الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسمية الثمن في البيع شرط لصحته
لا يصح البيع بدون ذكر الثمن عند العقد لأن ذلك من بيع الغرر؛ وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر) رواه مسلم. ويدخل في الغرر الجهل بالثمن فإن الجهل بالثمن أو عدم معلومية الثمن تفضي إلى النزاع والخلاف بين المتعاقدين وكذلك فإنها جهالة مفضية إلى بطلان العقد حيث إن معرفة مقدار الثمن شرط من شروط صحة البيع عند جمهور الفقهاء. قال الشيخ أبو إسحق الشيرازي في المهذب: [ولا يجوز إلا بثمن معلوم القدر فإن باع بثمن مجهول كبيع السلعة برقمها وبيع السلعة بما باع فلان سلعته وهما لا يعلمان ذلك فالبيع باطل لأنه عوض فلم يجز مع الجهل بقدره كالمسلم فيه] المهذب مع المجموع 9/ 332.
وقال الإمام النووي: [يشترط في صحة البيع أن يذكر الثمن في حال العقد فيقول: بعتكه بكذا، فإن قال: بعتك هذا واقتصر على هذا فقال المخاطب: اشتريت أو قبلت لم يكن هذا بيعاً بلا خلاف ولا يحصل به الملك للقابل على المذهب وبه قطع الجمهور] المجموع 9/ 171.
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [
…
لأن العلم بالثمن شرط لصحة البيع فلا يثبت بدونه] المغني 4/ 144.
وذكر المرداوي الحنبلي من شروط صحة البيع: [أن يكون الثمن معلوماً] الإنصاف 4/ 309.
وجاء في المادة 237 من مجلة الأحكام العدلية: [تسمية الثمن حين البيع لازمة فلو باع بدون تسمية ثمن كان البيع فاسداً]. وجاء في المادة 238 من مجلة الأحكام العدلية: يلزم أن يكون الثمن معلوماً والعلم بالثمن (1) العلم بقدره (2) العلم بوصفه صراحةً أو عرفاً، وكذلك إذا كان الثمن يحتاج حمله إلى نفقة وجب العلم بمكان التسليم وكل ذلك لازم لئلا يفسد البيع فإن الجهل بالثمن مؤد إلى النزاع فإذا كان الثمن مجهولاً فالبيع فاسد ويفهم من لفظتي (قدراً، وصفاً) أن الثمن يجب أن يكون معلوماً وصفاً كأن يقال: دينار سوري أو مصري أو إنكليزي (ابن عابدين على البحر) والمسائل التي تتفرع عن هذه المادة هي: 1. إذا قال إنسان لآخر: بعتك هذا المال برأس ماله أو بقيمته الحقيقية أو بالقيمة التي يقدرها المخمنون أو بالثمن الذي شرى به فلان فإذا لم تقدر القيمة ويعين ثمن المبيع في المجلس فالبيع فاسد ما لم يكن المبيع مما لا تتفاوت قيمته كالخبز] درر الحكام شرح مجلة الأحكام 1/ 217 - 218.
وكلامه في أن البيع فاسد لا باطل بناءً على أصل الحنفية في التفريق بين الباطل والفاسد حيث إن الحنفية يفرقون بينهما في المعاملات فالباطل عندهم ما كان الخلل واقعاً فيه في أصل العقد والفاسد ما كان الخلل واقعاً في صفة العقد وهذا التفريق عند الحنفية تفريق عملي لا نظري.
وخلاصة الأمر أن البيع بدون ذكر الثمن بيع باطل لا تترتب عليه آثاره شرعاً كما هو مذهب جمهور أهل العلم وبهذه المناسبة أودُّ التنبيه على أنواع من المخالفات التي تقع في البيع والشراء ويتعامل بها بعض التجار فمن ذلك الصور التالية:
الصورة الأولى: هنالك من يشتري سلعة بثمن معلوم ولكنه مؤجل لمدة شهرين أو ستة أشهر أو نحو ذلك ويتم الاتفاق بين البائع والمشتري على أنه إن بقي سعر السلعة في السوق كما تم عليه الاتفاق في يوم البيع فإن المشتري إذا حلَّ الأجل دفع الثمن حسب الاتفاق السابق وأما إن طرأ ارتفاع على الأسعار فإنه يدفع الثمن حسب السعر الجديد عندما يحل الأجل فهذه المعاملة معاملة ربوية محرمة شرعاً لأن الثمن إذا استقر في ذمة المشتري فأي زيادة تلحق الثمن بعد ذلك تكون زيادة ربوية محرمة شرعاً.
وقد قرر الفقهاء أن ثمن السلعة المؤجل إنما هو دين استقر في ذمة المشتري والأصل في الديون أن تقضى كما استقرت في الذمة بدون زيادة.
الصورة الثانية: إذا اشترى شخص سلعة إلى أجل بالشيكل فإن المتعاقدين يتفقان على أن يتم السداد بالدينار الأردني.
وهذه الصورة لا تجوز شرعاً لأن الدَّيْن إذا استقر في الذمة بعملة معينة فيجب قضاؤه بنفس تلك العملة ولا يجوز أن يسجل في ذمة المدين بعملة أخرى.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 79/ 6/8 ما يلي: [رابعاً: الدَّين الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب أو من عملة أخرى على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدَّين بالذهب أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها] مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد 8، ج3/ 788.
الحالة الثالثة: إذا اشترى شخص سلعة بالشيكل ثم ماطل في سداد الثمن فإن البائع يقوم بتحويل السعر إلى الدينار الأردني فهذه الصورة شبيهة بالصورة السابقة إلا أن تحويل الدَّين هذا تم بإرادة البائع منفرداً وهذه الصورة لا تجوز شرعاً لما ذكرته فيما سبق.