المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(قال أبو عبد الله قال أبان حدثنا قتادة حدثنا أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم " عن إيمان " مكان " من خير - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب الْإِيمَان)

- ‌(بَاب الْإِيمَان وَقَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم بني الْإِسْلَام على خمس)

- ‌(بَاب دعاؤكم إيمَانكُمْ)

- ‌(بَاب أُمُورِ الإِيمَانِ)

- ‌(بَاب المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)

- ‌(بَاب أيُّ الإِسْلَام أفْضَلُ)

- ‌(بَاب إطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلَامِ)

- ‌(بَاب مِنَ الإِيمَانِ أنْ يُحِبَّ لإِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)

- ‌(بَاب حُبُّ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ)

- ‌(بَاب حَلَاوَةِ الإِيمَانِ)

- ‌(بَاب عَلَامَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الانْصَارِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بَاب مِنَ الدِّينِ الفِرَارُ مِنَ الفِتَنِ)

- ‌(بَاب قَوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّه، وأنَّ المَعْرِفَةَ فِعْلُ القَلْبِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {ولَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} )

- ‌(بَاب مَنْ كَرِهَ أنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَن يُلْقَى فِي النارِ مِن الإِيمانِ)

- ‌(بابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمانِ فِي الأَعْمَالِ)

- ‌(بَاب الحَياءُ مِنَ الإيمانِ)

- ‌(بَاب {فَإِن تَابُوا وَأقَامُوا الصَّلَاةَ وآتُوا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} )

- ‌(بابُ مَنْ قَالَ: إنّ الإيمَانَ هُوَ العَمَلُ لقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} )

- ‌(بابُ إذَا لَمْ يَكُنِ الإسْلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وكانَ عَلَى الإستسْلَامِ أَو الْخَوْفِ مِنَ الْقَتْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالىَ {قَالَتِ الَاعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنَا} فَاذَا كانَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَهْوَ

- ‌(بابُ إفْشاءُ السَّلَامِ مِنَ الإسْلَامِ)

- ‌(بابُ كُفْرَانِ العَشِيرِ وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ)

- ‌(بَاب المَعَاصِي مِنْ أمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكابِهَا إلَاّ بِالشِّرْكِ لِقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جاهِليَّةٌ وقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إنّ الله لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ

- ‌(بَاب {وإنْ طَائِفَتَانِ مِنْ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فأصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَسَمَّاهُمُ المُؤْمِنِينَ} )

- ‌(بَاب ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ)

- ‌(بابُ عَلَاماتِ المُنَافِقِ)

- ‌(بابُ قِيامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإيمانِ)

- ‌(بابٌ الْجِهادُ مِنَ الإيمانِ)

- ‌(بابٌ تَطَوُّعُ قِيام رَمَضَانَ مِنَ الْإِيمَان)

- ‌(بابٌ صَوْمُ رَمَضانَ احْتِسابا مِنَ الإيمانِ)

- ‌(بابٌ الدِّينُ يُسْرٌ)

- ‌(بابٌ الصَّلاةُ مِنَ الإيمانِ)

- ‌(بابُ حُسْنِ إسْلَامِ المَرْء)

- ‌(بَاب أحَبُّ الدِّينِ إلَى اللَّهِ أدْوَمُهُ)

- ‌(بابُ زِيَادَةِ الإيمَانِ ونُقْصَانِهِ)

- ‌(قَالَ أَبُو عبد الله قَالَ أبان حَدثنَا قَتَادَة حَدثنَا أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم " عَن إِيمَان " مَكَان " من خير

- ‌(بَاب الزَّكاةُ مِنَ الإسْلَامِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعُ الْجَنائِزِ مِنَ الإِيمَان)

- ‌(بابُ خَوْفِ ألمُؤمِنِ مِنْ أنْ يَحْبَطَ عَملُهُ لَا يَشْعُرُ)

- ‌{بَاب سُؤال جِبْريلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عنِ الإيمانِ والإسْلامِ والإحْسانِ وعِلْمِ السَّاعةِ} )

- ‌(قَالَ أَبُو عبد الله جعل ذَلِك كُله من الْإِيمَان)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرأَ لِدِينِهِ)

- ‌(بَاب أَدَاءُ الْخُمُسِ مِنَ الإيمانِ)

- ‌(بَاب مَا جاءَ أنّ الأعْمَال بالنِّيَّةِ والحِسْبَةِ ولِكُلِّ امرِىء مَا نَوَى)

