الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم ساق قول الكوفيين وإسحاق، ثم ختم بحثه بقوله:"صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، لحديث ابن عمر، وبحجج قد ذكرتها في غير هذا الموضع".
وانظر أيضًا: ما قاله ابن عبد البر في التمهيد (13/ 243) في حكاية مذاهب العلماء.
وابن قدامة في المغني (1/ 433)، وغيرها كثير، والله أعلم.
***
303 - باب صلاة التسبيح
1297 -
. . . موسى بن عبد العزيز: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب:"يا عباس! يا عماه! ألا أعطيك؟ ألا أمنحُك؟ ألا أَحْبُوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال؟ إذا أنت فعلت ذلك غَفَر الله لك ذنبك أوَّلَه وآخرَه، قديمَه وحديثَه، خطأَه وعمدَه، صغيرَه وكبيرَه، سرَّه وعلانيتَه، عشرَ خصال: أن تصليَ أربعَ ركعاتٍ، تقرأ في كل ركعة فاتحةَ الكتاب وسورةً، فإذا فرغتَ من القراءة في أولِ ركعةٍ وأنتَ قائمٌ، قلتَ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمسَ عشرةَ مرةً، ثم تركع، فتقولها وأنتَ راكعٌ عشرًا، ثم ترفع رأسك من الركوع، فتقولها عشرًا، ثم تهوي ساجدًا، فتقولها وأنتَ ساجدٌ عشرًا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرًا، ثم تسجد فتقولها عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرًا، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، إن استطعت أن تصلِّيَها في كل يومٍ مرةً فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي كل شهرٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي كل سنةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي عمرك مرةً".
* حديث منكر
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (230) بأوله فقط دون صفة صلاة التسبيح.
وابن ماجه (1387)، وابن خزيمة (2/ 223/ 1216)، والحاكم (1/ 318 و 319)(2/ 97/ 1207 - ط. الميمان) و (2/ 98/ 1208 - ط. الميمان)، والضياء في المختارة (11/ 326 - 328/ 330 - 332)، والحسن بن علي المعمري في كتاب اليوم والليلة (5/ 163 - نتائج الأفكار)، والطبراني في الكبير (11/ 194/ 11622)، والدارقطني في صلاة التسبيح (40 - الترجيح)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (105)، وأبو طاهر المخلص في سبعة مجالس من أماليه (30)(3124 - المخلصيات)، والخليلي في الإرشاد (1/ 325 - 326)، والبيهقي في السنن (3/ 51)، وفي الدعوات (444)، والخطيب في صلاة التسبيح (8)، وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 466/ 1031)، وابن ناصر الدين في الترجيح لحديث صلاة
التسبيح (39)، وابن حجر في أمالي الأذكار (34)، وفي نتائج الأفكار (5/ 163)، [التحفة (4/ 555/ 6038)، الإتحاف (7/ 484/ 8281)، المسند المصنف (11/ 600/ 5616)].
رواه عن موسى بن عبد العزيز أبي شعيب القنباري، وقد حدث به بعَدَن: عبد الرحمن بن بشر بن الحكم بن حبيب العبدي النيسابوري، وأبوه بشر بن الحكم، وإسحاق بن أبي إسرائيل [وهم ثقات].
قال ابن خزيمة: "إن صح الخبر؛ فإن في القلب من هذا الإسناد شيئًا"، ثم أعله برواية إبراهيم بن الحكم المرسلة.
وقال ابن حجر في التلخيص (2/ 842 - ط. أضواء السلف): "والحق أن طرقه كلها ضعيفة، وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن، إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات، وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقًا صالحًا، فلا يحتمل منه هذا التفرد، وقد ضعفها ابن تيمية والمزي، وتوقف الذهبي، حكاه ابن عبد الهادي عنهم في أحكامه".
وقال في تخريج الأذكار: "هذا حديث حسن"، وكلامه الأول أقعد.
وأما المنقول عن مسلم وأبي داود في ذلك فإنه لا يدل على صحته عندهما:
قال أبو حامد بن الشرقي: "كتب مسلم بن الحجاج معنا هذا الحديث عن عبد الرحمن بن بشر - يعني: حديث صلاة التسبيح من رواية عكرمة عن ابن عباس -، فسمعت مسلمًا يقول: لا نرى [وفي رواية: لا يروى] في هذا الحديث إسنادًا أحسن من هذا"[الإرشاد (1/ 327)، سنن البيهقي (3/ 52)، الترجيح (41)، أمالي الأذكار (79)].
وقال ابن شاهين: "سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: سمعت أبي يقول: أصح حديث في صلاة التسبيح حديث ابن عباس هذا"[الترجيح (41)، نتائج الأفكار (5/ 165)، اللآلئ المصنوعة (2/ 35)].
قال النووي في الأذكار (308): "ولا يلزم من هذه العبارة أن يكون حديث صلاة التسبيح صحيحًا، فإنهم يقولون: هذا أصح ما جاء في الباب، وإن كان ضعيفًا، ومرادهم أرجحه وأقله ضعفًا"[راجع ما كتبته في بيان معنى مثل هذه العبارة في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (1/ 103/ 55) عند حديث التسمية على الوضوء].
قلت: الحكم بن أبان فيه لين، وقد تفرد عن عكرمة بأحاديث لم يتابع عليها، وهذا منها، وقد وثقه أحمد وابن معين والنسائي والعجلي وابن حبان، وقال:"ربما أخطأ"، وقال أبو زرعة:"صالح"، ونقل ابن خلفون توثيقه عن ابن نمير وابن المديني وأحمد، وقال البزار:"ليس به بأس"، وقال الحاكم:"صدوق"، وأثنى عليه آخرون، وقرنه ابن المبارك باثنين من الضعفاء، وقال:"ارم بهؤلاء"، وتكلم فيه آخرون مثل: ابن خزيمة، والعقيلي، وابن عدي، والخليلي، واعتذر له ابن حبان بأن المناكير التي وقعت في رواياته إنما هي من جهة من روى عنه من الضعفاء [العلل ومعرفة الرجال (3/ 3916/10)، الجرح
والتعديل (3/ 113)، ثقات العجلي (282)، ضعفاء العقيلي (1/ 255)، ثقات ابن حبان (6/ 186)، تاريخ أسماء الثقات (215)، كشف الأستار (2640 و 3456)، المستدرك (2/ 204)، الإرشاد (1/ 325)، الميزان (1/ 569)، التهذيب (1/ 461)].
وقد لمزه الخليلي بتفرده بهذا الحديث عن عكرمة، فقال:"وقد تفرد الحكم بن أبان العدني عن عكرمة بأحاديث، ويسند عنه ما يقفه غيره، وهو صالح ليس بمتروك، منها: حديث التسبيح"[الإرشاد (1/ 325)].
والحكم بن أبان العدني قد روى عنه جماعة من الثقات من أهل بلده ومن الغرباء، منهم حفاظ زمانهم، وأئمة بلدانهم، وقد تفرد عنه بهذا الحديث دونهم:
موسى بن عبد العزيز العدني القِنباري: قال ابن معين: "ما أرى به بأسًا"، وقال مرة:"ثقة"، وقال النسائي:"ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ"، وقال ابن المديني:"ضعيف"، وفي رواية محمد بن أحمد البراء عن علي بن المديني:"منكر الحديث"، وضعَّفه، وقال ابن حجر في الإتحاف (7/ 486/ 8281) بعد حديث صلاة التسبيح:"ذكره ابن المديني في العلل، فقال: هو حديث منكر، وقال: رأيته في أصل كتاب إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه موقوفًا على عكرمة، وموسى بن عبد العزيز راويه: منكر الحديث، وضعَّفه"، وقال في نتائج الأفكار (5/ 165):"اختلفوا فيه، فقال ابن معين والنسائي: لا بأس به، وقال علي بن المديني: ضعيف منكر الحديث، وقال العقيلي: مجهول"، وقال السليماني:"منكر الحديث"، وقال البيهقي وابن الجوزي:"مجهول"، قلت: لعل من جهله نظر إلى قلة مروياته، وقلة تلاميذه، فقد قيل بأنه روى عنه خمسة أو أقل، وأكثر مروياته من طريق عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، وقال الذهبي:"ولم يذكره أحد في كتب الضعفاء أبدًا، ولكن ما هو بالحجة"، ثم قال:"حديثه من المنكرات، لاسيما والحكم بن أبان ليس أيضًا بالثبت"، قلت: فهو ينفرد عن الحكم بن أبان بما لا يتابع عليه، ويروي عنه مناكير، وهذا منها [العلل ومعرفة الرجال (3/ 10/ 3919)، الجرح والتعديل (8/ 151)، ضعفاء العقيلي (1/ 124)، الثقات (9/ 159)، ثقات ابن شاهين (1356)، الإرشاد (1/ 325)، الأنساب (4/ 449)، الميزان (4/ 212)، إكمال مغلطاي (12/ 26)، التكميل في الجرح والتعديل (1/ 257)، التهذيب (4/ 181)].
ومن مناكيره أيضًا، قال: ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: صليت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس، فلم أسمع له قراءة. وهو حديث منكر، تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (1184).
إذا تبين لك ذلك؛ فاعلم أنه قد صحح هذا الخبر أو جود إسناده:
الحاكم، وعزاه لابن خزيمة وأبي داود والنسائي في صحيحه، ولم يوافقه على عزوه للنسائي أحد، قال ابن حجر في نتائج الأفكار (5/ 164):"ولم نر ذلك في نسخ [وفي الأمالي: في شيء من كتابه] السنن لا الصغرى ولا الكبرى".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (236/ 4): "هذا الإسناد جيد".
وقال ابن ناصر الدين في الترجيح (66): "وأمثل طرق هذا الحديث إسنادًا، وأجودها في صفة صلاة التسبيح اعتمادًا: ما قدمناه أولًا من حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما".
وقال ابن حجر: "هذا حديث حسن"، وقال في الخصال المكفرة:"رجال إسناده لا بأس بهم"، ثم قال:"فهذا الإسناد من شرط الحسن، فإن له شواهد تقويه"[الفتوحات الربانية (4/ 313)].
قلت: قد نص إمام علم العلل علي بن المديني على نكارة هذا الحديث، فقال:"هو حديث منكر"، ولم يعله بمجرد مخالفة إبراهيم بن الحكم بن أبان؛ فإنه: ليس بثقة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، كان يوصل المراسيل عن أبيه [التهذيب (1/ 63)]، وهو هنا قد أوقفه على عكرمة وجعله من كلامه، ولم يوصله، ثم إن ابن المديني قد اطلع على أصل كتابه عن أبيه، وهذه من أقوى القرائن على وهم موسى بن عبد العزيز العدني في وصل هذا الحديث؛ وأنما هو مقطوع من كلام عكرمة، وأنه لم يرفعه، ولم يوصله إلى ابن عباس، والكتاب إذا كان محفوظًا عن الزيادة والنقصان فهو أثبت من الحفظ، واحتجاج ابن المديني بأصل كتاب إبراهيم عن أبيه في توهيم رواية موسى بن عبد العزيز يدل على صحة هذا الكتاب عنده، وأنه حجة بنفسه، والله أعلم.
ثم إن ابن حجر قد خالف نفسه، ونطق بما يوافق كلام كبار النقاد، فنتركه يتولى الرد على نفسه؛ إذ قال:"وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن، إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات، وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقًا صالحًا، فلا يحتمل منه هذا التفرد"، وتقدم نقل كلامه بتمامه وعزوه لمصدره.
* وقد رواه: محمد بن رافع النيسابوري [ثقة مأمون]، قال: حدثني إبراهيم بن الحكم بن أبان: حدثني أبي: حدثني عكرمة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمه العباس
…
فذكر الحديث هكذا مرسلًا.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 224/ 1216)، والحاكم (1/ 319)(2/ 98/ 1209 - ط. الميمان)، والبيهقي في السنن (3/ 52)، وفي الشعب (3/ 125/ 3080)، والخطيب في صلاة التسبيح (9)، والبغوي في شرح السنة (4/ 156/ 1018)، وابن حجر في أمالي الأذكار (39)، وفي نتائج الأفكار (5/ 165)، [الإتحاف (7/ 484/ 8281)].
قال الحاكم: "هذا الإرسالُ لا يوهنُ وصلَ الحديث، فإن الزيادة من الثقة أولى من الإرسال؛ على أن إمام عصره في الحديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قد أقام هذا الإسناد عن إبراهيم بن الحكم بن أبان، ووصله".
* فرواه أبو بكر بن قريش [محمد بن عبد الله بن قريش أبو بكر الريونجي: صدوق. تاريخ نيسابور (744)، الأنساب (3/ 128)]: أنبأ الحسن بن سفيان [ثقة حافظ]: ثنا
إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: أنبا إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل حديث موسى بن عبد العزيز عن الحكم.
أخرجه الحاكم (1/ 319)(2/ 99/ 1210 - ط. الميمان)، وعنه: البيهقي في الشعب (3/ 125/ 3081)، [الإتحاف (7/ 484/ 8281)].
قال البيهقي: "وقد رأيت حديث إسحاق بن إبراهيم في موضع آخر مرسلًا، والمرسل أصح".
قلت: الحجة في أصل كتاب إبراهيم الذي سمعه من أبيه - والذي اطلع عليه ابن المديني -، لا في رواية إبراهيم نفسه، فإنه لا يعتمد عليه، وقد سبق أن قلت بأنه ليس بثقة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، كان يوصل المراسيل عن أبيه، لكنا اعتمدنا هنا على أصل كتابه لا على روايته، وهناك قرينة أخرى تؤكد صحة كتاب إبراهيم، وأن البلاء منه لا من كتابه، فقد قال عباس بن عبد العظيم:"كانت هذه الأحاديث في كتبه مراسيل، ليس فيها ابن عباس، ولا أبو هريرة"؛ يعني: أحاديث أبيه عن عكرمة [الكامل (1/ 242)، التهذيب (1/ 63)].
وبعد هذا البيان تظهر حجة ابن المديني - لله دره من إمام - في إنكار هذا الحديث على موسى بن عبد العزيز، وأنه اعتمد في إنكاره له على ما اطلع عليه من أصل كتاب إبراهيم الذي سمعه من أبيه، لا على رواية إبراهيم نفسه، والله أعلم.
* وله طرق أخرى عن ابن عباس؛ لكنها لا تزيده إلا ضعفًا:
أ - روى إبراهيم بن نائلة: ثنا شيبان [هو: ابن فروخ، وهو: صدوق]: ثنا نافع أبو هرمز، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ساعة لم يأته فيها، فقيل: يا رسول الله! هذا عمُّك على الباب، فقال:"ائذنوا له فقد جاء لأمر"، فلما دخل عليه، قال:"فما جاء بك يا عماه هذه الساعة؟ وليست ساعتك التي كنت تجيء فيها! " قال: يا ابن أخي ذكرت الجاهلية وجهلها، فضاقت عليَّ الدنيا بما رحبت، فقلت من يفرج عني؟ فعلمت أنه لا يفرج عني أحد إلا الله ثم أنت، فقال:"الحمد لله الذي أوقع هذا في قلبك، ووددت أن أبا طالب أخذ نصيبه، ولكن الله يفعل ما يشاء"، قال:"أحبوك؟ "[كذا، وفي رواية: "ألا أجيزك؟ "]، قال: نعم، قال:"أعطيك؟ " قال: نعم، قال:"أحبوك؟ " قال: نعم، قال:"فإذا كانت ساعة يصلى فيها، ليست بعد العصر ولا بعد طلوع الشمس، فما بين ذلك فأسبغ طهورك، ثم قم إلى الله، فاقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، إن شئت جعلتها من أول المفصل، فإذا فرغت من السورة، فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، خمس عشرة مرة، فإذا ركعت فقل ذلك عشرًا، فإذا رفعت رأسك فقل ذلك عشر مرار". كذا في رواية الطبراني مختصر.
