الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقيل: الأضراس، وَقيل: الدواخل من الأضراس الَّتِي فِي أقْصَى الْحلق، وَزَاد شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن: تَصْدِيقًا لقَوْل الحبر، وَفِي رِوَايَة فُضَيْل: تَعَجبا وَتَصْدِيقًا لَهُ، وَعند مُسلم: تَعَجبا مِمَّا قَالَ الحبر تَصْدِيقًا لَهُ، وَفِي رِوَايَة جرير عِنْده: وَتَصْدِيقًا لَهُ، بِزِيَادَة: وَاو، وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة من رِوَايَة إِسْرَائِيل عَن مَنْصُور: حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه تَصْدِيقًا لَهُ.
ثمَّ الْكَلَام هُنَا فِي مَوَاضِع.
الأول: فِي أَمر الإصبع، قَالَ ابْن بطال: لَا يحمل الإصبع على الْجَارِحَة بل يحمل على أَنه صفة من صِفَات الذَّات لَا يكيف وَلَا يحدد وَهَذَا ينْسب إِلَى الْأَشْعَرِيّ، وَعَن ابْن فورك: يجوز أَن يكون الإصبع خلقا يخلقه الله فَيحمل مَا يحمل الإصبع، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْقُدْرَة وَالسُّلْطَان. وَقَالَ الْخطابِيّ: لم يَقع ذكر الإصبع فِي الْقُرْآن وَلَا فِي حَدِيث مَقْطُوع بِهِ، وَقد تقرر أَن الْيَد لَيست جارحة حَتَّى يتَوَهَّم من ثُبُوتهَا ثُبُوت الْأَصَابِع، بل هُوَ تَوْقِيف أطلقهُ الشَّارِع فَلَا يكيف وَلَا يشبه، وَلَعَلَّ ذكر الْأَصَابِع من تَخْلِيط الْيَهُود، فَإِن الْيَهُود مشبهة وَفِيمَا يَدعُونَهُ من التَّوْرَاة أَلْفَاظ تدخل فِي بَاب التَّشْبِيه وَلَا تدخل فِي مَذَاهِب الْمُسلمين، ورد عَلَيْهِ إِنْكَاره وُرُود الإصبع لوروده فِي عدَّة أَحَادِيث. مِنْهَا: حَدِيث مُسلم: إِن قلب ابْن آدم بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِع الرَّحْمَن، قيل: هَذَا لَا يرد عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نفى الْقطع، وَفِيه نظر لَا يخفى، أَقُول: لَا يمْنَع ثُبُوت الإصبع الَّذِي هُوَ غير الْجَارِحَة، فَكَمَا ثَبت الْيَد أَنَّهَا غير جارحة فَكَذَلِك الإصبع.
الْموضع الثَّانِي: فِي تَصْدِيق النَّبِي، إِيَّاه، قَالَ الْخطابِيّ: قَول الرَّاوِي تَصْدِيقًا لَهُ، ظن مِنْهُ وحسبان وروى هَذَا الحَدِيث غير وَاحِد من أَصْحَاب عبد الله فَلم يذكرُوا فِيهِ: تَصْدِيقًا لَهُ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي الْمُفْهم وَأما من زَاد: تَصْدِيقًا لَهُ، فَلَيْسَ بِشَيْء فَإِن هَذِه الزِّيَادَة من قَول الرَّاوِي وَهِي بَاطِلَة لِأَن النَّبِي لَا يصدق الْمحَال، وَهَذِه الْأَوْصَاف فِي حق الله تَعَالَى محَال، وَطول الْكَلَام فِيهِ ثمَّ قَالَ: وَلَئِن سلمنَا أَن النَّبِي صرح بتصديقه لم يكن ذَلِك تَصْدِيقًا فِي الْمَعْنى بل فِي اللَّفْظ الَّذِي نَقله من كِتَابه عَن نبيه، وَيقطع بِأَن ظَاهره غير مُرَاد.
الْموضع الثَّالِث: فِي ضحك النَّبِي قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَضحك النَّبِي إِنَّمَا هُوَ للتعجب من جهل الْيَهُودِيّ، فَظن الرَّاوِي أَن ذَلِك التَّعَجُّب تَصْدِيق، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَقَالَ ابْن بطال: حَاصِل الْخَبَر أَنه ذكر الْمَخْلُوقَات وَأخْبر عَن قدرَة الله جَمِيعًا، فَضَحِك النَّبِي تَعَجبا من كَونه يستعظم ذَلِك، فِي قدرَة الله تَعَالَى.
الْموضع الرَّابِع: فِي أَن النَّبِي مَا كَانَ يضْحك إِلَّا تبسماً، وَهنا ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه، وَهُوَ قهقهة. قَالَ الْكرْمَانِي: كَانَ التبسم هُوَ الْغَالِب، وَهَذَا كَانَ نَادرا، أَو: المُرَاد بالنواجذ الأضراس مُطلقًا.
