الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن فاتته صلاة العصر فأدرك الإمام في المغرب، فأجاب بأن يصلي مع الإمام المغرب، ثم يصلي الفائتة بعدها، ولا يعيد الحاضرة، وقال: "
…
فإن الله لم يوجب على العبد أن يصلي الصلاة مرتين؛ إذا اتقى الله ما استطاع، والله أعلم" [مجموع الفتاوى (22/ 106)].
كذلك فإنه ليس معنا دليل صحيح على أنه يؤذن لكل صلاة، وإنما يؤذن للأولى فقط [كما في حديث ابن مسعود]، ويقيم لكل صلاة [كما في حديث أبي سعيد وابن مسعود]، ولأن الأذان لكل صلاة للإعلام بالوقت، وقد فات محله، والله أعلم.
انظر: المدونة (1/ 217)، مختصر اختلاف العلماء (1/ 285)، الحاوي للماوردي (2/ 159)، المسالك شرح الموطأ (3/ 189)، البيان (2/ 51)، بدائع الصنائع (1/ 132)، المغنى (1/ 251 و 354)، المجموع (3/ 74)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 70)، إحكام الأحكام (2/ 100)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 341)، التوضيح شرح الجامع لابن الملقن (6/ 284)، وغيرها.
* * *
296 - باب الأربع قبل الظهر وبعدها
1269 -
. . . النعمان، عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، قال: قالت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على أربعِ ركعاتٍ قبلَ الظهر، وأربعٍ بعدها، حرُم على النار".
قال أبو داود: رواه العلاء بن الحارث، وسليمان بن موسى، عن مكحول، بإسناده مثله.
* حديث شاذ
تقدم تخريجه بطرقه مفصلًا تحت الحديث رقم (1250).
* * *
1270 -
قال أبو داود: حدثنا ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة، قال: سمعت عُبيدة، يحدث عن إبراهيم، عن ابن منجاب، عن قرثع، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أربعٌ قبلَ الظهر ليس فيهنَّ تسليمٌ تُفتَحُ لهنَّ أبوابُ السماء".
قال أبو داود: بلغني عن يحيى بن سعيد القطان، قال: لو حَدَّثتُ عن عُبيدة بشيءٍ لحدَّثتُ عنه بهذا الحديث.
قال أبو داود: عُبيدة ضعيف. قال أبو داود: ابن منجاب هو سهم.
* حديث قرثع عن أبي أيوب: حديث ضعيف، ويروى عن إبراهيم عن أبي أيوب مرسلًا أخرجه من طريق أبي داود: الخطيب في الموضح (1/ 167).
قال الخطيب: "كذا رواه محمد بن جعفر غندر عن شعبة، وخالفه أبو داود الطيالسي وفهد بن حيان النهشلي والحر بن مالك، فرووه عن شعبة، وزادوا في إسناده رجلًا، هو قزعة، أدخلوه بين سهم بن منجاب وبين قرثع، وكذلك رواه هشيم بن بشير عن شعبة عن عبيدة، قال هشيم: ثم لقيت عبيدة فأخبرنيه، ورواه محمد بن فضيل بن غزوان الضبي عن عبيدة، فتابع محمد بن جعفر على روايته عن شعبة، ولم يذكر في إسناده قزعة".
• قلت: هكذا رواه أبو داود [ثقة حافظ مصنف]، عن محمد بن المثنى به.
• وخالفه فزاد في إسناده قزعة بن يحيى: زكريا بن يحيى الساجي [ثقة حافظ، ناقد مصنف]، قال: ثنا ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة، قال: سمعت عبيدة، يحدث عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن قرثع، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. . . فذكره.
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 353)(8/ 13657/485 - ط. الرشد).
° خالف أبا موسى الزمن محمد بن المثنى [ثقة ثبت]: بندار محمد بن بشار [ثقة]، قال: نا محمد: نا شعبة، عن عبيدة بن معتب، عن ابن منجاب، عن رجل، عن قرثع الضبي، عن أبي أيوب: عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 222/ 1214 م)، وابن عدي في الكامل (5/ 353)(8/ 485/ 13657 - ط. الرشد).
قلت: هكذا وقع اختلاف على أبي موسى الزمن في هذا الإسناد، والذي زاد فيه رجلًا: ثقة حافظ، إمام في العلل، تقبل زيادته، ورواية بندار لا تخالف رواية ابن المثنى إلا في إبهام الرجل الزائد، فسماه ابن المثنى قزعة، وأبهمه بندار، والذي حفظ حجة على من لم يحفظ؛ لا سيما إذا كان الحديث محفوظًا عن شعبة بهذه الزيادة:
فقد رواه عن شعبة بإثبات قزعة في الإسناد: أبو داود الطيالسي [ثقة حافظ]، وهشيم بن بشير [ثقة ثبت]، والحر بن مالك العنبري [صدوق]، وفهد بن حيان أبو بكر النهشلي [ضعيف، وقال أبو زرعة: "منكر الحديث"، وتركه ابن المديني. اللسان (6/ 362)]:
رووه عن شعبة، عن عبيدة، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن قرثع، عن أبي أيوب، قال: نزل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يصلي أربعًا قبل الظهر، فسألته عن ذلك، فقال:"إن أبوابَ السماء تُفتحُ فلا تُغلقُ حتى تُصلَّى الظهرُ"، قال: قلت: يا رسول الله أتسلم بينهن؟ قال: "لا، إلا في آخرهنَّ]. لفظ الطيالسي.
وفي رواية له: "أربعٌ قبلَ الظهر لا سلامَ بينهنَّ تُفتَح عندها أبوابُ السماء".
قال الطيالسي: حدثنا شعبة، وغيره، عن عبيدة، وفي رواية له: قال شعبة: حدثني عبيدة، وكان من قديم حديثه.