وزاد في رواية غيره:
…
إلى أن قال: "فإذا رفعت رأسك [يعني: من السجدة الثانية] وجلست، فقلها عشر مرار، فهذه خمس وسبعون، ثم قم فأركع ركعة أخرى، فاصنع فيها ما صنعت في الأولى، ثم قل قبل التشهد عشر مرار، فهذه مائة وخمسون، ثم اركع ركعتين أخريين
مثل ذلك، فهذه ثلاث مائة، فإذا فرغت، فلو كانت ذنوبك مثل عدد نجوم السماء محاها الله، وإن كانت مثل رمل عالج، وإن كانت مثل زبد البحر، فإن استطعت فافعلها كل يوم مرة، فإن لم تستطع ففي كل جمعة، فإن لم تستطع ففي كل شهر، فإن لم تستطع ففي كل سنة ما دمت حيًا"، فقال: فرج الله عنك مثلما فرجت عني يا ابن أخي، فقد سويت ظهري.
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 130/ 11365)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (1974)، وابن حجر في أمالي الأذكار في صلاة التسبيح (41 - 42)، وفي نتائج الأفكار (5/ 166).
قال ابن حجر: "هذا حديث غريب، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، عن إبراهيم بن نائلة عن شيبان، ورواته ثقات، إلا الراوي عن عطاء فإنه متروك، وقد كذبه بعضهم".
قلت: هذا حديث باطل؛ تفرد به عن عطاء بن أبي رباح: نافع بن هرمز أبو هرمز؛ وهو: متروك، ذاهب الحديث، كذبه ابن معين، ورماه ابن حبان بالوضع [الميزان (4/ 243)، اللسان (6/ 174)، المغني (2/ 451)، المجروحين (3/ 57)].
وإبراهيم بن محمد بن الحارث بن ميمون المديني النائلي، من أهل أصبهان، يعرف بابن نائلة، قال أبو الشيخ: "وكان عنده كتب النعمان عن محمد بن المغيرة، وحديث البصريين والأصبهانيين والكثير،
…
، وكتبنا عنه من الغرائب ما لم نكتب إلا عنه"، وقال السمعاني: "أحد الثقات" [طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 356)، تاريخ أصبهان (1/ 230)، الأنساب (5/ 450)، تاريخ الإسلام (22/ 100)، توضيح المشتبه (1/ 152)].
ب - وروى محرز بن عون [صدوق]، قال: نا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن محمد بن جحادة، عن أبي الجوزاء، قال: قال لي ابن عباس: يا أبا الجوزاء! ألا أخبرك، ألا أتحفك، ألا أعطيك؟ قلت: بلى، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة أم القرآن وسورة، فإذا فرغ من القراءة قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فهذه واحدة، حتى يكمل خمس عشرة، ثم ركع فيقولها عشرًا، ثم رفع فيقولها عشرًا، ثم يسجد فيقولها عشرًا، ثم يرفع فيقولها عشرًا، ثم يسجد فيقولها عشرًا، ثم يرفع رأسه فيقولها عشرًا، فهذه خمسة وسبعون في كل ركعة، حتى يفرغ من أربع ركعات" قال: "من صلاهن غفر له كل ذنب صغيره وكبيره، قديم أو حديث، كان أو هو كائن".
أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 187/ 2879)، ومن طريقه: الخطيب في صلاة التسبيح (11)، وابن حجر في أمالي الأذكار في صلاة التسبيح (44 - 45)، وفي نتائج الأفكار (5/ 168).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن محمد بن جحادة إلا يحيى بن عقبة، تفرد به محرز".
وقال ابن حجر: "كلهم ثقات؛ إلا يحيى بن عقبة؛ فإنه: متروك".
قلت: هو حديث منكر باطل؛ تفرد به عن محمد بن جحادة مرفوعًا: يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، وهو: منكر الحديث، متهم [اللسان (8/ 464)].
ج - خالفه فأوقفه: القاسم بن الحكم [العريني الهمَذاني: صدوق، في حديثه مناكير]: حدثنا أبو جناب، عن محمد بن جحادة، عن أبي الجوزاء، قال: جاورت ابن عباس اثنتي عشرة سنة، ما تركت آية من القرآن إلا سألته عنها، فقال ابن عباسٍ: ألا أحبوك؟ ألا أدلك؟ ألا أرفدك؟ ألا أعلمك ما إذا فعلته غفرت لك ذنوبك: سرها وعلانيتها، قديمها وحديثها، ما كان وما هو كائن؟ قلت: بلى! قال: فإذا قرأت السورة؛ فقل: لا إله إلا الله، والحمد لله، وسبحان الله، والله أكبر؛ خمس عشرة، ثم اركع فقلها عشرًا، ثم ارفع فقلها عشرًا، ثم اسجد فقلها عشرًا، ثم ارفع فقلها عشرًا، ثم اسجد فقلها عشرًا، ثم ارفع فقلها عشرًا، في كل ركعة خمس وسبعون، وفي كل ركعتين خمسون ومئة، وفي كل أربع ثلاث مئة، فذلك في الحساب ألف ومئتان، وفي الحسنات اثنا عشر ألفًا.
أخرجه الدارقطني في التسبيح (62 - الترجيح)، والخطيب في صلاة التسبيح (12).
قلت: هذه متابعة واهية، لا تسوي شيئًا؛ فإنه وإن خالفه فأوقفه؛ لكنه تابعه على أصله، فيبقى الحديث منكرًا باطلًا، لا يُعرف من حديث محمد بن جحادة عن أبي الجوزاء، إذ الراوي عنه هنا: يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي، وهو: ضعيف، مشهور بالتدليس، وكان يدلس عن الثقات ما سمع من الضعفاء، فكثرت المناكير في حديثه [انظر: التهذيب (4/ 350)]، وأخاف أن يكون أخذه عن بعض الضعفاء، وقد رواه أبو جناب عن أبي الجوزاء مرة أخرى مباشرة بإسقاط ابن جحادة، وبجعله من مسند عبد الله بن عمرو مرفوعًا، ويأتي ذكره في الحديث الآتي، والله أعلم.
د - وروى هشام بن إبراهيم أبو الوليد المخزومي، قال: نا موسى بن جعفر بن أبي كثير، عن عبد القدوس بن حبيب، عن مجاهد، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:"يا غلام ألا أحبوك؟ ألا أنحلك؟ ألا أعطيك؟ "، قال: قلت: بلى، بأبي وأمي أنت يا رسول الله! قال: فظننت أنه سيقطع لي قطعة من مال، فقال:"أربع ركعات تصليهن، في كل يوم، فإن لم تستطع ففي كل جمعة، فإن لم تستطع ففي كل شهر، فإن لم تستطع ففي كل سنة، فإن لم تستطع ففي دهرك مرة: تكبر، فتقرأ أم القرآن وسورة، ثم تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها عشرًا، ثم ترفع فتقولها عشرًا، ثم تسجد فتقولها عشرًا، ثم ترفع فتقولها عشرًا، ثم تسجد فتقولها عشرًا، ثم ترفع فتقولها عشرًا، ثم تفعل في صلاتك كلها مثل ذلك، فإذا فرغت قلت بعد التشهد وقبل التسليم: اللهم إني أسألك توفيقَ أهلِ الهدى، وأعمالَ أهلِ اليقين، ومناصحةَ أهلِ التوبة، وعزمَ أهلِ الصبر، وجِدَّ أهل الحسبة، وطلبَ أهلِ الرغبة، وتعبدَ أهلِ الورع، وعرفانَ أهلِ العلم حتى أخافك، اللهم أسَألك مخافةً تحجزني عن معاصيك، حتى أعمل بطاعتك عملًا أستحق به رضاك، وحتى أناصحكَ في التوبة خوفًا منك، وحتى أخلصَ لك النصيحة حبًا لك، وحتى أتوكلَ عليك في الأمور حسنَ ظنٍّ بك، سبحان خالق النار، فإذا فعلت ذلك يا ابن عباس غفر الله لك ذنوبك: صغيرها وكبيرها، وقديمها وحديثها، وسرها وعلانيتها، وعمدها وخطأها".
أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 14/ 2318)، وعنه: أبو نعيم في الحلية (1/ 25 - 26)، والخطيب في صلاة التسبيح (10)، وابن ناصر الدين في الترجيح (72 - 73)، وابن حجر في أمالي الأذكار (47)، وفي نتائج الأفكار (5/ 169).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن مجاهد إلا عبد القدوس، ولا عن عبد القدوس إلا موسى بن جعفر، تفرد به: أبو الوليد المخزومي".
قلت: هذا حديث موضوع؛ عبد القدوس بن حبيب الكلاعي الدمشقي: متروك، منكر الحديث، كذبه جماعة، واتهمه ابن حبان بالوضع، وذكره مسلم في مقدمة صحيحه ضمن جماعة متهمين قال فيهم:"وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار"[اللسان (5/ 233)]، والراوي عنه: موسى بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري: مجهول، لا يتابع على حديثه [اللسان (8/ 192)]، وهشام بن إبراهيم أبو الوليد المخزومي، إمام مسجد صنعاء: لم أقف له على ترجمة.
• وتأتي بقية طرق حديث ابن عباس تحت الحديث الآتي ضمن الاختلاف على عمرو بن مالك النكري، وعلى أبي الجوزاء.
***
1298 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن سفيان الأُبُلِّي: حدثنا حَبَّان بن هلال أبو حبيب: حدثنا مهدي بن ميمون: حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، قال: حدثني رجل كانت له صحبة؛ يرون أنه عبد الله بن عمرو، قال: ائتني غدًا أحبُوك، وأثيبك، وأعطيك، حتى ظننت أنه يعطيني عطيةً، قال: إذا زال النهار، فقم فصلِّ أربع ركعات، فذكر نحوه، قال: ثم ترفع رأسك يعني: من السجود الثانية، فاستوِ جالسًا، ولا تقُمْ حتى تسبح عشرًا، وتحمد عشرًا، وتكبر عشرًا، وتهلل عشرًا، ثم تصنع ذلك في الأربع ركعات، قال: فإنك لو كنتَ أعظمَ أهل الأرض ذنبًا غُفِر لك بذلك، قلتُ: فإن لم أستطع أن أصليَها تلك الساعة؟ قال: صلِّها من الليل والنهار.
قال أبو داود: حبان بن هلال خال هلال الرأي.
قال أبو داود: رواه المستمر بن الريان، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو موقوفًا، ورواه روح بن المسيب، وجعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قوله، وقال في حديث روح: فقال: حديثُ النبي صلى الله عليه وسلم.
* حديث ضعيف
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 52)، والخطيب في صلاة التسبيح (22)، [التحفة (6/ 7/ 8606)، المسند المصنف (17/ 89/ 7971)].
وفي بعض نسخ أبي داود: "حُدِّثت أن النبي صلى الله عليه وسلم، أو: حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم"، وفي التحفة (6/ 7/ 8606):"حُدِّثت عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قال المزي في التحفة (6/ 7/ 8606): "هذا الحديث في رواية ابن العبد واللؤلؤي موقوف، وفي رواية ابن داسة وابن الأعرابي وغير واحد مرفوع".
* قال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (315): "سمعت أبي يقول: لم تثبت عندي صلاة التسبيح، وقد اختلفوا في إسناده، لم يثبت عندي، وكأنه ضعَّف عمرو بن مالك النكري".
قلت: عمرو بن مالك النُّكري: قال ابن معين: "ثقة"[سؤالات ابن الجنيد (754)].
وقال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 17): "وقال لنا مسدد: عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة، ليس من القرآن آية إلا سألتهم عنها، قال محمد [يعني: البخاري نفسه]: في إسناده نظر".
قال ابن عدي في الكامل (1/ 411)(2/ 108 - ط. العلمية): "وأوس بن عبد الله أبو الجوزاء هذا يحدث عنه عمرو بن مالك النكري، يحدث عن أبي الجوزاء هذا أيضًا عن ابن عباس قدر عشرة أحاديث غير محفوظة، وأبو الجوزاء روى عن الصحابة: ابن عباس، وعائشة، وابن مسعود، وغيرهم، وأرجو أنه لا بأس به، ولا يصحَّح روايته عنهم أنه سمع منهم، وقول البخاري: في إسناده نظر؛ [يريد] أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما، لا أنه ضعيف عنده، وأحاديثه مستقيمة مستغنية عن أن أذكر منها شيئًا في هذا الموضع".
هكذا ضعَّف ابنُ عدي عمرَو بن مالك النكري، وبيَّن مراد البخاري من قوله السابق من عدم ثبوت سماع أبي الجوزاء المذكور في هذا السند، لا أنه أراد تضعيف أبي الجوزاء؛ إذ كيف يضعِّفه مع استقامة أحاديثه، وإخراج البخاري نفسه له في الصحيح.
وقول البخاري عن هذا السند بأن فيه نظرًا، هو تضعيف لهذا الخبر، لكن على من تُحمل التبعة، ومن هو الراوي الذي أراد البخاري إلصاق الوهم به في هذا الخبر؟ فليس معنا دليل ظاهر على أن البخاري أراد به توهيم النكري دون الضبعي، والله أعلم.
وقد ذكر ابنُ حبان النكريَّ في ثقاته، وقال:"يُغرِب، ويُخطئ"، زاد مغلطاي في نقله عن الثقات:"يُعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه"[الثقات (8/ 487)، إكمال مغلطاي (10/ 251)].
ووثقه الذهبي [الميزان (3/ 286)، المغني (2/ 488)،، وقال مرة: "صدوق" [تاريخ الإسلام (8/ 194)]، وقال ابن حجر في التقريب (472):"صدوق، له أوهام".
وصحح له ابن خزيمة (1696 و 1697)، وابن حبان (401 و 2962).
والأقرب أن ابن حبان إنما انتقى من حديثه ما صح عنده، وإلا فإنه لما أورد ابنه يحيى [وهو ضعيف، رماه حماد بن زيد بالكذب. التهذيب (4/ 379)]، لما أورده في المجروحين (3/ 114)، قال:"كان منكر الرواية عن أبيه، ويحتمل أن يكون السبب في ذلك منه، أو من أبيه، أو منهما معًا"، وهذا يدل على أنه لم يكن يبرئ ساحة عمرو، وأنه لم يكن عنده ثقة يعتمد عليه، لذا قال عنه في الثقات:"يُغرِب، ويُخطئ"، وقوله هذا أقرب
إلى الصواب من قوله عنه في المشاهير (1223): "وقعت المناكير في حديثه من رواية ابنه عنه، وهو في نفسه صدوق اللهجة".
وصحح له أيضًا الحاكم في المستدرك (2/ 353 و 427)[وانظر: التاريخ الكبير (6/ 371)، الجرح والتعديل (6/ 259)، الإكمال لابن ماكولا (1/ 451)، بيان الوهم (4/ 665/ 2225)، وقال: "لا تُعرف حاله". التهذيب (3/ 301)].
والحاصل: أن عمرو بن مالك النكري هو كما قال ابن حجر: "صدوق، له أوهام"، وكما قال ابن حبان:"يُغرِب، ويُخطئ"، فليس بذاك الذي يعتمد على حفظه، ويحتج به فيما يأتي به من غرائب، لذا ضعَّف أحمد حديثه، ولم يحتج به، وإن كان أحمد ممن يحتج بالضعيف الذي ضعفه محتمل، وليس منكرًا؛ مما يعني أنه أنكر عليه هذا الحديث، والله أعلم [راجع بقية الكلام في ترجمة عمرو بن مالك النكري: فضل الرحيم الودود (8/ 342/ 757)].
