الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخذت ثقة أبي بكر تزداد به وتعظم، وعندما استمده خالد بن الوليد عند منصرفه إلى العراق أمده به، فقيل له: أتمده رجلًا انفض عنه جنده برجل؟ فأجاب أبو بكر: "لا يهزم جيش فيه مثل القعقاع"1.
وقد أيدت الحوادث ثقة أبي بكر، فلم يهزم جيش كان فيه القعقاع خلال الفتوح في العراق والشام، فقد كان صمام أمن المسلمين في كل معركة اشترك فيها، وإن لم يكن قائدها؛ إذ يكون المسلمون أقرب ما يكونون إلى الهزيمة فإذا به يلوح في الأزمات فيبدل هزيمتهم نصرًا مؤزرًا، مثله مثل السهم الأخير في الْجَعْبَة، وقد صدق حين قال عن نفسه في هذا المعنى:
يدعون قعقاعًا لكل كريهة
…
فيجيب قعقاع دعاء الهاتف2
1 الإصابة ج5/ 244.
2 الإصابة ج5/ 245.
2-
القعقاع فارس الفتوح:
رافق القعقاع خالد بن الوليد في فتح العراق إلى أن فصل معه إلى الشام، ثم كان على مقدمة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، الذي قاد جيش العراق وعاد به إلى القادسية. وغزا بعد ذلك مع سعد بن أبي وقاص، والنعمان بن مقرن في نهاوند. ولا نسمع عنه شيئًا بعد هذا في الفتوح.
وقد أبلى القعقاع بلاء رائعًا في المعارك التي اشترك فيها، ويكاد بلاؤه يصور ملحمة رائعة، تضعه في زمرة الفاتحين المعدودين في تاريخ الحروب قاطبة، وأكاد أتصوره فتى قويًّا ليس بضخم الجثة، بل أميل إلى النحول. عيناه واسعتان تبرقان بذكاء حاد، عريض الجبهة، كثيف الحاجبين، يرتسم على وجهه ما يعبر عن القسوة والصرامة، مقطب الجبين، مفكرًا مطرقًا في أغلب أوقاته، يتبع قائده المظفر خالد بن الوليد، ويتابعه ويتأثر به، حتى ليكتسب منه صفات الجرأة والمبادرة، وكثيرًا من خدع الحرب.
وفي أول التقاء بين خالد والفرس -بقيادة هرمز عند الحفير- يفقد خالد حكته أمام تحدي القائد الفارسي له، عندما دعاه للنزال فيرمي إليه بنفسه، وبينما هما يختلفان ضربتين احتضنه خالد يريد قتله، فإذا بأهل فارس يغتنمونها فيشدون يريدون قتل خالد وإنقاذ
قائدهم من بين يديه، فإذا بظل القائد "القعقاع" يخرج من بين الصفوف فيحمل عليهم حملة عنيفة مفاجئة، ويهزمهم هزيمة نكراء1.
واشترك القعقاع مع خالد في فتح الحيرة، ولما فصل خالد إلى الأنبار في طريقه إلى دومة الجندل لم يجد بين أمرائه أحدًا خيرًا من القعقاع، فخلفه على الحيرة ولم يكد خالد يرتحل حتى ثار العراق، وكذلك فعل أهل الحيرة ظانين أن الحظ واتاهم، وسرعان ما راح القعقاع يدافع بني تغلب -الموتورين لمقتل عقة- وبعث بالأنباء إلى خالد، فطار من دومة إلى الحيرة؛ حيث خلف عليها عياضًا، وأطلق القعقاع إلى الحصيد، وقد أمده من روحه بقوة على قوته، ولم يثبت له العجم، فقتل قائدهم، وفر جيشهم، وفر الفالة إلى الخنافس، فتابعهم، ففروا. وفي المصيخ تواعد خالد والقعقاع وأبو ليلى بن فدكي؛ حيث ملئوا الفضاء بجثث القتلى.