أخرجه الطيالسي (1/ 489/ 598)، وابن خزيمة (2/ 222/ 1214)، والطحاوي (1/ 335)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 1000/ 2136)، وابن عدي في الكامل (5/ 353)(8/ 484/ 13656 - ط. الرشد)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (374)، وتمام في فوائده (563)، والبيهقي في الشعب (3/ 123/ 3074)(5/ 380/ 2810 - ط. الأوقاف القطرية)، والخطيب في الموضح (1/ 168).
* وممن رواه عن عبيدة بن معتب بإسقاط قزعة:
محمد بن فضيل [ثقة]، ويعلى بن عبيد الطنافسي [ثقة]:
فروياه عن عبيدة، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن القرثع الضبي، عن أبي أيوب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربع ركعات قبل الظهر، حين تزول الشمس، فقلت: يا رسول الله ما هذه الصلاة؟، قال:"إن أبواب السماء تفتح عند زوال الشمس حتى يُصلَّى الظهر، وإني لأحب أن يرفع لي فيهن عمل صالح". لفظ ابن فضيل، ولم يذكر جملة الفصل والقراءة، ورواية يعلى أتم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حين تزول الشمس أربع ركعات، فقال أبو أيوب: يا رسول الله! ما هذه الصلاة؟ قال: "إن أبواب السماء تفتح حين نزول الشمس فلا ترتج حتى يصلى الظهر، وأحب أن يصعد لي فيهن خير قبل أن ترتج أبواب السماء"، قال: يا رسول الله! تقرأ أو يقرأ فيهن كلهن؟ قال: "نعم"، قال: فيهن سلام فاصل؟ قال: "لا، إلا في آخرهن".
أخرجه عبد بن حميد (226)، والطبراني في الكبير (4/ 168/ 4031)، والبيهقي (2/ 488)(5/ 306/ 4639 - ط. هجر)، والخطيب في الموضح (1/ 169).
* وتابع شعبة على إثبات قزعة:
وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، ومحمد بن يزيد الواسطي الكلاعي [ثقة ثبت]، ويزيد بن هارون [ثقة متقن]، وسفيان بن عيينة [ثقة حجة]، وجرير بن عبد الحميد [ثقة]، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير [ثقة]، وزيد بن أبي أنيسة [ثقة]، وإبراهيم بن طهمان [ثقة]، وعبد الرحيم بن سليمان [ثقة]، وإسماعيل بن زكريا الخلقاني [ليس به بأس، مقارب الحديث، وقد ضعفه جماعة. التهذيب (1/ 151)، الميزان (1/ 228)]، وهشيم بن بشير [ثقة ثبت، وذلك في رواية الأكثر عنه، ويأتي ذكر روايته مفصلة]:
عن عبيدة [بن معتب الضبي]، عن إبراهيم [بن يزيد النخعي]، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن القرثع، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: أدمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعَ ركعاتٍ عند زوال الشمس، قال: فقلت: يا رسول صلى الله عليه وسلم! ما هذه الركعات التي أراك قد أدمنتها؟ قال: "إن أبوابَ السماء تُفتحُ عند زوال الشمس، فلا تُرتَج حتى يُصلَّى الظهر، فأحب أن
يصعد لي فيها خير"، قال: قلت: يا رسول الله تقرأ فيهن كلهن؟ قال: قال: "نعم" قال: قلت: ففيها سلام فاصل؟ قال: "لا". لفظ أبي معاوية، وبنحوه رواه جرير.
وفي رواية يزيد بن هارون مطولًا:
…
"يا أبا أيوب إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء، فلم تُرتَج حتى يُصلى الظهر، فأحب أن يصعد لي فيهن عمل صالح قبل أن ترتج"، قال: قلت: يا رسول الله! أفي كلهن قراءة؟ قال: "نعم"، قال: قلت: هل بينهن تسليم فاصل؟ قال: "لا؛ إلا التشهد".
ولفظ وكيع: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعًا إذا زالت الشمس، لا يفصل بينهن بتسليم، وقال:"إن أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس".
أخرجه الترمذي في الشمائل (294)، وابن ماجه (1157)، وابن خزيمة (2/ 222/ 1214)، وأحمد (5/ 416)، والحميدي (1/ 374/ 389)، والطحاوي (1/ 335)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 77/ 1133)، والطبراني في الكبير (4/ 168/ 4032 و 4033)، والدارقطني في العلل (6/ 129/ 1027)، والبيهقي (2/ 488)(5/ 306/ 4640 - ط. هجر)، والبغوي في الشمائل (603)، وابن الجوزي في التحقيق (640).
وانظر فيمن وهم فيه على زيد بن أبي أنيسة: علل الدارقطني (1027/ 129/6)، ورجح فيه رواية أبي معاوية، فقال:"وقول أبي معاوية أشبه بالصواب"، قلت: ولم ينفرد بذلك أبو معاوية بل تابعه عليه: أحد عشر رجلًا من الثقات.
وقد رواه هشيم بن بشير، قال: حدثنا عبيدة بن معتب الضبي، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن قرثع الضبي، أو: عن قزعة، عن قرثع، عن أبي أيوب الأنصاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُدمِنُ أربعَ ركعاتٍ عند زوال الشمس، فقلت: يا رسول الله! إنك تُدمنُ هذه الأربع ركعات عند زوال الشمس؟ فقال: "إن أبوابَ السماء تُفتَحُ عند زوال الشمسِ فلا تُرتَج حتى تُصلَّى الظهرُ، فأحب أن يصعدَ لي في تلك الساعة خير"، قلت: أفي كلهنَّ قراءة؟ قال: "نعم"، قلت: هل فيهن تسليم فاصل؟ قال: "لا".
أخرجه الترمذي في الشمائل (293)، والبغوي في الشمائل (603).
هكذا رواه أحمد بن منيع [وهو: ثقة حافظ]، عن هشيم به، على الشك.
