الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الباء الموحدة
أي هذا باب الأحاديث التي أولها حرف الباء الموحدة التحتية
(فصل) في حرف الباء مع الهمزة
3111 -
(بسم الله) قال العارف ابن عربي: لما كانت الأسماء الإلهية سبب وجود العالم المؤثرة له كانت البسملة خبر مبتدأ مضمر وهو ابتداء العالم وظهوره فكأنه يقول بسم الله ظهر العالم واختصت الثلاثة الأسماء لأن الحقائق تعطي ذلك فالله هو الاسم الجامع للأسماء كلها والرحمن صفة عامة الله (الرحمن الرحيم) فهو رحمن الدنيا والآخرة لأنه رحم كل شيء من العالم في الدنيا والرحمة في الآخرة مختصة بقبضة السعادة وكل حرف من بسم مثلث على طبقات العوالم فاسم الباء باء وألف وهمزة والسين سين وياء ونون والميم ميم وياء وميم والياء مثل الباء وهي حقيقة العبد في باب النداء فما أشرف هذا الموجود كيف انحصر في عابد ومعبود فهذا شرف مطلق لا يقابله ضد لأن ما سوى وجود الحق تعالى ووجود العبد عدم محض والتنوين في اسم لتحقق العبودية فلما ظهر منه التنوين اصطفاه الحق المبين بإضافة التشريف والتمكين فقال بسم الله بحذف التنوين العبدي لإضافته إلى المنزل الإلهي (مفتاح كل كتاب) أي لفظ البسملة قد افتتح به كل كتاب من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء عليهم السلام ويحتمل أن المراد أن حقها أن تكون في مفتتح كل كتاب استعانة وتيمنا بها ويعكر على الأول المتبادر ما ورد في حديث ضعيف أنها مما خص به إلا أن يقال أن هذا اللفظ متروك الظاهر لضعفه ومخالفته للقطعي وهو {إنه من سليمان وإنه} الآية وفي رواية للدارقطني سندها متصل بسم الله الرحمن الرحيم أم القرآن وهي أم الكتاب وهي السبع المثاني والبسملة آية من كل سورة مطلقا (1) قال العارف ابن عربي: وبسملة براءة هي التي في النمل فإن الحق سبحانه وتعالى إذا وهب شيئا لم يرجع فيه ولا يرده إلى العدم فلما خرجت رجمته براءة وهي البسملة بحكم التبري من أهلها برفع الرحمة عنهم وقف الملك بها لا يدري أين يضعها لأن كل أمة من الأمم الإنسانية قد أخذت رحمتها
⦗ص: 192⦘
بإيمانها تنبيها فقال أعطوا هذه البسملة للبهائم التي آمنت بسليمان عليه السلام وهي لا يلزمها إيمان إلا برسولها فلما عرفت قدر سليمان وآمنت به أعطيت من الرحمة الإنسانية حظا وهو البسملة التي سلبت عن المشركين وصف عين خلاصة تلك الآية ذلك الحرف المقدم لأنه أول البسملة في كل سورة والسورة التي لا بسملة لها أبدلت بالباء فقال تعالى براءة قال لنا بعض أحبار الإسرائيلين: ما لكم في التوحيد حظ لأن افتتاح سور كتابكم بالباء فأجبته ولا أنتم فإن أول التوراة باء وكذا بقية الكتب فأفحم ولا يمكن غير ذلك فإن الألف لا يبدأ بها أصلا اه. قال البوني: من علم ما أودع الله في البسملة من الأسرار وكتبها لم يحترق بالنار وروي أنها لما نزلت اهتزت الجبال لنزولها وقالت الزبانية من قرأها لم يدخل النار وهي تسعة عشر حرفا على عدد الملائكة الموكلين بالنار ومن أكثر ذكرها رزق الهيبة عند العالم السفلي والعلوي وهي أول ما خط بالقلم العلوي على الصفح اللوحي وهي التي أقام الله تعالى بها ملك سليمان فمن كتبها ست مئة مرة وحملها معه رزق الهيبة في قلوب الخلائق ومن كتبها وجودها إعظاما لها كتب عند الله من المتقين
(خط في الجامع) بين آداب القارئ والسامع (عن أبي جعفر معضلا (2))
(1) قال صاحب الاستغناء في شرح الأسماء الحسنى عن شيخه السويسي: أجمع علماء كل أمة على أن الله عز وجل افتتح كل كتاب من الكتب المنزلة من السماء بالبسملة
(2)
المعضل ما سقط من سنده اثنان سواء كان الساقط الصحابي والتابعي أم غيرهما
3112 -
(باب أمتي) أي باب الجنة المختص بأمتي من بين الأبواب قال الحكيم الترمذي: وهو المسمى باب الرحمة والمراد أمة الإجابة فإن قلت: هذا يناقضه النص على تخيير بعض هذه الأمة بين الدخول من أي أبواب الجنة شاء وأن باب الصائم يدعى الريان إلى غير ذلك قلت: كلا لا منافاة لأن لهم بابا خاصا بهم فلا يدخل منه غيرهم ويشاركون غيرهم من بقية الأبواب (الذي يدخلون منه الجنة) بعد فصل القضاء والانصراف من الموقف (عرضه) أي مساحة عرضه (مسيرة الراكب المجد) أي صاحب الجواد وهو الفرس الجيد أو المجود الذي يكون دوابه جيادا وقال الديلمي: المجود المسرع والتجويد السير بسرعة وقال الطيبي: المجود يحتمل أن يكون صفة لراكب والمعنى الذي يجود ركض الفرس وأن يكون المضاف إليه والإضافة لفظية أي الفرس الذي يجود في عدوه (ثلاثا) من الأيام مع لياليها (ثم إنهم ليضغطون) أي ليعتصرون (عليه) أي على ذلك الباب حال الدخول (حتى تكاد مناكبهم تزول) من شدة الزحام ولا ينافيه خبر إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر لأن الراكب المجود غاية الإجادة على أسرع مجرى ليلا ونهارا يقطع المسافة بينهما ثم إنه لا تعارض بين الخبرين وخبر أحمد أن ما بين المصراعين مسيرة أربعين عاما لما سيجيء فيه قال القرطبي: وقوله باب أمتي يدل على أنه لسائر أمته ممن لم يغلب عليه عمل يدعى به ولهذا يدخلون مزدحمين
(ت) وكذا أبو يعلى (عن ابن عمر) بن الخطاب واستغربه قال: وسألت محمدا يعني البخاري عنه فلم يعرفه وقال خالد بن أبي بكر أي أحد رجاله له مناكير عن سالم اه ومن ثم أعله المناوي بخالد هذا وقال له مناكير
3113 -
(بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا) أي قبل موت فاعليها (البغي) أي مجاوزة الحد والظلم (والعقوق) للوالدين وإن عليا أو أحدهما أي إيذاؤهما ومخالفتهما فيما لا يخالف الشرع
(ك) في البر (عن أنس) وقال صحيح وأقره الذهبي
3114 -
(بادروا) أي سابقوا وتعجلوا من المبادرة وهي الاسراع (الصبح بالوتر) أي سابقوه به بأن توقعوه قبله
⦗ص: 193⦘
قال الطيبي: كأن الصبح مسافر يقدم عليك طالبا منك الوتر وأنت تستقبله مسرعا بمطلوبه وإيصاله إلى بغيته
(م ت) كلاهما في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من الستة غير هذين وهو عجيب فقد خرجه معهما أبو داود
3115 -
(بادروا) أي أسرعوا (بصلاة المغرب) أي بفعلها (قبل طلوع النجم) أي ظهور النجوم للناظرين فإن المبادرة بها مندوبة لضيق وقتها ويبقى وقتها إلى مغيب الشفق على المفتى به عند الشافعية والحنابلة <تنبيه> فرق ابن القيم بين المبادرة والعجلة بأن المبادرة انتهاز الفرصة في وقتها فلا يتركها حتى إذا فاتت طلبها فهو لا يطلب الأمور في أدبارها ولا قبل وقتها بل إذا حضر وقتها بادر إليها ووثب عليها والعجلة طلب أخذ الشيء قبل وقته
(حم قط عن أبي أيوب) الأنصاري وفيه ابن لهيعة قال الذهبي: وشاهده لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم
3116 -
(بادروا أولادكم بالكنى) جمع كنية أي بوضع كنية حسنة للولد من صغره (قبل أن تغلب عليهم الألقاب) أي قبل أن يكبروا فيضطر الناس إلى دعائهم بلقب يميز الواحد منهم زيادة تمييز على الاسم لكثرة الاشتراك في الأسماء وقد يكون ذلك اللقب غير مرضي كالأعمش ونحوه فإذا نشأ الولد وله كنية كان في دعائه بها غنية وهذا أمر إرشادي <تنبيه> قال ابن حجر: الكنية بضم فسكون من الكناية تقول كنيت عن الأمر بكذا إذا ذكرته بغير ما تستدل به عليه صريحا وقد اشتهرت الكنى للعرب حتى غلبت على الأسماء كأبي طالب وأبي لهب وقد يكون للواحد أكثر من كنية واحدة وقد يشتهر باسمه وكنيته معا فالاسم والكنية واللقب يجمعها العلم بالتحريك وتتغاير بأن اللقب ما أشعر بمدح أو ذم والكنية ما صدرت بأب أو أم وما عدا ذلك هو الاسم
(قط في الأفراد عد) وكذا أبو الشيخ [ابن حبان] في الثواب وابن حبان في الضعفاء (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال مخرجه ابن عدي بشر بن عبيد أحد رجاله منكر الحديث وقد كذبه الأزدي وأورده في الميزان في ترجمته وقال: إنه غير صحيح وقال ابن حجر في الألقاب: سنده ضعيف والصحيح عن ابن عمر من قوله اه وأورده ابن الجوزي في الموضوع وتعقبه المؤلف بأن الشيرازي في الألقاب رواه من طريق آخر فيه إسماعيل بن أبان وهو متروك وجعفر الأحمر ثقة ينفرد
3117 -
(بادروا بالأعمال فتنا) جمع فتنة وهي الاختبار ويطلق على المصائب وعلى ما به الاختبار (كقطع الليل المظلم) جمع قطعة وهي طائفة منه يعني وقوع فتن مظلمة سوداء والمراد الحث على المسارعة بالعمل الصالح قبل تعذره أو تعسره بالشغل عما يحدث من الفتن المتكاثرة والمتراكمة كتراكم ظلام الليل ثم وصف نوعا من شدائد الفتن بقوله (يصبح الرجل) فيها (مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا) هذه رواية الترمذي ورواية مسلم بأو على الشك وهذا لعظم الفتن يتقلب الإنسان في اليوم الواحد هذه الإنقلابات (يبيع أحدهم دينه بعرض) بفتح الراء (من الدنيا قليل) أي بقليل من حطامها قال في الكشاف: العرض ما عرض لك من منافع الدنيا قال في المطامح: هذا وما أشبهه من أحاديث الفتن من جملة معجزاته الاستقبالية التي أخبر أنها ستكون بعده وكانت وستكون وقد أفردها
⦗ص: 194⦘
جمع بالتأليف
(حم م) في الإيمان (ت) في الفتن (عن أبي هريرة) لكن قليل لم أره في النسخة التي وقفت عليها من مسلم
3118 -
(بادروا بالأعمال هرما) أي كبرا وعجزا (ناغصا) بغين معجمة وصاد مهملة أي مكدرا (وموتا خالسا) أي يخلسكم بسرعة على غفلة كأنه يختطف الحياة عند هجومه (ومرضا حابسا) أي معوقا مانعا (وتسويفا مؤيسا) قال في الفردوس: هو قول الرجل سوف أفعل سوف أعمل فلا يعمل إلى أن يأتيه أجله فييأس من ذلك قال الحكماء: والإمهال رائد الإهمال
(هب عن أبي أمامة) ورواه الديلمي في الفردوس عن أنس
3119 -
