الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيفية حساب زكاة أموال التجارة
من المعلوم أن الزكاة واجبة في عروض التجارة على الصحيح من أقوال أهل العلم لعموم الأدلة التي أوجبت الزكاة في الأموال ولا شك أن عروض التجارة داخلة في هذا العموم دخولاً أولياً كقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} سورة التوبة الآية 103. وقوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} سورة الذاريات الآية 19. وقوله تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} سورة البقرة الآية267. ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما يُعد للبيع) رواه أبو داود والدارقطني واختلف في سنده وحسنه ابن عبد البر.
وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البز صدقته).
قال الإمام النووي: [هذا الحديث رواه الدارقطني في سننه والحاكم أبو عبد الله في المستدرك والبيهقي بأسانيدهم ذكره الحاكم بإسنادين ثم قال هذان الإسنادان صحيحان على شرط البخاري ومسلم] المجموع 6/ 47. والبز المذكور في الحديث هو الثياب ومنه البزاز لمن يعمل في تجارة الثياب. انظر المصباح المنير ص 47 - 48.
وقال الإمام النووي: [والصواب الجزم بالوجوب -أي وجوب الزكاة في عروض التجارة- وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين والفقهاء بعدهم أجمعين قال ابن المنذر أجمع عامة أهل العلم على وجوب زكاة التجارة قال رويناه عن عمر بن الخطاب وابن عباس والفقهاء السبعة سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسلمان بن يسار والحسن البصري وطاووس وجابر بن زيد وميمون بن مهران والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي والنعمان - أبو حنيفة - وأصحابه وأحمد واسحق وأبي ثور وأبي عبيد
…
] المجموع 6/ 47.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وأما العروض التي للتجارة ففيها الزكاة وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة إذا حال عليها الحول: روي ذلك عن عمر وابنه
وابن عباس وبه قال الفقهاء السبعة والحسن وجابر بن زيد وميمون بن مهران وطاووس والنخعي والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وحكي عن مالك وداود: لا زكاة فيها. وفي سنن أبي داود عن سمرة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع). وروى عن حماس قال: مرَّ بي عمر فقال: أدِ زكاة مالك، فقلت: مالي إلا جِعاب وأُدُم فقال قومها ثم أد زكاتها. واشتهرت القصة بلا منكر فهي إجماع. – والجعاب جمع جعبة وهي وعاء توضع فيه السهام. انظر المصباح المنير ص 102. والأُدُم جمع أديم وهو الجلد المدبوغ انظر المصباح المنير ص9 - . وأما مالك فمذهبه أن التجار على قسمين: متربص ومدير. فالمتربص: وهو الذي يشتري السلع وينتظر بها الأسواق فربما أقامت السلع عنده سنين فهذا عنده لا زكاة عليه إلا أن يبيع السلعة فيزكيها لعام واحد وحجته أن الزكاة شرعت في الأموال النامية فإذا زكى السلعة كل عام - وقد تكون كاسدة - نقصت عن شرائها فيتضرر فإذا زكيت عند البيع فإن كانت ربحت فالربح كان كامناً فيها فيخرج زكاته ولا يزكي حتى يبيع بنصاب ثم يزكي بعد ذلك ما يبيعه من كثير وقليل. وأما المدير: وهو الذي يبيع السلع في أثناء الحول فلا يستقر بيده سلعة فهذا يزكي في السنة الجميع يجعل لنفسه شهراً معلوماً يحسب ما بيده من السلع والعين والدَّين الذي على المليء الثقة ويزكي الجميع هذا إذا كان ينض في يده في أثناء السنة ولو درهم فإن لم يكن يبيع بعين أصلاً فلا زكاة عليه عنده] مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/ 15 - 16.
وبعد هذا البيان لوجوب الزكاة في أموال التجارة فإذا حلَّ الشهر الذي يؤدي التاجر فيه زكاة أمواله فإنه يقوم بحصر أمواله من التجارة والتي تشمل البضائع الموجودة لديه والتي لم تبع بعد ذلك وكذلك أمواله السائلة وماله من ديون على الناس إذا كانت مضمونة فيقوِّم البضائع الموجودة لديه بسعرها الحاضر ويضم إلى ذلك أرباحه ومدخراته وديونه المضمونة الأداء ويخصم ما عليه من دين إن كان هناك دين ثم يخرج زكاة الباقي بنسبة 2،5% أي ربع العشر.
مثال توضيحي: أحصى تاجر ما في محله من البضائع في أول شهر رمضان فوجد قيمتها بسعر الجملة 120000 دينار، ومعه أموال نقدية 40000 دينار، وله ديون مضمونة على الناس بلغت 65000 دينار، وعليه ديون للناس 25000 دينار، فيجمع قيمة البضائع وما معه من نقد وماله من ديون مضمونة فتكون 225000 دينار، ويخصم من المجموع ما عليه من ديون، فيكون الصافي 200000 دينار، فيزكيها بنسبة 2،5% فيكون ما عليه من زكاة 5000 دينار.
وينبغي التنبيه على أن الأجهزة والمعدات والرفوف وديكور المحل لا تدخل في الزكاة مثلاً إذا كانت لديه ثلاجات أو خزائن أو مبنى أو سيارة لخدمة المحل أو نحو ذلك فلا تحسب من ضمن مال الزكاة وإنما الزكاة على الأموال السائلة وهي الأموال المعدة للبيع لما ورد في الحديث عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما يعد للبيع).
وكذلك فإن تقويم البضائع والسلع يكون بناءً على سعرها الحالي - سعر الجملة - الذي تباع به وقت التقويم وهذا قول أكثر الفقهاء.
ويجوز للتاجر أن يخرج زكاة تجارته من أعيان تلك التجارة كتاجر المواد الغذائية فيجوز له أن يخرجها مما عنده من أرزٍ أو طحينٍ أو سكر وغيرها.
- - -