المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌بركة الدعوة إلى الله:

مَدِينَةَ كَذَا وَكَذَا عَلَى أَهْلِهَا. قَالَ: إِنَّ فِيهَا عَبْدَكَ لَمْ يَعْصِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ. فَقَالَ: اقْلِبْهَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ»، وفي رواية أحمد:«بِهِ فَابْدَأْ فَإِنَّ وَجْهَهُ لَمْ يَتَمَعَّرَ فِيَّ سَاعَةً قَطُّ -أي لَمْ يَحْمَرَّ وَجْهَهُ غَضَباً لِي-» (1).

وقال تعال: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (2) أي لا تختص بالمعتدين، بل تتناول من رأى منكراً ولم يغيره.

وفي حديث زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ» (3).

وسئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أتوشك القرى أن تخرب وهي عامرة؟ قال: إذا علا فجارها على أبرارها.

‌بركة الدعوة إلى الله:

للدعوة إلى الله بركات، تُصيب من يقوم بها، ولا يشعر بهذه البركات إلا كل من سار في طريق الدعوة.

يقول ابن القيم: إن بركة الرجل تعليمه للخير حيث حل،

(1) رواه الطبراني في الأوسط ورواية الطبراني فيها عبيد بن إسحاق العطار عن عمار بن يوسف وكلاهما ضعيف ولكن ابن المبارك وثق عمار بن سيف وأما عبيد بن إسحاق فقد رضيه أبو حاتم.

(2)

الأنفال: 25.

(3)

متفق عليه.

ص: 30

ونصحه لكل من اجتمع به، قال الله تعالى إخباراً عن المسيح عليه السلام {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} (1) أي: معلماً للخير، داعياً إلى الله، مذكراً به، مرغباً في طاعته فهذا من بركة الرجل.

ومن خلا هذا قد خلا من البركة، ومحقت بركة لقائه والاجتماع به

كما أن هدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح به باب الهداية، فإن الجزاء من جنس العمل، فكلما هدى غيره وعلمه هداه الله وعلمه، فيصير هادياً مهدياً كما في دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وغيره:«اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ سِلْمًا لِأَوْلِيَائِكَ، حَرْبًا لِأَعْدَائِكَ، نُحِبُّ بِحُبِّكَ مَنْ أَحَبَّكَ، وَنُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ» (2).

فالبئر لن يتجدد ماؤه إلا إذا أخذنا منه فإن تركناه ركد ماؤه وأسن، فمن أراد أن يُجدِّد إيمانه فليدعو وليعلم غيره فهو أول من يستفيد من ذلك.

(1) مريم: 31.

(2)

رسالة إلى كل مسلم: 5 - 11.

ص: 31