الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
⦗ص: 286⦘
3414 - (التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين) فلا يكفي الاقتصار على الكفين عند الشافعية والحنفية إعطاء للبدل حكم المبدل واكتفى مالك رضي الله تعالى عنه بالكفين تمسكا بخبر عمار المصرح بالاكتفاء بالكفين قلنا المراد بالكفين الذراعان إطلاقا لاسم الجزء على الكل والمراد ظاهرهما مع الباقي وكون أكثر عمل الأمة على هذا يرجح هذا الحديث على حديث عمار فإن تلقي الأمة الحديث بالقبول يرجحه على ما أعرضت عنه وقوله ضربتان يفيد أن الضرب ركن لا يحتمل السقوط وعدم الاكتفاء بضربة واحدة وهو المفتى به عند الشافعية ومن ذهب إلى الاكتفاء بالضربة حمل الضربتين على إرادة الأعم من المسحين أو أنه خرج مخرج الغالب
(طب ك) من حديث عبد الله بن الحسين عن جابر بن علي بن ظبيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال الذهبي: عبد الله بن الحسين بن جابر رماه ابن حبان بسرقة الأخبار وابن ظبيان وهوه اه وظبيان بمعجمة فموحدة تحتية وقال الهيثمي: قال ابن معين وجمع: ابن ظبيان كذاب خبيث اه ورواه الدارقطني أيضا عن ابن عمر من طريقين وقال: في إحداهما علي بن ظبيان وقد تركه النسائي وغيره وفي الأخرى سليمان بن أبي داود الحراني وابن الأرقم وهما ضعيفان قال: والصواب أنه موقوف على ابن عمر قولا وفعلا وقال ابن حجر رحمه الله في تخريج الرافعي: علي بن ظبيان ضعفه غير واحد وروى من طريق فيها كلها مقال وقال في تخريج الهداية: رواه الدارقطني من طريقين آخرين واهيين وهو في الصحيحين بدون المرفقين اه وبذلك عرف أن رمز المصنف لصحته غير صواب
حرف الثاء
3415 -
(ثلاث) نكرة هي صفة لمحذوف ومن ثم وقعت مبتدأة أي خصال ثلاث والخبر قوله (من كن) أي حصلن (فيه وجد) أصاب (حلاوة الإيمان) أي التلذذ بالطاعة وتحمل المشقة في رضى الله ورسوله وإيثار ذلك على عرض الدنيا وهذا استعارة بالكناية ثم شبه الإيمان بنحو العسل للجهة الجامعة وهو الالتذاذ فأطلق المشبه وأضاف إليه ما هو من خصائص المشبه به ولوازمه وهو الحلاوة على جهة التخييل وادعى بعض الصوفية أنها حلاوة حسية لأن القلب السليم من أمراض الغفلة والهوى يجد طعم الإيمان كذوق الفم طعم العسل يمكن كون الجملة الشرطية صفة لثلاث فيكون الخبر ثم إن هذه الثلاثة لا توجد إلا (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) وأن مصدرية خبر مبتدأ محذوف أي أول الثلاثة كون الله ورسوله في محبته إياهما أكثر محبة من محبة سواهما من نفس وأهل ومال وكل شيء قال النووي: وعبر بما دون من لعمومها وجمعه بين اسم الله ورسوله في ضمير لا ينافيه إنكاره على الخطيب ومن يعصهما لأن المراد في الخطب الإيضاح لا الرمز وهنا إيجاز اللفظ ليحفظ وأولى منه قول البيضاوي ثنى الضمير هنا إيماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين لا كل واحدة فإنها وحدها لاغية وأمر بالإفراد في حديث الخطيب إشعارا بأن كل واحد من العصيانين مستقل باستلزام الغواية إذ العطف في تقدير التكرير والأصل استقلال كل من المعطوفين في الحكم اه. وهنا أجوبة أخرى لا ترتضى ومحبة العبد ربه تنقسم باعتبار سببها والباعث عليها إلى قسمين أحدهما ينشأ عن مشاهدة الإحسان ومطالعة الآلاء والنظر في النعم فإن القلوب جبلت على حب المحسن إليها
⦗ص: 287⦘
ولا إحسان أعظم من إحسان الرب تقدس وهذا القسم يدخل فيه كل أحد والثاني يتعلق بالخواص وهي محبة الجلال والجمال ولا شيء أكمل ولا أجمل منه فلا يجد كماله ولا يوصف جلاله ولا ينعت جماله وأسباب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة منها أنه أنقذنا به من النار وأوجب لنا باتباعه الفلاح الأبدي والنعيم السرمدي (وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله) أي لا يحبه لغرض إلا لغرض رضى الله حتى تكون محبته لأبويه لكونه سبحانه أمر بالإحسان إليهما ومحبته لولده لكونه ينفعه في الدعاء الصالح له وهكذا (وأن يكره أن يعود في الكفر) أي يصير إليه واستعمال العود بمعنى الصيرورة غير عزيز (بعد إذ انقذه الله منه) أي نحاه منه بالإسلام (كما يكره أن يلقى في النار) لثبوت إيمانه وتمكنه في جنانه بحيث انشرح صدره والتذ به وفيه تنبيه على الكفر كالنار وإشارة إلى التحلي بالفضائل وهو حب الله ورسوله وحب الخلق والتخلي عن الرذائل وهو كراهة الكفر وما يلزمه من النقائص وهو بالحقيقة لازم للأول إذ إرادة الكمال تستلزم كراهة النقصان فهو تصريح باللازم قال البيضاوي: جعل هذه الأمور الثلاثة عنوانا لكمال الإيمان المحصل لتلك اللذة لأنه لا يتم إيمان عبد حتى يتمكن في نفسه أن المنعم والقادر على الإطلاق هو الله وما مانح ولا مانع سواه وما عداه وسائط وأن الرسول هو العطوف الحقيقي الساعي في إصلاح شأنه وإعلاء مكانه وذلك يقتضي أن يتوجه بشراشره نحوه ولا يحب ما يحبه إلا لكونه وسطا بينه وبينه وإن تيقن أن جملة ما وعد به وأوعد حق فيتيقن أن الموعود كالواقع وقال البيضاوي: المراد بالحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل فالمرء لا يؤمن إلا إذا تيقن أن الشارع لا يأمر ولا ينهى إلا بما فيه صلاح عاجل أو خلاص آجل والعقل يقتضي ترجح جانبه وكماله بأن يمون نفسه بحيث يصير هواه تبعا لعقله ويلتذ به التذاذا عقليا إذ اللذة إدراك ما هو كمال وخير من حيث هو كذلك وليس بين هذه واللذة الحسية نسبة يعتل بها والشارع عبر عن هذه الخلة بالحلاوة لأنها أظهر من اللذات المحسوسة فيحسب مجالس الذكر رياض الجنة وأكل مال اليتيم أكل النار والعود إلى الكفر إلقاء في النار
(حم ق) في الإيمان (ت ن هـ عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه قال النووي رحمه الله تعالى: هذا حديث عظيم أصل من أصول الإسلام
3416 -
(ثلاث من كن فيه نشر الله عليه) بشين معجمة: من ضد النشر الطبي (كنفه) بكاف ونون وفاء أي ستره وصانه وروى بمثناة تحتية وسين مهملة وبدل كنفه حتفه بحاء مهملة أي موته على فراشه وعلى الأول هو تمثيل لجعله تحت ظل رحمته يوم القيامة (وأدخله جنته) الإضافة للتشريف والتعظيم (رفق بالضعيف) ضعفا معنويا يعني المسكين أو حسيا ولا مانع من شموله لهما (وشفقة على الوالدين) أي الأصلين وإن عليا (والإحسان إلى المملوك) أي مملوك الإنسان نفسه ويحتمل إرادة الأعم فيدخل فيه ما لو رأى غيره يسيء إلى مملوك ويكلفه ما لا يطيق فيحسن إليه بنحو إعانة له في العمل أو شفاعة عند سيده في التخفيف عنه ونحو ذلك
(ت) في الزهد (عن جابر) بن عبد الله وقال غريب اه وفيه عبد الله بن إبراهيم المغافري قال المزي: هو متهم أي بالوضع
⦗ص: 288⦘
3417 - (ثلاث من كن فيه آواه الله) بالمد (في كنفه ونشر عليه رحمته وأدخله جنته) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب وفي رواية بدل ونشر إلخ وألبسه محبته وأدخله في جنته قالوا: من ذا يا رسول الله قال: (من إذا أعطي شكر) المعطي على ما أعطاه (وإذا قدر غفر) أي وإذا قدر على عقوبة من استوجب العقوبة لجنايته عليه عفى عنه فلم يؤاخذه بذنبه (وإذا غضب) غضبا لغير الله (فتر) أي سكن عن حدته ولان عن شدته وكظم الغيظ ورد الشيطان خاسئا
(ك هب) من حديث عمر بن راشد عن هشام عن محمد بن علي (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي فقال: قلت بل هو واه فإن عمر قال فيه أبو حاتم وجدت حديثه كذبا اه وذكر نحوه في الفردوس مع زيادة بل منبه على ذلك مخرجه البيهقي نفسه فقال عقب تخريجه: عمر بن راشد هذا شيخ مجهول من أهل مصر يروي ما لا يتابع عليه قال: وهو غير عمر بن راشد اليمامي اه وبه يعرف أن المصنف كما أنه أساء التصرف في إسقاطه من كلام البيهقي وكما أعل به الحديث لم يصب في إيراده رأسا
3418 -
(ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال) أي اجتماعها فيه يدل على كونه منهم (الرضى بالقضاء) أي بما قدره الله وحكم به (والصبر عن محارم الله) أي كف النفس عن ارتكابها أو شيء منها (والغضب في ذات الله عز وجل أي عند رؤيته من ينتهك محارم الله وظاهر صنيع المصنف أن الديلمي خرجه هكذا بغير زيادة ولا نقص والأمر بخلافه بل أسقط منه المصنف بعد قوله الأبدال الذين بهم قوام الدين وأهله اه بلفظه
(فر عن معاذ) بن جبل وفيه ميسرة بن عبد ربه قال الذهبي في الضعفاء والمتروكين: كذاب مشهور وشهر بن حوشب قال ابن عدي: لا يحتج به
3419 -
(ثلاث من كن فيه حاسبه الله حسابا يسيرا) يوم القيامة فلا يناقشه ولا يشدد عليه ولا يطيل وقوفه لأجله (وأدخله الجنة برحمته) أي وإن كان عمله لا يبلغه ذلك بقلته (تعطي من حرمك) عطاءه أو مودته أو معروفه (وتعفو عمن ظلمك) في نفس أو مال أو عرض (وتصل من قطعك) من ذوي قرابتك وغيرهم وتمامه كما في الطبراني قال يعني أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: إذا فعلت هذا فما لي يا نبي الله قال: يدخلك الله الجنة
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب طس ك) في التفسير من حديث سليمان بن داود اليماني عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي فقال: سليمان ضعيف وقال في المهذب سليمان واه وفي الميزان قال البخاري: سليمان منكر الحديث قال: ومن قلت فيه منكر الحديث لا تحل رواية حديثه ثم ساق له أخبارا هذا منها وقال العلائي: فيه سليمان ضعفه غير واحد وقال الهيثمي: فيه سليمان متروك
3420 -
(ثلاث من كن فيه وقي شح نفسه) بالبناء للمفعول من الوقاية أي صانه الله تعالى عن أذى شح نفسه {ومن يوق
⦗ص: 289⦘
شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (من أدى الزكاة) الواجبة عليه إلى مستحقيها (وقرى الضيف) أي أنزله عنده وقربه وقرب إليه طعاما (وأعطى في النائبة) أي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات والحوادث والفتن والحروب وغيرها
(طب عن خالد بن زيد بن حارثة) ويقال ابن يزيد بن حارثة بحاء مهملة ومثلثة الأنصاري قال الذهبي: مختلف في صحبته وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: ذكره البخاري وابن حبان في التابعين قال الهيثمي: فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ضعيف اه. لكن قال في الإصابة إسناده حسن
3421 -
(ثلاث من كن فيه فإن الله تعالى يغفر له ما سوى ذلك) من الذنوب وإن كثرت (من مات لا يشرك بالله شيئا) في ألوهيته (ولم يكن ساحرا يتبع السحرة) ليتعلم السحر ويعلمه ويعمل به (ولم يحقد على أخيه في الإسلام) فإن الحقد شؤم وقد ورد في ذمه من الكتاب والسنة ما لا يحصى وهو من البلايا التي ابتلي بها المناظرون قال الغزالي: لا يكاد المناظر ينفك عنه إذ لا ترى مناظرا يقدر على أن لا يضمر حقدا على من يحرك رأسه عند كلام خصمه ويتوقف في كلامه فلا يقابله بحسن الإصغاء بل يضمر الحقد ويرتبه في النفس وغاية تماسكه الإخفاء بالنفاق
(خد طب عن ابن عباس) بإسناد حسن
3422 -
(ثلاث من كن فيه فهي راجعة على صاحبها) أي فشرها يعود عليه (البغي) أي مجاوزة الحد في الاعتداء والظلم (والمكر) أي الخداع (والنكث) بمثلثة نقض العهد ونبذه وتمامه عند الخطيب وغيره ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} وقرأ {يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم} وقرأ {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}
(أبو الشيخ [ابن حبان] [ابن حبان] وابن مردويه معا في التفسير) أي تفسير القرآن العظيم (خط) في ترجمة زيد بن علي الكوفي (عن أنس) وفيه مروان بن صبيح قال في الميزان: لا أعرفه وله خبر منكر ثم أورد هذا الخبر
3423 -
(ثلاث من كن فيه استوجب الثواب) من الله تعالى (واستكمل الإيمان) في قلبه (خلق) بضم اللام (يعيش به في الناس) بأن يكون عنده ملكة يقتدر بها على مداراتهم ومسالمتهم ليسلم من شرهم (وورع) أي كف عن المحارم والشبهات (يحجزه) أي يمنعه (عن محارم الله) أي عن الوقوع في شيء منها (وحلم) بالكسر عقل يرده (عن جهل الجاهل) إذا جهل عليه فلا يقابله بمثل صنعه بل بالعفو والصفح واحتمال الأذى ونحو ذلك
(البزار) في مسنده (عن أنس) قال الهيثمي: فيه عبد الله بن سليمان قال البزار: حدث بأحاديث لا يتابع عليها وقال في موضع آخر فيه من لم أعرفهم
⦗ص: 290⦘
3424 - (ثلاث من كن فيه أو واحدة منهن فليتزوج من الحور العين حيث شاء) أي في الجنة (رجل ائتمن على أمانة فأداها مخافة الله عز وجل أي مخافة عقابه إن هو خان فيها (ورجل خلى عن قاتله) بأن ضربه ضربا قاتلا فعفى عنه قبل موته (ورجل قرأ في دبر كل صلاة) أي في آخرها والظاهر أن المراد الصلوات الخمس (قل هو الله أحد) أي سورتها بكمالها (عشر مرات) وذكر الرجل وصف طردي فالمرأة والخنثى كذلك وهذا تعظيم عظيم بقدر الأمانة وتنويه شريف بشرف سورة الإخلاص وفضيلة جليلة في العفو عن القاتل
(ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنه
3425 -
(ثلاث من كن فيه أظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله الوضوء على المكاره) أي المشاق من كونه بماء شديد البرد في شدة البرد (والمشي إلى المساجد) أي للصلاة فيها جماعة ويمكن إرادة نحو الاعتكاف أيضا (في الظلم) بضم الظاء وفتح اللام جمع ظلمة بسكونها (وإطعام الجائع) الطعام لوجه الله تعالى لا لنحو رياء وسمعة قال القاضي: كونها تحت العرش عبارة عن اختصاصها بمكان من الله تعالى وقربة وباعتبار أنه لا يضع أجر من حافظ عليها ولا يهمل مجازاة من ضيعها وأعرض عنها كما هو حال المقربين عند السلطان الواقفين تحت عرشه الملازمين لحضرته
(أبو الشيخ [ابن حبان] [ابن حبان] في) كتاب (الثواب والأصبهاني في) كتاب (الترغيب) والترهيب (عن جابر) بن عبد الله
3426 -
(ثلاث من جاء بهن مع الإيمان دخل من أي أبواب الجنة شاء) أي يخير بين دخوله من أيها شاء (وزوج) بالبناء للمفعول أي زوجه الله (من الحور العين) في الجنة (حيث شاء: من عفا عن قاتله وأدى دينا خفيا) إلى مستحقه بأن لم يكن عالما به كأنه ورثه من نحو أبيه ولم يشعر به (وقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة) أي مفروضة من الخمس (عشر مرات قل هو الله أحد) أي سورتها وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله وليس كذلك بل بقيته عند مخرجه أبي يعلى فقال أبو بكر: أو إحداهن يا رسول الله قال: أو إحداهن
(ع) من حديث عمر بن شهاب (عن جابر) بن عبد الله قال مغلطاي: في عمر هذا كلام انتهى قال الهيثمي: فيه عمر بن شهاب متروك وأعاده في محل آخر وقال ضعيف جدا وقال الزين العراقي: رواه أيضا الطبراني وهو ضعيف
3427 -
(ثلاث من حفظهن فهو ولي حقا) أي يتولاه الله ويحفظه (ومن ضيعهن فهو عدو لي حقا: الصلاة) المفروضة يعني المكتوبات من الخمس (والصيام) أي صيام رمضان (والجنابة) أي الغسل من الجنابة ومثلها الغسل عن حيض
⦗ص: 291⦘
أو نفاس في حق المرأة والمراد يكون المضيع عدوا لله أنه يعاقبه ويذله ويهينه إن لم يدركه العفو فإن ضيع ذلك جاحدا فهو كافر فتكون العداوة على بابها
(طس عن أنس) قال الهيثمي: فيه عدي بن الفضل وهو ضعيف (ص عن الحسن مرسلا) يعني الحسن البصري
3428 -
(ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من عقد لواء في غير حق) يعني لقتال من لا يجوز له قتاله شرعا (أو عق والديه) أي أصليه وإن عليا (أو مشى مع ظالم لينصره) تمامه عند الطبراني يقول الله تعالى: {إنا من المجرمين منتقمون} <تنبيه> أخرج البيهقي في الشعب أن كعب الأحبار سئل عن العقوق للوالدين ما يجدونه في كتاب الله قال: إذا أقسم عليه لم يبره وإذا سأله لم يعطه وإذا ائتمنه خان فذلك العقوق