وعندما أمر أبو بكر خالدًا بالتوجه إلى الشام ضن خالد بالقعقاع، فرفض أن يتركه للمثنى2. وفي الشام أبلى القعقاع في كل المعارك التي شهدها بلاء حسنًا، وكان على كردوس من كراديس القلب، يفعل أفاعيله بالروم حتى انتصر المسلمون3. وشهد مع خالد فتح دمشق، وتربص معه عند أسوارها، وقد اتخذ حبالًا كهيئة السلالم، وعبرا مع نفر من شجعان المسلمين الخندق عائمين على القرب، وأثبتا حبالهما في السور وتسلقا، ثم انحدرا، والمسلمون من خلفهما يتبعونهما، حتى فتحوا باب دمشق وتدفق إليها المسلمون، ثم شهد وقعة فحل حتى فتحت، وكان له فيها بلاء مذكور.
وبعد الفتح سيره أبو عبيدة على مقدمة هاشم إلى العراق. وبينما كان المسلمون والفرس مشغولين -بدفن قتلاهم صباح يوم أغواث- كان القعقاع يسرع السير في ألف من جند هاشم على مقربة من القادسية، وأعمل حيلته ليشد مقدمه عزائم المحاربين في هذه الموقعة الخطيرة فقسم رجاله الألف إلى عشر فرق، وعهد إليهم ألا تسير فرقة حتى تكون الفرقة التي سبقتها على مدى البصر، وسار على رأس الفرقة الأولى، وبلغ سعدًا
1 البلاذري 242.
2 الطبري ج4، ص2093.
3 الإصابة ج5، ص244.
قبل استئناف القتال فبشر المسلمين بالمدد، وانطلق يتقدم الصفوف يستفتح القتال، قائلًا للمسلمين: اصنعوا كما أصنع، ونادى:"من يبارز؟ " فخرج له من يقول: أنا بهمن جاذويه، فإذا بالقعقاع يصيح: يا لثارات أبي عبيد وسليط وأصحاب يوم الجسر، وانقض عليه فأورده حتفه، فتنشط الناس وفعلوا كفعله، وكان كلما رأى فرقة تتقدم كبر فكبر المسلمون، وهجموا، وهم يرون فعاله بالفرس وتدفق الجند فحملوا، والقعقاع يصيح: باشروهم بالسيوف فإنما يحصد الناس بها.
واتصل القتال إلى منتصف الليل، حتى لم يعد أحد من الفريقين يرى الآخر، والقعقاع يزاحف الفرس حتى زاحفهم ثلاثين زحفًا، وقتل في كل زحف فارسًا1 حتى استحق في آخر هذا اليوم فرسًا من عدة أفراس وسيوف أرسلها الخليفة لتقسم في أهل النجدة والبلاء. وقد قام هو وبنو عمه بحيلة بارعة؛ إذ برقعوا إبلًا وجللوها، منتهزين غياب الفيلة في ذلك اليوم -لتقطع وضنها يوم أرماث- وكان للإبل في هذا اليوم بلاء كبلاء الفيلة في اليوم السابق.
ونام المسلمون والفرس ليلتهم، بينما أخذ القعقاع يسرب جنده طوال الليل إلى المكان الذي قدموا منه، على أن يقدموا بالطريقة ذاتها، فإن أدركهم هاشم وجاء بمن معه فذاك، وإلا جددوا للناس رجاء في المدد، فزادهم هذا الرجاء إقدامًا.