- ‌(بَاب قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الدِّينُ النَّصِيحَةُ للَّهِ ولِرَسُولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ

الفصل: ‌(قال أبو عبد الله قال أبان حدثنا قتادة حدثنا أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم " عن إيمان " مكان " من خير

وزن شعيرَة وَهِي أَكثر من الْبرة والبرة أَكثر من الذّرة فَدلَّ على أَنه يكون للشَّخْص الْقَائِل لَا إِلَه إِلَّا الله قدر من الْإِيمَان لَا يكون ذَلِك الْقدر لقَائِل آخر وَقَالَ الْكرْمَانِي لَا يخْتَص بِالنُّقْصَانِ بل يدل على الزِّيَادَة أَيْضا قلت المُرَاد من الْخَيْر هُوَ الثمرات وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَة من يمَان ثَمَرَات الْإِيمَان وَلَا نزاع فِي زِيَادَة ثَمَرَات الْإِيمَان ونقصانها فَأن قلت مَا المُرَاد بالثمرات القلبية قلت المُرَاد بهَا مَرَاتِب الْعُلُوم الْحَاصِلَة المستلزمة للتصديق لكل وَاحِد من جزيئات الشَّرْع وَقَالَ الْمُهلب الذّرة أقل من الموزونات وَهِي فِي هَذَا الحَدِيث التَّصْدِيق بهَا وَلَيْسَت زِيَادَة فِي نفس التَّصْدِيق وَيُقَال يحْتَمل أَن تكون الذّرة واختارها الَّتِي فِي الْقلب ثلاثتها من نفس التَّصْدِيق لَان قَول لَا إِلَه إِلَّا الله لَا يتم إِلَّا بِتَصْدِيق الْقلب وَالنَّاس يتفاضلون فِي التَّصْدِيق إِذْ يجوز عَلَيْهِ الزِّيَادَة بِزِيَادَة الْعلم والمعاينة أما زِيَادَته بِزِيَادَة الْعلم فَلقَوْله تَعَالَى {أَيّكُم زادته هَذِه إِيمَانًا} الْآيَة وَأما زِيَادَته بِزِيَادَة المعاينة فَلقَوْله تَعَالَى (وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي) وَقَول تَعَالَى (ثمَّ لترونها عين الْيَقِين) حَيْثُ جعل لَهُ مزية على علم الْيَقِين قلت حَقِيقَة التَّصْدِيق شَيْء وَاحِد لَا يقبل الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَقَالَ الإِمَام إِن كَانَ المُرَاد من الْإِيمَان التَّصْدِيق فَلَا يقبل الزِّيَادَة والنقاصان وَإِن كَانَ الطَّاعَات فيقبلهما وَالْأَصْل هُوَ التَّصْدِيق وَالْقَوْل بِلَا لَهُ إِلَّا الله لآجراء الإحكام فِي الدُّنْيَا وَالنَّاس أَنما يتفاضلون فِي التَّصْدِيق التفصيلي لَا فِي مُطلق التَّصْدِيق وَقَوله تَعَالَى (وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي) حِكَايَة عَن قَول إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام وَكَيف يمن أَن يُقَال فِي حَقه زَاد تَصْدِيقه بالمعاينة لِأَن القَوْل بِهَذَا يسْتَلْزم القَوْل بِنُقْصَان تَصْدِيقه قبل ذَلِك وَذَا لَا يجوز فِي حَقه عليه السلام وَإِنَّمَا كَانَ مُرَاده من هَذَا أَن يضم إِلَى عمله الضَّرُورِيّ الْعلم الاستدلالي ليزِيد سكونا لَا تظاهر الادلة اسكن للقلوب فَافْهَم

الثَّانِي فِيهِ دُخُول عصاة الْمُوَحِّدين النَّار

الثَّالِث فِيهِ أَن صَاحب الْكَبِير من الْمُوَحِّدين لَا يكفر بِفِعْلِهَا وَلَا يخلد فِي النَّار

الرَّابِع فِيهِ أَنه لَا يَكْفِي فِي الْإِيمَان معرفَة الْقلب دون الْكَلِمَة وَلَا الْكَلِمَة من غير اعْتِقَاد

سُؤال لم قدم الشعيرة على الْبرة اجيب لِأَنَّهَا أكبر جر مَا مِنْهَا وَيقرب بَعْضهَا من بعض وَأخر الذّرة لصغرها وَهَذَا من بَاب الترقي فِي الحكم وَإِن كَانَ من بَاب التَّنْزِيل فِي الصُّور فَافْهَم

