المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة … علم التخريج ودوره في خدمة السنة إعداد الدكتور عبد الغفور عبد - علم التخريج ودوره في خدمة السنة النبوية - عبد الغفور البوشلي

[عبد الغفور البلوشي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: أهمية التخريج والاستخراج وفوائده ونشأته وتطوره

- ‌الفصل الأول: أهمية التخريج والأستخراج وفوائده

- ‌الفصل الثاني: نشأة علم التخريج وتطوره:

- ‌الباب الثاني: في اهتمام العلماء بالتخريج زجهودهم في ذلك

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: جهود العلماء في تخريج الأحاديث الواقعة في كلام بعض المصنفين من أهل الفنون الختلفة

- ‌الفصل الثاني: في تخريج الأحاديث عامة بدون تقيد بكتاب معين

- ‌المبحث الأول: الصنف الأول

- ‌المبحث الثاني: الصنف الثاني

- ‌الباب الثالث: في التخريج المبني على المتن والأسناد وطرق تخريجهما

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: التنبيه على بعض الأمور المهمة المتعلقة بالتخريج

- ‌الفصل الثاني: طرق تخريج الحديث ووسائله

- ‌المبحث الأول: التخريج عن طريق معالم السند

- ‌المبحث الثاني: عن طريق معالم المتن

- ‌البحث الثالث: التخريج عن طريق معالم السند والمتن عن طريق الحاسوب

- ‌الباب الرابع: دراسة إسناد الحديث ومتابعاته وشواهده

- ‌الفصل الأول: التنبيه على بعض الأمور المهمة في التخريج

- ‌الفصل الثاني: دراسة الأسانيد والطرق وثمرتها وخطواتها

- ‌البحث الأول: الخطوة الأولى مندراسة الأسانيد

- ‌المبحث الثاني: الخطوة الثانية من دراسة الأسانيد

- ‌المبحث الثالث: الخطوة الثالثة من دراسة الأسانيد

- ‌الفصل الثالث: في أهم الكتب المساعدة على دراسة الرواة

- ‌الخاتمة:

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌ ‌مقدمة … علم التخريج ودوره في خدمة السنة إعداد الدكتور عبد الغفور عبد

‌مقدمة

علم التخريج ودوره في خدمة السنة

إعداد الدكتور عبد الغفور عبد الحق البلوشي

التمهيد:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله الطيبين وصحابته المكرمين المجاهدين الذين لم يألوا جهدًا في نشر هذا الدين وتبليغه للعالمين، أما بعد:

فمن فضل الله سبحانه على هذه الأمة أن تكفَّل الله بحفظ هذا الدّين ومصادره وأصوله وذلك في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] كما أنه جعل وظيفة رسوله صلى الله عليه وسلم بيان كل ما يحتاج إلى بيان في هذا الكتاب، فبيَّن وفسّر، وصار بيانه لازماً لحفظ القرآن، ومن هنا هيأ الله تعالى لكتابه وسنة رسوله من يحفظونهما جيلاً بعد جيل، حفظاً في الصدور وحفظاً في السطور جنباً إلى جنب، فالذين قاموا بخدمة الكتاب والسنة هم العدول الأثبات فما تركوا جانبًا من جوانب العلم تحتاج إليه الأمة إلَاّ قاموا بذلك، والعناية بالسنة لا تزال مستمرة من القرون المفضلة إلى يومنا هذا، وليست إقامة هذه الندوة إلَاّ نموذجًا لاهتمام المملكة بخدمة السنة والسيرة، إذ يقوم عدد كبير من الباحثين بالكتابة في موضوعاتها المختلفة، وكنت ممن دعي إلى ذلك، فتلبية للدعوة بالمشاركة في ندوة «عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية» التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ممثلة في مجمع الك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، بتقديم بحث في المحور الثاني: «عناية

ص: 1

المسلمين بالسنة والسيرة النبوية على مرّ العصور» الموضوع الثامن «علم التخريج ودوره في خدمة السنة» . فشمّرت عن ساق الجد مستعينا بالله تعالى عز وجل في كتابة هذا البحث، أسأل الله تعالى أن ينفع به المسلمين وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، إنّه سميع مجيب.

ص: 2

خطة البحث:

قسمت البحث إلى تمهيد ومقدمة وأربعة أبواب، وفي كل الأبواب فصول، ثم خاتمة. أما التمهيد ففي عناية الأمة بخدمة الكتاب والسنة وسبب الكتابة في هذا البحث.