ووقف الفارس الذكي عند الفجر في المؤخَّرة يتطلع ناحية الصحراء، فلما بدأت خيله تقبل كبر وكبر الناس، وتبعهم جند هاشم يتلاحقون دراكًا، ونشب القتال وفعلت الفيلة فعلها، ورأى سعد بأسها، وخشي أن تتكرر مقتلة بني أسد، فأرسل إلى القعقاع وعاصم أخيه، وطلب إليهما أن يكفياه الفيل الأبيض -وكان بإزائها- فترجل القعقاع وأخوه ووضعا رمحيهما في عيني الفيل، الذي تراجع من الألم، فطرح سائسه وولى مشفره، فضربه القعقاع بسيفه فاختلت صفوف الفرس، وحمي وطيس القتال. ولما كبر طليحة بأسفل المخاضة ارتاع أهل فارس، وظنوا جيوش المسلمين قد غدرت بهم، وظن المسلمون أن الفرس فتكوا برجالهم، وأغار عمرو بن معديكرب على جماعة من الفرس، فتقدموا زاحفين، وسقط صديق القعقاع "خالد بن يعمر التميمي" مجندلًا في
1 الإصابة ج5/ 244.
دمائه، وكان صادق الحملة على الأعداء، فإذا به ينقلب وحشًا ضاريًا، يطيح برءوس الفرس بسيفه من غير أن يستأذن سعدًا الذي راح يقول:"اللهم اغفرها له وانصره، فقد أذنت له وإن لم يستأذني"1. ولحقت بالقعقاع القبائل، فحملت خلفه، وظلت أصوات الفرسان عالية حتى تقدم الليل فخفتت. وسيطرت قعقعة السلاح على الأسماع، بات الجيشان يقتتلان أعنف قتال وأقساه. والحرب تدور حول القعقاع وهو يرتجز ويسير في الناس قائلًا: إن الدائرة بعد ساعة لمن بدأ القوم، فاصبروا ساعة واحملوا، فإن النصر مع الصبر، حتى كان النصر، فتابع المنهزمين في جنده يأسرون من نجا من القتل.
وها هو في جند سعد، وقد وقف نهر دجلة يحول بينهم وبين المدائن، وهم ينظرون إلى تدافع مياهه، ويأتي ببعض الفرسان يسألهم: كيف العبور؟ فدلوه على مخاضة في النهر تخاض إلى صلب الوادي؛ لكنه خشي عادية التيار على جنده، فلما أتاه النبأ بأن يزدجرد حمل خزائنه إلى حلوان جمع الجند، وراح يدعوهم إلى العبور، وانتدب حامية تحمي الجند من ذوي البأس، وكان أول من انتدب عاصم بن عمرو ومعه ستون نفرًا، وهو يصرخ فيهم:{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا} واقتحم النهر وزملاؤه معه. فلما رأى القعقاع الفرسان يتقدمون في سبحهم مد بصره فرأى الفرس يتهيئون للقائهم فسرعان ما انتدب ستمائة دفع بهم إلى النهر، والفرس مذهولون يقولون: إنكم لا تقاتلون إنسًا، وبعد أن دخل المسلمون المدينة طارد القعقاع بن عمرو فارسيًّا فقتله وأخذ منه عيبتين، فيهما أسياف وأدراع لكسرى، وهرقل، ولخاقان الترك، ولموك آخرين2.
ثم ها هو بعد ذلك يعينه الخليفة عمر باسمه على مقدمة هاشم بن عتبة ليأتي جلولاء، وقد تحصن الفرس بها مستميتين في الدفاع عنها، فحاصرها المسلمون ثمانين يومًا، والأمداد تأتي إليهم من المدائن، وتأتي إلى الفرس من جلولاء، وكان الفرس يخرجون ليزاحفوا المسلمين متى شاءوا ثم يعودون إلى حصونهم منهزمين. وأيقن الفرس أنهم سائرون إلى الهزيمة لو استمر الأمر هكذا، ورأوا أن يباغتوا المسلمين. وذات يوم
1 الطبري ج5، ص2232.
2 الإصابة ج5، ص245.