‌(قَالَ أَبُو عبد الله قَالَ أبان حَدثنَا قَتَادَة حَدثنَا أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم " عَن إِيمَان " مَكَان " من خير

")

المُرَاد من أبي عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه وَلَا يُوجد فِي بعض النّسخ قَالَ أَبُو عبد الله بل الْمَذْكُور بعد تَمام الحَدِيث وَقَالَ ابْن بِالْوَاو العاطفة هَذَا من تعليقات البُخَارِيّ وَقد وَصله الْحَاكِم فِي كتاب الْأَرْبَعين لَهُ من طَرِيق أبي سَلمَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا أبان بن يزِيد فَذكر الحَدِيث وَفِي ذكره ثَلَاث فَوَائِد (الأولى) وَهِي أهمها التَّنْبِيه على تَصْرِيح قَتَادَة فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ عَن أنس وَذَلِكَ أَن قَتَادَة مُدَلّس لَا يحْتَج بعنعته إِلَّا إِذا ثَبت سَمَاعه لذَلِك الَّذِي عنعن وَالْوَاقِع فِي الرِّوَايَة الأولى عَنهُ وَهِي رِوَايَة هِشَام بالعنعة حَيْثُ قَالَ عَن أنس وَلما ثَبت من رِوَايَة أبان عَنهُ بِالتَّحْدِيثِ علم اتِّصَال عنعنته وقوى الِاحْتِجَاج بِهِ (الثَّانِيَة) فِيهِ التَّنْبِيه على تَفْسِير الْمَتْن بقوله من إِيمَان بدل قَوْله من خير (الثَّالِثَة) فِيهِ التقوية لما قبله فَأن قلت لم لم يكتف بطرِيق أبان الَّتِي لَيْسَ فِيهَا التَّدْلِيس وبسوقها مَوْصُولَة قلت ان أبان وَأَن كَانَ ثِقَة لَكِن هشاماً أوثق مِنْهُ واحفظ حَتَّى قَالَ بو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ مَا رأى النَّاس اثْبتْ من هِشَام الدستوَائي فَذكر الْأَقْوَى وَاتبعهُ بالقوى لزِيَادَة التَّأْكِيد وابان بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن يزِيد الْعَطَّار الْبَصْرِيّ سمع قَتَادَة وَغير وروى عَنهُ الطَّيَالِسِيّ وحبان بن هِلَال وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم وَغَيرهم قَالَ البُخَارِيّ فِي كتاب الصَّلَاة وَقَالَ مُوسَى ثَنَا ابان عَن قَتَادَة فَأخْرج لَهُ البُخَارِيّ اسْتِشْهَادًا وَأخرج لَهُ مُسلم عَن عبد بن حميد عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَنهُ فِي الْبيُوع وَفِي مَوضِع آخر عَن زُهَيْر عَن عبد الصَّمد عَنهُ ووزنه فعال كغزالي فعلى هَذَا هُوَ منصرف والهمزة فَاء الْكَلِمَة أَصْلِيَّة وَالْألف زَائِدَة وَهُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور وَقَول الاكثرين وَقَالَ ابْن مَالك ابان لَا ينْصَرف لِأَنَّهُ على وزن افْعَل مَنْقُول من ابان يبين وَلَو لم يكن مَنْقُولًا لوَجَبَ أَن يُقَال فِيهِ أبين بالتصحيح

45 -

حدّثنا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ حدّثنا أبُو الْعُمَيْسِ أخْبَرَنَا قَيْسُ بنُ

ص: 261

مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أنّ رَجُلاً مِنَ اليَهُودِ قالَ لَهُ يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلكَ اليَوْمَ عيدا قالَ أيُّ آيَةً قالَ {اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينكُمْ وأتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتِي وَرَضيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينا} قالَ عُمَرُ قدْ عَرَفْنَا ذِلَكَ اليَوْمَ والمَكانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَة يَوْمَ جُمُعَةٍ..

أخرج هَذَا الحَدِيث هَهُنَا لِأَنَّهُ فِي بَيَان سَبَب نزُول الْآيَة الَّتِي هِيَ من جملَة التَّرْجَمَة وَهِي قَوْله تَعَالَى: {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} (الْمَائِدَة: 3) الْآيَة.

