهِ كَانَ إِذَا كَانَ لَهُ فِيهِ حَظٌّ أَحْرَى أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ فِي غُلُولِهِ مِنْهُ إِحْرَاقُ رَحْلِهِ، فَانْتَفَى بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي غُلُولِهِ إِحْرَاقُ رَحْلِهِ، وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنَ الْوُجُوهِ الْمَقْبُولَةِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ:" كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ، أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ نَفْسٍ بِنَفْسٍ " وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ دَمُهُ يَحِلُّ بِمَا سِوَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَكَانَ مَا ذُكِرَ فِي
⦗ص: 450⦘
الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ ضَرْبِ عُنُقِهِ فِيهِ غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ، فَكَانَ فِيمَا رُوِّينَاهُ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ الْمَقْبُولَةِ مَا قَدْ نَفَى ذَلِكَ فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحُكْمُ كَانَ بَعْدَمَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ الْمَقْبُولَةِ، فَلَحِقَ بِهَا فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ، غَيْرَ أَنَّا لَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ عَلَيْنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا كَانَ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْآثَارِ لَمْ يَجُزْ لَنَا إِلْحَاقُهُ فِيهَا، وَكَانَ الْحَظْرُ عِنْدَنَا عَلَى حَالِهِ حَتَّى تَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَيْنَا بِإِطْلَاقِ شَيْءٍ مِمَّا فِي ذَلِكَ الْحَظْرِ فَنُطْلِقَهُ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