أما المقدمة ففي معاني التخريج لغة واصطلاحاً، والكتب المؤلفة حديثاً فيه.

الباب الأول: أهمية التخريج والاستخراج وفوائده ونشأته.

وفيه فصلان:

الفصل الأول: أهمية التخريج والاستخراج وفوائده.

الفصل الثاني: نشأته وتطوره.

الباب الثاني: اهتمام العلماء بالتخريج وجهودهم في ذلك.

ويشتمل على مدخل وفصلين:

المدخل: بداية الاهتمام بالتخريج بشكل مؤلفات في القرن الرابع فما بعد.

الفصل الأول: جهود العلماء في تخريج الأحاديث الواقعة في كلام بعض المصنفين من أهل الفنون المختلفة.

الفصل الثاني: جهود العلماء في تخريج الأحاديث بدون تقيّد بكتاب معيّن وموضوع معين.

الباب الثالث: التخريج المبني على المتن والإسناد وطرق تخريجهما:

وفيه مدخل وفصلان:

المدخل: بيان الصعوبة في التخريج وشدة الحاجة إليه.

ص: 3

الفصل الأول: في التنبيه على بعض الأمور المهمة المتعلقة بالتخريج.

الفصل الثاني: طرق تخريج الحديث ووسائله: وفيه مدخل وثلاثة مباحث:

المبحث الأول: التخريج عن طريق معالم السند.

المبحث الثاني: التخريج عن طريق معالم المتن.

المبحث الثالث: التخريج عن طريق الكلّ بالحاسوب.

الباب الرابع: دراسة إسناد الحديث ومتابعاته وشواهده.

وفيه ثلاثة فصول:

الفصل الأول: في بيان بعض الأمور المهمة بين يدي الموضوع.

الفصل الثاني: دراسة الأسانيد والطرق وثمرتها، وخطواتها.

الفصل الثالث: في بعض الكتب المهمة المساعدة على دراسة الرواة.

الخاتمة.

ص: 4

المقدمة:

قبل أن أدخل في موضوع البحث أريد أن أُعرِّف التخريج لغة واصطلاحاً وإطلاقاته عند المحدثين، فأقول:

التخريج لغة:

التخريج مشتق من مادة خرج خروجاً، والخروج نقيض الدخول، وخارج كل شيء ظاهره. يقال: خرجت خوارج فلان إذا ظهرت نجابته (1) .

ومنه قوله تعالى: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: 29] أي كمثل زرع أبرز وأظهر مزروعه وطرفه (2)، ومنه قوله تعالى:{وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات 29] أي: أبرز وأظهر نهارها ونورها (3) .

وقال ابن فارس: «فقولنا خرج يخرج خروجاً والخراج بالجسد

والخروج خروج السحابة، يقال ما أحسن خروجها، وفلان خرّيج فلان، إذا كان يتعلم منه كأنّه هو الذي أخرجه من حدّ الجهل» (4) ، فكلّ ما ذكر يتضمن معنى الظهور، وورد الاستخراج والاختراج بمعنى الاستنباط أيضاً، ويقال أيضاً: وخرّجه في الأدب فتخرَّج فهو خِرِّيج (5) ، ومن ذلك خِرِّيج

(1) لسان العرب (2/249، 250) والقاموس المحيط (1/184) .

(2)

تفسير القرطبي (16/294) .

(3)

معالم التنزيل للبغوي (4/445) .

(4)

معجم مقاييس اللغة (2/175 – 176) .

(5)

القاموس المحيط (1/185) .

ص: 5

الجامعة، وذكر الدكتور بكر أبو زيد: أنّ معناه مشتق من: النفاذ والظهور والانفصال للشيء، من المكان الذي هو فيه إلى غيره سواء في الأعيان أو المعاني، ومَثَّل للأعيان: خروج السحابة وخروج الشمس من تحت السحاب وخروج الرّجل من داره، وللمعاني: قولهم: فلان يحب الخروج أي الظهور، ولهذا سمّي الخارجون عن طاعة الإمام خوارج (1) ، وخرّج على وزن فعّل من فعله الرّباعي ومصدره التخريج، ومن هذا الرّباعيّ على أساس اشتقاقه الكبير، -وهو انفصال الشيء من المكان الذي هو فيه إلى غيره- قيل لعمل المحدث الذي يخرج الحديث من بطون الكتب «تخريج» (2) ، فمن هنا يظهر لنا مناسبة المعنى اللغوي للمعنى الاصطلاحي، وقد يَرِدُ التخريج بمعنى الإخراج والاستخراج أيضاً (3) .

