الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: فَقَالَ أَي: ابْن عمر. قَوْله: لم يكن عراق يومئذٍ يَعْنِي: لم يكن أهل الْعرَاق فِي ذَلِك الْوَقْت مُسلمين حَتَّى يُوَقت لَهُم مِيقَات، وَكَانَت الْعرَاق يومئذٍ بأيدي كسْرَى وعماله من الْفرس وَالْعرب. وَقَالَ بَعضهم: يُعَكر على هَذَا الْجَواب ذكر أهل الشَّام فَلَعَلَّ مُرَاد ابْن عمر نفي العراقين وهما المصران المشهوران: الْكُوفَة وَالْبَصْرَة، وكل مِنْهُمَا إِنَّمَا صَار مصرا جَامعا بعد فتح الْمُسلمين بِلَاد الْفرس. انْتهى. قلت: هَذَا كَلَام واهٍ لِأَن ابْن عمر يَقُول: وَقت النَّبِي، فَفِي ذَلِك الْوَقْت لم يكن اسْم الْكُوفَة وَلَا اسْم الْبَصْرَة مَذْكُورا وَلَا خطر بخاطر أحد أَن فِي الْعرَاق بلدين الْكُوفَة وَالْبَصْرَة، وَإِنَّمَا تمصرتا فِي أَيَّام عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالْجَوَاب عَن قَوْله: وَيُعَكر، أَن الْحَج فرض فِي سنة سِتّ من الْهِجْرَة كَمَا قَرَّرَهُ الشَّافِعِي، فَلهَذَا ذهب إِلَى أَنه للتراخي لِأَنَّهُ لم يحجّ إلَاّ فِي سنة عشر وَبَينهمَا أَربع سِنِين، وَفِي هَذِه الْمدَّة دخل نَاس فِي الْإِسْلَام من القاطنين فِيمَا وَرَاء الْمَدِينَة من نَاحيَة الشَّام، وتوقيت النَّبِي الْمَوَاقِيت كَانَ فِي زمن حجه.
7345 -
حدّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ المُبَارَكِ، حدّثنا الفُضَيْلُ، حدّثنا مُوسَى بنُ عُقْبَةَ، حدّثني سالِمُ ابنُ عَبْدِ الله عنْ أبِيهِ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ أُرِي وهْوَ فِي مُعَرَّسِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَقِيلَ لَهُ: إنكَ بِبَطْحاءَ مُبارَكَةٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة لَا تخفى لِأَن ذَا الحليفة أَيْضا من أعظم مشاهده، وَلِهَذَا قيل لَهُ: إِنَّك فِي بطحاء مباركة وبطحاء الْوَادي وأبطحه حصاه اللين فِي بطن المسيل، وَذُو الحليفة على سِتَّة أَمْيَال من الْمَدِينَة، وَقيل: سَبْعَة، وَهُوَ مَاء من مياه بني جشم بَينهم وَبَين جحفة، وَهِي مِيقَات أهل الْمَدِينَة الَّتِي تسميها الْعَوام آبار عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَعبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك بن عبد الله، والفضيل بِضَم الْفَاء ابْن سُلَيْمَان النميري الْبَصْرِيّ والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل الْحَج.
قَوْله: أرِي بِضَم الْهمزَة على بِنَاء الْمَجْهُول. قَوْله: فِي معرسه وَهُوَ اسْم الْمَكَان من التَّعْرِيس وَهُوَ الْمنزل الَّذِي كَانَ فِي آخر اللَّيْل.
انْتَهَت أَحَادِيث هَذَا الْبَاب وَهِي أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ حَدِيثا كلهَا دَاخِلَة تَحت تَرْجَمته، فبعون الله ولطفه ذكرنَا وُجُوه المطابقات فِيهَا على الْفَتْح الإلاهي والفيض الرباني فللَّه الْحَمد أَولا وآخراً أبدا دَائِما.
