الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يُتَطَوَّعُ بِهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الْمَوْطِنِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ
4103 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا "
4104 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ يَعْنِي الثَّوْرِيَّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، ثُمَّ
⦗ص: 298⦘
ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4105 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4106 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4104 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4108 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبْيَضُ بْنُ أَبَانَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ،
⦗ص: 299⦘
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا، فَلْيُصَلِّ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا " قَالَ عُبَيْدٌ: فَقُلْتُ لِأَبْيَضَ: إِنَّ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي بِهِ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا " قَالَ: ذَاكَ مَا سَمِعَ سُفْيَانُ، وَذَا مَا سَمِعْتُ أَنَا، أَمَا إِنِّي أَخَذْتُ كِتَابَ سُهَيْلٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا هُوَ الْأُمَوِيُّ، وَسَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ يَقُولُ: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: بَنُو سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ خَمْسَةٌ: عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَكَانُوا بِبَغْدَادَ كُلُّهُمْ إِلَّا عُبَيْدَ بْنَ سَعِيدٍ، وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِهِمْ، رَوَى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَلَمْ يَكْتُبْ عَنْهُ كُتُبَهُ أَحَدٌ، وَكَانَ صَاحِبَ سُلْطَانٍ هُوَ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِّيتُمْ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُهَيْلٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَرْبَعًا وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ:
4109 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ
⦗ص: 300⦘
حَبِيبٍ الْقُومَسِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعًا " فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ مِمَّنْ قَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ أَنْ يُصَلُّوهُ فِي الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ انْصِرَافٍ مِنْهُمْ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ بُيُوتِهِمْ وَمِمَّا سِوَاهَا، وَمِمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ مِمَّا فِي حَدِيثِ الْهَرَوِيِّ هَذَا؛ فَلِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ مِنْهُ فِي بَيْتِهِ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ:
4110 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَدَفَعَهُ، وَقَالَ:" أَتُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَرْبَعًا؟ قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَيَقُولُ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "
4111 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْقَسْمَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ فَصَلَّى سَجْدَتَيْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ
4112 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ لَا فِي الْمَسْجِدِ، وَعَلَى امْتِثَالِ ابْنِ عُمَرَ ذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ وَاقْتِدَائِهِ بِهِ فِيهِ، فَكَانَ يُصَلِّيهِمَا فِي بَيْتِهِ، لَا فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ صَلَّى
⦗ص: 302⦘
صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّاهَا فِيهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ حَتَّى يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَكَلَّمَ
4113 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ يَسْأَلُهُ: مَاذَا سَمِعَ مِنَ مُعَاوِيَةَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ؟، فَقَالَ:" صَلَّيْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ، قُمْتُ لِأَتَطَوَّعَ، فَأَخَذَ بِثَوْبِي، فَقَالَ: " لَا تَفْعَلْ حَتَّى تَقَدَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِذَلِكَ "
4114 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْبَكْرَاوِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ التَّقَدُّمِ وَمِنَ الْكَلَامِ يُبِيحُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مِنَ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ بِعَقِبِ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ الَّتِي صَلَّاهَا فِيهِ، وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَا يُطْلِقُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ، وَيُطْلِقُهُ فِي بَيْتِهِ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَيْهِ، فَكَانَ تَصْحِيحُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ هَذِهِ
⦗ص: 303⦘
الْآثَارِ أَنَّ الَّذِي حَظَرَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هُوَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ بِرَكْعَتَيْنِ هُمَا شَكْلٌ لِلْجُمُعَةِ فِي عَدَدِهَا، وَأُرِيدَ مِنْ مُصَلِّي الْجُمُعَةِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِيمَا سِوَى الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ تِلْكَ الْجُمُعَةِ، كَمَا أَمَرَ مَنْ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: أَتُصَلِّيهِمَا أَرْبَعًا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا الْبَابِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَكَانَ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا " عَلَى أَرْبَعٍ مِنْ غَيْرِ شَكْلِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَالْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ، فَأَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّاهَا فِيهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ شَكْلِهَا وَهُوَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَمَا فَوْقَهَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ الْكَلَامُ، أَوِ التَّقَدُّمُ الْمَذْكُورَانِ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ جَعَلَ لَهُ التَّطَوُّعَ قَبْلَهَا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَعَادَ تَصْحِيحُ مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ إِلَى إِطْلَاقِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ بِمَا لَا يُشْبِهُ الْجُمُعَةَ فِي عَدَدِهَا، وَالْمَنْعُ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَهَا مِثْلَهَا، وَأَمَرَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ الِانْصِرَافِ عَنْهُ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ، أَوْ مِمَّا سِوَاهَا وَهَذِهِ سُنَنٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجِبُ عَلَى مَنْ وَقَفَ عَلَيْهَا وَعَقَلَهَا حَمْدُ اللهِ عَلَى مَا آتَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَا النَّاسَ أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَ الْجُمُعَةِ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
⦗ص: 304⦘
اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ:" قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ، فَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا، فَقَدِمَ بَعْدَهُ عَلِيٌّ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ، صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا، فَأَعْجَبَنَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَاخْتَرْنَاهُ " وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
⦗ص: 305⦘
قَالَ: وَكَانَ مَا رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا كَانَ يُصَلِّيهِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ هِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ الْمَسْجِدِ إِذْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ شَكْلِ الْجُمُعَةِ، وَكَانَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَهَا سِتًّا عَلَى إِطْلَاقٍ لِذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كَانَ يُصَلِّي الْأَرْبَعَ أَوَّلًا، ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَهَا الْأَرْبَعَ، فَكَانَ الْأَوْلَى بِنَا أَنْ نَجْعَلَ مَا كَانَ يُصَلِّيهِ أَوَّلًا مِنْ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ الْأَرْبَعَ، ثُمَّ الرَّكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَ مِنْ شَكْلِ الْجُمُعَةِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ مِنْ شَكْلِهَا، وَلَا يَكُونُ ذِكْرُ الرَّكْعَتَيْنِ مُقَدَّمًا فِي الْحَدِيثِ عَلَى ذِكْرِ الْأَرْبَعِ مَانِعًا أَنْ يَكُونَ رَاوِي ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى الْأَرْبَعَ قَبْلَهُمَا؛ لِأَنَّهُمْ عَرَبٌ، وَالْعَرَبُ قَدْ تَسْتَعْمِلُ هَذَا فِي كَلَامِهَا، فَتَذْكُرُ الشَّيْئَيْنِ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ أَحَدِهِمَا عَلَى ذِكْرِ الْآخَرِ، وَالْمُؤَخَّرُ مِنْهُمَا فِي الذِّكْرِ قَدْ كَانَ مُقَدَّمًا فِي الْفِعْلِ عَلَى الْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا فِي الذِّكْرِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، قَالَ اللهُ عز وجل:{يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] ، فَذَكَرَ الرُّكُوعَ مُؤَخَّرًا وَهُوَ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي يُصَلِّيهَا الْمُسْلِمُونَ، وَفِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يُصَلُّونَهَا قَبْلَهُمْ مُقَدَّمٌ عَلَى السُّجُودِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل فِي آيِ الْمَوَارِيثِ:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]، وَ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] ، وَ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] فَكَانَ ذِكْرُ الدَّيْنِ فِيهَا مُؤَخَّرًا عَلَى ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ، وَكَانَ الْمُرَادَ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه
⦗ص: 306⦘
فِي صَلَاتِهِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْأَرْبَعَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يَمْنَعُ ذِكْرَ الرَّاوِي لِذَلِكَ عَنْهُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ ذِكْرِهِ الْأَرْبَعَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْبَعُ مُرَادَاتٍ أَنْ تَكُونَ مُقَدَّمَاتٍ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ قَبْلَهَا حَتَّى تَكُونَ هَذِهِ الْآثَارُ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَلَا يُخَالِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَمِمَّا قَدْ وَكَّدَ تَقْدِيمَ الْأَرْبَعِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ،
⦗ص: 307⦘
عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ: " أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ صَلَاةٍ مِثْلَهَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالرَّكْعَتَانِ هُمَا لِلْجُمُعَةِ مِثْلٌ، وَالْأَرْبَعُ لَيْسَ لَهَا بِمِثْلٍ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى وَاللهُ أَعْلَمُ أَطْلَقَ فِي حَدِيثِ الْأَبْيَضِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ فِي التَّطَوُّعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَنْ تَكُونَ أَرْبَعًا إِذْ كَانَ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فِي عَدَدِهَا، وَخُولِفَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَلَمْ يُطْلِقْ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ كَانَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ شَكْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَأَمَرَ أَنْ تَكُونَ فِي الْبُيُوتِ بِخِلَافِ الْمَوْضِعِ الَّذِي تُصَلَّى فِيهِ صَلَاةُ الْفَجْرِ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَوْطِنَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