• وخالفه فرواه عن هشيم بغير شك كالجماعة: محمد بن حاتم بن بزيع، وزكريا بن يحيى زحمويه، وأبو الربيع الزهراني سليمان بن داود [وهم ثقات]:
قالوا: حدثنا هشيم: أنبأنا عبيدة بن معتب الضبي، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن قرثع الضبي، عن أبي أيوب الأنصاري؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُدمِنُ أربعًا،
…
فذكروا مثله، لكن بغير شك في إسناده.
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 769/ 1104 - مسند عمر)، والطبراني في الكبير (4/ 169/ 4034)، والبيهقي (2/ 488)(5/ 306/ 4640 - ط. هجر).
° ورواه محمد بن الصباح الدولابي [ثقة حافظ]: حدثنا هشيم: أخبرنا شعبة عن
عبيدة - ثم لقيت عبيدة فأخبرني -، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن قرثع، عن أبي أيوب، مرفوعًا بمثله، وفيه جملة الفصل والقراءة.
أخرجه أبو الشيخ في ذكر الأقران (374)[وفي المطبوعة تحريف]. والخطيب في الموضح (1/ 168).
والحاصل: فقد اختلف على عبيدة بن معتب الضبي في إسناد هذا الحديث، فمنهم من أثبت قزعة في إسناده [وهم جماعة الثقات، عددت منهم اثني عشر رجلًا]، ومنهم من أسقطه [عددت منهم اثنين فقط من الثقات]، فيمكن حمله على ترجيح رواية الجماعة، لكن لما رأيت الأئمة مطبقين على تضعيف عبيدة، كان الأقرب عندي: أن الاختلاف فيه من قِبَل عبيدة نفسه لسوء حفظه، وحديثه هذا قد ضعفه جمع من الحفاظ، والله أعلم.
° قال أبو داود: "بلغني عن يحيى بن سعيد القطان، قال: لو حَدَّثتُ عن عُبيدة بشئٍ لحدَّثتُ عنه بهذا الحديث"، ثم قال أبو داود:"عُبيدة ضعيف".
وقال ابن خزيمة: "فأما الخبر الذي احتج به بعض الناس في الأربع قبل الظهر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهن بتسليمة؛ فإنه روي بإسناد لا يحتج بمثله من له معرفة برواية الأخبار".
ثم قال: "وعبيدة بن معتب رحمه الله: ليس ممن يجوز الاحتجاج بخبره عند من له معرفة برواة الأخبار، وسمعت أبا موسى يقول: ما سمعت يحيى بن سعيد ولا عبد الرحمن بن مهدي حدثا عن سفيان عن عبيدة بن معتب بشيء قط، وسمعت أبا قلابة يحكى عن هلال بن يحيى، قال: سمعت يوسف بن خالد السمتي، يقول: قلت لعبيدة بن معتب: هذا الذي ترويه عن إبراهيم سمعته كله؟ قال: منه ما سمعته، ومنه ما أقيس عليه، قال: قلت: فحدثني بما سمعت، فإني أعلم بالقياس منك".
ورواه الدارقطني من طريق ابن المديني عن أبي معاوية به، ثم قال: "قال علي: وفيه كلام، قال علي: قال يحيى بن سعيد: لو رويتُ عن عبيدة شيئًا لرويت هذا الحديث عنه، حديث قرثع،
…
".
وقال البيهقي: "وعبيدة بن معتب: ضعيف، لا يحتج بخبره".
وقال ابن الجوزي: "هذا الحديث ضعيف"، ثم قال:"قال أحمد بن حازم: رأيت أحمد بن حنبل وإسحاق بن أبي إسرائيل جاءا إلى الجامع قبل الصلاة، فصلى أبو عبد الله قبل الصلاة عشر ركعات: ركعتين، ركعتين، وصلى إسحاق ثمان ركعات: أربعًا أربعًا، لم يفصل بينهن بسلام، فقلت لإسحاق: صليت أربعًا؟ فقال: حديث أبي أيوب، فجئت إلى أبي عبد الله، فقلت له: صليت مثنى مثنى؟ فقال: حديث ابن عمر: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، فقلت له: حديث أبي أيوب؟ فقال: رواه قزعة وقرثع، ومن قزعة؟ ومن قرثع؟ ثم حمله على الجواز لا على الأفضل لما"[التنقيح (1/ 499)].
وقال النووي في المجموع (4/ 14): "ضعيف، رواه أبو داود وضعفه"، وقال في
موضع آخر (4/ 62): "ضعيف متفق على ضعفه، وممن ضعفه: يحيى بن سعيد القطان، وأبو داود، والبيهقي، ومداره على عبيدة بن معتب، وهو ضعيف"، وقال في الخلاصة (1817):"ضعفه يحيى القطان، وأبو داود، والحفاظ، ومداره على عبيدة بن معتب، وهو ضعيف بالاتفاق، سيء الحفظ".
° قال الدارقطني: "القرثع الضبي: أدرك عمر بن الخطاب، وروى عن سلمان الفارسي وأبي أيوب الأنصاري، وقتل في أيام عثمان شهيدًا، وروى عنه علقمة بن قيس، وكان رفيق القرثع في غزاة بلنجر"[الموضح (1/ 169)].
قلت: القرثع الضبي: تابعي مخضرم، وثقه العجلي، وروى عنه جمع من الثقات، إلا أن ابن حبان حمل عليه في المجروحين (2/ 211)، فقال:"روى أحاديث يسيرة خالف فيها الأثبات، لم تظهر عدالته فيسلك به مسلك العدول حتى يحتج بما انفرد، ولكنه عندي يستحق مجانبة ما انفرد من الروايات لمخالفته الأثبات"[انظر: التاريخ الكبير (7/ 199 و 205)، الجرح والتعديل (7/ 147)، ثقات العجلي (1382)، الموضح (1/ 163)، الميزان (3/ 387)، التهذيب (6/ 498)، التقريب (508)، وقال: "صدوق، من الثانية، مخضرم، قتل في زمن عثمان"].