(ابن منيع) في المعجم (طب) كلاهما (عن معاذ) بن جبل قال الهيثمي: فيه عبد العزيز بن عبد الله بن حمزة وهو ضعيف
3429 -
(ثلاث من فعلهن أطاق الصوم) يعني سهل عليه فلم يشق (من أكل قبل أن يشرب وتسحر) أي آخر الليل (وقال) من القيلولة الاستراحة نصف النهار ولو بلا نوم ومعلوم بالوجدان أن هذه الثلاث تخفف مشقة الصوم
(البزار) في المسند (عن أنس) ورواه عنه الحاكم أيضا لكن قال: ويمس شيئا من الطيب مكان القيلولة
3430 -
(ثلاث من فعلهن ثقة بالله واحتسابا) للأجر عنده (كان حقا على الله أن يعينه) في معاشه وطاعته ويوفقه لمرضاته (وأن يبارك) في عمره ورزقه (من سعى في فكاك رقبته) أي خلاصها من الرق بأن أعتقها أو تسبب في إعتاقها (ثقة بالله واحتسابا) لا لغرض سوى ذلك (كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك له) كرره لمزيد التأكيد والتشويق إلى فعل ذلك (ومن تزوج ثقة بالله واحتسابا) أي فلم يخش العيلة بل توكل على الله وامتثل أمره في التزويج وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تناكحوا تناسلوا (كان حقا على الله أن يعينه) على الإنفاق وغيره (وأن يبارك له) في زوجته (ومن أحيا أرضا ميتة ثقة بالله واحتسابا) أي طلبا للأجر بعمارتها نحو مسجد أو لتأكل منه العافية أو نحو ذلك (كان حقا على الله أن يعينه) على إحيائها وغيره (وأن يبارك له) فيها وفي غيرها لأن من وثق بالله لم يكله إلى نفسه بل يتولى أموره ويسدده في أقواله وأفعاله ومن طلب منه الثواب بإخلاص أفاض عليه من بحر جوده ونواله
(طس) وكذا البيهقي من حديث عبيد الله بن الوازع عن أيوب بن أبي الزبير (عن جابر) قال الذهبي في المهذب: إسناده صالح مع نكارته عن أبي أيوب
⦗ص: 292⦘
3431 - (ثلاث من أوتيهن فقد أوتي مثل ما أوتي داود) أي من أوتيهن فقد أوتي الشكر فهو شاكر كشكر آل داود المأمور به في قوله تعالى {اعملوا آل داود شكرا} (العدل في الغضب والرضى) فإذا عدل فيهما صار القلب ميزانا للحق لا يستفزه الغضب ولا يميل به الرضى فكلامه للحق لا للنفس وهذا عزيز جدا إذ أكثر الناس إذا غضب لم يبال بما يقول ولا بما يفعل ومن ثم كان من دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم أسألك كلمة الحق في الغضب والرضى (والقصد في الفقر والغنى) بحيث لا يضطره الغنى حتى ينفق في غير حق ولا يعوزه الفقر حتى يمنع من فقره حقا (وخشية الله في السر والعلانية) لأن الخشية ولوج القلب باب الملكوت وحينئذ يستوي سره وعلنه فإذا أوتي العبد هذه الثلاث قوي على ما قوي عليه آل داود وفي الحديث إشعار بذم إظهار الخشية والخشوع من غير تزيين الباطن بهما وذلك من الأمراض القلبية قال الغزالي: ودواؤه الاشتغال بحفظ السر والقلب ليتزين بأنوار باطنه أفعال ظاهره فيكون مزينا من غير زينة مهيبا من غير أتباع عزيزا من غير عشيرة وقال غيره: داود تيقن أن الخلق لا يكرمونه إلا بقدر ما جعل الله له في قلوبهم ويعلم أن باطنه موضع نظر الحق
(الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلى هذه الآية {اعملوا آل داود شكرا} ثم ذكره
3432 -
(ثلاث من أخلاق الإيمان من إذا غضب لم يدخله غضبه في باطل) بأن يكون عنده ملكة تمنعه من ذلك خوفا من الله تعالى (ومن إذا رضي لم يخرجه رضاه من حق) بل يقول الحق حتى على أبيه وابنه ويفعله معه (ومن إذا قدر لم يتعاط ما ليس له) أي لم يتناول غير حقه يقال: تعاطيت الشيء إذا تناولته
(طص عن أنس) بن مالك رضي الله عنه قال الحافظ الهيثمي: فيه بشر بن الحسين وهو كذاب اه فكان ينبغي للمصنف حذفه من هذا الكتاب
3433 -
(ثلاث من الميسر) كمسجد (القمار) بكسر القاف ما يتخاطر الناس عليه كان الرجل في الجاهلية يخاطر عن أهله وماله فأيهما قمر صاحبه ذهب بهما (والضرب بالكعاب) أي اللعب بالنرد قيل لما وجد الحكماء الدنيا تجري على أسلوبين مختلفين منها ما يجري بحكم الاتفاق ومنها ما يجري بحكم الفكر والتخييل والسعي وضعوا النرد مثالا للأول والشطرنج للثاني (والصفير بالحمام) أي دعاؤها للعب بها وفي المصباح الصفير الصوت الخالي عن الحروف
(د في مراسيله عن يزيد بن شريح) بالتصغير كذا وقفت عليه في نسخ وهو إما تحريف من النساخ أو سهو من المؤلف وإنما هو شريك بن طارق (التيمي) الكوفي قال ابن حجر: يقال إنه أدرك الجاهلية (مرسلا) أرسل عن أبي ذر وعمر قال الذهبي: ثقة
⦗ص: 293⦘
3434 - (ثلاث من أصل الإيمان) أصل الشيء قاعدته التي لو توهمت مرتفعة لارتفع بارتفاعها أي ثلاث خصال من قاعدة الإيمان (الكف عمن قال لا إله إلا الله) مع محمد رسول الله فمن قالها وجب الكف عن نفسه وماله وحكم بإيمانه ظاهرا (ولا يكفر بذنب) بضم التحتية وجزم الراء على النهي وكذا قوله (ولا يخرجه من الإسلام بعمل) أي بعمل يعمله من المعاصي ولو كبيرة بل هو تحت المشيئة خلافا للخوارج (والجهاد ماض) يعني الخصلة الثالثة اعتقاد كون الجهاد نافذا حكمه (منذ بعثني الله) يعني أمرني بالقتال وذلك بعد الهجرة وأول ما بعث أمر بالإنذار بلا قتال ثم أذن له فيه إذا بدأه الكفار ثم أحل له ابتداؤه في غير الأشهر الحرم ثم مطلقا (1)(إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال) فينتهي حينئذ الجهاد وإنما جعل غاية الجهاد وخروجه لأن ما بعده يخرج يأجوج ومأجوج فلا يطاقون ثم بعد هلاكهم لم يبق كافر (لا يبطله جور جائر) أي لا يسقط فرض الجهاد بظلم الإمام وفسقه ولا ينعزل الإمام بجور أو فسق أو خلع (ولا عدل عادل والإيمان بالأقدار) أي بأن الله قدر الأشياء في القدم وعلم أنها ستقع في أوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة فهي تقع على ما قدرها وزعمت القدرية (2) أنه إنما يعلمها بعد وقوعها قال في المطامح: هذا الخبر أصل من أصول القواعد من أعظم فوائده الإيمان بالقدر وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به من الغيب لأنه الناطق عن الله المؤيد بالله
(د) في الجهاد (عن أنس) وفيه كما قال المناوي رضي الله عنه يزيد بن أبي نشبة بضم النون لم يخرج له أحد من الستة غير أبي داود وهو مجهول كما قاله المزي وغيره
(1) أي من غير شرط ولا زمان ووجوب القتال مستمر بعد ذلك
(2)
وسميت هذه الفرق قدرية لإنكارهم القدر
3435 -
(ثلاث من الجفاء أن يبول الرجل قائما) فإن البول قائما خلاف الأولى أي إلا لضرورة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لأجلها (أو يمسح جبهته) من نحو حصى وتراب إذا رفع رأسه من السجود (قبل أن يفرغ من صلاته) ولو نفلا (أو ينفخ في) حال (سجوده) أي ينفخ التراب في الصلاة لموضع سجوده كما بينه هكذا في رواية الطبراني لهذا الحديث وظاهر أن ذكر الرجل في الثلاثة وصف طردي وأن المرأة والخنثى مثله
(البزار) في المسند (عن بريدة) قال الزين العراقي في شرح الترمذي وتبعه تلميذه الهيثمي: رجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني في الأوسط من هذا الوجه وقال: لا يروى عن بريدة إلا بهذا الإسناد تفرد به أبو عبيدة الحداد عن سعيد بن حبان وتعقبه العراقي بمنع التفرد بل تابعه عبد الله بن داود
3436 -
(ثلاث من فعل الجاهلية)(1) أي من عادة العرب في الحالة التي كانوا عليها قبل الإسلام (لا يدعهن أهل الإسلام) أي لا يتركوهن (استسقاء بالكواكب) قال في الفردوس: عن الزهري إنما غلظ القول فيه لأن العرب كانت تزعم أن المطر
⦗ص: 294⦘