17 -
(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الَاْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول الله عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الَاْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} أَي: لَيْسَ لَك من أَمر خلقي شَيْء، وَإِنَّمَا أَمرهم وَالْقَضَاء فيهم بيَدي دون غَيْرِي وأقضي الَّذِي أَشَاء من التَّوْبَة على من كفر بِي وعصاني، أَو الْعَذَاب إِمَّا فِي عَاجل الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ، وَإِمَّا فِي الآجل بِمَا أَعدَدْت لأهل الْكفْر. وَمضى ذكر سَبَب نُزُولهَا فِي تَفْسِير سُورَة آل عمرَان، وَيَجِيء الْآن أَيْضا. وَقَالَ ابْن بطال: دُخُول هَذِه التَّرْجَمَة فِي كتاب الِاعْتِصَام من جِهَة دُعَاء النَّبِي، على الْمَذْكُورين لكَوْنهم لم يذعنوا للْإيمَان ليعتصموا بِهِ من اللَّعْنَة، وَإِن معنى قَوْله:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الَاْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} هُوَ معنى قَوْله: {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَاِنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَاّ ابْتِغَآءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}
7346 -
حدّثنا أحْمدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أخبرنَا عَبْدُ الله، أخبرنَا مَعْمَر عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ سالِمِ عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّهُ سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ، ورَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنا ولَكَ الحمْدُ فِي الآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاناً وفُلاناً فأنْزَلَ الله عز وجل {لَيْسَ لَكَ مِنَ الَاْمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأحمد بن مُحَمَّد السمسار الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَمعمر بن رَاشد.
والْحَدِيث مضى فِي سُورَة آل عمرَان وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: يَقُول قَالَ الْكرْمَانِي: أَيْن مقول يَقُول؟ ثمَّ أجَاب بقوله: جعله كالفعل اللَّازِم أَي: يفعل القَوْل ويخفيه، أَو هُوَ مَحْذُوف. وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون بِمَعْنى قَائِلا. أَو لفظ: قَالَ، الْمَذْكُور زَائِد. قلت: هَذَا
الِاحْتِمَال لَا يمْنَع السُّؤَال لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ حَالا فَلَا بُد لَهُ من مقول، ودعواه بِزِيَادَة، قَالَ: غير صَحِيحَة لِأَنَّهُ وَاقع فِي مَحَله. قَوْله: وَرفع رَأسه الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: رَبنَا وَلَك الْحَمد ويروى بِدُونِ الْوَاو. قَوْله: فِي الْآخِرَة من كَلَام ابْن عمر، أَي: فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة، وَوهم فِيهِ الْكرْمَانِي وهما فَاحِشا وَظن أَنه مُتَعَلق بِالْحَمْد حَتَّى قَالَ: وَجه التَّخْصِيص بِالآخِرَة مَعَ أَن لَهُ الْحَمد فِي الدُّنْيَا أَيْضا لِأَن نعيم الْآخِرَة أشرف فَالْحَمْد عَلَيْهِ هُوَ الْحَمد حَقِيقَة. أَو المُرَاد بِالآخِرَة: الْعَاقِبَة، أَي: قَالَ كل الحمود إِلَيْك انْتهى. وَفِي جمع الْحَمد على الحمود نظر. قَوْله: فلَانا وَفُلَانًا قَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي رعلاً وذكوان، قيل: وهم فِيهِ أَيْضا لِأَنَّهُ سمى نَاسا بأعيانهم لَا الْقَبَائِل.
18 -
(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَاذَا الْقُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىءٍ جَدَلاً} وقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُجَادِلُو اْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَاّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِلَاّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُو اْءَامَنَّا بِالَّذِى أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَاهُنَا وَإِلَاهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُجَادِلُو اْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَاّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِلَاّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُو اْءَامَنَّا بِالَّذِى أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَاهُنَا وَإِلَاهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} وَفِي التَّفْسِير بيّن سَبَب نُزُولهَا. قَوْله. وَقَوله تَعَالَى: ل م
…
الْآيَة اخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل هَذِه الْآيَة، فَقَالَت طَائِفَة: هِيَ محكمَة وَيجوز مجادلة أهل الْكتاب بِالَّتِي هِيَ أحسن على معنى الدُّعَاء لَهُم إِلَى الله والتنبيه على حججه وآياته رَجَاء إجابتهم إِلَى الْإِيمَان، هَذَا قَول مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير. وَقَالَ ابْن زيد: مَعْنَاهُ {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب} يَعْنِي إِذا أَسْلمُوا وأخبروكم بِمَا فِي كتبهمْ وى ييً فِي المخاطبة {إِلَّا الَّذين ظلمُوا} بإقامتهم على الْكفْر، فخاطبوهم بِالسَّيْفِ. وَقَالَ قَتَادَة: هِيَ مَنْسُوخَة بِآيَة الْقِتَال.