وقزعة بن يحيى البصري: ثقة، من الثالثة، وبقية رجاله ثقات، عدا عبيدة الضبي؛ لذا فالحمل عندي في هذا الحديث إنما هو على عبيدة بن معتب الضبي، لضعفه، وسوء حفظه، ولا يقال: إنه حدَّث به بعد التغير، وذلك أن شعبة قد حدث به عنه، وقال: وكان من قديم حديثه، فيبقى القدح فيه من قبل إطباق الأئمة على تضعيفه [التهذيب (3/ 46)]، والله أعلم.
قلت: ولا أستبعد أن يكون دخل له حديث في حديث فإنه ممن روى عن إبراهيم النخعي عن ابن مسعود أنه كان يصلي أربعًا قبل الظهر لا يفصل بينهن بتسليم.
فقد روى عبيدة بن معتب [وهو: ضعيف]، ومُحِلُّ بن محرز الضبي [لا بأس به]، وحصين بن عبد الرحمن السلمي [ثقة ثبت حجة]، ومغيرة بن مقسم الضبي [ثقة متقن]، وأبو معشر زياد بن كليب [كوفي ثقة، من قدماء أصحاب إبراهيم]، وغيرهم:
عن إبراهيم النخعي، قال: كان عبد الله يصلي أربع ركعات قبل الظهر، وأربع ركعات بعد الجمعة، وأربع ركعات بعد الفطر والأضحى؛ ليس فيهن تسليم فاصل، وفي كلهن القراءة. لفظ عبيدة، ورواه محل فجعله عن ابن مسعود، في الجمعة فقط، ورواه حصين فلم يذكر ابن مسعود، وأحال على فعل غيره في الظهر فقط، ورواه مغيرة من قول إبراهيم في الظهر، ورواه أبو معشر من قول إبراهيم في صلاة النهار.
أخرجها: ابن أبي شيبة (2/ 17/ 5945)، والطحاوي (1/ 335 و 336)، وانظر أيضًا: ما أخرجه أبو يوسف في الآثار (364)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الآثار (109).
والحاصل: فإن مسألة عدم الفصل بالتسليم بين الأربع مشتهرة عن إبراهيم النخعي.
* فهذا وجه من إعلال حديث عبيدة بن معتب الضبي، وثَم وجه آخر:
قال أبو حاتم: "إنما رواه عبيدة الضبي، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن قرثع، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
ثم قال أبو حاتم: "يرويه بكير بن عامر، عن إبراهيم، عن أبي أيوب، مرسلًا، وليس بقوي"[العلل (2/ 297/ 382)].
قلت: بكير بن عامر البجلي الكوفي: ليس بالقوي [انظر ما تحت الحديث رقم (45)]، وقد رواه محمد بن الحسن الشيباني [وهو: ضعيف] في زياداته على موطأ مالك (296 م)، قال محمد بن الحسن:"وقد بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعًا إذا زالت الشمس، فسأله أبو أيوب الأنصاري عن ذلك، فقال: "إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة، فأحب أن يصعد لي فيها عمل"، فقال: يا رسول الله، أيُفصَل بينهن بسلام؟ فقال: "لا"، أخبرنا بذلك بكير بن عامر البجلي، عن إبراهيم، والشعبي، عن أبي أيوب الأنصاري".
وهذا مرسل بإسناد لين، وهو أشبه من حديث عبيدة الضبي، والله أعلم.
* وللحديث طرق أخرى عن أبي أيوب:
أ - روى إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي: ثنا يحيى بن أيوب المقابري [بغدادي ثقة]: ثنا عباد بن عباد المهلبي: ثنا المسعودي، عن عبد الخالق، عن إبراهيم النخعي، عن سهم بن منجاب، عن قرثع، أو: ابن قرثع، عن أبي أيوب، قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ، رأيته يديم أربعًا قبل الظهر، وقال:"إنه إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء، فلا يغلق منها باب حتى يصلى الظهر، فأنا أحب أن يرفع لي في تلك الساعة خير".
أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 169/ 4035)، وفي الأوسط (3/ 121/ 2673).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبد الخالق إلا المسعودي، ولا عن المسعودي إلا عباد، تفرد به يحيى".
وقد كنت قد ضعفت هذا الطريق، فقلت في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1022/ 481): "أما عبد الخالق: فلم أعثر له على ترجمة، ويحتمل أن يكون مقلوبًا عن عبيدة بن معتب، قلبه بعض الرواة.
وأما المسعودي؛ فهو: عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود الكوفي: صدوق، اختلط قبل موته [التهذيب (5/ 121)، الميزان (2/ 574)، الكواكب النيرات (62)، التقريب (586)]، والراوي عنه: عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب البصري: ثقة ربما وهم [التقريب (481)]، لم يُذكر فيمن روى عن المسعودي قبل اختلاطه، إلا أنه بصري، ومن سمع من المسعودي بالكوفة والبصرة فسماعه جيد، فيحتمل أن يكون حمل عنه قبل
الاختلاط [انظر: التهذيب (4/ 185)، الكواكب النيرات (62 - 66)، العلل ومعرفة الرجال (1/ 48 و 130) و (2/ 97 و 201)، الجرح والتعديل (5/ 250)، التقييد والإيضاح (430)].
وأما إبراهيم شيخ الطبراني: قال فيه الإسماعيلي: "صدوق"، لكن قال الدارقطني:"ليس بثقة، حدث عن الثقات بأحاديث باطلة"[الميزان (1/ 41)، اللسان (1/ 65)]، ولا يبعد أن يكون هذا منها" انتهى كلامي نقلًا من تخريج الذكر والدعاء.
وأقول: هو حديث باطل من هذا الوجه.
ب - وروى أحمد بن إسماعيل السهمي، قال: نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن محمد بن عجلان، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أبي أيوب الأنصاري؛ أنه كان يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يصلي إذا زاغت الشمس قبل الظهر أربع ركعات، قال: فقلت: يا رسول الله رأيتك تصلي أربعًا إذا زاغت الشمس قبل أن تصلي الظهر؟ فقال: "إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن يعرج إلى الله مني فيها خير".
