المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌302 - باب صلاة النهار - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٤

[ياسر فتحي]

الفصل: ‌302 - باب صلاة النهار

الثبت المشهور، كما أن محمد بن حرب الأبرش مشهور بالرواية عن محمد بن الوليد الزبيدي، وكان كاتبه، فعاد الإسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير أبي الهيثم بن عدي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"روى الزبيدي عنه عن داود بن أبى هند: نسخة مستقيمة"، وقال الذهبي:"وحديثه عزيز الوقوع، وما علمت به بأسًا"[انظر: العلل ومعرفة الرجال (2/ 404/ 2809)، التاريخ الكبير (7/ 45)، كنى مسلم (3568)، الجرح والتعديل (7/ 3)، الثقات (7/ 291)، تاريخ دمشق (40/ 133)، تاريخ الإسلام (9/ 524)].

فهو إسناد حسن، غريب جدًّا، تفرد به الحمصيون.

وقد روي نحو هذا بالزيادة الأخيرة في تناشد الأشعار من حديث أبي أمامة، لكنه حديث موضوع [أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 127/ 7581)، وفي مسند الشاميين (4/ 316/ 3415)][ولفظه: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناشدون الأشعار، ويضحكون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يبتسم معهم؛ وهو حديث موضوع؛ تفرد به عن سالم بن عجلان الأفطس: محمد بن الفضل بن عطية، وهو: متروك الحديث، كذاب، روى أحاديث موضوعة. التهذيب (3/ 675)، الميزان (4/ 6)].

• وروي بعضه أيضًا من حديث طارق أشيم الأشجعي، ولا يثبت [أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 320/ 8198)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (8/ 106/ 117 و 118)][رواه عن أبي مالك الأشجعي: عبد الله بن عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني: سئل عنه أبو حاتم فقال: "صالح"، وقال ابن أبي حاتم: "سمعت موسى بن سهل الرملي يقول: هذا أصلح من أبي طاهر المقدسي موسى بن محمد قليلًا، وكان أبو طاهر يكذب"، وقال ابن حبان: "يعتبر حديثه إذا روى عنه غير الضعفاء". الجرح والتعديل (5/ 113)، الثقات (8/ 347)، التهذيب (2/ 384)، وقد تفرد به عنه: إبراهيم بن زكريا أبو إسحاق الضرير المعلم جار الحجاج، وهو: منكر الحديث، يحدث عن الثقات بالبواطيل. اللسان (1/ 282)، مسند البزار (4/ 235)، كشف الأستار (2947)، علل ابن أبي حاتم (1476)، الجرح والتعديل (2/ 101)، سنن الدارقطني (1/ 127)، سؤالات السهمي (185)][فهو حديث باطل]، والله أعلم.

‌302 - باب صلاة النهار

1295 -

. . . شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن علي بن عبد الله البارقي، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاةُ الليلِ والنهارِ مثنى مثنى".

* حديث شاذ

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 285)، والترمذي (597)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 166 - 167/ 557)، والنسائي في

ص: 390

المجتبى (3/ 227/ 1666)، وفي الكبرى (1/ 263/ 474)، وابن ماجه (1322)، وأبو الحسن بن القطان في زياداته على ابن ماجه (1322)، والدارمي (1602 - ط. البشائر)، وابن خزيمة (2/ 214/ 1210)، وابن الجارود (278)، وابن حبان (6/ 231/ 2482) و (6/ 232/ 2483) و (6/ 241/ 2494)، وأحمد (2/ 26 و 51)، والطيالسي (3/ 441/ 2044)، وابن أبي شيبة (2/ 74/ 6634)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 234/ 2769 و 2770)، والطحاوي (1/ 334)، والطبراني في الكبير (13/ 54/ 13679)، وابن عدي في الكامل (5/ 180)(8/ 76/ 12528 و 12529 - ط. الرشد)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 7)[وفي إسناده زيادة باطلة]. والدارقطني (1/ 417)، وابن سمعون في الأمالي (269)، وابن حزم في المحلى (1/ 80) و (4/ 168)، والبيهقي في السنن (2/ 487)، وفي المعرفة (2/ 296 /1350)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 188 و 246 و 247)، وفي الاستذكار (2/ 94)، والخطيب في الموضح (2/ 303)، وفي آخره:"وكان شعبة يفْرَقه".

[التحفة (5/ 294/ 7349)، الإتحاف (8/ 604/ 10049)، المسند المصنف (14/ 360/ 6975)].

رواه عن شعبة: عبد الرحمن بن مهدي، وغندر محمد بن جعفر، ومعاذ بن معاذ، ووكيع بن الجراح، وعمرو بن مرزوق، وأبو داود الطيالسي [وهم ثقات]، وقال الطيالسي:"يراه شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم"، وفي رواية وكيع عند ابن أبي شيبة:"ركعتان ركعتان" بدل: "مثنى مثنى".

قال ابن أبي داود: "هذه سنة تفرد بها أهل مكة".

وقال الترمذي: "اختلف أصحاب شعبة في حديث ابن عمر فرفعه بعضهم، وأوقفه بعضهم".

• قلت: وقد خولف فيه شعبة:

قال البخاري في التاريخ الكبير (1/ 285): "وقال هشيم: عن يعلى، عن محمد بن عبد الرحمن، عن رجل، عن ابن عمر قوله".

وقال ابن حجر في الإتحاف (8/ 605/ 10049): "رواه نعيم بن حماد في فوائده، عن هشيم، عن يعلى بن عطاء، عن رجل، عن ابن عمر، أظنه رفعه، وقد سئل عنه".

قلت: وما علقه البخاري أولى بالصواب، إذ الأصل فيه أنه لا يسقط من الإسناد إلا من تقوم به الحجة، ونعيم بن حماد: ضعيف.

وهشيم بن بشير: ثقة ثبت حافظ، قدمه ابن مهدي في الحفظ على الثوري وأبي عوانة، وقدمه أبو حاتم في الحفظ على أبي عوانة ويزيد بن هارون، وقدمه أبو زرعة في الحفظ على جرير بن عبد الحميد، وهشيم مكثر عن يعلى بن عطاء، إذا تبين لك ذلك:

فاعلم أن البخاري قد أورد طريق هشيم ليُعلَّ به حديث شعبة؛ فقد خالفه هشيم في إسناده؛ حيث جعله عن يعلى بن عطاء، عن محمد بن عبد الرحمن [والأقرب أنه ابن

ص: 391

ثوبان]، عن رجل، عن ابن عمر، وأوقفه ولم يرفعه؛ فصار الحديث موقوفًا بإسناد ضعيف؛ لأجل الرجل المبهم، والله أعلم.

• وروي من وجه آخر عن يعلى متصلًا؛ لكنه لا يثبت:

رواه يزيد بن هارون [ثقة متقن]، قال: ثنا أبو مالك النخعي، عن يعلى بن عطاء، وابن أبي دَليلة، عن علي الأزدي، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 180)(8/ 76/ 12530 - ط. الرشد)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 285) في ترجمة إبراهيم بن أبي دليلة.

قلت: وهذه المتابعة لشعبة شبه الريح لا تسوي شيئًا، فإن أبا مالك النخعي عبد الملك بن حسين: متروك، منكر الحديث.

° قال الترمذي: "اختلف أصحاب شعبة في حديث ابن عمر فرفعه بعضهم، وأوقفه بعضهم.

وروي عن عبد الله العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو هذا.

والصحيح: ما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الليل مثنى مثنى"، وروى الثقات عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه صلاة النهار.

وقد روي عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يصلي بالليل مثنى مثنى، وبالنهار أربعًا.

وقد اختلف أهل العلم في ذلك: فرأى بعضهم: أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وهو قول الشافعي، وأحمد.

وقال بعضهم: صلاة الليل مثنى مثنى، ورأوا صلاة التطوع بالنهار أربعًا، مثل الأربع قبل الظهر، وغيرها من صلاة التطوع، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، وإسحاق".

وقال النسائي في المجتبى: "هذا الحديث عندي خطأ، والله تعالى أعلم".

وقال في الكبرى: "هذا إسناد جيد، ولكن أصحاب ابن عمر خالفوا عليًا الأزدي، خالفه: سالم ونافع وطاووس"، قلت: يعني: مع جودة إسناده فهو معلول.

وقال أبو داود في مسائله لأحمد (1872): "سمعت أحمد، قال: كان شعبة يتهيب حديث ابن عمر: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"؛ يعني: يتهيبه للزيادة التي فيها: "والنهار"، لأنه مشهور عن ابن عمر من وجوه: "صلاة الليل"، ليس فيه: "والنهار".

وروى نافع: أن ابن عمر كان لا يرى بأسًا أن يصلي بالنهار أربعًا، وبعضهم قال: عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يصلي بالنهار أربعًا، فنخاف فلو كان حفظ ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم:"صلاة النهار مثنى مثنى"، لم يكن يرى أن يصلي بالنهار أربعًا، وقد روي عن عبد الله بن عمر قوله: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، والله أعلم".

وقال أيضًا (1947): "سمعت أحمد يقول في حديث يعلى بن عطاء - يعني: عن علي البارقي، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" -، قال:

ص: 392

كان شعبة يَفْرَقُه" [ونقله عن أحمد أيضًا: أحمد بن حفص؛ كما عند ابن عدي في الكامل (5/ 180)، وفيه: "كان شعبة يفرَقه، أو: قال شعبة: أنا أَفْرَقه"].

وقال أبو داود أيضًا (1968): "سمعت أحمد، قال: قال يحيى، أو سفيان: قال أبو داود: أنا أشك في حديث عبيد الله؛ يعني: حديث عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: كان لا يرى بأسًا أن يصلي بالنهار أربعًا، أراد أبو عبد الله؛ أي: غيره قال: عن عبيد الله، عن نافع؛ أن ابن عمر كان يصلي بالنهار أربعًا، يريد أبو عبد الله: أن في رواية من قال: لا يرى بأسًا أن يصلي بالنهار أربعًا، تقويةً لحديث يعلى بن عطاء أن يكون محفوظًا، وقوله: إنه كان يصلي بالنهار أربعًا؛ فيه توهين لحديث يعلى بن عطاء، لأنه ينكَر أن يكون حفظ ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، ثم يصلي بالنهار أربعًا، قد رواه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسةَ عشرَ رجلًا من أصحاب ابن عمر هذا الحديث: "صلاة الليل مثنى مثنى"، ولم يذكروا: "النهار".

ثنا ابن السرح، قال: أنبأ ابن وهب، قال: أخبرني عمرو - يعني: ابن الحارث -، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان حدثه؛ أنه سمع عبد الله بن عمر، يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، يريد: التطوع".

هكذا نقل أبو داود عن أحمد أنه كان يضعِّف حديث البارقي ويوهنه، خلافًا لما نقله عنه ابن عبد البر في التمهيد (13/ 185 - 186)، وما نقله أبو داود أولى بالصواب، فهو صاحب أحمد المكثر عنه، وهو أضبط لمسائله، والله أعلم.

وقد تابعه على ذلك الأثرم فيما نقله عنه ابن عبد البر في التمهيد (13/ 244)، حيث قال:"قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل - يسأل عن صلاة الليل والنهار في النافلة؟ فقال: أما الذي أختار فمثنى مثنى، وإن صلى أربعًا فلا بأس، وأرجو أن لا يضيَّقَ عليه، فذكر له حديث يعلى بن عطاء عن علي الأزدي، فقال: لو كان ذلك الحديث يثبت! [يعني: لقلنا به]، ومع هذا حديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين في تطوعه بالنهار، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، والفجر، والأضحى، وإذا دخل المسجد صلى ركعتين، فهذا أحث إليَّ، وإن صلى أربعًا فقد روي عن ابن عمر أنه كان يصلي أربعًا بالنهار".

فهذا ظاهر في تضعيف أحمد لحديث علي الأزدي عن ابن عمر.

وأما ما نقله ابن عبد البر في التمهيد (13/ 244) وكذا في الاستذكار (2/ 109) عن أبي محمد مضر بن محمد أنه قال: "سألت يحيى بن معين عن صلاة الليل والنهار؟ فقال: صلاة النهار أربعًا، لا يفصل بينهن، وصلاة الليل ركعتين، فقلت له: إن أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فقال: بأي حديث؟ فقلت: بحديث شعبة عن يعلى بن عطاء عن علي الأزدي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الليل

ص: 393

والنهار مثنى مثنى"، فقال: ومَن علي الأزدي حتى أقبل منه هذا! أدعُ يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر؛ أنه كان يتطوع بالنهار أربعًا لا يفصل بينهن، وآخذ بحديث علي الأزدي؟ لو كان حديث علي الأزدي صحيحًا لم يخالفه ابن عمر، قال يحيى: وقد كان شعبة يتقي هذا الحديث، وربما لم يرفعه".

فإن مضر بن محمد بن خالد بن الوليد أبا محمد الأسدي القاضي البغدادي المقرئ؛ وإن كان ثقة في نفسه [سؤالات الحاكم (233)، تاريخ بغداد (15/ 361 - ط. الغرب)، تاريخ دمشق (58/ 286) و (62/ 79)، تاريخ الإسلام (6/ 629 - ط. الغرب)، اللسان (8/ 81)]؛ إلا أنه لم يكن من أصحاب ابن معين المكثرين عنه، ولا من أصحاب أحمد حتى يقارن بأبي بكر الأثرم وبأبي داود وهما من هما في الإمامة والحفظ، والمكانة من الإمام، وطول صحبته، والاعتناء بمسائله، ولعله وهم أو ظن أن أحمد يحتج بهذا الحديث على ما ذهب إليه؛ فأما ما نقله عن أحمد في فقه المسألة فصحيح، وأما دعواه بأن أحمد يحتج على ذلك بحديث الأزدي فهو عندي باطل، وفي كلام الأثرم وأبي داود السابق نقله ما يبين حجة أحمد في المسألة، بل إن الحجة التي نقلها مضر عن ابن معين في رد حديث الأزدي هي نفس الحجة التي استعملها أحمد في رد الحديث، والله أعلم.

وقال ابن عبد البر في موضع آخر (13/ 185): "وكان يحيى بن معين يخالف أحمد في حديث علي الأزدي، ويضعفه ولا يحتج به، ويذهب مذهب الكوفيين في هذه المسألة.

وأما ما نقله ابن رجب في الفتح (6/ 192) عن أحمد بقوله: "وقال مرة: إسناده جيد، ونحن لا نتقيه"؛ فهو محتمل للتأويل أيضًا كما تقدم عن النسائي، والعمدة في نقل كلام أحمد في هذا الحديث ما نقله عنه أبو داود والأثرم.

• وهذا الحديث قد ذكره مالك في موطئه (1/ 176/ 313) بلاغًا عن ابن عمر، أنه كان يقول: صلاةُ الليلِ والنهارِ مثنى مثنى، يسلم من كل ركعتين، وقال مالك:"وهو الأمر عندنا".

وأخرجه من طريقه: ابن المظفر في غرائب مالك (122).

• وقد سبق أن بينت أن البخاري قد أعل هذا الحديث في التاريخ الكبير (1/ 285) وبين أن شعبة قد خولف في إسناده، وفي رفعه، خالفه هشيم.

فأعله بالمخالفة في الرفع، وفي الإسناد، وإنما يستدل البخاري على كون صلاة النهار مثنى مثنى من أدلة أخرى، وقد ساق ما صح في ذلك عن ابن عمر موقوفًا عليه، وبما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في رواتب المكتوبات ركعتين ركعتين، وفعله في الصحيح يدل على ذلك [البخاري (1162 - 1167)]، وقد سقت كلامه في آخر هذا الباب.

ولو كان البخاري يصحح حديث الأزدي هذا لاحتج به في صحيحه، فقد بوب على موضوعه؛ فأعرض عن حديثه، فلم يخرجه، ولم يشر إليه، فلم يعلقه لا بصيغة الجزم ولا التمريض، فقال:"باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى".

ص: 394

ونسخة التاريخ الكبير التي بين أيدينا هي من رواية محمد بن سهل بن كردي البصري الفسوي المقرئ [راجع: اللسان (7/ 187)، وقد رد على من جهَّله، ثم قال بأنه معروف موثَّق].

فكيف يقبل بعد ذلك قول محمد بن سليمان بن فارس: "سئل أبو عبد الله - يعني: البخاري - عن حديث يعلى أصحيح هو؟ فقال: نعم"[سنن البيهقي (2/ 487)، المعرفة (2/ 296/ 1351)].

قلت: أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس النيسابوري الدلال: شيخ لابن حبان أخرج له في صحيحه (836 و 1812 و 2699 و 3299 و 3302)، روى عن البخاري كتاب التاريخ الكبير، ورواه من طريقه جماعة من الأئمة، منهم الدارقطني والحاكم والبيهقي والخطيب وغيرهم، وأنفق على طلب العلم أموالًا كثيرة، وسئل أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم الحافظ عنه، فقال:"ما أنكرنا عليه إلا لسانه؛ فإنه كان فحاشًا"[الإرشاد للخليلي (3/ 858)، الكفاية (349)، الأنساب (2/ 519)، تاريخ الإسلام (23/ 440)].

قال ابن حجر في ذكر مصنفات البخاري في هدي الساري (492): "والتاريخ الكبير: يرويه عنه أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس، وأبو الحسن محمد بن سهل الفسوي وغيره"[وذكره في التغليق (5/ 436) أيضًا].

قال الخطيب في الكفاية (349): "وقد كان أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس النيسابوري سمع من محمد بن إسماعيل البخاري كتاب التاريخ الكبير غير أجزاء يسيرة من آخره؛ فإنه لم يسمعها، وأجازها البخاري له، ثم روى ابن فارس الكتاب، وسمعه منه أبو الحسن علي بن إبراهيم المستملي المعروف بالنجاد، سوى ذلك القدر الذي لم يسمعه ابن فارس من البخاري، فإن المستملي أخذه عن ابن فارس إجازة أيضًا، ثم روى المستملي ببغداد جميع الكتاب، وسمعه منه كافة أهل العلم من أصحاب الحديث، وكتبه عنه أبو الحسن الدارقطني وغيره بكماله، وقرئ عليه ما في آخره إجازة عن ابن فارس عن إجازة البخاري له ذلك".

وقال السمعاني في ترجمته من الأنساب (2/ 519): "وكان التمس من محمد بن إسماعيل البخاري نزول داره، فنزل عنده مدة، وقرأ عليه كتاب التاريخ من أوله إلى باب فضيل"[ونقل ذلك الذهبي في تاريخ الإسلام (23/ 440)].

وقد ذكر العلامة المعلمي اليماني في مقدمته على كتاب الموضح للخطيب البغدادي ما يزيل بعض الإشكالات، فمن ذلك قوله: "فكلام ابن أبي حاتم؛ [يعني: في كتابه بيان خطأ البخاري] كان بحسب النسخة التي أخرجها البخاري أولًا، وكلام الخطيب؛ [يعني: في كتابه الموضح] بالنظر إلى النسخة التي أخرجها ثانيًا، وهي رواية أبي أحمد محمد بن سليمان بن فارس الدلال النيسابوري المتوفى سنة 312 هـ،

، وفي رواية ابن فارس

ص: 395

هذه مواضع على الخطأ، وهي في رواية محمد بن سهل بن كردي عن البخاري على الصواب"، ثم قال: "فظهر أن رواية ابن فارس مما أخرجه البخاري ثانيًا، ورواية ابن سهل مما أخرجه ثالثًا".

وقد نبه العلامة المعلمي في عدة مواضع من حاشيته على الموضح على ما وقع لابن فارس من الخطأ، بينما وقع لابن سهل على الصواب [راجع: النكت الجياد (2/ 80)].

ومن ذلك قوله في حاشية الموضح (1/ 26): "نسخة الخطيب كما بينه في صدر هذه الأوهام ترجع إلى رواية ابن فارس، وهي متقدمة عن نسخة ابن سهل، فنسخة ابن سهل هي المعتمدة عند الاختلاف، والله الموفق".

بل إن الخطيب البغدادي نفسه قد نبه في مواضع من الموضح على ذلك:

فقال الخطيب في موضع (1/ 125):"والوهم في هذا الفصل لا يلزم البخاري لأنه ذكر صالح بن صالح في كتابه على الصواب في فصل واحد"، ثم ساقه بإسناده من طريق محمد بن سهل المقرئ، ثم قال:"وإنما حصل الوهم في رواية علي بن إبراهيم بن الحسين المستملي المعروف بالنجاد عن أبي أحمد بن فارس الدلال عن البخاري"، ثم قال:"وقد روى أبو محمد عبد الرحمن بن الفضل بن عبد الله الفسوي عن البخاري في كتاب التاريخ هذا الفصل في ذكر صالح بن صالح بن حي، كما رواه محمد بن سهل المقرئ عنه على الصواب".

ونبه في موضع ثانٍ (1/ 163 - 164) على اختلاف النسخ، وأشار إلى وقوع الخطأ في نسخة ابن فارس، وأن نسخة محمد بن سهل على الصواب.

وقال في موضع ثالث (1/ 171): "وقد روى عبد الرحمن بن الفضل الفسوي عن البخاري هذا الفصل مثل ما رواه عنه ابن فارس على الخطأ، ورواه محمد بن سهل المقرئ عن البخاري على الصواب".

فدل مجموع ذلك على صحة بحث العلامة المعلمي حين قال: "فنسخة ابن سهل هي المعتمدة عند الاختلاف".

والحاصل: فإنا نقدم ما كتبه البخاري بنفسه في تاريخه الكبير من نسخته المعتمدة مما يقتضي إعلال هذا الحديث، إضافة إلى إعراضه عن إخراجه في الصحيح مع شدة حاجته إلى الاحتجاج به في بابه، نقدم ذلك على ما انفرد بنقله البيهقي من طريق ابن فارس بتصحيح البخاري لهذا الحديث، والله أعلم.