فعل النجم لا سقيا من الله أما من لم يرد هذا وقال: مطرنا في وقت كذا بنجم طالع أو غارب فجائز اه والاعتماد على قول المنجمين والرجوع إليهم شديد التحريم مشهور فيما بين القوم ومن مجازفات المصنف التي كان ينبغي له الكف عنها قوله حكى لي من أثق به أني لما ولدت اجتمع بعض أهلي برجل من أرباب التقويم فأخذ لي طالعا فقال عليه في كل سنة فرد من عمره قطوع فاتفق أن الأمر وقع كذلك ما مررت على سنة فرد من عمري إلا وضعفت فيها ضعفة شديدة اه. فكان الأولى به كف لسانه وقلمه عن مثل ذلك كيف وهو ممن ينكر على من يشتغل بعلوم الأوائل أو ينقل أو يحكي عنها شيئا في كتبه حتى قال في بعض تآليفه إن الهيويين زعموا أن الشمس لا تكسف إلا في وقت كذا للمقابلة التي يزعمونها قاتلهم الله عليها هذا لفظه وقال في محل آخر: أما نحن معاشر أهل السنة فلا ننجس كتبنا بقاذورات أهل المنطق ونحوه من علومهم (وطعن في النسب) أي في أنساب الناس كأن يقول هذا ليس من ذرية فلان أو ليس بابنه ونحو ذلك (والنياحة على الميت) فإنه من عمل الجاهلية ولا يزال أهل الإسلام يفعلونه مع كونه شديد التحريم وهذا من معجزات المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنه إخبار عن غيب وقع فلم يزل الناس بعده في كل عصر على ذلك وإن أنكر منهم شرذمة فلا يلتفت إلى إنكارهم ولا يؤبه باعتراضهم. (تنبيه} قال ابن تيمية: ذم في الحديث من ادعى بدعوى الجاهلية وأخبر أن بعض أمور الجاهلية لا يتركه الناس ذما لمن يتركه وهذا يقتضي أن ما كان من أمر الجاهلية وفعلهم مذموم في دين الإسلام وإلا لم يكن في إضافة هذه المنكرات إلى الجاهلية ذم لها ومعلوم أن إضافتها إليها خرج مخرج الذم
(تخ طب) كلاهما من طريق الوليد بن القاسم عن مصعب بن عبد الله بن جنادة عن أبيه (عن) جده (جنادة) بضم الجيم ثم نون (بن مالك) الأزدي الشامي نزيل مصر يقال اسم أبيه كثير مختلف في صحبته قال العجلي: تابعي ثقة قال في التقريب: والحق أنهما اثنان صحابي وتابعي متفقان في الاسم وكنية الأب قال ابن سعد: وهو غير جنادة بن أبي أمية قال في الإصابة: رواه البخاري في تاريخه وقال: في إسناده نظر
(1) أي من الجهل بالله ورسوله وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر وغير ذلك
3437 -
(ثلاث من الكفر بالله: شق الجيب) عند المصيبة (والنياحة) على الميت (والطعن في النسب) والمراد بالكفر بالله كفر نعمته فإن فرض أن فاعل ذلك استحله فالكفر على بابه
(ك) في الجنائز (عن أبي هريرة) وصححه وأقره الذهبي
3438 -
(ثلاث من نعيم الدنيا وإن كان لا نعيم لها) يدوم أو يعتد به (مركب وطئ) أي دابة لينة السير سريعته (والمرأة الصالحة) بأن تكون صالحة للاستمتاع بها والاعفاف صالحة لدينها صالحة لحفظ ماله ومنزله بحيث لا تخونه في نفسه ولا في ماله حضر أو غاب (والمنزل الواسع) لأن المنزل الضيق يضيق الصدر ويجلب الغم والهم والأمراض ويسيء الأخلاق ويمنع الارتفاق فأعظم بالثلاثة من نعمة
(ش عن ابن قرة أو قرة) بن إياس بن هلال المزني جد إياس بن معاوية بن قرة قال الذهبي: رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله وفي التقريب: صحابي نزل البصرة
3439 -
(ثلاث من كنوز البر) بالكسر (إخفاء الصدقة) حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله (1)(وكتمان المصيبة) عن الناس (وكتمان الشكوى) عنهم بأن لا يشكو بثه وحزنه إلا إلى الله (يقول الله تعالى إذا ابتليت عبدي) ببلية في نفسه كمرض
⦗ص: 295⦘
ونحوه (فصبر) على ذلك (ولم يشكني إلى عواده) بضم المهملة وتشديد الواو أي زواره في مرضه (أبدلته لحما خيرا من لحمه) الذي أذابه شدة مقاساة المرض (ودما خيرا من دمه) الذي أحرقته الحمى بوهج حرها (فإن أبرأته) أي قدرت له البرء من مرضه (أبرأته) منه (ولا ذنب له) بأن أغفر له جميع ذنوبه حتى يعود كيوم ولدته أمه كما في رواية وظاهره أن المرض يكفر حتى الكبائر وفيه ما سلف تقريره (وإن توفيته فإلى رحمتي) أي فأتوفاه ذاهبا إلى رحمتي
(طب حل) كلاهما من طريق قطن بن إبراهيم النيسابوري عن الجارود بن يزيد عن سفيان بن أشعث عن ابن سيرين (عن أنس) رضي الله عنه أورده ابن الجوزي في الموضوع وقال: تفرد به الجارود وهو متروك وتعقبه المؤلف بأنه لم يتهم بوضع بل هو ضعيف قال الحافظ العراقي: ورواه أيضا أبو نعيم في كتاب الإيجاز وجوامع الكلم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه وسنده ضعيف
(1) لأنه أبعد من الرياء لكن قال الفقهاء إذا كان المتصدق ممن يقتدى بهم فإظهار الصدقة في حقه أفضل
3440 -
(ثلاث من كنوز البر) بالكسر (كتمان الأوجاع) في المصباح وجع فلان رأسه يجعل الإنسان مفعولا والعفو فاعلا ويجوز عكسه على القلب (والبلوى) أي الامتحان والاختبار (والمصيبات) هي كل ما يصيب الإنسان من مكروه وكل شيء ساءه فهو مصيبة (ومن بث) أي أذاع ونشر وشكى مصيبته للناس (لم يصبر) لأن الشكوى منافية للصبر
(تمام) في فوائده من طريق ثابت بن عمرو عن مقاتل عن قيس بن سكن (عن ابن مسعود) وثابت هذا أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال ثابت بن عمرو عن مقاتل قال الدارقطني رحمه الله: ضعيف
3441 -
(ثلاث من الإيمان) وفي رواية ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان (الإنفاق من الاقتار) أي القلة إذ لا يصدر إلا عن قوة ثقة بالله تعالى بإخلافه ما أنفقه وقوة يقين وتوكل ورحمة وزهد وسخاء قال ابن شريف: والحديث عام في النفقة على العيال والأضياف وكل نفقة في طاعة وفيه أن نفقة المعسر على أهله أعظم أجرا من نفقة الموسر (وبذل السلام للعالم) بفتح اللام والمراد به جميع المسلمين من عرفته ومن لم تعرفه كبير أو صغير شريف أو وضيع معروف أو مجهول لأنه من التواضع المطلوب وفي نسخ بدل للعالم الشفقة على الخلق وهو بذل السلام العام والأول هو ما في البخاري (والإنصاف) أي العدل يقال أنصف من نفسه وانتصفت أنا منه (من نفسك) بأداء حق الله وحق الخلق ومعاملتهم بما يجب أن يعاملوه به والحكم لهم وعليهم بما يحكم به لنفسه وشمل إنصافه نفسه من نفسه فلا يدعي ما ليس لها من كبر أو عظم وغير ذلك فتضمنت هذه الكلمات أصول الخير وفروعه قال أبو الزناد وغيره: إنما كان من جمع الثلاث مستكملا للإيمان لأن مداره عليها إذ العبد إذا اتصف بالانصاف لم يترك لمولاه حقا واجبا إلا أداه ولم يترك شيئا نهاه إلا اجتنبه وهذا يجمع أركان الإسلام وبذل السلام يتضمن مكارم الأخلاق والتواصل وعدم الاحتقار ويحصل به التآلف والتحبب والإنفاق من الاقتار يتضمن غاية الكرم لأنه إذا أنفق مع الحاجة كان مع التوسع أكثر إنفاقا وكونه مع الاقتار يستلزم الوثوق بالله والزهد في الدنيا وقصر الأمل وقال في الأذكار: جمع في هذه الكلمات الثلاث خير الدارين فإن الإنصاف يقتضي أن يؤدي حق الله وما أمر به ويجتنب ما نهى عنه ويؤدي للناس حقهم ولا يطلب ما ليس له وينصف نفسه فلا يوقعها في قبيح وبذل السلام للعالم يتضمن أن لا يتكبر على أحد
⦗ص: 296⦘
ولا يكون بينه وبين أحد حق يمتنع بسببه السلام عليه والإنفاق يقتضي كمال الوثوق بالله تعالى والتوكل وقال في البستان: على هذه الثلاث مدار الإسلام لأن من أنصف من نفسه فيما لله وللخلق عليه ولنفسه من نصيحتها وصيانتها فقد بلغ الغاية في الطاعة وبذل السلام للخاص والعام من أعظم مكارم الأخلاق وهو متضمن للسلامة من المعاداة والأحقاد واحتقار الناس والتكبر عليهم والارتفاع فوقهم وأما الإنفاق من الاقتار فهو الغاية في الكرم وقد مدحه الله تعالى بقوله {ويؤثرون على أنفسهم} الآية وهذا عام في نفقته على عياله وضيفه والسائل وكل نفقة في طاعة وهو متضمن للتوكل على الله والاعتماد على فضله والثقة بضمانه للرزق وللزهد في الدنيا وعدم ادخار متاعها وترك الاهتمام بشأنها والتفاخر والتكاثر وغير ذلك وقال الكرماني: هذه جامعة لخصال الإيمان كلها لأنها إما مالية أو بدنية والإنفاق إشارة إلى المالية المتضمنة للوثوق بالله والزهد في الدنيا والبدنية إما مع الله وهو التعظيم لأمر الله وإما مع الناس وهو الانصاف والشفقة على الخلق وبذل السلام