أخرجه أبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 443/ 453).
قلت: وهذا حديث غريب جدًّا؛ بل هو حديث باطل، فأين أصحاب أبي إسحاق على كثرتهم؟ وأين أصحاب ابن عجلان؟ وأين أصحاب الدراوردي؟، فليس هو من حديث أبي إسحاق، ولا من حديث ابن عجلان، ولا من حديث الدراوردي؛ فإن أبا حذافة السهمي أحمد بن إسماعيل بن محمد هذا: حدث عن مالك وعن غيره بالبواطيل، وهو: متروك [التهذيب (1/ 16)، وانظر: الكامل (1/ 175) (1/ 401 - ط. الرشد)، وغيره].
ج - وروى عبد الله بن المبارك، وسعيد بن أبي مريم:
عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: نزل [عليَّ] رسول الله صلى الله عليه وسلم[شهرًا]، فنظرت في عمله كله، فرأيته إذا زالت الشمس - أو: زاغت، أو كما قال -، إن كان في يده عمل الدنيا رفضه، فإن كان نائمًا فكأنما يوقَظ له، فيقوم فيغتسل أو يتوضأ، ثم يركع أربع ركعات، يتمُّهنَّ ويحسنهنَّ ويتمكَّن فيهن، فلما أراد أن ينطلق، قلت: يا رسول الله! تمكث عندي شهرًا فوددت أنك مكثتَ أكثر من ذلك، فنظرت في عملك [كله]، فرأيتك إذا زالت الشمس أو زاغت؛ فإن كان في يدك عمل الدنيا رفضته، [فإن كنت نائمًا توقظ فتغتسل أو تتوضأ، ثم تركع أربع ركعات تتمهن وتحسنهن وتتمكن فيهن][وأخذت في الصلاة]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[إن أبواب السماوات وأبواب الجنة تفتحن في تلك الساعة، فما يُرتجن أبواب السماوات وأبواب الجنة حتى تصلى هذه الساعة، فأحببت أن يصعد [مني] إلى ربي من تلك الساعة خير، وأن يُرفع عملي في أول عمل العابدين".
أخرجه ابن المبارك في الزهد (1297)، وفي المسند (70)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 445/ 454)، والطبراني في الكبير (4/ 119/ 3854)، والحاكم (3/
361) (7/ 363/ 6053 - ط. الميمان)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 150).
قلت: هذا إسناد واهٍ جدًّا، قال ابن حبان:"إذا اجتمع في إسناد خبر: عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن، لم يكن متن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم"، وقد ضعف هذه السلسلة جماعة من الأئمة منهم: ابن معين، وأبو حاتم، والجوزجاني [التهذيب (3/ 10)، المجروحين (2/ 63)].
د - وروى أحمد بن زهير التستري [ثقة حافظ]: ثنا محمد بن منصور الطوسي [ثقة]: ثنا علي بن ثابت الدهان [ذكره ابن حبان في الثقات، وقال البزار: "كوفي، غالٍ في التشيع"، وروى عنه جمع من الثقات، وقال ابن حجر: صدوق. كشف الأستار (1622)، التهذيب (3/ 146)، التقريب (548)]: ثنا المفضل بن صدقة الحنفي، عن سعيد بن مسروق، عن المسيب بن رافع، عن القرثع، عن أبي أيوب، قال: قلت: يا رسول الله ما هذه الأربع ركعات؟ قال: "هذه الساعة فيها تُفتَح أبواب السماء، ولا تُرتَج حتى يُصلَّى الظهر، فأحبُّ أن أقدِّم".
أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 169/ 4036)، وفي الأوسط (2/ 314/ 2083)، وعنه: أبو نعيم في الحلية (10/ 218)، ورواه الدارقطني في الأفراد (2/ 180/ 4568 - أطرافه).
قال الطبراني: "لم يروه عن سعيد بن مسروق إلا المفضل بن صدقة، تفرد به: علي بن ثابت".
وقال الدارقطني: "تفرد به علي بن ثابت الدهان، عن أبي حماد الحنفي مفضل بن صدقة، عن سعيد بن مسروق، عن المسيب بن رافع عنه"؛ يعني: عن قرثع عن أبي أيوب.
قلت: هو منكر من هذا الوجه؛ تفرد بوصله هكذا: المفضل بن صدقة أبو حماد الحنفي، وهو: ليس بالقوي، ضعفه جدًّا ابن معين والنسائي [اللسان (8/ 138)، ضعفاء الدارقطني (622)].
* والمعروف في هذا ما رواه:
أبو الأحوص [سلام بن سليم: ثقة متقن]، عن سعيد بن مسروق، عن المسيب بن رافع، قال: قال أبو أيوب الأنصاري: يا رسول الله! ما أربع ركعات تواظب عليهن قبل الظهر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبواب الجنة تفتح عند زوال الشمس، فلا تروح حتى تقام الصلاة، فأحب أن أقدِّم".
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 16/ 5941).
قلت: وهذه الرواية ظاهرها الإرسال، وأن المسيب لم يسمعه من أبي أيوب، وعلى ذلك تدل رواية الأعمش الآتية عن المسيب؛ وهي عندي أشبه بالصواب من رواية سعيد بن مسروق، لأمور: الأول تقدم الأعمش على سعيد بن مسروق في كثرة الحفظ، ومتانة الضبط حتى كان يلقب بالمصحف، وبلوغه الغاية في التثبت، والثاني: أن الأعمش قد زاد
رجلًا في الإسناد سقط على سعيد بن مسروق فلم يضبطه، والثالث: أن ابن سعيد بن مسروق قد ترك رواية هذا الحديث عن أبيه، وذهب ليرويه عن الأعمش، وذلك لعلمه بأن رواية الأعمش هي الأصح، وأنه قد حفظ فيها ما لم يحفظه أبوه، فكيف إذا كان الابن هو أحد كبار حفاظ زمانه؛ الإمام سفيان بن سعيد الثوري، والرابع: قال يحيى بن معين: "لم يسمع المسيب بن رافع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من البراء بن عازب [وأبي إياس عامر بن عبدة] "[تاريخ ابن معين (4/ 19/ 2930)، المراسيل (770 - 774)، التهذيب (4/ 80)].