وبحثي هذا عن رواية ابن فارس لا يقضي بتضعيفه ورد روايته، وإنما هذا البحث يستفاد منه في ترجيح الروايات بعضها على بعض، فإذا اختلفت رواية ابن فارس ورواية ابن سهل قدمنا رواية ابن سهل؛ لكونها المتأخرة، وقد اعتمد الأئمة النقاد رواية ابن فارس، وقد تتبعت روايته في مواضع من المؤتلف للدارقطني وسنن البيهقي فوجدت فيها فوائد عزيزة، ينبغي أن تجمع، والله أعلم.

ص: 396

• وقال العقيلي في الضعفاء (4/ 240)(4/ 60 - ط. التأصيل): "والرواية في صلاة الليل مثنى مثنى: ثابتة، وقد روى شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن علي الأزدي، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، وأما صلاة النهار أربعًا: فلا يتابع عليه".

وقال الدارقطني في العلل (13/ 2927/36): "وإنما تُعرف صلاة النهار: عن يعلى بن عطاء، عن علي الأزدي، عن ابن عمر، وخالفه نافع، وهو أحفظ منه".

وحكى ابن الملقن في البدر المنير (4/ 358)، وابن حجر في التلخيص (2/ 48)، عن الدارقطني قوله في العلل؛ أن ذكر النهار فيه وهم.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 243): "وقد روى هذا الحديث عن ابن عمر جماعة منهم: نافع، وعبد الله بن دينار، وسالم، وطاووس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن سيرين، وحبيب بن أبي ثابت، وحميد بن عبد الرحمن، وعبد الله بن شقيق، كلهم قال فيه: عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى"، لم يذكروا النهار، ورواه علي بن عبد الله الأزدي البارقي، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، فزاد فيه ذكر النهار، ولم يقله أحد عن ابن عمر غيره، وأنكروه عليه".

وانظر أيضًا: مجموع الفتاوى (21/ 165)، نصب الراية (2/ 144)، الفتح لابن حجر (2/ 479)[وقال بأن أكثر أئمة الحديث أعلوا هذه الزيادة، ثم ذكر بعض كلامهم].

° والحاصل: فإن مجموع ما أُعل به حديث علي الأزدي عن ابن عمر:

الأول: أن شعبة قد اختلف عليه في رفعه ووقفه؛ قاله الترمذي وغيره، ولعل مرجع ذلك إلى أنه كان يفرقه ويتهيبه.

الثاني: أن شعبة كان يتهيَّب حديث ابن عمر هذا: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، وَيفْرَقه للزيادة التي فيه:"والنهار"، لأنه مشهور عن ابن عمر من وجوه:"صلاة الليل"، ليس فيه:"والنهار"، كما أنه مروي عن ابن عمر موقوفًا عليه بالزيادة، فلم يسنده.

الثالث: أن شعبة قد خولف في إسناده وفي رفعه؛ فقد خالفه هشيم، فرواه عن يعلى بن عطاء، عن محمد بن عبد الرحمن، عن رجل، عن ابن عمر قوله؛ ذكره البخاري في التاريخ (1/ 285).

الرابع: أن عليًا الأزدي لم يتابع على هذه الزيادة عن ابن عمر؛ بل قد خالفه فلم يأت بها في الحديث: جماعة من ثقات أصحاب ابن عمر، وألزمهم له، وأكثرهم عنه رواية، وأعلمهم بحديثه، وفيهم أهل بيته؛ ابنه سالم، وابنه عبيد الله، ومولاه نافع، وعبد الله بن دينار، وطاووس، والقاسم بن محمد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن سيرين، وأنس بن سيرين، وحميد بن عبد الرحمن، وعبد الله بن شقيق، وأبو مجلز لاحق بن حميد، وعقبة بن حريث، وعقبة بن مسلم التجيبي [(14)]، وبعض الضعفاء، مثل: عطية بن سعد العوفي، وبشر بن حرب الأزدي، كلهم قال فيه: عن ابن عمر، عن

ص: 397

النبي صلى الله عليه وسلم:" صلاة الليل مثنى مثنى"، لم يذكروا النهار؛ فروايتهم هي الصواب، ورواية الأزدي وهمٌ.

الخامس: أنه قد ثبت: أن ابن عمر كان يصلي بالنهار أربعًا، فلو كان ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم:"صلاة النهار مثنى مثنى"، لم يكن ليخالف ذلك فيصلي بالنهار أربعًا.

قال أحمد: "فيه توهين لحديث يعلى بن عطاء، لأنه ينكَر أن يكون حفظ ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، ثم يصلي بالنهار أربعًا"[وانظر: رد البيهقي في الخلافيات (2/ 288 - مختصره)].

السادس: أنه قد روي من وجه آخر صحيح عن عبد الله بن عمر قوله موقوفًا عليه: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، لا يرفعه.

وبمجموع ذلك: نجزم بأن حديث علي الأزدي عن ابن عمر مرفوعًا: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى": حديث شاذ، والله أعلم.

° وعلي بن عبد الله الأزدي البارقي: روى عنه جماعة من الثقات، وروى له مسلم حديثًا في الدعاء، ونقل ابن خلفون عن العجلي توثيقه، وقال فيه ابن عدي بعد أن روى له ثلاثة أحاديث:"وليس لعلي البارقي الأزدي كثير حديث، وهو عندي لا بأس به"، وقد صدر ترجمته بقول شعبة في حديثه هذا [التهذيب (3/ 180)، الكامل (5/ 180) (8/ 77 - ط. الرشد)]؛ فلا يحتمل من مثله مخالفة هذا الجمع الكبير من أصحاب ابن عمر.

• فإن قيل: فما تقول في قول ابن عبد البر في التمهيد (13/ 188): "روى سالم ونافع وعبد الله بن دينار وأبو سلمة وطاووس وعبد الله بن شقيق ومحمد بن سيرين كلهم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى" لم يذكروا: النهار، وروى يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر؛ أنه كان يتطوع بالنهار أربعًا لا يفصل بينهن،

وهذا خلاف ما ذكر مالك أنه بلغه عنه، ومالك لا يروي إلا عن ثقة، وبلاغاته إذا تفقدت لم توجد إلا صحاحًا، فحصل [كذا] ابن عمر مختلفًا عنه في فعله وفي حديثه المرفوع، إلا أن حمل المرفوع من حديثه الذي فيه الحجة على أنه خرج على جواب السائل؛ بدليل رواية الأزدي عنه: كان مذهبًا حسنًا، وعليه أكثر فقهاء الحجاز، وأكثر أهل الحديث، وبالله التوفيق".

وقال في موضع آخر (13/ 245): "قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى" كلام خرج على جواب السائل، كأنه قال له: يا رسول الله! كيف نصلي بالليل؟ فقال: "مثنى مثنى"، ولو قال له: وبالنهار؟ جاز أن يقول كذلك: أيضًا مثنى مثنى، وما خرج على جواب السائل فليس فيه دليل على ما عداه وسكت عنه؛ لأنه جائز أن يكون مثله، وجائز أن يكون بخلافه، وهذا أصل عظيم من أصول الفقه، فصلاة النهار موقوفة على دلائلها"[وانظر أيضًا: الاستذكار (2/ 108)].

قلت: نعم؛ الأولى متابعة السنة القولية والفعلية الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم؛ أن صلاة الليل

ص: 398

والنهار مثنى مثنى، كما سيأتي تقرير ذلك بأقوال الأئمة في آخر الباب، لكن من صلى بالنهار أربعًا فلا حرج عليه؛ لما ثبت عن ابن عمر في ذلك، كما سيأتي بيانه.

وتقرير ذلك: أنه قد ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى"[كما سيأتي بيانه في طرق حديث ابن عمر]، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من غالب فعله في صلاته بالليل: أنه صلاها مثنى مثنى؛ إلا ما نقل عنه خلاف ذلك في حال عارض [قال النووي في شرحه على مسلم (6/ 20): "وهو المشهور من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ يعني: التسليم من كل ركعتين في صلاة الليل].

وأما صلاته التطوع بالنهار: فلم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم من وجه صحيح صريح أنه كان يصلي أربعًا لا يفصل بينهن بالتسليم، وما ثبت عنه في الأربع قبل الظهر فمحمول على الفصل بينهن بسلام، وأما القول بأن حديث جماعة الثقات عن ابن عمر خرج جوابًا لسائل؛ ومن ثم فلم يعد له مفهوم، وقد أشار إليه في مراقي السعود في ذكر موانع اعتبار مفهوم المخالفة بقوله:

أو جهِل الحكمَ أو النطقُ انجلب

للسؤلِ أو جرى على الذي غلب

فيقال: لم يقع الجواب مطابقًا للسؤال حتى يقال بعدم اعتبار مفهوم المخالفة في هذا الموضع، وقد كان السائل والسامعون بحاجة لبيان كيفية صلاة التطوع بالنهار، فلماذا تعمد صلى الله عليه وسلم السكوت عنها، مع علمه بحاجتهم للبيان؛ كحاجتهم لبيان حال ميتة البحر حين سألوه عن الوضوء بمائه، فزادهم في الجواب بيان حال ما لم يسألوا عنه لمسيس حاجتهم إليه، وكذلك الأمر هنا؛ فإنه لما سكت عن صلاة النهار مع حاجتهم إلى معرفة كيفيتها دل ذلك على التوسعة، مع أن المتتبع لسنته الفعلية يجد أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالنهار مثنى مثنى، ولعل ابن عمر فهم من إجابة السائل أن الأمر واسع في صلاة النهار، فصلاها أربعًا، وحجة أحمد في هذا قوية حين قال:"وقوله: إنه كان يصلي بالنهار أربعًا؛ فيه توهين لحديث يعلى بن عطاء، لأنه ينكَر أن يكون حفظ ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، ثم يصلي بالنهار أربعًا"، والله أعلم.

وكلام ابن رجب في الفتح (6/ 191) يدل على صحة هذا المفهوم، وأنه معتبر، فقال عن حديث الجماعة عن ابن عمر:"ويدل بمفهومه على أن صلاة النهار ليست كذلك، وأنه يجوز أن تصلى أربعًا، وقد كان ابن عمر - وهو راوي الحديث - يصلي بالنهار أربعًا، فدل على أنه عمل بمفهوم ما روى".

وممن عمل بمفهوم حديث ابن عمر المتفق عليه أحد أئمة التابعين، الإمام الزهري:

فقد قال عبد الرحمن بن نمر في روايته: وسألت الزهري: أيصلي الرجل أربع ركعات تطوعًا لا يفصل بينهن بتسليم [هكذا بإطلاق من غير قيد بليل أو نهار]؟ فقال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قام رجل، فقال: يا رسول الله، كيف صلاة الليل؟ قال:"مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة"[مسند الشاميين (2891)، ويأتي ذكره بطرقه قريبًا].

ص: 399

وأما ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية [كما في مجموع الفتاوى (21/ 290)، في رد حديث الأزدي لكونه إذا ذكر النهار في الحديث على هذه الهيئة لم يكن الجواب منتظمًا؛ فهذا صحيح، إذ كيف يقال: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، ثم يتبعها مباشرة بقوله: فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة؛ فلا ينتظم حينئذ الجواب، ولو أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر هيئة صلاة النهار، لأخر ذكرها في الكلام حتى لا يدخل عليها هذا القيد المتعلق بالوتر في صلاة الليل، وقد ختم شيخ الإسلام حجته على تضعيف حديث الأزدي بقوله: "فلم يذكر ما في أوله؛ [يعني: سؤال السائل]، ولا ما في آخره؛ [يعني: القيد المتعلق بالوتر]، وزاد في وسطه؛ [يعني: صلاة النهار]، وليس هو من المعروفين بالحفظ والإتقان، ولهذا لم يخرج حديثه أهل الصحيح البخاري ومسلم، وهذه الأمور وما أشبهها متى تأملها اللبيب علم أنه غلِطَ في الحديث"، وكان قال قبل بحثه المفصل في رد حديث الأزدي: "وهو خلاف ما رواه الثقات المعروفون عن ابن عمر؛ فإنهم رووا ما في الصحيحين: أنه سئل عن صلاة الليل، فقال:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الفجر فأوتر بواحدة"، ولهذا ضعف الإمام أحمد وغيره من العلماء حديث البارقي، ولا يقال: هذه زيادة من الثقة؛ فتكون مقبولة؛ لوجوه:

"، ثم ذكرها [وانظر أيضًا: مجموع الفتاوى (23/ 169)].

• وحديث علي الأزدي هذا عن ابن عمر: قد صححه جماعة مشيًا على ظاهر السند، مع إطلاق القول بقبول الزيادة من الثقة، مثل: الخطابي، فقد قال في المعالم (1/ 278):"روى هذا الحديث عن ابن عمر: نافع وطاووس وعبد الله بن دينار، لم يذكر فيه أحد صلاة النهار، إنما هو: صلاة الليل مثنى مثنى، إلا أن سبيل الزيادات أن تقبل"[البدر المنير (4/ 360)]، والبيهقي في الخلافيات (2/ 288 - مختصره) حيث قال:"وهذا حديث صحيح، رواته ثقات، فقد احتج مسلم بعلي بن عبد الله البارقي الأزدي، والزيادة من الثقة مقبولة، وقد سئل البخاري عن حديث يعلى بن عطاء: أصحيح هو؟ قال: نعم".

وكذلك صححه النووي في المجموع (4/ 53)، والخلاصة (1/ 553/ 1872) و (1/ 603/ 2062)، وغيرهم.

• وقد رواه من قول ابن عمر موقوفًا عليه:

أ - الليث بن سعد، وابن وهب [وهما: مصريان، ثقتان ثبتان]:

عن عمرو بن الحارث [مصري، ثقة حافظ]، عن بكير بن عبد الله بن الأشج [مدني، نزيل مصر، ثقة ثبت، إمام]، عن عبد الله بن أبي سلمة [الماجشون: مدني، ثقة]، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان حدثه؛ أنه سمع عبد الله بن عمر، يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. يريد به التطوع.

أخرجه ابن وهب في الجامع (350)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 285)، وأبو داود في مسائله لأحمد (1968)، والبيهقي (2/ 487)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 247).

ص: 400

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.

هكذا رواه عن الليث بن سعد به موقوفًا: كاتبه أبو صالح عبد الله بن صالح [وهو: صدوق].

• وخالفه: داود بن منصور [صدوق]: حدثني الليث بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى".

أخرجه الدراقطني في السنن (1/ 417)، وفي الأفراد (1/ 548/ 3146 - أطرافه).

[الإتحاف (8/ 669/ 10202)].

قال الدارقطني في الأفراد: "غريب بهذا الإسناد، تفرد به: داود بن منصور قاضي المصيصة، عن الليث بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن عبد الله بن أبي سلمة عنه".

وقال في السنن: "يوسف بن بحر: ضعيف"؛ يعني: راويه عن داود بن منصور [تخريج الأحاديث الضعاف (358)، من تكلم فيه الدارقطني في السنن لابن زريق 490)].

وظاهر عبارة الدارقطني في الأفراد تدل على أن يوسف بن بحر لم يتفرد به عن داود بن منصور، وأنه قد توبع عليه؛ لكنه قال في العلل (13/ 2927/35) بعد ذكر طريق داود هذا:"قاله يوسف بن بحر"، فدل على تفرده به، وعلى هذا:

فإن رفعه منكر؛ حيث تفرد به يوسف بن بحر الشامي الساحلي، وهو: ضعيف، روى مناكير عن الثقات، ورفع أحاديث، وهذا منها [اللسان (8/ 549)].

وقد ساق الدارقطني بقية أوجه الاختلاف فيه في العلل (13/ 2927/35)، ثم قال:"وكلاهما غير محفوظ، والمحفوظ: عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى"، وكان ابن عمر يصلي بالنهار أربعًا".

ب - وروى عبد الله بن داود [الخريبى: ثقة]، عن المغيرة والأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: صلاة الليل مثنى مثنى، والتسليم. موقوفًا بدون ذكر النهار.

ورواه علي بن صالح بن حي [ثقة]، عن مغيرة، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: صلاة الليل مثنى مثنى، والسلام.

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 165/ 3878)[من طريق علي بن صالح].

والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 288)[من طريق عبد الله بن داود].

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن مغيرة إلا علي بن صالح، ولا عن علي إلا سلمة العوصي، تفرد به: يحيى بن عثمان".

قلت: وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح، غريب من حديث الأعمش.

• وصح أيضًا التفريق بين الليل والنهار من فعل ابن عمر:

أ - روى عبد الله بن عمر العمري [ليس بالقوي]، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يصلي بالليل مثنى مثنى، وبالنهار أربعًا ثم يسلم.

ص: 401

أخرجه عبد الرزاق (2/ 501/ 4226)(2/ 482/ 4271 - ط. التأصيل)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 236/ 2772)(5/ 239/ 2751 - ط. الفلاح)[لكن قال فيه: عبيد الله بن عمر، الثقة الثبت، وقال بأنه ثابت عن ابن عمر لأجله].

• هكذا رواه عبد الرزاق عن العمري في المحفوظ عنه:

وخالفه: إسحاق بن إبراهيم الحنيني [مدني نزل طرسوس، وهو: ضعيف، قال البخاري: "في حديثه نظر"، وقال الذهبي: "صاحب أوابد". التهذيب (1/ 114)، الميزان (1/ 179)]، قال: حدثنا عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى".

أخرجه الطحاوي (1/ 334)، والطبراني في الأوسط (79)، وفي الصغير (47)، وعلقه الترمذي (597)، [الإتحاف (9/ 115/ 10624)].

قال الطبراني في الأوسط: "لم يروه عن عبد الله بن عمر إلا الحنيني".

وقال في الصغير: "غريب، لم يرو هذه اللفظة "والنهار" عن العمري إلا الحنيني".

قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به الحنيني.

• ورواه الحنيني مرة أخرى فقرن بالعمري مالكًا، ورواه أحيانًا بعدُ بإفراد مالك؛ فأفحش الوهم:

رواه محمد بن عوف الحمصي [ثقة حافظ]، ومحمد بن عيسى بن يزيد الطرسوسي [محدث رحال، قال الحاكم: "هو من المشهورين بالرحلة والفهم والتثبت"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "يخطئ كثيرًا"، وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه لا يتابعونه عليه، وهو في عداد من يسرق الحديث"، وقد اتهمه بسرقة هذا الحديث من محمد بن عوف. اللسان (5/ 378)، الثقات (9/ 151)، الكامل (6/ 283)]:

عن الحنيني، عن مالك بن أنس، والعمري، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، وزاد في الرواية التي أفرد فيها مالكًا:"يسلم في كل ركعتين".

أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 283)(9/ 407/ 15680 - ط. الرشد)، وابن المظفر في غرائب مالك (121)، وتمام في الفوائد (179).

وهذا حديث باطل من حديث مالك؛ تفرد به الحنينى.

قال ابن المظفر: "في الموطأ مرسل".

يعني: بلاغًا عن ابن عمر، أنه كان يقول: صلاةُ الليلِ والنهارِ مثنى مثنى، يسلم من كل ركعتين. وقد سقناه قبل قليل.

وقال الدارقطني في العلل (13/ 35/ 2927): "وإنما تعرف هذه اللفظة من رواية الحنيني، فأما أصحاب مالك فرووه في الموطأ وغيره، عن نافع، عن ابن عمر، وعن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر؛ في صلاة الليل في دون صلاة النهار، وهو الصحيح عن مالك".

ص: 402

ويأتي ذكره في طرق حديث ابن عمر مرفوعًا: "صلاة الليل مثنى مثنى"[برقم (3)].

وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 240): "لم يختلف الرواة عن مالك في هذا الحديث [يأتي في طرق حديث ابن عمر برقم (3)]، وكل من رواه عنه فيما علمت من رواة الموطأ وغيرهم هكذا قالوا فيه عنه: "صلاة الليل مثنى مثنى"؛ إلا الحنيني وحده، فإنه روى هذا الحديث عن مالك والعمري جميعًا، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، فزاد فيه ذكر النهار، وذلك خطأ عن مالك، لم يتابعه أحد عنه على ذلك، والحنيني: ضعيف، كثير الوهم والخطأ، والعمري هذا هو: عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، أخو عبيد الله بن عمر: ضعيف أيضًا، ليس بحجة عندهم لتخليطه في حفظه، فأما أخوه عبيد الله بن عمر: فثقة، أحد الجلة من أصحاب نافع، ورواية عبيد الله بن عمر لهذا الحديث عن نافع كرواية مالك: "صلاة الليل مثنى مثنى"، ولم يذكر النهار، وكذلك رواية أيوب السختياني له أيضًا عن نافع، لم يذكر النهار، هؤلاء هم الحجة في نافع"، إلى أن قال:"ولا يصح عن نافع في هذا الحديث غير ذلك".

• ورواه أيضًا: عمر بن هارون: ثنا العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار أربع أربع".

أخرجه البيهقي في الخلافيات (ق/ 446)(2/ 291 - مختصره).

• ثم رواه مرة أخرى: عمر بن هارون: ثنا سفيان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

أخرجه البيهقي في الخلافيات (ق/ 446)(2/ 291 - مختصره).

قلت: وهذان الحديثان الأخيران باطلان؛ تفرد بهما عن العمري وعن الثوري: عمر بن هارون البلخي، وهو: متروك، واتهم، كذبه ابن معين وغيره [التهذيب (3/ 253)].

والمعروف فيه عن العمري: ما رواه عبد الرزاق، عنه، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يصلي بالليل مثنى مثنى، وبالنهار أربعًا ثم يسلم. موقوفًا، وتقدم.