(بادروا بالأعمال ستة) أي أسرعوا بالأعمال الصالحة قبل وقوعها وتأنيث الست لأنها حطط ودواه ذكره الزمخشري وقال القاضي: أمرهم أن يبادروا بالأعمال قبل نزول هذه الآيات فإنها إذا نزلت أدهشت وأشغلت عن الأعمال أو سد عليهم باب التوبة وقبول العمل (طلوع الشمس من مغربها) فإنها إذا طلعت منه لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل (والدخان) أي ظهوره (ودابة الأرض والدجال) أي خروجهما سمي به لأنه خداع ملبس ويغطي الأرض بأتباعه من الدجل وهو الخلط والتغطية ومنه دجلة نهر بغداد منها غطت الأرض بمائها (وخويصة أحدكم) تصغير خاصة بسكون الياء لأن ياء التصغير لا تكون إلا ساكنة والمراد حادثة الموت التي تخص الإنسان وصغرت لاستصغارها في جنب سائر العظائم من بعث وحساب وغيرهما وقيل هي ما يخص الإنسان من الشواغل المقلقة من نفسه وماله وما يهتم به (وأمر العامة) القيامة لأنها تعم الخلائق أو الفتنة التي تعمي وتصم أو الأمر الذي يستبد به العوام وتكون من قبلهم دون الخواص
(حم م عن أبي هريرة) وما ذكره المؤلف من أن سياق حديث مسلم هكذا غير صحيح فإنه عقد لذلك بابا وروى فيه حديثين عن أبي هريرة لفظ الأول بادروا بالأعمال ستة طلوع الشمس من مغربها أو الدجال أو الدخان أو الدابة أو خاصة أحدكم وأمر العامة ولفظ الثاني بادروا بالأعمال ستا الدجال والدخان ودابة الأرض وطلوع الشمس من مغربها وأمر العامة وخويصة أحدكم اه
3120 -
(بادروا بالأعمال ستا) من أشراط الساعة قالوا: ما هي يا رسول الله؟ قال: (إمارة السفهاء) بكسر الهمزة أي ولايتهم على الرقاب لما يحدث منهم من العنف والطيش والخفة جمع سفيه وهو ناقص العقل والسفه كما في المصباح وغيره نقص العقل (وكثرة الشرط) بضم فسكون أو فتح أعوان الولاة والمراد كثرتهم بأبواب الأمراء والولاة وبكثرتهم يكثر الظلم والواحد منهم شرطي كتركي أو شرطي كجهني سمي به لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها والشرط العلامة (وبيع الحكم) بأخذ الرشوة عليه فالمراد به هنا معناه اللغوي وهو مقابلة شيء بشيء (واستخفافا بالدم) أي بحقه بأن لا يقتص من القاتل (وقطيعة الرحم) أي القرابة بإيذائه أو عدم إحسان أو هجر وإبعاد (ونشئا يتخذون القرآن) أي قراءته (مزامير) جمع مزمار وهو بكسر الميم آلة الزمر يتغنون به ويتمشدقون ويأتون به بنغمات مطربة وقد كثر ذلك في هذا الزمان وانتهى الأمر إلى التباهي بإخراج ألفاظ القرآن عن وضعها (يقدمون) يعني الناس الذين
⦗ص: 195⦘
هم أهل ذلك الزمان (أحدهم ليغنيهم) بالقرآن بحيث يخرجون الحروف عن أوضاعها ويزيدون وينقصون لأجل موافاة الألحان وتوفر النغمات (وإن كان) أي المقدم (أقلهم فقها) إذ ليس غرضهم إلا الالتذاذ والإسماع بتلك الألحان والأوضاع. قال العارف ابن عطاء الله: أمره بالمبادرة بالعمل في هذه الأخبار يقتضي أنها من الهمم إلى معاملة الله والحث على المبادرة إلى طاعته ومسابقة العوارض والقواطع قبل ورودها
(طب) من حديث عليم (عن عابس) بموحدة مكسورة ثم مهملة ابن عبس (الغفاري) بكسر المعجمة وخفة الفاء نزيل الكوفة قال عليم: كنا جلوسا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليم: لا أعلمه إلا عابس أو عبس الغفاري والناس يخرجون في الطاعون فقال: يا طاعون خذني ثلاثا فقلت: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتمنى أحدكم الموت فإنه عند انقطاع عمله ولا يرد فيستعتب فقال: سمعته يقول: بادروا إلخ قال الهيثمي: فيه عثمان بن عمير وهو ضعيف
3121 -
(بادروا بالأعمال سبعا) أي سابقوا وقوع الفتن بالإشتغال بالأعمال الصالحة واهتموا بها قبل حلولها (ما) في رواية هل (ينتظرون) بمثناة تحتية بخطه (إلا فقرا منسيا) بفتح أوله أي نسيتموه ثم يأتيكم فجأة (أو غنى مطغيا) أي {إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} (أو مرضا مفسدا) للمزاج مشغلا للحواس (أو هرما مفندا)(1) أي موقعا في الكلام المحرف عن سنن الصحة من الخرف والهذيان (أو موتا مجهزا) بجيم وزاي آخره أي سريعا يعني فجأة ما لم يكن بسبب مرض كقتل وهدم بحيث لا يقدر على التوبة من أجهزت على الجريح أسرعت قتله (أو الدجال) أي خروجه (فإن شر منتظر) بل هو أعظم الشرور المنتظرة كما في خبر سيجيء (أو الساعة والساعة أدهى وأمر) قال العلائي: مقصود هذه الأخبار الحث على البداءة بالأعمال قبل حلول الآجال واغتنام الأوقات قبل هجوم الآفات وقد كان صلى الله عليه وسلم من المحافظة على ذلك بالمحل الأسمى والحظ الأوفى قام في رضا الله حتى تورمت قدماه
(ت ك) في الفتن وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي (عن أبي هريرة) قال المنذري: رواه الترمذي من رواية محرر ويقال محرز بالزاي وهو واه عن الأعرج عنه
(1) قال العلقمي: الفند في الأصل الكذب وأفند تكلم بالفند ثم قالوا للشيخ إذا هرم قد أفند لأنه يتكلم بالمحرف من الكلام عن سنن الصحة وأفنده الكبر إذا أوقعه في الفند
3122 -
(باكروا بالصدقة) سارعوا بها والإبكار الإسراع إلى الشيء لأول وقته (فإن البلاء لا يتخطى الصدقة) تعليل للأمر بالتبكير وهو تمثيل جعلت الصدقة والبلاء كفرسي رهان فأيهما سبق لم يلحقه الآخر ولم يتخطه والتخطي تفعل من الخطو وفي خبر مرفوع عند الطبراني أن نفرا مروا على عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فقال: يموت أحد هؤلاء اليوم فرجعوا ومعهم حزم حطب فحل حزمة فإذا حية سوداء فقال لصاحبها: ماذا عملت اليوم قال: ما عملت شيئا إلا أنه كان معي فلقة خبز فسألني فقير فأعطيته فقال: دفع بها عنك
(طس عن علي) أمير المؤمنين (هب عن أنس) قال الهيثمي: فيه عيسى بن عبد الله بن محمد وهو ضعيف وأورده ابن الجوزي في الموضوعات
3123 -
(باكروا في طلب الرزق) لفظ رواية الطبراني فيما وقفت عليه من النسخ المصححة بادروا طلب الرزق (والحوائج
⦗ص: 196⦘
فإن الغدو بركة ونجاح) أي هو مظنة الظفر بقضاء الحوائج ومن ثم قالوا المباكرة مباركة ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية بعثها أول النهار فيندب التبكير للسعي في المعاش وقضاء القضايا قال ابن الكمال: ولهذا ندبوا الإبكار لطلب العلم وقيل: إنما ينال العلم ببكور الغراب قيل لبزرجمهر: بم أدركت العلم قال: ببكور كبكور الغراب وتملق كتملق الكلب وتضرع كتضرع السنور وحرص كحرص الخنزير وصبر كصبر الحمار
(طس عد) وكذا البزار (عن عائشة) قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن قيس بن سعد وهو ضعيف
3124 -
(بحسب المرء) بسكون السين أي يكفيه في الخروج عن عهدة الواجب والباء زائدة (إذا رأى منكرا) يعني علم به والحال أنه (لا يستطيع له تغييرا) بيده ولا بلسانه (أن يعلم الله تعالى) من نيته (أنه له منكر) بقلبه لأن ذلك مقدوره فيكرهه بقلبه ويعزم أنه لو قدر عليه بقول أو فعل أزاله
(تخ طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي: فيه الربيع ابن سهل وهو ضعيف
3125 -
(بحسب امرئ من الإيمان) أي يكفيه منه من جهة القول (رضيت بالله ربا) أي وحده لا شريك له (وبمحمد رسولا) أي مبلغا (وبالإسلام دينا) أتدين بأحكامه دون غيره من الأديان فإذا قال ذلك بلسانه أجريت عليه أحكام الإيمان من عصمة الدم والمال وغير ذلك من الأحكام الدنيوية فإن اقترن بذلك التصديق القلبي صار مؤمنا إيمانا حقيقيا موجبا لدخول الجنة وظاهر الحديث أنه لا يشترط الاتيان بلفظ الشهادتين بل يكفي ما ذكر لتضمنه معناه واشترط الاتيان بلفظهما جمع لأدلة أخرى ومحل تفصيله كتب الفروع
(طس عن ابن عباس) قال الطبراني: تفرد به محمد بن عمير عن هشام انتهى ورواه عنه الديلمي أيضا بإسقاط الباء أوله
3126 -
(بحسب امرئ من الشر) أي يكفيه منه في أخلاقه ومعاشه ومعاده (أن يشار إليه بالأصابع) أي يشير الناس بعضهم لبعض بأصابعهم (في دين أو دنيا) فإن ذلك شر وبلاء ومحنة (إلا من عصمه الله تعالى) لأنه إنما يشار إليه في دين لكونه أحدث بدعة عظيمة فيشار إليه بها وفي دنيا لكونه أحدث منكرا من الكبائر غير متعارف بينهم بخلاف ما تقارب الناس فيه ككثرة صلاة أو صوم فليس محل إشارة ولا تعجب لمشاركة غيره له فأشار المصطفى صلى الله عليه وسلم بالإشارة بالأصابع إلى أنه عبد هتك الله ستره فهو في الدنيا في عار وغدا في النار ومن ستره الله في هذه الدار لم يفضحه في دار القرار كما في عدة أخبار قال الغزالي: حب الرياسة والجاه من أمراض القلوب وهو من أضر غوائل النفس وبواطن مكائدها يبتلى به العلماء والعباد فيشمرون عن ساق الجد لسلوك طريق الآخرة فإنهم مهما قهروا أنفسهم وفطموها عن الشهوات وحملوها على العبادات عجزت نفوسهم عن الطمع في المعاصي الظاهرة وطلبت الاستراحة إلى إظهار العلم والعمل فوجدت مخلصا من مشقة المجاهدة إلى لذة القبول عند الخلق ولم تعتقد
⦗ص: 197⦘
باطلاع الخالق فأحبت مدح الخلق لهم وإكرامهم وتقديمهم في المحافل فأصابت النفس بذلك أعظم اللذات وهو يظن أن حياته بالله وبعبادته وإنما حياته الشهوة الخفية وقد أثبت اسمه عند الله من المنافقين وهو يظن أنه عنده من المقربين فإذن المحمود المحو والخمول إلا من شهره الله لينشر دينه من غير تكلف منه كالأنبياء والخلفاء الراشدين والعلماء المحققين والأولياء العارفين
(هب عن أنس) وفيه يوسف بن يعقوب فقد قال النيسابوري: قال أبو علي الحافظ: ما رأيت بنيسابور من يكذب غيره وإن كان القاضي باليمن فمجهول وابن لهيعة وسبق ضعفه (د عن أبي هريرة) رواه عنه من طريقين وضعفه وذلك لأن في أحدهما كلثوم بن محمد بن أبي سدرة أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو حاتم: تكلموا فيه وعطاء بن مسلم الخراساني فيهم أيضا وقال ضعفه بعضهم وفي الطريق الآخر عبد العزيز بن حصين ضعفه يحيى والناس ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الحديث ورواه الطبراني أيضا باللفظ المزبور عن أبي هريرة وقال الهيثمي: وفيه عبد العزيز بن حصين وهو ضعيف اه
3127 -
(بحسب امرئ يدعو) أي يكفيه إذا أراد أن يدعو (أن يقول اللهم اغفر لي وارحمني وأدخلني الجنة) فإنه في الحقيقة لم يترك شيئا يهتم به إلا وقد دعى به ومن رحمة الله فهو من سعداء الدارين
(طب عن السائب بن يزيد) بن سعد المعروف بابن أخت عز قيل وهو ليثي كناني وقيل كندي قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وفيه ضعف
3128 -
