الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستجاب فيها الدعاء" [أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 129/ 11364)، ومن طريقه: الشجري في أماليه (1/ 298)][وهذا حديث باطل؛ تفرد به عن عطاء عن ابن عباس: نافع بن هرمز أبو هرمز؛ وهو: متروك، ذاهب الحديث، كذبه ابن معين، ورماه ابن حبان بالوضع. اللسان (8/ 249)، المغني (2/ 451)، المجروحين (3/ 57)].
° وفي الباب أيضًا عن عدد من الصحابة، ولا تخلو أسانيدها من مقال [راجع: مجمع الزوائد (2/ 220)، وغيره].
* * *
297 - باب الصلاة قبل العصر
1271 -
أبو داود: حدثنا محمد بن مهران القرشي: حدثني جدي أبو المثنى، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحمَ الله امرأً صلى قبلَ العصر أربعًا".
* حديث منكر
أخرجه الترمذي (430)(431 - ط. التأصيل)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 386/ 412)، وابن خزيمة (2/ 206/ 1193)، وابن حبان (6/ 206/ 2453)، وأحمد (2/ 117)، وأبو يعلى (10/ 5748/120)، وابن عدي في الكامل (6/ 243)، والبيهقي (2/ 473)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 893/470).
رواه عن أبي داود الطيالسي: أحمد بن حنبل، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، ويحيى بن موسى البلخي، ومحمود بن غيلان، وسلمة بن شبيب، وأحمد بن عبد الله بن علي بن سويد بن منجوف، وإبراهيم بن محمد بن عرعرة، والحسين بن سلمة بن إسماعيل بن أبي كبشة البصري [وهم ثقات، بعضهم حفاظ]، وغيرهم:
كلهم عن أبي داود الطيالسي، قال: حدثنا محمد بن مسلم بن مهران القرشي [وفي رواية: محمد بن مهران، وفي أخرى: محمد بن مسلم]: حدثني جدي أبو المثنى، عن ابن عمر به مرفوعًا.
° وخالفهم فأخطأ: يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا أبو إبراهيم محمد بن المثنى، عن أبيه، عن جده، عن ابن عمر به مرفوعًا.
أخرجه الطيالسي في مسنده (3/ 44/ 2048)، ومن طريقه: البيهقي (2/ 473).
ويونس بن حبيب، أبو بشر الأصبهاني، راوي مسند الطيالسي: ثقة [الجرح والتعديل (9/ 237)، الثقات (9/ 290)، طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 45)]، وقد وهم في إسناد هذا الحديث، فزاد فيه: عن أبيه، وإنما يرويه شيخ أبي داود عن جده أبي المثنى، وقد تقدم معنا في السنن وهم آخر ليونس بن حبيب على الطيالسي [راجع ما تحت الحديث رقم
1045 -
، في الأحاديث المتعلقة بترجمة الباب فيمن صلى إلى غير القبلة ثم تبين خطأه، حديث عامر بن ربيعة]، والله أعلم.
قال البيهقي بعد رواية الدورقي عن الطيالسي: "هذا هو الصحيح، وهو أبو إبراهيم محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران القرشي؛ سمع جده مسلم بن مهران القرشي، ويقال: محمد بن المثنى، وهو ابن أبي المثنى؛ لأن كنية مسلم أبو المثنى،
…
، وقول القائل في الإسناد الأول: عن أبيه؛ أُراه خطأ، والله أعلم، رواه جماعة عن أبي داود دون ذكر أبيه، منهم سلمة بن شبيب وغيره".
° قال الترمذي: "هذا حديث غريب حسن".
وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 215/ 322): "وسمعت أبي يقول: سألت أبا الوليد الطيالسي، عن حديث محمد بن مسلم بن المثنى، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: "رحم الله من صلى قبل العصر أربعًا"؟
فقال: دع ذي! فقلت: إن أبا داود قد رواه.
فقال أبو الوليد: كان ابن عمر يقول: حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات في اليوم والليلة، فلو كان هذا لعدَّه.
قال أبي: يعني: كان يقول: حفظت اثني عشر ركعةً".
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 78): "سئل أبو زرعة عن محمد بن مسلم بن المثنى؛ الذي يروي عن جده عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى قبل العصر"؟ فقال: هو واهي الحديث".
وقال ابن القطان في بيان الوهم (5/ 702): "ضعيف".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 289) تعقيبًا على أبي الوليد الطيالسي: "ولك أن تقول: هذا ليس بعلة؛ فإن ابن عمر أخبر في ذلك عما حفظه من فعله عليه السلام، وهذا عما حث عليه؛ فلا تنافي بينهما"، وكان قال قبل ذلك:"هذا الحديث حسن"؛ فلم يحسن [وانظر أيضًا: زاد المعاد (1/ 312)].
قلت: إنكار أبي الوليد الطيالسي لهذا الحديث وإقرار أبي حاتم له على ذلك واضح، وهو أن ابن عمر لو كان حفظ هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحث على أربعٍ قبل العصر، لعدَّها في عموم ما نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنن الرواتب، وفرَّق بعد ذلك بين ما كان من فعله صلى الله عليه وسلم، وما كان من قوله وترغيبه، كما فعل في حديثه في العشر التي حفظها؛ فإنه فرَّق فيه بين ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم في بيته، وما كان يفعله في المسجد، وبين ما رآه بنفسه، وبين ما أخذه من أخته حفصة، وهو ركعتا الفجر، وعلل ذلك بقوله: وكانت ساعة لا أدخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم[تقدم تخريج حديث ابن عمر بطرقه تحت الحديث رقم (1128)، والحديث رقم (1132)]، والله أعلم.
وقال العراقي: "جرت عادة المصنف [يعني: الترمذي] أن يقدم الوصف بالحسن على الغرابة، وقدم هنا غريب على حسن.
قال: والظاهر أنه يقدم الوصف الغالب على الحديث، فإن غلب عليه الحسن قدمه، وإن غلبت عليه الغرابة قدمها، وهذا الحديث بهذا اللفظ لا يعرف إلا من هذا الوجه، وانتفت فيه وجوه المتابعات والشواهد، فغلب عليه وصف الغرابة" [قوت المغتذي (1/ 197)].
قلت: هو حديث منكر؛ أبو المثنى هذا، هو: مسلم بن المثنى، ويقال: ابن مهران بن المثنى، قال أبو زرعة وابن عبد البر:"ثقة"، وقال الدارقطني:"لا بأس به"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في الصحيح (6/ 206/ 2453):"أبو المثنى هذا اسمه: مسلم بن المثنى، من ثقات أهل الكوفة"، إلا أنه قال في المشاهير (1163):"ربما وهم في الشيء بعد الشيء على ابن عمر"، وحديثه هذا عن ابن عمر مخالف للثابت عنه، كما تقدم في كلام أبي الوليد الطيالسي، وإقرار أبي حاتم له عليه [انظر: الجرح والتعديل (8/ 195)، سؤالات البرقاني (457)، التهذيب (4/ 72)، [تقدم الكلام عليه في فضل الرحيم الودود (6/ 63/ 511)].
وحفيده محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران بن المثنى: تقدمت ترجمته مطولة في فضل الرحيم الودود (6/ 60/ 511)، ويمكن تلخيص ما نحتاج إليه من كلام الأئمة فيه، فنقول: وثقه ابن معين في رواية الكوسج، وقال في رواية الدوري:"ليس به بأس"، وقال الدارقطني:"لا بأس به"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه".
لكن نقل عمرو بن علي الفلاس عن عبد الرحمن بن مهدي تليينه، فقد ذكر لابن مهدي حديثه في الوتر فأنكره، ولم يرضَ محمدَ بن مسلم هذا، وقال فيه أبو زرعة لما سئل عن حديثه هذا:"واهي الحديث"، وقال عمرو بن علي الفلاس:"روى عنه أبو داود الطيالسي أحاديث منكرة في السواك وغيره"، وقد وقع هذا الحديث مقرونًا بحديث السواك بإسناد واحد من رواية الطيالسي عنه عند ابن عدي [تاريخ ابن معين للدوري (4/ 109/ 3405)، التاريخ الكبير (1/ 23)، الجرح والتعديل (8/ 78)، ضعفاء العقيلي (4/ 142)، الكامل (6/ 243) (9/ 325 و 326/ 15450 - 15452 - ط. الرشد)، تاريخ أسماء الثقات (1232)، سؤالات البرقاني (457)، البدر المنير (4/ 288)].
وأعلَّ أبو الوليد الطيالسي حديثه هذا، واستغربه الترمذي فقال:"حديث غريب حسن"؛ ولم يحسنه على عادته، بل قدم وصفه بالغرابة على وصفه بالحسن، مما يزيد ضعفه عنده، وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 371) وقال:"كان يخطئ"، وقال ابن عدي في الكامل (6/ 243) بعد أن عدَّ حديثه هذا في منكراته:"ومحمد بن مسلم بن مهران هذا ليس له من الحديث إلا اليسير ومقدار ما له من الحديث لا يتبين صدقه من كذبه"، وقال ابن القطان في بيان الوهم (4/ 192/ 1680): "وقد ذكره [يعني: هذا الحديث] أبو أحمد
[يعني: ابن عدي] في جملة ما أورد مما أنكر عليه"، ثم نص على تضعيف حديثه هذا في موضع آخر (5/ 702)، وانظر: المعرفة والتاريخ (3/ 29).
فإذا كان محمد بن إبراهيم بن مسلم هذا مع قلة حديثه يهم في أكثره، وقد أنكر عليه أئمة النقاد بعض أحاديثه، ومنها هذا الحديث بعينه، فحري به أن يُضعَّف، وفي أحسن الأحوال يقال: ليِّن الحديث، والله أعلم.
* * *
1272 -
قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبلَ العصر ركعتين.
حديث منكر
أخرجه من طريق أبي داود: ابن حزم في المحلى (2/ 250)، والضياء في المختارة (2/ 155/ 529).
تابع حفص بن عمر الحوضي [وهو: ثقة ثبت]:
غندر محمد بن جعفر، ووهب بن جرير، ويزيد بن زريع، وخالد بن الحارث [وهم ثقات حفاظ]:
حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عاصم بن ضمرة، يقول: سألنا عليًا رضي الله عنه عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهار، فقال: إنكم لا تطيقون ذلك، قلنا: من أطاق منا ذلك؟ قال: إذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا عند العصر صلى ركعتين، وإذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا عند الظهر صلى أربعًا، ويصلي قبل الظهر أربعًا وبعدها ركعتين، و [يصلي] قبل العصر أربعًا، ويفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين والمرسلين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين.
