المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والديه والغريم بغير إذن دائنه (1). وكما نرى الآن أن الكثير - طوق النجاة

[مجدي الهلالي]

الفصل: والديه والغريم بغير إذن دائنه (1). وكما نرى الآن أن الكثير

والديه والغريم بغير إذن دائنه (1).

وكما نرى الآن أن الكثير من بلدان المسلمين قد استولى عليها الكفار، فالمسجد الأقصى -أولى القبلتين وثالث الحرمين- أسير في أيدي أبناء القردة والخنازير، وكشمير مغتصبة في أيدي عباد البقر من الهنود، والفلبين

وبلاد البلقان .. و

فهذه وغيرها بلاد اغتصبت من المسلمين ولم يتمكن أهلها من الدفاع عنها فوجب -كما قرر الفقهاء- تحرير هذه البلاد على الأقرب فالأقرب.

ونحن جميعاً -وإن اختلفت أماكننا- قريبون من بلاد إسلامية مغتصبة فوجب علينا جميعاً تحريرها وكل ما يؤدي إلى القيام بهذا الواجب فهو واجب كما تقول القاعدة الأصولية: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

‌دفع شبهة:

سيقول الكثير: وكيف أبدأ بالدعوة وإصلاح الغير وأنا مضطرب مع نفسي لم أصلحها .. لابد من تهذيبها أولاً ثم الدعوة ثانياً

إن هذا القول ظاهره فيه الرحمة وباطنه العذاب وهو مدخل خطير من مداخل الشيطان على الإنسان ليقعده أولاً عن الدعوة بحجة إصلاح النفس لكي يعزله عن إخوانه ثم يُجهز عليه بعد ذلك، فالذم

(1) راجع رسالة الجهاد للإمام حسن البنا وفيها عرض لحكم الجهاد في مختلف المذاهب الفقهية.

ص: 27

الوارد في الآية: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (1) ليس مقصوداً به أمر الناس بالبر وإنما المقصود منه هو نسيان النفس.

وهناك نظرة أخرى .. هل يستطيع مسلم مهما حاول مع نفسه وجاهدها أن يرضى عنه نفسه ويقول: إنه الآن قد أصلحها؟! إنه إن فعل ذلك فقد أصبح من الخاسرين {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (2) إن المسلم كلّما ازداد قرباً من الله عز وجل، ازداد شعوره بالتقصير، أي أنه سيظل يسيء الظن بنفسه حتى نهاية عمره.

ونظرة ثالثة

إن تغيير حال المسلمين أصبح الآن فرض عين على كل مسلم، كما أن إصلاح النفس فرض عين أيضاً وسيُسأل يوم القيامة عن الأمرين كلٌّ على حده.

بمعنى أنك إذا قمت بالدعوة ونسيت نفسك، ستحاسب على تقصيرك مع نفسك، وإن قمت بإصلاح نفسك وأهملت الدعوة إلى الله فستحاسب عن كل أرض إسلامية اغتصبت، وكل دم مسلم أريق .. و .. إلخ.

فأنت لا تستطيع أن تترك صيام رمضان بحجة أنك لم تصلح

(1) البقرة: 44.

(2)

الأعراف: 99.

ص: 28

صلاتك أو أن خشوعها غير كامل لأن كليهما فرض عين كذلك الدعوة إلى الله وإصلاح النفس.

ففي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّه كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ .. ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، ثُمَّ قَالَ:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ {فَاسِقُونَ} ثُمَّ قَالَ: «كَلَّا وَاللَّهِ

لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا أَوْ لَيضربنَّ الله بِقُلُوبِ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْض، ثُمَّ لَيَلْعَنكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ» (1).

وعن جابر مرفوعاً: «أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَنِ اقْلِبْ

(1) رواه الترمذي وقال: حديث حسن وأبو داود واللفظ له.

ص: 29