(بحسب أصحابي القتل) أي يكفي المخطئ منهم في قتاله في الفتن القتل فإنه كفارة لجرمه وتمحيص لذنوبه وأما المصيب فهو شهيد ذكره ابن جرير حيث قال: يعني يكفي المخطئ منهم في قتاله في الفتن القتل إن قتل فيها عن العقاب في الآخرة على قتاله من قاتل من أهل الحق إن كان القتال المخطئ عن اجتهاد وتأويل أما من قاتل مع علمه بخطئه فقتل مصرا فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء عفى عنه ولا يناقضه خبر من فعل معصية فأقيم عليه الحد فهو كفارة لأن قتال أهل الحق له كفارة عن قتاله لهم وأما إصراره على معصية ربه في مدافعته أهل الحق عن حقهم وإقامته على العزم للعود لمثله فأمره إلى الله فقتله على قتاله هو الذي أخبر عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه عقوبة ذنبه إلى هنا كلامه
(حم طب عن سعيد بن زيد) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيكون فتن يكون فيها ويكون فقلنا: إن أدركنا ذلك هلكنا فذكره قال الهيثمي: رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها ثقات
3129 -
(بخ بخ (1)) كلمة تقال للمدح والرضا وتكرر للمبالغة فإن وصلت جرت ونونت وربما شددت (لخمس) من الكلمات (ما أثقلهن) أي أرجحهن (في الميزان) التي توزن بها أعمال العباد يوم التناد (لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر) يعني أن ثوابهن يجسد ثم يوزن فيرجح على سائر الأعمال وكذا يقال في قوله (والولد الصالح) أي المسلم (يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه) عند الله تعالى قال الديلمي: الاحتساب أن يحتسب الرجل الأجر بصبره على ما أصابه من المصيبة
(البزار) في مسنده (عن ثوبان) مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال الهيثمي: حسن يعني البزار
⦗ص: 198⦘
إسناده إلا أن شيخه العباس ابن عبد العزيز البالساني لم أعرفه (ن حب ك) في الدعاء والذكر (عن أبي سلمى) راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حمصي له صحبة وحديث في أهل الشام ورواه عنه أيضا ابن عساكر وقال: يعرف بكنيته ولم يقف على اسمه وقال غيره اسمه حريث (حم عن أبي أمامة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورواه أيضا الطبراني من حديث سفينة قال المنذري: ورجاله رجال الصحيح
(1) بفتح الموحدة وكسر المعجمة منون فيها صيغة تعظيم ويقال في الإفراد بخ ساكنة وبخ مكسورة وبخ منونة وبخ منونة مضمومة وتكرر بخ بخ للمبالغة الأول منون والثاني مسكن ويقال بخ بخ مسكنين وبخ بخ منونين وبخ بخ مشددين كلمة تقال للمدح والرضى
3130 -
(بخل الناس بالسلام) أي بخلوا حتى بخلوا بالسلام الذي لا كلفة فيه ولا بذل مال ومن بخل به فهو بغيره من سائر الأشياء بخل وفيه حث على بذل السلام وإفشائه والإمساك عنه من أخبث الأفعال الرديئة والخصال المؤدية إلى الضرر والأذية
(حل عن أنس)
3131 -
(براءة من الكبر لبوس) لفظ رواية البيهقي لباس (الصوف) بقصد صالح لا إظهار للتزهد وإيهاما لمزيد التعبد (ومجالسة فقراء المؤمنين) بقصد إيناسهم والتواضع معهم (وركوب الحمار) أي أو نحوه كبرذون حقير (واعتقال العنز) أو قال البعير هكذا وقعت في رواية مخرجه البيهقي على الشك يعني اعتقاله ليحلب لبنه والمراد أن فعل هذه الأشياء بنية صالحة تبعد صاحبها عن التكبر
(حل هب) من حديث محمد بن عيسى الأديب عن عثمان بن مرداس عن محمد بن بكير عن القاسم بن عبد الله العمري عن زيد عن عطاء (عن أبي هريرة) قال أبو نعيم: ورواه وكيع عن خارجة ابن زيد مرسلا وقال البيهقي: رواه القاسم من هذا الوجه وروى أيضا عن أخيه عاصم عن زيد كذلك مرفوعا وقيل عن زيد عن جابر مرفوعا اه ورواه الديلمي عن السائب بن يزيد والقاسم بن عبد الله العمري هذا أورده الذهبي في المتروكين وقال الزين العراقي في شرح الترمذي فيه القاسم العمري ضعيف وجزم المنذري بضعف الحديث ولم يبينه
3132 -
(بريء من الشح) الذي هو أشد البخل (من أدى الزكاة) الواجبة إلى مستحقيها (وقرى الضيف) إذا نزل به (وأعطى في النائبة) أي أعان الإنسان على ما ينوبه أي ينزل به من المهمات والحوادث
(هناد) في الزهد (ع) في مسنده (طب) كلهم من طريق مجمع بن يحيى بن زيد بن حارثة (عن) عمه (خالد بن زيد بن حارثة) ويقال ابن زيد بن حارثة الأنصاري قال في الإصابة: إسناده حسن لكن ذكره يعني خالد بن زيد البخاري وابن حبان في التابعين
3133 -
(برئت الذمة) أي ذمة أهل الإسلام (ممن) أي من مسلم (أقام مع المشركين) يعني الكفار وخص المشركين لغلبتهم حينئذ (في ديارهم) فلم يهاجر منها مع تمكنه من الهجرة وتمام الحديث كما في الفردوس وغيره قيل: لم يا رسول الله قال: لا تتراءى نارهما وكانت الهجرة في صدر الإسلام واجبة لنصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أما بعد الفتح فلا هجرة كما نطق به الحديث الآتي
(طب عن جرير) بن عبد الله البجلي وظاهر صنيع المصنف أنه لم يوجد مخرجا لأحد من الستة لكن رأيته في الفردوس رمز للترمذي وأبي داود فلينظر
⦗ص: 199⦘
3134 - (بردوا طعامكم) أي أمهلوا بأكله حتى يبرد قليلا فإنكم إن فعلتم ذلك (يبارك لكم فيه) وأما الحار فلا بركة فيه كما في عدة أخبار ويظهر أن المراد بتبريده أن يصير باردا تقبله البشرة ويتهنئ به الآكل بأن يكون فاترا لا باردا بالكلية فإن أكثر الطباع تأباه فالمراد بالبرد أول مراتبه
(عد عن عائشة) ولم يقف الديلمي على سنده فبيض له
3135 -
(بر الحج إطعام الطعام وطيب الكلام) أي إطعام الطعام للمسافرين ومخاطبتهم باللين والتلطف وترك الشح والتعسف فإن ذلك من مكارم الأخلاق المأمور بها في جميع الملل
(ك عن جابر) بن عبد الله
3136 -
(بر الوالدين) بالكسر الاحسان إليهما قولا وفعلا قال الحرالي: البر الاتساع في كل خلق جميل (يجزئ عن الجهاد) في سبيل الله تعالى أي ينوب عنه ويقوم مقامه يقال جزا بغيره يجزي أي ينوب ويقضي وهذا في حق بعض الأفراد فكأنه ورد جوابا لسائل اقتضى حاله ذلك وإلا فالجهاد مرتبة عظيمة في الدين كما سلف وقد ثبت في الشريعة في حرمة الوالدين ووجوب برهما والقيام بحقهما ولزوم مرضاتهما ما صيره في حيز التواتر وسئل المحابسي عن برهما أيجب فقال: ما يزيد أمرهما على أمر الله ومنه واجب ومندوب فإذا تقابل أمرهما وأمر الله فأمر الله أوجب وقال العلائي: ذكر جمع أن ضابط برهما يعبر بضابط جامع مانع. <تنبيه> قال الإمام الرازي: أجمع أكثر العلماء على أنه يجب تعظيم الوالدين والإحسان إليهما إحسانا غير مقيد بكونهما مؤمنين لقوله تعالى {وبالوالدين إحسانا} وقد ثبت في الأصول أن الحكم المترتب على الوصف مشعر بعلية الوصف فدلت الآية على أن الأمر بتعظيم الوالدين بمحض كونهما والدين وذلك يقتضي العموم
(ش عن الحسن مرسلا) هذا تصريح من المصنف بأن مراده الحسن البصري وهو ذهول فقد عزاه الديلمي وغيره إلى الحسن بن علي فلا يكون مرسلا
3137 -
(بر الوالدين يزيد في العمر) أي في عمر البار كما نطقت به الكتب السماوية ففي السفر الثاني من التوراة أكرم أباك وأمك ليطول عمرك في الأرض الذي يعطيكها الرب إلهك (والكذب) أي الذي لغير مصلحة مهمة (ينقص الرزق) أي يضيق المعيشة لأن الكذب خيانة والخيانة تجلب الفقر كما مر في غيرما حديث (والدعاء) بشروطه وأركانه (يرد القضاء) الإلهي أي غير المبرم في الأزل فإنه لا بد من وقوعه كما بينه بقوله (ولله عز وجل في خلقه قضاءان قضاء نافذ وقضاء محدث) مكتوب في صحف الملائكة أو في اللوح المحفوظ فهذا هو الذي يمكن تغييره وأما الأزلي الذي في علم الله فلا تغيير فيه البتة (وللأنبياء) أي والمرسلين (على العلماء) أي العلماء بعلم طريق الآخرة العاملون بما علموا (فضل درجتين) أي زيادة درجتين أي هم أعلا منهم بمنزلتين عظيمتين في الآخرة (وللعلماء) الموصوفين بما ذكر (على الشهداء) في سبيل الله بقصد إعلاء كلمة الله (فضل درجة) يعني هم أعلى منهم بدرجة فأعظم بدرجة هي تلي النبوة وفوق الشهادة وذلك يحمل من له أدنى عقل على بذل الوسع في تحصيل العلوم النافعة بشرط الإخلاص والعمل <تنبيه> قال الماوردي: البر نوعان صلة ومعروف فالصلة التبرع ببذل المال في جهات محمودة لغير غرض مطلوب وهذا يبعث على سماحة النفس
⦗ص: 200⦘
وسخائها ويمنع منه شحها وإبائها {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} والثاني نوعان قول وعمل فالقول طيب الكلام وحسن البشر والتودد بحسن قول ويبعث عليه حسن الخلق ورقة الطبع لكن لا يسرف فيه فيصير ملقا مذموما
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) الأصبهاني (في) كتاب (التوبيخ عد) كلاهما (عن أبي هريرة) وضعفه المنذري
3138 -
(بروا آباءكم) أي وأمهاتكم وكأنه اكتفى به عنه من قبيل {سرابيل تقيكم الحر} وأراد بالآباء ما يشمل الأمهات تغليبا كالأبوين فإنكم إن فعلتم ذلك (يبركم أبناؤكم) وكما تدين تدان (وعفوا) عن نساء الناس فلا تتعرضوا لمزاناتهم فإنكم إن التزمتم ذلك (تعف نساؤكم) أي حلائلكم عن الرجال الأجانب لما ذكر قال الراغب: دخلت امرأة يزيد ابن معاوية وهو يغتسل فقالت: ما هذا قال: جلدت عميرة ثم دخل وهي تغتسل فقال: ما هذا قالت: جلدني زوج عميرة
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال المنذري: إسناده حسن وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني أحمد غير منسوب والظاهر أنه من المتكثرين من شيوخه فلذلك لم ينسبه اه وبالغ ابن الجوزي فجعله موضوعا
3139 -
(بروا آباءكم) يعني أصولكم وإن علوا (تبركم أبناؤكم وعفوا عن النساء تعف نساؤكم) عن الرجال (ومن تنصل إليه) أي انتفى من ذنبه واعتذر إليه (فلم يقبل) اعتذاره (فلم يرد على الحوض) الكوثر يوم القيامة قال عبد الحق: في هذا الحديث ونحوه دلالة على وجوب الإيمان بالحوض وقد أنكره بعض الزائغين ومن أنكره لم يرده
(طب) عن أحمد بن داود المكي عن علي بن قتيبة الرفاعي عن مالك عن أبي الزبير عن جابر (ك) من طريق إبراهيم بن الحسين ابن ديديل عن علي بن قتيبة عن مالك عن أبي الزبير (عن جابر) قال ابن الجوزي: موضوع علي بن قتيبة يروي عن الثقات البواطيل اه وتعقبه المؤلف بأن له شاهدا اه وأورده في الميزان في ترجمة علي بن قتيبة الرفاعي وقال: قال ابن عدي: له أحاديث باطلة عن مالك ثم أورده في هذا الخبر