* فإن قيل: لم ينفرد به عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء:
قال أبو داود: "رواه المستمر بن الريان، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو موقوفًا، ورواه روح بن المسيب، وجعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قوله، وقال في حديث روح: فقال: حديثُ النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن حجر في النكت الظراف (6/ 280/ 8606): "وصله علي بن سعيد في أسئلته لأحمد بن حنبل، قال: سألته عن صلاة التسبيح؟ فقال: لا يصح فيها عندي شيء.
فقلت: حديث عبد الله بن عمرو؟ قال: يروى عن عمرو بن مالك! قلت: قد رواه المستمر بن الريان، قال: من حدثك؟ قلت: مسلم - يعني: ابن إبراهيم، فقال: المستمر: شيخ ثقة، وكأنه أعجبه".
وذكره أيضًا في أمالي الأذكار (84)، ثم قال:"فكأن أحمد لم يبلغه ذلك الحديث أولًا إلا من حديث عمرو بن مالك - وهو النكري -، فلما بلغه متابعة المستمر أعجبه، فظاهره أنه رجع عن تضعيفه".
• وقال ابن حجر في النكت الظراف (6/ 280/ 8606): "وأخرجه الدارقطني من طريق سفيان الثوري، ومن طريق محمد بن فضيل، ومن طريق إبراهيم بن طهمان؛ كلهم عن أبان، لكن في رواية محمد بن فضيل مخالفة، قال: عن ابن عمر - بضم العين -، وخالف أيضًا في بعض سياق المتن، وأبان متروك.
وأخرجه الطبراني من رواية محمد بن جحادة، عن أبي الجوزاء، فقال: عن ابن عباس.
وأخرجه البيهقي من رواية عمران بن مسلم، عن أبي الجوزاء: فقال: عن عبد الله بن عمرو".
وقال ابن حجر في النكت (4/ 367/ 5366 أ): "وصل طريق روح بن المسيب: الدارقطني في كتاب صلاة التسبيح في جمعه لطرق هذا الحديث، فأخرجه من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري: ثنا روح بن المسيب، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن
عباس، قال: أربع ركعات تصليهن من الليل أو النهار حين
…
ثم تقرأ
…
فذكره موقوفًا.
ووصله أيضًا عن أبي طالب علي بن محمد بن أحمد بن الجهم الكاتب، عن الحسن بن عرفة، عن عباد بن عباد المهلبي، عن عمرو بن مالك كذلك.
ومن طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، عن يحيى بن عمرو بن مالك، عن أبيه كذلك.
وقد وافق محمد بن جحادة عمرو بن مالك؛ فرواه عن أبي الجوزاء، فقال: عن ابن عباس".
* قلت: إليك بيان هذه الطرق والمتابعات على التفصيل:
• أولًا: رواه عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، واختلف عليه:
أ - فرواه مهدي بن ميمون [الأزدي البصري: ثقة حافظ. التهذيب (4/ 166)، علل الدارقطني (6/ 280)]: حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، قال: حدثني رجل كانت له صحبة؛ يرون أنه عبد الله بن عمرو، قال:
…
فذكره موقوفًا، واختلف في رفعه ووقفه في نسخ أبي داود، وإسناد أبي داود إلى مهدي: صحيح.
• وخالفه، فرواه عن عمرو بن مالك به، فجعله من قول ابن عباس موقوفًا عليه: عباد بن عباد المهلبي، وروح بن المسيب، ويحيى بن عمرو بن مالك النكري:
ب - رواه محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب [ثقة]: حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك، قال: سمعت أبي، يحدث عن أبي الجوزاء، قال: بعث ابن عباس إلى أبي الجوزاء، فقال: ألا أجيزك، ألا أحبوك، ألا أعلمك شيئًا لو كنت أعظم أهل الأرض ذنبًا لغفره الله لك؟ قال: أربع ركعات تصليهن قبل الظهر، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، ثم تسبح على إثرها خمس عشرة تسبيحة، وتحمد الله خمس عشرة، وتهلل خمس عشرة، وتكبر خمس عشرة، ثم تركع، فإذا ركعت سبحت عشرة، وحمدت عشرة، وهللت عشرة، وكبرت عشرة، فإذا قلت: سمع الله لمن حمده، سبحت عشرًا، وحمدت عشرًا، وهللت عشرًا، وكبرت عشرًا، فإذا خررت ساجدًا، فسبح، واحمد الله، وكبر، وهلل، ثم ارفع رأسك فافعل نحوًا مما فعلت؛ يعني: ثم اسجد فافعل نحوًا مما فعلت، قال: ثم ارفع رأسك، فافعل كما فعلت في السجود، هذه بركعة واحدة، والثلاث البواقي مثل فعل هذه.
أخرجه الدارقطني في صلاة التسبيح (61 - 62 - الترجيح)، ومن طريقه: الخطيب في صلاة التسبيح (13).
ويحيى بن عمرو بن مالك النكري البصري: ضعيف، رماه حماد بن زيد بالكذب، وروى له ابن عدي أحاديث، وقال:"كلها غير محفوظة"، وقال العقيلي:"لا يتابع على حديثه"، فلا يصلح مثله في المتابعات [التهذيب (4/ 379)].
ج - ورواه روح بن المسيب: حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، بهذا الحديث موقوفًا على ابن عباس.
أخرجه الدارقطني في صلاة التسبيح (59 - الترجيح)(5/ 168 - نتائج الأفكار)، والخطيب في صلاة التسبيح (14).
وروح بن المسيب أبو رجاء الكلبي: وثقه من لم يطلع على حاله، وثقه العجلي وغيره، وقال ابن معين:"صويلح"، وقال أبو حاتم:"هو صالح، ليس بالقوي"، وسبر مروياته ابن حبان وابن عدي فضعفاه جدًّا، قال ابن حبان:"وكان روح ممن يروي عن الثقات الموضوعات، ويقلب الأسانيد، ويرفع الموقوفات، وهو أنكر حديثًا من روح بن غطيف، لا تحل الرواية عنه، ولا كتابة حديثه إلا للاختبار"، وقال ابن عدي:"يروي عن ثابت ويزيد الرقاشي أحاديث غير محفوظة"[مسند البزار (13/ 339/ 6962)، معرفة الثقات (1/ 365)، الجرح والتعديل (3/ 496)، المجروحين (1/ 299) (1/ 370 - ط. الصميعي). الكامل (3/ 143)، تاريخ أسماء الثقات (364)، الأنساب (5/ 91)، اللسان (3/ 486)].
قلت: وهذا مثل سابقه، لا يصلح في المتابعات.
د - ورواه الدارقطني في صلاة التسبيح (60 و 61 - الترجيح)، قال: ثنا أبو طالب الكاتب علي بن محمد بن أحمد بن أبي الجهم: ثنا الحسن بن عرفة: ثنا عباد بن عباد المهلبي، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، وفى رواية: قال: قال لي ابن عباس: ألا أجيزك
…
، فذكره موقوفًا على ابن عباس.
قلت: وهذا حديث غريب جدًّا؛ عباد بن عباد المهلبي البصري: ثقة؛ إلا أن له أوهامًا، تُكُلِّم فيه بسببها [انظر: التهذيب (2/ 278)، الميزان (2/ 367)، علل ابن أبي حاتم (314)، [وانظر بعض أوهامه فيما تقدم تحت الحديث رقم (937)، والحديث رقم (1066)].
والحسن بن عرفة: صدوق، والمتفرد عنه بهذا الحديث: أبو طالب الكاتب علي بن محمد بن أحمد بن أبي الجهم: قال الخطيب: "كان ثقة، عمي في آخر عمره"، وقال الذهبي:"بغدادي، ثقة، مشهور، أضر في آخر عمره، وكان أحد العلماء، سمع: الحسن بن عرفة، ومحمد بن المثنى، وعلي بن حرب، وعنه: محمد بن المظفر، والدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، توفي في آخر السنة، وله تسعون عامًا"، يعني في سنة (326)[تاريخ بغداد (13/ 541 - ط. الغرب)، تاريخ الإسلام (24/ 195)].
والأقرب أن الدارقطني إنما سمع منه بعدما أضر؛ فإن بين وفاتيهما ما يقرب من ستين سنة، فما لحقه الدارقطني حتى كبر وأضر، فإن الدارقطني ولد سنة (306) [تاريخ بغداد (13/ 493 - ط. الغرب)،، وعليه فيكون له من العمر عند وفاة شيخه عشرون سنة، فلا يحتمل عندي التفرد بهذا الطريق من حديث عباد المهلبي عن عمرو، والله أعلم.
* والحاصل: فإن الحديث إنما هو حديث: مهدي بن ميمون، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، قال: حدثني رجل كانت له صحبة؛ يرون أنه عبد الله بن عمرو؛ موقوفًا.
وهذا الذي أنكره أحمد.
ولو فرضنا ثبوت هذه الطرق عن عمرو النكري، فما تزيد الحديث إلا وهنًا، حيث
نرجع بها على عمرو؛ ونقول: إنه قد اضطرب في إسناد هذا الحديث، ولم يضبطه، فمرة يرويه عن عبد الله بن عمرو، مع شكه فيه، ومرة يرويه عن ابن عباس، والله أعلم.
* ثانيًا: له طرق أخرى عن أبي الجوزاء، فمنها:
1 -
ما رواه أبو شيبة داود بن إبراهيم [بن رُوزْبَه] البغدادي [شيخ معروف، صدوق. سؤالات السهمي (412)، تاريخ بغداد (9/ 353 - ط. الغرب). السير (14/ 244)، تاريخ الإسلام (23/ 269)، اللسان (3/ 394)]: حدثنا محمد بن حميد الرازي: حدثنا جرير بن عبد الحميد، قال: وجدت في كتابي بخطي، عن أبي جناب الكلبي، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أحبوك، ألا أعطيك، ألا أجيزك؟ أربع ركعات من صلاهن غفر له كل ذنب: قديم أو حديث، صغير أو كبير، خطأ أو عمد، تبدأ فتكبر أول الصلاة، ثم تقول قبل القراءة خمس عشرة مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم تقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم تقولهن عشرًا، ثم تركع فتقولهن عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولهن عشرًا، ثم تسجد فتقولهن عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولهن عشرًا، ثم تسجد الثانية فتقولهن عشرًا".
فقال العباس: ومن يطيق هذا؟ قال: "ولو في سنة، ولو في شهر، ولو في جمعة، ولو أن تقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ".
أخرجه البيهقي في الشعب (1/ 428/ 611 م)، والخطيب في صلاة التسبيح (21).
وهذا إسناد واهٍ، وهو غريب جدًّا من حديث جرير؛ يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي: ضعيف، مشهور بالتدليس، وكان يدلس عن الثقات ما سمع من الضعفاء، فكثرت المناكير في حديثه [انظر: التهذيب (4/ 350)]، ومحمد بن حميد الرازي: حافظ، أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير.
قال البيهقي: "ورواه قتيبة بن سعيد، عن يحيى بن سليم، عن عمران بن مسلم، عن أبي الجوزاء، قال: نزل عليَّ عبد الله بن عمرو بن العاص، فذكر هذا الحديث، وخالفه في رفعه، فلم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر التسبيحات ابتداء القراءة، إنما ذكرها بعدها، ثم ذكرها في جلسة الاستراحة، كما ذكرها سائر الرواة، والله أعلم، وكذلك رواه عمرو بن مالك وغيره، عن أبي الجوزاء، موقوفًا".
2 -
ورواه يحيى بن عثمان، قال: حدثنا نعيم بن حماد، قال: حدثنا يحيى بن سليم، عن عمران بن مسلم، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لرجل: "ألا أحبوك؟ ألا أمنحك؟
…
" وذكر صلاة التسبيح بطوله.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 124)(1/ 168/295 - ط. التأصيل).
قال العقيلي: "وليس في صلاة التسبيح حديث يثبت".
قلت: وهذا حديث منكر؛ وعمران بن مسلم هذا يغلب على ظني أنه ليس بالمنقري القصير البصري الثقة المشهور، الذي يروي عنه جماعة من الثقات، وإنما هو المكي الذي
يروي عنه يحيى بن سليم الطائفي، وهو صاحب حديث السوق، وهو: منكر الحديث، شبه المجهول [راجع تخريج أحاديث الذكر والدعاء (2/ 689/ 318)، التاريخ الكبير (6/ 419)، علل الترمذي الكبير (674)، ضعفاء العقيلي (3/ 304)، علل ابن أبي حاتم (2038)، الجرح والتعديل (6/ 305)، الكامل (5/ 91)، علل الدارقطني (2812)، التهذيب (3/ 322)].
ويحيى بن سليم الطائفي: صدوق، سيئ الحفظ، له أحاديث غلِط فيها [انظر: التهذيب (4/ 362) وغيره]، والراوي عنه: نعيم بن حماد: ضعيف، وأحسن أحواله أن يقال فيه: صدوق، كثير الوهم والخطأ، له مناكير كثيرة تفرد بها عن الثقات المشاهير [انظر: التهذيب (4/ 234)، الميزان (4/ 267)].
والراوي عنه: يحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي مولاهم، أبو زكريا المصري، وهو: حافظ أخباري، صدوق، له ما يُنكَر، ويحدث من غير كتبه [التهذيب (4/ 377)، الميزان (4/ 396)، السير (13/ 354)، إكمال مغلطاي (12/ 347)].
3 -
وروى إسحاق بن محمد بن مروان: حدثنا أبي: حدثنا أبو عاصم عصمة بن عبد الله الأسدي: حدثنا محمد بن عبيد الله، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الجوزاء، قال: قال ابن عباس: ألا أحبوك؟ ألا أعطيك؟ ألا أخبرك بشيء إذا فعلته غفرت لك ذنوبك: ما أسررت منها وما أعلنت، وما عملت منها وما أنت عامل؟ قال: قلت: بلى! قال: تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة معها؛ وتسبح مع كل تكبيرة خمس عشرة، وتحمد خمس عشرة، وتهلل خمس عشرة، وتكبر خمس عشرة، قال: قلت: لا أقوى على هذا في كل يوم! قال: ففي كل جمعة، قلت: لا أقوى! قال: ففي كل شهر، قال: قلت: لا أقوى! قال: ففي كل سنة.
أخرجه الخطيب في صلاة التسبيح (15).
قلت: هذا حديث باطل من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري الثقة الثبت؛ تفرد به عنه: محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو: متروك، والراوي عنه: أبو عاصم عصمة بن عبد الله الأسدي؛ قال الدارقطني: "ليس بالقوي"، وقال أيضًا:"كوفي من أهل القرآن"، وقال عبد الحق في أحكامه الوسطى (3/ 271):"وعبد الله بن عصمة: ضعيف"[قلب اسمه]، وهو معروف بالرواية عن محمد بن عبيد الله العرزمي [علل الدارقطني (10/ 123/ 1910)، من تكلم فيه الدارقطني لابن زريق (281)، تخريج الأحاديث الضعاف (599)، ذيل الميزان (568)].
وإسحاق بن محمد بن مروان الكوفي القطان: قال الدارقطني: "ليس ممن يحتج بحديثه"، وقال غيره:"يتكلمون فيه"، وقد وجدته يحدث عن أبيه عن جماعة من الوضاعين والمتروكين بأحاديث موضوعة [سؤالات الحاكم (75)، تاريخ بغداد (7/ 431)، المنتظم (13/ 295)، اللسان (2/ 77)].
وأبوه محمد بن مروان القطان؛ قال الدارقطني: "شيخ من الشيعة، حاطب ليل، لا
يكاد يحدث عن ثقة، متروك" [سؤالات البرقاني (458)، اللسان (7/ 498)].