الْموضع الْخَامِس: فِي الْحِكْمَة فِي قِرَاءَته قَوْله تَعَالَى: {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالَاْرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} فَقيل: أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الَّذِي قَالَه الْيَهُودِيّ يسير فِي جنب مَا يقدر عَلَيْهِ، أَي: لَيْسَ قدرته بِالْحَدِّ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ الْوَهم أَو يُحِيط بِهِ الْحَد وَالْبَصَر، وَقَالَ الْخطابِيّ: الْآيَة مُحْتَملَة للرضاء وَالْإِنْكَار، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: ضحكه تَعَجبا من جهل الْيَهُودِيّ فَلذَلِك قَرَأَ هَذِه الْآيَة: {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالَاْرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أَي: مَا عرفوه حق مَعْرفَته وَمَا عظموه حق عَظمته.
(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا شَخْصَ أغْيَرُ مِنَ الله))
أَي: هَذَا بَاب فِي قَول النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لَا شخص أغير من الله وَوَقع فِي بعض النّسخ: بَاب قَول النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لَا أحد أغير من الله، وَقَالَ عبيد الله بن عَمْرو عَن عبد الْملك: لَا شخص أغير من الله، وَابْن بطال غير قَوْله: لَا شخص بقوله: لَا أحد، وَعَلِيهِ شرح. وَقَالَ: اخْتلف أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث فَلم يخْتَلف فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود أَنه بِلَفْظ: لَا أحد، فَظهر أَن لفظ: شخص، جَاءَ فِي مَوضِع: أحد، فَكَانَ من تصرف الرَّاوِي. قلت: اخْتِلَاف أَلْفَاظ الحَدِيث هُوَ أَن فِي رِوَايَة ابْن مَسْعُود: مَا من أحد أغير من الله، وَفِي رِوَايَة عَائِشَة: مَا أحد أغير من الله، وَفِي رِوَايَة أَسمَاء: لَا شَيْء أغير من الله، وَفِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة: إِن الله تَعَالَى يغار، كل ذَلِك مضى فِي كتاب النِّكَاح فِي: بَاب الْغيرَة، وَرِوَايَة ابْن مَسْعُود مبينَة أَن لفظ: الشَّخْص، مَوْضُوع مَوضِع: أحد، وَقَالَ الدَّاودِيّ: فِي قَوْله: لَا شخص أغير من الله لم يَأْتِ مُتَّصِلا وَلم تتلق الْأمة مثل هَذِه الْأَحَادِيث بِالْقبُولِ، وَهُوَ يتوقى فِي الْأَحْكَام الَّتِي لَا تلجىء الضَّرُورَة النَّاس إِلَى الْعَمَل بِهِ. وَقَالَ الْخطابِيّ: إِطْلَاق الشَّخْص فِي صِفَات الله غير جَائِز لِأَن الشَّخْص إِنَّمَا يكون جسماً مؤلفاً، وخليق أَن لَا تكون هَذِه اللَّفْظَة صَحِيحَة، وَأَن تكون تصحيفاً من الرَّاوِي
وَكثير من الروَاة يحدث بِالْمَعْنَى وَلَيْسَ كلهم فُقَهَاء، وَفِي كَلَام آحَاد الروَاة جفَاء وتعجرف. وَقَالَ بعض كبار التَّابِعين: نعم الْمَرْء رَبنَا لَو أطعناه مَا عصانا، وَلَفظ الْمَرْء إِنَّمَا يُطلق على الذُّكُور من الْآدَمِيّين، فَأرْسل الْكَلَام وَبَقِي أَن يكون لفظ الشَّخْص جرى على هَذَا السَّبِيل فاعتوره الْفساد من وُجُوه: أَحدهَا أَن اللَّفْظ لَا يثبت إلَاّ من طَرِيق السّمع. وَالثَّانِي: إِجْمَاع الْأمة على الْمَنْع مِنْهُ. وَالثَّالِث: أَن مَعْنَاهُ أَن يكون جسماً مؤلفاً فَلَا يُطلق على الله، وَقد منعت الْجَهْمِية إِطْلَاق الشَّخْص مَعَ قَوْلهم بالجسم فَدلَّ ذَلِك على مَا قُلْنَاهُ من الْإِجْمَاع على مَنعه فِي صفته، عز وجل. قَوْله: لَا شخص، كلمة: لَا، لنفي الْجِنْس، و: أغير، مَرْفُوع خَبره، و: أغير، أفعل تَفْضِيل من الْغيرَة وَهِي الحمية والأنفة. وَقَالَ عِيَاض: الْغيرَة مُشْتَقَّة من تغير الْقلب وهيجان الْغَضَب بِسَبَب الْمُشَاركَة فِيمَا بِهِ الِاخْتِصَاص، وَأَشد ذَلِك مَا يكون بَين الزَّوْجَيْنِ، هَذَا فِي حق الْآدَمِيّ، وَأما فِي حق الله فَيَأْتِي عَن قريب. قَوْله: وَقَالَ عبيد الله بن عَمْرو بتصغير العَبْد وبفتح الْعين فِي عَمْرو بن أبي الْوَلِيد الْأَسدي مَوْلَاهُم الرقي، يروي عَن عبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر بن سُوَيْد الْكُوفِي وَهُوَ أول من عبر نهر جيحون نهر بَلخ على طَرِيق