3140 -
(بركة الطعام) أي نموه وزيادة نفعه في البدن (الوضوء قبله) أي تنطيف اليد بغسلها (والوضوء بعده) كذلك قال الطيبي: معنى بركته قبله نموه وزيادة نفعه وبعده دفع ضرر الغمر الذي علق بيده وعيافته وقال الزين العراقي: أراد نفع البدن به وكونه يمري فيه لما فيه من النظافة فإن الأكل معها بنهمة وشهوة بخلافه مع عدمها فربما يقذر الطعام فلا ينفعه بل يضره قال الراغب: وأصل البرك صدر البعير وبرك البعير ألقى بركه واعتبر منه معنى اللزوم وسمي محبس الماء بركة للزوم الماء به والبركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء سمي به لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة والمبارك ما فيه ذلك الخير قال تعالى: {ذكر مبارك} تنبيها على ما يفيض من الخيرات الإلهية ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس وعلى وجه لا يحصى قيل لكل ما يشاهد فيه زيادة خير زيادة غير محسوسة مبارك وفيه بركة اه وهذا لا يناقضه خبر الترمذي أنه قرب إليه طعام فقالوا: ألا نأتيك بوضوء فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة لأن المراد بذلك الوضوء الشرعي وذا الوضوء اللغوي وفيه رد على من زعم كراهة غسل اليد قبل الطعام وبعده وما تمسك به من أنه من فعل الأعاجم لا يصلح حجة ولا يدل على اعتباره دليل
(حم د ت ك) كلهم في الأطعمة (عن سلمان) قال: قرأت في التوراة بركة الطعام الوضوء قبله فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فذكره وظاهر صنيع المصنف أن مخرجيه خرجوه ساكتين عليه والأمر بخلافه بل صرح بضعفه أبو داود وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث قيس
⦗ص: 201⦘
ابن الربيع وهو مضعف وقال الحاكم: تفرد به قيس قال الذهبي: هو مع ضعف قيس فيه إرسال اه. ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الحديث لكن قال المنذري: قيس وإن كان فيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الإسناد عن حد الحسن
3141 -
(بشرى الدنيا) كذا بخط المصنف أي بشرى المؤمن في الدنيا (الرؤيا الصالحة) يراها في منامه أو ترى له فيه والبشارة الخبر الصدق السار وأما {فبشرهم بعذاب أليم} فاستعارة تهكمية. <تنبيه> قال بعضهم: الرؤيا الصالحة من أقسام الوحي فيطلع الله النائم على ما جهله من معرفة الله والكون في يقظته ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا أصبح سأل هل رأى أحد منكم رؤيا هذه الليلة؟ وذلك لأنها آثار نبوة في الجملة فكان يحب أن يشهدها في أمته قال: والناس في غاية من الجهل بهذه المرتبة التي كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يعتني بها ويسأل عنها كل يوم وأكثرهم يهزأ بالرائي إذا رآه يعتمد الرؤيا
(طب عن أبي الدرداء)
3142 -
(بشر من شهد بدرا) أي حضر وقعة بدر للقتال مع أهل الإسلام (بالجنة) أي بدخولها مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب وإلا فكل مؤمن يدخلها وإن لم يشهد شيئا من المشاهد
(قط في الأفراد عن أبي بكر) الصديق
3143 -
(بشر هذه الأمة) أمة الإجابة (بالسناء) بالمد ارتفاع المنزلة والقدر (والدين) أي التمكن فيه (والرفعة) أي العلو في الدنيا والآخرة (والنصر) على الأعداء (والتمكين في الأرض){ونمكن لهم في الأرض ونجعلهم أئمة} (فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا) أي قصد بعمله الأخروي استجلاب الدنيا وجعله وسيلة إلى تحصيلها (لم يكن له في الآخرة من نصيب) لأنه لم يعمل لها
(حم) عن أبي قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح (حب ك) في الرقاق (هب) كلهم (عن أبي) ابن كعب قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في موضع ورده في آخر بأن فيه من الضعفاء محمد بن أشرس وغيره
3144 -
(بشر) خطاب عام لم يرد به معين (المشائين) بالهمز والمد أي من تكرر منه المشي إلى إقامة الجماعة (في الظلم) بضم الظاء وفتح اللام جمع ظلمة بسكونها ظلمة الليل (إلى المساجد) القريبة أو البعيدة (بالنور التام) أي من جميع جوانبهم فإنهم يختلفون في النور بقدر عملهم (يوم القيامة) أي على الصراط والمراد المنابر التي من نور لما قاسوا مشقة ملازمة المشي في ظلمة الليل إلى الطاعة جوزوا بنور يضيء لهم يوم القيامة وهو النور المضمون لكل مشاء إلى الجماعة في الظلم وإن كان منهم من يمشي في ضوء مصباحه لأنه ماش في ظلمة الليل متكلف زيادة مؤونة الزيت أو الشمع فله ثواب ذلك مع نور مشيه كالحاج إذا زادت مؤونته لبعد المشقة فله ثوابها مع ثواب الحج وقيل إنما قيد النور بالتمام لأن أصل النور يعطى لكل من تلفظ بالشهادتين من مؤمن أو منافق لظاهر حرمة الكلمة ثم يقطع نور المنافقين فيقولون {ربنا أتمم لنا نورنا} وقال الطيبي: تقييده بيوم القيامة تلميح إلى قصة المؤمنين وقولهم فيه {ربنا أتمم لنا نورنا} ففيه إيذان أن من انتهز هذه الفرصة وهي المشي إليها في الظلم في الدنيا كان مع النبيين والصديقين في الأخرى {وحسن أولئك رفيقا}
(د ت) كلاهما في الصلاة (عن بريدة) بن الخصيب قال الترمذي: غريب قال المنذري: ورجاله ثقات اه. (هـ ك عن أنس) وسكت عليه وسنده عن داود بن سليمان عن أبيه عن ثابت البناني به وقال ابن طاهر: لم يتابع داود عليه وهو عن ثابت غير ثابت وسليمان هذا هو ابن مسلم مؤذن مسجد
⦗ص: 202⦘
قال في الميزان: عن العقيلي لا يتابع على حديثه ثم ساق له هذا الخبر وقال: لا يعرف إلا به زاد في اللسان عنه وفي هذا المتن أحاديث متقاربة في الضعف واللين. (د عن سهل بن سعد) الساعدي وقال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه اه. وقال ابن الجوزي: حديث لا يثبت اه. وعده المصنف في الأحاديث المتواترة
3145 -
(بطحان) بضم الموحدة وسكون المهملة واد بالمدينة لا ينصرف قال عياض: هذه رواية المحدثين وأهل اللغة بفتح الموحدة وكسر الطاء (على بركة من برك الجنة) وفي رواية على ترعة من ترع الجنة قال الديلمي: الترعة الروضة على المكان المرتفع خاصة وقيل هي الدرجة
(البزار) في مسنده (عن عائشة) قال الهيثمي: فيه راو لم يسم
3146 -
(بعثت) أي أرسلت (أنا والساعة) بالنصب مفعول معه والرفع عطف على ضمير بعثت وقول أبي البقاء الرفع يفسد المعنى إذ لا يقال بعثت الساعة اعترضوه (كهاتين) الأصبعين السبابة والوسطى وقال عياض: هو تمثيل لاتصال زمنه بزمنها وأنه ليس بينهما شيء كما أنه ليس بينهما أصبع أخرى ويحتمل أنه تمثيل لقرب ما بينهما من المدة كقرب السبابة والوسطى قال الأبي: وهل يعني بما بينهما في الطول أو العرض؟ والأرجح الأول وقال غيره: إن دينه متصل بقيام الساعة لا يفصله عنه دين آخر كما لا فصل بين السبابة والوسطى وقال القاضي: معناه أن نسبة تقدم بعثته على قيام الساعة كنسبة فضل إحدى الأصبعين على الأخرى وفيه إشهار بأنه لا نبي بينه وبينها كما لا يتخلل أصبع بين هاتين الأصبعين ومحصوله أنه كناية عن قربها وبه جاء التنزيل {اقتربت الساعة} . <تنبيه> قال القرطبي: لا منافاة بين هذا وبين قوله ما المسؤول عنها بأعلم من السائل لأن مراده هنا أنه ليس بينه وبين الساعة نبي كما ليس بين السبابة والوسطى أصبع ولا يلزم منه علم وقتها بعينه لكن سياقه يفيد قربها وأن أشراطها متتابعة وقال الكرماني: لا معارضة بين هذا وبين خبر إن الله عنده علم الساعة لأن علم قربها لا يستلزم علم وقت مجيئها عينا
(حم ق ت عن أنس) بن مالك (حم ق عن سهل بن سعد) الساعدي وفي الباب عن جابر وبريدة وغيرهما قال المصنف: وهذا متواتر
3147 -
(بعثت إلى الناس كافة) قال الإمام: يختص بالمكلف واعترض بأن البعثة لشخص لا يقتضي تكليفه بل يكفي جري أحكام الإسلام عليه كتوارث ونحوه وقيل تقتضي البعثة إلى الناس أن كل من سمعه منهم يجب عليه إذا عقل وبلغ اتباعه فشمل الطفل وغيره (فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب) كافة (فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش) الذين هم قومي (فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم) الذين هم آلي (فإن لم يستجيبوا لي فإلي وحدي) أي فلا أكلف حينئذ إلا نفسي ولا يضرني مخالفة من أبى واستكبر {لا تكلف إلا نفسك} وهذا مسوق لبيان عموم رسالته وأنها ثابتة كيفما كان وعلى أي حال فرض يعني بعثت إلى الناس كافة وأمرت أن أدعوهم إلى دين الإسلام سواء استجابوا لي أو لا وفيه أنه مرسل إلى نفسه وعليه أهل الأصول
(ابن سعد) في الطبقات (عن خالد بن معدان مرسلا)
3148 -
(بعثت من خير قرون بني آدم) أي من خير طبقاتهم كائنين (قرنا فقرنا) طبقة بعد طبقة (حتى كنت من القرن
⦗ص: 203⦘
الذي كنت فيه) إذ القرن أهل كل زمان من الاقتران لأنهم يقترنون في أعمارهم وأحوالهم في زمن واحد وحتى غائبة لبعثت وأراد به تقلبه في الأصلاب أبا فأبا حتى ظهر في القرن الذي وجد فيه فالفاء للترتيب في الفضل على الترقي تقربا من أبعد آبائه إلى أقربهم فأقربهم كما في: خذ الأفضل فالأكمل واعمل الأحسن فالأجمل
(ع) في صفة النبي صلى الله عليه وسلم (عن أبي هريرة) ولم يخرجه
3149 -
(بعثت بجوامع الكلم) أي القرآن سمي به لإيجازه واحتواء لفظه اليسير على المعنى الغزير واشتماله على ما في الكتب السماوية وجمعه لما فيها من العلوم السنية:
وعلى تفنن واصفيه بحسنه. . . يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف
(ونصرت بالرعب) أي الفزع يلقى في قلوب الأعداء قال ابن حجر: ليس المراد بالخصوصية مجرد حصول الرعب بل هو ما ينشأ عنه من الظفر بالعدو (وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض) قال الزمخشري وغيره: أراد ما فتح على أمته من خزائن كسرى وقيصر لأن الغالب على نقود ممالك كسرى الدنانير والغالب على نقود قيصر الدراهم أقول وهذا يرجح الحديث الوارد في صدر الكتاب أتيت بمقاليد الدنيا إلخ أنه كان مناما (فوضعت) بالبناء للمجهول أي المفاتيح (في يدي) بالإفراد وفي رواية بالتثنية أي وضعت حقيقة أو مجازا باعتبار الاستيلاء عليها
