الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يجوز احتساب الدَّين من الزكاة
لا يجوز احتساب الدَّين الذي على الفقير من مال الزكاة، على الراجح من أقوال أهل العلم لما ورد في الحديث الشريف من قول الرسول صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن فقال له: (
…
أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم) رواه البخاري ومسلم.
فلا بد في الزكاة من أخذها من الأغنياء، ثم ردها إلى الفقراء، وإسقاط الدَّين عن الفقير لا يعتبر أخذاً من الأغنياء ولا رداً على الفقراء، وهذا قول جماهير أهل العلم الحنفية والمالكية والحنابلة وهو أصح القولين في مذهب الشافعية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو قول أبي عبيد القاسم بن سلام وسفيان الثوري وغيرهم.
قال الإمام النووي: [إذا كان لرجل على معسر دين، فأراد أن يجعله من زكاته وقال له جعلته عن زكاتي فوجهان حكاهما صاحب البيان أصحهما لا يجزئه، وبه قطع الصيمري، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، لأن الزكاة في ذمته فلا يبرأ إلا بإقباضها
…
الخ] المجموع 6/ 210.
وقال الإمام القرافي: [لا يخرج في زكاته إسقاط دينه عن الفقير لأنه مستهلك عند الفقير] الذخيرة 3/ 153.
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [قال مهنا: سألت أبا عبد الله -يعني الإمام أحمد- عن رجل له دين برهن وليس عنده قضاؤه، ولهذا الرجل زكاة مال يريد أن يفرقها على المساكين فيدفع إليه رهنه ويقول له: الدَّين الذي لي عليك هو لك ويحسبه من زكاة ماله، قال -أحمد- لا يجزيه ذلك، ثم قال الشيخ ابن قدامة المقدسي معللاً ذلك: لأن الزكاة لحق الله تعالى، فلا يجوز صرفها إلى نفعه، ولا يجوز أن يحتسب الدَّين الذي له من الزكاة قبل قبضه، لأنه مأمور بأدائها وإيتائها وهذا إسقاط، والله أعلم] المغني 2/ 487.
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن إسقاط الدَّين عن المعسر، هل يجوز أن يحسبه من الزكاة؟ فأجاب:[وأما إسقاط الدَّين عن المعسر فلا يجزئ عن زكاة العين بلا نزاع] الفتاوى 25/ 84.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: [وكان سفيان بن سعيد الثوري فيما حكوا عنه يكرهه ولا يراه مجزئاً -أي إسقاط الدّين واحتسابه من الزكاة- فسألت عنه عبد الرحمن، فإذا هو على مثل رأي
سفيان، ولا أدري لعله قد ذكره عن مالك أيضاً، وكذلك هو عندي غير مجزئ عن صاحبه، لخلال اجتمعت فيه: أما إحداها: فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة كانت على خلاف هذا الفعل، لأنه إنما كان يأخذها من أعيان المال عن ظهر الأغنياء ثم يردها في الفقراء، وكذلك كانت الخلفاء بعده ولم يأتنا عن أحد منهم أنه أذن لأحد في احتساب دين من زكاة، وقد علمنا أن الناس قد كانوا يدانون به في دهرهم -أي يتداينون-.
الثانية: أن هذا المال ثاوٍ -أي هالك أو ضائع- غير موجود قد خرج من يد صاحبه على معنى القرض والدَّين، ثم هو يريد تحويله بعد الثواء - الهلاك - إلى غيره بالنية، فهذا ليس بجائز في معاملات الناس بينهم حتى يقبض ذلك الدَّين ثم يستأنف الوجه الأخر فكيف يجوز فيما بين العباد وبين الله عز وجل.
الثالثة: أني لا آمن أن يكون إنما أراد أن يقي ماله بهذا الدَّين قد يئس منه فيجعله ردءاً لماله يقيه به إذا كان منه يائساً
…
وليس يقبل الله تبارك وتعالى إلا ما كان له خالصاً] الأموال ص533 - 534.
وبهذا يظهر لنا أنه لا يجوز إسقاط الدَّين واحتسابه من الزكاة.
- - -