أمَّا اصطلاحاً:

فلم يتعرض له من ألَّفوا في التخريج، وقاموا بتخريج أحاديث في كتب فقهية أو تفسيرية ونحوهما مثل: الزيلعي والحافظ العراقي وابن حجر وغيرهم، وهذا ما جعل الباحثين يختلفون في التعريف الاصطلاحي للتخريج. ونذكر فيما يلي نموذجاً من بعض الإطلاقات لمعاني التخريج عند المحدثين، ثم ما ورد من المعاصرين من تعريفات اصطلاحية عندهم.

(1) التأصيل لأصول التخريج (1/51) .

(2)

المصدر نفسه (1/52) .

(3)

انظر: (1/4) فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي (1/20) .

ص: 6

إطلاقات التخريج عند المحدِّثين:

حيث ورد إطلاقه على معان: منها: الإخراج:

أي إبراز المحدِّث الحديث أو إظهاره بسنده إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وروايته للناس. قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (1)"ثم إنّا إن شاء الله، مبتدئون في تخريج ما سألت، وتأليفه على شريطه"، أي شرطه، فسمّى رحمه الله عمله في إخراج الصحيح تخريجاً. وهكذا ينطبق هذا الإطلاق على غيره من المصنفات التي صنفها أصحابها بأسانيدهم مثل الصحاح والسنن والمسانيد، وغيرها من الكتب التي عنيت بذكر الأحاديث بالأسانيد، ولذا يقال عند النسبة إليها أخرجه البخاري، وأخرجه مسلم، وهكذا كان يطلق عند العلماء المتقدمين (2) –بعد ظهور المصنفات المنهجية في السنة – على إيراد الحديث بإسناده في مصادر السنة، وهذا الاصطلاح قد خفت حِدَّتُه كثيرا عند المتأخرين (3) .

وعلى هذا ينزل كلام ابن الصلاح (4) : وللعلماء بالحديث في تصنيفه طريقتان إحداهما: ((التصنيف على الأبواب، وهو تخريجه على أحكام الفقه وغيرها

)) أي إخراجه وروايته للناس في كتبهم فهو مرادف له بهذا المعنى.

ويطلق أيضاً على إخراج الأحاديث من بطون الكتب وروايتها كما ذكر الدكتور الطحان (5) ، ونزل كلام السخاوي على هذا، حيث قال السخاوي:

(1)(1/4) .

(2)

ويُعَدُّ الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين رأس سنة ثلاثمائة، كما ذكر الذهبي في الميزان (1/4) .

(3)

انظر: تحفة الخريج لإقبال، 13، 14 وكشف اللثام للدكتور عبد الموجود (1/26) .

(4)

في علوم الحديث/ 228.

(5)

في أصول التخريج/ 11.

ص: 7

((والتخريج: إخراج المحدث الحديث من بطون الأجزاء والمشيخات، والكتب ونحوها وسياقها من مرويات نفسه، أو بعض شيوخه أو أقرانه أو نحو ذلك، والكلام عليها، وعزوها لمن رواها من أصحاب الكتب والدواوين مع بيان البدل والموافقة ونحوهما

(1)) ) .

وذكر د. بكر أبو زيد أن السخاوي - رحمه الله تعالى - أشار في تعريفه المذكور إلى اختلاف حقيقة التخريج بتنوع طرقه واختلاف حقائقها (2) ، ثم ذكر أنه قد يُتوسع في إطلاقه - أي التخريج - على مجرد الإخراج والعزو

(3)

.

ومن اطلاقات التخريج: الانتقاء:

الفوائد والأجزاء وغيرها، ومنها تخاريج الخطيب البغدادي لعدد من الكتب، منها فوائد أبي القاسم النَّرْجِسي، تخريج الخطيب في عشرين جزءا.

«الفوائد المنتخبة الصحاح العوالي» لجعفر بن أحمد السراج القاري، تخريج الخطيب (4) .

وينطبق التخريج بهذا المعنى على كل الكتب التي انتخبها المحدِّثون من المصادر الحديثية، وذكر الذهبي في ترجمة الجارودي الهروي (ت413هـ) أنه

(1) فتح المغيث (3/ 318) ط / بنارس.