بَيَان رِجَاله: وهم سِتَّة الأول: الْحسن أَبُو عَليّ بن الصَّباح، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، ابْن مُحَمَّد الْبَزَّار، بزاي بعْدهَا رَاء الوَاسِطِيّ، سكن بَغْدَاد، قَالُوا: كَانَ من خِيَار النَّاس، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: ثِقَة صَاحب سنة، وَمَا يَأْتِي عَلَيْهِ يَوْم إلَاّ وَهُوَ يفعل فِيهِ خيرا، روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه، وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجل عَنهُ، توفّي بِبَغْدَاد سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فِيمَا ذكر مُحَمَّد بن طَاهِر وَابْن عَسَاكِر، وَقَالَ مُحَمَّد بن سرُور الْمَقْدِسِي والكلاباذي: توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، فعلى القَوْل الأول تكون وَفَاته قبل البُخَارِيّ لِأَن البُخَارِيّ توفّي سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: جَعْفَر بن عون بن جَعْفَر بن عَمْرو بن حُرَيْث المَخْزُومِي أَبُو عون، قَالَ ابْن معِين: هُوَ ثِقَة، وَقَالَ أَحْمد: رجل صَالح لَيْسَ بِهِ بَأْس، توفّي بِالْكُوفَةِ سنة سبع وَمِائَتَيْنِ، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الثَّالِث: أَبُو العميس بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره سين مُهْملَة، واسْمه عتبَة بن عبد الله بن عتبَة بن عبد الله بن مَسْعُود الْهُذلِيّ المَسْعُودِيّ الْكُوفِي أَخُو عبد الرَّحْمَن، قَالَ يحيى وَأحمد: ثِقَة، توفّي سنة عشْرين وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الرَّابِع: قيس بن مُسلم، أَبُو عَمْرو الجدلي الْكُوفِي العابد، سمع طَارق بن شهَاب ومجاهدا وَغَيرهمَا، وَعنهُ الْأَعْمَش ومسعر وَغَيرهمَا، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَة. الْخَامِس: طَارق بن شهَاب بن عبد شمس بن سَلمَة بن هِلَال بن عَوْف بن جشم بن ظفر بن عَمْرو بن لؤَي بن رهم بن مُعَاوِيَة بن أسلم بن أخمس، بطن من بجيلة، صَحَابِيّ رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأدْركَ الْجَاهِلِيَّة وغزا فِي خلَافَة أبي بكر وَعمر بن الْخطاب، رضي الله عنهما، ثَلَاثًا وَأَرْبَعين من بَين غَزْوَة وسرية، روى عَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَغَيرهم من الصَّحَابَة، سكن الْكُوفَة، توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة، أخرج لَهُ البُخَارِيّ عَن أبي بكر وَابْن مَسْعُود، وَمُسلم عَن أبي سعيد، وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، هَكَذَا ذكر الشَّيْخ قطب الدّين وَفَاته، وَهُوَ وهم، نبه عَلَيْهِ الْمزي وَالَّذين قَالُوا فِي وَفَاته: هُوَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ، وَقيل: سنة اثْنَتَيْنِ، وَقيل: سنة أَربع، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: رأى طَارق النَّبِي عليه السلام وَلم يسمع مِنْهُ شَيْئا. قلت: بجيلة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْجِيم، هِيَ أم ولد أَنْمَار بن أراش، وَهِي بنت صَعب بن الْعَشِيرَة. السَّادِس: أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب، رضي الله عنه.

بَيَان لطائف اسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار والعنعنة، وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ. وَمِنْهَا: أَن ثَلَاثَة مِنْهُم كوفيون.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن يُوسُف، وَفِي التَّفْسِير عَن بنْدَار عَن ابْن مهْدي كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، وَفِي الِاعْتِصَام عَن الْحميدِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مسعر وَغَيره، كلهم عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق. وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن الْمثنى كِلَاهُمَا عَن ابْن مهْدي بِهِ، وَعَن عبد بن حميد عَن جَعْفَر بن عون بِهِ، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب كِلَاهُمَا عَن عبد الله بن إِدْرِيس عَن أَبِيه عَن قيس بن مُسلم. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَقَالَ: حسن صَحِيح. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله بن إِدْرِيس بِهِ، وَفِي الْإِيمَان عَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي عَن جَعْفَر بن عون بِهِ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (من الْيَهُود) ، هُوَ علم قوم مُوسَى، عليه السلام، وَفِي (الْعباب) : الْيَهُود اليهوديون، وَلَكنهُمْ حذفوا يَاء الْإِضَافَة كَمَا قَالُوا: زنجي وزنج، ورومي وروم، وَإِنَّمَا عرف على هَذَا الْحَد. فَجمع على قِيَاس شعيرَة وشعير. ثمَّ عرف الْجمع بِالْألف وَاللَّام، وَلَوْلَا ذَلِك لم يجز دُخُول الْألف وَاللَّام، لِأَنَّهُ معرفَة مؤنث يجْرِي فِي كَلَامهم مجْرى الْقَبِيلَة، وَلم يجر كالحي انْتهى. وَسموا بِهِ