أخرجه بتمامه أو طرفًا منه: الترمذي في الجامع (598 و 599)، وفي الشمائل (287)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 170/ 558)، والنسائي في المجتبى (2/ 119/ 874)، وفي الكبرى (1/ 212/ 337) و (1/ 214/ 343) و (1/ 215/ 346) و (1/ 262/ 472)، وابن خزيمة (2/ 218/ 1211)، وأحمد (1/ 160)، والبزار (2/ 262/ 673)، وأبو يعلى (1/ 318/269)، وابن حزم في المحلى (2/ 250)، والبغوي في شرح السنة (3/ 467/ 892)، وفي الشمائل (600)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 145).
ورواه أبو داود الطيالسي، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو عامر العقدي [وهم ثقات]:
عن شعبة، عن أبي إسحاق؛ سمع عاصم بن ضمرة، عن علي؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الضحى.
أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 261/ 471)، وابن خزيمة (2/ 233/ 1232)، وأحمد (2/ 89)، والطيالسي (1/ 116/ 129)، وأبو يعلى (1/ 279/ 334)، والضياء في المختارة (2/ 160/ 539 و 540).
قال ابن خزيمة: "هذا الخبر عندي مختصر من حديث عاصم بن ضمرة: سألنا عليًا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أمليته قبل، قال في الخبر: إذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا عند العصر صلى ركعتين، فهذه صلاة الضحى".
° وهذا الحديث رواه عن أبي إسحاق السبيعي جمع كبير من أصحابه وأثبت الناس فيه؛ منهم: شعبة بن الحجاج [وتقدم حديثه]، وسفيان الثوري، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وزهير بن معاوية، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وسليمان بن مهران الأعمش [ولا يثبت عنه]، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وزكريا بن أبي زائدة، والعلاء بن المسيب، وحصين بن عبد الرحمن السلمي، وعبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، وشريك بن عبد الله النخعي، ومعمر بن راشد، والجراح بن مليح، ومسعر بن كدام، وفضيل بن مرزوق، وعبد العزيز بن أبي رواد، وخالد بن مهران الحذاء [وهو غريب من حديثه]:
1 -
فأما حديث سفيان الثوري:
فقد رواه وكيع بن الجراح، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، والحسين بن حفص، وعبد الرزاق بن همام، وإبراهيم بن خالد الصنعاني [وهم ثقات، من أصحاب الثوري]:
عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: سألنا عليًا عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، فقال: إنكم لا تطيقونه، قال: قلنا: أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر أمهل، حتى إذا كانت الشمس من هاهنا - يعني: من قبل المشرق - مقدارها من صلاة العصر من هاهنا - يعني: من قبل المغرب -، قام فصلى ركعتين، ثم يمهل [وفي رواية أبي عامر: فإذا ارتفع الضحى] حتى إذا كانت الشمس من هاهنا - يعني: من قبل المشرق - مقدارها من صلاة الظهر من هاهنا - يعني: من قبل المغرب - قام فصلى أربعًا، وأربعًا قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعد الظهر، وأربعًا قبل العصر، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين. قال: قال علي: تلك ست عشرة ركعةً، تطوعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار، وقل من يداوم عليها. واللفظ لوكيع، وفي رواية أبي عامر أعاد جملة الفصل بالتسليم على الملائكة
…
في كل موضع، ولم يكتف بجعلها في ختام الكلام.
أخرجه هكذا بتمامه، وبطرف منه: الترمذي (424 و 429)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 380/ 408) و (2/ 384/ 411)، وابن ماجه (1161)، وأحمد في المسند (1/ 85 و 143)، وفي العلل ومعرفة الرجال (1/ 209/ 224)،
وابنه عبد الله في زيادات المسند (1/ 143)، وعبد الرزاق (3/ 63/ 4806)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (62 و 64)، والبزار (2/ 263/ 675)، وأبو يعلى (1/ 458/ 622)، والدارقطني (2/ 81)، والبيهقي (3/ 50)، والبغوي في شرح السنة (3/ 448/ 872).
(2 - 5) - وأما حديث اسرائيل، والجراح بن مليح، ومعمر بن راشد، وخالد بن مهران الحذاء [وهو غريب من حديثه]:
فرواه إسرائيل [وعنه: وكيع بن الجراح، وروح بن عبادة، وعبيد الله بن موسى، وحسين بن محمد]، والجراح بن مليح، ومعمر بن راشد، وخالد الحذاء [وفي الإسناد إليه: عبد الغفار بن عبد اللّه بن الزبير أبو نصر: محدث موصلي معروف، روى عنه أبو يعلى الموصلي، ويعقوب بن سفيان الفسوي، والحسن بن علي المعمري الحافظ، وعلي بن عبد العزيز البغوي الحافظ، وأهل الموصل، مكثر عن علي بن مسهر، ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره ابن عدي فيمن لقنوه فلُقِّن، فذكر له حديثًا كان قد تلقنه، ثم رجع عنه. الجرح والتعديل (6/ 54)، الثقات (8/ 421)، الكامل (1/ 32)، تالي تلخيص المتشابه (2/ 569)، بيان الوهم (4/ 61 - 62)، تاريخ الإسلام (18/ 334)، التلخيص (4/ 56)]:
عن أبي إسحاق، قال: سمعت عاصم بن ضمرة، يحدث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي رضي الله عنه، بنحوه مطولًا.
أخرجه ابن ماجه (1161)، وأحمد في المسند (1/ 85 و 143)، وفي العلل ومعرفة الرجال (1/ 209/ 224)، وعبد الرزاق (3/ 63/ 4806) و (3/ 64/ 4807)، والبزار (2/ 264/ 676)، والطبراني في الأوسط (3/ 365/ 3415)، والبيهقي (3/ 51)، وعبد الغني المقدسي في أخبار الصلاة (65)، والضياء في المختارة (2/ 143/ 514).
قال وكيع: وقال أبي: قال حبيب بن أبي ثابت: يا أبا إسحاق ما أُحب أن لي بحديثك هذا ملء مسجدك ذهبًا.
° تنبيه: وقع في رواية البيهقي من طريق إسرائيل: "وقلما يداوم عليها"، وهي شاذة، والمحفوظ كما تقدم في رواية الثوري: وقلَّ من يداوم عليها، وهكذا وجدتها أيضًا من طريق إسرائيل عند عبد الغني المقدسي، ويؤيده أول السياق حيث قال: فقال: إنكم لا تطيقونه، قال: قلنا: أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا، فلو كان لا يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف لا يطيقونها إذا فعلوها على تيسر الطاقات، وخلو الأوقات؟ وقوله في بعض الروايات: ومن يطيق ذلك؟ قرينة دالة على مداومته عليها، أما لو أنه صلى الله عليه وسلم كان قلما يداوم عليها، وإنما يفعلها عند النشاط ونحو ذلك؛ لما كان في ذلك مشقة، ولما كان لعبارته معنى في عدم إطاقته، والله أعلم.
6 -
وأما حديث أبي الأحوص:
فقد رواه أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: قال ناس من
أصحاب علي لعلي: ألا تحدثنا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار والتطوع، قال: فقال علي: إنكم لن تطيقوها، فقالوا: أخبرنا بها نأخذ منها ما أطقنا، قال: فقال: كان إذا ارتفعت الشمس من مشرقها، فكانت كهيئتها من المغرب من صلاة العصر صلى ركعتين، فإذا كانت من المشرق كهيئتها من الظهر من المغرب، صلى أربع ركعات، وصلى قبل الظهر أربع ركعات، وبعد الظهر ركعتين، وصلى قبل العصر أربع ركعات، يسلم في كل ركعتين على الملائكة المقربين، والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 19/ 5966)، وعنه: عبد الله بن أحمد في زيادات المسند (1/ 142).
7 -
وأما حديث زهير بن معاوية:
فقد رواه زهير، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: سألنا عليًا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنكم لن تطيقوها، قلنا: فأخبرنا فإنا نحب أن نعلمها، قال: إذا كانت الشمس من قبل مشرقها كنحو من صلاة العصر قام فصلى ركعتين، ثم يمهل الشمس حتى إذا كانت من مشرقها كنحو من صلاة الأولى صلى أربع ركعات، ثم ينطلق إلى أهله فيتنفل إن بدا له، ثم يقوم حين تميل الشمس فيصلي أربع ركعات، ثم يصلي بعد الظهر ركعتين، وقبل العصر أربع ركعات.
أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 212/ 338)، والطيالسي (1/ 117/ 130)، والبيهقي (2/ 473).
هكذا رواه أحمد بن سليمان بن عبد الملك الرهاوي، وهو: ثقة حافظ، وانفرد فيه بهذه الجملة: ثم ينطلق إلى أهله فيتنفل إن بدا له، وهي شاذة من حديث أبي إسحاق، فقد رواه عنه بدونها أثبت الناس فيه؛ الثوري وشعبة وإسرائيل، وخالف الرهاوي فلم يذكرها: أبو داود الطيالسي، فرواه عن زهير مختصرًا بدونها، ولفظه: سألت عليًا رضي الله عنه عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر من صلاته: قبل الظهر أربعًا، وركعتين بعد الظهر، وأربع ركعات قبل العصر.
8 -
وأما حديث أبي عوانة:
فقد رواه أبو كامل الجحدري فضيل بن الحسين [واللفظ له]، والعباس بن الوليد النرسي [مختصرًا، ووهم في قوله: من الليل]:
حدثنا أبو عوانة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي؛ أنه سئل عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار، فقال: كان يصلي ست عشرة ركعة، قال: يصلي إذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا كصلاة العصر ركعتين، وكان يصلي إذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا كصلاة الظهر أربع ركعات، وكان يصلي قبل الظهر أربع ركعات، وبعد الظهر ركعتين، وقبل العصر أربع ركعات.
أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند (1/ 142 و 145) (1/ 313/ 1218 -
ط. المكنز) و (1/ 319/ 1250 - ط. المكنز)، ومن طريقه: أبو طاهر السلفي في التاسع عشر من المشيخة البغدادية (24)(1576 - مشيخة المحدثين البغدادية)[وسقط من إسناده رجلان]. والضياء في المختارة (2/ 513/142).
9 -
وأما حديث الأعمش [فلا يثبت عنه]:
فقد رواه عبد الرحمن بن مغراء، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: قلنا لعلي: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنكم لا تطيقونها، قلنا: أخبرنا، قال: إنكم لا تطيقونها، فرددنا ذلك عليه مرارًا، فقال: كان إذا كانت الشمس من ها هنا مقدارها من ها هنا - يعني: المغرب - صلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت ها هنا بمقدارها عند الظهر صلى أربعًا، ثم يمكث حتى إذا جاء الفيء، وزالت الشمس صلى أربعًا، ثم يصلي قبل العصر أربعًا.