(ق ن عن أبي هريرة) قال أبو هريرة: فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتشلونها أي تستخرجونها
3150 -
(بعثت بالحنيفية السمحة) أي الشريعة المائلة عن كل دين باطل قال ابن القيم: جمع بين كونها حنيفية وكونها سمحة فهي حنيفة في التوحيد سمحة في العمل وضد الأمرين الشرك وتحريم الحلال وهما قربتان وهما اللذان عابهما الله في كتابه على المشركين في سورة الأنعام والأعراف (ومن خالف سنتي) أي طريقتي بأن شدد وعقد وتبتل وترهب (فليس مني) أي ليس من المتبعين لي العاملين بما بعثت به الممتثلين لما أمرت به من الرفق واللين والقيام بالحق والمساهلة مع الخلق قال الحرالي: إنما بعث بالحنيفية السمحة البيضاء النقية واليسر الذي لا حرج فيه {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} اه واستنبط منه الشافعية قاعدة إن المشقة تجلب التيسير
(خط عن جابر) بن عبد الله وفيه علي بن عمر الحربي أورده الذهبي في الضعفاء وقال صدوق ضعفه البرقاني ومسلم بن عبد ربه ضعفه الأزدي ومن ثم أطلق الحافظ العراقي ضعف سنده وقال العلائي: مسلم ضعفه الأزدي ولم أجد أحدا وثقه لكن له طرق ثلاث ليس يبعد أن لا ينزل بسببها عن درجة الحسن
3151 -
(بعثت بمداراة الناس) أي خفض الجناح ولين الكلمة لهم وترك الأغلاط عليهم فإن ذلك من أقوى أسباب الألفة واجتماع الكلمة وانتظام الأمر وهي غير المداهنة كما سبق ويجيء
(طب عن جابر) قال: لما نزلت سورة براءة قال ذلك وفيه عبد الله بن لؤلؤة عن عمير بن واصل قال في لسان الميزان يروي عنه الموضوع وعمر بن واصل اتهمه الخطيب بالوضع وفيه أيضا مالك بن دينار الزاهد أورده الذهبي في الضعفاء ووثقه بعضهم
3152 -
(بعثت بين يدي الساعة) مستعار مما بين يدي جهة الإنسان تلويحا بقربها والساعة هنا القيامة وأصلها قطعة من
⦗ص: 204⦘
الزمان (بالسيف) خص نفسه به وإن كان غيره من الأنبياء بعث بقتال أعدائه أيضا لأنه لا يبلغ مبلغه فيه أقول ويحتمل أنه إنما خص نفسه به لأنه موصوف بذلك في الكتب فأراد أن يقرع أهل الكتابين ويذكرهم بما عندهم أخرج أبو نعيم عن كعب خرج قوم عمارا وفيهم عبد المطلب ورجل من يهود فنظر إلى عبد المطلب فقال: إنا نجد في كتبنا التي لم تبدل أنه يخرج من ضئضئى هذا من يقتلنا وقومه قتل عاد (حتى يعبد الله تعالى وحده لا شريك له) أي ويشهد أني رسوله وإنما سكت عنه لأنهم كانوا عبدة أوثان فقصر الكلام على الأهم في المقام (وجعل رزقي تحت ظل رمحي) قال الديلمي: يعني الغنائم وكان سهم منها له خاصة يعني أن الرمح سبب تحصيل رزقي قال العامري: يعني أن معظم رزقه كان من ذلك وإلا فقد كان يأكل من جهات أخرى غير الرمح كالهدية والهبة وغيرهما وحكمة ذلك أنه قدوة للخاص والعام فجعل بعض رزقه من جهة الاكتساب وتعاطي الأسباب وبعضه من غيرها قدوة للخواص من المتوكلين وإنما قال تحت ظل رمحي ولم يقل في سنان رمحي ولا في غيره من السلاح لأن رايات العرب كانت في أطراف الرماح ولا يكون في إقامة الرماح بالرايات إلا مع النصر وقد نصر بالرعب فهم من خوف الرمح أتوا تحت ظله ولأنه جعل السنان للجهاد وهو أكبر الطاعات فجعل له الرزق في ظله أي ضمنه وإن كان لم يقصده كذا ذكره ابن أبي جمرة ولا يخفى تكلفه (وجعل الذل) أي الهوان والخسران (والصغار) بالفتح أي الضيم (على من خالف أمري) فإن الله تعالى خلق خلقه قسمين علية وسفلة وجعل عليين مستقرا لعليه وأسفل سافلين مستقرا لسفله وجعل أهل طاعته وطاعة رسوله الأعلين في الدارين وأهل معصيته الأسفلين فيها والذلة والصغار لهؤلاء وكما أن الذلة مضروبة على من خالف أمره فالعز لأهل طاعته ومتابعيه {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} وعلى قدر متابعته تكون العزة والكفاية والفلاح (ومن تشبه بقوم فهو منهم) أي حكمه حكمهم وذلك لأن كل معصية من المعاصي ميراث أمة من الأمم التي أهلكها الله فاللوطية ميراث عن قوم لوط وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص ميراث قوم شعيب والعلو في الأرض ميراث قوم فرعون والتكبر والتجبر ميراث قوم هود فكل من لابس من هؤلاء شيئا فهو منهم وهكذا
(حم ع طب) وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه عبد الرحمن بن ثابت عن ثوبان وثقه ابن المديني وأبو حاتم وضعفه أحمد وغيره وبقية رجاله ثقات وذكره البخاري في الصحيح في الجهاد تعليقا وفي الباب أبو هريرة وغيره
3153 -
(بعثت داعيا) بحذف مفعوله للتعميم وفاعله تعظيما وتفخيما أي بعثني الله داعيا لمن يريد هدايته (ومبلغا) ما أوحاه الله إلي إلى الخلق (وليس إلي من الهدى شيء) لأني عبد لا أعلم المطبوع على قلبه من غيره قال الزمخشري: وقد جاء بما يسعدهم إن اتبعوه ومن لم يتبعه فقد ضيع نفسه ومثاله أن يفجر الله عينا غديقة فيسقي ناس زرعهم وماشيتهم بمائها فيفلحوا ويبقى ناس مفرطون عن السقي فيضيعوا فالعين المعجزة في نفسها نعمة من الله ورحمة للفريقين لكن الكسلان حرم نفسه ما ينفعها كذا قرره (وخلق) لفظ رواية العقيلي وجعل (إبليس مزينا) للدنيا والمعاصي ليضل بها من أراد الله إضلاله (وليس إليه من الضلالة شيء) فالرسل إنما هم مستجلبون لأمر جبلات الخلق فطرهم فيبشرون من فطر على خير وينذرون من جبل على شر والشيطان إنما ينشر حبائله لأمر جبلات الخلق كما تقرر فكلا الفريقين لا يستأنفون أمرا لم يكن بل يظهرون أمرا كان مغيبا وكذا حال كل إمام وعالم في زمنه ودجال وضلال في أوانه فإنما يميز كل منهما الخبيث من الطيب
(عق) عن محمد بن زكريا البلخي عن عيسى بن أحمد البلخي عن إسحاق
⦗ص: 205⦘
ابن الفرات عن خالد بن عبد الرحمن بن الهيثم عن سماك عن طارق عن عمر ثم قال مخرجه العقيلي خالد ليس بمعروف بالنقل وحديثه غير محفوظ ولا يعرف له أصل (عن عمر) بن الخطاب ثم قال: أعني ابن عدي في قلبي من هذا الحديث شيء ولا أدري سمع خالد من سماك أم لا؟ ولا أشك أن خالدا هذا هو الخراساني فالحديث مرسل عن سماك انتهى. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأن خالدا روى له أبو داود ووثقه ابن معين قال: وحينئذ فليس في الحديث إلا الإرسال اه. وقال الذهبي: خالد بن عبد الرحمن قال الدارقطني: لا أعلمه روى غير هذا الحديث الباطل ثم ساق هذا بلفظه وسنده
3154 -
(بعثت مرحمة) للعالمين (وملحمة) يعني بالقتال قال في الفردوس: الملحمة المقتلة (ولم أبعث تاجرا) أي أحترف بالتجارة (ولا زارعا) وفي رواية ولا زراعا صيغة مبالغة (ألا) حرف تنبيه كما سبق (وإن شرار الأمة) أي من شرارهم (التجار والزارعون إلا من شح على دينه) أي أمسك عليه ولم يفرط في شيء من أحكامه بإهمال رعايته قيل أراد تجار الخمر وقيل أعم والمراد من ينفق سلعته بالأيمان الكاذبة أو لا يتوقى الربا ونحو ذلك وعلى نقيضه يحمل مدحه للتجارة في عدة أخبار
(حل) عن عبد الله بن محمد عن صالح الوراق عن عمرو بن سعيد الحمال عن الحسين بن حفص عن سفيان عن أبي موسى السمالي عن وهب (عن ابن عباس) ورواه ابن عدي أيضا من طريق آخر فحكاه عنه ابن الجوزي ثم حكم بوضعه فتعقبه المؤلف بوروده من طريق أخرى وهو طريق أبي نعيم هذا وبأن الدارقطني خرجه في الأفراد من طريق ثالث فينجبر
3155 -
(بغض بني هاشم والأنصار كفر) أي صريح أن بغض بني هاشم من حيث كونهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وبغض الأنصار من حيث كونهم ناصروه وظاهروه (وبغض العرب نفاق) أي لا يصدر بغضهم إلا عن نوع نفاق إما في الإعتقاد أو في العمل المنبعث عن هوى النفس ونصيب الشيطان فإنهم إنما شرفوا بالدين وخير الناس وأفضلهم في الدين كانوا من العرب وهم المصطفى صلى الله عليه وسلم سيد الناس وسيد كهول أهل الجنة أبو بكر وعمر وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين وإذا كان هؤلاء خيار الناس وهم من العرب صار للعرب بهم الشرف أما أوائلهم فلأنهم كانوا سببا لنصرة هذا الدين وأما من بعدهم فلكونهم نسلهم فصح لهم الشرف ورجع الشرف إلى الدين
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه من لم أعرفهم وأعاده في محل آخر بعينه وقال رجاله ثقات وقال شيخه الزين العراقي في القرب حديث حسن صحيح ورواه مسلم بمعناه
3156 -
(بكاء المؤمن) ناشئ (من قلبه) أي من حزن قلبه (وبكاء المنافق من هامته) أي رأسه يرسله منها متى شاء فهو يملك إرساله دفعة كما سيجيء في خبر قال الصلاح الصفدي: رأيت من يبكي بإحدى عينيه ثم يقول لها قفي فتقف دمعها ويقول للأخرى ابك أنت فيجري دمعها ورأيت آخر له محبوب فإذا قال له ابكي بكى وإذا قال له وهو في وسط البكاء اضحك ضحك ورأيت من يبكي بإحدى عينيه والنفاق لغة مخالفة الباطن للظاهر وإن كان في اعتقاد الإيمان فهو نفاق الكفر وإلا فهو نفاق العمل ويدخل فيه الفعل والترك وتتفاوت مراتبه كذا في مختصر الفتح
(عق طب حل عن حذيفة) وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي قال العقيلي والأزدي: منكر الحديث ثم ساق له العقيلي هذا قال في لسان
⦗ص: 206⦘
الميزان ويشبه أن يكون موضوعا اه. فما أوهمه صنيع المصنف من أن مخرجه العقيلي خرجه ساكتا عليه غير صواب
3157 -
(بكروا بالإفطار) أي تقدموا به وقدموه في الوقت وقت الفطر قال الديلمي: والتبكير التقدم في أول الوقت وإن لم يكن أول النهار (وأخروا السحور) أي أوقعوه آخر الليل ما لم يؤد إلى شك في طلوع الفجر فإنه أعظم للأجر
(عد عن أنس) بن مالك ورواه عنه الديلمي في الفردوس أيضا
3158 -
(بكروا في الصلاة في يوم الغيم) أي حافظوا عليها وقدموها فيه لئلا يخرج الوقت وأنتم لا تشعرون وإخراج الصلاة عن وقتها عظيم الجرم جدا لا سيما العصر كما يشير إليه قوله (فإنه) أي الشأن (من ترك صلاة العصر حبط عمله) أي بطل ثوابه وليس ذلك من إحباط ما سبق من عمله فإنه في حق من مات مرتدا بل يحمل الحبوط على نقصان عمله في يومه ذلك وحمله الدميري على المستحل أو من تعود الترك أو على حبوط الأجر