4 -
وروى إسحاق بن إبراهيم [الحافظ الثبت: ابن راهويه]: حدثنا عبيد الله بن موسى [ثقة]: حدثنا أشرس أبو سفيان، عن أبي مالك العقيلي، قال: كنت مع أبي الجوزاء - وكان إمام قومه -، فقال للمؤذن: إذا رأيتني فلا تقم الصلاة حتى أصلي، فصلاهن مرارًا وأنا معه، قبل الظهر أربع ركعات، فسألته، فقال: حدثني ابن عباس، قال: ما من رجل صلى هذه الأربع ركعات، ثم كانت له ذنوب مثل زبد البحر إلا غفرت له ذنوبه، فقلت: وما زبد البحر؟ فقال: إن هذا الخلق أحاط بهم بحر، فقلت: وما بعد البحر؟ قال: هواء، قلت: وما بعد الهواء؟ قال: بحر أحاط بهذا الهواء والبحر الداخل، إلى سبعة أبحر، والثامن هواء، قلت: وما بعد الثامن؟ قال: ثم انتهى الأمر، لو أن رجلًا صلى هذه الأربع ركعات، ثم كانت ذنوبه مثل عدد البحور السبعة وما في ذاك الهواء من: شجرة، أو ورقة، أو حصى، أو ثرى، إلا انصرف مغفورًا له!
قال ابن عباس: تقوم فتكبر، ثم تقرأ، ثم تقول بعد القراءة خمس عشرة مرة: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فهذه واحدة، ثم تركع فتقولها عشر مرات، وحين ترفع عشر مرات، وحين تسجد عشر مرات، وحين ترفع عشر مرات، ثم تقوم فتقولها خمس عشرة مرة.
أخرجه أبو الشيخ في العظمة (4/ 1410 - 1411)، والخطيب في صلاة التسبيح (16).
قلت: أشرس أبو سفيان؛ هو: أشرس بن ربيعة، أو: ابن الربيع، أبو شيبان: ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جماعة من الثقات [التاريخ الكبير (2/ 42)، كنى مسلم (1621)، الجرح والتعديل (2/ 322)، الثقات (6/ 81)، فتح الباب (3838)، تاريخ الإسلام (4/ 310 - ط. الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 430)].
وشيخه: أبو مالك العقيلي: لم أقف له على ترجمة، فإما أن يكون مجهولًا، وحديثه هذا منكر، وإما أن يكون هو عمرو بن مالك النكري، فإنه يكنى بأبي مالك، لكنه لا ينسب عقيليًا، وعندئذ فحديثه أيضًا منكر بهذا السياق؛ إذ تفرد به دون من رواه عن عمرو: أشرس أبو شيبان، وليس بالذي تحتمل منه هذه الزيادة التي في أوله في البحور السبعة، والله أعلم.
5 -
وروى يحيى بن السكن: حدثنا المستمر بن الريان [ثقة، من السادسة]: حدثنا أبو الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو؛ أنه أوصى بأربع ركعات ورغب فيهن، قال: لتكبر، ثم لتقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن، وتقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ خمس عشرة مرة من قبل أن تركع، وعشرًا إذا ركعت، وعشرًا إذا رفعت رأسك، وعشرًا إذا سجدت، وعشرًا إذا رفعت رأسك.
ثم رواه يحيى بن السكن، فقال: وحدثنا غياث بن المسيب الراسبي [مجهول. اللسان (6/ 313)]، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله، وزاد فيه:"يغفر له ما قدم وما أخر، وما أسر وما أعلن".
أخرجه الخطيب في صلاة التسبيح (18 و 19).
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به: يحيى بن السكن البصري، وهو: ضعيف، يتفرد عن كبار الثقات بما لا يتابع عليه [راجع ترجمته تحت الحديث رقم (782)، الطريق رقم (13)].
وأما متابعة مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، التي ذكرت في كلام ابن حجر، حيث قال في النكت الظراف (6/ 280/ 8606): "وصله علي بن سعيد في أسئلته لأحمد بن حنبل، قال: سألته عن صلاة التسبيح؟ فقال: لا يصح فيها عندي شيء.
فقلت: حديث عبد الله بن عمرو؟ قال: يروى عن عمرو بن مالك! قلت: قد رواه المستمر بن الريان، قال: من حدثك؟ قلت: مسلم - يعني: ابن إبراهيم -، فقال: المستمر: شيخ ثقة، وكأنه أعجبه" [وتقدم نقله].
قلت: علي بن سعيد بن جرير النسائي: صدوق، مكثر مشهور، له رحلة، من جلساء أحمد، قال أبو بكر الخلال:"كبير القدر، صاحب حديث، كان يناظر أبا عبد الله مناظرة شافية، روى عن أبي عبد الله جزأين مسائل، وقد كنت تعبت فيها سمعت بعضها بنزول"[طبقات الحنابلة (2/ 126/ 312)، تاريخ دمشق (41/ 512)، التهذيب (3/ 164)].
قلت: لو كان هذا الحديث محفوظًا عن مسلم بن إبراهيم، عن المستمر بن الريان، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو؛ لكان أقوى إسنادًا، وأشهر رجالًا؛ من إسناد موسى بن عبد العزيز، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس [وذلك خلافًا لما ذهب إليه مسلم وأبو داود]، ومن ثم لاشتهر مثل اشتهاره، أو أكثر، ولدونته صحف المحدثين وكتب المصنفين، ولأخرجوه في مصنفاتهم وسننهم وصحاحهم وجوامعهم ومسانيدهم ومعاجمهم وأجزائهم.
ولو كان ثابتًا عند أبي داود لوصله في سننه لنظافة إسناده، وثقة رجاله وشهرتهم، فهو أقوى إسنادًا من إسناد عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء.
ثم كيف يتفرد به علي بن سعيد النسائي عن مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم، ومسلم الفراهيدي أكبر شيخ لأبي داود، وقد أكثر عنه في سننه، فكيف فاته حديثه هذا، وهو فائدة، ولو فاته بعلو لأدركه بنزول، ثم لا يجد الخطيب البغدادي أن يسنده إلى المستمر عن أبي الجوزاء؛ إلا من طريق يحيى بن السكن، ولا يخفى عليه أمر ابن السكن؛ فلو وجده موصولًا من طريق مسلم بن إبراهيم لما عدل عنه، فدل ذلك على الغرابة الشديدة لحديث مسلم هذا، لعدم اشتهاره بين أصحابه، وعدم تناقله بين أهل الأمصار، وإعراض المصنفين عن إخراجه في مصنفاتهم، والله أعلم.
ثم إن هذه الرواية التي اعتمد عليها ابن حجر لكي يقرر بها رجوع أحمد عن تضعيف حديث التسبيح معارضة برواية جماعة من أصحاب أحمد ممن هم أشهر من علي بن سعيد وأكثر منه ملازمة لأحمد، مثل: ابنه عبد الله، وابن هانئ، والكوسج، ومهنا الشامي، وأبي الحارث، حيث نقلوا عن أحمد قوله بأن صلاة التسبيح لم يثبت عنده فيها حديث [وسيأتي نقل الروايات عن أحمد في آخر الباب]، فانتقض الاحتجاج بهذه الرواية على ثبوت الحديث، والله أعلم.
6 -
ورواه عبد العزيز بن أبان: حدثنا سفيان الثوري، عن أبان بن أبي عياش، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي: ألا أفيدك، ألا أعطيك، ألا أعلمك؟ قلت: بلى! فعلمني، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى أربع ركعات بليل أو نهار، يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب وسورة،
…
" فذكر حديث صلاة التسبيح، وقال في آخره: "هذه ألف ومئتان، إلا غفر الله له كل ذنب: قديم أو حديث، صغير أو كبير".
أخرجه الدارقطني في صلاة التسبيح (64 - الترجيح)، والخطيب في صلاة التسبيح (20).
قلت: أبان بن أبي عياش: متروك، لكن الشأن فيمن تفرد به عن الثوري؛ فإن عبد العزيز بن أبان الأموي السعيدي: متروك، كذبه ابن نمير وابن معين، وقال:"كذاب خبيث، يضع الحديث"، وقال أيضًا:"كذاب يدعي ما لم يسمع"، وسأله الدارمي قال:"من أين جاء ضعفه؟ فقال: كان يأخذ أحاديث الناس فيرويها"، وعبد العزيز بن أبان هذا يروي عن الثوري أحاديث بواطيل ليس لها أصل، كما قال ابن عدي وغيره [انظر: تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي (569)، الضعفاء الكبير (3/ 17)، الكامل (5/ 288)، التهذيب (2/ 581)، الميزان (2/ 622)، وغيرها].
وعلى هذا: فهو حديث باطل من حديث الثوري، ليس له أصل من حديثه.
وروي من وجوه أخر عن أبان بن أبي عياش، ولم أر من وصلها، علقها المزي في التحفة (6/ 7/ 8606)، وابن ناصر الدين في الترجيح (64 و 65).
• قال ابن حجر في أمالي الأذكار (53)، وفي نتائج الأفكار (5/ 171):"اختلف فيه على أبي الجوزاء، فقيل: عنه عن عبد الله بن عباس، وقيل: عنه عن عبد الله بن عمرو، وقيل: عنه عن عبد الله بن عمر، مع الاختلاف عليه في رفعه ووقفه، وفي المقول له في المرفوع، قيل: هو العباس، أو جعفر، أو عبد الله بن عمرو، أو عبد الله بن عباس، وهذا اضطراب شديد".
قلت: فلا يثبت هذا الحديث عن أبي الجوزاء من وجه صالح للاعتبار؛ فما هي إلا أباطيل ومناكير وواهيات، وأقوى طرقه طريق مهدي بن ميمون.
* وقد روي من حديث عبد الله بن عمرو من وجه آخر:
• رواه أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث [ثقة حافظ]: حدثنا محمود بن خالد: حدثنا عمر بن عبد الواحد، عن ابن ثوبان: حدثني الثقة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال لجعفر:"ألا أهب لك؟ ألا أمنحك؟ ألا أفيدك؟ ألا أعطيك؟ "
…
فذكر الحديث بطوله.
كذا في رواية الخطيب، وفي رواية الدارقطني ومن طريقه ابن حجر: حدثنا محمود بن خالد: حدثنا الثقة، عن عمر بن عبد الواحد، عن ابن ثوبان، قال: حدثني عمرو بن شعيب به.
أخرجه الدارقطني في صلاة التسبيح (65 - الترجيح)، والخطيب في صلاة التسبيح (23)، وابن حجر في أمالي الأذكار (50)، وفي نتائج الأفكار (5/ 170).
قال ابن حجر: "هذا حديث غريب من هذا الوجه".
قلت: الإسناد الأول هو الصحيح، والثاني خطأ، فإن محمود بن خالد مشهور
بالرواية عن شيخه عمر بن عبد الواحد، مكثر عنه، ولا يدخل بينهما واسطة.
وابن ثوبان هو: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان: صدوق يخطئ، وتغير بأخرة، وأنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه عن مكحول [انظر: التهذيب (2/ 494)، الميزان (2/ 551)].
وقد يكون هذا الثقة الذي جعله بينه وبين عمرو بن شعيب هو أحد الضعفاء، وإلا لصاح باسمه، مثل أن يكون: أبان بن أبي عياش، أو إسحاق بن أبي فروة، أو محمد بن عبيد الله العرزمي، أو غيرهم من الضعفاء، فلا يثبت هذا عندي من حديث عمرو بن شعيب، بل إن ابن حجر نفسه قد ضعفه بقوله:"هذا حديث غريب من هذا الوجه"، والله أعلم.
* والحاصل: فإن أصلح طرق هذا الحديث من طريق أبي الجوزاء:
هو ما رواه مهدي بن ميمون: حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، قال: حدثني رجل كانت له صحبة؛ يرون أنه عبد الله بن عمرو، موقوفًا.
فهو حديث ضعيف، والحجة فيه بيننا وبين الله تعالى: قول أحمد: "لم تثبت عندي صلاة التسبيح، وقد اختلفوا في إسناده، لم يثبت عندي"، قال ابنه عبد الله:"وكأنه ضعَّف عمرو بن مالك النكري"[مسائل عبد الله بن أحمد (315)].
***
1299 -
قال أبو داود: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: حدثنا محمد بن مهاجر، عن عروة بن رويم: حدثني الأنصاري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بهذا الحديث، فذكر نحوهم، قال: في السجدة الثانية من الركعة الأولى، كما قال في حديث مهدي بن ميمون.
* حديث ضعيف
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 52)، والخطيب في صلاة التسبيح (24)، وابن حجر في أمالي الأذكار (73)، وفي نتائج الأفكار (5/ 178)، [التحفة (2/ 276/ 2394) و (10/ 586/ 15636 أ)، المسند المصنف (35/ 231/ 16927)].
قال المزي في التحفة (2/ 276/ 2394): "قيل: إنه جابر"، وجعله في مسنده، ثم أعاده في مسند من لم يسم من الصحابة.
قال ابن حجر في النكت الظراف (11/ 186/ 15636 أ): "كذا قال، وخالفه أبو رجاء فقال: عن صدقة الدمشقي، عن عروة بن رويم، عن ابن الديلمي، عن العباس بن عبد المطلب
…
فذكره بطوله، أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في كتاب قربان المتقين، من طريق سليمان بن عمر بن خالد، عن أبيه، عن موسى بن أعين، عن أبي رجاء به، والسند الأول أقوى رجالًا.
والأنصاري المذكور قد ذكره المزي في التهذيب، وقال: يقال: إنه جابر بن عبد الله، وأغفل ذكر هذه الطريق في الأطراف.
وقد وجدت في مسند الشاميين للطبراني من طريق أبي توبة، عن محمد بن مهاجر حديثًا غير هذا، لكن قال فيه: عن محمد بن مهاجر، عن أبي كبشة الأنماري، قال: خرجنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة من مغازيه
…
فذكر قصة، وفيها "الإيمان ههن إلى لَخم وجُذَام"، فليستظهر بنسخ من سنن أبي داود لاحتمال أن يكون الأنصاري محرَّف من الأنماري".
وقال أيضًا في أمالي الأذكار (74)، وفي نتائج الأفكار (5/ 179): "مستنده أن ابن عساكر أخرج في ترجمة عروة بن رويم أحاديث عن جابر، وهو أنصاري، فجوز أن يكون هو الذي ذكر هنا، ولكن تلك الأحاديث من رواية غير محمد بن مهاجر عن عروة، وقد وجدت في ترجمة عروة هذا من مسند الشاميين للطبراني حديثين أخرجهما من طريق أبي توبة وهو الربيع بن نافع شيخ أبي داود فيه بهذا السند بعينه، فقال فيهما: حدثني أبو كبشة الأنماري، فلعل الميم كبرت قليلًا فأشبهت الصاد، فإن يكن كذلك فصحابي هذا الحديث أبو كبشة.
وعلى التقديرين فسند هذا الحديث لا ينحط عن درجة الحسن، فكيف إذا ضم إلى رواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، التي أخرجها أبو داود، وقد حسنها المنذري، وقد تقدم ذكر من صحح هذا الحديث من طريق عكرمة عن ابن عباس.
ويرد مجموع ذلك على كلام القاضي أبي بكر بن العربي، الذي نقله عنه الشيخ وأقره، ويبطل دعوى ابن الجوزي أن الحديث موضوع" [الفتوحات الربانية (4/ 314)].
قلت: حديث أبي كبشة بالإسناد المذكور: أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 342/ 857)، وفي الأوسط (400)، وفي مسند الشاميين (1/ 299/ 522) و (2/ 318/ 1415).
ولم يذكر فيه سماعًا من أبي كبشة، وهو حديث مختلف فيه، فمرة يرويه عروة عن أبي كبشة، ومرة عن أنس، ومرة عن أبي خالد الحرسي عن أنس، ويأتي التنبيه عليه قريبًا.
