الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسباب زيادة الإيمان وتقويته
أولا: تعلم العلم النافع:
وهو العلم المستمد من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من مسائل العقائد والحلال والحرام والفضائل والمعارف المتنوعة، فمن وفق لهذا العلم، فقد وفق لأعظم أسباب زيادة الإيمان، ومن تأمل نصوص الكتاب والسنة علم ذلك.
قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (54 سورة الحج).
وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (11 سورة المجادلة).
وفي الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين".
وفي المسند وغيره من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
وفي الترمذي وغيره من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، إن الله عز وجل وملائكته وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير".
فهذه بعض ما ذكر من الآثار الحميدة والخصال الكريمة للعلم وأهله في الدنيا والآخرة.
قال الآجري في مقدمة كتابه أخلاق العلماء، إن الله عز وجل وتقدست أسماؤه اختص من خلقه من أحب فهداهم للإيمان، ثم اختص من سائر المؤمنين من أحب فتفضل عليهم فعلمهم الكتاب والحكمة، وفهمهم في الدين وعلمهم التأويل وفضلهم على سائر المؤمنين".
وينبغي التنبيه إلى أن العلم ليس مقصودا لذاته بل هو وسيلة لأعظم الغايات وهو التعبد لله بالعمل قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} (2 سورة الزمر).
وكل ما ورد في فضل العلم إنما هو ثابت له من وجه ما هو مكلف به من العمل.
وقد جاءت النصوص بالوعيد لمن لم يعمل بعلمه وأن المتعلم يُسأل عن علمه ماذا عمل به، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (3 سورة الصف).
قال الحسن البصري: العلم علمان: علم في القلب، وعلم على اللسان، فعلم القلب هو العلم النافع، وعلم اللسان هو حجة الله على عباده.
بل إن الأعمال إنما تتفاوت في زيادتها ونقصها وحسنها وفضلها بل وقبولها وردها بحسب ما يقوم به صاحبها من العلم بها. كما قال ابن القيم رحمه الله: "والأعمال إنما تتفاوت في القبول والرد بحسب موافقتها للعلم ومخالفتها له فالعمل الموافق للعلم هو المقبول، والمخالف له هو المردود، فالعلم هو الميزان وهو المحك".
والمؤمن لا بد له من علم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يكون يقينا له لا ريب عنده فيه ويكون سلاحا له ضد غارات الشبهات وتيارات الشهوات، لا سيما في هذه الأزمان التي كثرت فيها الفتن وتلاعبت بالناس الأهواء والآراء المجردة من الدليل، فلا نجاة للمؤمن بإيمانه ما لم يكن معه علم يدافع به عن إيمانه ويقويه.