هـ - فقد روى يعقوب بن إبراهيم بن سعد، وأبو أحمد الزبيري، ويحيى بن آدم، وأبو علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي [وهم ثقات]، وبشر بن الوليد الكندي [صدوق، لكنه خرف، وصار لا يعقل ما يحدث به. تاريخ بغداد (7/ 80)، اللسان (2/ 316)]:
قالوا: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن علي بن الصلت [كذا قال الجماعة، وقال يعقوب: علي بن أبي الصلت، وكذا في روايةِ عن يحيى بن آدم]، عن أبي أيوب الأنصاري؛ أنه رآه يصلي أربع ركعات قبل الظهر، فقلت له: إنك لتكثر أن تصليهنَّ؟ قال: رأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم يصليهن حين تزول الشمس، فقلت: يا نبي الله أراك تديم هذه الصلاة؟ فقال: "إنها ساعة تُفتَحُ فيها أبواب السماء، فأحب أن يرفع لي فيها عمل صالح".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 279)، وابن خزيمة (2/ 223/ 1215)، وأحمد (5/ 418)(10/ 5602/ 24034 - ط. المكنز)، وابن أبي شيبة (2/ 16/ 5942)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 770/ 1105 - مسند عمر)، وابن حبان في الثقات (5/ 163 - 164)، والطبراني في الكبير (4/ 169/ 4037) و (4/ 170/ 4038)، والبيهقي (2/ 489)(5/ 307 / 4641 - ط. هجر).
هكذا رواه شريك بن عبد الله النخعي، وهو: صدوق، سيئ الحفظ، فجعل الواسطة بين المسيب وأبي أيوب: علي بن الصلت.
وخالفه الثوري فأبهم الواسطة:
فقد رواه مؤمل بن إسماعيل [صدوق، سيئ الحفظ]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ،، وعبد الله بن الوليد العدني [صدوق]:
ثنا سفيان [الثوري]، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن رجل من الأنصار، عن أبي أيوب؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا قبل الظهر، فقيل له: إنك تديم هذه الصلاة، فقال:"إذا زالت الشمس فُتحت أبواب السماء، وأحبُّ أن أقدِّم قبل أن تُرتَج". لفظ مؤمل.
ولفظ عبد الرزاق وعبد الله بن الوليد: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الظهر أربعًا، فقيل له: إنك تصلي صلاة تديمها؟ فقال: "إن أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس، فلا ترتج حتى تصلى الظهر، فأحب أن يصعد لي إلى السماء خير".
أخرجه ابن خزيمة (2/ 223/ 1215)، وأحمد (5/ 419 - 420)(10/ 5605/ 24048 - ط. المكنز)، وعبد الرزاق (3/ 65/ 4814)، والبيهقي (2/ 489)(5/ 308/ 4641 - ط. هجر).
قلت: الواسطة التي أبهمها الثوري، هي التي صرح بها شريك، فيقال: كيف تقدم رواية شريك على الثوري مع حفظه وضبطه وإتقانه، ومع كونه أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد علمت سوء حفظ شريك؟ فيقال: لا يبعد أن يكون الثوري حفظ اسم علي بن الصلت، لكنه أبهمه عمدًا؛ فإن الثوري كثيرًا ما كان يكني عن الضعيف الذي لم يرضه، ولا يسميه، ويقول: عن رجل؛ إذا كان غير مرضي عنده [انظر: الجرح والتعديل (1/ 62 - 68 و 73)، شرح علل الترمذي (1/ 535)].
قال ابن خزيمة: "ولست أعرف علي بن الصلت هذا، ولا أدري من أي بلاد الله هو، ولا أفهم ألقي أبا أيوب أم لا؟ ولا يحتج بمثل هذه الأسانيد - علمي - إلا معاند أو جاهل".
° ولا يقدح في رواية هؤلاء: ما رواه وكيع بن الجراح، عن سفيان، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع؛ أن أبا أيوب كان يصلي ثمان ركعات قبل الظهر. موقوفًا.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 18/ 5959).
° والحاصل: فإن أقوى إسناد يروى به حديث أبي أيوب:
هو ما رواه الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن علي بن الصلت، عن أبي أيوب الأنصاري.
وأصح متن له: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الظهر أربعًا، فقيل له: إنك تصلي صلاة تديمها؟ فقال: "إن أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس، فلا ترتج حتى تصلى الظهر، فأحب أن يصعد لي إلى السماء خير". ليس فيه نفي الفصل بين الأربع بسلام.
وهذا إسناد فيه ضعف؛ لأجل علي بن الصلت؛ فإنه لا يُعرف، لم يرو عنه سوى المسيب بن رافع، وذكره ابن حبان في الثقات [التاريخ الكبير (6/ 279)، الجرح والتعديل (6/ 190)، الثقات (5/ 163)، الإكمال للحسيني (616)، المغني (2/ 88)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 215)]، والمسيب بن رافع: تابعي ثقة، من الطبقة الرابعة، توفي سنة (105).
* وقد روي نحوه من حديث عبد الله بن السائب:
يرويه محمد بن مسلم بن أبي الوضاح [أبو سعيد المؤدب، وهو: ثقة. التهذيب (3/ 700)، وعنه: الطيالسي، وهو: ثقة حافظ]، وابن أبي ليلى [محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ليس بالقوي. وعنه: خالد بن عبد اللّه الواسطي، وعيسى بن المختار الكوفي، وعنبسة بن سعيد الرازي، وهم ثقات]:
عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عن عبد الله بن السائب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال:"إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح".