(2)

التأصيل/ 53.

(3)

المصدر السابق / 54.

(4)

المصدر السابق/ 57 وللمزيد انظر ثبت مؤلفات الخطيب اليوسف العش/ 123 وموارد الخطيب للدكتور أكرم العمري / 85.

ص: 8

قال بعض الكبار: الجارودي أول من سنّ بهراة تخريج الفوائد وشرح الرجال والتصحيح (1) .

ولكن هذا المعنى لم ينتشر ولم يستمر فيما بعد، وصار في حكم المنسي.

وإنّما كثر استعماله في الأزمنة الأخيرة إلى وقتنا الحاضر بمعنى العزو والدلالة: أي عزو الحديث إلى مصادره التي خرجته والدّلالة على مواضعه مع بيان الحكم.

ذكر المناوي عند قول السيوطيّ: «وبالغت في تحرير التخريج» بمعنى اجتهدت في تهذيب عزو الأحاديث إلى مخرجيها من أئمة الحديث، من الجوامع والسنن والمسانيد فلا أعزو إلى شيء منها إلاّ بعد التفتيش عن حاله وحال مخرجه، ولا أكتفي بعزوه إلى من ليس من أهله -وإن جلَّ– كعظماء المفسرين» (2) أي: الذين يذكرون الأحاديث بدون إسناد، أمَّا الذّين يسندون الأحاديث فداخل في عزوه.

وهذا المعنى الأخير هو الذي شاع وذاع عند المتأخرين من المحدثين في القرون المتأخرة وكثر استعماله بعد أن بدأ العلماء بتخريج الأحاديث المبثوثة في بطون الكتب المختلفة، ولا سيما في الفقه والتفسير وغيرهما (3) .

ومن إطلاقات المحدثين: الاستخراج أو المستخرج، وجمعه مستخرجات،

(1) سير أعلام النبلاء (17/ 385) وتذكرة الحفاظ (3/1055) .

(2)

فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي (1/20) .

(3)

انظر: أصول التخريج 12 وتحفة الخرِّيج 10.

ص: 9

ذكر الذهبي في ترجمة الحافظ أبي عليّ الحسين بن محمد بن أحمد أنّه «خرج على الصحيحين» مستخرجاً حافلاً (1) .

وذكر الحافظ ابن حجر في كتابه النكت فقال: «إنّ الحافظ أبا بكر محمد ابن عبد الله الشيباني المعروف بالجوزقي ذكر في كتابه المسمَّى بـ المتفق (أي الكبير) – أنه استخرج على جميع ما في «الصحيحين» حديثاً حديثاً، فكان مجموع ذلك خمسة وعشرين ألفَ طريق، وأربعمائة وثمانين طريقاً (2) .

وكذا ذكر الذهبي وابن عبد الهادي أنّ «كتاب المتفق الكبير» نحو ثلاثمائة جزء (3) .

وسيأتي الكلام على اصطلاح الاستخراج عند المحدثين وفوائده قريباً.

وقد توسع د. بكر أبو زيد في معنى التخريج – بعد أن عدَّه من المشترك اللفظي – واستعماله عند المحدثين وغيرهم- حتى وصّلها إلى ثمانية عشر معنى واستعمالاً ختمها بلفظ «التخريج عند النحاة» (4) .

تبيّن من خلال المعاني السابقة أنّ المتقدمين لم يُعَرِّفوا التخريج، بالمفهوم المصطلح عند المتأخرين، ولعلّ أقرب تعريف للتخريج الاصطلاحي عند المتأخرين ما تقدم ذكره عن السخاوي والمناوي؛ ولذلك اختلف المعاصرون الذين ألّفوا في أصول التخريج وقواعده في معنى التخريج اصطلاحاً.

(1) سير النبلاء (16/288) .

(2)

النكت على مقدمة ابن صلاح (1/297) .

(3)

انظر: سير النبلاء (16/494) ، وطبقات علماء الحديث (3/208) .

(4)

انظر: التأصيل (1/55 – 64) .

ص: 10

التخريج في اصطلاح المعاصرين

عرّفه الطحان بقوله: «التخريج هو الدلالة على موضع الحديث في مصادره الأصلية التي أخرجته بسنده، ثم بيان مرتبته عند الحاجة» (1) .