والمعروف من حديث الثوري: ما رواه أبو نعيم، وعبد الرزاق، عنه، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يصلي بالليل ركعتين، وبالنهار أربعًا. موقوفًا، ويأتي.

° قال أبو عبد الله الحاكم: "أخطأ الراوي لهذا الحديث بهذا اللفظ على العمرين جميعًا: عبيد الله وعبد الله، وعمر بن هارون: غير مستبدع منه رواية المناكير، وهذا حديث منكر، وعمر بن هارون: ضعيف الحديث جدًّا، كذبه يحيى بن معين من رواية ابن الجنيد عنه"[الخلافيات (ق/ 446) (2/ 291 - مختصره)].

• وقد روي حديث العمري من وجه آخر مرفوعًا [أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (13/ 118)][وشيخ الخطيب اتهم بوضع حديث، وفي إسناده أيضًا من يجهل حاله، ومن لا يحتمل تفرده عن وكيع بن الجراح].

ب - ورواه عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر

ص: 403

مثله. أي بمثل حديث العمري، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يصلي بالليل مثنى مثنى، وبالنهار أربعًا ثم يسلم.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 501/ 4227)(2/ 482/ 4272 - ط. التأصيل).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد لا بأس به.

قال ابن حجر في الإتحاف (8/ 605/ 10049): "وروى نعيم بن حماد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صلاة الليل مثنى مثنى، وصلاة النهار أربع أربع، لا يسلم إلا في آخرهن. وهذا إسناد صحيح، يعارض ما رواه هذا البارقي".

قلت: رواية المصنَّف أولى بالصواب، وهي الموافقة لرواية الجماعة عن نافع من فعل ابن عمر؛ لا من قوله، ونعيم بن حماد: ضعيف.

ج - ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين، وعبد الرزاق بن همام:

عن سفيان الثوري، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنه كان يصلى بالليل ركعتين، وبالنهار أربعًا.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 501/ 4227)(2/ 482/ 4272 - ط. التأصيل)، والطحاوي (1/ 334).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح كالشمس.

د - ورواه يحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن نمير:

عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يصلي بالليل مثنى مثنى، ويصلي بالنهار أربعًا [أربعًا].

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 74/ 6635)، والدارقطني في العلل (13/ 37/ 2927).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

قال الطحاوي: "فاستحال أن يكون ابن عمر رضي الله عنهما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما روى عنه علي البارقي، ثم يفعل خلاف ذلك".

• وروى محمد بن الحسن الشيباني [ضعيف]، قال: أخبرنا سفيان بن سعيد الثوري، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: صلاة الليل مثنى مثنى، وصلاة النهار أربع. موقوفًا من قول ابن عمر.

أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 277).

هكذا رواه موقوفًا في كتابه، وذكر الدارقطني في العلل (13/ 36/ 2927) أنه رواه مرفوعًا، وخالفه وكيع فأوقفه، وكذا يحيى القطان عن عبيد الله.

ووصله من طريق محمد بن الحسن به مرفوعًا: الدارقطني في العلل (13/ 36 / 2927)، ومن طريقه: الخطيب في الموضح (2/ 249).

قلت: رفعه منكر؛ فقد رواه أصحاب الثوري عنه به موقوفًا من فعل ابن عمر.

ص: 404

قال الدارقطني: "والمحفوظ عن عبيد الله: ما ذكرناه عن وكيع عن الثوري، وعن يحيى، عن عبيد الله، من قول ابن عمر وفعله".

هـ - وروى فهد [هو: ابن سليمان بن يحيى]، قال: ثنا علي بن معبد [هو: ابن شداد الرقي، نزيل مصر]، قال: ثنا عبيد الله [هو: ابن عمرو]، عن زيد [هو: ابن أبي أنيسة]، عن جبلة بن سحيم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعًا، لا يفصل بينهن بسلام، ثم بعد الجمعة ركعتين، ثم أربعًا.

تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1128)، وهو موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ لكنه غريب.

• وقد روي مرفوعًا من وجه آخر بالزيادة: عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل". وهذا الحديث محفوظ بهذا الإسناد بدون زيادة النهار، ويأتى بيان ذلك في الطريق رقم (26) من طرق حديث ابن عمر.

قلت: قد روى هذا الحديث عن ابن عمر جمعٌ من أصحابه؛ فلم يذكروا فيه لفظة: النهار، ومن هذه الطرق:

1 -

روى بشر بن المفضل، ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وحماد بن مسعدة، وحفص بن غياث [وهم ثقات أثبات]، ويحيى بن سليم الطائفي [صدوق، سيئ الحفظ]:

عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل؟ قال: "مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى واحدةً، فأوترت له ما صلى"، وإنه كان يقول: اجعلوا آخر صلاتكم وترًا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به.

أخرجه البخاري (472)، وابن خزيمة (2/ 139/ 1072)، وأحمد (2/ 54 و 102)، والبزار (12/ 44/ 5444)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 392/ 417)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1725)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (23)(638 - المخلصيات)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 241)، [التحفة (5/ 443/ 7814)، الإتحاف (9/ 167/ 10802)، المسند المصنف (14/ 365/ 6977)].

• وروى أبو أسامة حماد بن أسامة، وعبد الله بن نمير، ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وحماد بن مسعدة، ومحمد بن بشر العبدي، وحفص بن غياث [وهم ثقات أثبات]:

كلهم عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا".

ص: 405

أخرجه البخاري (998)، ومسلم (751/ 151)، وأبو عوانة (2/ 46/ 2264 - 2266)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 346/ 1705)، وأبو داود (1438)، وابن خزيمة (2/ 144/ 1082)، وأحمد (2/ 20 و 39 و 102 و 143)، وابن أبي شيبة (2/ 80/ 6702)، والبزار (12/ 35/ 5415)، وابن نصر المروزي في صلاة الوتر (305 - مختصره)، وتمام في الفوائد (615)، والبيهقي في السنن (3/ 34)، وفي المعرفة (2/ 323/ 1406)، والبغوي في شرح السنة (4/ 86/ 965)، [التحفة (5/ 452/ 7849) و (5/ 485/ 7977) و (5/ 522/ 8145)، الإتحاف (9/ 163/ 10792)، المسند المصنف (14/ 383/ 6991)].

• ورواه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة [ثقة متقن]، قال: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بادروا الصبح بالوتر". وفي رواية: "بادروا الصبح بركعة".

أخرجه أبو داود (1436)، والترمذي (467)، وأبو عوانة (2/ 63/ 2324)، وابن خزيمة (2/ 146/ 1087)، وابن حبان (6/ 198/ 2445)، والحاكم (1/ 301)، وأحمد (2/ 37)، وابن نصر في صلاة الوتر (328 - مختصره)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 188/ 2667) و (5/ 189/ 2668)، والطحاوي في المشكل (11/ 358/ 4496)، والطبراني في الكبير (12/ 366/ 13362)، والدارقطني في الأفراد (1/ 581/ 3380 - أطرافه)، وتمام في الفوائد (617)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 232)، والبغوي في شرح السنة (4/ 87 966)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 79)، [التحفة (5/ 517/ 8132)، الإتحاف (9/ 162/ 10787)، المسند المصنف (14/ 386/ 6995)].

• رواه عن ابن أبي زائدة: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأحمد بن منيع، وهارون بن معروف، ويحيى بن أيوب المقابري، وسريج بن يونس، وإبراهيم بن زياد سبلان [وهم ثقات] [رواه عن سبلان به: محمد بن إسحاق الصاغاني].

• ورواه أبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر (46)، قال: حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان: حدثنا إسماعيل بن زكريا [هو الخُلقاني: ليس به بأس، مقارب الحديث، وقد ضعفه جماعة. التهذيب (1/ 151)، الميزان (1/ 228)]: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بادروا الصبح بالوتر".

وهذا وهم، أو سبق قلم، حيث قلب إسناده فجعله عن إسماعيل بن زكريا، بدل: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، والحديث لا يُعرف إلا بابن أبي زائدة، وليس لإسماعيل فيه ناقة ولا جمل، فقد صرح جماعة من الأئمة بتفرد ابن أبي زائدة به، وأنه لم يتابع عليه.

وقد رواه عن سبلان كالجماعة: محمد بن إسحاق الصاغاني، وهو: ثقة ثبت، وقوله هو الصواب، ووهم فيه: محمد بن إبراهيم أبو أمية الطرسوسي، وهو: صدوق، والله أعلم.

ص: 406

° قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".

وقال ابن حبان والدارقطني: "تفرد به ابن أبي زائدة".

وقال ابن خزيمة: "خبر غريب غريب".

وقال أبو زرعة الرازي: "ابن أبي زائدة قلما يخطئ، فإذا أخطأ أتى بالعظائم"[علل الحديث (257)].

قال ابن رجب في الفتح (6/ 237): "ذكر الأثرم أنه ذكر لأبي عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل - حديث ابن أبي زائدة هذا من الوجهين، فقال: في الإسناد الأول: عاصم، لم يرو عن عبد الله بن شقيق شيئًا، ولم يروه إلا ابن أبي زائدة، وما أدري؟

فذكر له الإسناد الثاني، فقال أحمد: هذا أراه اختصره من حديث: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة"، وهو بمعناه. قال: فقلت له: روى هذين أحد غيره؟ قال: لا".

ثم قال ابن رجب: "قلت: والظاهر أنه اختصر حديث عبد الله بن شقيق عن ابن عمر أيضًا، كما اختصر حديث عبيد الله عن نافع عنه، والله أعلم".

قلت: هو كما قال أحمد، اختصر الحديث ورواه بالمعنى، والله أعلم.

2 -

وروى حماد بن زيد، وإسماعيل بن علية، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وعبد الوارث بن سعيد، ويزيد بن زريع [وهم ثقات أثبات، وفيهم أثبت الناس في أيوب؛ حماد وابن علية]:

عن أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو يخطب، فقال: كيف صلاة الليل؟ فقال: "مثنى مثنى، فإذا خشيتَ الصبحَ فأوتر بواحدة، توتر لك ما قد صليت".

أخرجه البخاري (473)، وابن خزيمة (2/ 139/ 1072)، وابن حبان (6/ 352/ 2622)، وأحمد (2/ 5 و 48)، والبزار (12/ 5448/45)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 209)، والدارقطني في العلل (13/ 37/ 2927)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 241)، [التحفة (5/ 371/ 7554)، الإتحاف (9/ 31/ 10338)، المسند المصنف (14/ 365/ 6977)].

3 -

وروى مالك، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر؛ أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدُكم الصبحَ صلى ركعةً واحدةً توتر له ما قد صلى".

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 180/ 319)، ومن طريقه: البخاري في الصحيح (990)، وفي التاريخ الأوسط (1/ 294/ 1433)(1/ 438/ 985 - ط. الصميعي)، ومسلم (749/ 145)، وأبو عوانة (2/ 65/ 2332)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 344/ 1697)، وأبو داود (1326)، والنسائي في المجتبى (3/ 233/ 1694)، وفي الكبرى (2/

ص: 407

155/ 1403)، والدارمي (1603 و 1730 - ط. البشائر)، والشافعي في الأم (1/ 140) و (7/ 186 و 204)، وفي المسند (213 و 387)، وابن وهب في الجامع (339)، والبزار (12/ 45/ 5447)، وابن نصر المروزي في كتاب الوتر (284 - مختصره)، والطحاوي (1/ 278)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (99 و 106)، والجوهري في مسند الموطأ (468)، والبيهقي في السنن (2/ 486) و (3/ 21)، وفي المعرفة (2/ 297/ 1352) و (2/ 311/ 1382)، والبغوي في شرح السنة (4/ 73/ 954)، [التحفة (5/ 248/ 7225) و (5/ 581/ 8346)، الإتحاف (8/ 494/ 9841) و (9/ 285/ 11164)، المسند المصنف (14/ 365/ 6977)].

رواه عن مالك: الشافعي، وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وعبد الله بن مسلمة القعنبي (162)، وعبد الرحمن بن القاسم (202 - بتلخيص القابسي)، وأبو مصعب الزهري (298)، وعبد الله بن وهب، ويحيى بن يحيى الليثي (319)، وقتيبة بن سعيد، وسويد بن سعيد الحدثاني (100)، وروح بن عبادة، وخالد بن مخلد القطواني، ومحمد بن الحسن الشيباني (164)[وأفرد الثلاثة الآخرون نافعًا، فلم يذكروا عبد الله بن دينار في الإسناد].

هكذا رواه أصحاب مالك الثقات وغيرهم، وانظر فيمن وهم عليه في إسناده: ما أخرجه تمام في الفوائد (1665).

قال البخاري في التاريخ: "وحديث ابن عمر: أثبت، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألزم".

وسبق نقل كلام ابن عبد البر في التمهيد (13/ 240) بعد حديث الحنيني عن مالك والعمري، فراجعه.

4 -

وروى الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة".

وفي رواية: أن ابن عمر، قال: من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترًا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك.

ولفظه بتمامه لأحمد والترمذي وغيرهما: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدةٍ، واجعل آخر صلاتك وترًا".

وفي رواية: "من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترًا".

أخرجه مسلم (751/ 150)[بطرفه الثاني وحده]. وأبو عوانة (2/ 46/ 2267 و 2268)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 346/ 1704)، والترمذي (437)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (3/ 228 /1671) و (3/ 330/ 1682)[فرقه حديثين]. وفي الكبرى (2/ 153/ 1395)، وابن ماجه (1319)[ببعض طرفه الأول]. وأحمد (2/ 119)، وأبو الجهم العلاء بن موسى في جزئه (18)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (75 و 2483)، وفي البيتوتة (25)، وابن المنذر في الأوسط (5/

ص: 408

170/ 2613) (5/ 162/ 2594 - ط. الفلاح)، والبغوي في شرح السنة (4/ 956/74) و (4/ 75/ 957)، [التحفة (5/ 562/ 8288) و (5/ 564/ 8297)، الإتحاف (9/ 272/ 11110)، المسند المصنف (14/ 365/ 6977) و (14/ 383/ 6991)].

• وروى حجاج بن محمد المصيصي [ثقة ثبت]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ] [وهما من أثبت أصحاب ابن جريج]:

عن ابن جريج، قال: أخبرني نافع، أن ابن عمر كان يقول: من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترًا قبل الصبح، كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرهم. لفظ حجاج [عند مسلم].

أخرجه مسلم (751/ 152)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 347/ 1706)، وابن الجارود (275)، وأحمد (2/ 150)، وعبد الرزاق (3/ 27/ 4673)(2/ 560/ 4723 - ط. التأصيل)، والبيهقي (3/ 34)، [التحفة (5/ 435/ 7782)، الإتحاف (9/ 94/ 10548) و (9/ 153/ 10757)، المسند المصنف (14/ 383/ 6991)].

وهذا حديث صحيح محفوظ، أخرجه مسلم.

• ثم رواه حجاج بن محمد، وعبد الرزاق [وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن رافع]، ومحمد بن بكر البرساني [ثقة]، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد [صدوق يخطئ، كان عالمًا بحديث ابن جريج؛ وقد يهِم عليه فيه]:

عن ابن جريج، قال: حدثني [أيضًا] سليمان بن موسى، قال: حدثني نافع؛ أن ابن عمر كان يقول: من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترًا [قبل الصبح]، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك.

فإذا كان الفجر فقد ذهبت صلاة الليل والوتر؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أوتروا قبل الفجر". لفظه عند أبي عوانة وابن المنذر بتمامه، وكذا ابن خزيمة لكن قال البرساني في آخره: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الوتر قبل الفجر"، وروي أيضًا عن حجاج.

أخرجه أبو عوانة (2/ 47/ 2269) و (2/ 63/ 2326 و 2327)، وابن خزيمة (2/ 148/ 1091)، وابن الجارود (274)، والحاكم (2/ 302)، وأحمد (2/ 150)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 189/ 2671)، والبيهقي في السنن (2/ 478)، وفي المعرفة (2/ 288 - 289/ 1339)، والخطيب في المتفق والمفترق (2/ 1012/ 614)، [الإتحاف (9/ 94/ 10548)، المسند المصنف (14/ 384/ 6992)].

ويظهر في هذه الرواية: أن قوله: فإذا كان الفجر فقد ذهبت صلاة الليل والوتر: موقوف على ابن عمر قوله، استنباطًا من الحديث المرفوع:"أوتروا قبل الفجر".

• لكن رواه عبد الرزاق عن ابن جريج مرة أخرى بنفس الإسناد؛ مع إدراج هذه الجملة في المرفوع، ولم يذكر ابن جريج فيه سماعًا من سليمان بن موسى:

رواه محمود بن غيلان [ثقة]، ومحمد بن سهل بن عسكر [ثقة، لعله روى عن

ص: 409

عبد الرزاق بعدما أضر]، ومحمد بن رافع [ثقة مأمون، مكثر عن عيد الرزاق، رحل مع أحمد، فهو متقدم السماع من عبد الرزاق]، ومحمد بن مسعود العجمي [ثقة]، وإسحاق بن إبراهيم الدبري [راوي مصنف عبد الرزاق، وهو: صدوق؛ إلا أن سماعه من عبد الرزاق متأخر جدًّا، وقد سمع منه بعد ما عمي، وروى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة. انظر: اللسان (2/ 36)]:

عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر".

أخرجه عبد الرزاق (3/ 13/ 4613)، ومن طريقه: الترمذي (469)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1593)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 190/ 2672)، والطحاوي في المشكل (11/ 358 - 359/ 4498)[ووقع عنده مصرحًا بسماع ابن جريج من سليمان، من رواية محمود بن غيلان؛ لكنه غير معتبر]، وابن عدي في الكامل (3/ 267)، [التحفة (5/ 405/ 7673)، الإتحاف (9/ 94/ 10548)، المسند المصنف (14/ 384/ 6992)].

هكذا اختصر عبد الرزاق الحديث وأدرج الموقوف في المرفوع.

قال الترمذي: "سليمان بن موسى قد تفرد به على هذا اللفظ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا وتر بعد صلاة الصبح"، وهو قول غير واحد من أهل العلم وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق: لا يرون الوتر بعد صلاة الصبح".

قال البخاري: "سليمان بن موسى: منكر الحديث، أنا لا أروي عنه شيئًا، روى سليمان بن موسى أحاديث عامتها مناكير، وذكر حديثه عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل الفجر" [ترتيب علل الترمذي الكبير (464)].

وقال ابن رجب في الفتح (6/ 237): "وذكر المرُّوذي عن أحمد؛ أنه قال: لم يسمعه ابن جريج من سليمان بن موسى، إنما قال: قال سليمان. قيل له: إن عبد الرزاق قد قال: عن ابن جريج: أنا سليمان؟ فأنكره، وقال: نحن كتبنا من كتب عبد الرزاق، ولم يكن بها، وهؤلاء كتبوا عنه بأخرة".

قلت: أراد أحمد بكلامه هذا حديث سليمان بن موسى بلفظه الأخير، وأما حديثه الأول فقد أخرجه أحمد في مسنده (2/ 150)، قال: حدثنا عبد الرزاق وابن بكر، قالا: أخبرنا ابن جريج: حدثني سليمان بن موسى: حدثنا نافع؛ أن ابن عمر كان يقول:

فذكره.

هكذا نص أحمد في روايته عن عبد الرزاق ومحمد بن بكر البرساني على سماع ابن جريج لحديث سليمان بن موسى بلفظه الأول، ووقع التصريح بالسماع أيضًا من طريق:

ص: 410

حجاج بن محمد المصيصي وابن أبي رواد، فهو سماع ثابت لا شك فيه.

وبهذا يظهر أن أحمد قد أنكر حديث سليمان بن موسى بلفظه الثاني؛ لكنه لم يحمل فيه على سليمان، وإنما حمل على تدليس ابن جريج، وأن ابن جريج لم يسمعه من سليمان، فلعله حمله عن سليمان بهذا الإدراج عن مجروح، وأما حديثه الأول فقد ثبت سماع ابن جريج له من سليمان، ومع ذلك فقد انفرد فيه سليمان عن أصحاب نافع بما لم يتابع عليه؛ فقد رواه عن نافع أثبت أصحابه: مالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر العمري، وأيوب السختياني، وتابعهم: الليث بن سعد، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الله بن عون، ويحيى بن أبي كثير، وابن جريج، والحسن بن الحر، وخالد بن زياد الترمذي، وجرير بن حازم، وعبد العزيز بن أبي رواد، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز الأموي [وهم ثقات] [(13)]؛ فلم يأت أحد منهم بهذه الجملة التي انفرد بها سليمان بن موسى:

فإذا كان الفجر فقد ذهبت صلاة الليل والوتر؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أوتروا قبل الفجر".

وفي الرواية الأخرى المدرجة: "إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر".

والحاصل: فإن حديث سليمان بن موسى هذا: حديث منكر بكلتا الروايتين مرفوعًا وموقوفًا، والشأن في سليمان بن موسى الأشدق نفسه؛ فإنه صدوق، عنده مناكير [التهذيب (2/ 111)]، وهذا الحديث من مناكيره؛ كما نص على ذلك البخاري، ولا أستبعد أن يكون دخل له حديث في حديث؛ وإنما يروى آخره من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعًا:"أوتروا قبل الصبح"[أخرجه مسلم (754)].

• وتابعهم على الأمر بجعل آخر صلاة الليل وترًا:

محمد بن إسحاق [صدوق، والراوي عنه أثبت الناس فيه: إبراهيم بن سعد]، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان إذا سئل عن الوتر، قال: أما أنا فلو أوترتُ قبل أن أنام ثم أردتُ أن أصلي بالليل شفعتُ بواحدة ما مضى من وتري، ثم صليتُ مثنى مثنى، فإذا قضيتُ صلاتي أوترت بواحدة؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يُجعلَ آخرَ صلاةِ الليلِ الوترُ.