* قلت: اختلف فيه على عروة بن رويم:
أ - فرواه محمد بن مهاجر، عن عروة بن رويم: حدثني الأنصاري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجعفر
…
بهذا الحديث. وتقدم.
ب - ورواه أحمد بن أبي شعيب الحراني، وعمر بن خالد الرقي [وعنه: ابنه سليمان]: عن موسى بن أعين [جزري، ثقة]، عن أبي رجاء الخراساني [كذا نسبه في رواية ابن أبي شعيب خراسانيًا]، عن صدقة [قال في رواية عمر بن خالد: الدمشقي]، عن عروة بن رويم، عن ابن الديلمي، عن العباس بن عبد المطلب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أهب لك، ألا أعطيك، ألا أمنحك؟ " قال: فظننته أنه يعطيني من الدنيا شيئًا لم يعطه أحدًا قبلي، قال: "أربع ركعات إذا قلت فيهن ما أعلمك غفر الله لك، تبدأ فتكبر، ثم تقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم تقول:
…
" فذكر صلاة التسبيح.
أخرجه الدارقطني في صلاة التسبيح (47 - الترجيح)، وابن شاهين في الترغيب (60 - أمالي الأذكار)(5/ 174 - نتائج الأفكار)، وأبو نعيم الأصبهاني في كتاب قربان المتقين (11/ 186/ 15636 أ - النكت الظراف)، والخطيب في صلاة التسبيح (4)، وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 465/ 1030)، وابن حجر في أمالي الأذكار (60)، وفي نتائج الأفكار (5/ 174).
قال ابن حجر: "هذا حديث غريب".
قلت: هو حديث منكر؛ أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب الحراني، قال فيه أبو حاتم:"صدوق ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وله أوهام [التهذيب (1/ 30)، الجرح والتعديل (2/ 57)، الثقات (8/ 15)، السير (10/ 661)][وانظر في أوهامه: علل ابن أبي حاتم (3/ 459/ 1008 - ط. الحميد) و (6/ 139/ 2393) و (6/ 551/ 2747)].
وسليمان بن عمر بن خالد الأقطع الرقي؛ قال ابن أبي حاتم: "كتب عنه أبي بالرقة"، وذكره ابن حبان في الثقات [الجرح والتعديل (4/ 131)، الثقات (8/ 280)، فتح الباب (399)]، وأبوه: عمر بن خالد: لا يُعرف روى عنه سوى ابنه سليمان، وهو قليل الرواية جدًّا، ولم أجد له رواية سوى عن موسى بن أعين، والخليل بن مرة، فهو: مجهول، ذكره ابن حبان في الثقات على عادته في توثيق المجاهيل، وترجمه بهذا الإسناد، فقال:"يروي عن موسى بن أعين، روى عنه ابنه سليمان بن عمر بن خالد"، وقال فيه الدارقطني:"لا بأس به"[الثقات (8/ 444)، سؤالات البرقاني (348)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 281)].
وأبو رجاء المذكور في هذا الإسناد يبدو لي أنه ليس بالخراساني، فقد يكون أحدهم أخطأ في نسبته، والأقرب عندي أنه أبو رجاء الجزري محرز بن عبد الله مولى هشام بن عبد الملك، وذلك لأنه هو الذي يروي عنه بلديه موسى بن أعين الجزري، وأما أبو رجاء الخراساني عبد الله بن واقد بن الحارث الهروي فإنه لا يُعرف بالرواية عن صدقة، ولا عنه موسى بن أعين، والخراساني والجزري: كلاهما ثقة، والله أعلم [وانظر: التدوين في أخبار قزوين (3/ 249)، فقد سماه بعضهم تفسيرًا، فقال: يعني: محرزًا].
قال ابن حجر: "ورجاله ثقات، إلا صدقة وهو الدمشقي، كما نسب في روايتنا، وكذا في رواية ابن شاهين [يعني: من رواية سليمان بن عمر بن خالد الرقي عن أبيه]، ووقع في رواية الدارقطني غير منسوب [يعني: من رواية ابن أبي شعيب]، فأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق الدارقطني، وقال: صدقة هذا هو ابن يزيد الخراساني، ونقل كلام الأئمة فيه، ووهم في ذلك، والدمشقي هو ابن عبد الله ويعرف بالسمين، ضعيف من قبل حفظه، ووثقه جماعة، فيصلح للمتابعات، بخلاف الخراساني، فإنه متروك عند الجميع، وأبو رجاء الذي في السند اسمه: عبد الله بن محرز الجزري [كذا مقلوبًا]، وابن الديلمي اسمه: عبد الله بن فيروز".
قلت: سواء قلنا: هو صدقة بن عبد الله السمين، أو: صدقة بن يزيد الخراساني ثم الشامي، نزيل الرملة؛ فهو حديث منكر؛ أما الأول فهو: ضعيف، له أحاديث مناكير لا يتابع عليها، وأما الثاني فهو: ضعيف، وله مناكير أيضًا، وقدمه بعضهم على السمين [تاريخ دمشق (24/ 37)، اللسان (4/ 315)، وغيرهما].
• والمعروف عن عروة بن رويم في هذا هو: ما رواه محمد بن مهاجر الشامي.
وعروة بن رويم: كثير الإرسال، بل عامة أحاديثه مراسيل، إما عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، وإما عن أكثر الصحابة، حتى قال إبراهيم بن موسى:"ليت شعري أنَّى أعلم عروة بن رويم ممن سمع؟ فإن عامة حديثه مراسيل" [الجرح والتعديل (6/ 396)، تاريخ دمشق (40/
233)]، وكأنه يشق على الناقد معرفة سماعه من إرساله، لكثرة ما يرسل، وقول أبي حاتم في المراسيل (544) لما ذكره:"لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم" فيه إشارة إلى كثرة إرساله عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يخشى أن يظن الظان أنه صحابي، بل إن سماعه الوارد في الأسانيد عن أنس بن مالك [المتوفى سنة (93)]: غير محفوظ، والصواب: أن بينهما رجلًا [انظر: التاريخ الكبير (5/ 87)، تاريخ دمشق (28/ 65) و (36/ 449) و (37/ 54) و (40/ 229)، ويأتي بيانه]، وأما البخاري في تاريخه الكبير (7/ 33) فلم يثبت له السماع سوى من أبي ثعلبة الخشني وحده، مع كونه يعلم ورود السماع له من أنس فيما أخرجه هو في موضع آخر من التاريخ الكبير (5/ 87)، وظاهر تصرفه هناك أنه أعله بالرواية التي فيها إثبات الواسطة، ومع كون البخاري أثبت لعروة السماع من أبي ثعلبة في هذا الموضع؛ فقد قال في موضع آخر من التاريخ (6/ 436):"عقبة بن يريم: عن أبي ثعلبة، روى عنه عروة بن رويم الشامي، في صحة خبره نظر"، فها هو البخاري يضعف خبره مع إثبات الواسطة بين عروة وأبي ثعلبة، وإنما هو حديث واحد، رواه عروة مرة عن أبي ثعلبة الخشني، ومرة أخرى عن عقبة بن يريم عن أبي ثعلبة، وهذا الحديث بإثبات سماع عروة من أبي ثعلبة، وبإثبات الواسطة بينهما حديث واحد في هديه صلى الله عليه وسلم في القدوم من السفر: مداره على أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي، وهو: ضعيف، لا يتابع على حديثه، ولا تقوم به الحجة في ثبوت الخبر، فضلًا عن إثبات السماع، قال أبو نعيم في الحلية:"غريب من حديث عروة، تفرد به عنه: أبو فروة"[أخرجه بحشل في تاريخ واسط (55)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 351)، والطبراني في الكبير (22/ 595/225 و 596)، وفي مسند الشاميين (523)، والحاكم (1/ 488) (2/ 456/ 1817 - ط. الميمان) و (3/ 155) (6/ 199/ 4790 - ط. الميمان)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 30) و (6/ 124)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 230 و 537)، انظر: الإتحاف (14/ 42/ 17411)]، لذا فقد جزم محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي بعدم السماع، فقال:"عروة بن رويم: لم يسمع من أبي ثعلبة الخشني"[تاريخ دمشق (40/ 231)]، وجزم أيضًا أبو حاتم بإرساله وعدم سماعه منه، فقال:"عروة بن رويم اللخمي: روى عن أبي ثعلبة الخشني؛ مرسل"، لكنه أثبت له لقاء أنس وأبي كبشة الأنماري، قال ابن أبي حاتم:"سئل أبي عن عروة بن رويم؟ فقال: تابعي، عامة حديثه مراسيل، لقي أنسًا وأبا كبشة"[انظر: الجرح والتعديل (6/ 396)]، وقال الطبراني:"كان تابعيًا ثقة، سمع من أنس"[المعجم الأوسط (4/ 48/ 3577)]، وقال ابن عساكر:"قدم الجابية، وسمع بها أنس بن مالك يحدث الخليفة"، قلت: سماعه من أنس شاذ، والصحيح إثبات الواسطة، لاسيما مع اتحاد المخرج في نفس الواقعة والحديث، وروايته عن أبي كبشة بالعنعنة، لا يذكر سماعًا، ولم يخرج له البخاري ومسلم شيئًا [انظر: المراسيل (545)، تحفة التحصيل (225)]، كذلك؛ فإنه لم يدرك أبا أمامة مع تأخر وفاته، فقد توفي أبو أمامة سنة (86)، وهو يدخل بينهما القاسم بن عبد الرحمن.
وأغلب مروياته عن أنس وجابر وثوبان والعرباض بن سارية وأبي كبشة الأنماري ومعاوية بن حيدة بالعنعنة، أو بصيغة تشعر بالإرسال [الآحاد والمثاني (4/ 263/ 2275)، مسند الشاميين (518 - 523)].
ولم يدرك ابن عمر، ولا عبد الله بن عمرو، ولا عبادة بن الصامت، ولا أبا سعيد الخدري، ولا أبا رافع، ولا أبا أمامة، يروي عنهم بواسطة، كما أنه يدخل بينه وبين أبي ذر، وعائشة: اثنين [انظر: مسند الشاميين (525 - 538)، وغيره].
قال أبو زرعة: "لم يسمع من ابن عمر شيئًا"[المراسيل (545)]، وقال ابن عدي:"وعروة بن رويم عن علي: ليس بالمتصل"[الكامل (6/ 431)]، وذكر الدارقطني أن روايته عن عائشة مرسلة [العلل (14/ 193/ 3541)]، وقال ابن عساكر:"عروة لم يدرك أبا ذر"[تاريخ دمشق (38/ 327)]، وقال أيضًا:"وأرسل الحديث عن جماعة من الصحابة، منهم: جابر، وأبو ثعلبة الخشني - وقيل: إنه سمع أبا ثعلبة -، وأبو ذر، وثوبان، ومعاوية بن حكيم المقرئ [كذا، ولعله أراد: معاوية بن حيدة القشيري]، وأبو كبشة الأنماري، وعبد الرحمن بن غنم"[تاريخ دمشق (40/ 228)].
ولم يتفق النقاد على توثيقه؛ فقد وثقه ابن معين ودحيم والنسائي، وقال الدارقطني:"لا بأس به"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه"، كأنه رأى في حديثه بعض الغلط، وقد رأيته يضطرب في الأسانيد، ويروي الحديث الواحد مرة عن أنس، ومرة عن أبي كبشة، ومرة عن أبي خالد الحرسي [من حرس عبد الملك بن مروان. تاريخ دمشق (66/ 158)] عن أنس، وفي نفس الحديث يجعل القصة مع معاوية بن أبي سفيان مرة، ومرة أخرى مع عبد الملك بن مروان، والحمل في هذا عليه، وليس على من روى عنه، مما يدل على قلة ضبطه، وعدم تحفظه من الغلط [انظر حديثه هذا فيما أخرجه: أحمد (3/ 224)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 260/ 2265) و (4/ 263/ 2275)، والدولابي في الكنى (2/ 508/ 919)، والطبراني في الكبير (22/ 857/342)، وفي الأوسط (400)، وفي مسند الشاميين (518 و 522 و 536 و 1415)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 193)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1527/ 954)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 333) و (36/ 449 و 450) و (37/ 53 و 54) و (40/ 229)، والضياء في المختارة (6/ 303/ 2323) و (6/ 304/ 2324)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 87)، وانظر: المسند المصنف (3/ 541/ 1725)] [نظر ترجمته: تاريخ دمشق (40/ 234)، السير (6/ 137)، تاريخ الإسلام (8/ 486)، التهذيب (3/ 92)].
وأما وفاته فإن الثابت عن البخاري أنه نقل وفاته سنة (135)، وقيل: إنه مات سنة (132)، وهو قول خليفة بن خياط وابن سعد، وحكاه ابن حبان في ثقاته بصيغة التضعيف، ثم جزم بوفاته سنة (135)، وقال سعيد بن عبد العزيز: سنة (140)، وقال دحيم: مات سنة (144)، وهما من أئمة النقاد بالشام، وأهل الشام أعلم بحال أهلها، لاسيما وقد ساق سعيد بن عبد العزيز قرينة تدل على ضبطه لتاريخ وفاته، حيث قرن به مكان وفاته، ونقله إلى المدينة ليدفن
بها، والله أعلم، وثمة أقوال أخرى، وهذه أشهرها [التاريخ الكبير (5/ 87)، التاريخ الأوسط (2/ 36/ 1704)، المعرفة والتاريخ (1/ 9)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (255 و 698)، الثقات (15/ 196 و 198) و (7/ 287)، مسند الشاميين (2309)، مولد العلماء ووفياتهم (1/ 328)، الجامع لأخلاق الراوي (2/ 205/ 1625)، تاريخ دمشق (40/ 231)، التهذيب (3/ 92)].
ولذلك فإن سن عروة يقصر عن إدراك الصحابة والسماع منهم، فلا بد لإثبات ذلك من إسناد قوي محفوظ، والله أعلم.
فلهذه القرائن؛ فإنه يغلب على الظن أن الأنصاري الذي قال فيه عروة بن رويم: حدثني الأنصاري: ليس بصحابي، فإن عروة نفسه لم يشهد له بالصحبة ولا بالرؤية ولا بالسماع، بأن يقول مثلًا: سمعت رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أو حدثني رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم، أو أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم، أو نحو ذلك من العبارات التي تثبت الصحبة لمن حدثه بهذا الحديث [راجع هذه المسألة بأدلتها في فضل الرحيم الودود (9/ 96/ 816)]، بل إن الأنصاري هذا لم يقل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفه بكونه أنصاريًا ليس بدليل على صحبته، فما أكثر التابعين من أولاد الأنصار، فضلًا عن إبهام هذا الأنصاري، وعدم معرفتنا لعينه، ودعوى ابن حجر أنه أبو كبشة الأنماري لا دليل عليها؛ فإنه لا يلزم أن كل ما رواه أبو توبة عن محمد بن مهاجر عن عروة أن يكون عن أبي كبشة، لا سيما مع قلة ما يروى بهذا الإسناد، فإنها ليست بجادة.
وقد وجدت عروة بن رويم يروي عن الأنصاري هذا ثلاثة أحاديث مرفوعة مع اختلاف مخارجها عن عروة، مما يستبعد معه وقوع التحريف في الأحاديث الثلاثة مع اختلاف مصادرها وتعدد مخارجها، فمنها: حديث التسبيح هذا.