(البزار) في مسنده عن عمار قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح إلا أن الحسن بن عبد الله الكوفي شيخ البزار لم أر من ذكره (طب عن عمار بن ياسر) قال الهيثمي: فيه القاسم أبو عبد الرحمن وهو ضعيف
3442 -
(ثلاث من تمام الصلاة) أي من مكملاتها (إسباغ الوضوء) أي إتمامه بسننه وآدابه وتجنب مكروهاته (وعدل الصف) أي تسوية الصفوف وإقامتها على سمت واحد (والاقتداء بالإمام) يعني الصلاة جماعة فإنها من مكملات الصلاة ومن ثم كانت صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ ببضع وعشرين درجة
(هب عن زيد بن أسلم) بفتح الهمزة واللام (مرسلا) هو الفقيه العمري أحد الأعلام وقد سبق
3443 -
(ثلاث من أخلاق النبوة تعجيل) الصائم (بالإفطار) بعد تحقق الغروب ولا يؤخر لاشتباك النجوم كما يفعله أهل الكتاب (وتأخير السحور) إلى قبيل الفجر ما لم يوقع في شك (ووضع اليمين على الشمال في قيام الصلاة) بأن يجعلهما تحت صدره فوق سرته قابضا باليمين
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: رواه مرفوعا وموقوفا والموقوف صحيح والمرفوع في رجاله من لم أجد من ترجمه
3444 -
(ثلاث من الفواقر) أي الدواهي واحدتها فاقرة كأنها التي تحطم الفقار كما يقال قاصمة الظهر ذكره الزمخشري (إمام) يعني خليفة أو أميرا (إن أحسنت لم يشكر) ك على إحسانك (وإن أسأت لم يغفر) لك ما فرط من هفوة أو كبوة بل يعاقب عليه (وجار) جائر (إن رأى) أي علم منك (خيرا) فعلته (دفنه) أي ستره وأخفى أثره حتى كأنه لم يعرف خبره (وإن رأى) عليك (شرا أشاعه) أي نشره وأظهره وأفشاه بين الناس ليشينك به ويلحق بذلك العار والعيب (وامرأة)
⦗ص: 297⦘
أي زوجة لك (إن حضرت) عندها (آذتك) بالقول والفعل (وإن غبت عنها خانتك) في نفسها بالخنا والزنا وفي مالك بالإسراف والإعتساف وعدم الرفق والإلطاف فكل واحدة من هذه الثلاث هي الداهية والبلية العظمى فإن اجتمعت فذلك البلاء الذي لا يضاهى والحزن الذي لا يتناهى
(طب عن فضالة) بفتح الفاء ومعجمة خفيفة (ابن عبيد) بالتصغير قال الحافظ العراقي: سنده حسن وقال تلميذه الهيثمي: فيه محمد بن عصام بن يزيد ذكره ابن أبي حاتم ولم يخرجه ولم يوثقه وبقية رجاله وثقوا
3445 -
(ثلاث أخاف على أمتي) الوقوع فيها والمراد أمة الإجابة (الاستسقاء بالأنواء) هي ثمانية وعشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة يسقط منها في كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر ويطلع آخر يقابله من ساعته فكانت العرب إذا سقط نجم وطلع آخر قالوا: لا بد من مطر عنده فينسبونه لذلك النجم لا لله ولو لم يريدوا ذلك وقالوا: مطرنا في ذلك الوقت جاز. <فائدة> في تذكرة المقريزي في ترجمته طه المطرز المعروف بابن شحم أن من شعره يخاطب الملك الكامل بقوله:
دع النجوم لطرفي يعيش بها. . . وبالعزائم فانهض أيها الملك
إن النبي وأصحاب النبي نهوا. . . عن النجوم وقد أبصرت ما ملكوا
(وحيف السلطان) أي جوره وظلمه وعسفه (وتكذيب بالقدر) محركا على ما سبق عما قريب. (نكتة} قال الماوردي: من الأجوبة المسكتة أن إبليس ظهر لعيسى عليه الصلاة والسلام فقال: ألست تقول إنه لن يصيبك إلا ما كتبه الله لك وعليك قال: نعم قال: فارم بنفسك من ذروة الجبل فإنه إن يقدر لك السلامة سلمت قال: يا ملعون إن لله تعالى أن يختبر عباده وليس للعبد أن يختبر ربه
(حم طب) وفي الأوسط والصغير وكذا البزار كلهم (عن جابر بن سمرة) وفيه محمد بن القاسم الأزدي وثقه ابن معين وكذبه أحمد وضعفه بقية الأئمة ذكره الهيثمي وغيره
3446 -
(ثلاث أحلف عليهن) أي على حقيقتهن (لا يجعل الله تعالى من له سهم في الإسلام) من أسهمه الآتية (كمن لا سهم له) منها أي لا يساويه به في الآخرة (وأسهم الإسلام) هي (ثلاثة الصلاة) أي المفروضات الخمس (والصوم) أي صوم رمضان (والزكاة) بسائر أنواعها فهذه واحدة من الثلاث (و) الثانية (لا يتوفى الله عبدا) من عباده (في الدنيا) فيحفظه ويرعاه ويوفقه (فيوليه غيره يوم القيامة) بل كما يتولاه في الدنيا التي هي مزرعة الآخرة يتولاه في العقبى ولا يكله إلى غيره (و) الثالثة (لا يحب رجل قوما) في الدنيا (إلا جعله الله) أي حشره (معهم) في الآخرة فمن أحب أهل الخير كان معهم ومن أحب أهل الشر كان معهم والمرء مع من أحب (والرابعة لو حلفت عليها) كما حلفت على أولئك الثلاث (رجوت) أي أملت (أن لا آثم) أي لا يلحقني إثم بسبب حلفي عليها وهي (لا يستر الله عبدا في الدنيا إلا ستره يوم القيامة) في رواية الحاكم في الاخرة بدل يوم القيامة ثم قال فقال عمر بن عبد العزيز: إذا سمعتم مثل هذا الحديث يحدث به عروة عن عائشة رضي الله عنها فاحفظوه اه
(حم ن ك هب) من حديث شيبة الحضرمي (عن عائشة) قال
⦗ص: 298⦘
الحاكم: شيبة الحضرمي ويقال الخضري قد أخرجه البخاري وتعقبه الذهبي بأنه ما خرج له النسائي سوى هذا الحديث وفيه جهالة اه. وفيه أيضا همام بن يحيى أورده الذهبي في الضعفاء وقال: من رجال الصحيحين لكن قال القطان: لا يرضى حفظه (ع عن ابن مسعود طب عن أبي أمامة) الباهلي قال الهيثمي: رجاله ثقات
3447 -
(ثلاث إذا خرجن) أي ظهرن (لا تنفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا طلوع الشمس من مغربها) فلا ينفع كافرا قبل طلوعها إيمانه بعده ولا مؤمنا لم يعمل صالحا قبل عمله بعده لأن حكم الإيمان والعمل حالتئذ كهو عند الغرغرة (والدجال) أي ظهوره (ودابة الأرض) أي ظهورها فإن قيل هذه الثلاث غير مجتمعة في الوجود فإذا وجد إحداها لم ينفع نفسا إيمانها بعد فما فائدة ذلك الآخرين قلنا لعله أراد أن كلا من الثلاثة مستبد في أن الإيمان لا ينفع بعد مشاهدتها فأيتها تقدمت ترتب عليها عدم النفع
(م) في الإيمان (ت عن أبي هريرة) ولم يذكر البخاري هذا اللفظ إلا في طلوع الشمس من مغربها
3448 -
(ثلاث إن كان في شيء شفاء فشرطة محجم أو شربة عسل أو كية تصيب ألما) أي تصادفه فتذهبه (وأنا أكره الكي ولا أحبه) فلا ينبغي أن يفعل إلا لضرورة
(حم عن عقبة بن عامر) الجهني
3449 -
(ثلاث أقسم عليهن) أي على حقيقتهن (ما نقص مال قط من صدقة) فإنه وإن نقص في الدنيا فنفعه في الآخرة باق فكأنه ما نقص وليس معناه أن المال لا ينقص حسا قال ابن عبد السلام: ولأن الله يخلف عليه لأن ذا معنى مستأنف (1)(فتصدقوا) ولا تبالوا بالنقص الحسي (ولا عفا رجل) ذكر الرجل غالبي والمراد إنسان (عن مظلمة ظلمها) بالبناء للمجهول (إلا زاده الله تعالى بها عزا) في الدنيا والآخرة كما سلف تقريره (فاعفوا يزدكم الله عزا ولا فتح رجل) أي إنسان (على نفسه باب مسألة) أي شحاذة (يسأل الناس) أي يطلب منهم أن يعطوه من مالهم ويظهر لهم الفقر والحاجة وهو بخلاف ذلك (إلا فتح الله عليه باب فقر) لم يكن له في حساب بأن يسلط على ما بيده ما يتلفه حتى يعود فقيرا محتاجا على حالة أسوأ مما أذاع عن نفسه جزاءا على فعله {ولا يظلم ربك أحدا}
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي
⦗ص: 299⦘
(في) كتاب (ذم الغضب عن عبد الرحمن بن عوف) أحد العشرة المبشرة بالجنة
(1) معناه أن ابن آدم لا يضيع له شيء وما لم ينتفع به في دنياه انتفع به في الآخرة فالإنسان إذا كان له داران فحول بعض ماله من إحدى داريه إلى الأخرى لا يقال ذلك البعض المحول نقص من ماله وقد كان بعض السلف يقول إذا رأى السائل مرحبا بمن جاء يحول مالنا من دنيانا لأخرانا فهذا معنى الحديث وليس معناه أن المال لا ينقص في الحس
3450 -