باغتوهم صباحًا بأهوال الرماح حتى نفد النشاب من الفريقين، وصلى المسلمون الظهر إيماء، ووقف القعقاع يخطب في جنده: أهالكم ما رأيتم أيها المسلمون؟ قالوا: نعم، إنا كالون وهم مريحون. قال القائد الذي لا يعرف إلا النصر: بل إنا حاملون عليهم ومجددون في طلبهم حتى يحكم الله بيننا، فاحملوا عليهم حملة رجل واحد حتى نخالطهم، وحمل فحمل المسلمون. ورأى القعقاع الناس يتحاجزون لإقبال الليل فنادى -وقد دبر في نفسه أمرًا:"أين أيها المسلمون، هذا أميركم على باب خندقهم فأقبلوا عليه"، فحملوا على الخندق، وهم يظنون هاشمًا بالخندق، فاقتتلوا قتالًا أشبه بليلة الهرير، فلما انتهوا إلى باب الخندق لم يجدوا إلا القعقاع1، ورأوا الفرس ينهزمون أمامهم، ويحول الخندق بينهم وبين الارتداد إلى المدينة، فأخذهم المسلمون حتى قتل منهم مائة ألف، وفر من بقي إلى حلوان. فأتبعهم القعقاع فأدرك مهران فقتله، وفر الفيرزان إلى حلوان ينهب الأرض؛ ليخبر يزدجرد بهزيمة جلولاء، وانتهى إلى الري. وقدم القعقاع حلوان؛ حيث خرج إليه حماتها فقاتلوه قتالًا عنيفًا، ثم انهزموا أمامه2. ولما فكر عمر في بناء محلة للمسلمين الذين لم يتلاءموا مع وخومة المدائن، استقدم سعد عبد الله بن المعتم والقعقاع بن عمرو وأمرهما بارتياد المكان الصالح لمقام العرب3.
ثم ها هو كره أخرى بالشام، يرسل به سعد بن أبي وقاص على رأسه أربعة آلاف كأمر الخليفة عونًا لأبي عبيدة، عندما حصرته الثورة في حمص، إبان حملة قسطنطين، فانطلق في فرسانه يغذون السير من الكوفة إلى حمص. وفي نفس الوقت كان عياض وعبد الله بن عتبان والوليد بن عقبة وسهيل بن عدي يعزلون القبائل التي سارت من الجزيرة تريد لقاء الروم حلفائهم، وأسقط في أيدي الروم، وأخذهم المسلمون من جيش أبي عبيدة قبل وصول القعقاع بثلاثة أيام.
ثم نراه يقوم بدور كبير يوم نهاوند؛ إذ تحصن الفرس في حصن لهم وجعلوا يترقبون، وطال حصار المسلمين حتى عظم الضيق، فعقد النعمان بن مقرن مؤتمرًا قرر أن
1 الطبري ج5، ص2459.
2 ياقوت ج2، ص317.
3 الطبري 1/ 5/ 2484، 2485.
يبعث المسلمون خيلًا تحدق بالأعداء فترميهم؛ لينشبوا القتال ويثيروا الفرس للخروج، فإذا استثيروا وخرجوا تقهقرت خيل المسلمين استطرادًا، حتى يطمعوا الفرس في هزيمتهم، فيرتد المسلمون فيحصرونهم ويأخذونهم على وجوههم. وضعت الخطة، ولكن من الفارس الباسل الذي ينفذها بنجاح، دون أن يكون تقهقره مؤديًا إلى الهزيمة فعلًا لا افتعالًا؟ هناك القائد وأخواه، وحذيفة، وعمرو بن معديكرب، وطليحة
…
وغيرهم، ولكن النعمان ينتدب القعقاع ليذهب إلى ظاهر المدينة لينفذ خطته.