أخرجه البزار (2/ 261/ 672)، قال: حدثنا يوسف بن موسى [ابن راشد بن بلال القطان: ثقة]، قال: نا عبد الرحمن به.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش عن أبي إسحاق، إلا عبد الرحمن بن مغراء، وقد رواه غير واحد عن أبي إسحاق".
قلت: لا يثبت من حديث الأعمش؛ فإن عبد الرحمن بن مغراء: صدوق، حدث عن الأعمش بأحاديث منكرة لم يتابع عليها، نعم؛ صدَّقه أبو زرعة ووثقه آخرون، لكن قال ابن عدي:"إنما أنكرت على أبي زهير هذا [يعني: عبد الرحمن بن مغراء] أحاديث يرويها عن الأعمش لا يتابعه الثقات عليها، وله عن غير الأعمش غرائب، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم"، وأنكر أبو حاتم على ابن مغراء حديثًا رواه عن الأعمش.
وعلى هذا فعبد الرحمن بن مغراء: إن وافق الثقات في روايته عن الأعمش: قُبِل حديثه، وأما إذا خالفهم أو تفرد دونهم بحديث لم يروه أصحاب الأعمش: رُدَّ حديثه.
[انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (5/ 290)، علل ابن أبي حاتم (1/ 256/ 756)، الثقات (7/ 92)، الكامل (4/ 289)، التهذيب (5/ 179)، الميزان (2/ 592)، إكمال مغلطاي (8/ 230)، التقريب (600)، وقال: "صدوق، تكلم في حديثه عن الأعمش"].
(10 - 12) - وأما حديث زكريا بن أبي زائدة، والعلاء بن المسيب، وشريك: فقد رواه زكريا بن أبي زائدة، والعلاء بن المسيب، وشريك:
عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: أتينا علي بن أبي طالب، فقلنا: يا أمير المؤمنين، ألا تحدثنا عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم تطوعَه؟ فقال: وأيكم يطيقه؟ قالوا: نأخذ منه ما أطقنا، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من النهار [وقال العلاء: من الليل] ست عشرة ركعة سوى المكتوبة.
أخرجه أحمد (1/ 111)، وابنه عبد الله في زياداته على المسند (1/ 145 - 146).
13 -
وأما حديث حصين بن عبد الرحمن:
فقد رواه محمد بن المثنى [ثقة ثبت]، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن السهمي البصري: أخبرنا حصين بن عبد الرحمن، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: سألت علي بن أبي طالب عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهار بعد المكتوبة؟ قال: ومن يطيق ذلك؟ ثم أخبره قال: كان يصلي حين ترتفع الشمس ركعتين، وقبل نصف النهار أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة، وقبل الظهر أربع ركعات بجعل التسليم في آخر ركعة، وبعدها أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة.
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 120/ 875)، وفي الكبرى (1/ 212/ 336) و (1/ 215 - 216/ 347)، وابن عدي في الكامل (6/ 192)، وابن حزم في المحلى (2/ 250).
• ورواه شبَاب العصفري خليفة بن خياط [صدوق]، قال: نا محمد بن عبد الرحمن السهمي، قال: نا حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا، يجعل التسليم في آخرهنَّ ركعة.
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (2/ 448/ 874)، والطبراني في الأوسط (2/ 172/ 1617).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا حصين، ولا رواه عن حصين إلا محمد بن عبد الرحمن السهمي".
وقال أبو بكر الأثرم في الناسخ (39): "وهذا حديث واهٍ؛ لأن هذا الشيخ السهمي ليس بالمعروف بالعلم، ولأن هذا الحديث قد رواه شعبة وجماعة عن أبي إسحاق، فلم يذكروا هذا فيه".
قلت: ومحمد بن عبد الرحمن السهمي: روى له البخاري في التاريخ حديثًا، ثم قال:"ولا يتابع عليه"، وقال أبو حاتم:"ليس بمشهور"، وقال العقيلي:"لا يتابع على حديثه"، وله أوهام، ونقل ابن حجر في اللسان عن ابن أبي حاتم أنه نقل عن ابن معين قوله:"ضعيف"، ومع ذلك: فقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:"ولمحمد بن عبد الرحمن غير ما ذكرت، وهو عندي لا بأس به"[التاريخ الكبير (1/ 162)، الضعفاء الكبير (4/ 101)، الجرح والتعديل (7/ 326)، الثقات (9/ 72)، الكامل (6/ 191)، علل الدارقطني (13/ 407/ 3301)، تاريخ الإسلام (12/ 372)، اللسان (7/ 277)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 429)].
فهو حديث منكر من حديث حصين عن أبي إسحاق، وصوابه:
° ما رواه هشيم بن بشير [وهو: ثقة ثبت، أثبت الناس في حصين]، عن حصين، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعًا.
أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 333/210).
وقد سبق الكلام عليه تحت الحديث رقم (1001)، وتحت الحديث رقم (1133)، الشاهد رقم (5).
14 -
وأما حديث عبد الملك بن أبي سليمان:
فقد رواه ابن فضيل، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، أنه سئل عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أيكم يطيق صلاة رسول صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: نحب أن نعلمها، قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، - يعني: من مطلعها -، قدر رمح أو رمحين كقدر صلاة العصر من مغربها صلى ركعتين، ثم يمهل، حتى إذا ارتفع الضحى صلى أربع ركعات، ثم يمهل، حتى إذا زالت الشمس صلى أربع ركعات قبل الظهر حين تزول الشمس، فإذا صلى الظهر صلى بعدها ركعتين، وقبل العصر أربع ركعات، فذلك ست عشرة ركعة.
أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 209/ 330) و (1/ 211/ 335) و (5/ 215/ 345) و (1/ 262/ 473)، والبزار (2/ 265/ 677)[وفي سياقه لفظة شاذة].
قال البزار: "ولا نعلم أسند عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي إلا هذا الحديث، ولا رواه عن عبد الملك إلا محمد بن فضيل".
(15 و 16) - وأما حديث فضيل بن مرزوق، وعبد العزيز بن أبي رواد:
فقد رواه فضيل بن مرزوق [وعنه: سعيد بن سليمان الواسطي، وهو: ثقة حافظ]، وعبد العزيز بن أبي رواد [وعنه: ابنه عبد المجيد، والراوي عنه: حريز بن المسلم، وشيخ الطبراني فيه: مجهول]:
عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربعًا. لفظ الواسطي.
وفي رواية ثانية لفضيل [من رواية عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي عنه، وهو: لا بأس به]: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كانت الشمس من المشرق من مكانها من المغرب صلاة العصر.
وفي ثالثة لفضيل [من رواية سعيد بن خثيم أبي معمر الهلالي عنه، وهو: ليس به بأس]: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من التطوع ثماني ركعات، وبالنهار ثنتي عشرة ركعة.
ولفظ ابن أبي رواد [عند الطبراني]: سألنا عليًا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار، فقال: إنكم لا تطيقونها، قالوا: إنا نحب أن نعلمها، قال: كان يمهل حتى إذا كانت الشمس من مشرقها كنحو العصر من مغربها أتى أهله فيقيل إن بدا له، فإذا زالت الشمس قام فصلى أربع ركعات، ويصلي بعد الظهر ركعتين، وقبل العصر أربع ركعات.
أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1/ 147 و 147 - 148)، وأبو يعلى (1/ 383/ 495)، والطبراني في الأوسط (1/ 281/ 916) و (9/ 130/ 9328)، وفي
الصغير (1124)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 2022/ 1676)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 145)، والضياء في المختارة (2/ 517/146) و (2/ 147/ 518).
قال الطبراني في حديث ابن أبي رواد: "لم يرو هذه الأحاديث عن عبد العزيز بن أبي رواد إلا ابنه، تفرد بها: حريز بن المسلم".
قلت: كلا الحديثين وهم على أبي إسحاق؛ أما حديث فضيل بن مرزوق فالمحفوظ منه رواية سعيد بن سليمان الواسطي، ورواية المحاربي أيضًا، وأما رواية سعيد بن خثيم فهي وهم، وفضيل بن مرزوق: تُكُلِّم فيه، وهو: لا بأس به.
وعبد العزيز بن أبي رواد، وابنه عبد المجيد: صدوقان، لهما أوهام ومناكير، وما أنكروه على عبد المجيد أكثر، ولا تصح هذه المتابعة، ولا تثبت عن عبد المجيد بن أبي رواد المكي، حيث تفرد بها عنه أحد الغرباء من أهل اليمن: حريز بن المسلَّم، وهو: رجل مجهول من أهل صنعاء، ترجم له ابن حبان في الثقات، فقال:"حريز بن مسلم بن حريز الصنعاني: يروي عن سفيان بن عيينة، روى عنه أهل اليمن"[الثقات (8/ 213)]، وترجم له ابن ماكولا في الإكمال (7/ 244) فقال:"يروي عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وغيره، روى عنه الفاكهي"، وله ترجمة في المؤتلف والمختلف للدراقطني (4/ 2002)، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين الدمشقي (2/ 291) و (8/ 148)، وقال الهيثمي في المجمع (5/ 175) و (7/ 281):"لم أعرفه"، وشيخ الطبراني: مجهول.
17 -
وأما حديث مسعر بن كدام:
فقد رواه أبو نعيم [الفضيل بن دكين: ثقة ثبت]، قال: حدثنا مسعر، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى أربعًا قبل الظهر.
أخرجه أحمد (1/ 147)، والبزار (2/ 273/ 692)، وابن المقرئ في المعجم (368)، وتمام في الفوائد (1713).
قال البزار: "ولا نعلم أسند مسعر عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي إلا هذا الحديث".
° ورواه عمر بن علي المقدمي [ثقة]، عن مسعر بن كدام، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي؛ أنه كان يصلي قبل الظهر أربعًا، وذكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها عند الزوال، ويمدُّ فيها.
أخرجه الترمذي في الشمائل (296)، والدارقطني في الأفراد (1/ 104 و 105/ 379 و 385 - أطرافه).
قال الدارقطني: "تفرد به علي بن عمر المقدمي عن مسعر بهذا اللفظ".
° ورواه أبو يحيى الحماني [عبد الحميد بن عبد الرحمن: صدوق يخطئ]: ثنا مسعر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى أربع ركعات قبل العصر.
أخرجه محمد بن عاصم الثقفي في جزئه (29)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 246).
قال أبو نعيم: "تفرد به الحماني عن مسعر"، قلت: إن كان على هذا اللفظ فنعم، وإن كان على أصل الحديث؛ فقد تابعه أبو نعيم والمقدمي.