ومنها: ما أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة (2/ 469/ 1065)، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة [بغدادي، ثقة]: نا عثمان بن علاق [هو: عثمان بن حصن بن علاق الدمشقي: ثقة]، قال: سمعت عروة بن رويم يقول: أخبرني الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن الملائكة قالوا:
…
فذكر خبرًا منكرًا، بل باطلًا، معارضًا لظواهر النصوص القرآنية، وما صح من مشكاة النبوة، إذ فيه اعتراض الملائكة على الله، وسبقهم له بالقول، وتمنيهم ما أعطى الله البشر من الاستمتاع بالطعام والشراب والثياب والنكاح وركوب الدواب والنوم والراحة، وهذا منافٍ لما جاء من أوصافهم في الكتاب والسنة!!!.
وهذا خبر قد صح إسناده إلى عروة بن رويم، وصح فيه سماعه من الأنصاري، لكنه لم يشهد له بالصحبة، ولم يقل الأنصاري المبهم أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي بعد ذلك بخبر باطل عن الملائكة؛ فأنى لمثل هذا أن يكون صحابيًا، أم على من يكون الحمل في هذا الحديث؟! [تنبيه: الرواية التي أخرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق (52/ 139) من طريق آخر عن ابن علاق به، وفيها: حدثني أنس بن مالك، بدل: الأنصاري، هي رواية منكرة، ولا عبرة بها، ولا يثبت لعروة بن رويم سماع من أنس، وكذلك ما رواه الطبراني في مسند الشاميين
521 -
، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 110)، من طريق ابن علاق به، وجعله عن جابر بن عبد الله، وليس فيه ذكر السماع، فهو شاذ أيضًا، وقد قال فيه البيهقي في الشعب (1/ 172/ 149):"في ثبوته نظر"، وما روي من شواهد لهذا الخبر فمن رواية الكذابين والوضاعين].
وثالثها: ما رواه هشام بن عمار [صدوق، وكان قد كبر فصار يتلقن، وقد أنكروا عليه أحاديث تلقنها. انظر مثلًا: الحديث المتقدم في السنن برقم (907 م)]، قال: حدثنا عبد ربه بن صالح، عن عروة بن رويم؛ أنه سُمع يحدث عن الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"يكون في أمتي رجفة يهلك فيها عشرة آلاف، عشرون ألف، ثلاثون ألف، يجعلها الله موعظة للمتقين، ورحمة للمؤمنين، وعذابًا على الكافرين".
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 230)، بإسناد صحيح إلى هشام.
قلت: الإسناد إلى عروة محتمل؛ فإن عبد ربه بن صالح الأشعري الشامي: ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جماعة من ثقات الشاميين [التاريخ الكبير (6/ 79)، الجرح والتعديل (6/ 44)، الثقات (7/ 155)، تاريخ دمشق (34/ 109)، تاريخ الإسلام (4/ 919 - ط. الغرب). الثقات لابن قطلوبغا (6/ 215)]، وأظن البلاء فيه: إما من تلقين هشام، وإما من عبد ربه، وإما من الأنصاري المبهم، أو من جهة إرساله، والله أعلم.
° والحاصل: فإنه باجتماع هذه القرائن؛ فلا يثبت عندي حديث عروة بن رويم عن الأنصاري بحديث صلاة التسبيح مرفوعًا، وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
* وقد رويت صلاة التسبيح أيضًا من حديث جماعة:
1 -
حديث أبى رافع:
يرويه زيد بن الحباب، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد مولى أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبي رافع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: "يا عم ألا أحبوك، ألا أنفعك، ألا أصلك"، قال: بلى، يا رسول الله! قال:"فصلِّ أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا انقضت القراءة فقل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة قبل أن تركع، ثم اركع فقلها عشرًا، ثم ارفع رأسك فقلها عشرًا، ثم اسجد فقلها عشرًا، ثم ارفع رأسك فقلها عشرًا، ثم اسجد فقلها عشرًا، ثم ارفع رأسك فقلها عشرًا قبل أن تقوم، فتلك خمس وسبعون في كل ركعة، وهي ثلاثمائة في أربع ركعات، فلو كانت ذنوبك مثل رمل عالج غفرها الله لك"، قال: يا رسول الله ومن لم يستطع يقولها في يوم؟ قال: "قلها في جمعة، فإن لم تستطع فقلها في شهر"، حتى قال:"فقلها في سنة".
أخرجه الترمذي (482)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 452 - 453/ 458)، وابن ماجه (1386)، والروياني (699)، والطبراني في الكبير (1/ 330/ 987)، والدارقطني في صلاة التسبيح (51 - الترجيح)، وأبو نعيم في قربان المتقين (26 - أمالي الأذكار)، والبيهقي في الشعب (1/ 427/ 610)، والخطيب في صلاة التسبيح (25)، وفي المتفق والمفترق (2/ 1044/ 641)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (52/ 242)، وابن
الجوزي في الموضوعات (2/ 467/ 1032)، وابن حجر في أمالي الأذكار (26)، وفي نتائج الأفكار (5/ 159)، [التحفة (8/ 471/ 12015)، المسند المصنف (27/ 476/ 12444)].
قال الترمذي: "هذا حديث غريب من حديث أبي رافع".
وقال ابن حجر: "هذا حديث غريب".
قال ابن حبان في الثقات (4/ 285): "سعيد بن أبي سعيد مولى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: يروي عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه موسى بن عبيدة الربذي حديث صلاة التسبيح".
وقال أبو بكر ابن العربي في عارضة الأحوذي (2/ 226): "وأما حديث أبي رافع في قصة العباس: فضعيف، ليس لها أصل في الصحة ولا في الحسن، وإن كان غريبا في طريقه، غريبًا في صفته، وما ثبت بالصحيح يغنيك عنه".
قلت: هو كما قال الترمذي: حديث غريب؛ لم يروه عن أبي رافع سوى سعيد بن أبي سعيد مولى أبي بكر بن عمرو بن حزم، وهو: مجهول، تفرد به: موسى بن عبيدة الربذي، وهو: ضعيف.
2 -
حديث ابن عمر:
يرويه أحمد بن داود بن عبد الغفار: ثنا إسحاق بن كامل: ثنا إدريس بن يحيى، عن حيوة بن شريح، عن يزيد بن أبي حبيب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: وجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة، فلما قدم اعتنقه وقبل بين عينيه، ثم قال:"ألا أهب لك، ألا أبشرك، ألا أمنحك، ألا أتحفك؟ "، قال: نعم، يا رسول الله! قال:"تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة، ثم تقول بعد القراءة وأنت قائم قبل الركوع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولهن عشرًا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولهن عشرًا، ثم تسجد فتقولهن عشرًا، ثم تقوم فتقولهن عشرًا؛ تمام هذه الركعة قبل أن تبتدئ بالركعة الثانية، تفعل في الثلاث ركعات كما وصفتُ لك، حتى تُتمَّ أربع ركعات".
أخرجه الحاكم (1/ 319)(2/ 100/ 1211 - ط. الميمان)، وعنه: البيهقي في الدعوات (445)، [الإتحاف (9/ 377/ 11481)].
قال الحاكم: "هذا إسناد صحيح لا غبار عليه، ومما يستدل به على صحة هذا الحديث استعمال الأئمة من أتباع التابعين إلى عصرنا هذا إياه، ومواظبتهم عليه وتعليمهن الناس، منهم عبد الله بن المبارك".
ولم يرتض البيهقي حكم الحاكم، فقال:"أحمد بن داود المصري: ضعيف".
وقال أبو الفضل العراقي في ذيل الميزان (178) في ترجمة إسحاق بن كامل، متعقبًا الحاكم: "بل هو مظلم لا نور عليه، وأحمد بن داود: كذبه الدارقطني وغيره، وهو مذكور في الميزان، وإسحاق بن كامل: ذكره ابن يونس في تاريخ مصر، وقال: لم يتابع، في
حديثه مناكير"، قلت: وزاد في اللسان (2/ 68) أن ابن عبد الهادي نقل عن شيخه المزي أو الذهبي أن إسحاق بن كامل: لا يُعرف.
وقال ابن ناصر الدين في الترجيح (66)، وابن حجر في الإتحاف (9/ 378/ 11481):"أحمد بن داود: كذبه الدارقطني".
وقال البيهقي في الشعب (1/ 427): "وكان عبد الله بن المبارك يفعلها، وتداولها الصالحون بعضهم من بعض، وفيه تقوية للحديث المرفوع، وبالله التوفيق".
قلت: هو حديث موضوع؛ إسحاق بن كامل: مجهول، في حديثه مناكير، وأحمد بن داود بن عبد الغفار أبو صالح الحراني المصري: قال الدارقطني: "متروك كذاب"، وقال ابن حبان وابن طاهر:"يضع الحديث"، وقال المنذري:"وثقه الحاكم وحده"[الضعفاء والمتروكون (52)، المجروحين (1/ 160 - ط. السلفي). اللسان (1/ 178)، الترغيب والترهيب (3/ 281)، الإكمال لابن ماكولا (4/ 41)، الكامل لابن عدي (2/ 461) و (2/ 113) و (6/ 378)].
وبقية رجاله ثقات مشاهير، وإدريس بن يحيى أبو عمرو المعروف بالخولاني: صدوق [الجرح والتعديل (2/ 265)، الثقات (8/ 133)، السير (10/ 165)، تاريخ الإسلام (15/ 56)].
فكيف لا يُعرف حديث نافع إلا خارج بلده؛ عند أهل مصر، ولا يعرفه أهل المدينة، فأين عنه: مالك، وعبيد الله بن عمر، وأيوب السختياني، وجماهير أصحابه، فهذا مثلًا حديث نافع عن ابن عمر مرفوعًا:"إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل"، رواه عن نافع زهاء مائة وعشرين نفسًا، قال ابن حجر في الفتح (2/ 416):"ورواية نافع، عن ابن عمر لهذا الحديث: مشهورة جدًا، فقد اعتنى بتخريج طرقه أبو عوانة في صحيحه فساقه من طريق سبعين نفسًا رووه عن نافع، وقد تتبعت ما فاته وجمعت ما وقع لي من طرقه في جزء مفرد لغرض اقتضى ذلك، فبلغت أسماء من رواه عن نافع: مائة وعشرين نفسًا. . ."[راجع تخريج حديث ابن عمر تحت الحديث رقم (342)].
وهذا الحديث يدعي مصححوه أن الأمة قد عملت به إلى يومنا هذا، فأين أصحاب نافع عن هذه السنة العزيزة، فلم ينقلها عنه أصحابه، حتى يتفرد به عنه أهل مصر: ويزيد بن أبي حبيب، وحيوة بن شريح، وإدريس بن يحيى الخولاني: مصريون ثقات، وأراهم بريئون من هذا الحديث، وإنما علته هذا الكذاب الذي تفرد به، والله أعلم.
3 -
حديث العباس بن عبد المطلب:
روى أبو الأسود محمد بن حفص المروزي [لم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل. تاريخ بغداد (3/ 99 - ط. الغرب)]: حدثنا حماد بن عمرو النصيبي، عن أبي رافع، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الله بن عباس، قال: قال عباس: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: "ألا أفيدك، ألا أمنحك، ألا أعطيك، ألا أستحبيك؟ "، فظننت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني رغبًا من الدنيا، فقلت: بلى، بأبي أنت وأمي يا رسول الله! قال: "أربع ركعات في كل
يوم، أو في كل جمعة، أو في كل نصف شهر، أو في كل شهر، أو في نصف سنة، أو في كل سنة، فتكبر، ثم تقرأ الحمد وسورة، ثم تقول:. . ."، فذكر صلاة التسبيح.
أخرجه أبو القاسم إبراهيم بن أحمد بن جعفر الخرقي في فوائده (44 - الترجيح)(63 - أمالي الأذكار)(5/ 175 - نتائج الأفكار)، والخطيب في صلاة التسبيح (5)، بإسناد صحيح إلى أبي الأسود.
وهذا حديث باطل موضوع؛ أبو رافع إسماعيل بن رافع بن عويمر المدني: متروك، منكر الحديث [التهذيب (1/ 149)، الميزان (1/ 227)]، وقد تفرد به: حماد بن عمرو النصيبي، وهو منكر الحديث، من المعروفين بالكذب ووضع الحديث [اللسان (3/ 274)].
• وقد تقدم له إسناد آخر، في ذكر الاختلاف على عروة بن رويم.
4 -
حديث علي بن أبي طالب:
قال الخطيب في صلاة التسبيح (1): أخبرنا أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر، إمام المسجد الجامع بأصبهان، وما كتبته إلا عنه [ثقة. السير (17/ 478)]: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني [ثقة حافظ، مصنف]: حدثنا أبو حنيفة محمد بن حنيفة الواسطي: حدثنا الحسن بن جبلة الشيرازي: حدثنا أبو منصور أيوب بن سليمان الرقي: حدثنا عيسى بن يونس، عن سفيان الثوري، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى أربع ركعات في يوم الجمعة، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب عشرًا. . ."، ثم ذكر حديث صلاة التسبيح بطوله.
قال الخطيب: "هكذا رواه لنا علي بن يحيى، ولا أعلم أحدًا ذكر تخصيص صلاة التسبيح بيوم الجمعة إلا في هذه الرواية، والله أعلم".
قلت: هو حديث باطل؛ عبد الأعلى بن عامر الثعلبي: ليس بذاك القوي، قال ابن عدي:"يحدث عن سعيد بن جبير وابن الحنفية وأبي عبد الرحمن السلمي بأشياء لا يتابع عليها"[وانظر ترجمته تحت الحديث رقم (621 و 694)].
ولا يُعرف من حديث الثوري، ولا من حديث عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، والإسناد إليهما مجهول، أبو منصور أيوب بن سليمان الرقي: لم أقف له على ترجمة، والحسن بن جبلة الشيرازي: لم أقف له على ترجمة؛ إلا أن يكون هو الحسن بن الجهم بن جبلة بن مصقلة التيمي الواذارى [طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 390)، تاريخ أصبهان (1/ 312)، الأنساب (5/ 559)]، والواذاري هذا: مجهول الحال.
وأبو حنيفة محمد بن حنيفة بن محمد بن ماهان القصبي الواسطي: قال الدارقطني: "ليس بالقوي"، وقال الهيثمي في المجمع (5/ 121):"وهو: ضعيف، ليس بالقوي"[اللسان (7/ 109)، تاريخ بغداد (2/ 296)، سؤالات الحاكم (152)].
• وله طريق آخر يرويه: أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث بمصر: حدثنا أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب: تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل بين عينيه، فلما جلسا، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ "، قال: بلى يا رسول الله! قال: "تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة الحمد وسورة، ثم تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقول عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقول عشرًا، ثم تسجد فتقول عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقول عشرًا، ثم تسجد فتقول عشرًا، ثم ترفع فتقول عشرًا، فذلك خمس وسبعون مرة، في كل ركعة، فإن استطعت أن تصليها في كل يوم فافعل، فإن لم تستطع في كل يوم ففي كل جمعة، فإن لم تستطع في كل جمعة ففي كل شهر، فإن لم تستطع ففي كل سنة، فإن لم تستطع في كل سنة، ففي عمرك مرة، فإذا فعلت ذلك، غفر الله ذنبك: كبيره وصغيره، خطأه وعمده، قديمه وحديثه".
أخرجه الواحدي في كتاب الدعوات (52 - الترجيح)(66 - أمالي الأذكار)، والخطيب في صلاة التسبيح (2).
قال ابن حجر في الأمالي: "وهذا السند أورد به أبو علي المذكور كتابًا رتبه على الأبواب، كله بهذا السند، وقد طعنوا فيه وفي نسخته، والله أعلم".
