الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى هذه فزيادة الإيمان الحاصلة من جهة العلم تكون من وجوه متعددة:
1 -
من جهة خروج صاحبه في طلبه.
2 -
جلوسه عليه في حلقة العلم والذكر ومذاكرة مسائله.
3 -
زيادة معرفته بالله وشرعه.
4 -
تطبيقه لما تعلمه.
5 -
من حيث تعليمه الجاهل ما تعلمه.
6 -
الصبر على تحصيله والدعوة إليه.
فهذه جوانب متعددة يزداد بها الإيمان بسبب العلم وتحصيله. أما أبواب العلم الشرعي التي يحصل بها زيادة الإيمان فكثيرة جدا منها:
1 - قراءة القرآن الكريم وتدبره:
لا شك أن أعظم أبواب العلم دراسة كتاب الله وتناوله بالفهم والتدبر، وبه يزداد الإيمان ويثبت ويقوى.
قال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (52 سورة الأعراف).
وقد أخبر سبحانه أنه إنما أنزله ليدبر العباد آياته فقال: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (29 سورة ص).
وقال تعالى مؤكدا أن القرآن يزيد المؤمنين إيمانا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (2 سورة الأنفال).
قال ابن القيم رحمه الله: فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مئة مرة، ولو ليلة، فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن.
وقال محمد رشيد رضا "واعلم أن قوة الدين وكمال الإيمان واليقين لا يحصلان إلا بكثرة قراءة القرآن واستماعه مع التدبر، بنية الاهتداء به والعمل بأمره ونهيه".
وكما بينا في شأن العلم سابقا فإن زيادة الإيمان التي تكون بقراءة القرآن لا تكون إلا لمن اعتنى بفهمه وتطبيقه والعمل به، وإلا فكم من قارئ للقرآن والقرآن حجيجه وخصيمه يوم القيامة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:"والقرآن حجة لك أو عليك".
وقال قتادة: "لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان".
وكثير من الناس من اشتغل بحفظ القرآن وحسن ترتيله مع إهمال جانب العمل به والتخلق بأخلاقه فيصف الحسن البصري هذا النوع من الناس فيقول:
"أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفا، وقد والله أسقطه كله، ما يُرى له القرآن في خُلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول إني لأقرأ السورة في نفس، والله ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الورعة، متى كانت القراء مثل هذا لا أكثر الله في الناس مثل هؤلاء".
وليس هذا اعتراض على الاعتناء بتجويد القرآن وحفظه وحسن أدائه وإنما هو اعتراض على التكلف في ذلك دون الاهتمام بإقامة الأوامر والأحكام التي نزل بها القرآن.
فلابد للعبد عند قراءة القرآن أن يجمع قلبه وهمته على فهمه والعمل به وأن يستشعر أن هذا القرآن إنما هو خطاب من الله تعالى له، كما قال الحسن البصري:"إن من كانوا قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها بالنهار".