أخرجه أحمد (2/ 135)، [المسند المصنف (14/ 385/ 6994)].

قلت: لعل ابن إسحاق أدخل فعل ابن عمر في نقض الوتر على حديث الأمر بجعل آخر صلاة الليل وترًا، والله أعلم.

5 -

والحديث قد رواه أيضًا عن نافع:

يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الله بن عون، والحسن بن الحر، وخالد بن زياد الترمذي، وعبد العزيز بن أبي رواد، وجرير بن حازم، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز الأموي [وهم ثقات]، وسليمان بن طرخان التيمي [ولا يثبت عنه من هذا الوجه، تفرد به عنه عند البزار: أبو المعلى سليمان بن مسلم، وهو: يروي عن سليمان التيمي عن نافع

ص: 411

أحاديث باطلة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، وإنما يُعرف هذا الحديث عن سليمان التيمي عن طاووس عن ابن عمر، ويأتي، وانظر: علل الدارقطني (13/ 154/ 3033)، اللسان (4/ 176)]، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [ليس بالقوي، وله إسنادان، أحدهما صحيح غريب، والآخر لا يثبت، وقد أدخل حديثًا في حديث، وهو حديث: "إن الله وتر يحب الوتر". عند أبي يعلى. وانظر: علل ابن أبي حاتم (264)]، ومحمد بن عمرو بن علقمة [صدوق، وهو غريب من حديثه]، ونافع بن أبي نعيم [صدوق؛ لكن في الإسناد إليه ضعف وجهالة، والراوي عنه: إسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي، وفيه ضعف. انظر: التهذيب (1/ 127)، هدي الساري (2/ 1018)]. وحرب بن سريج [ليس بقوي الحديث، ينكر عن الثقات. التهذيب (1/ 369)، الجرح والتعديل (3/ 250)، مسند البزار (12/ 186/ 5840)]، وبكير بن عبد الله بن الأشج [ثقة ثبت] لكن الإسناد إليه لا يصح، وفيه زيادة النهار، وهي زيادة منكرة]:

عن نافع؛ أن ابن عمر أخبرهم؛ أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، قال:"مثنى مثنى، فإن خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة". لفظ الحسن بن الحر.

ولفظ يحيى الأنصاري: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له صلاته".

ولفظ ابن عون: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإن خشيت الصبح فصل ركعة، فإنها توتر لك صلاتك".

ولفظ خالد: "صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة واحدة".

ولفظ عبد العزيز بن أبي رواد: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال:"مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة، توتر ما قبلها".

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 227/ 1670) و (3/ 233/ 1693)، وفي الكبرى (1/ 263/ 476)، وأحمد (2/ 49 - 50 و 66)، وعبد الرزاق (3/ 27/ 4674)(2/ 560/ 4724 - ط. التأصيل)، وابن أبي شيبة (2/ 88/ 6806)(4/ 490/ 6980 - ط. الشثري)، وأبو زرعة الدمشقي في الثاني من الفوائد المعللة (142)، وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر (76)، والبزار (12/ 44/ 5445) و (12/ 46/ 5449) و (12/ 241/ 5982)، وأبو يعلى (5/ 33/ 2623) و (10/ 183/ 5809)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 392/ 416)، والطحاوي (1/ 278)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (9)، ومكرم بن أحمد البزاز في فوائده (98)، وأبو العباس الأصم في جزء من حديثه (18 - رواية أبي بكر النيسابوري)(334 - مجموع مصنفاته)، وابن قانع في المعجم (2/ 82)، وأبو علي الصواف في فوائده (9)، والطبراني في الأوسط (76 و 2175 و 2694)، وفي الصغير (12 و 286)، وابن عدي في الكامل (2/ 128)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 336)، والدارقطني في المؤتلف (3/ 1270)، وابن أخي ميمي

ص: 412

الدقاق في فوائده (50)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (3)(1022 - المخلصيات)، وفي الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (174)(1750 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 196)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 73)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 257)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 30) و (34/ 121)، وفي المعجم (255)، [التحفة (5/ 396/ 7646) و (5/ 400/ 7657)، الإتحاف (9/ 147/ 10741)، المسند المصنف (14/ 366/ 6977) و (14/ 379/ 6987)].

قال النسائي: "خالد بن زياد بن جرو: خراساني، مستقيم الحديث".

وقال البزار: "وحديث سليمان التيمي قد رواه غير سليمان بن مسلم، عن سليمان التيمي، عن طاووس، عن ابن عمر".

وقال أيضًا: "وهذه الأحاديث لا نعلم رواها عن سليمان التيمي عن نافع إلا أبو المعلى، وهو رجل من أهل البصرة، فأما حديثان منها فلا نعلم أنهما يرويان عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، أحدهما حديث الحقب، والآخر حديث الطابع [وقد قال الذهبي في الميزان (2/ 223) بأنهما موضوعان]، وصلاة الليل: فلم يروه أحد عن التيمي عن نافع غيره، وقد روي عن نافع من وجوه، وإنما يعرف عن التيمي عن طاووس عن ابن عمر".

6 -

وروى معاوية بن سلام [ثقة، سمع يحيى بن أبي كثير]، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي أبو معاوية البصري [ثقة، من أثبت أصحاب يحيى]، والأوزاعي [ثقة فقيه إمام، كان يهِم في حديث يحيى]، ويزيد [هو: يزيد بن عياض بن جعدبة، وهو: متروك، كذبه مالك وابن معين والنسائي. التهذيب (4/ 425)، والراوي عنه: محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي: ليس بالقوي. التهذيب (3/ 734)، الميزان (4/ 69)]:

عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، ونافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه سمعه يقول:"صلاة الليل ركعتين ركعتين، فإذا خفتم الصبح فأوتروا بواحدة".

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 234/ 1695)، وأحمد (2/ 75)، وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر (62 و 65)، والبزار (12/ 45/ 5446)، والطحاوي (1/ 278)، وإسماعيل الصفار في السادس من حديثه (25)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 257)، وابن عساكر في المعجم (57)، [التحفة (5/ 656/ 8585)، الإتحاف (9/ 376/ 11477) و (5/ 415/ 11577)، المسند المصنف (14/ 374/ 6981)].

وهذا حديث صحيح.

7 -

وروى سفيان بن عيينة، عن ابن أبي لبيد [هو: عبد الله بن أبي لبيد]، عن أبي سلمة، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يُسأل عن صلاة الليل؟ فقال: "مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة".

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 227/ 1669)، وفي الكبرى (1/ 263 /475)، وابن

ص: 413

ماجه (1320)، وابن خزيمة (2/ 139/ 1072)، وابن حبان (6/ 351/ 2620)، وأحمد (2/ 10)، والحميدي (643)، [التحفة (5/ 656/ 8585)، الإتحاف (9/ 415/ 11577)، المسند المصنف (14/ 374/ 6981)].

وهذا حديث صحيح.

• وانظر فيمن قصر في إسناده على أبي سلمة فأرسله: ما أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 74/ 6627)(4/ 448/ 6790 - ط. الشثري) و (7/ 312/ 36398)(20/ 304/ 39156 - ط. الشثري).

• وروى إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وسليمان بن يسار، كلاهما حدثه عن عبد الله بن عمر - قال: ولقد كنت معهما في المجلس، ولكني كنت صغيرًا، فلم أحفظ الحديث - قالا: سأله رجل عن الوتر؟ فذكر الحديث، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن نجعل آخر صلاة الليل الوتر.

أخرجه أحمد (2/ 135)، [المسند المصنف (14/ 385/ 6993)].

وهذا إسناد حسن؛ وهو غريب من حديث سليمان بن يسار.

8 -

ورواه سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وإسماعيل بن جعفر [وهم ثقات]: عن عبد الله بن دينار، أنه سمع عبد الله بن عمر، يقول: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال:"يصلي أحدكم مثنى مثنى، حتى إذا خشي الصبح سجد سجدة واحدة [وفي رواية الثوري: حتى إذا خشي الصبح أوتر بواحدة]، توتر له ما قد صلى". لفظ إسماعيل.

ولفظ ابن عيينة: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة، توتر لك ما مضى من صلاتك".

أخرجه ابن ماجه (1320)، وابن خزيمة (2/ 139/ 1072)، وابن حبان (6/ 183/ 2426) و (6/ 351/ 2620)، والشافعي في الأم (7/ 186)، وفي المسند (388)، وعبد الرزاق (3/ 29/ 4680)(3/ 7/ 4731 - ط. التأصيل)، والحميدي (644)، وابن أبي شيبة (2/ 74/ 6625) و (7/ 312/ 36397)(20/ 303/ 39155 - ط. الشثري)، وعلي بن حجر السعدي في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (9)، والطحاوي (1/ 278)، والبيهقي (3/ 22)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 242)، [التحفة (5/ 236/ 7176)، الإتحاف (8/ 494/ 9841)، المسند المصنف (14/ 367/ 6977)].

وهذا حديث صحيح.

• وانظر فيمن وهم فيه على الثوري: ما أخرجه الطبراني في حديثه لأهل البصرة بانتقاء ابن مردويه (56)[تفرد به عن الثوري: رواد بن الجراح، حدث عن الثوري بأحاديث لم يتابع عليها].

ص: 414

• وانظر فيمن وهم فيه على ابن عيينة: علل الدارقطني (13/ 3056/170).

9 -

وروى شعيب بن أبي حمزة، ومعمر بن راشد، وسفيان بن عيينة، ومحمد بن الوليد الزبيدي، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن نمر اليحصبي [وهم ثقات]، وإبراهيم بن مرة [ليس به بأس، تكلم فيه أهل بلده. انظر: التهذيب (1/ 86)، والراوي عنه: صدقة بن عبد الله السمين، وهو: ضعيف، له أحاديث مناكير لا يتابع عليها. انظر: التهذيب (2/ 206)، وقد تفرد به عن إبراهيم بن مرة، قاله الدارقطني في الأفراد]:

عن الزهري، قال: أخبرني سالم بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: إن رجلًا قال: يا رسول الله! كيف صلاة الليل؟ قال: "مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح، فأوتر بواحدة.

وقال عبد الرحمن بن نمر في روايته: وسألت الزهري: أيصلي الرجل أربع ركعات تطوعًا لا يفصل بينهن بتسليم؟ فقال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قام رجل، فقال: يا رسول الله، كيف صلاة الليل؟ قال:"مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة"[مسند الشاميين (2891)].

أخرجه البخاري (1137)، ومسلم (749/ 146)، وأبو عوانة (2/ 61 و 62/ 2315 - 2318)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 1698/344)، والنسائي في المجتبى (3/ 227/ 1668) و (3/ 228/ 1672)، وفي الكبرى (1/ 249/ 439) و (1/ 263/ 475) و (2/ 149/ 1384)، وابن ماجه (1320)، وابن خزيمة (2/ 139/ 1072)، وابن الجارود (267)، وابن حبان (6/ 351/ 2620)، وأحمد (2/ 9 و 148)، والشافعي في الأم (7/ 186)، وفي المسند (388)، وعبد الرزاق (3/ 29/ 4678)(3/ 7/ 4729 - ط. التأصيل)، و (3/ 29/ 4681)(3/ 8/ 4732 - ط. التأصيل)، والحميدي (641)، وابن أبي شيبة (2/ 74/ 6624) و (2/ 88/ 6803) و (7/ 312/ 36396) و (7/ 313/ 36405)، والبزار (12/ 263/ 6031)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (126 - مختصره)، وأبو يعلى (9/ 317/ 5431) و (9/ 371/ 5494)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1938)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 175/ 2631)(5/ 168/ 2612 - ط. الفلاح)، والطبراني في الأوسط (940)، وفي مسند الشاميين (642 و 1775 و 2891 و 2953 و 3151)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (164)، والدارقطني في الأفراد (1/ 523/ 2988 - أطرافه)، والبيهقي (3/ 22)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 256)، والخطيب في تاريخ بغداد (9/ 104)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده المهروانيات بتخريج الخطيب البغدادي (137)، والبغوي في شرح السنة (4/ 74/ 955)، [التحفة (5/ 118/ 6830) و (5/ 122/ 6843) و (148/ 6930)، الإتحاف (8/ 380/ 9600)، المسند المصنف (14/ 396/ 6978)].

• تنبيه: لم يرو مالك هذا الحديث عن الزهري، ولكن رواه عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر [كما تقدم في الطريق الثالث]، قال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 242):

ص: 415

"وليس لمالك هذا الحديث عن الزهري إلا من رواية الوليد بن مسلم خاصة".

• وانظر فيمن أفحش الوهم على الزهري في إسناده ومتنه، فجاء بحديث باطل: علل الدارقطني (15/ 31/ 3811)، تاريخ أصبهان (2/ 73).

10 -

وروى عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث؛ أن ابن شهاب حدثه؛ أن سالم بن عبد الله بن عمر وحميد بن عبد الرحمن بن عوف حدثاه، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب؛ أنه قال: قام رجل فقال: يا رسول الله! كيف صلاة الليل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة".

أخرجه مسلم (749/ 147)، وأبو عوانة (2/ 62/ 2319)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 345/ 1700)، والنسائي في المجتبى (3/ 228/ 1674)، والطحاوي (1/ 278)، وأبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (188)(2075 - المخلصيات). [التحفة (5/ 71/ 6710)، الإتحاف (8/ 380/ 9600)، المسند المصنف (14/ 370/ 6978)].

11 -

وروى ابن أخي ابن شهاب، عن عمه [ابن شهاب الزهري]، قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن؛ أن عبد الله بن عمر أخبره؛ أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة".

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 228/ 1673)، وفي الكبرى (2/ 149/ 1385)، وأبو عوانة (2/ 62/ 2320)، وأحمد (2/ 134)، والدارقطني في الأفراد (1/ 515/ 2930 - أطرافه [التحفة (5/ 71/ 6710)، [الإتحاف (8/ 309/ 9437)، المسند المصنف (14/ 371/ 6978)].

قال الدارقطني: "تفرد به يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أخي الزهري، عن عمه، عنه"؛ يعني: عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف.

قلت: هو حديث صحيح، وقد تابعه بذكر حميد بن عبد الرحمن في الإسناد: عمرو بن الحارث، وهو: ثقة ثبت إمام فقيه.

• خالفهم فقصر في إسناده فأرسله، وجعل التابعي المقرون شيخًا لسالم:

ابن جريج، قال: حدثني ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن حميد بن عبد الرحمن؛ أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة".

أخرجه عبد الرزاق (3/ 28/ 4677)(2/ 561/ 4728 - ط. التأصيل)، [المسند المصنف (14/ 371/ 6978)].

وهذا الحديث غلط.

12 -

ورواه عبد الله بن العلاء بن زبر [دمشقي ثقة]، والمثنى بن حبيب العطار [صدوق. الجرح والتعديل (8/ 325)]، وعمر بن محمد بن زيد العمري [ثقة، والإسناد إليه لا يثبت]:

ص: 416

قال ابن زبر: سمعت سالم بن عبد الله، يقول: سمعت عبد الله بن عمر، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الفجر فأوتر بركعة، توتر لك صلاتك". قال: وكان عبد الله يوتر بواحدة.

وقال المثنى: سمعت سالم بن عبد الله، يقول: حدثني عبد الله بن عمر، أنه كان قاعدًا في أصل منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخطب الناس، فجاءه رجل من أهل البادية، فقال: يا رسول الله! صلاة الليل؟ قال: "نعم، مثنى مثنى، فإذا خشيت أن يرهقك الفجر" أو: "يدركك الفجر، ركعت ركعة، فأوترت لك ما مضى".

وفي رواية له: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت أن يرهقك الصبح، فأوتر بواحدة".

أخرجه أحمد (2/ 133)، وأبو زرعة الدمشقي في الثاني من الفوائد المعللة (141)، والطبراني في الكبير (12/ 303/ 13184) و (12/ 313/ 13215)، وفي الأوسط (1/ 231/ 758) و (4/ 249/ 4110) و (5/ 63/ 4674)، وفي مسند الشاميين (770)، وابن منده في فوائده (32)، وأبو طاهر المخلص في الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (172)(1748 - المخلصيات)، وابن ثرثال في جزئه (38)(190 - الفوائد لابن منده)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 15)، [انظر: علل ابن أبي حاتم (207)، فضل الرحيم الودود (10/ 32/ 907 م)] [الإتحاف (8/ 342/ 9517)، المسند المصنف (14/ 370/ 6978)].

وهو حديث صحيح.

• وانظر فيمن وهم في إسناده على ابن زبر؛ فجعله عن مكحول عن ابن عمر: ما أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 178)[تفرد به عن ابن زبر: رواد بن الجراح، وهو وإن كان في الأصل صدوقًا؛ إلا أنه اختلط، وكثرت مناكيره، وتركه بعضهم لأجل ذلك، حتى قال ابن عدي: "وعامة ما يروي عن مشايخه لا يتابعه الناس عليه". التهذيب (1/ 612)، الميزان (2/ 55)، الكامل (3/ 176)].

• وانظر فيما لا يثبت عن سالم عن ابن عمر: ما أخرجه ابن المقرئ في المعجم (728).

13 -

وروى أبو الربيع سليمان بن داود الزهراني، وأحمد بن عبدة، ومسدد بن مسرهد [وهم ثقات]:

حدثنا حماد بن زيد: حدثنا أيوب وبديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن عبد الله بن عمر؛ أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا بينه وبين السائل، فقال: يا رسول الله! كيف صلاة الليل؟ قال: "مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح، فصلِّ ركعةً، واجعل آخر صلاتك وترًا".

ثم سأله رجل على رأس الحول، وأنا بذلك المكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أدري هو ذلك الرجل، أو رجل آخر، فقال له مثل ذلك. لفظ أبي الربيع [عند مسلم].

ص: 417

أخرجه مسلم (749/ 148)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 345 /1701)، والبزار (12/ 307/ 6154)، وأبو يعلى (10/ 147/ 5770)، والطحاوي (1/ 278)، والطبراني في الكبير (13/ 304/ 14087)، والبيهقي (3/ 34)، [التحفة (5/ 261/ 7267)، الإتحاف (8/ 536/ 9921)، المسند المصنف (14/ 375/ 6982)].

14 -

ورواه أبو كامل [الجحدري فضيل بن حسين بن طلحة، وهو: ثقة متقن]:

حدثنا حماد: حدثنا أيوب وبديل وعمران بن حدير، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، ورواه محمد بن عبيد بن حساب الغبري [ثقة]: حدثنا حماد: حدثنا أيوب، والزبير بن الخريت، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرا بمثله، وليس في حديثهما ثم سأله رجل على رأس الحول وما بعده.

أخرجه مسلم (749/ 148)، [التحفة (5/ 261/ 7267)، المسند المصنف (14/ 375/ 6982)].

وأخرجه من طريق ابن حساب به: أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (/ 2/ 345 1702).

15 -

وروى همام بن يحيى، قال: حدثنا قتادة، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر؛ أن رجلًا من أهل البادية سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، قال [بإصبعيه]:"مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل".

أخرجه أبو داود (1421)، والنسائي في المجتبى (3/ 233/ 1691)، وفي الكبرى (2/ 155/ 1402)، وأحمد (2/ 100)، والطبراني في الكبير (13/ 303/ 14086)، وفي الأوسط (3/ 100/ 2614)، [التحفة (5/ 261/ 7267)، الإتحاف (8/ 536/ 9921)، المسند المصنف (14/ 375/ 6982)].

وهو حديث صحيح.

16 -

ورواه خالد بن مهران الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر واحدة، وسجدتان قبل صلاة الصبح".

وفي رواية: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الفجر فأوتر بواحدة".

وفي رواية: نادى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من أهل البادية، وأنا بينه وبين البدوي، فقال: يا رسول الله! كيف صلاة الليل؟ فقال: "مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فواحدة، وركعتين قبل الغداة".

وفي رواية: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فاسجد سجدةً واحدةً، وسجدتان قبل صلاة الفجر".

أخرجه أبو عوانة (2/ 62/ 2321)، وابن خزيمة (2/ 139/ 1072) و (2/ 161/ 1110)، وابن حبان (6/ 353/ 2623)، وأحمد (2/ 40 و 76 و 79)، وابن أبي شيبة (2/ 74/ 6626) و (2/ 88/ 6805) و (7/ 312/ 36395) و (7/ 313/ 36404)، والطحاوى

ص: 418

(1/ 278)، والطبراني في الكبير (13/ 302/ 14083 - 14085)، [الإتحاف (8/ 536/ 9921)، المسند المصنف (14/ 375/ 6982)].

وهو حديث صحيح.

• هكذا رواه عن خالد الحذاء: يزيد بن زريع، وشعبة، وهشيم بن بشير، وبشر بن المفضل، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وخالد بن عبد الله الواسطي، ومرحوم بن عبد العزيز، وعلي بن عاصم [وهم ثقات، أكثرهم أثبات].

• خالفهم: الحكم بن فَصِيل، فرواه عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين، عن ابن عمر قال: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف صلاة الليل؟ فقال: "مثنى مثنى".

أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (90)، والطبراني في الأوسط (4/ 172/ 3893).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن خالد الحذاء إلا الحكم بن فصيل، تفرد به: أبو النضر".

قلت: وهذا وهم؛ إنما هو خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق، كما رواه الجماعة، وليست الآفة من أبي النضر هاشم بن القاسم، لكن من شيخه الحكم بن فصيل؛ فإنه: ليس بذاك، وثقه ابن معين وأبو داود، وقد تفرد عن خالد الحذاء بما لا يتابع عليه [اللسان (3/ 252)].