قلت: هو حديث موضوع، مختلق مصنوع، أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث: أخرج نسخة قريبًا من ألف حديث بهذا الإسناد بخط طري عامتها مناكير، قال ابن عدي:"كان متهمًا في هذه النسخة، ولم أجد له فيها أصلًا، كان يخرج إلينا بخط طري وكاغد جديد"، وقال السهمي:"سألت أبا الحسن الدارقطني عن محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي؟ فقال: آية من آيات الله [يعني: في الكذب]، ذلك الكتاب هو وضعه؛ أعني: العلويات"[الكامل (6/ 301)، سؤالات حمزة السهمي (52)، اللسان (7/ 476)].
5 -
حديث جعفر بن أبي طالب:
يرويه أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد الهروي: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي الرازي: حدثنا أبي: حدثني أبو غسان معاوية بن عبد الله الليثي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم[قال أبو حاتم: "شيخ". الجرح والتعديل (8/ 378)]، قال: حدثنا عبد الله بن نافع [الصائغ: ثقة]، عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم [ليس بالقوي]، عن نافع، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن أبيه جعفر بن أبي طالب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بن أبي طالب:"ألا أهب لك، ألا أنحلك؟ "، فقال جعفر: بلى يا رسول الله! قال: "تصلي أربع ركعات، تقرأ بأم القرآن وسورة، ثم تقول بعد ذلك: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ خمس عشرة مرة. . ."، فذكر الحديث؛ يعني: في صلاة التسبيح.
أخرجه الخطيب في صلاة التسبيح (3).
قلت: هو حديث باطل؛ تفرد به: أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن
عبد الرحمن بن أسد الصفَّار الشمَّاخي الهروي: ادعى سماع ما لم يسمع، فحدث به، ولم يحتشم ممن يعرف أمره، وحدث بالمناكير، حتى قال الحاكم:"كذاب؛ لا يُشتغل بالسؤال عنه"[سؤالات السجزي (13 و 98)، الإرشاد (3/ 880)، تاريخ بغداد (8/ 515 - ط. الغرب). نزهة الناظر (23)، السير (16/ 360)، اللسان (3/ 131)]، فلا يحتمل تفرد مثله عن ابن أبي حاتم، وليس هو من حديث نافع، ولا من حديث عبد الله بن عمر العمري، والله أعلم.
• وله إسناد آخر:
يرويه داود بن قيس [الفراء: مدني، ثقة]، عن إسماعيل بن رافع، عن جعفر بن أبي طالب؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"ألا أهب لك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحذوك؟ ألا أوثرك؟ ألا؟ ألا؟ "، حتى ظننت أنه سيقطع لي ماء البحرين، قال:"تصلي أربع ركعات، تقرأ أم القرآن في كل ركعة وسورة، ثم تقول: الحمد لله، وسبحان الله، والله أكبر، ولا إله إلا الله، فعدها واحدة حتى تعد خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها عشرًا وأنت راكع، ثم ترفع فتقولها عشرًا وأنت رافع، ثم تسجد فتقولها عشرًا وأنت ساجد، ثم ترفع فتقولها عشرًا وأنت جالس، ثم تسجد فتقولها عشرًا وأنت ساجد، ثم ترفع فتقولها عشرًا وأنت جالس، فتلك خمس وسبعون، وفي الثلاث الأواخر كذلك، فذلك ثلاث مائة مجموعة، وإذا فرقتها كانت ألفا ومائتين - وكان يستحب أن يقرأ السورة التي بعد أم القرآن عشرين آية فصاعدًا - تصنعهن في يومك أو ليلتك، أو جمعتك، أو في شهر، أو في سنة، أو في عمرك، فلو كانت ذنوبك عدد نجوم السماء، أو عدد القطر، أو عدد رمل عالج، أو عدد أيام الدهر لغفرها الله لك".
أخرجه عبد الرزاق (3/ 123/ 5004)، [المسند المصنف (7/ 155/ 3551)].
• ورواه عبد الله بن سليمان بن الأشعث [أبو بكر بن أبي داود: ثقة حافظ]: حدثنا نصير بن الفرج أبو حمزة [الثغري: ثقة]: حدثنا يزيد بن هارون [ثقة متقن]: أخبرنا أبو معشر المدني [نجيح بن عبد الرحمن السندي: ضعيف]، عن إسماعيل بن رافع؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بن أبي طالب:"ألا أحبوك؟ ألا أعطيك؟ ألا أهدي لك؟ ". . . فذكر الحديث وفي آخره: "فلو كان عليك من الذنوب عدد نجوم السماء في أيام الدنيا، ورمل عالج، وهربت من الزحف، غفر لك".
أخرجه الخطيب في صلاة التسبيح (28).
• وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (55 - أمالي الأذكار)(5/ 172 - نتائج الأفكار)(4/ 315 - الفتوحات)، قال: حدثنا أبو معشر، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بن أبي طالب: "ألا أمنحك؟ ألا أعطيك؟ ألا أحبوك؟ ". . . فذكر الحديث بطوله.
قلت: وهذا حديث منكر؛ مداره على أبي رافع إسماعيل بن رافع بن عويمر المدني، وقد اضطرب فيه، وهو: متروك، منكر الحديث [التهذيب (1/ 149)، الميزان (1/ 227)].
قال ابن حجر في أمالي الأذكار (56): "أبو معشر: ضعيف، وكذا شيخه أبو رافع، وقد اضطرب فيه".
6 -
حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
يرويه عبد الله بن زياد بن سمعان: حدثني معاوية وعون ابنا عبد الله بن جعفر، عن أبيهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجعفر:"ألا أعطيك؟ ألا أحبوك؟ ألا أمنحك؟. . ."، وساق الحديث بطوله.
وفي رواية في إسنادها من لا يُعرف: حدثني معاوية وإسماعيل ابنا عبد الله بن جعفر، عن أبيهما عبد الله بن جعفر بن أبي طالب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره.
أخرجه الدارقطني في صلاة التسبيح (54 - الترجيح)، والخطيب في صلاة التسبيح (17).
قلت: هو حديث باطل، مداره على ابن سمعان، وهو: عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي المدني: متروك؛ كذبه مالك وأبو داود وغيرهما [التهذيب (2/ 336)].
7 -
حديث الفضل بن العباس:
يرويه أبو سلمة المنقري [موسى بن إسماعيل: ثقة ثبت]: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الحميد الطائي: حدثني أبي، قال: لقيت أبا رافع فسألته، فحدثني عن الفضل بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أربع ركعاتٍ إذا فعلتهن في سنة أو في شهر مرة: استفتح الحمد وسورة ما شئت، ثم تقول:. . ."، فذكر حديث صلاة التسبيح.
أخرجه أبو نعيم في كتاب القربان (54 - أمالي الأذكار لابن حجر)(5/ 172 - نتائج الأفكار)، والخطيب في صلاة التسبيح (6)، بإسناد حسن إلى أبي سلمة.
قال ابن حجر: "والطائي المذكور لا أعرفه ولا أباه، وأظن أن أبا رافع شيخ الطائي ليس أبا رافع الصحابي، بل هو إسماعيل بن رافع أحد الضعفاء فيما أظن".
قلت: إن كان هو أبو رافع إسماعيل بن رافع؛ فهو حديث منكر، فإن أبا رافع هذا: متروك، منكر الحديث [تقدم ذكره]؛ وإلا فهو إسناد مجهول.
• وله إسناد آخر يرويه: الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الهروي: حدثنا محمد بن علي بن معبد المعدل [تاريخ بغداد (3/ 56)]: حدثنا الفضل بن عبد الله الهروي: حدثنا حمزة بن هيصم [ثقة. الجرح والتعديل (3/ 217)، الثقات (8/ 209)، الثقات لابن قطلوبغا (4/ 38)]، عن عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه [كوفي، ثقة. انظر: التهذيب (4/ 255)، الميزان (4/ 284)]، عن جده، عن الفضل بن عباس، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكان، فقال:"يا فضل! ألا أحبوك، ألا أمنحك؟ "، قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: "أربع ركعات تفعل فيهن ما آمرك، إن استطعت ففي كل يوم، أو كل ليلة، أو كل جمعة، أو كل شهر، أو كل سنة. . ."، الحديث بطوله.
أخرجه الخطيب في صلاة التسبيح (7).
وهو حديث موضوع؛ عبد الملك بن هارون بن عنترة: كذاب، يضع الحديث [اللسان (5/ 276)].
والفضل بن عبد الله بن مسعود اليشكري الهروي، يقال له: ابن خرم: اختلفوا في أمره بشأن الأحاديث المنكرة التي رويت من طريقه، فمنهم من حمل فيها عليه، مثل ابن حبان؛ فقال:"يروي عن مالك بن سليمان وغيره العجائب، لا يجوز الاحتجاج به بحال، شهرته عند من كتب من أصحابنا حديثة تغني عن التطويل والخطاب في أمره، فلا أدري أكان يقلبها بنفسه، أو يُدخَل عليه فيجيب فيها"، ومنهم من حمل على غيره، ثم صرح بضعفه، مثل الدارقطني، ومنهم من حمل التبعة على غيره، وبرأ ساحته وحسن الظن به، مثل الحاكم، فقال:"لا أعرفه إلا بالصدق"[المجروحين (2/ 211) (2/ 212 - ط. الصميعي)، الإرشاد (3/ 871)، اللسان (1/ 508) و (6/ 344)].
وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد الصفَّار الشمَّاخي الهروي: ادعى سماع ما لم يسمع، فحدث به، ولم يحتشم ممن يعرف أمره، وحدث بالمناكير، حتى قال الحاكم:"كذاب؛ لا يُشتغل بالسؤال عنه"[سؤالات السجزي (13 و 98)، الإرشاد (3/ 880)، تاريخ بغداد (8/ 515 - ط. الغرب)، نزهة الناظر (23)، السير (16/ 360)، اللسان (3/ 131)].
• ورواه الدارقطني في صلاة التسبيح (69 - أمالي الأذكار)(5/ 177 - نتائج الأفكار). من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده، عن علي، عن جعفر رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . ، فذكر الحديث.
قال ابن ناصر الدين في الترجيح (57): "فيه أنواع من الثواب على صلاة التسبيح، وأمارات الوضع عليه لايحة، وهو غير صحيح".
8 -
حديث أم سلمة:
يرويه أبو إبراهيم الترجماني إسماعيل بن إبراهيم بن بسام [ليس به بأس]: حدثنا عمرو بن جميع، عن عمرو بن قيس [أظنه الملائي، وهو: ثقة ثبت]، عن سعيد بن جبير، عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومي وليلتي، حتى إذا كان في الهاجرة، جاءه إنسان فدق الباب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من هذا؟ "، فقالوا: العباس بن عبد المطلب، قال:"الله أكبر! لأمر ما جاء؛ فأدخلوه"، فلما دخل، قال:"يا عباس! يا عم النبي! ما جاء بك في الهاجرة؟! "، فقال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي! ذكرت ما كان مني في الجاهلية، فعرفت أنه لن يغني عني بعد الله غيرك، فقال: "الحمد الله الذي ألقى ذلك في قلبك! يا عباس! يا عم النبي! أما إنه لا أقول لك بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس، صلِّ أربع ركعات، اقرأ فيهن بأربع سور من طوال المفصل، فإذا قرأت الحمد وسورة، فقل: سبحان الله، والحمد الله، ولا إله الا الله، والله أكبر، هذه واحدة، قلها خمس عشرة مرة، فإذا ركعت فقلها عشرًا، فإذا رفعت رأسك من الركوع فقلها عشرًا، فإذا سجدت فقلها عشرًا، فإذا رفعت رأسك من السجود فقلها عشرًا، فإذا سجدت الثانية فقلها عشرًا، فإذا رفعت رأسك قبل أن تقوم فقلها عشرًا، والذي نفس محمد بيده! لو
كانت ذنوبك: عدد نجوم السماء، وعدد قطر المطر، وعدد أيام الدنيا، وعدد الحصى، وعدد الشجر والمدر والثرى، لغفرها الله لك". قال: يا رسول الله! بأمي أنت وأمي ومن يطيق ذلك؟! قال: "قلها في كل يوم مرة". قال: ومن يطيق ذلك؟! قال: "فقلها في كل جمعة مرة". قال: ومن يطيق ذلك؟! قال: "فقلها في كل شهر مرة". قال: ومن يطيق ذلك؟! قال: "فقلها في كل سنة مرة". قال: ومن يطيق ذلك؟! قال: "فقلها في عمرك كله مرة".
أخرجه أبو نعيم في قربان المتقين (46 - الترجيح)، والخطيب في صلاة التسبيح (26 و 27)، وابن حجر في أمالي الأذكار (71)، وفي نتائج الأفكار (5/ 177).
قال ابن حجر: "هذا حديث غريب، وعمرو بن جميع: ضعيف، وفي إدراك سعيد أم سلمة نظر، والله أعلم".
قلت: هو حديث موضوع؛ تفرد به عن الثقات المشاهير: عمرو بن جميع قاضي حلوان، وهو: منكر الحديث، متهم بالوضع [اللسان (6/ 196)].
9 -
مرسل محمد بن كعب القرظي:
يرويه سهل بن أحمد الديباجي: حدثنا محمد بن محمد بن الأشعث: حدثنا أحمد بن أبي عمران [أحمد بن موسى بن عيسى، أبو جعفر الفقيه البغدادي: ثقة حافظ. تاريخ بغداد (6/ 348 - ط. الغرب)، السير (13/ 334)، تاريخ الإسلام (6/ 503 - ط. الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 112)]: حدثنا عاصم بن علي بن عاصم: حدثنا أبو معشر المدني، عن محمد بن كعب القرظي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بن أبي طالب:
…
فذكر نحوه.
أخرجه الخطيب في صلاة التسبيح (29).
قلت: هذا حديث كذب؛ أبو معشر المدني نجيح بن عبد الرحمن السندي: ضعيف، وعاصم بن علي بن عاصم الواسطي: صدوق، تكلم فيه ابن معين، ومحمد بن محمد بن الأشعث: تقدم ذكره في الشاهد الرابع، وهو: متهم بالوضع، وسهل بن أحمد الديباجي: رافضي كذاب زنديق [تاريخ بغداد (10/ 176 - ط. الغرب)، تاريخ الإسلام (8/ 477 - ط. الغرب)، اللسان (4/ 196)].
10 -
مرسل عمر مولى غُفْرَة:
أخرجه الدارقطني في صلاة التسبيح (52 - الترجيح)، من طريق: إبراهيم بن محمد الأرقمي: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، عن عمر بن عبد الله مولى غفرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "يا علي! ألا أهدي لك؟ ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أنحلك؟ " قال: حتى ظننت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني جبال تهامة ذهبًا، قال:"إذا قمت إلى الصلاة فقل: الله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، تقولها خمس عشرة مرة. . ." الحديث.
قال ابن حجر في أمالي الأذكار (66)، ونتائج الأفكار (5/ 175):"سند الحديث المذكور فيه ضعف وانقطاع".
قلت: عمر بن عبد الله المدني مولى غُفرة: ليس بالقوي، كثير الإرسال [التهذيب (3/ 238)][تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (1052)، الشاهد رقم (7)].
وإسحاق بن إبراهيم بن نسطاس: ضعيف، قال البخاري:"منكر الحديث"، وقال مرة:"فيه نظر"[ضعفاء العقيلي (1/ 98)، تاريخ الإسلام (11/ 33)، اللسان (2/ 32)].
وإبراهيم بن محمد الأرقمي: لم أهتد إليه، فهو حديث منكر.