وردَّ هذا التعريف الدكتور بكر أبو زيد، وقال: إن «هذا تعريف لطرق استخراج الحديث، ولا يمكن قبوله تعريفاً وحقيقة «للتخريج» ، وتأباه صناعة الحدود والتعريفات» (2) .

وعرفه البقاعيّ:

بقوله: «هو إظهار مواضع الأحاديث من مصادرها المسندة» (3) .

ثم ذكر أنه لا يَرِدُ على تعريفه هذا أن بعض كتب التخريج فيها زيادات

كالحكم عليه صحة أو ضعفاً؛ لأنه لاحظ جوهر التعريف دون الزيادات، إذ إن هذه الزيادات لم يطَّرد وجودُها في كتب التخريج كافة (4) .

فيرد على هذا التعريف ما أورد على التعريف السابق.

وعرّفه إقبال أيضا قريبا من تعريف الطحان المذكور مع تفاوت يسير في الألفاظ (5) .

(1) أصول التخريج له /12.

(2)

التأصيل/ 89 تعليق 3.

(3)

تخريج الحديث الشريف / 16.

(4)

المصدر نفسه/ 16، 17.

(5)

تحفة الخريج/ 16.

ص: 11

«هو عزو الحديث إلى من أخرجه من أئمة الحديث والكلام عليه بعد التفتيش عن حاله ورجال مخرجه» (1) .

وذكر الدكتور سعد بن عبد الله آل حميد أن تعريف التخريج الاصطلاحي: له ثلاثة تعريفات:

التعريف الأول:

إخراج الحديث وإبرازه للناس بذكر سنده ومتنه، فيقال: هذا حديث أخرجه البخاري، أي أبرزه وأظهره للناس بذكر سنده ومتنه كاملاً.

التعريف الثاني:

تخريج أحاديث كتاب معين، بذكر المخرِّج الحديثَ الذي ذكره صاحب ذلك الكتاب بسنده كما فعل الحافظ ابن حجر في كتابه «نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار» (2) للنووي، فالنووي يورد فيه الأحاديث بدون ذكر الأسانيد مع العزو كما هو طريقته في رياض الصالحين، فخرج الحافظ ابن حجر أحاديثه حديثاً حديثاً بإسناده الطويل منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بتصرف يسير.

التعريف الثالث:

هو التعريف الذي أصبح الدارج عند متأخري زماننا عرَّفه بعضهم، ويعني بالبعض تعريف الطحان المذكور، الذي نقده د. بكر أبو زيد، ولعلَّ أدق تعريف له الذي ينطبق على أعمال التخريج عند العلماء هو ما عرَّفه الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد بقوله:

(1) المدخل إلى تخريج الأحاديث والآثار / 12.

(2)

طبع الكتاب في مجلدين بتحقيق الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي، بمكتبة ابن تيمية ولم يكتمل بعد.

ص: 12

«هو معرفة حال الراوي والمروي، ومَخْرَجِهِ، وحكمه صحة وضعفاً بمجموع طرقه، وألفاظه» (1)، ثم قال:«هذا تعريف التخريج» بمعناه الدقيق وهو المراد عند الإطلاق، وهو «الطريقة الخامسة» (2) من طرق التخريج وهي أعلاها» (3) ، وهذا التعريف هو الذي أراه دقيقاً بفن التخريج العمليّ عند أهله، وقريب مما ذكره د. بكر أبو زيد، تعريف الدكتور عبد الغني أحمد مزهر التميمي الثالث في كتابه ((تخريج الحديث النبوي)) (4) ، وإن كانت بقية التعريفات أيضاً ليست بعيدة وكلها تدور حول الحمى، لكنّ الاختيار وقع للأدق والأمثل منها، والله أعلم.

ولعله من المناسب بعد الانتهاء من عرض معنى التخريج اصطلاحاً أن أذكر الكتب والرسائل التي ألفت في هذا الموضوع.

(1) التأصيل/ 41، 52.

(2)

ذكرها المؤلف في المصدر نفسه/ 158 بقوله: ووظائف التخريج لها (أي: للطريقة الخامسة) خمس هي:

1-

ذكر مخرج الحديث (الصحابي) ، 2- فالمتن، 3- ثم العزو، 4- معرفة الإسناد " دراسة الأسانيد "، 5- فالحكم صناعة، ببيان مرتبته صحة وضعفا.

(3)

المصدر نفسه / 53.

(4)

ص 25.

