الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقسيط الميسر مع البنوك الربوية
إن الربا من أكبر الكبائر وتحريمه قطعي في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم فمن ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} سورة البقرة الآيات 275 - 279. وثبت في الحديث عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالو: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه) رواه الحاكم وصححه وقال العلامة الألباني: صحيح. انظر صحيح الجامع الصغير 1/ 663.
وقال صلى الله عليه وسلم: (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ست وثلاثين زنية) رواه أحمد وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد 4/ 117. وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 3/ 29. وغير ذلك من الأحاديث.
وعلى الرغم من وضوح تحريم الربا في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم إلا أن بعض الناس يحاول أن يتحايل على الربا بالتلاعب بالأسماء فمن ذلك ما يفعله بعض التجار بالتعاون مع البنوك الربوية مما يسمونه التقسيط الميسر وصورته الشائعة أن التاجر يتفق مع البنك الربوي على تمويل مشتريات الزبائن فإذا تقدم زبون لتاجر أجهزة كهربائية مثلاً وأراد أن يشتري ثلاجة فيقول التاجر أبيعك الثلاجة بخمسة آلاف شيكل مقسطة على سنة ولكن التسديد يكون عن طريق
البنك الربوي فيرسل الزبون مع المعاملة إلى البنك الربوي الذي يطلب من الزبون ضمانات كتحويل راتبه على البنك إن كان موظفاً أو إحضار كفيلين ونحو ذلك من الضمانات فإن تمَّ ذلك وفق ما يطلبه البنك الربوي بعدها يقوم البنك بدفع المبلغ نقداً إلى التاجر مخصوماً منه الفوائد الربوية حسب الاتفاق بين التاجر والبنك الربوي وتتراوح نسبة الفائدة بين 5% - 10% ثم يقوم الزبون بتسديد المبلغ كاملاً للبنك على مدى سنة وهي مدة التقسيط المتفق عليها.
ولدى التدقيق في هذه المعاملة نجدها معاملة ربوية حيث إن البنك مقرض وليس بائعاً فهو أقرض التاجر أربعة آلاف وخمسمئة شيكل نقداً واستوفاها من الزبون خمسة آلاف شيكل وهذا هو الربا بعينه.
وإنني لأستغرب مما يفتي به بعض المنتسبين للعلم الشرعي من إباحة هذه العملية الربوية بحجة أن المشتري فيما يسمى بالتقسيط الميسر اشترى السلعة من التاجر ودفع الثمن المتفق عليه بدون زيادة وإن كان هنالك عقد ربوي بين التاجر والبنك الربوي وأن لا علاقة للمشتري بذلك العقد وإن دفع عن طريق البنك الربوي ونحو ذلك من الترهات فكل ما سبق هو من الربا الحرام وهنا يجب التذكير بالقواعد الآتية:
1.
يحرم التعاون على الإثم والعدوان بنص كتاب الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} سورة المائدة الآية 2.
2.
يحرم على المسلم أن يكون طرفاً في أي عملية ربوية وقد ثبت في الحديث الصحيح (لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء) رواه مسلم.
3.
إذا استقر الدَّين في الذمة فلا تجوز الزيادة عليه لأن ذلك عين الربا.
4.
كل زيادة مشروطة على القرض ربا بغض النظر عن اسمها فتغيير الأسماء لا يغير من حقائق المسميات شيئاً فقد صار شائعاً عند كثير من المتعاملين بالربا التلاعب بالألفاظ والعبارات محاولةً منهم لتغيير الحقائق والمسميات بتغيير أسمائها فقط فالربا يسمى فائدة ويسمى رسم خدمات ويسمى التقسيط الميسر وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا التلاعب من تغيير الناس لأسماء المحرمات كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليستحلن طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير
اسمها) رواه أحمد والنسائي وابن ماجة وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في غاية المرام ص 24 وفي السلسلة الصحيحة 1/ 136.
وجاء في رواية أخرى: (إن ناساً من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها) رواه الحاكم والبيهقي وله شواهد تقويه، وقد صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فإن الخمور تسمى في زماننا بالمشروبات الروحية.
وروي في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يأتي على الناس زمان يستحلون الربا باسم البيع) ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان 1/ 352. وضعفه العلامة الألباني في غاية المرام ص 25 ثم قال: [
…
معنى الحديث واقع كما هو مشاهد اليوم].
ويجب أن يُعلم أن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني كما قرر ذلك فقهاؤنا.
- - -