• ورواه إبراهيم بن محمد التميمي: حدثنا مرحوم بن عبد العزيز العطار، عن حميد الطويل، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بينه وبين السائل، عن صلاة الليل، قال:"مثنى مثنى، فإذا أحسست" أو: "خشيت الصبح فاجعل آخر صلاتك وترًا".

أخرجه البزار (12/ 307/ 6156).

قلت: شيخ البزار هو: إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله التيمي المعمري البصري القاضي، وهو: ثقة؛ لكنه قد خولف في إسناده:

• خالفه: يعقوب بن إبراهيم الدورقي [ثقة حافظ]: نا مرحوم - يعني: ابن عبد العزيز -، عن خالد، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، قال: كنت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أعرابي ليلة، فقال الأعرابي: يا رسول الله! كيف صلاة الليل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فاسجد سجدة، واسجد سجدتين قبل صلاة الغداة".

أخرجه ابن خزيمة (2/ 161/ 1110).

قلت: وهو المحفوظ؛ والأول وهمٌ، ولا يُعرف من حديث حميد الطويل.

17 -

ورواه عمران بن حدير [ثقة ثقة، من أوثق شيوخ البصرة][وعنه: وكيع بن الجراح، ومعاذ بن معاذ]، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، عن ابن عمر، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن صلاة الليل، وأنا بين السائل وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة"، قال: ثم جاء عند قرن الحول وأنا بذاك المنزل بينه وبين

ص: 419

السائل فسأله، فقال:"مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة".

أخرجه أحمد (2/ 58)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 245/ 1702 م).

[الإتحاف (8/ 536/ 9921)، المسند المصنف (14/ 375/ 6982)].

وهو حديث صحيح.

18 -

ورواه ثابت بن يزيد الأحول [ثقة ثبت، وعنه: غسان بن الربيع، وهو: صالح في المتابعات، وقد ضُعِّف. تقدمت ترجمته تحت الحديث رقم (199)]، ومحمد بن فضيل [ثقة]، وليث بن أبي سليم [ضعيف، لاختلاطه وعدم تميز حديثه]:

عن عاصم بن سليمان الأحول، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت ابن عمر عن صلاة الليل، فقال ابن عمر: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل وأنا بينهما، فقال:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فبادر الصبح بركعة، وركعتين قبل صلاة الغداة". لفظ الليث [عند أحمد].

ولفظ ابن فضيل [عند أبي عوانة والبيهقي]: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا كان من آخر الليل فأوتر بركعة، ثم صلِّ ركعتين قبل الفجر".

ولفظ غسان [عند أبي يعلى]: "مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح، فصلِّ ركعة، وركعتين قبل الغداة".

أخرجه أحمد (2/ 71)، وأبو يعلى (10/ 9/ 5635)، وأبو عوانة (2/ 63/ 2322)، والبيهقي (3/ 22)، [الإتحاف (8/ 536/ 9921)، المسند المصنف (14/ 375/ 6982)].

• وروى ابن أبي زائدة: أخبرني عاصم الأحول، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بادروا الصبح بالوتر".

أخرجه مسلم (750)، وأبو عوانة (2/ 63/ 2323)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 346/ 1703)، وابن خزيمة (2/ 147/ 1088)، وأحمد (2/ 38)، والطحاوي في المشكل (11/ 358/ 4497)، والطبراني في الكبير (13/ 304/ 14089)، والدارقطني في الأفراد (1/ 581/ 3385 - أطرافه)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 232)، والبيهقي (2/ 478)، والبغوي في شرح السنة (4/ 87/ 967)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 157)، [التحفة (5/ 7268/262)، المسند المصنف (14/ 387/ 6996)].

قال ابن أبي حاتم: "كتب إليَّ علي بن أبي طاهر القزويني، قال: حدثنا أحمد بن محمد الأثرم، قال: قلت لأبي عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل -: عاصم، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا الصبح بالوتر"؟.

فقال: عاصم لم يرو عن عبد الله بن شقيق شيئًا، ولم يرو هذا إلا ابن أبي زائدة، ولا أدري؟ " [المراسيل (561)، الفتح لابن رجب (6/ 237)، تحفة التحصيل (162)].

وقال الدارقطني: "غريب من حديث عاصم الأحول، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، تفرد به: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة".

ص: 420

وقال ابن رجب في الفتح (6/ 237): "ذكر الأثرم أنه ذكر لأبي عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل - حديث ابن أبي زائدة هذا من الوجهين، فقال: في الإسناد الأول: عاصم، لم يرو عن عبد اللّه بن شقيق شيئًا، ولم يروه إلا ابن أبي زائدة، وما أدري؟

فذكر له الإسناد الثاني، فقال أحمد: هذا أراه اختصره من حديث: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة"، وهو بمعناه. قال: فقلت له: روى هذين أحد غيره؟ قال: لا".

ثم قال ابن رجب: "قلت: والظاهر أنه اختصر حديث عبد الله بن شقيق عن ابن عمر أيضًا، كما اختصر حديث عبيد الله عن نافع عنه، والله أعلم".

قلت: لم ينفرد بأصله ابن أبي زائدة؛ فقد تابعه عليه: ليث بن أبي سليم حيث قال فيه: "فبادر الصبح بركعة"[عند أحمد]، لكن يبقى أن تكون هذه اللفظة هي معنى ما روى الجماعة من حديث عبد الله بن شقيق عن ابن عمر مرفوعًا:"فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة"، وما كان في معناه مما رواه أيضًا أصحاب ابن عمر على كثرتهم، وبهذا يظهر أن حديث ابن أبي زائدة مختصر مروي بالمعنى، والله أعلم.

* هكذا روى الحديث عن عبد اللّه بن شقيق عن ابن عمر مرفوعًا: أيوب السختياني، وبديل بن ميسرة، وعمران بن حدير، والزبير بن الخريت، وقتادة، وخالد بن مهران الحذاء، وعاصم بن سليمان الأحول [وهم سبعة من الثقات].

19 -

ورواه أبو بشر جعفر بن أبي وحشية [ثقة]، واختلف عليه:

أ - فرواه شعبة، عن أبي بشر: سمعت عبد الله بن شقيق، يحدث عن ابن عمر؛ أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوتر؟ قال: فمشيت أنا وذاك الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة"، قال شعبة: لم يقل: من آخر الليل.

أخرجه أحمد (2/ 81)، والنسائي في الرابع من الإغراب (9)، [المسند المصنف (14/ 375/ 6982)].

ب - ورواه هشيم بن بشير، واختلف عليه:

* فرواه أبو داود الطيالسي، عن هشيم، عن أبي بشر، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم،

فذكره.

أخرجه الطحاوي (1/ 278).

والرفع هنا محفوظ، وهو حديث صحيح، وخالفه فأوقفه وقصر في إسناده: أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، قال: صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر واحدة.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 88/ 6808)(4/ 490/ 6982 - ط. الشثري).

* ورواه معمر بن سهل: حدثنا عبيد الله بن تمام، عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن

ص: 421

شقيق، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة الليل مثنى مثنى، تسلِّم في كل ركعتين، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة".

أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 8804/ 1403).

قلت: هذا حديث منكر؛ بزيادة التسليم بين كل ركعتين.

عبيد الله بن تمام: ضعيف، روى أحاديث منكرة، وكذبه الساجي [اللسان (5/ 319)]، والراوي عنه: معمر بن سهل بن معمر الأهوازي: شيخ لابن أبي عاصم والبزار، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"شيخ متقن، يُغرب"، وله أفراد وغرائب ذكر بعضها الطبراني في معجمه الأوسط، والدارقطني في أفراده [انظر ترجمته: فضل الرحيم الودود (8/ 195/ 728)].

* قال محمد بن عبد الرحيم صاعقة: "سألت عليًا - يعني: ابن المديني -، عن عبد الله بن شقيق، رأى ابن عمر؟ قال: لا، ولكنه قد رأى أبا ذر، وأبا هريرة".

قال ابن عساكر: "ومن يدرك أبا هريرة وأبا ذر لا يمتنع أن يلقى ابن عمر؛ لأنه عاش بعدهما برهة"[المعرفة والتاريخ (2/ 128)، تاريخ دمشق (29/ 157)].

قلت: احتمال سماعه قوي؛ لأنه قد أدركه، لكني لم أقف على سماعه من ابن عمر من طريق ثابت؛ إلا ما رواه ليث بن أبي سليم [عند أحمد]، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت ابن عمر عن صلاة الليل [تقدم في الطريقة الثامنة عشرة]، وليث: ضعيف، والبخاري لما ترجم له في التاريخ الكبير (5/ 116) ذكر سماعه من عائشة، وجواره لأبي هريرة، ولم يأت على ذكر ابن عمر؛ لكن عبد الله بن شقيق في هذا الحديث قد وافق أصحاب ابن عمر في روايتهم، ولم يأت فيه بما ينكر عليه، وذكر ركعتي الفجر قد تابعه عليها: أنس بن سيرين، كما سيأتي في الطريق الثانية والعشرين، وقد أخرج له مسلم هذا الحديث في جملة طرق حديث ابن عمر، فهو حديث صحيح لهذه القرائن، والله أعلم.

20 -

وروى عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث؛ أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا أردت أن تنصرف، فاركع ركعة توتر لك ما صليت".

قال القاسم: ورأينا أناسًا منذ أدركنا يوترون بثلاث، وإن كلًا لواسع أرجو أن لا يكون بشيء منه بأس.

أخرجه البخاري في الصحيح (993)، وفي القراءة خلف الإمام (142)، والنسائي في المجتبى (3/ 233/ 1692)، وفي الكبرى (1/ 251/ 444)، وابن حبان (6/ 354/ 2624)، والطبراني في الكبير (12/ 275/ 13096)، والدارقطني في الأفراد (1/ 547/ 3143 - أطرافه)، وأبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (189)(2076 - المخلصيات)، وأبو العباس المستغفري في فضائل القرآن (505 و 506)،

ص: 422

[التحفة (5/ 302/ 7374)، الإتحاف (8/ 621/ 10084)، المسند المصنف (14/ 377/ 6983)].

قال الدارقطني: "تفرد به عبد الله بن وهب عن عمرو، وتفرد به عمرو عن عبد الرحمن"، قلت: لا يضرهما تفردهما؛ فهما من الثقات الحفاظ المكثرين الذين يحتمل منهم ذلك، لذا فقد احتمل البخاري منهما ذلك، وأخرج الحديث في صحيحه؛ وقد توبعا على أصله؛ كما ترى.

21 -

فقد رواه أبو عبيدة الحداد [عبد الواحد بن واصل: ثقة]، وعثمان بن عمر بن فارس [ثقة]:

قال عثمان بن عمر: حدثني - وكان صدوقًا - مثنى بن حبيب العطار: حدثنا القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عمر حدثهما؛ أنه كان عند المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فجاء رجل من أهل البادية، فسأله عن صلاة الليل، فقال:"مثنى، فإذا خشيت أن برهقك" أو: "يدركك الصبح، فأركع ركعة توتر لك ما مضى".

وفي رواية أبي عبيدة الحداد، عن المثنى، قال: أتينا القاسم بن محمد بن أبي بكر، فسالناه، فحدثنا عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل حديث سالم.

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 249/ 4110)، وابن ثرثال في جزئه (38)(190 - الفوائد لابن منده).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سالم والقاسم إلا أبو عبيدة".

قلت: قد أخرجه ابن ثرثال بإسناد صحيح إلى عثمان بن عمر عن المثنى بن حبيب به، والمثنى: صدوق، سمع سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد [الجرح والتعديل (8/ 325)]، وطريق سالم قد تقدم برقم (12).

وهذا إسناد جيد، وبه تزول الغرابة عن حديث ابن وهب.

22 -

وروى حماد بن زيد [ثقة ثبت]، وحماد بن سلمة [ثقة]:

عن أنس بن سيرين، قال: قلت لابن عمر: أرأيت الركعتين قبل صلاة الغداة أطيل فيهما القراءة، فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة، ويصلي الركعتين قبل صلاة الغداة، وكان الأذان بأذنيه. قال حماد بن زيد: أي سرعة. لفظ البخاري.

ولفظه عند مسلم: سألت ابن عمر، قلت: أرأيت الركعتين قبل صلاة الغداة، [أطيل فيهما القراءة؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة، قال: قلت: إني لست عن هذا أسألك، قال: إنك لضخم! ألا تدعني أستقرئ لك الحديث؟ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة، ويصلي ركعتين قبل الغداة؛ كأن الأذان بأذنيه.

أخرجه البخاري (995)، ومسلم (749/ 157)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم

ص: 423

(2/ 348/ 1711)، والترمذي (461)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في الكبرى (1/ 437/ 248)، وابن ماجه (1144 و 1174 و 1318)، وابن خزيمة (2/ 140/ 1073) و (2/ 162/ 1112)، وأحمد (2/ 88 و 126)، والطيالسي (3/ 428/ 2030)، وابن أبي شيبة (2/ 50/ 6335)، وأبو يعلى (10/ 146/ 5768 و 5769)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (3330)، والطبراني في الكبير (13/ 238/ 13976)، والبغوي في شرح السنة (4/ 958/75)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 314)، [التحفة (5/ 44/ 6652)، الإتحاف (8/ 270/ 9352)، المسند المصنف (14/ 362/ 6976)].

قال الترمذي: "حديث ابن عمر حديث حسن صحيح.

والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين: رأوا أن يفصل الرجل بين الركعتين والثالثة، يوتر بركعة. وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق".

23 -

وروى محمد بن جعفر، ويزيد بن هارون، وشبابة بن سوار، وبشر بن عمر الزهراني [وهم ثقات]:

عن شعبة، عن أنس بن سيرين، قال: سألت ابن عمر: ما أقرأ في الركعتين قبل الصبح؟ فقال ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة من آخر الليل، قال أنس: قلت: فإنما أسألك ما أقرأ في الركعتين قبل الصبح؟ فقال: بَهْ بَهْ، إنك لضخم، إنما أحدِّث، أو قال: إنما أقتص لك الحديث، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ركعتين ركعتين، ثم يوتر بركعة من آخر الليل، ثم يقوم كأن الأذان أو الإقامة في أذنيه.

أخرجه مسلم (749/ 158)، وأبو عوانة (2/ 64/ 2331)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 348/ 1712)، وأحمد (2/ 31 و 45 و 78)، [التحفة (5/ 44/ 6652)، الإتحاف (8/ 270/ 9352)، المسند المصنف (14/ 362/ 6976)].

24 -

ورواه سلمة بن علقمة، عن أنس بن سيرين، قال: سألت ابن عمر عن الوتر؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العشاء أتى فراشه، ثم يقوم من الليل فيصلي ركعتين ركعتين، حتى إذا كان من آخر الليل أوتر بركعة، حتى إذا أصبح وطلع الفجر صلى ركعتين، كأن الأذان في أذنيه.

أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 238/ 13975)، بإسناد صحيح إلى سلمة.

وهذا حديث صحيح.

25 -

ورواه حبيب بن الشهيد، عن أنس بن سيرين، قال: قلت: لعبد الله بن عمر: أقرأ خلف الإمام؟ قال: تجزئك قراءة الإمام. قلت: ركعتي الفجر، أطيل فيهما القراءة؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل مثنى مثنى، قال: قلت: إنما سألتك عن ركعتي الفجر، قال: إنك لضخم! ألست تراني أبتدئ الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح أوتر بركعة، ثم يضع رأسه، فإن شئتَ قلتَ: نام، وإن

ص: 424

شئتَ قلتَ: لم ينم، ثم يقوم إليهما والأذان في أذنيه، فأيُّ طولٍ يكون ثم؟ قلت: رجل أوصى بمال في سبيل الله، أينفق منه في الحج؟ قال: أما إنكم لو فعلتم كان من سبيل الله. قال: قلت: رجل تفوته ركعة مع الإمام فسلم الإمام، أيقوم إلى قضائها قبل أن يقوم الإمام؟ قال: كان الإمام إذا سلم قام. قلت: الرجل يأخذ بالدَّين أكثر من ماله، قال: لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه على قدر غدرته.

أخرجه أحمد (2/ 49)، واللفظ له بتمامه. والطبراني في الكبير (13/ 237/ 13973)، [الإتحاف (8/ 270/ 9352)، المسند المصنف (14/ 362/ 6976)].

وهذا حديث صحيح، بعضه مرفوع، وهو موضع الشاهد، والباقي موقوف على ابن عمر، قوله.

• هكذا رواه حماد بن زيد، وشعبة، وسلمة بن علقمة، وحبيب بن الشهيد [وهم ثقات]، عن أنس بن سيرين، عن ابن عمر، من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من قوله.

وهكذا رواه عن حماد بن سلمة: أبو داود الطيالسي، وقرنه بحماد بن زيد، وأما رواية حماد بن سلمة عند أحمد في الموضعين فكانت بطرفه الأخير.

• ورواه حجاج بن المنهال [ثقة]: حدثنا حماد بن سلمة، عن أنس بن سيرين، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"صلا الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة".

أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 237/ 13972)، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز [البغوي: ثقة حافظ]: ثنا حجاج به.

قلت: هذا الحديث إسناده صحيح؛ لكنه شاذ، والمحفوظ رواية الجماعة عن أنس.

• وممن وهم فيه أيضًا من الضعفاء: النهاس بن قهم [وهو: ضعيف، وكان قاصًا، روى أحاديث منكرة. انظر: الميزان (4/ 274)، التهذيب (4/ 243)]، رواه عن أنس بن سيرين، عن ابن عمر، قال: أنا بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الرجل الذي سأله عن صلاة الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة".

أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 237/ 13974)، بإسناد صحيح إلى النهاس.

26 -

ورواه هشام بن حسان [ثقة، من أصحاب ابن سيرين]، وهارون بن إبراهيم الأهوازي [ثقة]، ويونس بن عبيد [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب ابن سيرين، وقد رواه عنه: محمد بن أبي عدي]، وعبد الله بن عون [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب ابن سيرين، وقد رواه عنه: محمد بن أبي عدي]، وسالم بن عبد الله الخياط [صدوق، سيئ الحفظ]:

عن محمد بن سيرين، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل".

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المغرب وتر صلاة النهار، فأوتروا صلاة الليل".

قال هشام: وقال ابن سيرين: ما رأيت أحدًا ممن يؤخذ عنه يرى إلا أن الوتر من آخر الليل أفضل لمن أطاقه. وبنحوه رواية هارون الأهوازي، دون قول ابن سيرين.

ص: 425

ولفظ يونس: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة".

أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 150/ 1386)، وأحمد (2/ 30 و 33 و 41 و 83 و 154)، وعبد الرزاق (3/ 28/ 4675)(2/ 561/ 4725 و 4726 - ط. التأصيل)[واللفظ له]. وابن أبي شيبة (2/ 81/ 6709)، والبزار (12/ 7/ 5365 و 5366)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 420/ 438)، وأبو القاسم الحامض في المنتقى من الجزء الأول من حديثه (44)، والطبراني في الكبير (13/ 243/ 13982) و (13/ 244/ 13984) و (13/ 245/ 13985)، وفي الأوسط (961 و 8414)، وفي الصغير (1081)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (482)، وابن عدي في الكامل (5/ 192)، وأبو طاهر المخلص في الثالث عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (38)(2867 - المخلصيات)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 257)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (64/ 10)، [التحفة (5/ 324/ 7435)، الإتحاف (8/ 666/ 10194 و 10195)، المسند المصنف (14/ 380/ 6990)].

وهذا حديث صحيح.

• وقد رواه ابن أبي عدي مرة أخرى، وتابعه يزيد بن هارون:

فروياه عن ابن عون، عن محمد، قال: صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل. وفي رواية: لا أعلمهم يختلفون أن المغرب وتر صلاة النهار.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 74/ 6631) و (2/ 81/ 6712) و (7/ 313/ 3640)، [المسند المصنف (14/ 382/ 6990)].

وهذا اختلاف لا يضر، فقد رواه ابن أبي عدي بالوجهين، فيحتمل أن ابن سيرين سئل فأفتى بعلمه، ولم يسنده للسائل، وهذا لا يُعَلُّ به المرفوع، والله أعلم.

• خولف ابن أبي عدي في حديث ابن عون:

• فرواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، قال: أخبرنا ابن عون، عن محمد؛ أن ابن عمر قال: صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل. هكذا موقوفًا.

أخرجه أبو جعفر بن البختري في الحادي عشر من حديثه (138)(634 - مجموع مصنفاته).

قلت: ابن أبي عدي وعبد الوهاب الثقفي: بصريان ثقتان، والرفع زيادة من ثقة؛ فتقبل، لا سيما مع موافقتها لرواية يونس بن عبيد وهشام بن حسان وهارون الأهوازي وغيرهم، فالرفع محفوظ، وقد قصر به الثقفي فأوقفه، والله أعلم.

• ورواه أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد [ثقة ثبت]، عن ابن عون، عن أنس بن سيرين، عن ابن عمر؛ أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال:"مثنى مثنى".

أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 236/ 13971)، وفي الأوسط (3/ 29/ 2369)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (224).

ص: 426

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن عون، عن ابن سيرين إلا أبو عاصم".

قلت: وهذا وهم؛ إنما يُعرف هذا الحديث عن ابن عون عن محمد بن سيرين؛ لا عن أنس بن سيرين؛ وإن كان محفوظًا عن أنس بن سيرين من طرق أخرى تقدم ذكرها قريبًا.

• قال الحاكم في المعرفة (58): حدثنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بهمدان، قال: حدثنا أبو حاتم الرازي، قال: ثنا نصر بن علي، قال: حدثنا أبي، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل".