ص: 13

أهم المؤلفات في «أصول التخريج» «وطرق استخراج الحديث» (1)

1-

«حصول التفريج بأصول العزو والتخريج» لأبي الفيض أحمد بن محمد

ابن الصدِّيق الغماري (ت1380هـ) ، والكتاب مطبوع ولم أقف عليه لعدم توفره (2) .

2-

«أصول التخريج ودراسة الأسانيد» للدكتور محمود الطحان (3) .

3-

«كشف اللثام عن أسرار تخريج أحاديث سيد الأنام» للدكتور عبد الموجود عبد اللطيف (4) .

4-

((طرق تخريج حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم) للدكتور عبد المهدي

عبد القادر (5) لم أقف عليه.

5-

«أصول التخريج وطرق تخريج الحديث» للدكتور شاكر ذيب فيّاض (6) .

6-

«منهج دراسة الأسانيد والحكم عليها ويليه دراسة في تخريج الأحاديث» للدكتور وليد بن الحسن العاني (ت1416هـ)(7) .

(1) سواء أوقفت عليه أم لم أقف عليه أو ذكره د. علي بقاعي في تخريج الحديث ص 20، والمؤلفات في هذا الموضوع ليست قديمة. وأكثر من ألفوا في التخريج ما زالوا على قيد الحياة. ومنهم من توفي.

(2)

نشر بالرياض بمكتبة طبرية.

(3)

نشر في بيروت، بدار القرآن الكريم، 1398هـ.

(4)

نشر في مصر، بدار ابن تيمية، عام 1985م.

(5)

نشر في مصر، بدار الاعتصام، عام 1987م.

(6)

تخريج الحديث للبقاعي / 20.

(7)

نشر في الأردن، دار النفائس عام 1418هـ.

ص: 14

7-

علم تخريج الأحاديث: أصوله، طرائقه، مناهجه للدكتور محمد محمود بكار (1) . ولم أقف عليه.

8-

«تخريج الحديث» للدكتور همام عبد الرّحيم سعيد (2) . ولم أقف عليه.

9-

«تبسيط علم التخريج» للدكتور مصطفى سليمان الندوي (3) لم أقف عليه.

10-

«التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل» للدكتور بكر ابن عبد الله أبو زيد (4) .

11-

«مفاتيح علوم الحديث وطرق تخريجه» لمحمد عثمان الخشين (5) . ولم أقف عليه.

12-

«فن تخريج الحديث» للدكتور عزّت علي عيد عطية، لم أقف عليه (6) .

13-

«المدخل إلى تخريج الأحاديث والآثار والحكم عليها» للدكتور عبد الصمد بن بكر عابد (7) .

14-

«تحفة الخريج إلى أدلة التخريج» تأليف: إقبال أحمد محمد إسحاق (8) .

(1) نشر بدار طيبة في الرياض عام 1418هـ.

(2)

نشر جامعة القدس المفتوحة في عمّان 1996م.

(3)

نشر بدار الكلمة.

(4)

نشر بدار العاصمة في الرياض المجلد الأول عام 1413هـ.

(5)

نشر بمكتبة الساعي في الرياض.

(6)

هو مقال نشر في مجلة كليتي الشريعة والدعوة عام 1401هـ - 1402هـ، السنة الثانية، العدد الثاني.

(7)

نشر بدار الفضيلة، بالرياض.

(8)

نشر بمركز القرآن والسنة، فريوا نرائن فور إله آباد يوبي الهند.

ص: 15

15-

«طرق تخريج الحديث» للدكتور سعد بن عبد الله آل حميد (1) .

16-

«تخريج الحديث النبوي» للدكتور عبد الغني أحمد مزهر التميمي وهي رسالة صغيرة الحجم.

17-

«القول الصحيح في مراتب التعديل والتجريح» للمرتضى الزبيدي (2) ولم أقف عليه.

18-

«المفيد في تخريج الحديث ودراسة الأسانيد» تأليف محمد عجاج الخطيب (3) ولم أقف عليه.

بعد هذا السرد للمؤلفات في فن التخريج، نعود إلى بيان أهمية التخريج وفوائده ونشأته وتطوره.

(1) نشر بدار علوم السنة، ط/ الأولى عام 1420هـ بالرياض.

(2)

انظر: فهرس الفهارس (1/539) والتأصيل / 91 نشر الفرقان، الرياض ط/ الأولى عام 1410هـ.

(3)

ذكره في كتابه المختصر الوجيز / 310، طبع في عام 1410هـ.

ص: 16