° وانظر فيمن وهم، فقلب إسناده، وجعله عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي: ما أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 340)، وأبو طاهر السلفي في الثالث والعشرين من المشيخة البغدادية (9)(1942 - المشيخة البغدادية).
° وبعد استعراض طرق هذا الحديث عن أبي إسحاق السبيعي، حيث رواه عنه ثمانية عشر رجلًا؛ نذكر أقوال الأئمة فيه:
قال الترمذي في الموضع الأول: "حديث علي: حديث حسن.
حدثنا أبو بكر العطار، قال: قال علي بن عبد الله، عن يحيى بن سعيد، عن سفيان قال: كنا نعرف فضل حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم: يختارون أن يصلي الرجل قبل الظهر أربع ركعات، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، يرون الفصل بين كل ركعتين، وبه يقول الشافعي وأحمد".
وقال في الموضع الثاني: "حديث علي: حديث حسن.
واختار إسحاق بن إبراهيم أن لا يفصل في الأربع قبل العصر، واحتج بهذا الحديث، وقال: ومعنى أنه يفصل بينهن بالتسليم؛ يعني: التشهد، ورأى الشافعي وأحمد: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، يختاران الفصل".
وقال في الموضع الثالث: "هذا حديث حسن.
وقال إسحاق بن إبراهيم: أحسن شيء روي في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم في النهار هذا.
وروي عن عبد الله بن المبارك أنه كان يضعِّف هذا الحديث.
وإنما ضعَّفه عندنا - والله أعلم - لأنه لا يروى مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، عن عاصم بن ضمرة عن علي، وعاصم بن ضمرة: هو ثقة عند بعض أهل العلم، قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد القطان: قال سفيان: كنا نعرف فضل حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث".
وقال البزار: "ولا نعلم يروى هذا الكلام وهذا الفعل إلا عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وأنكره أبو إسحاق الجوزجاني على عاصم بن ضمرة، ويأتي نقل كلامه.
وقال البيهقي (3/ 51): "تفرد به عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه، وكان عبد الله بن المبارك يضعِّفه، فيطعن في روايته هذا الحديث، والله أعلم".
قلت: عاصم بن ضمرة السلولي: مشهور بالرواية عن علي بن أبي طالب، قال أبو إسحاق السبيعي: "جاورنا عاصم بن ضمرة ثلاثين سنة فما حدثنا حديثًا قط إلا عن
علي رضي الله عنه" [التاريخ الأوسط (1/ 218)، التاريخ الكبير (6/ 482)، العلل ومعرفة الرجال (1/ 504/ 1175) و (2/ 294/ 2309)].
يروي عن علي أحاديث مستقيمة توافق مرويات الثقات، ولأجلها وثقه: ابن معين وابن المديني وابن سعد والعجلي وابن شاهين، وقال الترمذي:"وعاصم بن ضمرة: هو ثقة عند بعض أهل العلم"، وقال عثمان بن سعيد الدارمي:"قلت ليحيى بن معين: فعاصم بن ضمرة؟ فقال: ثقة، قلت: عاصم أحب إليك أم حارثة - أعني: ابن مضرِّب -؟ فقال: كلاهما، ولم يخير"، قال عثمان:"حارثة خير"، قلت: وهو كما قال الدارمي، وقال النسائي:"ليس به بأس"، وقال في السنن الكبرى (7/ 420/ 8361):"والحارث الأعور ليس بذاك في الحديث، وعاصم بن ضمرة أصلح منه"، وقال البزار:"صالح الحديث"، وسأل أبو داود أحمد عنه، فقال:"قلت لأحمد: عاصم بن ضمرة أحب إليك أم الحارث؟ فقال: عاصم، أي شيء لعاصم من المناكير، قال الحسين [هو: ابن إدريس راوي السؤالات عن أبي داود]: أي ليس له مناكير"، قلت: لعل أحمد أراد: ما أقلَّ مناكيره؛ بالنسبة للحارث الذي كذبه بعضهم لكثرة المناكير والأباطيل التي جاء بها، وفي رواية غير مشهورة عن أحمد:"هو أعلى من الحارث الأعور، وهو عندي حجة"، وقال الذهبي:"وهو حسن الحديث"[طبقات ابن سعد (6/ 222)، التاريخ الكبير (6/ 482)، العلل ومعرفة الرجال (3/ 225/ 4981)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 268/ 1260)، تاريخ ابن معين للدارمي (516 و 518)، من كلام أبي زكريا في الرجال (159)، معرفة الثقات (811)، سؤالات أبي داود (331)، الجرح والتعديل (1/ 80) و (6/ 345)، ضعفاء العقيلي (1/ 209)، الكامل لابن عدي (5/ 224)، تاريخ أسماء الثقات (832 و 839)، الميزان (2/ 352)، تاريخ الإسلام (5/ 427)، الإكمال لمغلطاي (7/ 106)، التهذيب (2/ 253)].
وقد قدَّمه جماعةٌ على الحارث بن عبد اللّه الأعور، والحارث: ضعيف، وممن قدمه عليه: سفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن عمار، وسئل علي بن المديني عن عاصم بن ضمرة والحارث، فقال:"الحارث كذاب".
وفي المقابل: فقد ضعفه وحمل عليه غيرهم:
فقد نقل مغلطاي في إكماله (7/ 106) قال: "وقال أبو داود السجستاني - فيما حكاه الآجري -: أحاديثه بواطيل"، ولا أظن هذا يثبت عن أبي داود بإطلاق؛ فقد احتج بأحاديث أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة في سننه في مواضع، وإنما تكلم في رواية حبيب عنه [كما سيأتي]، فلعله أراد أحاديث حبيب بن أبي ثابت عن عاصم، فإنها لا تثبت، وأكثرها إنما هي أحاديث عمرو بن خالد الواسطي، وهو: كذاب، يضع الحديث، والله أعلم.
وهذا ابن حبان لم يخرج له في صحيحه، ولم يورده في ثقاته، بل أدخله في
المجروحين (2/ 125)، وحمل عليه حملًا شديدًا، فقال: "روى عنه الحكم بن عتيبة وأبو إسحاق السبيعي، كان رديء الحفظ، فاحش الخطأ، يرفع عن عليٍّ قوْلَه كثيرًا، فلما فحش ذلك في روايته استحق الترك؛ على أنه أحسن حالًا من الحارث.
سمعت الحنبلي، يقول: سمعت أحمد بن زهير، يقول: سئل يحيى بن معين: أيما أحب إليك، الحارث عن علي، أو عاصم بن ضمرة عن علي؟ قال: عاصم بن ضمرة".
هكذا قال ابن حبان، ولم يدلل كعادته على صحة ما يدعيه في الرجال، بإيراد الأحاديث التي أنكرت عليهم، وتَبيَّن فيها خطؤهم، سوى أنه قال: يرفع الموقوفات.
وأما ابن عدي في كامله (5/ 224)(8/ 178 - ط. الرشد) فإنه أيضًا لم يورد شيئًا مما ينكَر على عاصم، لكنه أورد كلام بعض الأئمة في أصحاب علي، وهو جرح عام لا يتناول عاصم بن ضمرة بخصوصه، مثل قول مغيرة بن مقسم الضبي:"لم يصدق على عليٍّ في الحديث إلا من أصحاب عبد الله بن مسعود"، وسئل إبراهيم النخعي: أدركتَ أصحابَ علي، وأصحابَ عبد الله، فأخذتَ بقول أصحاب عبد الله، وتركتَ قول أصحاب علي؟ قال:"أتهم أصحاب علي"[وانظر: مختصر الخلافيات (2/ 429)].
قلت: وهذان القولان فيهما مبالغة ظاهرة، وهو جرح مجمل؛ لعله عُني به جماعةٌ من أصحاب علي ممن اتهموا أو ضعفوا، ولم يُرَد استقصاء أصحاب علي، ففيهم جماعة من ثقات التابعين، مثل: حارثة بن مضرب، والحارث بن سويد، وحضين بن المنذر، وحنش الصنعاني، وأبي الهياج الأسدي حيان بن حصين، وخلاس بن عمرو الهجري، وعبد خير بن يزيد الهمداني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعَبيدة السلماني، وعبيد الله بن أبي رافع، وعلي بن ربيعة الوالبي، ومطرف بن عبد الله بن الشخير، وغيرهم، قال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي: سألت أبا عبد اللّه عن الثبت عن علي؟ فقال: "عَبيدة، وأبو عبد الرحمن، وحارثة، وحبة بن جوين، وعبد خير"، قال أبو جعفر: فقلت له: فزِرٌّ وعلقمة والأسود؟ قال: "هؤلاء أصحاب ابن مسعود، وروايتهم عن علي يسيرة"[إكمال مغلطاي (3/ 336) و (9/ 115)، التهذيب (1/ 342)]، أعني بذلك: أن الإمام أحمد قد فرق بين ثقات أصحاب علي، وبين ثقات أصحاب ابن مسعود، وفي كلامه رد ضمني على قولي مغيرة وإبراهيم، ومن ثم فلا يصلح الاحتجاج بهذين القولين على تضعيف عاصم بن ضمرة، لا سيما مع ثبوت توثيق جماعة من الأئمة له.
ثم قال ابن عدي: "وعاصم بن ضمرة: لم أذكر له حديثًا؛ لكثرة ما يروي عن علي مما ينفرد به، ومما لا يتابعه الثقات عليه، والذي يرويه عن عاصم قوم ثقات، البلية من عاصم!! ليس ممن يروي عنه".
وكلام ابن عدي هنا ظاهره أنه لم يفرق بين المناكير التي وقعت في حديثه بسبب رواية حبيب والحكم؛ ولا تصح لهما رواية عن عاصم، أو بسبب عاصم نفسه، ولعل ابن عدي عول في حكمه هذا على كلام الجوزجاني الآتي ذكره، فإن كان كذلك، فهو كما
قال، أعني: أن البلية فيها من عاصم، لصحة الطريق إليه، لكن الجوزجاني لم ينتقد عليه سوى حديثين اثنين فقط، وهذا هو الحق! أن المناكير التي وقعت من عاصم نفسه قليلة، وليست بالكثيرة، كما ادعى ابن عدي؛ وبهذا يكون ابن عدي قد وقع في نفس الشيء الذي وقع لابن حبان، حيث لم ينصفا الرجل، وكأنهما ألقيا بتوثيق جماعة من الأئمة وراء ظهورهما.