ص: 262

اشتقاقا من هادوا أَي مالوا، أَي فِي عبَادَة الْعجل أَو من دين مُوسَى، أَو من هاد إِذا رَجَعَ من خير إِلَى شَرّ وَمن شَرّ إِلَى خير لِكَثْرَة انتقالهم من مذاهبهم. وَقيل: لأَنهم يتهودون أَي: يتحركون عِنْد قِرَاءَة التَّوْرَاة. وَقيل: مُعرب من يهوذا بن يَعْقُوب، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، ثمَّ نسب إِلَيْهِ، فَقيل: يَهُودِيّ، ثمَّ حذفت الْيَاء فِي الْجمع فَقيل: يهود، وكل مَنْسُوب إِلَى جنس الْفرق بَينه وَبَين واحده بِالْيَاءِ وَعدمهَا نَحْو، روم ورومي، كَمَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله:(معشر الْيَهُود) المعشر الْجَمَاعَة الَّذين شَأْنهمْ وَاحِد، وَيجمع على معاشر. قَوْله:(عيدا) على وزن: فعل، أَصله: عود، لِأَنَّهُ من الْعود سمي بِهِ لِأَنَّهُ يعود فِي كل عَام. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى:{تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا} (الْمَائِدَة: 114) قيل: الْعِيد هُوَ السرُور الْعَائِد، وَلذَلِك يُقَال: يَوْم عيد، وَكَأن مَعْنَاهُ: تكون لنا سُرُورًا وفرحا، وَيجمع على أعياد، فرقا بَينه وَبَين أَعْوَاد الَّذِي هُوَ حمع عود. قَوْله:(بِعَرَفَة) يَوْم عَرَفَة هُوَ التَّاسِع من ذِي الْحجَّة، تَقول: هَذَا يَوْم عَرَفَة، غير منون وَلَا يدخلهَا الْألف وَاللَّام، لِأَن عَرَفَة علم لهَذَا الْمَكَان الْمَخْصُوص، فَفِيهَا العلمية والتأنيث، وَقد يُطلق على الْيَوْم الْمَعْهُود أَيْضا.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (سمع جَعْفَر) فعل وفاعل ومفعول، وَقَبله شَيْء مُقَدّر تَقْدِيره: حَدثنَا الْحسن بن الصَّباح أَنه سمع جَعْفَر، وَقد جرت عَادَة الْمُحدثين بِحَذْف: أَنه، فِي مثل هَذَا الْموضع فِي الْخط، وَلَكِن لَا بُد من قِرَاءَته، كَمَا يحذف لفظ: قَالَ، خطأ لَا قِرَاءَة. قَوْله:(من الْيَهُود) فِي مَحل النصب على أَنه صفة ل: (رجلا) أَي: رجلا كَائِنا من الْيَهُود. قَوْله: (قَالَ لَهُ)، أَي: لعمر، وَهَذِه الْجُمْلَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر إِن. قَوْله:(آيَة) ، مُبْتَدأ، وَإِن كَانَ نكرَة لِأَنَّهُ تخصص بِالصّفةِ وَهِي قَوْله:(فِي كتابكُمْ) وَقَوله: (تقرؤنها) جملَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا صفة أُخْرَى للمبتدأ، وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة خَبره، أَعنِي قَوْله:(لَو علينا) إِلَى آخِره، وَيجوز أَن يكون الْمُخَصّص للمبتدأ صفة محذوفة تَقْدِيره: آيَة عَظِيمَة. وَقَوله: (وَفِي كتابكُمْ) خَبره، وَقَوله:(يقرؤنها) خبر بعد خبر، وَيجوز أَن يكون الْخَبَر محذوفا مُقَدرا فِيمَا قبله، وَتَقْدِيره فِي كتابكُمْ آيَة، وَقَوله:(فِي كتابكُمْ) الْمَذْكُور مُفَسّر لَهُ، حذف ذَلِك حَتَّى لَا يجمع بَين الْمُفَسّر والمفسر. قَوْله:(لَو علينا) تَقْدِيره: لَو نزلت علينا، لِأَن لَو، لَا تدخل إِلَّا على الْفِعْل، فَحذف الْفِعْل لدلَالَة الْفِعْل الْمَذْكُور عَلَيْهِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك} (التَّوْبَة: 6) أَي: وَإِن استجارك أحد. وَقَوله تَعَالَى: {لَو أَنْتُم تَمْلِكُونَ} (الْإِسْرَاء: 100) أَي: لَو تَمْلِكُونَ أَنْتُم. قَوْله: (علينا) يتَعَلَّق بالمحذوف. قَوْله: (معشر الْيَهُود)، كَلَام إضافي مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص. أَي: أَعنِي معشر الْيَهُود. قَوْله: (لاتخذنا)، جَوَاب الشَّرْط. قَوْله (قَالَ: أَي آيَة) ؟ أَي: قَالَ عمر، رضي الله عنه، أَي آيَة هِيَ؟ فَالْخَبَر مَحْذُوف. قَوْله:(وَهُوَ قَائِم) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا، وَالْبَاء فِي (بِعَرَفَة) ظرفية. وَقد قُلْنَا: إِنَّه غير منصرف للعلمية والتأنيث، وَالْبَاء تتَعَلَّق بقوله: قَائِم، أَو بقوله: نزلت. قَوْله: (يَوْم الْجُمُعَة)، وَفِي بعض الرِّوَايَات: يَوْم جُمُعَة، وَهِي بِفَتْح الْمِيم وَضمّهَا وإسكانها. فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين فعلة سَاكن الْعين وفعلة بتحريكها؟ قلت: إِن السَّاكِن بِمَعْنى الْمَفْعُول، والمتحرك بِمَعْنى الْفَاعِل، يُقَال: رجل ضحكة، بِسُكُون الْحَاء أَي: مضحوك، وَهَذِه قَاعِدَة كُلية. فَإِن قلت: عَرَفَة غير منصرف اتِّفَاقًا لما ذكرت، فَمَا بَال الْجُمُعَة منصرفا مَعَ أَنَّهَا مثلهَا فِي كَونهَا إسما للزمان الْمعِين، وَفِيه تَاء التَّأْنِيث؟ قلت: عَرَفَة علم وَالْجُمُعَة صفة أَو غير صفة لَيْسَ علما، لَو جعل علما لامتنع من الصّرْف.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: (إِن رجلا من الْيَهُود) اسْم هَذَا الرجل هُوَ كَعْب الْأَحْبَار، صرح بذلك مُسَدّد فِي (مُسْنده) ، والطبري فِي (تَفْسِيره) ، وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) كلهم من طَرِيق رَجَاء بن أبي سَلمَة عَن عبَادَة بن نسي، بِضَم النُّون وَفتح السِّين الْمُهْملَة، عَن إِسْحَاق بن قبيصَة بن ذُؤَيْب عَن كَعْب، فَإِن قلت: روى البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي من طَرِيق الثَّوْريّ عَن قيس بن مُسلم أَن نَاسا من الْيَهُود، وَأخرج فِي التَّفْسِير من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: قَالَت الْيَهُود فَكيف التَّوْفِيق بَين هَذِه الرِّوَايَات؟ قلت: التَّوْفِيق فِيهَا أَن كَعْبًا حِين سَأَلَ عمر، رضي الله عنه، عَن ذَلِك كَانَ مَعَه جمَاعَة من الْيَهُود. قَوْله:(أَي آيَة) ؟ كلمة: أَي، هَهُنَا للاستفهام، وَهُوَ اسْم مُعرب معرفَة للاضافة، وَقد تتْرك الْإِضَافَة وَفِيه مَعْنَاهَا، وَإِذا كَانَ الَّذِي أضيف إِلَيْهِ مؤنثا لَا يجب دُخُول التَّاء فِيهِ، وَإِنَّمَا يجب إِذا وَقع صفة لمؤنث نَحْو: مَرَرْت بِامْرَأَة أَيَّة امْرَأَة، وَنَظِير قَوْله: أَي، آيَة، قَوْله تَعَالَى:{وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت} (لُقْمَان: 34) فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين الِاسْتِفْهَام بِهِ وَبَين الِاسْتِفْهَام بِمَا، نَحْو:{مَا تِلْكَ} (طه: 17)

الْآيَة؟ قلت: السُّؤَال: بِأَيّ، إِنَّمَا هُوَ عمل يُمَيّز أحد المشاركات، و: بِمَا، عَن الْحَقِيقَة وَالْغَرَض، هَهُنَا طلب تعْيين تِلْكَ الْآيَة وتمييزها عَن

ص: 263