الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة العاشرة
سئل، رحمه الله: عن الوعيد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه، هل هو صحيح، أم غير ذلك؟ أيضاً، نبهني عبد الوهاب في خطه للموصلي 1 أنك ما رضيت قوله: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك في مشيئته وإرادته، حتى إني أفكر فيها ولا بان لي فيها شيء أيضًا سوى المذكور عند النوم 2 " اللهم إني أسلمت نفسي إليك
…
إلخ "، بين لي معناه، جزاك الله خيرًا.
الجواب: الوعيد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه ثابت عند أهل الحديث، فإن كنت قد حفظت القرآن أو شيئًا منه ثم نسيته، فودّي أن تعود إليه.
وأما قوله في الخطبة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك في مشيئته وإرادته، فعجب كيف يخفى عليك هذا، والشهادة للألوهية 3، والمذكور في الخطبة توحيد الربوبية الذي أقر به الكفار؟ وأما قوله: " اللهم إني أسلمت نفسي إليك
…
إلخ" 4، فترجع 5 إلى الإخلاص والتوكل، ولو كان بينهما فروق لطيفة. والله أعلم.
1 في طبعة أبا بطين: (يفهمني عبد الوهاب في خط الموصلي) .
2 في طبعة الأسد: (عند النووي) ، وكذا في طبعة أبا بطين.
3في طبعة الأسد: (كيف يخفى عليك هذا للألوهية) ، وكذا في طبعة أبا بطين.
4 في طبعة الأسد: (إليه) .
5 في المخطوطة: بدون فاء.
المسألة 1 الحادية عشرة
قال السائل: عفا الله عنك، خطبتُ ووقفتُ على "يوم يبعثر ما في القبور، ويحصل ما في الصدور"، ثم قلت: جعلنا الله وإياك من الآمنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، بارك الله لي ولكم
…
إلخ
…
ولا فطنت إلا بعد ما انقضت الصلاة. وأردت أن آمر المؤذن يؤذنن ونعيد الخطبة والصلاة، ثم تأملت يوم "يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور"، وإذا كأنها آية تقوم بالمعنى وتجزي، ثم كثر علي الهم والتردد.
وأيضاً، عفا الله عنك، عندي دبيش ولي عييل وحاير تطمع نفسي لمنزلة الفقراء ولو لم يكن إلا سبقهم إلى الجنة بما ذكر، ويعارض ذلك، أي الفقير الصابر والغني الشاكر أفضل؟ وقوله صلى الله عليه وسلم: " أن تذر ورثتك
…
إلخ".
أيضاً 2، بيّن لي حد الشكر وحد الصبر.
وأيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: " من قال: "لا إله إلا الله" صادقًا " 3 الحديث، واللفظ الآخر:" مخلصًا دخل الجنة "، ما معنى الصدق والإخلاص، والفرق بينهما. أيضاً حديث البطاقة وما معه من سجلات الذنوب حتى وضعت في كفة والبطاقة في كفة، فرجحت بتلك السجلات لما تضمنت من الإخلاص.
1 في طبعة أبا بطين، بدون كلمة:(المسألة) .
2 في طبعة أبا بطين: بدون كلمة: (أيضاً) .
3 البخاري: الإيمان (44)، ومسلم: الإيمان (193)، والترمذي: صفة جهنم (2593)، وابن ماجة: الزهد (4312) ، وأحمد (3/173، 3/276) .
وما تقول فيمن خالف شيئًا من واجبات الشريعة، ماذا يقع عليه؟ وما معنى:"كل ذنب عصي الله به شرك"، وهل يقع في جزء من الكفر، والمراد به: الكفر بالله أو بآلائه 1، مع صغره؟ وما معنى قول من قال: كفر دون كفر؟ وقول من قال: كفر نعمة، أي نعمة؟
أيضًا، وماذا ترى في الرؤيا التي ذكرت لك؟
أيضاً، تفكرت في الإيمان، قوته وضعفه، وأن محله القلب 2، وأن التقوى ثمرته مركبة عليه، فبقوته تقوى، وبضعفه تضعف؛ وهذا فهمي، ولكن ورد علي شبهة: أعرف من خالف دين الإسلام وصد عنه تقوى عن بعض التعديات ولا سيما أموال الناس، وإلا العبادة البدنية (والمالية) 3، مثل الصلاة والزكاة تكون عادة وفطرة، أي شيء ترى في ذلك منه؟ وما ذكرت لك في أول السؤال، صحيح أم لا؟
الجواب، وبالله التوفيق:
أما مسألة الخطبة في الجمعة، فلا علمت فيها خلافاً، وأرجو أنها تامة 4.
