الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: الخطوة الثالثة من دراسة الأسانيد
التحقق من خلوّ الإسناد والمتن من الشذوذ والعلة القادحة:
ومن أمثلة الإعلال بالشذوذ ما ذكره الشيخ الألباني فقال معلقاً على قول مؤلف فقه السنة: ((وأما الاقتصار على ركعتين فقط (يعني قبل العصر)، فدليله عموم قوله صلى الله عليه وسلم "بين كل أذانين صلاة" قلت: خفي على المؤلف ما أخرجه أبو داود "في باب الصلاة قبل العصر"، ومن طريقه الضياء في المختارة
…
وقال النووي في المجموع (4/8) : "إسناد صحيح" ثم قال الشيخ: وأقول هو كذلك، لولا أنه شاذ بهذا اللفظ، والمحفوظ بلفظ "أربع ركعات" وبيان ذلك في ضعيف أبي داود (235) والروض النضير)) (1) .
وعلّق الشيخ الألباني على قول مؤلف فقه السنة: ((لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" رواه أبو داود بسند صحيح، فقال: ((من شروط الحديث الصحيح أن لا يشذ راويه عن رواية الثقات الآخرين للحديث، وهذا الشرط في هذا الحديث مفقود؛ لأنّ الحديث في الصحيحين وغيرهما من طرق عن ابن عمر – رضي الله عنهما – دون ذكر النهار وهذه الزيادة تفرد بها علي بن عبد الله الأزدي عن ابن عمر دون سائر من رواه عن ابن عمر، ونُقِل عن الحافظ ابن حجر خلاصة أقوال الحفاظ في إعلالهم الحديث بهذه الزيادة، وهي أن هذه الزيادة لا تكون صحيحة على طريقة من يشترط في الصحيح ألا يكون شاذا (2) » .
(1) المصدر السابق / 241.
(2)
تمام المنة / 239، 240.
وأمّا التحقق من نفي العلة القادحة فهو أيضاً من أهمِّ الواجبات على الباحث، وذكر الدكتور عبد العزيز العثيم أنّ كل موانع القبول في الإسناد أو المتن من قبيل العلة (1)، وهذا يوافق المعنى اللغوي؛ لأن ((المعلل لغة: ما فيه علة واصطلاحاً: ما فيه علة خفية قادحة)) كما ذكر الحافظ ابن حجر (2) .
فإذاً العلة تكون خفية غامضة تقدح في الحديث، وإن كان الظاهر السلامة منها. وقال الحافظ ابن حجر:"المعلّل: هو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، ولا يقوم به إلا من رزقه الله تعالى فهماً ثاقباً، وحفظاً واسعاً، ومعرفة تامة بمراتب الرواة، وملكة قوية بالأسانيد والمتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلاّ القليل من أهل هذا الشأن كعليّ بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني"
(3)
.
ولا يخفى أن العلل أقسام: منها ما هي قادحة –وهي العلة في الحقيقة–، ومنها ما ليست بقادحة، وهي أنواع – وتقع غالباً في الإسناد وقليلاً في المتن، كرفع الموقوف، ووقف المرفوع، وإرسال الموصول، ووصل المنقطع، ودخول حديث في حديث (4) .
قال الدكتور عبد العزيز العثيم: «فالعلة التي تقع في الإسناد والمتن ستة أقسام (5) :
(1) دراسة الأسانيد / 146.
(2)
نزهة النظر/ 83.
(3)
المصدر السابق/ 123.
(4)
انظر دراسة الأسانيد/ 146.
(5)
المصدر السابق/ 147.
1-
العلة في السند تقدح في صحة السند والمتن جميعاً.
2-
العلة في السند تقدح في صحة السند من غير قدح في المتن.
3-
العلة في السند لا تقدح في صحة السند ولا المتن.
4-
العلة في المتن تقدح فيه وفي السند.
5-
العلة في المتن تقدح فيه من غير قدح في السند.
6-
العلة في المتن لا تقدح فيه ولا في السند (1) .
بعد الانتهاء من هذه الخطوات: وهي تحقق عدالة الرواة وضبطهم، وتحقق اتصال السند وعدم وجود انقطاع فيه، وتحقق عدم وجود الشذوذ والعلة القادحة فيه – نقطف ثمار القبول والحكم على الحديث بالصحة أو الحسن، وإذا اختل شرط من شروط القبول حكمنا بالضعف، وهذا من أهم ثمار التخريج وجمع الطرق.
(1) انظر للمزيد: النكت للحافظ ابن حجر (2/477) ، وتوضيح الأفكار للصنعاني (2/32، 33) .