أخرجه عن الحاكم: البيهقي في الخلافيات (ق/ 444).

قال الحاكم: "هذا حديث ليس في إسناده إلا ثقة ثبت، وذكر النهار فيه وهم، والكلام عليه يطول".

ونقله عنه البيهقي في الخلافيات (ق/ 444)(2/ 289 - مختصره)، فقال:"هذا حديث غريب بهذا الإسناد، ولم نكتبه إلا عن هذا الشيخ، ورواته كلهم ثقات، ولا أعرف له علة".

قلت: الوهم فيه عندي من شيخ الحاكم، فإنه كان صدوقًا، لكن ضاعت كتبه، وتغير حاله، قال صالح بن أحمد الهمذاني:"سماع القدماء منه أصح، ذهب عامة كتبه في المحنة، وكُفَّ بصره"[انظر: الإرشاد (2/ 658)، معجم البلدان (5/ 441)، السير (15/ 477)، تاريخ الإسلام (25/ 264)].

وفي تفرده بهذا عن أبي حاتم الرازي نظر! فإن هذا الحديث لا يُعرف من حديث علي بن نصر الجهضمي الكبير، ولا من حديث ابنه نصر بن علي، ولا من حديث أبي حاتم الرازي، إلا من هذا الوجه؛ فهو حديث غريب جدًّا بهذا الإسناد، مع نكارة هذه الزيادة في متنه، والله أعلم.

27 -

ورواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة، من أصحاب أيوب، وعنه: مسلم بن حاتم الأنصاري البصري، ومحمد بن الوليد بن عبد الحميد القرشي البسري، وعبيد الله بن عمر بن يزيد القطان، وخالفهم بندار، وعمر بن شبة، فأوقفاه]، ومعمر بن راشد [ثقة ثبت، حديثه عن أهل البصرة ليس بذاك]:

عن أيوب، عن ابن سيرين، عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، والوثر ركعة من آخر الليل"، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة المغرب وتر النهار، فأوتروا صلاة الليل".

أخرجه عبد الرزاق (3/ 28/ 4676)(2/ 561/ 4727 - ط. التأصيل)، والبزار (12/ 7/ 5367)، والطبراني في الكبير (13/ 244/ 13983)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 209)، والدارقطني في الأفراد (1/ 549/ 3151 - أطرافه)، [المسند المصنف (14/ 380/ 6990)].

ص: 427

قال الدارقطني: "قال ابن صاعد: رفعه لنا محمد بن الوليد القرشي، عن عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب عنه، عن ابن عمر، ورواه لنا بندار عن الثقفي موقوفًا"، قال الدارقطني:"ولا أعلم رفعه غير محمد بن الوليد البسري".

قلت: محمد بن الوليد بن عبد الحميد القرشي البسري: ثقة، ولم ينفرد به؛ بل تابعه على رفعه: مسلم بن حاتم الأنصاري البصري، وهو: ثقة، وعبيد الله بن عمر بن يزيد القطان: قال أبو الشيخ: "له أحاديث ينفرد بها"[طبقات المحدثين (2/ 258)، تاريخ أصبهان (2/ 62)، تاريخ الإسلام (5/ 879)].

ورفعه عندي محفوظ؛ فقد رواه ثلاثة عن عبد الوهاب الثقفي مرفوعًا، وأوقفه اثنان، وتابعه على الرفع معمر بن راشد عن أيوب؛ فدل على كون الرفع محفوظًا، لكن عبد الوهاب الثقفي كان يوقفه أحيانًا، كما كان يفعل البصريون في حديث ابن سيرين المرفوع، يوقفونه.

ولو فرضنا أن الوقف هو المحفوظ فيه عن أيوب السختياني، لكون رواية معمر عن البصريين يقع له فيها الوهم، لو فرضنا ذلك: فإن هذا لا يُعِلُّ المرفوع، فقد كان البصريون يفعلون ذلك في أحاديث ابن سيرين، بل إن ابن سيرين نفسه كان يفعل ذلك، قال الخطيب في الكفاية:"قال موسى [هو: ابن هارون الحمال، الحافظ الكبير]: إذا قال حماد بن زيد والبصريون: قال: قال: فهو مرفوع. قلت للبرقاني: أحسب أن موسى عنى بهذا القول أحاديث ابن سيرين خاصة. فقال: كذا تحسب. قلت: ويحقق قول موسى هذا ما أخبرناه ابن الفضل، قال: أنا عبد الله بن جعفر، قال: ثنا يعقوب بن سفيان، قال: ثنا يحيى بن خلف، قال: ثنا بشر بن المفضل، عن خالد، قال: قال محمد ين سيرين: كل شيء حَدَّثتُ عن أبي هريرة فهو مرفوع"[راجع: فضل الرحيم الودود (5/ 414/ 472)].

والحاصل: فإن هذا الحديث: حديث صحيح؛ قصر به بعضهم فأوقفه.

وقد رواه عن محمد بن سيرين، عن ابن عمر مرفوعًا: أيوب السختياني، وهشام بن حسان، ويونس بن عبيد، وعبد الله بن عون، وهارون بن إبراهيم الأهوازي، وسالم بن عبد الله الخياط.

* خالفهم فقصر في إسناده وأرسله: الأشعث بن عبد الملك الحمراني [ثقة، من أثبت أصحاب ابن سيرين]، وخالد بن دينار النيلي [ثقة]:

فروياه عن محمد بن سيرين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة المغرب وتر صلاة النهار، فأوتروا صلاة الليل".

أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 150/ 1387)، وابن أبي شيبة (2/ 81/ 6714)(4/ 470/ 6880 - ط. الشثري)(4/ 467/ 6778 - ط. عوامة)، [التحفة (5/ 324/ 7435)، المسند المصنف (14/ 380/ 6990)].

ص: 428

هكذا روياه مرسلًا؛ بدون ذكر أبي هريرة، والمتصل هو المحفوظ، هكذا رواه عن ابن سيرين جماعة من ثقات أصحابه.

* قال الدارقطني في العلل (13/ 210/ 3099): "ورفعه صحيح".

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 490): "ثبت أن المغرب وتر النهار".

قال عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين، يقول:"قد سمع ابن سيرين من ابن عمر حديثًا واحدًا، قال: سألت ابن عمر"[تاريخ الدوري (3875)].

* وانظر فيمن جعله من مسند ابن عباس: ما أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 54)(7/ 406/ 11703 - ط. الرشد)، وأبو الشيخ في فوائده بانتقاء ابن مردويه (60)، [وفي إسناده: عمر بن موسى بن سليمان أبو حفص الحادي السامي، وهو ضعيف؛ يسرق الحديث، ويخالف في الأسانيد، والضعف بيِّنٌ على رواياته، قاله ابن عدي، وغفل عنه ابن حبان فذكره في الثقات، وقال:"ربما أخطأ". الكامل (5/ 54)، الثقات (8/ 445)، اللسان (6/ 111 و 151)] [قال ابن عدي:"خالف عمر بن موسى، فقال: عن أبي هلال عن محمد بن سيرين عن ابن عباس، وغيره رواه عن ابن سيرين عن ابن عمر، وطرق هذا الحديث: عن ابن عمر"].

• ورواه عطية بن سعد العوفي عن ابن عمر؛ في المغرب وتر النهار، في ضمن حديث طويل، وهو حديث منكر، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1222).

• ورواه مالك، عن عبد الله بن دينار؛ أن عبد الله بن عمر كان يقول: صلاة المغرب وتر صلاة النهار. هكذا موقوفًا؛ فلم يرفعه.

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 328/184).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.

وقد وهم بعضهم فرواه عن مالك به مرفوعًا، ولا يصح [أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 348)، وقال: "غريب من حديث مالك، تفرد به مالك بن سليمان"][وانظر: علل الدارقطني (13/ 190/ 3081)].

• ورواه سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أيمن، قال: قلت لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن المغرب وتر النهار؟ قال: نعم.

أخرجه الدولابي في الكنى (1/ 438/244).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد جيد، وعبد الرحمن بن أيمن: تابعي، لا بأس به، سمع ابن عمر [التهذيب (2/ 489)].

• ورواه علي بن مسهر [ثقة]، عن الشيباني [هو: أبو إسحاق، سليمان بن أبي سليمان: ثقة]، عن حبيب [هو: ابن أبي ثابت]، عن ابن عمر، قال: صلاة الليل عليها وتر، وصلاة النهار عليها وتر. يعني: المغرب آخر الصلوات.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 81/ 6711).

ص: 429

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد رجاله ثقات، وحبيب بن أبي ثابت: إنما سمع من ابن عمر ثلاثة أحاديث فقط، وما عداها فلم يسمعها من ابن عمر [راجع: فضل الرحيم الودود (6/ 404/ 567)]، ومنها هذا الحديث، والله أعلم.

• ورواه إسحاق بن إبراهيم الرازي [ختن سلمة بن الفضل: صدوق، قال أبو حاتم: "هو المقدَّم من أصحاب سلمة بن الفضل". الجرح والتعديل (2/ 208)، التعجيل (34)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 308)]: ثنا سلمة بن الفضل الأنصاري [ثبت في ابن إسحاق، وفي غيره يخطئ ويخالف، وعنده غرائب ومناكير. التهذيب (2/ 76)]: ثنا محمد بن إسحاق [صدوق]، عن يزيد بن أبي حبيب [ثقة]، عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص، قال: سألت عبد الله بن عمر عن وتر الليل؟ فقال: يا بني! هل تعرف وتر النهار؟ قلت: نعم، المغرب، قال: صدقت، وتر الليل واحدة، بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقلت: يا أبا عبد الرحمن! إن الناس يقولون: إن تلك البتيراء، قال: يا بني! ليس تلك البتيراء، إنما البتيراء أن يصلي الرجل الركعة التامة في ركوعها وسجودها وقيامها، ثم يقوم في الأخرى فلا يتم لها ركوعًا ولا سجودًا ولا قيامًا، فتلك البتيراء.

أخرجه البيهقي في السنن (3/ 26)، وفي المعرفة (2/ 313/ 1388)، وفي الخلافيات (ق/438)، بإسناد صحيح إلى إسحاق الرازي.

وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص؛ فإني لم أقف له على ترجمة، والله أعلم.

• والحاصل: فإن حديث ابن عمر مرفوعًا: "صلاة المغرب وتر النهار، فأوتروا صلاة الليل": حديث صحيح؛ ثبت مرفوعًا من حديث ابن سيرين عن ابن عمر، وصح أيضًا من طرق عن ابن عمر موقوفًا عليه، والله أعلم.

28 -

وروى عمرو بن دينار، وحبيب بن أبي ثابت، وسليمان بن طرخان التيمي [وهم ثقات]، وليث بن أبي سليم [ضعيف]:

عن طاووس، عن ابن عمر؛ أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال:"مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة".

وفي رواية حبيب [عند أحمد]، عن طاووس، قال: قال رجل لابن عمر: إن أبا هريرة يزعم أن الوتر ليس بحتم؟ قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة".

أخرجه مسلم (749/ 146)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 344/ 1699)، والنسائي في المجتبى (3/ 227/ 1667)، وفي الكبرى (1/ 438/249) و (1/ 477/264)، وابن ماجه (1320)، وابن خزيمة (2/ 139/ 1072)، وابن حبان (6/ 351/ 2620)، وأحمد (2/ 30 و 113 و 141)، والشافعي في الأم (7/ 186)، وفي المسند (388)، وعبد الرزاق (3/ 29/ 4679)(3/ 7/ 4730 - ط. التأصيل)، والحميدي (642)، وابن أبي

ص: 430

شيبة (7/ 313/ 36410)، وأبو يعلى (9/ 469/ 5618) و (9/ 470/ 5620)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2475)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 175/ 2630)(5/ 168/ 2611 - ط. الفلاح) و (5/ 235/ 2771)(5/ 238/ 2750 - ط. الفلاح)، والطحاوي (1/ 278)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(651)، ومكرم بن أحمد البزاز في فوائده (1)، والطبراني في الكبير (12/ 396/ 13461)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (568)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 20) و (5/ 66) و (7/ 235)، وأبو العباس المستغفري في فضائل القرآن (507)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 1101/ 2148)، وأبو طاهر السلفي في التاسع عشر من المشيخة البغدادية (39)(1602 - مشيخة المحدثين البغدادية)، وفي الثالث والعشرين من المشيخة البغدادية (38)(1884 - مشيخة المحدثين البغدادية)، [التحفة (5/ 212/ 7099)، الإتحاف (8/ 476/ 9796)، المسند المصنف (14/ 371/ 6979)].

* تنبيهات:

• وقع في الموضع الأول عند أبي يعلى (5618) وهم من شيخ أبي يعلي [غسان بن الربيع، وهو: صالح في المتابعات، وقد ضُعف. تقدمت ترجمته تحت الحديث (199)]، أو سقط في الإسناد، حين قال: عن ثابت التيمي، صوابه: عن ثابت عن التيمي؛ يعني: ثابت بن يزيد الأحول البصري، عن سليمان التيمي، والله أعلم.

• وقع في فوائد مكرم البزاز زيادة عطاء مقرونًا بطاووس، وهي وهم، وأظنها من شيخ مكرم؛ يحيى بن أبي طالب جعفر بن عبد الله بن الزبرقان: وثقه الدارقطني وغيره، وتكلم فيه جماعة، مثل: أبي داود؛ فقد خطَّ على حديثه، وموسى بن هارون؛ فقد كذبه، وأبي أحمد الحاكم؛ حيث قال:"ليس بالمتين"[انظر: اللسان (8/ 423 و 452)، الجرح والتعديل (9/ 134)، الثقات (9/ 270)، سؤالات الحاكم (239)، تاريخ بغداد (14/ 220)، السير (12/ 619)].

• وهم إسماعيل بن عياش [روايته عن غير أهل الشام فيها ضعف، وهذه منها]، فرواه عن ليث، عن طاووس، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره؛ وإنما هو حديث ابن عمر، هكذا رواه أصحاب الليث عنه.

أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 36/ 10963).

• هكذا رواه عن حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن ابن عمر مرفوعًا: سفيان الثوري، ومنصور بن المعتمر، وكفى بهما ثقة وجلالة وحفظًا وضبطًا، وروايتهما هي المحفوظة، وتابعهما على ذلك: مسعر بن كدام، وحمزة بن حبيب الزيات، وفطر بن خليفة [وهم ثقات].

• ثم رواه العلاء بن هلال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة: حدثني حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي، عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالنهار مثنى مثنى.

ص: 431

أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 279/ 10655)، قال: حدثنا حفص بن عمر بن الصباح الرقي [صدوق، ليس بمتقن. تقدمت ترجمته مرارًا، آخرها تحت الحديث رقم (1056)]: ثنا العلاء به.

قلت: زيد بن أبي أنيسة: ثقة حافظ، لكن الإسناد إليه لا يصح، فإن العلاء بن هلال بن عمر بن هلال الباهلي الرقي: منكر الحديث [الجرح والتعديل (6/ 361)، ضعفاء النسائي (459)، المجروحين (2/ 184)، الكامل (5/ 223)، التهذيب (3/ 349)، الميزان (3/ 106)]، فهو حديث منكر بهذا الإسناد.

• ورواه أبو يعلى، قال: قرئ على بشر: أخبركم أبو يوسف، عن أبي إسحاق الشيباني، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر، بنحو من ذلك.

أخرجه أبو يعلى (5/ 36/ 2624)، وعلقه الدارقطني في العلل (13/ 154/ 3033).

قال الدارقطني في العلل (13/ 154/ 3033): "ولم يسمع حبيب هذا الحديث من ابن عمر، وإنما رواه عن طاووس عنه.

كذلك رواه منصور بن المعتمر، ومسعر بن كدام، وسفيان الثوري، وفطر بن خليفة، وحمزة الزيات، رووه عن حبيب، عن طاووس، عن ابن عمر.

وهو صحيح عن حبيب، عن طاووس.

وكذلك رواه سليمان التيمي، عن طاووس، عن ابن عمر، وهو صحيح عنه أيضًا".

قلت: وإسناده لا يصح إلى أبي إسحاق الشيباني؛ فإن الراوي عنه: أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم: صدوق، كثير الخطأ [اللسان (6/ 368)، تاريخ بغداد (14/ 242 - 262)، صحيح ابن خزيمة (1/ 265)، الإرشاد (2/ 569)، طبقات ابن سعد (7/ 330)، [وانظر في أوهامه مما تقدم معنا: الأحاديث (300 و 440)، وما قبل (534)]، وبشر بن الوليد الكندي الفقيه: صدوق، لكنه خرف، وصار لا يعقل ما يحدث به [تاريخ بغداد (7/ 80)، اللسان (2/ 316)].

• وانظر فيمن وهم فيه على ابن عيينة عن عمرو بن دينار: علل الدارقطني (13/ 170/ 3056).

29 -

وروى أبو أسامة حماد بن أسامة، عن الوليد بن كثير، قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عمر؛ أن ابن عمر حدثهم؛ أن رجلًا نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فقال: يا رسول الله! كيف أوتر صلاة الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى فليصلِّ مثنى مثنى، فإن أحسَّ أن يصبح سجد سجدةً، فأوترت له ما صلى".

أخرجه مسلم (749/ 156)، وأبو عوانة (2/ 63/ 2325)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 348/ 1710)، والبيهقي (3/ 22)، وعلقه البخاري عقيب الحديث رقم (473)، [التحفة (5/ 279/ 7306)، المسند المصنف (14/ 378/ 6984)].

30 -

وروى غندر محمد بن جعفر، ويحيى بن سعيد القطان، وبهز بن أسد،

ص: 432

وأبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير، وآدم بن أبي إياس، وسعيد بن عامر الضبعي، وشاذان أسود بن عامر، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي [وهم ثقات]:

عن شعبة، قال: سمعت عقبة بن حريث، قال: سمعت ابن عمر، يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا رأيت أن الصبح يدركك فأوتر بواحدة".

فقيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: أن تسلم في كل ركعتين.

أخرجه مسلم (749/ 159)، وأبو عوانة (2/ 61/ 2311 - 2314)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 1713/349)، وأحمد (2/ 44 و 77)، والطبراني في الكبير (13/ 156/ 13841)، والبيهقي في السنن (2/ 486) و (3/ 23)، وفي المعرفة (2/ 311/ 1383)، [التحفة (5/ 291/ 7342)، الإتحاف (8/ 599/ 10038)، المسند المصنف (14/ 373/ 6980)].

31 -

وروى عبد الواحد بن زياد، ومحمد بن فضيل [وهما ثقتان]:

حدثنا عاصم الأحول [بصري، ثقة حافظ]، عن أبي مجلز، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، والونر ركعة"، قلت: أرأيتَ إن غلبتني عيني، أرأيتَ إن نمتُ؟ قال: اجعل أرأيت عند ذاك النجم، فرفعت رأسي، فإذا السِّمَاك، ثم أعاد فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة قبل الصبح". لفظ عبد الواحد. وفي رواية ابن فضيل: "بادروا الصبح بركعة".

أخرجه ابن ماجه (1175)، والبزار (12/ 307/ 6155)، وأبو عوانة (2/ 63/ 2322)، والبيهقي (3/ 22)، [التحفة (5/ 643/ 8560)، المسند المصنف (14/ 380/ 6989)].

وهذا حديث صحيح.

• وقد روي موقوفًا:

رواه علي بن عبد العزيز [البغوي: ثقة حافظ]: ثنا عارم [محمد بن الفضل السدوسي: ثقة ثبت، من أثبت الناس في حماد بن زيد]: ثنا حماد بن زيد [ثقة ثبت]، عن غيلان بن جرير [بصري، ثقة]، عن أبي مجلز، قال: كنت أسأل ابن عمر عند البيت عن الوتر، فجعل يقول: آخر الليل، فقلت: أرأيتَ أرأيتَ؟ فقال: اجعل أرأيت عند ذاك الكوكب، وأشار إلى السماء، صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل. هكذا موقوفًا.

أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 13058/264).

قلت: وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح؛ لكنه لا يُعلُّ المرفوع؛ فإن الرفع زيادة من ثقة حافظ؛ فتقبل؛ إلا إذا قلنا بقول العقيلي تبعًا لأبي داود السجستاني بأن علي بن عبد العزيز البغوي هو ممن سمع من عارم بعد الاختلاط [الثقات للعجلي (735)، ضعفاء العقيلي (4/ 121)(3/ 534 - ط. التأصيل)، قال العقيلي: "وسمع منه علي بن

ص: 433

عبد العزيز في نفس الاختلاط". الجرح والتعديل (8/ 58)، قال أبو حاتم: "اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله، فمن كتب عنه قبل سنة عشرين ومائتين فسماعه جيد"، وسماع البغوي منه كان سنة سبع عشرة. المجروحين (2/ 294)، سؤالات السلمي (390)، قال الدارقطني: "ثقة، وتغير بأخرة، وما ظهر عنه بعد اختلاطه حديث منكر". تاريخ الإسلام (5/ 685 - ط. الغرب)، السير (10/ 265)، الميزان (4/ 7)، التهذيب (3/ 675)، الكواكب النيرات (53)]، فتكون عندئذ رواية الوقف وهمًا من عارم حدث به بعد الاختلاط، فلا تُعارَض بها رواية الرفع، والله أعلم.

* وروى أبو التياح [وعنه: عبد الوارث بن سعيد، وشعبة]، وقتادة [وعنه: شعبة]:

عن أبي مجلز، عن ابن عمر [وفي رواية قتادة: سمعت ابن عمر]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوتر ركعة من آخر الليل".