وأما مسألة الغني والفقير والشاكر، كل منهما من أفضل المؤمنين، وأفضلهما أتقاهما، كما قال تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} 5.
1 في طبعة أبا بطين: (أو بالإله) .
2 في طبعة أبا بطين: (وإلا فمحله القلب) .
3 زيادة على المخطوطة.
4 في طبعة الأسد: (وأرجو أن تكون تامة) ، وكذا في طبعة أبا بطين.
5 سورة الحجرات آية: 13.
وأما حد الصبر وحد الشكر، فلا عندي علم إلا المشهور بين العلماء أن الصبر: عدم الجزع، والشكر: أن تطيع الله بنعمته التي أعطاك.
وأما قوله: " من قال: "لا إله إلا الله" صادقاً"، والحديث الآخر:" مخلصا"، فمسألة الصدق والإخلاص كبيرة. ولما ذكر الإمام أحمد الصدق والإخلاص، قال: بهما ارتفع القوم. ولكن يقربها إلى الفهم التفكر في بعض أفراد العبادة، مثل الصلاة والإخلاص؛ فالإخلاص فيها يرجع إلى إفرادها عما يخالف كثيرًا من الرياء والطبع والعادة 1، وغير ذلك. والصدق يرجع إلى إيقاعها على المشروع، ولو أبغضه الناس لذلك 2.
وحديث البطاقة، ذكر الشيخ أنه رزق عند الخاتمة قولها على ذلك الوجه، والأعمال بالخواتيم، مع أن عليَّ بقيّةُ إشكال. والله أعلم.
وأما معنى: "كل ذنب عصي الله تعالى به شرك أو كفر"، فالشرك والكفر نوع، والكبائر نوع آخر، والصغائر نوع آخر. ومن أصرح ما فيه: حديث أبي ذر فيمن لقي الله بالتوحيد قوله: " وإن زنى وإن سرق " 3، مع أن الأدلة كثيرة. وإذا قيل: من فعل كذا فقد أشرك أو كفر، فهو فوق الكبائر. وما رأيت ما يخالف مما ذكرت لك، فهو بمعنى الذي هو أخفى من دبيب النمل.
وقول القائل: "كفر نعمة": خطأ، رده الإمام أحمد وغيره.
1 في طبعة الأسد: (والعبادة) ، وكذا في طبعة أبا بطين.
2 في طبعة الأسد: (في ذلك) ، وكذا في طبعة أبا بطين.
3 البخاري: الجنائز (1237)، ومسلم: الإيمان (94)، والترمذي: الإيمان (2644) ، وأحمد (5/152، 5/159، 5/160، 5/166) .
ومعنى: (كفر دون كفر) 1 أنه ليس يخرج من الملة مع كبره.
والرؤيا أرجو أنها من البشرى، ولكن الرؤيا تسر المؤمن ولا تضره.
وقولك: إن الإيمان محله القلب، فالإيمان بإجماع 2 السلف محله القلب 3 والجوارح جميعاً، كما ذكر الله تعالى في سورة الأنفال وغيرها. وأما كون الذي في القلب والذي في الجوارح يزيد وينقص، فذاك شيء معلوم; والسلف يخافون على الإنسان، إذا كان ضعيف الإيمان، النفاق 4 أو سلب الإيمان كله.
وأما الشبهة التي وردت عليك: إذا كان الرجل مخالفًا دين الإسلام، ويصد عنه، ولكن فيه ورع عن بعض المحرمات، فأنت خابر أن الإنسان يكفر بكلمة واحدة، فكيف الصد عن سبيل الله؟ واذكر قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} 5. فإذا كانت الكراهية تحبط الورع الذي تذكر، فكيف الصد مع الكراهة؟ واليهود والنصارى فيهم أهل زهد أعظم من الورع. والله أعلم.
1 ما بين القوسين غير موجود في طبعة أبا بطين.
2 في طبعة الأسد: (أجمع) ، وكذا في طبعة أبا بطين.
3 في طبعة السلفية زيادة: (على أن) ، وكذا في طبعة أبا بطين.
4 في طبعة الأسد: من النفاق، وفي طبعة أبا بطين: بدون: من النفاق.
5 سورة محمد آية: 9.