أخرجه الترمذي في الجامع (478)، وفي الشمائل (295)، والنسائي في الكبرى (1/ 209/ 329)، وأحمد (3/ 411)، وابن أبي شيبة في المسند (878)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 1106/770 - مسند عمر)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 363/ 2102)، وأبو بكر النجاد في مجلس من أماليه (2)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1675/ 4194)، والبغوي في شرح السنة (3/ 465/ 890)، في الشمائل (602)، وأبو طاهر السلفي في الثالث من المشيخة البغدادية (3)(226 - مشيخة المحدثين البغدادية)، والضياء في المختارة (9/ 394/ 366) و (9/ 367/395).
قال الترمذي: "حديث عبد الله بن السائب: حديث حسن غريب.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يصلي أربع ركعات بعد الزوال، لا يسلم إلا في آخرهن".
وقال النسائي: "عبد الكريم الجزري، هو عبد الكريم بن مالك: ثقة، وعبد الكريم البصري، هو عبد الكريم بن أبي المخارق: ليس بشيء، يقال له: أبو أمية، ومجاهد هو: ابن جبر أبو الحجاج، وابن إسحاق يقول: ابن جبير، والصواب: ابن جبر".
قلت: كأن النسائي بتعقيبه ذلك على الحديث يذهب إلى تقويته، خلافًا للترمذي الذي حكم عليه بالغرابة، وكلاهما مصيب في نظره:
أما النسائي فنظر لتعدد طرقه، وحسن مخرجه من هذا الوجه، وثقة رجاله، واتصال إسناده، وأما الترمذي فكأنه نظر إلى الطريق الذي أخرجه وغرابته، حيث رواه من طريق الطيالسي عن أبي سعيد المؤدب عن عبد الكريم الجزري، وهذا غريب، لكن لم ينفرد به أبو سعيد المؤدب، بل تابعه ابنُ أبي ليلى، فزالت الغرابة، وصح إسناده واشتهر.
وهذا إسناد صحيح متصل، رجاله ثقات، سمع بعضهم من بعض، ومجاهد بن جبر مولى عبد اللّه بن السائب، سمع مولاه عبد الله بن السائب؛ قاله ابن المديني في العلل [تاريخ دمشق (57/ 29)، تحفة التحصيل (295)].
وعليه: فهو حديث صحيح، ويشهد له طريق علي بن الصلت عن أبي أيوب، وليس في شيء منهما نفي الفصل بين الأربع بسلام [راجع تخريجي لهذا الحديث وحديث أبي أيوب في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1018 - 1023/ 480 و 481)].
* وقد وهم في إسناده مرتين:
زيد بن حبان، فرواه عن أبي أمية، عن مجاهد، عن عبد الله بن سفيان رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الظهر حين تزول الشمس أربع ركعات، ويقول:"إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح".
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 211/ 2740)، بإسناد صحيح إلى زيد.
هكذا وهم فيه زيد بن حبان حين كنى عبد الكريم بن مالك الجزري، وهو: ثقة
ثبت، كناه بأبي أمية، وهو عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو: مجمع على ضعفه، وقال بعضهم: متروك، ثم وهم بعد ذلك في الصحابي، فقال: عبد الله بن سفيان، وإنما هو: عبد الله بن السائب، وزيد بن حبان الرقي: كان كثير الخطأ والوهم حتى ترك أحمد حديثه [التهذيب (1/ 662)، الميزان (2/ 101)، المجروحين (1/ 311)].
* وروى الطبراني في الأوسط (4/ 353/ 4412)، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن الأشعث [أبو الدرداء الأنطرطوسي الشامي: مجهول الحال. فتح الباب (2655)، الأنساب (1/ 222)، معجم البلدان (1/ 270)، تاريخ دمشق (32/ 166)، تاريخ الإسلام (21/ 205)]، قال: نا إبراهيم بن محمد بن عبيدة [المددي الشامي: لم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا. إكمال ابن ماكولا (6/ 57)]، قال: نا أبي [محمد بن عَبيدة، أبو يوسف المددي الشامي: لم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا. تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 103)، الإكمال (6/ 54)، توضيح المشتبه (6/ 135)]، قال: نا الجراح بن مليح [البهراني الحمصي: لا بأس به]، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية [حمصي، ليس به بأس. تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (396)]، عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن عبد الله بن السائب؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أربع ركعات قبل صلاة الظهر، ليس بينهن فصل بتسليم، حين تميل الشمس؟ فقال:"إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح".
والطبراني يروي بهذا الإسناد نسخةً عن ابن ذي حماية [انظر: المعجم الأوسط (4/ 348 - 354/ 4397 - 4415)، مسند الشاميين (3/ 360 - 374)].
ومع ذلك فإنه لا تقبل زيادة جاءت بهذا الإسناد المجهول، وقد رواه أبو سعيد المؤدب، وابن أبي ليلى، عن عبد الكريم الجزري بدونها، فدل على كونها زيادة منكرة، وهي قوله: ليس بينهن فصل بتسليم.
° والحاصل: فإن جملة نفي الفصل بين الأربع بالتسليم: زيادة منكرة، لا تثبت من حديث أبي أيوب، ولا من حديث عبد الله بن السائب، والله أعلم.
* وفي الباب أيضًا:
1 -
حديث علي بن أبي طالب:
رواه حصين بن عبد الرحمن، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: سألت علي بن أبي طالب عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهار بعد المكتوبة؟ قال: ومن يطيق ذلك؟ ثم أخبره قال: كان يصلي حين ترتفع الشمس ركعتين، وقبل نصف النهار أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة، وقبل الظهر أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة، وبعدها أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة.
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 120/ 875)، وفي الكبرى (1/ 212/ 336) و (1/ 215 - 216/ 347)، وابن عدي في الكامل (6/ 191).