(ثلاث أقسم عليهن) أي أحلف على حقيقتهن (ما نقص مال عبد من صدقة) تصدق بها منه بل يبارك الله له فيه في الدنيا ما يجبر نقصه الحسي زيادة ويثيبه عليها في الآخرة (ولا ظلم عبد) بالبناء للمجهول (مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عز وجل عزا) في الدنيا والآخرة (ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر) من حيث لا يحتسب (وأحدثكم حديثا فاحفظوه) عني لعل الله أن ينفعكم به (إنما الدنيا لأربعة نفر) أي إنما حال أهلها حال أربعة: الأول (عبد رزقه الله مالا) من جهة حل (وعلما) من العلوم الشرعية النافعة في الدين (فهو يتقي فيه) أي في كل من المال والعلم (ربه) بأن ينفق من المال في وجوه القرب ويعمل بما علمه من العلم ويعلمه لوجه الله تعالى لا لغرض آخر (ويصل فيه رحمه) أي في المال بالصلة منه وفي العلم بإسعافه بجاه العلم ونحو ذلك (ويعلم لله فيه حقا) من وقف وإقراء وإفتاء وتدريس (فهذا) الإنسان القائم بذلك (بأفضل المنازل) عند الله تعالى لجمعه بين المال والعلم وجوزه لفضلهما في الدنيا والآخرة (و) الثاني (عبد رزقه الله علما) من العلوم الشرعية (ولم يرزقه مالا) يتصدق منه وينفق في وجوب القرب (فهو صادق النية يقول) فيما بينه وبين الله تعالى بصدق نية وصلاح طوية (لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان) أي الذي له مال ينفق منه في مرضاة الله ابتغاء لوجهه (فهو بنيته) أي يؤجر على حسبها ويعطى بقضيتها (فأجرهما سواء) أي فأجر علم هذا أو مال هذا سواء في المقدار أو فأجر عقد عزمه على أنه لو كان له من المال ما ينفق منه في الخير وأجر من له مال ينفق منه فيه سواء لأنه لو كان يملكه لفعل وعلى هذا فيكون أجر العلم زيادة له (و) الثالث (عبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما) أي من العلوم الشرعية وإن كان عنده من علم غيرها (يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه) أي لا يخافه فيه بأن لم يخرج ما فرض عليه من الزكاة (ولا يصل منه رحمه) أي قرابته (ولا يعلم لله فيه حقا) من إطعام جائع وكسوة عار وفك أسير وإعطاء في نائبة ونحو ذلك (فهذا) العامل على ذلك (بأخبث المنازل) عند الله أي أخسها وأحقرها عنده (و) الرابع (عبد لم يرزقه الله مالا ولا علما) ينتقع به (فهو يقول) بنية صادقة وعزيمة قوية (لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان) ممن أوتي مالا فعمل فيه صالحا (فهو بنيته) أي فيؤجر عليها ويجازي بحسبها (فوزرهما سواء) أي من رزق مالا فأنفق منه في وجوه القرب ومن علم الله منه أنه لو كان له مال لعمل فيه ذلك العمل فيكونان بمنزلة واحدة في الآخرة لا يفضل أحدهما على صاحبه من هذه الجهة
(حم ت عن أبي كبشة) واسمه سعيد بن عمرو أو عمرو بن سعيد وقيل عمرو أو عامر بن سعيد صحابي نزل الشام (الأنماري)
⦗ص: 300⦘
بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الميم وآخره راء نسبة إلى أنمار
3451 -
(ثلاث جدهن جد (1) بكسر الجيم فيهما ضد الهزل (وهزلهن جد) فمن هزل بشيء منها لزمه وترتب عليه حكمه قال الزمخشري: والهزل واللعب من وادي الاضطراب والخفة كما أن الجد من وادي الرزانة والتماسك (النكاح) فمن زوج ابنته هازلا انعقد النكاح وإن لم يقصده (والطلاق) فيقع طلاق الهازل وحكى عليه الإجماع (والرجعة) ارتجاع من طلقها رجعيا إلى عصمته فإذا قال راجعتك عادت إليه واستحل منها ما يستحل من زوجته وبهذه أخذ الأئمة الثلاثة الشافعي وأبو حنيفة وأحمد ويعضده {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} فجعل الهزو في الدين جهلا ولن يلحق الجهل إلا بأهله وقال المالكية: لا يصح نكاح الهازل لأن الفرج محرم فلا يصح إلا بجد انتهى قال ابن العربي: وروى بدل الرجعة العتق ولم يصح وقال ابن حجر: وقع عند الغزالي العتاق بدل الرجعة ولم أجده وخص الثلاثة بالذكر لتأكد أمر الفروج وإلا فكل تصرف ينعقد بالهزل على الأصح عند أصحابنا الشافعية إذ الهازل بالقول وإن كان غير مستلزم لحكمه فترتب الأحكام على الأسباب للشارع لا للعاقد فإذا أتى بالسبب لزمه حكمه شاء أم أبى ولا يقف على اختياره وذلك لأن الهازل قاصدا للقول مريدا له مع علمه بمعناه وموجبه وقصد اللفظ المتضمن للمعنى قصد لذلك المعنى لتلازمهما إلا أن يعارضه قصد آخر كالمكره فإنه قصد غير المعنى المقول وموجبه فلذلك أبطله الشارع
(د ت هـ) في الطلاق (عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن غريب وتعقبه الذهبي أخذا من ابن القطان بأن فيه عبد الرحمن بن حبيب المخزومي قال النسائي: منكر الحديث ثم أورد له مما أنكر عليه هذا الخبر
(1) وهذا الحديث له سبب وهو ما رواه أبو الدرداء قال: كان الرجل يطلق في الجاهلية وينكح ويعتق ويقول أنا طلقت وأنا لاعب فأنزل الله هذه الآية {ولا تتخذوا آيات الله هزوا} أي لا تتخذوا أحكام الله في طريق الهزاء فإنها جد كلها فمن هزل فيها لزمته وفيه إبطال أمر الجاهلية وتعزيز الأحكام الشرعية اه
3452 -
(ثلاث حق على الله تعالى أن لا يرد لهم) أي لكل منهم (دعوة) دعا بها مع توفر الأركان والشروط وصدق النية (دعوة الصائم) بدل مما قبله على حذف مضاف أي دعوة الإنسان في حال تلبسه بالصوم (حتى يفطر) أي إلى أن يتعاطى مفطرا ويحتمل إلى أن يدخل أوان إفطاره وإن لم يفطر بالفعل قال في الأذكار: هكذا الرواية حتى بمثناة فوقية (والمظلوم) فإن دعوته على ظالمه مستجابة (حتى) أي إلى أن (ينتصر) أي ينتقم ممن ظلمه باليد أو باللسان لأنه مضطر ملهوف قال تعالى {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} أي لا يجيبه ولا يكشف ما به إلا الله (والمسافر) أي سفرا في غير معصية كما هو القياس الظاهر (حتى) أي إلى أن (يرجع) إلى وطنه لأنه مستوفز مضطرب قلما يسكن إلا إلى الرحل والترحال وهو على وجل من الحوادث فهو كثير الإنابة إلى الله تعالى فسره منفصل عن الأغيار ومتعلق بالجبار فلما صفا سره أسرعت له الإجابة وحتى في القرائن كلها بمعنى إلى كمال قدرته
(البزار) في مسنده (عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه إسحاق بن زكريا الأيكي شيخ البزار ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح
3453 -
(ثلاث دعوات) بفتح العين (مستجابات) عند الله تعالى إذا توفرت شروطها (دعوة الصائم) حتى يفطر ومراده
⦗ص: 301⦘
كامل الصوم الذي صان جميع جوارحه عن المخالفات فيجاب دعاؤه لطهارة جسده بمخالفة هواه (ودعوة المسافر) حتى يصدر إلى أهله (ودعوة المظلوم) على من ظلمه حتى ينتقم منه بيد أو لسان (نكتة} قال الماوردي: من الأجوبة المسكتة أنه قيل لعلي كرم الله وجهه كم بين السماء والأرض قال: دعوة مستجابة قيل كم بين المشرق والمغرب قال: مسيرة يوم للشمس فسؤال السائل إما اختبار وإما استبصار فصدر عنه من الجواب ما أسكته
(عق هب عن أبي هريرة) وفيه محمد بن سليمان الباغندي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: صدوق فيه لين
3454 -
(ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن) أي في إجابتهن (دعوة المظلوم) على من ظلمه وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه (ودعوة المسافر) في سفر جائز (ودعوة الوالد لولده) لأنه صحيح الشفقة عليه كثير الإيثار له على نفسه فلما صحت شفقته استجيبت دعوته ولم يذكر الوالدة مع أن آكدية حقها تؤذن بأقربية دعائها إلى الإجابة من الوالد لأنه معلوم بالأولى. (فائدة} قال المقريزي في تذكرته: يستجاب الدعاء في أوقات منها عند القيام إلى الصلاة وعند لقاء العدو في الحرب وإذا قال مثل ما يقول المؤذن ثم دعا وبين الأذان والإقامة وعند نزول المطر ودعوة الوالد لولده والمظلوم حتى ينتصر ودعوة المسافر حتى يرجع والمريض حتى يبرأ وفي ساعة من الليل وفي ساعة من يوم الجمعة وفي الموقف بعرفة ودعوة الحاج حتى يصدر والغازي حتى يرجع وعند رؤية الكعبة ودعاء تقدمه الثناء على الله تعالى والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم ودعاء الصائم مطلقا ودعاؤه عند فطوره ودعاء الإمام العادل ودعاء عبد رفع يديه إلى الله تعالى والدعاء عند خشوع القلب واقشعرار الجلد ودعاء الغائب للغائب