• وقد أكثر أبو إسحاق من الرواية عن عاصم، وسمع منه كثيرًا، وقد سبق النقل عنه أنه جاوره ثلاثين سنة، والغالب على روايته عنه الاستقامة؛ لكن تكلم بعض الأئمة في رواية غيره عنه:
قال الآجري لأبي داود: "سمع حبيب من عاصم بن ضمرة؟ "، فقال أبو داود:"ليس لحبيب عن عاصم شيء يصح"، لذا فقد احتج أبو داود بأحاديث لأبي إسحاق عن عاصم، وأنكر حديث حبيب عن عاصم، فقال في السنن (4015) في حديث:"لا تكشف فخذك": "هذا الحديث فيه نكارة"، وضعفه أيضًا أبو حاتم في العلل (2308)، وقال:"ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم"، وقال فيه الدارقطني في سننه (1/ 225):"فيه نظر"، وروى عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري قال: سمعته يقول: "إن حبيب بن أبي ثابت: لم يرو عن عاصم بن ضمرة شيئًا قط"، وقال أبو حاتم في العلل (1502):"روى عمرو بن خالد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أحاديث موضوعة؛ خمسةً ستةً"، واستثنى ابن المديني حديثًا واحدًا، فقال:"لم يرو حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة إلا حديثًا واحدًا"، وقال مرة:"أحاديث حبيب عن عاصم بن ضمرة: لا تصح، إنما هي مأخوذة عن عمرو بن خالد الواسطي"[سؤالات اللآجري (488)، المعرفة والتاريخ (1/ 394)، الجرح والتعديل (1/ 79)، المراسيل (82)، ضعفاء العقيلي (1/ 223)، الكامل (7/ 280)، سنن البيهقي (2/ 401)، شرح العلل (2/ 828)، فضل الرحيم الودود (3/ 155/ 234)].
وأنكر أبو حاتم حديثًا للحكم بن عتيبة عن عاصم بن ضمرة، ورجاله ثقات، وقال:"لا أعلم روى الحكم بن عتيبة عن عاصم بن ضمرة شيئًا"، ثم قال:"ولا يشبه هذا الحديث حديث الحكم"[العلل لابن أبي حاتم (306 و 1563)، المراسيل (167)، العلل ومعرفة الرجال (939)].
وممن فصل أيضًا في الرواة عن عاصم: أبو بكر البزار حيث قال: "حدث عنه: أبو إسحاق، والحكم بن عتيبة، وحبيب بن أبي ثابت، ولا نعلم حدث عنه غير هؤلاء، وهو صالح الحديث، وأما ما روى عنه حبيب: فروى عنه أحاديث مناكير، وأحسب أن حبيبًا لم يسمع منه، إنما بلغه عنه هذه الأحاديث، ولا نعلمه روى إلا عن علي بن أبي طالب؛ إلا حديثًا
…
" [إكمال تهذيب الكمال (7/ 106)].
كذلك فقد أنكر أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم أحاديث لعاصم لعدم صحة
الإسناد إليه، ولم يحملوا على عاصم بشيء [انظر مثلًا: العلل ومعرفة الرجال (330 و 1332 و 3944 و 3945 و 4549)، سؤالات المروذي (264 و 270)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 547/ 1322)، ضعفاء العقيلي (1/ 223)، العلل لابن أبي حاتم (1502)، الكامل لابن عدي (1/ 123) و (5/ 125 و 126)، شرح علل الترمذي (2/ 753 و 827)] [ومنهم من أخطأ في ذلك فحمل عاصمًا التبعة، وهو منها برئ، مثل: البيهقي، حيث قال في السنن (2/ 139): "وعاصم بن ضمرة: غير محتج به"، وقال في موضع آخر (2/ 173): "ليس بالقوي"، وانظر أيضًا: السنن (6/ 188)، مختصر الخلافيات (3/ 468)].
° وحاصل كلام الأئمة: أن عاصم بن ضمرة قد روى عنه ثلاثة من الثقات: أبو إسحاق السبيعي، وحبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عتيبة، ولا يثبت له حديث من رواية حبيب والحكم، والحمل فيها على من دون عاصم، وعلى هذا: فالذي صح لعاصم بن ضمرة إنما هو من رواية أبي إسحاق السبيعي عنه.
وقد ثبت عن بعض الأئمة تضعيف بعض ما رواه أبو إسحاق السبيعي عن عاصم: فقد نقل الترمذي والبيهقي عن عبد الله بن المبارك أنه كان يضعِّف هذا الحديث في تطوع النهار.
وقد انتقد الجوزجاني عليه حديثين من رواية أبي إسحاق عنه، هذا أحدهما، وقد أتى فيهما ببرهان واضح، وحجة جلية، ولم يكن ذلك عن تعصب على أصحاب علي؛ كما ادعى ذلك ابن حجر في تهذيبه (2/ 254)، وإلا فما سبق نقله عن المغيرة وإبراهيم النخعي لهو أشد وأفظع مما قاله الجوزجاني؛ حيث دعم الأخير قوله بحجة بالغة بعيدة عن التعصب العاري عن الدليل؛ لذا أحببت أن أسوق كلامه بتمامه، قال الجوزجاني في كتابه أحوال الرجال (11) بعد ذكره الحارث الأعور ونقل كلام الأئمة في جرحه، قال: "وعاصم بن ضمرة عندي قريب منه [يعني: من الحارث]، وإن كان حُكي عن سفيان قال: كنا نعرف فضل حديث عاصم على حديث الحارث.
روى عنه أبو إسحاق حديثًا في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم ست عشرة ركعة؛ أنه كان يمهل حتى
إذا ارتفعت الشمس من قبل المشرق كهيئتها من قبل المغرب عند العصر قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا ارتفعت الشمس وكانت من قبل المشرق كهيئتها من قبل المغرب عند الظهر قام فصلى أربع ركعات، ثم يمهل حتى إذا زالت الشمس صلى أربع ركعات قبل الظهر، ثم يصلي بعد الظهر ركعتين، ثم يصلي قبل العصر أربع ركعات، فهذه ست عشرة ركعة.
فيا لعباد الله! أما كان ينبغي لأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه يحكي هذه الركعات؛ إذ هم معه في دهرهم، والحكاية عن عائشة رضي الله عنها في الاثنتي عشرة ركعة من السنة، وابن عمر عشر ركعات، والعامة من الأمة أو من شاء الله قد عرفوا ركعات السنة الاثنتي عشرة، منها بالليل ومنها بالنهار.
فإن قال قائل: كم من حديث لم يروه إلا واحد؟ قيل: صدقت؛ كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس فيتكلم بالكلمة من الحكمة لعله لا يعود لها آخر دهره، فيحفظها عنه رجل، وهذه ركعات كما قال عاصم: كان يداوم عليها، فلا يشتبهان.
ثم خالف روايةَ الأمة واتفاقَها؛ حين روى: أن في خمس وعشرين من الإبل خمسًا من الغنم.
وهذا حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبد الله عن أنس؛ أن أبا بكر كتب له الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما دون خمس وعشرين من الإبل في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها ابنة مخاض، وكذلك حكاية الزهري عن عبد الله بن عمر، وما حكى سفيان بن عيينة عن الزهري أيضًا كذلك.
وسألت عليًا - يعني: ابن المديني - عن عاصم والحارث؟ فقال لي: يا أبا إسحاق! مثلك يسأل عن ذا؟ الحارث كذاب.
قال علي: وسمعت يحيى بن سعيد يقول: قال سفيان: كنا نعرف فضل حديث عاصم على حديث الحارث".
هكذا كان الجوزجاني أمينًا في النقل، ولم يكن ليحيف على عاصم بن ضمرة، فقد نقل فيه قول الثوري، وتقديمه إياه على الحارث، لكن ذلك لا يمنع الناقد من بيان وهم الواهم فيما وهم فيه، وخالف فيه الثقات، ولم ينفرد الجوزجاني في نقده لهذين الحديثين، أما الأول: فقد وافقه على تضعيفه: الإمام الجهبذ الناقد عبد الله بن المبارك، وأما الثاني: فهو مخالف لإجماع الأمة كما قال ابن المنذر.
° قلت: عاصم بن ضمرة: صدرق فيما رواه عنه أبو إسحاق السبيعي؛ لكنه أحيانًا ينفرد عن علي بأحاديث منكرة، لم يتابع عليها، بل قد خولف فيها:
فمنها: قوله في حديث الصدقات، في صدقة الإبل:"في خمس وعشرين خمس شياه، فإذا كانت ستًا وعشرين ففيها ابنة مخاض"، وهذا مخالف لما ثبت في السُّنَّة، من أنه: إذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض.
قال الشافعي: "ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه نأخذ بهذا، والثابت عندنا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن في خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر"[الأم (7/ 170) (8/ 418/ 3340)، المعرفة (3/ 227)، الشافي شرح مسند الشافعي (3/ 39)].
وقال أبو عبيد: "فقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة، وكتاب عمر، وما أفتى به التابعون بعد ذلك، بقول واحد في صدقة الإبل، من لدن خمس ذود إلى عشرين ومائة، فلم يختلفوا إلا في حديث واحد يروى عن علي، لا نراه حفظ عنه،
…
"، فأسنده ثم قال: "عن علي، أنه قال مثل هذه الأخبار كلها، إلا في موضع واحد، فإنه قال: في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه، وهذا قول ليس عليه أحد من أهل
الحجاز، ولا أهل العراق، ولا غيرهم نعلمه، وقد حكي عن سفيان بن سعيد أنه كان ينكر أن يكون هذا من كلام علي، ويقول: كان أفقه من أن يقول ذلك، وحكى بعضهم عنه أنه قال: أبى الناس ذلك على علي" [الأموال لأبي عبيد (943 و 944)، الأموال لابن زنجويه (1400)].
وقال الجوزجاني "خالف روايةَ الأمة واتفاقَها"[أحوال الرجال (11)].
وقال ابن المنذر: "وأجمع أهل العلم: أن في كل خمس من الإبل شاة،
…
"، إلى أن قال: "وفي خمس وعشرين بنت مخاض،
…
"، إلى أن قال:"
…
إلى عشرين ومائة، كل هذا مجمع عليه، ولا يصح عن علي ما روي عنه في خمس وعشرين"؛ يعني: خمس شياه [الإشراف (3/ 5)].
وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (4/ 359): "وقد أنكره سفيان الثوري، وقال: عليٌّ أعلم من أن يقول هذا، هذا من غلط الرجال، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالآثار المتواترة: أن فيها ابنة مخاض، ويجوز أن يكون علي بن أبي طالب أخذ خمس شياه عن قيمة بنت مخاض، فظن الراوي أن ذلك فرضها عنه".
وقال الخطابي في المعالم (2/ 22): "وفي حديث عاصم بن ضمرة: كلام متروك بالإجماع، غير مأخوذ به في قول أحد من العلماء، وهو أنه قال: في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه".