7347 -
حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنِ الزُّهْرِيِّ. ح وحدّثني مُحَمَّدُ بنُ سَلَامٍ، أخبرنَا عَتَّابُ بنُ بَشِيرٍ عنْ إسْحاقَ عنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبرنِي عليُّ بنُ حُسَيْنٍ أنَّ حُسَيْنَ بنَ عَلِيَ رضي الله عنهما، أخْبَرَهُ أنَّ علِيَّ بنَ أبي طالِبٍ، رضي الله عنه، قَالَ: إنَّ رسولَ الله طَرَقَهُ وفاطِمَةَ عليها السلام، بِنْتَ رسولِ الله فَقَالَ، لَهُمْ: أَلا تُصَلُّونَ؟ فَقَالَ عليٌّ: فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله إنّما أنْفُسُنا بِيَدِ الله فإذَا شاءَ أنْ يَبْعَثَنا بَعَثَنا، فانْصَرَفَ رسولُ الله حِينَ قَالَ لهُ ذَلِكَ: وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ شَيْئاً، ثُمَّ سَمِعَهُ وهْوَ مُدبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وهْوَ يَقُولُ:{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَاذَا الْقُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىءٍ جَدَلاً} .
مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن. وَالْآخر: عَن مُحَمَّد بن سَلام بِالتَّخْفِيفِ وَوَقع عِنْد النَّسَفِيّ غير مَنْسُوب عَن عتاب بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبالباء الْمُوَحدَة ابْن بشير بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة والجزري بِالْجِيم وَالزَّاي وَالرَّاء عَن إِسْحَاق بن رَاشد الْجَزرِي أَيْضا وَوَقع إِسْحَاق عِنْد النَّسَفِيّ وَأبي ذَر غير مَنْسُوب وَنسب عِنْد البَاقِينَ، وسَاق الْمَتْن على لَفظه عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب عَن أَبِيه الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة عَن أبي الْيَمَان أَيْضا وَفِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن عبد الله.
قَوْله: طرقه أَي: طرق عليّاً وَفَاطِمَة، مَنْصُوب لِأَنَّهُ عطف على الضَّمِير الْمَنْصُوب بِطرقِهِ، وَمَعْنَاهُ: أَتَاهُ لَيْلًا وَسَيَأْتِي مزِيد الْكَلَام فِيهِ. قَوْله: فَقَالَ لَهُم: أَلا تصلونَ؟ أَي: لعَلي وَفَاطِمَة وَمن عِنْدهمَا. أَو إِن أقل الْجمع اثْنَان، وَفِي رِوَايَة شُعَيْب أَلا تصليان؟ بالتثنية على الأَصْل. قَوْله: بعثنَا أَي من النّوم للصَّلَاة. قَوْله: حِين قَالَ لَهُ ذَلِك فِيهِ الْتِفَات، وَفِي رِوَايَة شُعَيْب: حِين قلت لَهُ ذَلِك. قَوْله: وَهُوَ مُدبر بِضَم أَوله وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: مول ظَهره بتَشْديد اللَّام، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَهُوَ منصرف. قَوْله: يضْرب فَخذه جملَة وَقعت حَالا، وَكَذَلِكَ قَوْله: وَهُوَ يَقُول وَكَأن رَسُول الله حرضهم على الصَّلَاة بِاعْتِبَار الْكسْب وَالْقُدْرَة، وأجابه عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِاعْتِبَار الْقَضَاء وَالْقدر. قَالُوا: وَكَانَ يضْرب فَخذه تَعَجبا من سرعَة جَوَابه وَالِاعْتِبَار بذلك أَو تَسْلِيمًا لقَوْله. وَقَالَ الْمُهلب: لم يكن لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن يدْفع مَا دَعَاهُ النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِلَيْهِ من الصَّلَاة بقوله