(حم هـ حب عن بريدة) بن الحصيب الأسلمي وظاهر صنيع المصنف أن ذا ليس في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول عجيب مع كونه كما قال الديلمي وغيره في البخاري عن بريدة باللفظ المزبور
3159 -
(بلغوا عني) أي انقلوا عني ما أمكنكم ليتصل بالأمة نقل ما جئت به (ولو) أي ولو كان الإنسان إنما يبلغه مني أو عني (آية) واحدة من القرآن وخصها لأنها أقل ما يفيد في باب التبليغ ولم يقل ولو حديثا إما لشدة اهتمامه بنقل الآيات لأنها المعجزة الباقية من بين سائر المعجزات ولأن حاجة القرآن إلى الضبط والتبليغ أشد إذ لا مندوحة عن تواتر ألفاظه وإما للدلالة على تأكد الأمر بتبليغ الحديث فإن الآيات مع كثرة حملتها واشتهارها وتكفل حفظ الله لها عن التحريف واجبة التبليغ فكيف بالأحاديث فإنها قليلة الرواة قابلة للإخفاء والتغير؟ ذكره القاضي البيضاوي وقال الطيبي: بقوله بلغوا عني يحتمل أن يراد باتصال السند بنقل عدل ثقة عن مثله إلى منتهاه لأن التبليغ من البلوغ وهو انتهاء الشيء إلى غايته وأن يراد أداء اللفظ كما سمعه من غير تغيير والمطلوب بالحديث كلا الوجهين لوقوع قوله بلغوا عني مقابلا لقوله الآن حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج إذ ليس في التحديث ما في التبليغ من الحرج والضيق ويعضد هذا التأويل آية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} أي وإن لم تبلغ لما هو حقه فما بلغت ما أمرت به وحديث نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها الحديث وقوله ولو آية أي علامة تتميم ومبالغة أي ولو كان المبلغ فعلا أو إشارة بنحو يد أو أصبع فإنه يجب تبليغه حفظا للشريعة وفي صحيح ابن حبان فيه دليل على أن السنن يقال لها آي قال في التنقيح: وفيه نظر إذ لم ينحصر التبليغ عنه في السنن بل القرآن مما بلغ وفيه جواز تبليغ بعض الحديث قال الطيبي: ولا بأس به للعالم وإباحة الكتابة والتقييد لأن النسيان من طبع الإنسان ومن اعتمد على حفظه لا يؤمن عليه الغلط في التبليغ فترك التقييد يؤدي إلى سقوط أكثر الحديث وتعذر تبليغه ذكره في شرح السنة وفي الجليس للمعافى النهرواني الآية لغة تطلق على العلامة الفاصلة والأعجوبة الحاصلة والبلية النازلة فمن الأول قوله تعالى {أن لا تكلم الناس} ومن الثاني {إن في ذلك لآية} ومن الثالث جعل الأمير فلانا اليوم آية ويجمع بين هذه المعاني أنه قيل لها آية لدلالتها وفضلها وإبانتها وقال ولو آية أي واحدة ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما عنده من الآي ولو قل ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به الشارع اه. (وحدثوا عن بني إسرائيل) بما بلغكم عنهم مما وقع لهم من الأعاجيب وإن استحال مثلها في هذه الأمة كنزول النار من السماء لأكل القربان ولو
⦗ص: 207⦘
كان بلا سند لتعذر الاتصال في التحديث عنهم لبعد الزمان بخلاف الأحكام المحمدية (ولا حرج) لا ضيق عليكم في التحديث به إلا أن يعلم أنه كذب أو لا حرج أن لا تحدثوا وعليه فزاده دفعا لتوهم وجوب التحديث من صورة صدور الأمر به قال الطيبي: ولا منافاة بين إذنه هنا ونهيه في خبر آخر عن التحديث وفي آخر عن النظر في كتبهم لأنه أراد هنا التحديث بقصصهم نحو قتل أنفسهم لتوبتهم وبالنهي العمل بالأحكام لنسخها بشرعه أو النهي في صدر الإسلام قبل استقرار الأحكام الدينية والقواعد الإسلامية فلما استقرت أذن لأمن المحذور (ومن كذب علي متعمدا) يعني ومن لم يبلغ حق التبليغ ولم يحفظ في الأداء ولم يراع صحة الإسناد (فليتبوأ) بسكون اللام فليتخذ (مقعده من النار) أي فليدخل في زمرة الكاذبين نار جهنم والأمر بالتبوئ تهكم كما مر وقد استفدنا وجوب تبليغ العلم على حامليه وهو الميثاق الذي أخذه الله على العلماء قال البغوي: ولهذا الحديث كره قوم من الصحب والتابعين إكثار الحديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم خوفا من الزيادة والنقصان والغلط حتى أن من التابعين من كان يهاب رفع المرفوع فيقفه على الصحابي
(حم خ) في بني إسرائيل (ت) في العلم (عن ابن عمر)
3160 -
(بلوا أرحامكم) أي أندوها بما يجب أن تندى به وواصلوها بما ينبغي أن توصل به (ولو بالسلام) يقال الوصل بلل يوجب الالتصاق والاتصال والهجر يفضي إلى التفتت والانفصال. قال الزمخشري: استعار البلل للوصل كما يستعار اليبس للقطيعة لأن الأشياء تختلط بالنداوة وتتفرق باليبس وقال الطيبي: شبه الرحم بالأرض الذي إذا وقع الماء عليها وسقاها حق سقيها أزهرت ورؤيت فيها النضارة فأثمرت المحبة والصفاء وإذا تركت بغير سقي يبست وبطل نفعها فلا تثمر إلا البغض والجفاء ومنه قولهم سنة جماد أي لا مطر فيها وناقة جماد أي لا لبن فيها وقال الزين العراقي: بين به أن الصلة والقطيعة درجات فأدنى الصلة ترك الهجر وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مندوب
(البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه يزيد بن عبد الله بن البراء الغنوي وهو ضعيف (طب عن أبي الطفيل) بضم المهملة عامر بن واثلة بمثلثة مكسورة الليثي الكناني ولد عام أحد وكان من شيعة علي قال الهيثمي: فيه راو لم يسم (هب عن أنس) بن مالك (وسويد) بضم المهملة (بن عمرو) الأنصاري قتل يوم موته قال البخاري: طرقه كلها ضعيفة ويقوي بعضها بعضا
3161 -
(بنو هاشم وبنو المطلب كشيء واحد) أي كشيء واحد في الكفر والإسلام ولم يخالف بنوا المطلب بني هاشم أصلا بل ذبوا عنهم بعد البعثة وناصروهم فلذا شاركوهم في خمس الخمس وجعلوا من ذوي القربى وأما عبد شمس ونوفل فإنهما وإن كانوا أخوي هاشم والمطلب فأولادهم خالفوا آباءهم فحرموا من الخمس وروى سي بسين مهملة وياء مشددة أي كل منهما مقترن بالآخر ملتصق به والسي المثل والنظير يعني هما سواء نظراء أكفاء قال الخطابي: وهذه الرواية أجود ولم يبين وجهه وقال الدماميني: هما سواء
(تتمة) قال ابن جرير: كان هاشم توأم عبد شمس خرج ورجله ملصقة برأس عبد شمس فما خلص حتى سال بينهما دم فأول بأن يكون بينهما حروب فكان بين بني أمية وبين بني العباس ما كان
(طب عن جبير بن مطعم) قال: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى بينهما قلت أنا وعثمان: يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا ونحن وهم منك بمنزلة فذكره ثم ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأعلى
⦗ص: 208⦘
من الطبراني وهو عجب فقد خرجه الإمام الشافعي من عدة طرق عن جبير بل عزاه في الفردوس لأمير المحدثين البخاري ثم رأيته فيه في كتاب الجهاد بأداة الحصر ولفظه إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد
3162 -
(بني الإسلام) بالبناء للمفعول أي أسس واستعمال الموضوع للمحسوس في المعاني مجاز علاقته المشابهة شبه الإسلام ببناء محكم وأركانه الآنية بقواعد ثابتة محكمة حاملة لذلك البناء فتشبيه الإسلام بالبناء استعارة ترشيحية (على) دعائم وأركان (خمس) وهي خصاله المذكورة قيل المراد القواعد ولذلك خلت عن التاء ولو أريد الأركان لالتحقت ونوزع بأن في رواية مسلم خمسة وهي صريحة في إرادة الأركان وتقدير خمس وصفا أقرب من تقديره مضافا لجواز حذف الموصوف إذا علم بخلاف المضاف إليه (شهادة) يجره مع ما بعده بدلا من خمس وهو أولى ويصح رفعه بتقدير مبتدأ أي هي أو أحدها أو خبر أي منها ونصبه بإضمار أعني وخص الخمس بكونها أركانه ولم يذكر معها الجهاد مع كونه ذروة سنامه لأنها فروض عينية وهو كفاية ولأن فرضيته تنقطع بنزول عيسى عليه السلام بخلاف الخمس (أن لا إله إلا الله) في رواية إيمان بالله ورسوله (وأن محمدا رسول الله) أخذ منه أبو الطيب أنه يشترط في صحة الإسلام تقدم الإقرار بالتوحيد عليه بالرسالة ولم يتابع مع اتجاهه قال ابن حجر رحمه الله: لم يذكر الإيمان بالملائكة وغيره مما هو في خبر جبريل عليه السلام لأنه أراد بالشهادة تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم بكل ما جاء به فيستلزم ذلك (وإقام) أصله إقامة حذفت تاؤه للازدواج (الصلاة) أي المداومة عليها (وإيتاء) أي إعطائها (الزكاة) أهلها فحذف للعلم به ورتب هذه الثلاثة في جميع الروايات لأنها وجبت كذلك وتقديما للأفضل فالأفضل (وحج البيت) أي الكعبة (وصوم رمضان) لم يذكر فيهما الاستطاعة لشهرتها ووجه الحصر أن العبادة إما بدنية محضة كصلاة أو مالية محضة كزكاة أو مركبة كالأخيرين وأفاد ببناء الإسلام عليها أن البيت لا يثبت بدون دعائمه وليست هي إلا هذه الخمس وما بقي من شعب الإيمان المذكور في حديثه المار تجري مجرى تحسين البناء وتكميله والشهادتان هما الأساس الكلي الحامل لجميع ذلك البناء ولبقية تلك القواعد
(حم ق ت ن) في الإيمان كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال المناوي: وقع في جامع الأصول أن ذا لفظ مسلم خاصة ولفظ الشيخين غيره وقد انعكس عليه بل هو لفظ الصحيحين
3163 -
(بورك لأمتي في بكورها) يوم الخميس هكذا ساقه ابن حجر في الفتح عازيا للطبراني فكأنه سقط من قلم المصنف وفي رواية أخرى بعد بكورها قال ابن حجر: هذا لا يمنع جواز التصرف في غير وقت البكور وإنما خص البكور بالبركة لكونه وقت النشاط ثم قال أعني ابن حجر وأما حديث بورك لأمتي في بكورها أي بدون ذكر الخميس فأخرجه أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن حبان من حديث صخر الغامدي بغين معجمة هكذا ذكره في الفتح في تضاعيف أفعال الجهاد
(طس) من حديث عبد الله بن جعفر عن ثور بن يزيد عن أبي الغيث (عن أبي هريرة) قال ابن حجر: حديث ضعيف أخرجه الطبراني من حديث نبيط بنون وموحدة مصغرا (عبد الغني في) كتاب (الإيضاح) أي إيضاح الأشكال (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الديلمي: وفي الباب جابر بن عبد الله
3164 -
(بول الغلام) أي الذي لم يطعم غير لبن للتغذي ولم يعبر حولين (ينضح) أي يرش بماء يغلبه وإن لم يسل لأنه حالتئذ ليس لبوله عفونة يفتقر في إزالتها إلى مبالغة (وبول الجارية) أي الأنثى (يغسل) وجوبا كسائر النجاسات لأن