وقال البيهقي (4/ 93): "وفي كثير من الروايات عنه: في خمس وعشرين خمس شياه، وقد أجمعوا على ترك القول به، لمخالفة عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن علي عليه السلام الروايات المشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، في الصدقات في ذلك".
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (6/ 10): "وفي حديث عاصم ما هو متروك باتفاق أهل العلم، وهو أنه قال: في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه، وفي ست وعشرين بنت مخاض، ولم يقل به أحد من أهل العلم".
قلت: والحمل فيه على عاصم بن ضمرة نفسه، واللّه أعلم [وسيأتي بيان ذلك مفصلًا - إن شاء الله تعالى - في كتاب الزكاة من السنن برقم (1567 - 1574)][وأما مسألة الاستئناف فيما زاد على العشرين ومائة، فهو وهم وقع في رواية الثوري، ورواية غيره مثل الجماعة: فإن كانت الإبل أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقة، ويأتي نقل كلام الأئمة في ذلك في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى، وأما قول الحازمي في الاعتبار، في الوجه الثامن عشر: "على أن كثيرًا من الحفاظ أحالوا في حديث علي رضي الله عنه بالغلط على عاصم"، فليس على ما قال].
ومنها هذا الحديث؛ نعم قد وافق الثقات في الأربع قبل الظهر والثنتين بعدها [كما في حديث عائشة وأم حبيبة، وبعضه في حديث ابن عمر، وحديث السائب بن يزيد]،
لكنه خالف في المواظبة على الضحى، وفي وقتين منفصلين، أحدهما: بعد ارتفاع الشمس حتى تكون كهيئتها في العصر من قبل المغرب، فيصلي حينئذ ركعتين، والثاني: قبيل انتصاف الشمس في كبد السماء، إذا كانت الشمس كهيئتها في الظهر من قبل المغرب، فيصلي حينئذ أربع ركعات، وهذا مما انفرد به عاصم بن ضمرة، ولم يتابع عليه، وكذلك ذكر الأربع قبل العصر، فهذه ثلاثة أوقات للنافلة المسنونة لم يتابع عليها عاصم.
وصلاة الضحى وإن ثبت في فضلها والأمر بها أحاديث في الصحيحين وغيرهما، لكن لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله مداومته عليها، وإن كان ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فعلها أحيانًا، فقد ثبت عن عائشة أنها نفت رؤيتها للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي الضحى قط، وأثبتت أنه كان يصليها إذا قدم من مغيبه، وأثبتت أنه كان يصليها أربعًا [وسيأتي تخريج هذه الأحاديث - إن شاء اللّه تعالى - في موضعها من السنن في باب صلاة الضحى، برقم (1285 - 1294)].
والحاصل: فإنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يداوم عليها، قال الأثرم في الناسخ (120):"فالوجه في هذه الأحاديث: أنه كان يصليها ويتركها، وقد ذكر فضلها، فرآه قوم يصليها فحفظوا ذاك، ورآه قوم تركها فحفظوا ذاك".
كذلك فإن تعيين هذين الوقتين لصلاة الضحى مما لم يتابع عليه عاصم بن ضمرة، واللّه أعلم.
* وقد روي عن علي خلاف ذلك في أول وقت الضحى:
رواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، قال: ثنا يوسف بن صهيب [الكندي: ثقة، من السادسة]، عن حبيب بن يسار [الكندي: ثقة، من الثالثة]، عن أبي رملة الأزدي، عن علي؛ أنه رآهم يصلون الضحى عند طلوع الشمس، فقال: هلا تركوها حتى إذا كانت الشمس قدر رمح أو رمحين صلوها، فتلك صلاة الأوابين.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 174/ 7802).
• ورواه محمد بن عبيد [الطنافسي: ثقة يحفظ]، قال: حدثنا يوسف بن صهيب، عن حبيب بن يسار، عن أبي رملة؛ أن عليًا خرج إلى الرحبة بعد طلوع الشمس وليس بها كبير أحد، فسأل عنهم، فقال: أين هم؟ فقالوا: في المسجد يا أمير المؤمنين، فأرسل إليهم فدعاهم، فسأل الرجل: ما وجدتهم يصنعون؟ قال: من بين قائم في صلاة، أو جالس في حديث، فلما أتوه قال علي: يا أيها الناس إياكم وصلاة الشيطان! ولكن إذا كانت الشمس قِيسَ رمحين فليقم الرجل فليصل ركعتين، فتلك صلاة الأوابين.
أخرجه ابن سعد في الطبقات (6/ 239).
قلت: هذا موقوف على علي بن أبي طالب بإسناد رجاله ثقات سوى التابعي، وأبو رملة هذا هو: عبد اللّه بن أبي أمامة، وليس هو: ابن ثعلبة الأنصاري، ذكره ابن حبان في الثقات، وخلط بينه وبين الأنصاري، وهو في عداد المجاهيل، ولم يذكر سماعًا من علي
[التاريخ الكبير (5/ 45)، الجرح والتعديل (5/ 10)، الثقات (7/ 18)، التهذيب (2/ 303)].
وفي الجملة: فقد احتج أحمد وأصحاب السنن بأحاديث لأبي إسحاق عن عاصم عن علي، وصحح بهذه السلسلة: ابن خزيمة وغيره، قال مغلطاي في إكماله (7/ 106):"وصحح الطوسي والترمذي حديثه في صحيحهما، وكذلك الحاكم، وأبو الحسن بن القطان، وأبو بكر ابن خزيمة".
وقال العلامة المعلمي اليماني بعد كلام طويل فيما انتقد على عاصم بن ضمرة: "والذي يتحرر: أن عاصمًا صدوق، وليس بحجة فيما يخالف فيه، والله أعلم [آثار العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (14/ 88)].
° قال شيخ الإسلام في معرض كلامه عن السنن الرواتب: "ومنهم من يقدر في ذلك أشياء بأحاديث ضعيفة بل باطلة، كما يوجد في مذاهب أهل العراق، وبعض من وافقهم من أصحاب الشافعي وأحمد؛ فإن هؤلاء يوجد في كتبهم من الصلوات المقدرة، والأحاديث في ذلك، ما يعلم أهل المعرفة بالسُّنَّة أنه مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، كمن روى عنه صلى الله عليه وسلم: أنه صلى قبل العصر أربعًا، أو: أنه قضى سنة العصر، أو: أنه صلى قبل الظهر ستًا، أو: بعدها أربعًا، أو: أنه كان يحافظ على الضحى، وأمثال ذلك من الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم[مجموع الفتاوى (24/ 201)].
وقال أيضًا (23/ 125): "
…
، وليس في الصحيح سوى هذه الأحاديث الثلاثة: حديث ابن عمر وعائشة وأم حبيبة، وأما قبل العصر: فلم يقل أحدٌ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر إلا وفيه ضعف، بل خطأ؛ كحديث يروى عن علي؛ أنه كان يصلي نحو ستة عشر ركعة، منها قبل العصر، وهو مطعون فيه، فإن الذين اعتنوا بنقل تطوعاته: كعائشة وابن عمر بينوا ما كان يصليه".
وقال أيضًا (23/ 123) لما سئل عن سنة العصر: هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها حديث؟ والخلاف الذي فيها ما الصحيح منه؟
فأجاب رحمه الله بكلام طويل، وفي آخره:"
…
ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر وقبل المغرب وقبل العشاء، فلا تتخذ سنة، ولا يكره أن يصلى فيها؛ بخلاف ما فعله ورغب فيه، فإن ذلك أوكد من هذا، وقد روي: أنه كان يصلي قبل العصر أربعًا، وهو ضعيف، وروي: أنه كان يصلي ركعتين، والمراد به الركعتان قبل الظهر، والله أعلم".
وقال ابن القيم في الزاد (1/ 311): "وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ينكر هذا الحديث، ويدفعه جدًّا، ويقول: إنه موضوع، ويذكر عن أبي إسحاق الجوزجاني إنكاره".
ولعاصم بن ضمرة عن علي في التطوع حديث ثابت:
° فقد روى عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وقبيصة بن عقبة، ومحمد بن كثير العبدي، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي،
والحسين بن حفص، وعبد الرزاق بن همام، وعبد الله بن الوليد العدني، وأبو خالد الأحمر، وأسباط بن محمد:
عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على إثر [وفي رواية ابن مهدي: في دبر، كل صلاة [مكتوبة] ركعتين؛ إلا الفجر والعصر.
أخرجه أبو داود (1275)، والنسائي في الكبرى (1/ 213/ 339)، وابن خزيمة (2/ 207/ 1196)، والشافعي في الأم (8/ 405/ 3303)، وأحمد (1/ 124)، وابنه عبد الله في زياداته على المسند (1/ 144)، وعبد الرزاق (3/ 67/ 4823)، وابن أبي شيبة (2/ 132/ 7339)، وعبد بن حميد (71)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (61)، والبزار (2/ 262/ 674)، وأبو يعلى (1/ 432/ 573) و (1/ 457/ 617)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 223/ 2743)، والطحاوي (1/ 303)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 1077/ 2321)، وابن شاهين في الناسخ (258)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 246)، وابن حزم في المحلى (2/ 267)، والبيهقي (2/ 459)، والضياء في المختارة (2/ 149/ 521 - 523) و (2/ 150/ 524 و 526).
قال البزار: "ولا نعلم روى هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا علي، من حديث عاصم عن علي".
• وانظر فيمن وهم في إسناده على الثوري، فجعله عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي: ما أخرجه الدارقطني في العلل (4/ 69/ 434)[وقال: "والمحفوظ: حديث عاصم عن علي"].
• ورواه مطرف بن طريف الحارثي [ثقة]، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلِّي صلاة يصلَّى بعدها إلا صلى ركعتين.
وفي رواية: لا يصلِّي صلاةً إلا صلى بعدها ركعتين؛ إلا الصبح والعصر.
أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 215/ 344)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1/ 143 و 144)، والبزار (2/ 272/ 689)، وأبو يعلى (1/ 287/ 347)، والضياء في المختارة (2/ 150/ 525).
وهذا حديث جيد، يوافق ما رواه ابن عمر وعائشة وأم حبيبة، لكن في الرواتب البعدية حسب.
° وانظر فيمن وهم في إسناده على أبي إسحاق: ما أخرجه أبو جعفر بن البختري في الرابع من حديثه (136)(380 - مجموع مصنفاته)، والدارقطني في الأفراد (2/ 493/ 6433 - أطرافه).