° وذكر بعضهم مما يدخل في هذا الباب:
11 -
حديث ابن عباس، مرفوعًا:"من صلى الضحى أربع ركعات في يوم الجمعة في دهره مرةً واحدةً، يقرأ بفاتحة الكتاب عشر مرات، وقل أعوذ برب الناس عشر مرات، وقل أعوذ برب الفلق عشر مرات، وقل هو الله أحد عشر مرات، وقل يا أيها الكافرون عشر مرات، وآية الكرسي عشر مرات، في كل ركعة، فإذا تشهد: سلم واستغفر سبعين مرة، وسبح سبعين مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من صلى هذه الصلاة دفع الله عنه شر أهل السموات، وشر أهل الأرض، وشر الجن والإنس، وشر سلطان جائر"، وذكر الحديث، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى هذه الصلاة بعث الله إليه بكل حرف قرأ في هذه الصلاة ملائكة يكتبون له الحسنات، ويمحون عنه السيئات، ويرفعون له الدرجات، ويستغفرون الله له إلى أن يموت"[أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 299)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (1966)][وهو حديث موضوع، تفرد به عن الثوري: سعد بن سعيد الجرجاني، يروي عن الثوري ما لا يتابع عليه، والإسناد إليه مسلسل بالمتروكين، وفيهم: أحمد بن صالح الشمومي، وهو: كذاب، يضع الحديث. اللسان (1/ 484) و (4/ 29)][وعزاه ابن حجر في أمالي الأذكار (68)، وفي نتائج الأفكار (5/ 176) لأبي نعيم في قربان المتقين، لكن من حديث علي بن أبي طالب، ونقل عن أبي نعيم قوله: "فيه ألفاظ مكذوبة، وآثار الوضع عليه لائحة"].
12 -
وقد أدخل بعضهم حديث أنس في صلاة التسبيح، لكنه غير صريح في ذلك؛ فقد روى أنس بن مالك؛ أن أم سليم غدت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: علِّمني كلمات أقولهن في صلاتي، فقال:"كبري الله عشرًا، وسبحي الله عشرًا، واحمديه عشرًا، ثم سلي ما شئت"، انظر: جامع الترمذي (481)، مستدرك الحاكم (1/ 317 - 318)، الفتح لابن رجب (5/ 192)، أمالي الأذكار (30)، نتائج الأفكار (5/ 161)، تحفة الأبرار بنكت الأذكار (61)، تخريج أحاديث الذكر والدعاء (1/ 220/ 120) [قال ابن حجر:"قال شيخنا: في إيراد الترمذي حديث أنس هذا في باب صلاة التسبيح نظر، لما في حديث صلاة التسبيح من الزيادات التي ليست فيه"].
* وحاصل ما تقدم: أنه لا يثبت في هذا الباب شيء يعتمد عليه في إثبات صفة هذه الصلاة؛ المغايرة لصفة الفريضة والنافلة المعهودة؛ إذ لا بد لإثباتها من إسناد قوي يعتمد عليه، حتى يجري عليه العمل بحكم تعبدي محض، مغاير لما صح نقله بالتواتر، وبنقل العامة عن العامة، في صفة الصلاة المعهودة، فلا يجوز التعبد بهذه الصلاة حتى يثبت دليلها الخاص، والله أعلم.
• وقد احتج بعضهم على صحة حديث صلاة التسبيح بتعليم ابن المبارك لها:
فقد روى أحمد بن عبدة الآملي [صدوق]، وعبد الكريم بن عبد الله السكري [هو: عبد الكريم بن أبي عبد الكريم المروزي، روى عنه جماعة، وأكثر عنه يحيى بن ساسويه المروزي، وقال بعضهم: عبد الكريم بن عبد الكريم التاجر، قال أبو حاتم:"لا أعرفه، وحديثه يدل على الكذب"، وليس هو البجلي الذي ترجم له ابن حبان في ثقاته؛ فإنه أكبر من صاحب الترجمة. انظر: المجروحين (1/ 236)، الجرح والتعديل (6/ 62)، الثقات (8/ 423)، تاريخ جرجان (241)، اللسان (5/ 239)]:
ثنا أبو وهب محمد بن مزاحم [صدوق]، قال: سألت عبد الله بن المبارك، عن الصلاة التي يسبح فيها، فقال: تكبر ثم تقول:
…
فذكر صفة صلاة التسبيح، لكن خالف الروايات المشهورة بتقديم التسبيح على القراءة خمس عشرة مرة، ثم يسبح قبل الركوع عشرًا، ولا يسبح بعد السجدة الثانية.
أخرجه الترمذي (481 م)، والحاكم (1/ 320)(2/ 100/ 1212 - ط. الميمان)، والبيهقي في الشعب (1/ 428/ 611)، وابن حجر في أمالي الأذكار (24)، وفي نتائج الأفكار (5/ 158).
قال الحاكم: "رواة هذا الحديث عن ابن المبارك كلهم ثقات أثبات، ولا يتهم عبد الله أن يعلمه ما لم يصح عنده سنده".
قال ابن ناصر الدين في الترجيح (66) بأنه لم يجد هذه الصفة التي ذكرها ابن المبارك إلا فيما رواه محمد بن فضيل عن أبان بن أبي عياش عن أبي الجوزاء عن ابن عمرو.
قلت: الصفة التي اختارها ابن المبارك رويت بأسانيد غاية في الضعف، ولم ترد هذه الصفة بالأسانيد المشهورة، لذا قال ابن مفلح في الفروع (2/ 405):"ونص أحمد وأئمة أصحابه على كراهتها، ولم يستحبها إمام، واستحبها ابن المبارك على صفة لم يرد بها الخبر، لئلا تثبت سنة بخبر لا أصل له".
قلت: تعليم ابن المبارك لهذه الصلاة ليس بحجة على العباد؛ إنما الحجة بين العباد وبين الله هو رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فما جاءنا عنه بإسناد صحيح ثابت محفوظ عملنا به، وإلا فما كلفنا باتباع غيره من غير بينة، قال الله تعالى:{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3]، فالحجة في الكتاب وما صح من السنة النبوية، والله أعلم.
° ومن أقوال أهل العلم في حديث صلاة التسبيح:
قال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (315): "سمعت أبي يقول: لم تثبت عندي صلاة التسبيح، وقد اختلفوا في إسناده، لم يثبت عندي، وكأنه ضعَّف عمرو بن مالك النكري".
وقال ابن هانئ في مسائله لأحمد (520): "سئل [يعني: أحمد بن حنبل] عن صلاة التسبيح؟ قال: إسناده ضعيف".
وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (3309): "قلت: صلاة
التسبيح ما ترى فيها؟ قال أحمد: ما أدري، ليس فيها حديث يثبت.
قال إسحاق: لا أرى بأسًا إن استعمل صلاة التسبيح على ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العباس رضي الله عنه بذلك؛ لأنه يروى من أوجه مرسلًا، وإن بعضهم قد أسنده، ويشد بعضه بعضًا، وقد ذكر فيه من الفضل ما ذكر".
وقال ابن قدامة في المغني (2/ 98): "فأما صلاة التسبيح؛ فإن أحمد قال: ما يعجبني، قيل له: لم؟ قال: ليس فيها شيء يصح، ونفض يده كالمنكر"، ثم قال:"ولم يُثبِت أحمدُ الحديثَ المروي فيها، ولم يرها مستحبة".
ونقل ابن القيم في بدائع الفوائد (4/ 114): "قال في رواية مهنا وعبد الله: صلاة التسبيح لم يثبت عندي فيها حديث، وقال في رواية أبي الحارث: صلاة التسبيح حديث ليس لها أصل، ما يعجبني أن يصليها يصلي غيرها، وقال علي بن سعيد: ذكرت لأبي عبد الله حديث عبد الله بن مرة [كذا، وإنما هو: حديث عبد الله بن عمرو، كما في النكت الظراف (6/ 280/ 8606)] من رواية المستمر بن الريان، فقال: المستمر شيخ ثقة، وكأنه أعجبه"، قلت: سبق الرد على هذه الرواية عن أحمد.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (2/ 289): "وعن الإمام أحمد ما يدل على أنه لا يعمل بالحديث الضعيف في الفضائل والمستحبات، ولهذا لم يستحب صلاة التسبيح؛ لضعف خبرها عنده، مع أنه خبر مشهور عمل به وصححه غير واحد من الأئمة".
وقال في الفروع (2/ 405): "وادعى شيخنا [يعني: ابن تيمية] أنه كذب، كذا قال، ونص أحمد وأئمة أصحابه على كراهتها، ولم يستحبها إمام، واستحبها ابن المبارك على صفة لم يرد بها الخبر، لئلا تثبت سنة بخبر لا أصل له، قال: وأما أبو حنيفة ومالك والشافعي فلم يسمعوها بالكلية.
وقال الشيخ [يعني: ابن قدامة]: لا بأس بها، فإن الفضائل لا تشترط لها صحة الخبر، كذا قال، وعدم قول أحمد بها يدل على أنه لا يرى العمل بالخبر الضعيف في الفضائل،. . .".
وقال الترمذي في الجامع (481): "وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديث في صلاة التسبيح، ولا يصح منه كبير شيء".
وقال العقيلي (1/ 124)(1/ 295/ 168): "وليس في صلاة التسبيح حديث يثبت".
وقال أبو بكر ابن العربي في عارضة الأحوذي (2/ 226): "وأما حديث أبي رافع في قصة العباس: فضعيف، ليس لها أصل في الصحة ولا في الحسن، وإن كان غريبًا في طريقه، غريبًا في صفته، وما ثبت بالصحيح يغنيك عنه"، قال:"وإنما ذكره الترمذي لينبه عليه، لئلا يغتر به"، قال:"وقول ابن المبارك ليس بحجة"[الأذكار للنووي (308)].
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من حديث العباس، وابن عباس، وأبي رافع، وغيرهم، ثم قال:"هذه الطرق كلها لا تثبت"، وقد انتقده جماعة على إيراده هذا الحديث
في الموضوعات، قال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 241):"وذكره لهذا الحديث في موضوعاته من الغلو، وله في هذا الكتاب أشياء تساهل في دعوى وضعها، وحقها أن تذكر في الأحاديث الضعيفة؛ بل بعضها حسن أو صحيح، وقد أنكر غير واحد عليه فعله في هذا التصنيف، قال الحافظ محب الدين الطبري: لم يكن له أن يذكر هذا الحديث في الموضوعات؛ فقد خرجه الحفاظ".
والنووي لما ذكر في المجموع (4/ 59) من استحبها من الشافعية، قال:"وفي هذا الاستحباب نظر؛ لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروف، فينبغي ألا يفعل بغير حديث [صحيح]، وليس حديثها بثابت"[وما بين المعكوفين زدته من البدر المنير (4/ 242)، وتحفة الأبرار بنكت الأذكار (89)]، إلى أن قال:"وكذا قال العقيلي: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت، وكذا ذكر أبو بكر ابن العربي وآخرون؛ أنه ليس فيها حديث صحيح ولا حسن، والله أعلم"، وذكر نحو هذا في الخلاصة والأذكار [ولعل هذا القول هو الأخير عنده؛ فإنه كان قبل ذلك في تهذيب الأسماء (3/ 136) ذهب إلى تحسين الحديث الوارد فيها تبعًا لأصحابه، ثم قال: "وسأزيدها إيضاحًا في شرح المهذب"، فلما بحث المسألة واطلع على كلام النقاد فيها رجع عن قوله الأول، والله أعلم].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (7/ 434): "وكذلك كل صلاة فيها الأمر بتقدير عدد الآيات أو السور أو التسبيح، فهي كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث، إلا صلاة التسبيح، فإن فيها قولين لهم، وأظهر القولين أنها كذب".
وقال أيضًا: "مثل ما صنف بعضهم في فضائل رجب، وغيرهم في فضائل صلوات الأيام والليالي، وصلاة يوم الأحد، وصلاة يوم الاثنين، وصلاة يوم الثلاثاء، وصلاة أول جمعة في رجب، وألفية رجب، وأول رجب، وألفية نصف شعبان، وإحياء ليلتي العيدين، وصلاة يوم عاشوراء، وأجود ما يروى من هذه الصلوات: حديث صلاة التسبيح، وقد رواه أبو داود والترمذي، ومع هذا فلم يقل به أحد من الأئمة الأربعة؛ بل أحمد ضعف الحديث ولم يستحب هذه الصلوات، وأما ابن المبارك فالمنقول عنه ليس مثل الصلاة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصلاة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها قعدة طويلة بعد السجدة الثانية، وهذا يخالف الأصول، فلا يجوز أن تثبت بمثل هذا الحديث، ومن تدبر الأصول علم أنه موضوع"[مجموع الفتاوى (11/ 579)].
وقال ابن حجر في التلخيص (2/ 842 - ط. أضواء السلف): "والحق أن طرقه كلها ضعيفة، وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن، إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والمشاهد من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات، وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقًا صالحًا، فلا يحتمل منه هذا التفرد، وقد ضعفها ابن تيمية والمزي، وتوقف الذهبي، حكاه ابن عبد الهادي عنهم في أحكامه".
• وممن صحح أحاديثها أو حسنها:
تقدم نقل قول مسلم وأبي داود في هذا وتوجيه معناه تحت حديث عكرمة عن ابن عباس، وبينت هناك أن قولهما لا يعني تصحيح الحديث.
وعن الدارقطني، أنه قال:"أصح شيء في فضائل السور: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، وأصح شيء في فضائل الصلوات: صلاة التسبيح"، ويقال فيه ما قيل في قول مسلم وأبي داود.
قال النووي في الأذكار (308): "ولا يلزم من هذه العبارة أن يكون حديث صلاة التسبيح صحيحًا، فإنهم يقولون: هذا أصح ما جاء في الباب، وإن كان ضعيفًا، ومرادهم أرجحه وأقله ضعفًا".
وقال المنذري في الترغيب (1/ 268): "وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة، وعن جماعة من الصحابة، وأمثلها حديث عكرمة هذا، وقد صححه جماعة منهم: الحافظ أبو بكر الآجري، وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري، وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي رحمهم الله تعالى، وقال أبو بكر بن أبي داود: سمعت أبي، يقول: ليس في صلاة التسبيح حديث صحيح غير هذا، وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى: لا يروى في هذا الحديث إسناد أحسن من هذا؛ يعني: إسناد حديث عكرمة عن ابن عباس، وقال الحاكم: قد صحت الرواية عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ابن عمه هذه الصلاة"، ثم قال:"هذا إسناد صحيح لا غبار عليه"، فتعقبه بقوله:"وشيخه أحمد بن داود بن عبد الغفار أبو صالح الحراني ثم المصري: تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وكذبه الدارقطني".
وقال ابن حجر في أمالي الأذكار (77) ونتائج الأفكار (5/ 180): "وقد أطلق عليه الصحة أو الحسن جماعة من الأئمة منهم: أبو داود كما تقدم في الكلام على طريق عكرمة، وأبو بكر الآجري، وأبو بكر الخطيب، وأبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وأبو الحسن ابن المفضل، والمنذري، وابن الصلاح"[وانظر أيضًا: الترجيح لابن ناصر الدين (42 و 43)].
وقال ابن ناصر الدين في الترجيح (66): "وأمثل طرق هذا الحديث إسنادًا، وأجودها في صفة صلاة التسبيح اعتمادًا: ما قدمناه أولًا من حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما".
وحسنه ابن حجر في النكت على مقدمة ابن الصلاح (2/ 848 و 850).
وممن صححه أو حسنه أيضًا: ابن منده، وأبو منصور الديلمي، وابن الصلاح، وصلاح الدين العلائي، وسراج الدين البلقيني، والزركشي، والسبكي [فتاوى ابن الصلاح (1/ 235)، النقد الصحيح (30)، أمالي الأذكار (39 و 75 و 78 و 80)، نتائج الأفكار (5/ 180)، اللآلئ المصنوعة (2/ 38)، تحفة الأبرار بنكت الأذكار (89 و 91 و 92)، الفتوحات الربانية (4/ 310)].