وأطاع الجندي الباسل، فتقدم فرمى المدينة بالنبل. وأظهر العزم على اقتحام الأسوار، وأبدى من ضروب البأس ما جعل الفرس ينهضون إليه ليصدوا هجومه. وأثار المسلمون حماسة عدوهم -بقتلهم كل من يبرز إليهم- فخرجوا، ورأوا جند القعقاع قلة فاغتبطوا واجتازوا الأسوار والجند يقاتلون المسلمين، وثبت لهم القعقاع زمنًا حتى لا تنكشف حيلته، ثم تظاهر بالهزيمة وولى بجنده مدبرًا أمامهم، فتابع القعقاع فراره ليبعد بهم عن المدينة، وعن مدى النبل، ورأى القعقاع الفرس يتابعونه ومعهم حسك الحديد ينقلونه أمامهم؛ ليضمنوا الحماية من كرة المسلمين فأمعن في الفرار، وأمعن الفرس في تعقبهم، وقد تيقنوا من هزيمة المسلمين، فتركوا حسك الحديد وراءهم، وأسرعوا يطلبون المسلمين. وهنا انحاز القعقاع إلى جند النعمان وثبت في مواجهتهم، وتراجع الفرس يتفكرون في المكيدة. واستحث الأمراء قائدهم أن يأمر بالهجوم، ولكنه انتظر وحبس جنده عن الفرس، ولم ينجد القعقاع، فأقبل الفرس يرمونهم حتى أفشوا فيهم الجراحات، وشكا الناس بعضهم إلى بعض، والنعمان يصبرهم منتظرًا الزوال ومهب الرياح، كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم، وسار النعمان يحمل رايته يحض الجند ويحمسهم، ثم كبر وحمل، فتبعه المسلمون ينقضون كالعقبان، واشتد القتال، ولم يكن يسمع إلا صيحات الأبطال ووقع الحديد على الحديد. واستحرت الحرب فانهمرت الدماء، وأخذت الدواب تنزلق. وبينما النعمان على جواده استجاب الله دعاءه وأناله الشهادة، فزلق جواده في الدماء فصرعه وجاءه نعيم أخوه فسجاه بثوبه، وأخذ اللواء فدفعه إلى حذيفة، ولكن حذيفة أقامه مقام أخيه، وأمره بإخفاء الخبر.
وأقبل الليل والمسلمون يدفعون عدوهم أمامهم، حتى أصاب الفرس الإعياء فتراجعوا منهزمين، فإذا بالحسك في انتظارهم مكانه
بوقف تراجعهم، فأرادوا الانحراف، فإذا أمامهم خندق عميق، أعماهم الخوف عنه وستره الظلام فهووا فيه بخيولهم، وهلك فيه ثمانون ألفًا، غير ثلاثين ألفًا لاقوا حتفهم في المعركة وفوق الحسك.
وفر الفيرزان فيمن فر يطلب النجاة، فتبعه القعقاع وأدركه عند ثنية همذان، وكانت بعض الدواب تحمل عسلًا في هذه الثنية فسدت على القائد الهارب سبيله، فترجل يريد النجاة في الجبل، فتبعه القعقاع وقتله، ويمم شطر همذان، حيث صالحه أميرها1.
وبعد فتح الفتوح لا نعود نسمع شيئًا عن هذا البطل في الفتوح، إلا أن ابن الأثير يذكر: أنه سكن الكوفة، ثم كان مع علي بن أبي طالب، فشهد معه الجمل وغيرها من حروبه. وقام بينه وبين طلحة والزبير بسفارة وكلمهما كلامًا كاد يقرب به الناس إلى الصلح2.
هذا هو بلاء القعقاع بن عمرو فارس الفتوح الإسلامية، فتى من فتيان الله، باع حياته خالصة له، وجاهد في الله حق جهاده، واستمات في نصرة دينه في تفانٍ مخلص، ومهارة فائقة، وذكاء نادر، وفدائية مؤمنة لا يعوقها شاغل خاص، ولا يعترضها قصد إلا إعلاء كلمة الله وحمل رسالته إلى أصقاع العالم، فلا غرو إذا دعوناه بفارس الفتح، ولا غرو إذا ما دعوناه بشاعر الفتح إذ استوى نضجه في أتونه، ونمت شاعريته في ظلاله، فصور أحداثه تصويرًا دقيقًا في شعره، فكان شعره مرآة للأحداث التي صنعها بسيفه.
1 الطبري ج5، ص2626، ياقوت ج4، ص827.
2 أسد الغابة ج4، ص207.