* ولعلي في الأربع قبل العصر حديث ثانٍ:
يرويه بشر بن منصور السليمي [ثقة مأمون]، عن الخليل بن مرة، عن الفرات بن
سلمان، قال: قال علي: ألا يقوم أحدكم، فيصلي أربع ركعات قبل العصر، ويقول فيهن ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"تم نورُك فهديت، فلك الحمد، عَظُم حلمُك فعفوت، فلك الحمد، بسطت يدك فأعطيت، فلك الحمد ربنا، وجهُك أكرم الوجوه، وجاهُك أعظم الجاه، وعطيتك أفضل العطية وأهنؤها، تُطاع ربنا فتشكُر، وتُعصى ربنا فتغفِر، وتجيب المضطر، وتكشف الضر، وتشفي السقيم، وتغفر الذنب، وتقبل التوبة، ولا يجزي بآلائك أحد، ولا يبلغ مدحتك قول قائل".
أخرجه أبو يعلى (1/ 344/ 440).
فرات بن سلمان الرقي: لا بأس به [اللسان (6/ 324)، تاريخ ابن معين للدوري (2/ 472)، سؤالات ابن الجنيد (245)، الجرح والتعديل (7/ 80)، الثقات (7/ 322 و 410)].
قال أبو زرعة: "فرات بن سلمان، عن علي رضي الله عنه: مرسل"[المراسيل لابن أبي حاتم (612)].
وهذا حديث منكر؛ تفرد برفعه، وتقييده بالأربع قبل العصر: الخليل بن مرة البصري نزيل الرَّقة، وهو: ضعيف، قال فيه البخاري:"فيه نظر"، وقال مرة:"منكر الحديث"[انظر: التهذيب (1/ 555)، الإكمال لمغلطاي (4/ 226)، الميزان (1/ 667)].
• خالفه فأوقفه على علي، ولم يذكر فيه الركعات الأربع قبل العصر، أحد أصحاب علي المكثرين عنه:
فقد روى سفيان الثوري، وشعبة، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وزهير بن معاوية، وحمزة بن حبيب الزيات:
عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي؛ أنه كان يقول [في دبر الصلاة]: ثم نورك فهديت، فلك الحمد، وعظم حلمك فعفوت، فلك الحمد، وبسطت يدك فأعطيت، فلك الحمد، ربنا وجهك أكرم الوجوه، وجاهك خير الجاه، وعطيتك أفضل العطية وأهنؤها، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى ربنا فتغفر [لمن شئت]، تجيب المضطر، وتكشف الضر، وتشفي السقيم، وتنجي من الكرب، وتقبل التوبة، وتغفر الذنب لمن شئت، لا يجزي بآلائك أحد، ولا يحصي نعماءَك قولُ قائل.
أخرجه محمد بن فضيل في الدعاء (69)، وابن أبي شيبة (6/ 32/ 29257)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (34)، والطبراني في الدعاء (734)، وعبد الغني المقدسي في أخبار الصلاة (40).
وهذا موقوف على علي بإسناد جيد.
وانظر فيمن وهم في إسناده، فجعله مقطوعًا على عاصم قوله: علل الدارقطني (4/ 71/ 435)[وقال عمن رواه كما ذكرت موقوفًا على علي: "وهو الصحيح"].
وحديث ثالث: ولفظه: "ما زال أقوام من المسلمين يصلون أربع ركعات قبل
العصر، يواظبون عليها؛ حتى غفر لهم مغفرة عزمًا"، ولا يثبت أيضًا [أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات" (101)] [وهو حديث باطل؛ تفرد به عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن آبائه، وهو: متروك الحديث، يروي عن آبائه أشياء موضوعة. اللسان (6/ 269)، والرواي عنه: إسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي: فيه ضعف. انظر: التهذيب (1/ 127)، هدي الساري (2/ 1018)].
[وأخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 218/ 5131) بنحوه من وجه آخر][وهو حديث موضوع؛ في سنده: عبد الملك بن هارون بن عنترة، وهو: كذاب، يضع الحديث. اللسان (5/ 276)].
وفي الباب أيضًا:
1 -
عن ميمونة بنت الحارث:
رواه عبد الوارث بن سعيد، وعبد اللّه بن المبارك، وعباد بن العوام، وصالح بن عمر الواسطي [وهم ثقات]:
عن حنظلة السدوسي، قال: حدثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: صلى بنا معاوية بن أبي سفيان صلاة العصر، فأرسل إلى ميمونة، ثم أتبعه رجلًا آخر، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهز بعثًا، ولم يكن عنده ظهر، فجاءه ظهر من الصدقة، فجعل يقسمه بينهم، فحبسوه حتى أرهق العصر، وكان يصلي قبل العصر ركعتين، أو ما شاء الله، فصلى، ثم رجع، فصلى ما كان يصلي قبلها، وكان إذا صلى صلاةً أو فعل شيئًا، يحب أن يداوم عليه.
وفي رواية عباد بن العوام، وصالح بن عمر، عن حنظلة السدوسي، قال: نا عبد الله بن الحارث، قال: حدثتني ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر ركعتين. وفي رواية ابن المبارك [عند أحمد]: أن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته ركعتان قبل العصر فصلاهما بعدُ.
أخرجه أحمد (6/ 333 و 334)، وأبو يعلى (12/ 518/ 7085) و (13/ 28/ 7111)، والطبراني في الكبير (24/ 27/ 69)، وفي الأوسط (1/ 284/ 927)، وابن حزم في المحلى (2/ 273).
وهذا حديث منكر؛ وهاتان الركعتان هما الركعتان اللتان بعد الظهر، شُغل عنهما النبي صلى الله عليه وسلم فصلاهما بعد العصر، وحنظلة السدوسي: ضعيف، اختلف في اسم أبيه، قال أحمد:"منكر الحديث، يحدث بأعاجيب"، وقال مرة:"ضعيف الحديث، يروي عن أنس أحاديث منكرة"، وكان قد اختلط، ولم يتميز حديثه [التهذيب (1/ 505)، ضعفاء العقيلي (1/ 289)، الجرح والتعديل (3/ 240)، المجروحين (1/ 267)، الكواكب النيرات (15)].
وقد خالفه في سياقه وإسناده: يزيد بن أبي زياد، فرواه عن عبد الله بن الحارث، عن
أم سلمة في قصة طويلة [عند: ابن ماجه (1159)، وأحمد (6/ 303 و 311)]، ويأتي تخريجه بطرقه تحت الحديث الآتي (1273).
2 -
عن أم سلمة:
روى بهلول بن مورق الشامي [لا بأس به، أحاديثه مستقيمة]، وروح بن عبادة [ثقة]:
حدثنا موسى بن عبيدة، قال: أخبرني ثابت مولى أم سلمة، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته صلى قبل الظهر ركعتين، وصلى قبل العصر ركعتين، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعيًا إلى قوم، فلما بلغهم أراد قوم منهم أن يعينوه وتهيئوا لذلك، فلما بلغ الساعي فرأى القوم ظن أنهم سيقتلونه، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنهم منعوني صدقتهم، واحتبس الساعي على القوم، فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه، وقد قضى صلاة الظهر، فجعلوا يعتذرون إليه حتى صلى العصر، ونسي الركعتين التي كان يصليهما قبل العصر، فأرسلت عائشة إلى أم سلمة: يا أخية، ما الركعتان التي صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرتك بعد العصر؟ فأخبرتها، وقالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى قبلها ولا بعدها.
وفي رواية: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر فصلى ركعتين، فقلت: ما هاتان الركعتان يا رسول الله؟ قال: "كنت أصليهما قبل العصر، فجاءني قوم فشغلوني، فصليتهما الآن". لفظ بهلول.
ورواه روح بن عبادة مطولًا في قصة وفد بني المصطلق وكان قد بعث إليهم الوليد بن عقبة لأخذ صدقات أموالهم بعد الوقعة، فذكر القصة بطولها، وفي آخرها: فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6].
أخرجه إسحاق بن راهويه (4/ 118/ 1886)، وأبو يعلى (12/ 449/ 7019)، والطبراني في الكبير (23/ 290/ 639).
وهذا حديث منكر، والمعروف في هذا: عن أم سلمة في الركعتين اللتين بعد الظهر، شُغل عنهما النبي صلى الله عليه وسلم فصلاهما بعد العصر.
• فقد رواه عبد العزيز بن محمد [الدراوردي: صدوق، كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا. انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، عن موسى بن عبيدة بن نشيط، عن ثابت مولى أم سلمة، عن أم سلمة؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم انصرف إلى بيتها، فصلى فيه ركعتين بعد العصر، فأرسلت عائشة إلى أم سلمة: ما هذه الصلاة التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في بيتك؟ فقالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الظهر ركعتين، فقدم عليه وفد بني المصطلق في شأن ما صنع بهم عاملهم الوليد بن عقبة، فلم يزالوا يعتذرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء المؤذن يدعوه إلى صلاة العصر، فصلى المكتوبة، ثم صلى عندي في بيتي تلك الركعتين، ما صلاهما قبلُ ولا بعدُ .... ثم ذكر القصة مرة أخرى مطولة.
أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 400/ 959) و (23/ 401/ 960).
* ورواه أيضًا: جعفر بن عون [ثقة]، عن موسى بن عبيدة به مطولًا بدون موضع الشاهد، وبذكر الآية في آخره.
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (21/ 349 - 350 - ط. هجر).
* ثم رواه أيضًا: جعفر بن عون، قال: نا موسى بن عبيدة، عن ثابت مولى أم سلمة -قال: كان يرحِّل لها-، عن أم سلمة، قالت: بعثت عائشة إلى أم سلمة تسألها عن الركعتين اللتين صلاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليهما بعد الظهر فشغله القوم، قالت: فما صلاهما قبلُ ولا بعدُ.
أخرجه ابن شاهين في الناسخ (255).
وهذا الاضطراب إنما هو من موسى بن عبيدة الربذي؛ فإنه: ضعيف، حدث بأحاديث مناكير، وثابت مولى أم سلمة: مجهول، لم يرو عنه سوى موسى بن عبيدة [الطبقات لابن سعد (5/ 297)، وقال: "كان قليل الحديث"، الجرح والتعديل (2/ 461)، الثقات (4/ 95)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 129)].
وهذا حديث ضعيف، ويأتي تخريج حديث أم سلمة هذا بطرقه في الحديث الآتي برقم (1273).
* وروي من وجه آخر:
رواه علي بن حمزة العتكي [روى عنه أبو زرعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "مستقيم الحديث"، وقال الذهبي: "بصري، صدوق"، الجرح والتعديل (6/ 183)، الثقات (8/ 466)، تاريخ الإسلام (17/ 276)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 201)]: ثنا يزيد بن عبد الله الرازي [لم أهتد إليه]، عن نافع بن مهران [لم أقف له على ترجمة]، عن عطاء بن أبي رباح، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى أربع ركعات قبل العصر حرم الله بدنه على النار"، قلت: يا رسول الله! قد رأيتك تصلي وتدع، قال:"لست كأحدهم".
أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 281/ 611).
قلت: وهذا حديث باطل من حديث عطاء بن أبي رباح، ولا يُعرف عنه إلا بهذا الإسناد المجهول، قال الهيثمي في المجمع (2/ 222):"رواه الطبراني في الكبير، وفيه نافع بن مهران وغيره، ولم أجد من ذكرهم".
3 -
عن أبي هريرة:
رواه محمد بن سليمان ابن الأصبهاني، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعةً سوى الفريضة، بنى الله له بيتًا في الجنة".
وفي رواية: "من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعةً بني له بيتٌ في الجنة: ركعتين قبل الفجر، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين -أظنه قال:- قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، -أظنه قال:- وركعتين بعد العشاء الآخرة".
وقد أجمع أئمة الحديث على توهيم ابن الأصبهاني فيه، وأنه سلك فيه الجادة ولزم الطريق السهل.
وقد خالفه: فليح بن سليمان، فرواه عن سهيل بن أبي صالح، عن أبي إسحاق، عن المسيب، عن عنبسة، عن أم حبيبة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى اثنتي عشرة ركعة، بنى الله له بيتًا في الجنة: أربعًا قبل الظهر، واثنتين بعدها، واثنتين قبل العصر، واثنتين بعد المغرب، واثنتين قبل الصبح".
إسناده صحيح غريب، حفظه سهيل، ولم يسلك فيه الجادة، إلا أنه وهم في الركعتين قبل العصر، وإنما هما: ركعتان بعد العشاء، كما في رواية الثوري وإسرائيل.
تقدم تخريجه والكلام عليه في طرق حديث أبي إسحاق السبيعي في حديث أم حبيبة المتقدم برقم (1250).
* وطريق آخر: يرويه إسماعيل بن عيسى العطار، قال: نا عمرو بن عبد الجبار، قال: نا عبد الله بن يزيد بن آدم، قال: حدثني أنس بن مالك، قال: قال أبو هريرة: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم في أشياء لا أدعها حتى أموت: أوصاني بركعتي الفجر، قال:"فيهما رغائب الدهر"، وركعتي الضحى، فإنها صلاة الأوابين، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وقبل العصر ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر قال:"هو صوم الدهر"، وأن لا أبيت إلا على وتر، وقال لي:"يا أبا هريرة، صل ركعتين أول النهار أضمن لك آخره".
قلت: هذا حديث باطل موضوع؛ تقدم تخريجه والكلام عليه تحت الحديث رقم (1253).
4 -
عن أم حبيبة:
رواه ابن عجلان، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عمرو بن أوس، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثنتا عشرةَ ركعةً مَن صلاهنَّ بُني له بيتٌ في الجنة: أربع ركعاتٍ قبل الظهر، وركعتان بعد الظهر، وركعتان قبل العصر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان قبل صلاة الصبح".
* ورواه زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن المسيب بن رافع، عن عنبسة أخي أم حبيبة، عن أم حبيبة، قالت: من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، بني له بيت في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وثنتين قبل العصر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين قبل الفجر. موقوف.
المحفوظ عن أبى إسحاق السبيعي في هذا الحديث رواية الثوري ومن تابعه:
عن أبي إسحاق، عن المسيب بن رافع، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى في يوم وليلة [وفي رواية: من الليل والنهار] ثنتي عشرة ركعة بُني له بيتٌ في الجنة: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر صلاة الغداة".
* ورواه هارون بن معروف: حدثنا يحيى بن سليم، قال: سمعت محمد بن سعيد المؤذن، عن عبد الله بن عنبسة، يقول: سمعت أم حبيبة بنت أبي سفيان، تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على أربع ركعات قبل العصر بنى الله عز وجل له بيتًا في الجنة".
أخرجه أبو يعلى (13/ 7137/59)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 94) [لكن قال: قبل الظهر].
قلت: وهذا منكر بهذا الإسناد والمتن، تقدم تخريج هذه الطرق، والكلام عليها في طرق حديث أم حبيبة المتقدم برقم (1250).
* ورواه عبد الله بن صالح: حدثني الليث: حدثني عمر بن السائب، عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن عبد الرحمن الجفري، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى في يوم اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتًا في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء".
وهو إسناد غريب، ولا يثبت من هذا الوجه، تقدم تخريجه والكلام عليه في طرق حديث أم حبيبة المتقدم برقم (1250).
5 -
عن عائشة:
رواه يزيد بن هارون، وإسحاق بن يوسف الأزرق:
حدثنا الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا قبل الظهر، [وقال يزيد مرة: وركعتين بعدها]، وركعتين قبل الفجر، وكان يقول:"نعم السورتان هما، يقرؤونهما في الركعتين قبل الفجر [وفي رواية: يُقرأ بهما في ركعتي الفجر]: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} "، لفظ يزيد.
ولفظ إسحاق: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا قبل الظهر، وركعتين قبل العصر لا يدعهما، قالت: وكان يقول: "نعمت السورتان يُقرأ بهما في ركعتين قبل الفجر: "{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ".
وهو حديث منكر، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1256).
* وقد رواه يزيد بن زريع، وإسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل، وعبد الوارث بن سعيد، ووهيب بن خالد، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وحماد بن سلمة [وهم ثقات، وممن سمع من الجريري قبل اختلاطه]، وجماعة آخرون:
عن سعيد بن إياس الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن السُّوَر؟
…
الحديث؛ فلم يذكروا فيه موضع الشاهد.
أخرجه مسلم (717/ 76) و (732/ 115) و (1156/ 172)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (10/ 296/ 956).
* ورواه أيضًا عن عبد الله بن شقيق: بديل بن ميسرة، وأيوب السختياني، ومحمد بن سيرين، وخالد بن مهران الحذاء، وحميد بن أبي حميد الطويل، وكهمس بن الحسن.
فلم يذكر أحد منهم القراءة في ركعتي الفجر، ولا الركعتين قبل العصر؛ ووقع في رواية خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه؟ فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعًا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل بيتي فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين،
…
إلى أن قالت: وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين، ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر.
راجع طرق حديث عبد الله بن شقيق عن عائشة فيما تقدم برقم (955 و 956)، فضل الرحيم الودود (10/ 285 - 297).
6 -
عن ابن عمر:
رواه فليح بن سليمان [مدني، ليس به بأس، كثير الوهم]، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وقبل العصر ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد الجمعة ركعتين.
قال نافع، عن ابن عمر: وأخبرتني حفصة؛ أنه كان يصلي ركعتين خفيفتين في بيته حين يطلع الفجر، حتى أظن أنه لا يقرأ فيهما.
أخرجه البزار (12/ 132/ 5696)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 157) ببعضه.
وقد وهم فليح بذكر الركعتين قبل العصر، وإنما هما ركعتان بعد العشاء، كما رواه أصحاب عن نافع عنه، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1128).
7 -
عن عبد الله بن عمرو:
رواه اليمان بن المغيرة، ثنا عبد الكريم [هو: أبو أمية ابن أبي المخارق]، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى قبل العصر أربعًا حرمه الله على النار".
هكذا رواه عن اليمان: سعيد بن سليمان الضبي، وهو: ثقة حافظ.
ورواه عنه أيضًا حجاج بن نصير [وهو: ضعيف]، قال: نا اليمان بن المغيرة به؛ إلا أنه زاد فيه قصة، قال ابن عمرو: جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في أناس من أصحابه، فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأدركت آخر الحديث، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من صلى أربعَ ركعاتٍ قبل العصر لم تمسه النار"، فقلت بيدي هكذا، يحرك بيده: إن هذا حديث جيد، فقال لي عمر بن الخطاب: لما فاتك من صدر الحديث أجود وأجود، قلت: يا ابن الخطاب! فهات، فقال عمر بن الخطاب: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: "من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة".
أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 463)، والطبراني في الكبير (13/ 452/ 14309)، وفي الأوسط (3/ 88/ 2580).
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به: حجاج".
وهذا حديث باطل؛ عبد الكريم بن أبي المخارق، أبو أمية البصري: مجمع على ضعفه، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله:"ضعيف"، وفي رواية أبي طالب:"ليس هو بشيء، شبه المتروك"[التهذيب (2/ 603)، الميزان (2/ 646)، الجرح والتعديل (6/ 60)]، ويمان بن المغيرة: منكر الحديث، يروي مناكير لا أصول لها، ويروي بهذا الإسناد أحاديث أنكرت عليه، وقد تفرد به عن ابن أبي المخارق [انظر: الميزان (4/ 460)، التهذيب (4/ 452)].
* والحاصل: فإنه لا يثبت في سنة العصر القبلية حديث.
وقد ثبت عن جماعة أنهم كانوا لا يصلون شيئًا قبل العصر [انظر مثلًا: مصنف ابن أبي شيبة (2/ 20 و 21/ 5985 - 5989)]:
* ومن ذلك مثلًا: ما رواه زهير بن معاوية: ثنا أبو إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: كانت صلاة عبد الله من النهار: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، ولا يصلي قبل العصر، ولا بعدها.
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 286/ 9441)، بإسناد صحيح إلى زهير.
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد جيد، وقد تقدم ذكره في الأدلة على ثبوت الزيادة التفسيرية في حديث أم حبيبة المتقدم برقم (1250).
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية (23/ 123 - المجموع) لما سئل عن سنة العصر: هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها حديث؟ والخلاف الذي فيها ما الصحيح منه؟
فأجاب: "الحمد لله؛ أما الذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فحديث ابن عمر: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، وفي الصحيح أيضًا: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعًا بنى الله له بيتًا في الجنة"، وجاء في السنن تفسيره: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، وثبت عنه في الصحيح: أنه قال: "بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة"، ثم قال في الثالثة: "لمن شاء"، كراهية أن يتخذها الناس سنة، ففي هذا الحديث أنه يصلي قبل العصر وقبل المغرب وقبل العشاء، وقد صح: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون بين أذان المغرب وإقامتها ركعتين، والنبي صلى الله عليه وسلم يراهم فلا ينهاهم، ولم يكن يفعل ذلك، فمثل هذه الصلوات حسنة، ليست سنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كره أن تتخذ سنة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر وقبل المغرب وقبل العشاء، فلا تتخذ سنة، ولا يكره أن يصلى فيها؛ بخلاف ما فعله ورغب فيه، فإن ذلك أوكد من هذا، وقد روي: أنه كان يصلي قبل العصر أربعًا، وهو ضعيف، وروي: أنه كان يصلي ركعتين، والمراد به الركعتان قبل الظهر، والله أعلم".
* * *