أخرجه مسلم (1752/ 53 و 154)، وأبو عوانة (2/ 2328/64 و 2329)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 347/ 1707 و 1708)، والنسائي في المجتبى (3/ 232/ 1689 و 1690)، وفي الكبرى (2/ 154/ 1400) و (2/ 155/ 1401)، وابن حبان (6/ 354/ 2625)، وأحمد (2/ 43 و 51)، وابن نصر المروزي في كتاب الوتر (283 - مختصره)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (1421)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 174/ 2629)(5/ 168/ 2610 - ط. الفلاح)، والطحاوي (1/ 277)، والطبراني في الكبير (12/ 205/ 12905) و (13/ 231/ 13963) و (13/ 232/ 13965)، والبيهقي (3/ 22)، والخطيب في تاريخ بغداد (7/ 413)، والبغوي في شرح السنة (4/ 76/ 959)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (64/ 20)، [التحفة (5/ 643/ 8558)، الإتحاف (9/ 395/ 11529)، المسند المصنف (14/ 390/ 7000)].

وهو محتمل لأن يكون شعبة حمله عن شيخين عن أبي مجلز عن ابن عمر، فرواه مرة عن قتادة [رواه عنه به: يحيى بن سعيد القطان، وغندر محمد بن جعفر، وحجاج بن محمد، وعبد الرحمن بن زياد]، ومرة عن أبي التياح [رواه عنه به: عندر محمد بن جعفر، وحجاج بن محمد، ووهب بن جرير، وعلي بن الجعد].

* ورواه همام: حدثنا قتادة، عن أبي مجلز، قال: سألت ابن عباس عن الوتر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ركعة من آخر الليل"، وسألت ابن عمر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ركعة من آخر الليل".

أخرجه مسلم (753/ 155)، وأبو عوانة (2/ 64/ 2330)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 347/ 1709)، وأحمد (1/ 311 و 361)، والطيالسي (3/ 436/ 2038) و (4/ 481/ 2887)، وابن نصر المروزي في كتاب الوتر (282 - مختصره)، وأبو يعلى (10/ 130 و 131/ 5756 و 5757)، والطحاوي (1/ 277)، والطبراني في الكبير (13/ 232/ 13964)، والبيهقي في السنن (3/ 22)، وفي المعرفة (2/ 312/ 1385)، وفي

ص: 434

الخلافيات (ق/ 437)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 374)، [التحفة (4/ 740/ 6544) و (5/ 643/ 8558)، الإتحاف (8/ 9068/131) و (9/ 395/ 11529)، المسند المصنف (14/ 390/ 7000)].

• وروي من وجه آخر ضعيف عن قتادة: أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 212)[رواه عن قتادة: الحكم بن عبد الملك البصري، وقد روى الحكم هذا عن قتادة غير حديثٍ لم يتابع عليه، وهو: ضعيف، قليل الرواية عن قتادة، ينفرد عنه بما لا يتابع عليه. وانظر في مناكيره فيما تقدم: الحديث رقم (402) الطريق رقم (22)، والحديث رقم (675) الشاهد الرابع].

• هكذا رواه عاصم بن سليمان الأحول، وأبو التياح، وقتادة:

عن أبي مجلز، عن ابن عمر مرفوعًا:"الوتر ركعة من آخر الليل"، وفي رواية عاصم:"والوتر ركعة قبل الصبح".

• ورواه عمران بن حدير [ثقة ثقة، من أوثق شيوخ البصرة] عن أبي مجلز به موقوفًا: فقد أخرج ابن أبي شيبة (2/ 6896/95)، قال: حدثنا وكيع، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز، قال: سألت ابن عمر عن الوتر، فقال: أرأيت إن سافرت؟ قال: ركعة من آخر الليل. موقوف.

ويقال في هذا مثل ما قيل في سابقه، والرفع محفوظ برواية جماعة الثقات عن أبي مجلز.

32 -

وروى يحيى بن عبد الله بن بكير [مصري، ثقة]، وإسحاق بن بكر بن مضر [قال أبو حاتم:"لا بأس به، وكان عنده درج عن أبيه". الجرح والتعديل (2/ 214)، التهذيب (1/ 117)]:

عن بكر بن مضر [ثقة ثبت]، عن جعفر بن ربيعة [ثقة]، عن عقبة بن مسلم [التجيبي: ثقة]، قال: سألت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن الوتر، فقال: أتعرف وتر النهار؟ قلت: نعم، صلاة المغرب، قال: صدقت أو أحسنت، ثم قال: بينا نحن في المسجد قام رجل فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوتر أو عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة".

أخرجه الطحاوي (1/ 279)، والطبراني في الكبير (13/ 327/ 14128)، [الإتحاف (8/ 600/ 10040)].

وهذا حديث مصري صحيح.

33 -

وروى سعيد بن سلام [العطار: متروك، منكر الحديث، كذبه جماعة، واتهم بالوضع. اللسان (4/ 55)]: ثنا زكريا بن إسحاق [مكي، ثقة]، عن حميد الأعرج [حميد بن قيس المكي الأعرج: ليس به بأس]، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب الناس وهو يقول: "لا تأتون الله يوم القيامة

ص: 435

بشيء هو أفضل من صلاتكم، ألا وإن صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فواحدة".

أخرجه عبد بن حميد (845)، [المسند المصنف (14/ 379/ 6985)].

قال الدارقطني: "غريب من حديث محمد بن عبد الرحمن الجمحي المكي، وهو أبو الثورين، تفرد به: حميد بن قيس المكي الأعرج عنه، تفرد به زكريا بن إسحاق، عنه"[أطراف الغرائب والأفراد (3147)].

قلت: هو حديث لا يثبت؛ محمد بن عبد الرحمن الجمحي المكي أبو الثورين: لم يوثقه سوى ابن حبان والذهبي، لذا قال ابن حجر عنه في التقريب:"مقبول"؛ يعني: عند المتابعة [راجع بحث التضلع من ماء زمزم، ضمن بحوث حديثية في الحج، ص (72)]، ولم يتابع عليه بهذا اللفظ، والله أعلم.

هذا إذا كان سعيد بن سلام العطار قد توبع عليه؛ كما يشير إليه كلام الدارقطني، فإذا كان قد تفرد به؛ فهو حديث موضوع، والله أعلم.

34 -

وروى الأعمش [واختلف فيه على الأعمش، فرواه محمد بن عبيد الطنافسي عنه به هكذا، ورواه عيسى بن يونس، فجعله عن عطية عن سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعًا. عند الطبراني وتمام]، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة]، ومسعر بن كدام [ثقة ثبت]، وعيسى بن المسيب البجلي [ضعيف. اللسان (6/ 280)]:

عن عطية بن سعد، عن ابن عمر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فواحدة، إن الله تعالى وتر يحب الوتر".

أخرجه أحمد (2/ 155)، وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر (5)، وابن قانع في المعجم (2/ 82)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(651)، والطبراني في الكبير (13/ 77/ 13710) و (13/ 166/ 13851)، وفي حديثه لأهل البصرة بانتقاء ابن مردويه (82)، وتمام في الفوائد (1502)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 254)، وأبو طاهر السلفي في التاسع والعشرين من المشيخة البغدادية (4)(2376 - مشيخة المحدثين البغدادية)، [وانظر: علل ابن أبي حاتم (264)] [الإتحاف (8/ 598/ 10035)، المسند المصنف (14/ 379/ 6986)].

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإن عطية بن سعد العوفي: ضعيف الحفظ [انظر: التهذيب (3/ 114)، الميزان (3/ 79)]، وقد يكون دخل له حديث في حديث، والله أعلم.

هكذا رواه الأثبات عن عطية بن سعد العوفي.

• وخالفهم فوهم وسلك فيه الجادة، وجعله من فعله صلى الله عليه وسلم:

عبيد الله بن الوليد الوصافي [متروك الحديث، ضعفوه. التهذيب (3/ 30)، وغيره]، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [ليس بالقوي]:

روياه عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، فإذا جاء الصبح أوتر بواحدة، وقال:"إن الله واحد يحب الواحد".

ص: 436

أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 7/ 5636)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 195).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عطية عن أبي سعيد إلا الوصافي، ولا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد، ورواه الأعمش، ومسعر، وغيرهما، عن ابن عمر".

35 -

وروى عباد بن عباد [المهلبي البصري، ثقة]، عن بشر بن حرب [الأزدي، أبو عمرو النَّدَبي البصري: ضعيف. راجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (8/ 255/ 741)]، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل"، قال:"وكل صلاة فاضلة، فأفضل يا عبد الله".

أخرجه ابن نصر المروزي في كتاب الوتر (279 - مختصره).

وهذا حديث منكر بهذه الزيادة التي في آخره.

36 -

وروى يحيى بن سليمان الجعفي: نا أبو بكر بن عياش [ثقة، صحيح الكتاب]، عن أبي حصين [الأسدي عثمان بن عاصم: ثقة ثبت]، عن سعد بن عبيدة [السلمي: ثقة، من الثالثة]، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة".

أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 223/ 13949)، وفي الأوسط (3/ 363/ 3409)، وفي الصغير (345)، وفي حديثه لأهل البصرة بانتقاء ابن مردويه (109) [ووقع عنده موقوفًا]. ومن طريقه: ابن عساكر في المعجم (197).

قال الطبراني في الأوسط: "لم يروه إلا يحيى بن سليمان".

وقال في الصغير: "لم يروه عن أبي حصين إلا أبو بكر بن عياش، تفرد به: الجعفي ".

وقال ابن عساكر: "صحيح من حديث عبيد الله بن عمر [كذا، ولعله: عبد الله بن عمر]، غريب من حديث أبي حصين عثمان بن عاصم عن سعد بن عبيدة".

قلت: هو حديث غريب جدًّا، تفرد به عن هؤلاء المشاهير من أهل الكوفة: يحيى بن سليمان بن يحيى بن سعيد الجعفي، أبو سعيد الكوفي المقرئ، سكن مصر ومات بها، روى عنه البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم، وقال:"شيخ"، وقال الدارقطني ومحمد بن عبد الله بن أبي دُليم:"ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أغرب"، وقال مغلطاي في آخر ترجمته:"وقال مسلمة في الصلة: لا بأس به، وكان عند العقيلي ثقة، وله أحاديث مناكير رواها"، ولم يخرج له البخاري في صحيحه شيئًا عن أهل الكوفة، ولا عن أهل العراق عامة، ولا عن أهل الحجاز، ما أخرج له إلا من روايته عن عبد الله بن وهب المصري وحده، وقال النسائي:[ليس بثقة][التعديل والتجريح (3/ 1220/ 1478)، ترتيب المدارك (2/ 192/ 207 - ط. الرسالة)، تاريخ الإسلام (17/ 399)، إكمال مغلطاي (12/ 324)، التهذيب (4/ 363)، غاية النهاية (2/ 373)]، وانظر في أوهامه: علل

ص: 437

الدارقطني (4/ 166/ 490) و (7/ 221/ 1305) و (10/ 169/ 1961) و (14/ 382/ 3731)؛ فلا يحتمل تفرد مثله، والله أعلم.

37 -

وروى محمد بن حميد: حدثنا يحيى بن واضح [أبو تميلة، وهو: مروزي، ثقة]، عن حسين بن واقد، عن أبي الزبير، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل".

أخرجه أبو الشيخ في حديث أبي الزبير عن غير جابر (6).

وهذا حديث منكر بهذا الإسناد؛ حسين بن واقد المروزي: ليس به بأس، له أوهام ومناكير [التهذيب (1/ 438)، الميزان (1/ 549)، سؤالات المروذي والميموني (146 و 444)، وقد تقدم ذكره مرارًا، انظر مثلًا: ما تقدم برقم (896)، وله ترجمة ضافية عند الحديث رقم (1109)].

ومما قلت في الموضع الأخير بعد سبر مرويات الحسين بن واقد:

أن الحسين بن واقد: ليس به بأس، يخطئ أحيانًا في الروايات، ويخالف أحيانًا الثقات، وقد أنكر عليه أحمد ما رواه عن عبد الله بن بريدة خصوصًا، فدل ذلك على أنه مقبول الرواية حسن الحديث إذا لم يخالف غيره من الثقات؛ إلا عن عبد الله بن بريدة فإنه لا يقبل حديثه عنه حتى يتابع عليه في الجملة، كي تزول النكارة عن حديثه، فإذا لم يتابع رُدَّ حديثه، والله أعلم.

وهو هنا قد تفرد بالحديث عن أبي الزبير المكي، على كثرة أصحابه الحجازيين والعراقيين والمصريين، وفي الإسناد إليه: محمد بن حميد الرازي، وهو: حافظ، أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير.

***

1296 -

. . . شعبة: حدثني عبد ربه بن سعيد، عن أنس بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع، عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"الصلاة مثنى مثنى، أن تشهَّد في كل ركعتين، وأن تباءَسَ، وتمسكَنَ، وتُقْنِعَ بيديك، وتقول: اللهمَّ اللهمَّ، فمن لم يفعل ذلك، فهي خداجٌ".

سئل أبو داود عن صلاة الليل مثنى؟ قال: إن شئت مثنى، وإن شئت أربعًا.

* حديث ضعيف

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 284)، والترمذي في العلل الكبير (128)، والنسائي في الكبرى (1/ 318/ 619) و (2/ 171/ 1445)، وابن ماجه (1325)، وابن خزيمة (2/ 220/ 1212)، وأحمد (4/ 167)، والطيالسي (2/ 706/ 1463)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 543/ 2228 - السفر الثاني)، وابن أبي عاصم في الآحاد

ص: 438

والمثاني (1/ 356 - 357/ 479)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (126 - مختصره)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (4/ 122/ 1307 - ط. المنهاج)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 358/310) و (2/ 311/ 359)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1568 و 1569)، والطحاوي في المشكل (3/ 124/ 1092) و (3/ 125/ 1093)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 311)، وابن قانع في المعجم (3/ 103)، وابن عدي في الكامل (4/ 226)، والدراقطني (1/ 418)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2559/ 6178)، والبيهقي (2/ 488)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 246)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1455/ 850)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 325 و 326)، [التحفة (8/ 73/ 11288)، الإتحاف (13/ 200/ 16577)، المسند المصنف (23/ 455/ 10613)].

رواه عن شعبة: معاذ بن معاذ العنبري، وغندر محمد بن جعفر، والنضر بن شميل، وآدم بن أبي إياس، وحجاج بن محمد، وشبابة بن سوار، وأبو داود الطيالسي، وسعيد بن عامر الضبعي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وبشر بن عمر الزهراني، وعيسى بن يونس، وروح بن عبادة، ومحمد بن أبي عدي، وعثمان بن عمر بن فارس، وسهل بن يوسف، وزيد بن الحباب [وهم ثقات]، وفهد بن حيان [ضعفوه. اللسان (6/ 362)]، وعمرو بن حكام [ضعيف. اللسان (6/ 200)].

قال عيسى بن يونس [عند ابن خزيمة]، وعثمان بن عمر بن فارس [عند الطحاوي]: المطلب بن أبي وداعة؛ ووقع مفسرًا في رواية شبابة [عند ابن ماجه]: يعني: ابن أبي وداعة، ووقع هذا التفسير أيضًا عند الطوسي من رواية معاذ وابن أبي عدي وسهل بن يوسف، وهذا كله وهم؛ إنما هو المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وقد نبه عليه المزي في التهذيب (28/ 78).

وفي رواية شبابة [عند ابن ماجه]: "وتقول: اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي".

وفي رواية روح [عند أحمد]: قال شعبة: فقلت: صلاته خداج؟ قال: نعم، فقلت له: ما الإقناع؟ فبسط يديه كأنه يدعو.

• خالفهم: عمرو بن مرزوق [ثقة]، فرواه عن شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن أنس بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع، عن ربيعة بن الحارث، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

أخرجه الطبراني في الدعاء (211).

* قال ابن هانئ في مسائله (2368): "سمعت أبا عبد الله [يعني: أحمد بن حنبل] يقول: ما أكثر ما يخطئ [شعبة] في أسامي الرجال، وذكر له حديث عبد ربه عن عمران بن أبي أنس: حديث "الصلاة مثنى مثنى، تشهّدُ في كل ركعتين وتخشعُ وتضرّعُ وتمسكَنُ"، فقال هو: أنس بن أبي أنس، وإنما هو الصحيح: عمران بن أبي أنس"[وانظر: المعرفة والتاريخ (2/ 120)].

ص: 439

وقال الترمذي في الجامع: "سمعت محمد بن إسماعيل يقول: روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه بن سعيد، فأخطأ في مواضع، فقال: عن أنس بن أبي أنس، وهو عمران بن أبي أنس، وقال: عن عبد الله بن الحارث، وإنما هو عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، وقال شعبة: عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو عن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، عن الفضل بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال محمد: وحديث الليث بن سعد: أصح من حديث شعبة" [وقال نحوه في العلل، ونقله البيهقي في السنن (2/ 488)].

وقال ابن أبي خيثمة: "كذا يقول شعبة، وخالفه الليث بن سعد".

وقال النسائي: "ما نعلم أحدًا روى هذا الحديث غير الليث وشعبة على اختلافهما فيه".

وقال ابن أبي عاصم: "هذا حديث فيه اختلاف".

وقال الدارقطني: "رواه الليث، عن عبد ربه، عن عمران بن أبي أنس، وأسنده عن الفضل بن العباس".

وقال ابن عساكر: "ورواه شعبة عن عبد ربه بن سعيد، فخالف الليث وعبد ربه [كذا، إنما هو: وعبد الله بن لهيعة]، وأخطأ فيه في ثلاثة مواضع".

* قلت: وهذا الحديث من الأحاديث التي أخطأ فيها شعبة، وقد تقدم معنا في السنن بعضها، مثل: الحديث رقم (113)، قال فيه شعبة: مالك بن عرفطة، فوهم؛ إنما هو: خالد بن علقمة، والحديث رقم (205)، حيث وهم شعبة في تسمية الصحابي علي بن طلق، كما وهم أيضًا في علي بن بلال، فسماه حسان بن بلال [راجع: فضل الرحيم الودود (5/ 147/ 417)]، ووهم شعبة في عبد الله بن أبي قيس الحمصي، فسماه عبد الله بن أبي موسى [راجع الحديث رقم (1273)، حديث عائشة، طريق رقم (16)]، وقد كان يخطئ أيضًا في وكيع بن حدس، فيقول: وكيع بن عبدس [راجع: العلل ومعرفة الرجال (2/ 189/ 1959) و (3/ 429/ 5825 و 5827)، المنتخب من علل الخلال (175)]، وله غير ما ذكرت من الأخطاء التي عدَّت عليه، حتى قال أحمد:"ما أكثر ما يخطئ شعبة في أسامي الرجال"[مسائل ابن هانئ (2374)]، وقال أيضًا:"كان شعبة يحفظ، لم يكتب إلا شيئًا قليلًا، وربما وهم في الشيء"[تاريخ بغداد (9/ 259)]، وقال الزعفراني:"سمعت أحمد بن حنبل يسأل عفان: أيهما أكثر غلطًا؛ سفيان أو شعبة؟ قال: شعبة؛ بكثير. فقال أحمد: في أسماء الرجال"[الكامل لابن عدي (1/ 156)].

• والحديث رواه ابن وهب، قال: أخبرنا يزيد بن عياض [هو: ابن جعدبة]، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن المطلب بن ربيعة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الليل مثنى مثنى، وإذا صلى أحدكم فليتشهد في كل ركعتين، ثم

ص: 440

لِيُلْحِف في المسألة، ثم إذا دعا فليتساكن، وليتباءس، وليتضعَّف، فمن لم يفعل ذلك، فذاك الخداج" أو:"كالخداج".

أخرجه أحمد (4/ 167)، [الإتحاف (13/ 200/ 16577)، المسند المصنف (23/ 457/ 10613)].

قال الدارقطني في العلل (14/ 3409/44): "ولم يصنع شيئًا".

قلت: يزيد بن عياض بن جعدبة: متروك، كذبه مالك وابن معين والنسائي [التهذيب (4/ 425)]، فلا تسوي روايته شيئًا.

* خالف شعبة:

الليث بن سعد [وعنه: ابن المبارك، وابن وهب، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد الله بن صالح]، قال: حدثني عبد ربه بن سعيد [مدني، ثقة]، عن عمران بن أبي أنس [مدني، نزل الإسكندرية، ثقة]، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة مثنى مثنى، تشَهَّدُ في كل ركعتين، وتضَرَّعُ، وتخشَّعُ، وتمسكَنُ، ثم تُقنِعُ يديك - يقول: ترفعهما إلى ربك مستقبلًا ببطونهما وجهك -، وتقول: يا ربِّ، يا ربِّ، فمن لم يفعل ذلك فهي خداجٌ".

أخرجه الترمذي (385)، والنسائي في الكبرى (1/ 317/ 618) و (2/ 170/ 1444)، وابن خزيمة (2/ 221/ 1213)، وأحمد (1/ 211) و (4/ 167)، وابن المبارك في الزهد (1152)، وفي المسند (53)، والبزار (6/ 110/ 2169)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (127 - مختصره)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (4/ 123/ 1308 - ط. المنهاج)، وأبو يعلى (12/ 101 - 102/ 6738)، والطحاوي في المشكل (3/ 125/ 1094) و (3/ 126/ 1095)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 310)، والطبراني في الكبير (18/ 295/ 757)، وفي الأوسط (8/ 278/ 8632)، وفي الدعاء (210)، والبيهقي (2/ 487)، والبغوي في شرح السنة (3/ 260/ 740)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 325)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 283)، والترمذي في العلل الكبير (129)، [التحفة (7/ 499/ 11043)، الإتحاف (12/ 671/ 16280)، المسند المصنف (23/ 454/ 10613)].

قال البخاري: "وقد توبع الليث، وهو أصح".

ثم قال: "وهو حديث لا يتابع عليه، ولا يعرف سماع هؤلاء بعضهم من بعض".