(هـ عن أبي هريرة) عدل عن عزوه للترمذي لأنه عنده من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر وأبو جعفر لا يعرف حاله ولم يروه عنه غير يحيى ذكره ابن القطان
3455 -
(ثلاث دعوات) مبتدأ (مستجابات) خبره (لا شك فيهن) أي في استجابتهن (دعوة الوالد على ولده) ومثله سائر الأصول قبل ومثلهم الشيخ والمعلم (ودعوة المسافر) حتى يرجع (ودعوة المظلوم) حتى ينتصر أما المظلوم فلظلامته وقهره وأما المسافر فلغربته ووحدته وأما الوالد فلرفعة منزلته ثم الظاهر أن ما ذكر في الولد مخصوص بما إذا كان الولد كافرا أو عاقا غاليا في العقوق لا يرجى بره فلا ينافي خبر الديلمي عن ابن عمر يرفعه إني سألت الله أن لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه (تنبيه} قد ورد في التحذير من دعاء المظلوم أحاديث لا تكاد تحصى ومصرع الظالم قريب والرب تعالى في الدعاء عليه مجيب سيما بحالة الاحتراق والانكسار والذلة والصغار بين يدي الملك الجبار في ساعة الأسحار {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}
(حم خد) في الصلاة (د ت) في البر (عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن انتهى. والحديث رووه كلهم من حديث أبي جعفر المدني ويقال له المؤذن قال المناوي وغيره: ولا يعرف وقال ابن العربي في العارضة: الحديث مجهول وربما شهدت له الأصول
3456 -
(ثلاث دعوات لا ترد دعوة الوالد لولده) يعني الأصل لفرعه كما تقرر (ودعوة الصائم) حتى يفطر (ودعوة
⦗ص: 302⦘
المسافر) حتى يرجع قال هنا لا ترد في الحديث مستجابات وقيدها بلا شك فيهن تفننا في التقرير لأن لا ترد كناية عن الاستجابة والكناية أبلغ من الصريح فجبر الصريح هنا بقوله لا شك فيهن وهنا لم يحتج للجبر مع وجود الأبلغية وأخذ من هذا الخبر وما أشبهه أن الأب أولى بالصلاة على جنازة ولده
(أبو الحسن بن مردويه في) الأحاديث (الثلاثيات والضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) ورواه عنه أيضا البيهقي في السنن وفيه إبراهيم بن أبي بكر المروزي قال الذهبي: لا أعرفه
3457 -
(ثلاث أعلم أنهن حق) أي ثابت واقع لا شك فيه (ما عفا امرؤ) بدل مما قبله (عن مظلمة) ظلمها (إلا زاده الله تعالى بها عزا) في الدارين (وما فتح رجل على نفسه باب مسألة للناس) ليعطوه من أموالهم (يبتغي بها) أي المسألة (كثرة) من حطام الدنيا (إلا زاده الله بها فقرا) من حيث لا يشعر (وما فتح رجل على نفسه باب صدقة) أي تصدق من ماله (يبتغي بها وجه الله تعالى) لا رياء وسمعة وفخرا (إلا زاده الله) بها كثرة في ماله وآجره وسبق أن ذكر الرجل في هذا ونحوه ليس للاحتراز عن المرأة بل هو وصف طردي والمراد كل إنسان
(هب عن أبي هريرة)
3458 -
(ثلاث حق على كل مسلم) أي فعلهن متأكد عليه كما تقرر فيما قبل (الغسل يوم الجمعة) بنيتها وتقريبه من ذهابه أفضل (والسواك) سيما للصلاة والعبادات ولحضور المجامع (والطيب) أي التطيب بما تيسر من أنواع الطيب فإن لم يجد شيئا منه تنظف ولو بالماء
(ش عن رجل) من الصحابة وإبهامه غير ضار لأن الصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول
3459 -
(ثلاث كلهن حق على كل مسلم) أي فعلهن متأكد على كل منهم بحيث يقرب من الواجب (عيادة المريض) وإن كان المرض رمدا على الأصح وإن لم يكن له ثلاثة أيام على الأرجح في فروع الشافعية (وشهود الجنازة) أي حضور جنازة المسلم والمشي معه للصلاة عليه ودفنه (وتشميت العاطس إذا حمد الله) بأن يقول له يرحمك الله كما سبق مفصلا فإن لم يحمد الله لم يشمته لإساءته
(خد عن أبي هريرة)
3460 -
(ثلاث خصال من سعادة المرء المسلم في الدنيا الجار الصالح) أي المسلم الذي لا يؤذي جاره (والمسكن الواسع) أي الكثير المرافق بالنسبة لساكنه ويختلف سعته حينئذ باختلاف الأشخاص فرب واسع لرجل ضيق على آخر وعكسه (والمركب الهنيء) أي الدابة السريعة غير الجموح والنفور والخشنة المشي التي يخاف منها السقوط وانزعاج الأعضاء وتشويش البدن وفي إفهامه أن الجار السوء والمسكن الضيق والمركب الصعب من شقاوته وبذلك أفصح في رواية ابن حبان وجعلها أربعا بزيادة خصلة في كل من الجهتين فأخرج من حديث إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده مرفوعا أربع من السعادة المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء وأربع
⦗ص: 303⦘
من الشقاوة الجار السوء والمرأة السوء والمسكن الضيق والمركب السوء
(حم طب ك عن نافع بن عبد الحارث) الخزاعي صحابي استعمله عمر رضي الله عنه على مكة والطائف وكان فاضلا قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي
3461 -
(ثلاث خلال من لم تكن فيه واحدة منهن كان الكلب) الذي يجوز قتله وهو في غاية المهانة والحقارة (خيرا منه) فضلا عن كونه مثله (ورع يحجزه عن محارم الله عز وجل أو حلم يرد به جهل الجاهل) إذا جهل عليه (أو حسن خلق) بضم اللام (يعيش به في الناس) فمن جمع هذه الثلاثة فقد رفع لقلبه علما شهد به مشاهد القيامة وصار الناس منه في عفاء وهو في نفسه في عناء ومن وصل إلى هذا المقام فقد خلف الدنيا ومن خلفها فقد خلف الهموم والغموم أوحى الله إلى موسى عليه السلام أنه لم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم فإنه ليس من عبد يلقاني إلى يوم القيامة إلا ناقشته الحساب إلا ما كان من الورعين فإني أجلهم وأدخلهم الجنة بغير حساب
(هب عن الحسن) البصري (مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندا لأحد وهو عجب فقد رواه الطبراني من حديث أم سلمة قال الهيثمي: رواه عن شيخه إبراهيم بن محمد وضعفه الذهبي
3462 -
(ثلاث ساعات للمرء المسلم ما دعا فيهن) بدعوة (إلا استجيب له) بالبناء للمفعول يعني استجاب الله له (ما لم يسأل قطيعة رحم أو مأثما) أي ما فيه قطيعة قرابة أو ما فيه حرام وهو من عطف العام على الخاص وتلك الساعات هي (حين يؤذن المؤذن بالصلاة) أي صلاة كانت (حتى يسكت) يعني يفرغ من أذانه فمن عزم على حضور تلك الصلاة استجيب دعاؤه لاهتمامه بالمسارعة إلى ما أمر به (وحين يلتقي الصفان) في الجهاد لإعلاء كلمة الله (حتى يحكم الله بينهما) بنصر من شاء {لا يسأل عما يفعل} قال الحليمي: ولذلك ورد أن أبواب السماء تفتح عند ذلك واجد ما يفتتحها أن يكون مثلا لإجابته الدعاء وأنها لا تحجب ومعنى لا تحجب لا ترد (وحين ينزل المطر) من السحاب (حتى يسكن) أي إلى أن ينقطع ويستقر في الأرض وقال الحليمي رحمه الله: وذلك لأن نزول الغيث حال نزول رحمة الله والاسترحام في حال الرحمة أرجى منه في حال لا يعرف حقيقتها
(حل عن عائشة) بإسناد ضعيف
3463 -
(ثلاث) في نسخ ثلاثة (فيهن) في رواية فيها (البركة) أي النمو وزيادة الخير والأجر (البيع) بثمن معلوم (إلى أجل) معلوم (والمعارضة) بعين مهملة وراء مهملة في خط المصنف وقال على الحاشية: أي بيع العرض بالعرض وقال ابن حجر: النسخ مختلفة هل هي المفاوضة بفاء وواو أو بقاف وراء وقد أخرجه الحربي في غريبه بعين وراء وفسره ببيع عرض بعرض اه. وجعله الديلمي المقارضة بقاف وراء وقال: هي في عرف أهل الحجاز المضاربة (وإخلاط
⦗ص: 304⦘
البر) القمح (بالشعير) المعروف (للبيت) أي لأكل أهل بيت الخالط الذين هم عياله (لا للبيع) أي لا ليخلطه ليبيعه فإنه لا بركة فيه بل هو مذموم لما فيه من نوع تدليس قد يخفى على المشتري قال الطيبي: وفي الخلال الثلاث هضم من حقه والأولان منهما يسري نفعهما إلى الغير وفي الثالث إلى نفسه قمعا لشهوته