سَمَرْقَنْد مَعَ سعيد بن عُثْمَان بن عَفَّان، خرج غازياً مَعَه وَمَات سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وعمره يَوْم مَاتَ مائَة سنة وَثَلَاث سِنِين. وَقَالَ الْخطابِيّ: انْفَرد بِهِ عبيد الله عَن عبد الْملك وَلم يُتَابع عَلَيْهِ، ورد بَعضهم على الْخطابِيّ بقوله: إِنَّه لم يُرَاجع صَحِيح مُسلم وَلَا غَيره من الْكتب الَّتِي وَقع فِيهَا هَذَا اللَّفْظ من غير رِوَايَة عبيد الله بن عَمْرو، ورد الرِّوَايَات الصَّحِيحَة والطعن فِي أَئِمَّة الحَدِيث الضابطين مَعَ إِمْكَان تَوْجِيه مَا رووا من الْأُمُور الَّتِي أقدم عَلَيْهَا كثير من غير أهل الحَدِيث، وَهُوَ يَقْتَضِي قُصُور فهم من فعل ذَلِك مِنْهُم، وَمن ثمَّة قَالَ الْكرْمَانِي: لَا حَاجَة لتخطئة الروَاة الثقاة بل حكم هَذَا حكم سَائِر المتشابهات: إِمَّا التَّفْوِيض وَإِمَّا التَّأْوِيل. انْتهى. قلت: هَذَا وَقع فِي عين مَا أنكر عَلَيْهِ، والخطابي لم يُنكر هَذِه اللَّفْظَة وَحده، وَكَذَلِكَ أنكرها الدَّاودِيّ وَابْن فورك والقرطبي، قَالَ: أصل وضع الشَّخْص فِي اللُّغَة لجرم الْإِنْسَان وجسمه، وَاسْتعْمل فِي كل شَيْء ظَاهر، يُقَال: شخص الشَّيْء إِذا ظهر، وَهَذَا الْمَعْنى محَال على الله. انْتهى. فَكَلَامه يدل على أَنه لَا يرضى بِإِطْلَاق هَذِه اللَّفْظَة على الله وَإِن كَانَ قد أوَّله، وَالْعجب من هَذَا الْقَائِل: إِنَّه أيد كَلَامه بِمَا قَالَه الْكرْمَانِي، مَعَ أَنه ينْسبهُ فِي مَوَاضِع إِلَى الْغَفْلَة وَإِلَى الْوَهم والغلط، وَمن أَيْن ثَبت لَهُ عدم مُرَاجعَة الْخطابِيّ إِلَى صَحِيح مُسلم وَغَيره؟ وَكَلَامه عَام فِي كل مَوضِع فِيهِ، والسهو وَالنِّسْيَان غير مرفوعين عَن كل أحد يقعان عَن الثِّقَات وَغَيرهم، وَفِي نِسْبَة الثِّقَات إِلَى قُصُور الْفَهم وَاقع هُوَ فِيهِ.
7416 -
حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا أبُو عَوَانَةَ، حدّثنا عَبْدُ المَلِكِ عنْ ورَّادٍ كاتِبِ المُغِيرَةِ، عنِ المُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بنُ عُبادَةَ: لَوْ رَأيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأتي لَضَرَبْتُهُ بالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رسولَ الله فَقَالَ: تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْد وَالله لأَنا أغْيَرُ مِنْهُ، وَالله أغْيَرُ مِنِّي، ومِنْ أجْلِ غَيْرَةِ الله حرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ، وَلَا أحَدٌ أحَبَّ إلَيْهِ العُذْرُ مِنَ الله، ومِنْ أجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ المُبَشِّرِينَ والمُنْذَرِينَ، وَلَا أحَدَ أحَبُّ إلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ الله، ومِنْ أجْل ذالِكَ وعَدَ الله الجَنَّةَ
انْظُر الحَدِيث 6846
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْمَعْنى ظَاهِرَة، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي؛ وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وبالنون بعد الْألف الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي، وَعبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر، وَقد مر الْآن، ووراد بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الرَّاء كَاتب الْمُغيرَة بن شُعْبَة ومولاه، وَسعد بن عبَادَة بِضَم الْعين وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة سيد الْخَزْرَج.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب النِّكَاح فِي: بَاب الْغيرَة مُعَلّقا. من قَوْله: قَالَ وراد
…
إِلَى قَوْله: وَالله أغير مني، ثمَّ أخرجه مَوْصُولا فِي كتاب الْمُحَاربين فِي: بَاب من رأى مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله، فَقَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا أَبُو عوَانَة
…
إِلَى قَوْله: وَالله أغير مني.
قَوْله: غير مصفح بِضَم الْمِيم وَسُكُون الصَّاد وَفتح الْفَاء وَكسرهَا أَي: غير ضَارب بعرضه بل بحده، وَقَالَ ابْن التِّين: بتَشْديد الْفَاء فِي سَائِر الْأُمَّهَات.