وقال البخاري في موضع آخر من التاريخ الكبير (5/ 213): "عبد الله بن نافع بن العمياء: عن ربيعة بن الحارث، روى عنه عمران بن أبي أنس، لم يصح حديثه".

قال ابن عدي: "وهذا الحديث هو الذي أراده البخاري أنه لم يصح".

وقال البزار: "ولا نعلم روى ربيعة بن الحارث عن الفضل إلا هذا الحديث".

وعلق ابن خزيمة الاحتجاج به على ثبوته، فقال: "فإن ثبت هذا الخبر؛

".

ص: 441

وقال العقيلي: "في الإسنادين جميعًا نظر، والأسانيد ثابتة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة"".

وقال أبو حاتم: "حديث الليث: أصح؛ لأن أنس بن أبي أنس لا يعرف، وعبد الله بن الحارث ليس له معنى، إنما هو: ربيعة بن الحارث"[العلل (324)].

وذكر في موضع آخر من العلل (365) مواضع الاتفاق والاختلاف بين شعبة والليث بن سعد، ثم قال:"ما يقول الليث أصح؛ لأنه قد تابع الليث: عمرو بن الحارث وابن لهيعة، وعمرو والليث كانا يكتبان، وشعبة صاحب حفظ"، قال ابن أبي حاتم:"قلت لأبي: هذا الإسناد عندك صحيح؟ قال: حسن، قلت لأبي: من ربيعة بن الحارث؟ قال: هو ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، قلت: سمع من الفضل؟ قال: أدركه، قلت: يحتج بحديث ربيعة بن الحارث؟ قال: حسن، فكررت عليه مرارًا، فلم يزدني على قوله: حسن، ثم قال: الحجة سفيان وشعبة، قلت: فعبد ربه بن سعيد؟ قال: لا بأس به، قلت: يحتج بحديثه؟ قال: هو حسن الحديث، قال أبي: ويدلُّ على أن هذا الكلام في صلاة التطوع أو السنن، وليس هذا الكلام في شيء من الحديث".

وقال في الجرح والتعديل (2/ 289): "أنس بن أبي أنس؛ من أهل مصر: روى عن عبد الله بن نافع بن العمياء، روى عنه عبد ربه بن سعيد من رواية شعبة، وأما عمرو بن الحارث والليث، فيرويان عن عبد ربه بن سعيد عن عمران بن أبي أنس، وهو أشبه مما قال شعبة"[وانظر أيضًا: الجرح والتعديل (5/ 183)].

وقال عبد الله بن أحمد في المسند (4/ 167): "هذا هو عندي الصواب"؛ يعني: حديث الليث بن سعد.

وقال الطبراني: "لم يجود إسناد هذا الحديث أحد ممن رواه عن عبد ربه بن سعيد إلا الليث، ورواه شعبة عن عبد ربه بن سعيد، فاضطرب في إسناده".

وقال في الدعاء: "وضبط الليث إسناد هذا الحديث، ووهم فيه شعبة".

وقال الدارقطني في العلل (14/ 44/ 3409): "والقول قول الليث بن سعد".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 186): "إسناد مضطرب ضعيف، لا يحتج بمثله".

* تابع الليث بن سعد:

عبد الله بن لهيعة [ضعيف]، قال: ثنا عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فذكره.

أخرجه الطحاوي في المشكل (3/ 126/ 1096)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(439)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 325).

وذهب الطحاوي أيضًا إلى ترجيح الوجه الثاني، وقال: "أنه كما قال الليث وابن

ص: 442

لهيعة فيه، لا كما قال شعبة فيه"، ودلل على ذلك بدلائل، منها: أن عمران بن أبي أنس رجل معروف قد رويت عنه أحاديث، بخلاف أنس، ولكونه مصريًا فأهل مصر بنسبه أعلم به من غيرهم، وقال أيضًا: "وجدنا ربيعة بن الحارث هو ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، ويكنى أبا أروى، وكانت وفاته في خلافة عمر رضي الله عنه بالمدينة، وكان أسن من عمه العباس بن عبد المطلب بسنتين، وله ابنٌ قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم".

ثم قال بناء على بحث سابق: "محال أن يكون عبد الله بن نافع بن العمياء لقي ربيعة بن الحارث، وكان موهومًا أن يكون قد لقي عبد الله بن الحارث، وكان محالًا أن يكون ربيعة بن الحارث يروي عن الفضل بن عباس الذي سنه فوق سن أبيه، فكان الصحيح فيما اختلف فيه شعبة والليث وابن لهيعة في إسناد هذا الحديث فيما بعد عبد الله بن نافع بن العمياء: كما قال شعبة فيه، والله أعلم".

وقال الخطيب في المتفق: "كذا روى هذا الحديث شعبة، وخالفه الليث بن سعد، فرواه عن عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن العباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمران بن أبي أنس: أصح، وهو من أهل مصر، وقد رواه يزيد بن عياض بن جعدبة، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع، عن المطلب بن ربيعة، وعبد ربه بن سعيد: أثبت من يزيد بن عياض، فأما قول الليث: عن ربيعة بن الحارث؛ هو ابن عبد المطلب بن هاشم، وكان أسن من عمه العباس بسنتين، وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب بالمدينة، وله ابن يسمى المطلب بن ربيعة، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: اسمه عبد المطلب، فكأنه سمي بذلك في الجاهلية، ورد في الإسلام إلى المطلب، فمعلوم أن يكون ابن العمياء لم يلق ربيعة بن الحارث، وموهوم أن يكون لقي عبد الله بن الحارث، ومحال أن يكون ربيعة بن الحارث يروي عن الفضل بن العباس الذي سنه فوق سن أبيه، والأشبه أن يكون الحديث: عن ابن العمياء، عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب، كما قال شعبة في روايته، والله أعلم"[كأنه نقل كلام الطحاوي، ولم يعزه إليه، والله أعلم].

وقال النووي في الخلاصة (1/ 477/ 1581): "وكلاهما ضعيف بالاتفاق".

* قلت: جمهور أئمة النقاد على تخطئة شعبة في إسناد هذا الحديث، وأن المحفوظ فيه إسناد الليث بن سعد، وعلى ذلك:

فهو حديث ضعيف؛ فإن عبد الله بن نافع بن العمياء: مجهول؛ لا يُعرف إلا بهذا الإسناد وبهذا الحديث وحده [التهذيب (2/ 442)]، وهو الذي قال فيه البخاري:"لم يصح حديثه"، وقال أيضًا:"وهو حديث لا يتابع عليه، ولا يعرف سماع هؤلاء بعضهم من بعض"، فإن قيل: قال أبو حاتم بإدراك ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب للفضل؛ فيقال: نعم؛ الإدراك ممكن؛ لأن ربيعة توفي في أول خلافة عمر، وقيل: في آخرها، سنة (23)[التهذيب (1/ 596)]، والفضل استشهد في خلافة عمر، لكن أبا حاتم لما سئل عن

ص: 443

السماع أجاب بالإدراك، ولم يثبت سماعًا، ولا إشكال في هذا فكلاهما صحابي، لكن الشأن في سماع عبد الله بن نافع بن العمياء من ربيعة بن الحارث مع تقدم وفاة ربيعة وجهالة ابن العمياء، كما لا يُعرف سماع عمران بن أبي أنس من عبد الله بن نافع؛ فهو كما قال البخاري:"لا يعرف سماع هؤلاء بعضهم من بعض"، ثم إن الحديث لا يُعرف إلا من جهة ابن العمياء، فهو كما قال البخاري:"حديث لا يتابِع عليه"، و"لم يصح حديثه"، وضعف العقيلي الإسنادين جميعًا فقال:"في الإسنادين جميعًا نظر"، والله أعلم.

* وفي الباب أيضًا مما جاء في صلاة النهار:

1 -

حديث علي بن أبي طالب:

يرويه عبد الرزاق، عن مقاتل ورجل، عن أشعث بن سوار [ضعيف]، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: قلت: يا رسول الله! أي الليل أفضل؟ قال: "جوف الليل الآخر"، قال:"ثم الصلاة مقبولة إلى صلاة الفجر، ثم لا صلاة إلى طلوع الشمس، ثم الصلاة مقبولة إلى صلاة العصر، ثم لا صلاة حتى تغرب الشمس"، قال: قلت: يا رسول الله! كيف صلاة الليل؟ قال: "مثنى مثنى"، قال: قلت: كيف صلاة النهار؟ قال: "أربعًا أربعًا"،

الحديث بطوله، وفيه فضل الوضوء.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 51/ 153)(1/ 242/ 153 - ط. التأصيل).

* ثم رواه عبد الرزاق مرة أخرى في موضع آخر فغاير في إسناده، واختصر متنه:

رواه عبد الرزاق، عن مقاتل، عن أبي إسحاق، عن الحارث [هو: ابن عبد الله الأعور، وهو: ضعيف، وأبو إسحاق السبيعي لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث]، عن علي، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال:"مثنى مثنى"، فقلت: صلاة النهار؟ فقال: "أربعًا أربعًا".

أخرجه عبد الرزاق (2/ 501/ 4229)(2/ 482/ 4274 - ط. التأصيل)، ومن طريقه: العقيلي في الضعفاء (4/ 240)(4/ 60 - ط. التأصيل)، [المسند المصنف (21/ 164/ 9523)].

قال العقيلي: "والرواية في صلاة الليل مثنى مثنى: ثابتة، وقد روى شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن علي الأزدي، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، وأما صلاة النهار أربعًا: فلا يتابع عليه".

قلت: هذا الحديث بروايتيه مداره على مقاتل بن سليمان، وهو: متروك الحديث، كذاب؛ فلا يُلتفت إليه.

• وروي من وجه آخر واهٍ:

رواه حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، ثم يسلم تسليمة".

أخرجه البيهقي في الخلافيات (ق/ 445)(2/ 289 - مختصره).

ص: 444

وهذا حديث باطل؛ حسين بن عبد الله بن ضميرة لا يحدث إلا عن أبيه عن جده: تركوه، كذبه مالك وابن معين وأبو حاتم وابن الجارود [اللسان (3/ 174)].

2 -

حديث ابن عباس:

يرويه العلاء بن هلال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة: حدثني حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي، عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالنهار مثنى مثنى.

وهو حديث منكر بهذا الإسناد، تقدم ذكره تحت الحديث السابق في طريق طاووس عن ابن عمر.

* ورواه إسماعيل بن عياش [روايته عن غير أهل الشام فيها ضعف، وهذه منها]، فرواه عن ليث، عن طاووس، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره؛ وإنما هو حديث ابن عمر، هكذا رواه أصحاب الليث عنه، تقدم ذكره تحت الحديث السابق في طريق طاووس عن ابن عمر.

* وأما ما صح في الباب من حديث عائشة وأم حبيبة في الأربع قبل الظهر، فيمكن حمله على أن الراوي إنما قصد ذكر العدد، ولم يقصد ذكر الهيئة من الاتصال والانفصال، وإنما يحمل المجمل من فعله صلى الله عليه وسلم على المفصل من ذلك والمعهود منه، وهو أن عادته أن يصلي نوافل النهار والليل ركعتين ركعتين، يفصل بين كل ركعتين بسلام، بخلاف الفريضة، وكذلك حديث عائشة في قيام النبي صلى الله عليه وسلم: يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، إنما قصدت أنه كان يفصل بين كل أربع ركعات باستراحة قصيرة أو نوم ونحو ذلك، أو استواء الأربع الأولى في طول القراءة والركوع والسجود، واختلافها عن الأربع التي بعدها في ذلك، كما أن الثلاث بعدها لم تكن داخلة في هذا الوصف من الحسن والطول؛ لأن قوله الثابت:"صلا الليل مثنى مثنى" فصل في المسألة، فكان ذكر الأربع قبل الظهر مثلها في الفصل، والله أعلم.

وأما حديث أبي أيوب في الأربع قبل الظهر:

والذي رواه عبيدة بن معتب الضبي، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن القرثع، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: أدمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعَ ركعاتٍ عند زوال الشمس، قال: فقلت: يا رسول الله! ما هذه الركعات التى أراك قد أدمنتها؟ قال: "إن أبوابَ السماء تُفتحُ عند زوال الشمس، فلا تُرتَج حتى يُصلّى الظهر، فأحب أن يصعد لي فيها خير"، قال: قلت: يا رسول الله تقرأ فيهن كلهن؟ قال: قال: "نعم" قال: قلت: ففيها سلام فاصل؟ قال: "لا".

وفي رواية: قال: قلت: هل بينهن تسليم فاصل؟ قال: "لا؛ إلا التشهد".

فهو حديث منكر بهذه الزيادة في آخره؛ فإن جملة نفي الفصل بين الأربع بالتسليم: زيادة منكرة، لا تثبت من حديث أبي أيوب، ولا من حديث عبد الله بن السائب، راجع تخريج الحديث مفصلًا برقم (1270)، والله أعلم.

ص: 445

* قال مالك في صلاة الليل والنهار: "النافلة مثنى مثنى"[المدونة (1/ 99)].

وذكر مالك في موطئه (1/ 176/ 313) بلاغًا عن ابن عمر، أنه كان يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، يسلم من كل ركعتين، وقال مالك:"وهو الأمر عندنا".

• وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (316): "سألت أبي عن صلاة النهار مثنى مثنى، أو أربع ركعات؟ قال: الذي أختاره: مثنى مثنى، وإن صلى أربعًا فلا بأس.

قلت: يسلم في آخرهن؟ قال: لا يسلم إلا في آخرهن".

ثم قال (317): "سألت أبي عن صلاة النوافل بالليل والنهار؟ فقال: ركعتين ركعتين".

وقال أيضًا (343): "سمعت أبي سئل عن صلاة الليل والنهار؟ فقال: مثنى مثنى، وإن صلى أربعًا لم أعبه، كان ابن عمر لا يرى بأسًا أن يصلي أربعًا".

وقال أيضًا (437) لما سأله عن التنفل بعد الجمعة: "وكذلك صلاة النهار كلها مثنى مثنى".

وقال أبو داود في مسائله لأحمد (496 و 497): "قلت لأحمد: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى؟ قال: كذا أختار، قلت: أسلم في كل ركعتين؟ قال: نعم.

سمعته مرة أخرى، يقول: أما صلاة الليل فمثنى مثنى، ليس فيه اختلاف، وأما صلاة النهار، فإن شئتَ أربعًا، وإن شئتَ ركعتين، قال: ويعجبني مثنى مثنى بالليل والنهار".

وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله (433): "سئل أحمد عن التطوع، فقال: ركعتان، واحتج بأحاديث، قال: حديث ابن عمر رضي الله عنهما في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم: ركعتان بعد الظهر ركعتان، وحديث العيدين: ركعتان، والاستسقاء: ركعتان، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس"، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته صلى ركعتين.

قال الإمام أحمد: كل هذا يقوي الصلاة ركعتين.

قال إسحاق بن منصور: أنبا النضر بن شميل، قال: أنبأ الأشعث، عن الحسن رحمه الله تعالى؛ أنه قال: صلاة النهار ركعتان ركعتان".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 244): "قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل - يسأل عن صلاة الليل والنهار في النافلة؟ فقال: أما الذي أختار فمثنى مثنى، وإن صلى أربعًا فلا بأس، وأرجو أن لا يضيَّق عليه، فذكر له حديث يعلى بن عطاء عن علي الأزدي، فقال: لو كان ذلك الحديث يثبت! ومع هذا حديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين في تطوعه بالنهار، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، والفجر، والأضحى، وإذا دخل المسجد صلى ركعتين، فهذا أحبُّ إليَّ، وإن صلى أربعًا فقد روي عن ابن عمر أنه كان يصلي أربعًا بالنهار".

[وانظر أيضًا: مسائل صالح (1398)، مسائل الكوسج (352 و 353 و 405 و 520)، التمهيد (4/ 171)، [وكلامه في مسائل ابن هانئ (525) مضطرب].

ص: 446

وانظر أيضًا في حكاية قول أحمد والشافعي: جامع الترمذي (424 و 429).

• واحتج البخاري في باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى من كتاب التهجد:

بحديث جابر بن عبد الله في الاستخارة، وموضع الشاهد منه:"فليركع ركعتين من غير الفريضة"[البخاري (1162 و 6382 و 7390)].

ثم احتج بحديث أبي قتادة مرفوعًا: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين"[البخاري (444 و 1163)، مسلم (714)، [تقدم برقم (467 و 468)].

ثم بحديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أن جدته مُلَيكة، دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعَتْه،

فذكر الحديث، وفيه: فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف [البخاري (380 و 860 و 1164)، مسلم (658)، [تقدم برقم (612)].

ثم بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء [البخاري (1165)، مسلم (723)][تقدم تخريج حديث ابن عمر بطرقه تحت الحديث رقم (1128)، والحديث رقم (1132)].

ثم بحديث عمرو بن دينار، قال: سمعت جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله وهو يخطب: "إذا جاء أحدُكم والإمامُ يخطب، فليصلِّ ركعتين"[البخاري (1166)، مسلم (875)، [تقدم برقم (1115)].

ثم بحديث مجاهد عن ابن عمر في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في جوف الكعبة، والشاهد منه: ثم خرج فصلى ركعتين في وجه الكعبة [البخاري (1167)، مسلم (1329)].

ثم علق حديث أبي هريرة: أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى [البخاري (1178 و 1981)، مسلم (721)].

ثم علق حديث عتبان: غدا عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بعد ما امتدَّ النهار، وصففنا وراءه فركع ركعتين [البخاري (424) وأطرافه. مسلم (33/ 263 - 265 - كتاب المساجد)][سبق تخريجه تحت الحديث رقم (553)].

وأراد البخاري بهذا الجمع: أن المعهود منه صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا في أوقات النهار والليل التنفل بركعتين ركعتين، والله أعلم.

قال ابن حجر في الفتح (3/ 49): "ومراد المصنف بهذه الأحاديث الرد على من زعم أن التطوع في النهار يكون أربعًا موصولة".

• وتوسع ابن خزيمة في صحيحه (2/ 215) في ذكر الأدلة على صلاة الركعتين في النهار، فذكر منها جملة وافرة، وإن كان في بعضها ضعف، فذكر منها أيضًا: حديث كعب بن مالك في صلاة الركعتين عند القدوم من السفر نهارًا [تقدم ذكره تحت الحديث رقم (1292)]، وحديث جابر [تقدم ذكره تحت الحديث رقم (1292)]، وحديث عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على إثر كل صلاة مكتوبة ركعتين؛

ص: 447

إلا الفجر والعصر [وهو حديث جيد، تقدم برقم (1275)]، وحديث سعد بن أبي وقاص؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية، حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين، وصلينا معه [أخرجه مسلم (2890)، وتقدم ذكره تحت الحديث رقم (1292)]، وحديث أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "يصبح على كل سلامى من أحدِكم صدقةٌ،

، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" [أخرجه مسلم (720)، وتقدم برقم (1286)].

ثم قال ابن خزيمة: "ففي كل هذه الأخبار كلها دلالة على أن التطوع بالنهار مثنى مثنى؛ لا أربعًا كما زعم من لم يتدبر هذه الأخبار، ولم يطلبها، فيسمعها ممن يفهمها، فأما خبر عائشة الذي ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل الظهر أربعًا، فليس في الخبر أنه صلاهن بتسليمة واحدة"، ثم أطال في بيان ذلك، وكان مما قال:"ولم نسمع خبرًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثابتًا من جهة النقل أنه صلى بالنهار أربعًا بتسليمة واحدة صلاة تطوع، فإن خُيِّل إلى بعض من لم ينعم الروية أن خبر عبد الله بن شقيق عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل الظهر أربعًا بتسليمة واحدة، إذ ذكرت أربعًا في الخبر، قيل له: فقد روى سعيد المقبري عن أبي سلمة عن عائشة في ذكرها صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، فقالت: كان يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فهذه اللفظة في صلاة الليل كاللفظة التي ذكرها عبد الله بن شقيق عنها في الأربع قبل الظهر، أفيجوز أن يتأول متأول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الأربعات بالليل، كل أربع ركعات منها بتسليمة واحدة، وهم لا يخالفونا أن صلاة الليل مثنى مثنى خلا الوتر، فمعنى خبر أبي سلمة عن عائشة عندهم كخبر عبد الله بن شقيق عنها عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الأربع بتسليمتين لا بتسليمة واحدة".

• وقال ابن المنذر في الأوسط (5/ 235)(5/ 238 - 240 - ط. الفلاح): "ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة الليل مثنى مثنى"،

، وبهذا قال كثير من أهل العلم.

واختلفوا في صلاة النهار: فقالت طائفة: صلاة الليل وصلاة النهار مثنى مثنى، روي هذا القول عن الحسن، وسعيد بن جبير، وقال حماد في صلاة النهار: مثنى مثنى، وممن قال إن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى: مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل.

واحتج أحمد بأحاديث، منها: حديث ابن عمر في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الظهر، وركعتان وركعتان، وحديث العيد: ركعتان، والاستسقاء ركعتان، "وإذا دخل أحدع المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس"، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته صلى ركعتين، وذكر أحمد حديث ابن عمر الذي يرويه يعلى بن عطاء، قيل له: أو ليس قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل الظهر أربعًا؟ قال: قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ثماني ركعات، فتراه لم يسلم فيها؟.

وفيه قول ثان: وهو أن صلاة الليل مثنى مثنى وبالنهار أربعًا، ثابت عن ابن عمر أنه كان يفعل ذلك.

وقال الأوزاعي: صلاة الليل مثنى مثنى، وصلاة النهار إن شاء أربعًا قبل أن يسلم"،

ص: 448