الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية والعشرون
سأله الشيخ 1 أحمد بن مانع عن مسائل، فأجاب بقوله: من محمد بن عبد الوهاب، إلى أخيه أحمد بن مانع، حفظه الله تعالى؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد; نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، بخير وعافية تمها الله علينا وعليكم في الدنيا والآخرة، وكل من تسأل عنه طيب، والأمور على ما تحب، والإسلام يزداد ظهوراً، والشرك يزداد وهناً. نسأل الله تمام نعمته. وسر الخاطر ما ذكرت من جهة جماعتكم، عسى الله أن يهدينا وإياكم الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم؛ فإنه عليه سهل هين، مع كونه سفت عليه السوافي 2 حتى وارته.
وصاحب الورقة الذي اسمه عثمان ابن عقيل، إن كنت تظن أنه صادق ما هو بمنافق 3، فلا يخلَى بلا كشف الشبهة التي أوردها.
وأما المسائل التي ذكرت، فاعلم أولاً أن الحق إذا لاح واتضح 4، لم يضره كثرة المخالف ولا قلة الموافق، وقد عرفت بعض غربة التوحيد الذي هو
1 في طبعة أبا بطين: (مسألة الشيخ) .
2 في طبعة أبا بطين: (الرياح) بدلاً من (السوافي) .
3 في طبعة أبا بطين: (مهيب منافق) .
4 في طبعة أبا بطين: (أن الذي اتضح) .
أوضح من الصلاة والصوم 1، ولم يضره ذلك. فإذا فهمت قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} 2، وتحققت أن هذا حتم على المؤمنين كلهم، فاعلم: أن مسألة الأوقاف فيها النزاع معروف في كتب المختصرات، وذكر في شرح الإقناع في أول الوقف 3، أنهم اتفقوا على صحة وقف المساجد والقناطر يعني: بقعهما، لا الوقف عليهما، واختلفوا فيما سوى ذلك 4.
إذا تبين هذا، فأنت تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد " 5، وفي لفظ الصحيح:" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد "، ويقطع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا بهذا؛ ولو يأمر به لكان الصحابة أسبق6 الناس إليه، وأحرصهم عليه. وتقطع أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتى بسد الذرائع، وهو من أعظم الأشياء ذريعة 7 إلى تغيير حدود الله، هذا على تقدير أن العالم المنسوب إليه هذا يصحح مثل أوقافنا 8، وأنى ذلك؟ وحاشا وكلا! بل هم يبطلون الوقف الذي يقصد به وجه الله على أمر 9 مباح، ويقولون لا بد منه على
1 في طبعة أبا بطين: (الذي هو دين الإسلام من الصلاة والصوم) .
2 سورة النساء آية: 59.
3 في طبعة أبا بطين: (حول الوقف) .
4 في طبعة الأسد وأبا بطين: (واتفقوا فيما سوى ذلك)، والتصويب من المخطوطة. . 5 البخاري: الصلح (2697)، ومسلم: الأقضية (1718)، وأبو داود: السنة (4606)، وابن ماجة: المقدمة (14) ، وأحمد (6/73، 6/146، 6/180، 6/240، 6/256، 6/270) .
6 في طبعة أبا بطين: (ولو يكن الصحابة أسبق) .
7 في طبعة أبا بطين: (أتى إليه وهو من أعظم الأشياء ذريعة) .
8 في طبعة أبا بطين: (أن العالم المنسوب إليه أن هذا يصح مع أوقاتنا) .
9 في طبعة أبا بطين: (على أحد) .
أمر قربة. وأما كونه جعل ماله بعد الورثة على بر لم يرد 1 إلا بعد انقراضهم، وعاداتنا نفتي ببطلان مثل هذا، ولا نلتفت إلى هذا المصرف الثاني، وذكر بطلان مثل هذا الشرح الكبير وغيره.
(وأما) 2 المسألة الثانية وهي: وقف المرأة على ولدها، وليس لها زوج
…
إلخ، فكذلك تعرف أن الوقف على الورثة ليس من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو شرعه لكان أصحابه أسرع الناس إليه، سواء شرط 3 على قسم الله، أم لا، وهذا في الحقيقة يريد أمرين:
الأول: تحريم ما أحل الله لهم من بيعه وهبته والتصرف فيه.
والثاني: يحرم زوجات الذكور وأزواج الإناث، فيشابه مشابهة جيدة ما ذكر الله عن المشركين في سورة الأنعام. ولكن كون الرسول صلوات الله وسلامه عليه لم يأمر به كاف في فساده، صلحت نية صاحبه أم فسدت.
وأما المسألة الثالثة: إذا لم يعرف هل هذا وقف على من يرث أم لا، ولكن الإفاضة على أنه ممن يرث; فأنا لا أدري عن هذه المسألة، لكن أرى لك التوقف عنها، ولا يُنْزع من يد من يأكله إلا ببينة.
وأما المسألة الرابعة، وهي: الوقف على المحتاج
1 في طبعة الأسد: (على بدله فلا يرد) .
2 زيادة على المخطوطة.
3 في طبعة الأسد وأبا بطين: (شرعاً) .
من ذريته، فهو صحيح، ذكره البخاري:" عن ابن عمر أنه وقف نصيبه من دار عمر على المحتاج من آل عبد الله ".
وأما المسألة الخامسة، وهي: مسألة الجمعة، فهي باطلة لكونها وقفاً على الورثة. (وأيضا يحرم بعضهم) 1، وأيضاً لم يشرع. وأما بيع الإنسان نصيبه من هذه الصبرة على صاحب العقار أو غيره، فلا يجوز؛ بل الصبرة باطلة من أصلها. فإن كان هذا الجواب أزال عنك الإشكال، وإلا فلو ذكرت لي طولت 2 لك، وذكرت العبارات والأدلة. والسلام.
"انتهى ما كان مصدره تاريخ ابن غنام".
1هذا ساقط من طبعة الأسد. وفي طبعة أبا بطين: (فهي باطلة لكونها وقفاً على الجمعة الورثة، وأيضاً يحرم بعضهم، وأيضاً لم تشرع) .
2 في المخطوطة: وطولت، ويظهر أن الواو زائدة.