⦗ص: 209⦘
بولها لغلبة البرد على مزاجها أغلظ وأنتن قال القاضي: المراد من النضح رش الماء بحيث يصل إلى جميع موارد البول من غير جري والغسل إجراء الماء على موارده والفرق بين الذكر والأنثى أن بولها بسبب استيلاء الرطوبة والبرد على مزاجها أغلظ وأنتن فتفتقر إزالته إلى مزيد مبالغة بخلافه وقيل الفرق أن نجاستها مكدرة لأنها تخالط رطوبة فرجها في الخروج وهي نجسة أي عند بعض العلماء في حديث عمرو بن شعيب
(هـ عن أم كرز) بضم أوله وسكون الراء بعدها زاي الكعبية المكية صحابية لها أحاديث قال مغلطاي: فيه انقطاع بين عمرو وأم كرز كما نص عليه في تهذيب الكمال في غير ما موضع وقال النقاش: عمرو ليس تابعيا
3165 -
(بيت لا تمر فيه جياع أهله) لكونه أنفس الثمار التي بها قوام النفس والأبدان مع كونه أغلب أقوات الحجاز وفي رواية لابن ماجه بسند جيد كما قاله زين الحفاظ بيت لا تمر فيه كالبيت لا طعام فيه اه كان عن غير الغالب أخلى فيجوع أهله قال القرطبي: ويصدق هذا على كل بلد ليس فيه إلا صنف واحد وبكون الغالب فيه صنفا واحدا فيقال على بلد ليس فيه إلا البر بيت لا بر فيه جياع أهله فكأن التمر إذ ذاك قوتهم كما تقوله أهل الأندلس بيت لا تين فيه جياع أهله وبقول أهل إيلان بيت لا رب فيه جياع أهله قال ابن العربي رحمه الله تعالى: وأنا أقول ما يناسب الخلقة والشرعة وتصدقه التجربة بيت لا زبيب فيه جياع أهله وأهل كل قطر يقولون في قوتهم مثله وقال الطيبي: الحديث يحمل على الحث على القناعة في بلاد يكثر فيه التمر يعني بيت فيه تمر وقنعوا به لا يجوع أهله وإنما الجائع من ليس عنده تمر وفيه تنبيه على مصلحة تحصيل القوت وادخاره
(حم م د ت هـ) كلهم في الأطعمة (عن عائشة) ذكر الترمذي في العلل عن البخاري أنه قال لا أعرفه إلا من حديث يحيى بن حسان بن سليمان بن بلال
3166 -
(بيت لا صبيان فيه) يعني لا أطفال فيه ذكورا أو إناثا (لا بركة فيه) ظاهر كلام المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبو الشيخ [ابن حبان] بيت لا خل فيه قفار أهله وبيت لا تمر فيه جياع أهله اه
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) في الثواب (عن ابن عباس) وفيه عبد الله بن هارون الفروي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: له مناكير واتهمه بعضهم أي بالوضع وقدامة بن محمد المدني خرجه ابن حبان
3167 -
(بيع المحفلات) أي المجموعات اللبن في ضروعها لإيهام كثرة لبنها (خلابة) أي غش وخداع (ولا تحل الخلابة لمسلم) يعني لا يحل لمسلم أن يفعلها مع غيره ويثبت للمشتري الخيار
(حم هـ عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضا ابن أصبغ قال عبد الحق: روي مرفوعا وموقوفا وقال ابن القطان: وهذا منه مسالمة الحديث كأنه لا عيب فيه إلا إن وقف ورفع وذا منه عجب فإن الحديث في غاية الضعف ثم أطال في بيانه
3168 -
(بين كل أذانين) أي أذان وإقامة فحمل أحد الاسمين على الآخر شائع سائغ كالقمرين ذكره الزمخشري وتبعه القاضي فقال: غلب الأذان على الإقامة وسماها باسم واحد قال غيره: لا حاجة لارتكاب التغليب فإن الإقامة أذان حقيقة لأنها إعلام بحضور الوقت للصلاة كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت فهو حقيقة لغوية وتبعه الطيبي وقال: الاسم لكل منهما حقيقة لغوية إذ الأذان لغة الإعلام فالأذان إعلام بحضور الوقت والإقامة إيذان بفعل الصلاة (صلاة) أي وقت صلاة والمراد صلاة نافلة ونكرت لتناول كل عدد نواه المصلي من النفل وإنما لم يجر على ظاهره
⦗ص: 210⦘
لأن الصلاة بين الأذانين مفروضة والخبر نطق بالتخيير بقوله (لمن شاء) أن يصلي فذكره دفعا لتوهم الوجوب قال المظهر: وإنما حرض أمته على صلاة النفل بين الأذانين لأن الدعاء لا يرد بينهما ولشرف هذا الوقت وإذا كان الوقت أشرف كان ثواب العبادة فيه أكثر وبقية الخبر عند البخاري وغيره ثلاثا قال ابن الجوزي: فائدة هذا الحديث أنه يجوز أن يتوهم أن الأذان للصلاة يمنع أن يفعل سوى الصلاة التي أذن لها فبين أن التطوع بين الأذان والإقامة جائز
(حم ق 4 عبد الله بن مغفل) كلهم في كتاب الصلاة
3169 -
(بين كل أذانين صلاة إلا المغرب) فإنه ليس بين أذانها وإقامتها صلاة بل يندب المبادرة إلى المغرب في أول وقتها فلو استمرت المواظبة على الاشتغال بغيرها كان ذلك ذريعة إلى مخالفة إدراك أول وقتها ولم تكن الصحابة يصلون بينهما بل كانوا يشرعون في الصلاة في أثناء الأذان ويفرغون مع فراغه وعند الشافعية وجه رجحه النووي ومن تبعه أنه يسن صلاة ركعتين قبلها. قال في شرح مسلم: قول من قال إن فعلهما يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها ممنوع انتهى
(البزار) في مسنده عن عبد الواحد بن غياث عن حبان بن عبيد الله عن عبد الله بن بريدة (عن) أبيه (بريدة) ثم قال البزار: لا نعلم رواه إلا حبان وهو بصري مشهور لا بأس به قال الهيثمي في موضع: لكنه اختلط وفي آخر فيه حبان بن عبد الله ضعفه ابن عدي وقيل: إنه اختلط انتهى وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال: تفرد به حبان وهو كذاب كذبه الفلاس وتعقبه المؤلف بأن الذي كذبه الفلاس غير هذا
3170 -
(بين) وفي رواية لمسلم إن بين (الرجل) أراد الإنسان وإنما خص الرجل لأن الخطاب معه غالبا (وبين الشرك) بالله (والكفر) عطف عام على خاص إذ الشرك نوع من الكفر وكرر بين تأكيدا والتعبير بالواو هو ما وقع في جميع الأصول وعند أبي عوانة وأبي نعيم أو الكفر (ترك الصلاة) أي تركها وصلة بين العبد وبين الكفر يوصله إليه
(م) في كتاب الإيمان (د ت هـ عن جابر) ولم يخرجه البخاري
3171 -
(بين الملحمة) بفتح الميمين الحرب ومحل القتال من اشتباك الناس واختلاطهم أو من اللحم لكثرة لحوم الموتى (وفتح المدينة) القسطنطينية (ست سنين ويخرج المسيح الدجال في السابعة) قال ابن كثير: يشكل بخبر الملحمة الكبرى وفتح المدينة وخروج الدجال في سبعة أشهر إلا أن يكون بين أول الملحمة وآخرها ست سنين وبين آخرها وفتح المدينة مدة قريبة تكون مع خروج الدجال في سبعة أشهر
(حم د) في الملاحم (هـ) في الفتن (عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة كما مر قال المناوي: وفيه بقية وفيه مقال انتهى وأقول فيه أيضا سويد بن سعيد
3172 -
(بين الركن والمقام ملتزم ما يدعو به صاحب عاهة إلا برئ) يعني استجاب دعاءه وأبرأه من عاهته وفي رواية للطبراني أيضا بين الركن والمقام ملتزم من دعى الله عز وجل من ذي حاجة أو ذي كربة أو ذي غم فرج الله عنه
(طب عن ابن عباس)
3173 -
(بين العبد والجنة) أي دخولها (سبع عقبات) جمع عقبة كذا في نسخ ثم رأيت خط المصنف عقاب (أهونها
⦗ص: 211⦘
الموت وأصعبها الوقوف بين يدي الله تعالى) في الموقف الأعظم يوم الفزع الأكبر (إذا تعلق المظلومون بالظالمين) قائلين يا ربنا أنت الحكم العدل فاقتص لنا منهم وهذا قد يشكل بخبر القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أهون
(أبو سعد النقاش) بفتح النون وقاف مشددة وشين معجمة نسبة إلى نقش الحيطان والسقوف (في معجمه) أي معجم شيوخه (وابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك
3174 -
(بين يدي الساعة) أي قدامها وأصله أن يستعمل في مكان يقابل صدر الشخص وبين يديه ثم نقل إلى الزمن (أيام الهرج) أي قتال واختلاط والساعة الوقت التي تقوم فيه القيامة وهي ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم
(حم طب عن خالد بن الوليد)
3175 -
(بين يدي الساعة فتن) أي حروب وفساد في الأهواء والاعتقادات والمذاهب والمناصب (كقطع الليل المظلم) أي فتن مظلمة سوداء فظيعة جدا وقطع الليل طائفة منه زاد أحمد وأبو يعلى والطبراني يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا يسير انتهى قال الحسن: فوالله لقد رأيناهم صورا ولا عقولا وأجساما ولا أحلاما فراش نار وذباب طمع يغدون بدرهمين ويروحون بدرهمين يبيع أحدهم دينه بثمن العنز
(ك عن أنس) بن مالك وفي الباب النعمان بن بشير
3176 -
(بين يدي الساعة مسخ) قلب الخلقة من شيء إلى شيء أو تحويل الصورة إلى أقبح منها أو مسخ القلوب (وخسف) أي غور في الأرض (وقذف) أي رمي بالحجارة من جهة السماء قال التوربشتي: هذا من باب التغليظ والتشديد
(هـ عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضا أبو نعيم في الحلية وقال: غريب من حديث النووي لم يكتبه إلا من إبراهيم بن بسطام عن مؤمل
3177 -
(بين العالم) أي العامل بعلمه (والعابد) غير العالم (سبعون درجة) يعني أن العالم فوقه بسبعين منزلة في الجنة وفي رواية للأصبهاني في الترغيب مئة درجة ولا تدافع لامكان أنه أراد بالسبعين هنا التكثير لا التحديد أو أن ذلك يختلف باختلاف أشخاص العلماء والعباد
(فر عن أبي هريرة) ورواه عنه أبو نعيم أيضا قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف من طريقه
3178 -
(بين كل ركعتين تحية) الظاهر أن المراد في كل ركعتين تشهدا يعني أن الأحب في النفل أن يتشهد في كل ركعتين والوصل مفصول بالنسبة إليه
(هق عن عائشة)
3179 -
(بئس) كلمة جامعة للمذام مقابلة لنعم الجامعة لوجوه المدائح كلها قاله الحرالي (العبد عبد تخيل) بخاء معجمة أي تخيل في نفسه شرفا وفضلا على غيره (واختال) تكبر من الخيلاء بالضم والكسر الكبر والعجب يقال اختال فهو مختال
⦗ص: 212⦘