° وروى عمر بن علي المقدمي، عن مسعر بن كدام، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي؛ أنه كان يصلي قبل الظهر أربعًا، وذكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها عند الزوال، ويمدُّ فيها.
أخرجه الترمذي في الشمائل (296).
• قلت: هذا الحديث قد رواه أثبت أصحاب أبي إسحاق السبيعي: سفيان الثوري، وشعبة، وإسرائيل، وزهير بن معاوية، وأبو الأحوص، وغيرهم:
عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: سألنا عليًا عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، فقال: إنكم لا تطيقونه، قال: قلنا: أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر أمهل، حتى إذا كانت الشمس من هاهنا - يعني: من قبل المشرق - مقدارها من صلاة العصر من هاهنا - يعني: من قبل المغرب -، قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا - يعني: من قبل المشرق - مقدارها من صلاة الظهر من هاهنا - يعني: من قبل المغرب - قام فصلى أربعًا، وأربعًا قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعد الظهر، وأربعًا قبل العصر، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين. قال: قال علي: تلك ست عشرة ركعةً، تطوعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار، وقلَّ من يداوم عليها.
يأتي تخريجه مفصلًا - إن شاء الله تعالى - في موضعه من السنن برقم (1272 و 1275).
وهذا الحديث قد ضعفه ابن المبارك وغيره [انظر: جامع الترمذي (599)، التهذيب (2/ 254)، الميزان (2/ 353)]، وقد سبق الكلام على بعض الأوهام فيه على أبي إسحاق السبيعي تحت الحديث رقم (1133)، الشاهد رقم (5).
وله فيه حديث آخر:
يرويه ابن عيينة: ثنا الصلت بن بهرام [كوفي ثقة. اللسان (4/ 325)، الثقات لابن قطلوبغا (5/ 341)]، عن بعض أصحابه [وقال مرة: عمن حدثه]، عن حذيفة بن أَسيد رضي الله عنه، قال: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا زالت الشمس صلى أربعًا طوالًا، فسألته، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها، فسألته، فقال:"إن أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس فلا ترتج حتى تصلي الظهر، فأحب أن يرفع لي إلى الله عز وجل فيه عمل".
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 18/ 9562)(4/ 278/ 6007 - ط. عوامة)، وفي المسند (4/ 477/ 619 - مطالب).
قلت: وقع في بعض النسخ تسمية شيخ ابن أبي شيبة: ابن أبي غنية، وهو: عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، وهو: ثقة أيضًا، لكن يغلب على ظني أنه سفيان بن عيينة، فإنه معروف بالرواية عن الصلت بن بهرام، وهو أحد من وثقه، كما أن ابن أبي شيبة غير معروف بالرواية عن ابن أبي غنية، وهو مشهور بالرواية عن ابن عيينة.
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل إبهام الرواي عن الصحابي حذيفة بن أسيد، ويحتمل ألا يكون تابعيًا، وإن كان تابعيًا فلم يصرح بسماعه من الصحابي، لا سيما مع تقدم وفاة أبي سريحة [توفي سنة (42)].
2 -
حديث عبد الله بن عمر:
يرويه علي بن عاصم [الواسطي: كثير الغلط والوهم، فإذا روجع أصر ولم يرجع، لذا فقد تركه بعضهم]: أخبرني يحيى البكاء: حدثني عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أربع ركعات بعد الزوال قبل الظهر يعدلن بصلاة السحر"، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وليس شيء إلا وهو يسبح الله تلك الساعة".
أخرجه أبو الشيخ في العظمة (5/ 1741)[وفيه زيادة عمر في الإسناد]. والبيهقي في الشعب (3/ 122/ 3072)(5/ 379/ 2808 - ط. الأوقاف القطرية).
وهذا إسناد واهٍ، وحديث منكر؛ ويحيى البكاء: ضعيف، وهَّاه بعضهم [التهذيب (4/ 388)، الميزان (9/ 404)]، وقد تفرد به عنه: علي بن عاصم.
° وروي مرسلًا، وهو أشبه: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 16/ 5940).
3 -
حديث البراء بن عازب:
رواه ناهض بن سالم الباهلي، ثنا عمار أبو هاشم [هو: عمار بن عمارة أبو هاشم الزعفراني: لا بأس به]، عن الربيع بن لوط [ثقة]، عن عمه البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى قبل الظهر أربع ركعات كأنما تهجد بهن من ليلته، ومن صلاهن بعد العشاء كن كمثلهن من ليلة القدر، وإذا لقي المسلم المسلم فأخذ بيده، وهما صادقان، لم يتفرقا حتى يغفر لهما".
أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 254/ 6332).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الربيع بن لوط إلا عمار أبو هاشم، تفرد به: ناهض بن سالم".
قلت: هو حديث باطل؛ تفرد به ناهض بن سالم، ولم أجد له ذكرًا.
4 -
حديث ثوبان مرفوعًا، وفيه:"تفتح فيها أبواب السماء، وينظر الله تبارك وتعالى بالرحمة إلى خلقه، وهي صلاة كان يحافظ عليها: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى"[أخرجه البزار (10/ 102/ 4166)، وضعفه. والخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 176)][وهو حديث موضوع؛ تفرد به عن الأوزاعي: عتبة بن السكن، وهو: متروك، منكر الحديث، متهم بالوضع. اللسان (5/ 368)، سنن الدارقطني (1/ 159) و (2/ 184) و (3/ 250)].
5 -
حديث ابن عباس مطولًا، وفيه: فصلى أربع ركعاتٍ، فلم يتشهد بينهن، وسلم في آخر الأربع، ثم يقوم فيأتي المسجد، فقال ابن عباس: ما هذه الصلاة التي تصليها؟ قال: "يا ابن عباس، من صلاهنَّ من أمتي فقد أحيا ليلته، ساعةٌ تفتح لها أبواب السماء