وفيه خيلاء ومخيلة أي كبر (ونسي) الله (الكبير المتعال) أي ونسي أن الكبرياء والتعالي ليس إلا للواحد القهار (بئس العبد عبد تجبر) من الجبروت فعلوت من الجبر القهر بأن احتشى من الشهوات وجبر الخلق على هواه فيها فصار ذلك عادة له (واعتدى) في جبريته فمن خالف هواه قهره بقتل أو غيره (ونسي الجبار الأعلى) الذي له الجبروت الأعظم وقد صغرت الدنيا بمن فيها من الخلق والخليقة في جنب جبروته (بئس العبد عبد سها) بالأماني مستغرقا في شؤون هذا الحطام الفاني (ولها) بالإكباب على الشهوات والاشتغال باللهو واللعب أو ربما لا يعنيه عما خلق لأجله من العبادات (ونسي المقابر والبلى (1)) أي من القبر يضمه يوما ويحتوي على أركانه ويبلي لحمه ودمه (بئس العبد عبد عتا وطغى) أي بالغ في ركوب المعاصي وتمرد حتى صار لا ينفع فيه وعظ ولا يؤثر فيه زجر فصار إيمانه محجوبا والعتو التجبر والتكبر والطغيان مجاوزة الحد (ونسي المبتدأ والمنتهى) أي نسي من أين بدأ والى أين يعاد وصيرورته ترابا أي من كان ذلك ابتداؤه ويكون انتهائه هذا جدير بأن يطيع الله في أوسط الحالين (بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين) بتحتية ثم خاء معجمة فمثناة فوقية مكسورة أي يطلب الدنيا بعمل الآخرة بخداع كما يطلب الصائد الصيد من قولهم ختل الصيد إذا اختفى له وختل الصائد إذا مشى للصيد قليلا قليلا لئلا يحس به شبه فعل من يرى ورعا ودينا ليتوصل به إلى المطالب الدنيوية بختل الذئب وللصائد فهذا عبد متضع مداهن قلت مبالاته بنفسه على الحقيقة إنما يبالي بما يعرض في العاجل فيطمس معالم الإيمان بحطام الدنيا وأوساخها يظهر الخشوع عند لقاء الخلق وتنفس الصعداء تحسرا على أدبار أمره ويظهر أنه في هيئة الزاهدين ويظهر الانقباض ليهاب ويكون في فريسته كالسباع والذئاب والختل الخداع والمراوغة (بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات) التي هي محل تعارض الأدلة واختلاف العلماء أو المكروه والمراد أنه يتشبث بالشبهات ويؤول المحرمات (بئس العبد عبد طمع يقوده) قال الأشرفي: تقديره وطمع ويمكن جعل قوله طمع فاعل يقوده متقدما على فعله قال الطيبي: وهو أقرب (بئس العبد عبد هوى يضله) أراد الهوى القصور وهو هوى النفس (بئس العبد عبد رغب) بفتح الراء بضبط المصنف (يزله) بضم الياء وكسر الزاي بضبط المصنف أي حرص وشدة على الدنيا وقيل سعة الأمل وطلب الكثير قال القاضي: الرغب شره الطعام وأصله سعة الجوف بمعنى الرحب وإضافة العبد إليه للإهانة كقولهم عبد البطن ولأن مجامع همته واجتهاده مقصور عليه وعائد إليه
(ت ك) في الرقاق (هب عن أسماء) فتح الهمزة وبالمد (بنت عميس) بضم المهملة وفتح الميم الخثعمية صحابية هاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب قال البيهقي في الشعب: إسناده ضعيف انتهى وكذا ذكره البغوي والمنذري وصححه الحاكم وليس كما زعم فقد رده الذهبي وقال: سنده مظلم (طب هب عن نعيم) بضم النون ابن حمار قال الذهبي: والصحيح همار غطفاني روى عنه كثير بن مرة حديثا واحدا قال الهيثمي: وفيه طلحة بن زيد الرقي وهو ضعيف
(1) البلى بكسر الموحدة والقصر أو بفتحها والمد أي لم يستعد ليوم نزول قبره ولم يتفكر فيما هو صائر إليه من بيت الوحشة والدود
3180 -
(بئس العبد المحتكر) أي حابس القوت الذي تعم حاجة الناس إليه ليغلو فيبيعه بزيادة فإنه (إن أرخص الله الأسعار)
⦗ص: 213⦘
أي أسعار الأقوات (حزن وإن أغلاها فرح) فهو يحزن لمسرة خلق الله ويفرح لحزنهم وكفى به ذما ومن ثم حرم الشافعية الاحتكار وقال القاضي رحمه الله تعالى: السعر القيمة التي يشيع البيع بها في الأسواق سميت به لأنها ترتفع والتركيب لما له ارتفاع
(طب هب عن معاذ بن جبل) وفيه بقية وحاله معروف وثور بن يزيد ثقة مشهور بالقدر
3181 -
(بئس) فعل ذم (البيت الحمام ترفع فيه الأصوات) فيتشوش الفكر عن الشغل بالذكر (وتكشف فيه العورات) أي غالبا بل لا يكاد يخلو عن ذلك لأن ما تحت السرة إلى ما فوق العانة لا يعده الناس عورة منهم لا ينفكون عن كشفه وقد ألحقه الشرع بالعورة وجعله كحريمها ولهذا يسن إخلاء الحمام وقال بعضهم: لا بأس بدخول الحمام لكن بإزارين إزار للعورة وإزار للرأس يستر عينيه عن النظر
(عد عن ابن عباس) وفيه صالح بن أحمد القيراطي البزار قال في الميزان: قال الدارقطني: متروك كذاب دجال أدركناه ولم نكتب عنه وقال ابن عدي: يسرق الحديث ثم ساق هذا الخبر فما أوهمه اقتصار المصنف على عزو الحديث عدي من أنه خرجه وأقره غير صواب
3182 -
(بئس البيت الحمام بيت لا يستر) أي لا تستر فيه العورة عن العيون (وماء لا يطهر) بضم الياء وشد الهاء وكسرها أي لكونه مستعملا عالبا وهذا تمام المرفوع منه ثم قالت عائشة عقب رفعها له كما هو ثابت في رواية مخرجه البيهقي: وما يسر عائشة أن لها مثل أحد ذهبا وأنها دخلت الحمام وقالت: لو أن امرأة أطاعت ربها وحفظت فرجها ثم آذت زوجها بكلمة باتت والملائكة تلعنها اه
(هب) من حديث يحيى بن أبي طالب عن أبي خباب عن عطاء (عن عائشة) ويحيى أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: وثقه الدارقطني وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب وأبو جناب هو يحيى بن أبي حية أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه النسائي والدارقطني اه. ومن ثم أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح وقال القطان: لا أستحل أو أروي عن حباب وقال الفارس: متروك الحديث
3183 -
(بئس الشعب) بالكسر الطريق أو الطريق في الجبل (جياد) قالوا: يا رسول الله لم ذلك قال: (تخرج الدابة) أي تخرج منه دابة الأرض (فتصرخ ثلاث صرخات فيسمعها من بين الخافقين) هما طرفا السماء والأرض أو المشرق والمغرب
(طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه رباح بن عبد الله بن عمر وهو ضعيف اه وفي الميزان فيه رباح بن عبد الله قال أحمد والدارقطني: منكر الحديث وفي اللسان قال البخاري: لم يتابع عليه رباح وذكره العقيلي وابن الجارود في الضعفاء
3184 -
(بئس الطعام طعام العرس يطعمه الأغنياء) استئناف جواب عن من سأل عن كونه مذموما (ويمنعه المساكين) والفقراء فهو لذلك مذموم وقضيته أنه إذا لم يخص بدعوته الأغنياء ولم يمنع منه المساكين لا يكون مذموما وهو ظاهر والإجابة إليه حينئذ واجبة
(قط في فوائد ابن مردك عن أبي هريرة)
⦗ص: 214⦘
3185 - (بئس القوم قوم لا ينزلون الضيف) أي لا ينزلونه عندهم للقيام بضيافته فإن الضيافة من شعائر الإسلام فإذا أجمع أهل محلة على تركها دل على تهاونهم بالدين
(هب) وكذا الطبراني (عن عقبة بن عامر) الجهني قال الهيثمي: مصعب قال رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة
3186 -
(بئس القوم قوم يمشي المؤمن فيهم بالتقية والكتمان) أي يتقي شرهم ويكتم عنهم حاله لما علمه منهم أنهم بالمرصاد للأذى والإضرار إذا رأوا سيئة أفشوها وإذا رأوا حسنة كتموها وستروها ومن ثم استعاذ المصطفى صلى الله عليه وسلم ممن هذا حاله كما تقدم في أدعيته فيظهرون الصلح والأخوة والاتفاق وباطنهم بخلافه
(فر عن ابن مسعود) وفيه يحيى بن سعيد العطار أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي: بين الضعف عن سوار وقال النسائي وغيره متروك وقال البخاري: منكر الحديث ثم ساق من مناكيره هذا الخبر
3187 -
(بئس الكسب أجر الزمارة) بفتح الزاي وشد الميم الزانية كذا في الفردوس والنهاية والقاموس وغيرها فهو نهي عن كسب المغنية وقيل بتقديم الراء على الزاي من الرمز الإشارة بنحو حاجب أو عين والزواني تفعلنه قال ثعلب: الزمارة البغي الحسناء (وثمن الكلب) ولو معلما فإن أكله من أكل أموال الناس بالباطل لعدم صحة بيعه
(أبو بكر ابن مقسم في جزئه عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي
3188 -
(بئس مطية الرجل) أي بعيره فعيلة بمعنى مفعولة (زعموا) يعني كلمة زعموا أراد به النهي عن التكلم بكلام يسمعه من غيره ولا يعلم صحته أو عن اختراع القول بإسناده إلى من لا يعرف فيقول زعموا أنه قد كان كذا وكذا فيتخذ قوله زعموا مطية (1) يقطع بها أودية الإسهاب وقيل سماه مطية لأنه يتوصل بهذا المقصود من إثبات شيء في المشيئة كما أنه يتوصل إلى موضع بواسطة المطية وأكثر ما ورد في القرآن فهو في معرض الذم وإنما صح الإسناد إليه والفعل لا يسند إليه لأن المراد منه هو المعنى دون اللفظ قال الخطابي: وأصل هذا أن الرجل إذا أراد الظفر لحاجة والسير لبلد ركب مطية وسار فشبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يقدم الرجل أمام كلامه ويتوصل به لحاجته من قولهم زعموا بالمطية وإنما يقال زعموا في حديث لا سند له ولا يثبت قدم المصطفى صلى الله عليه وسلم من الحديث ما هذا سبيله وأمر بالتوثق فيما يحكي والتثبت فيه لا يرويه حتى يجده معزوا إلى ثبت
(حم د) في الأدب (عن حذيفة) قال الذهبي في المهذب: فيه إرسال وقال ابن عساكر في الأطراف: حديث منقطع لأنه من رواية عبد الله بن زيد الجرمي عن حذيفة وهو لم يسمع منه
(1)[يتخذ قوله " زعموا " مطية ليحمله ما لم يتحقق من صحته بنفسه فيروج هذا الكلام وإن كان كذبا. دار الحديث]
3189 -
(بئس) فعل ذم (ما) نكرة موصوفة أي شيئا كائنا (لأحدكم أن يقول) هو المخصوص بالذم (نسيت آية كيت وكيت) بفتح التاء أشهر من كسرها أي كذا وكذا أوجه الذم دلالة هذا القول على تفريطه بعدم ملازمة تلاوة القرآن ودرسه نسبة الفعل إلى نفسه وهو فعل الله أو هو خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان من ضروب النسخ نسيان الشيء الذي ينزل
⦗ص: 215⦘
ويدل عليه قوله (بل هو نسي) فهو نهي عن نسبة ذلك إليهم وإنما الله أنساهم لما له فيه من الحكمة ذكره الخطابي كغيره وقال الطيبي: قوله بل نسي إضراب عن القول بنسبة النسيان إلى النفس المسبب عن عدم التعاهد إلى القول بالإنساء الذي هو من فعل الله من غير تقصير منه أي لا تقولوا ذلك القول بل قولوا ما قيل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما يشهد له ما روي عن عائشة رضي الله عنها سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ بالليل فقال: يرحمه الله قد أذكرني كذا وكذا آية كنت نسيتها قال أبو عبيد: أما الحريص على حفظ القرآن المداوم على تلاوته لكن النسيان يغلبه فلا يدخل في هذا وقيل معنى نسي عوقب بالنسيان على ذنب أو سوء تعهده للقرآن من قوله تعالى {أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}
(حم ق ت ن عن ابن مسعود)