(هـ) في البيع من طريق عبد الرحمن بن داود بن صالح بن صهيب عن أبيه (ابن عساكر عن صهيب) قال المؤلف: قال الذهبي: حديث واه جدا اه. وخرجه العقيلي من حديث بشر بن ثابت عن عمر بن بسطام عن نصير بن القاسم عن داود بن علي عن صالح بن صهيب عن صهيب فقال ابن الجوزي: موضوع وعبد الرحمن وعمر مجهولان وحديثهما غير محفوظ قال في الميزان: وعمر بن بسطام أتى بسند مظلم المتن باطل وفي اللسان قال العقيلي: إسناده مجهول وحديثه غير محفوظ ثم ساقه بهذا اللفظ
3464 -
(ثلاث) من النبات (فيهن شفاء من كل داء) من الأدواء (إلا السام) أي الموت فإنه لا دواء له البتة (السنا)(1) بالقصر نبت معروف شريف مأمون الغائلة قريب الاعتدال يسهل الصفراء والسوداء ويقوي القلب (والسنوت) بفتح السين أفصح العسل أو الرب أو الكمون أو التمر أو الرازبانج أو الشبت وكل منهما نفعه عظيم ظاهر كذا وقفت عليه وساق المصنف هذا الحديث فقال أولا ثلاث ثم ذكر ثنتين وقد كنت توهمته أن فيه خللا من النساخ حتى وقفت على نسخة المصنف التي بخطه فوجدتها بهذا اللفظ لا زيادة ولا نقص
(ن عن أنس) بن مالك
(1) وخاصيته النفع من الوسواس السوداوي ومن شقاق الأطراف وتشنج العضو وانتشار الشعر ومن القمل والصداع العتيق والجرب والحكة وإذا طبخ في زيت وشرب نفع من أوجاع الظهر والوركين وهو يكون بمكة كثيرا وأفضل ما يكون هناك ولذلك اختار السنا المكي وقال في الهدي شرب مائه مطبوخا أصلح من شربه مدقوقا
3465 -
(ثلاث لازمات) أي ثابتات دائمات (لأمتي سوء الظن) بالناس بأن لا يظن بهم الخير (والحسد) لذوي النعم على ما منحهم الله تعالى (والطيرة) بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن التشاؤم فقال ما يذهبهن يا رسول الله؟ فقال: (فإذا ظننت فلا تحقق) الظن وتعمل بمقتضاه بل توقف عن القطع به والعمل بموجبه (وإذا حسدت فاستغفر الله تعالى) أي تب إليه من اعتراضك عليه في تصرفه وخلقه فإنه حكيم لا يفعل شيئا إلا لحكمة (وإذا نظرت) من شيء (فامض) لمقصدك ولا ترجع كما كانت الجاهلية تفعله فإن ذلك ليس له تأثير في جلب نفع ولا دفع ضر. <تنبيه> أشار بهذا الحديث إلى أن هذه الثلاثة من أمراض القلب التي يجب التداوي منها وأن علاجها ما ذكر فمخرجه من سوء الظن أن لا يحققه بقلبه ولا بجارحته أما تحقيقه بالقلب فبأن يصمم عليه ولا يكرهه ومن علامته أن يتفوه به فبأن يعمل بموجبه فيها والشيطان يلقي للإنسان أن هذا من فطنتك وأن المؤمن ينظر بنور الله وهو إذا أساء الظن ناظر بنور الشيطان وظلمته أما إذا أخبرك به عدل فظننت صدقه فأنت مغرور
(أبو الشيخ [ابن حبان] [ابن حبان] في) كتاب (التوبيخ طب عن حارثة بن النعمان) بن نقع بن زيد من بني مالك ابن النجار من فضلاء الصحابة شهد بدرا قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن قيس الأنصاري ضعيف
3466 -
(ثلاث لم تسلم منها هذه الأمة) أي أمة الإجابة (الحسد) للخلق (والظن) بالناس سوءا (والطيرة) أي التطير يعني التشاؤم (ألا أنبئكم بالمخرج منها) قالوا: أخبرنا يا رسول الله قال: (إذا ظننت فلا تحقق) مقتضى ظنك (وإذا حسدت) أحدا
⦗ص: 305⦘
(فلا تبغ) أي إن وجدت في قلبك شيئا فلا تعمل به (وإذا تطيرت فامض) لأن الحسد واقع في النفس كأنها مجبولة عليه فلذلك عذرت فيه فإذا استرسلت فيه بمقالها وفعالها كانت باغية وينبغي للحاسد أن يرى أن حرمانه من تقصيره ويجتهد في تحصيل ما به صار المحسود محظوظا لا في إزالة حظه فإن ذلك مما يضره ولا يعيده ذكره القاضي وقال الغزالي: إذا يئس الإنسان أن ينال مثل تلك النعمة وهو يكره تخلفه ونقصانه فلا محالة يحب زوال النقص وإنما يزول بأن ينال مثلها أو تزول نعمة المحسود فإذا انسد أحد الطريقين لا ينفك القلب عن شهوة الآخر فإذا زالت نعمة المحسود كان أشهى عنده من دوامها وبزوالها يزول تخلفه ويقدم غيره وهذا لا ينفك القلب عنه فإن كان لورود الأمر لاختياره سعى في إزالة النعمة عنه فهو الحسد المذموم وإن كان نزعه التقوى من إزالة ذلك عفي عنه فيما يجده من طبعه من ارتياح إلى زوال نعمة محسوده مهما كان كارها لذلك من نفسه بعقله ودينه وهذا هو المعنى بالخبر
(رسته في) كتاب (الإيمان) له (عن الحسن مرسلا) وهو البصري الإمام المشهور بضم الراء وسكون المهملة وفتح المثناة لقب عبد الرحمن ابن عمر الأصبهاني الحافظ
3467 -
(ثلاث لن تزلن في أمتي التفاخر بالأحساب) هذا ورد للمبالغة في التحذير والزجر عما استحكم في الطبع من الإفتخار بالآباء والإتكال عليهم والمسارعة إلى السعادة إنما هي بالأعمال لا بالأحساب (1) :
وما الفخر بالعظم الرميم وإنما. . . فخار الذي يبغي الفخار لنفسه
(والنياحة) على الميت كدأب أهل الجاهلية (والأنواء) قال الزمخشري: هي ثمانية وعشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها يسقط منها في كل ثلاثة عشر ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته وانقضاء هذه النجوم مع انقضاء السنة فكانوا إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لا بد من رياح ومطر فينسبون كل غيم يكون عند ذلك إلى النجم الساقط فيقولون: مطرنا بنوء الثريا والدبران والسماك والنوء من الأضداد فسمي به النجم إما الطالع أو الساقط اه <فائدة> قال الخطيب البغدادي رضي الله عنه: لقي منجم رجلا فقال المنجم: كيف أصبحت قال: أصبحت أرجو الله وأخافه وأصبحت ترجو المشتري وزحل وتخافهما فنظمه بعضهم فقال:
أصبحت لا أرجو ولا أخشى سوى. . . الجبار في الدنيا ويوم المحشري
وأراك تخشى ما تقدر أنه. . . يأتي به زحل وترجو المشتري
شتان ما بيني وبينك فالتزم. . . طرق النجاة وخل طرق المنكري
(ع عن أنس) ورواه عنه البزار أيضا قال الهيثمي: ورجاله ثقات
(1) لئن فخرت بآباء ذوي حسب. . . لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا
أو كيف يتكبر بنسب ذوي الدنيا وهي عند الله لا تساوي جناح بعوضة وكيف يتكبر بنسب أهل الدين وهم لم يكونوا يتكبرون وكان شرفهم بالدين والتواضع قد شغلهم خوف العاقبة عن التكبر مع عظيم علمهم وعملهم فكيف يتكبر بنسبهم من عاطل عن خصالهم؟
3468 -
(ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن ما أخذن إلا بسهمة) أي قرعة فلا يتقدم إليها إلا من خرجت له القرعة (حرصا على ما فيهن من الخير) الأخروي (والبركة) أي الزيادة في الخير (التأذين بالصلاة) فإن المؤذن يغفر له مدى صوته ولا يسمعه إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد له به يوم القيامة (والتهجير) أي التكبير (بالجماعات) أي المحافظة على حضورها في أول الوقت (والصلاة في أول الصفوف) أي الصف المتقدم منها وهو الذي يلي الإمام وقد ورد في فضله نصوص
⦗ص: 306⦘
لا تكاد تحصى
(ابن النجار) في التاريخ (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور أبو الشيخ [ابن حبان][ابن حبان] وغيره قال الديلمي: وفي الباب علي غيره
3469 -
(ثلاث ليس لأحد من الناس) فيهن رخصة أي في تركهن (بر الوالدين مسلما كان) الواحد منهم (أو كافر) يحتمل تقييده بالمعصوم ويحتمل خلافه (والوفاء بالعهد لمسلم كان أو كافر) فيه الاحتمالان المذكوران (وأداء الأمانة لمسلم كان أو كافر) فيه ما في قبله
(هب عن علي) أمير المؤمنين كرم الله وجهه وفيه إسماعيل بن أبان فإن كان هو الغنوي الكوفي فهو كما قال الذهبي: كذاب وإن كان الوراق فثقة
3470 -
(ثلاث معلقات بالعرش) أي عرش الرحمن (الرحم) متعلقا به (تقول اللهم إني بك فلا أقطع) أي أعوذ بك من أن يقطعني قاطع يريد الله والدار الآخرة (والأمانة) معلقة به (تقول اللهم إني أعوذ بك فلا أختان) أي إني أعوذ بك أن يخونني خائن يخشاك (والنعمة) معلقة به (تقول اللهم إني أعوذ بك فلا أكفر) أي أعوذ بك أن يكفر بي المنعم عليه الذي يخاف الله قال العارف ابن أدهم: إذا أردت معرفة الشيء بفضله فاقلبه بنقيضه فاقلب الأمان خيانة والصدق كذبا والإيمان كفرا تعرف فضل ما أوتيت فالحذر الحذر وقال العارف المحاسبي: ثلاثة عزيزة أو معدومة حسن وجه مع صيانة وحسن خلق مع ديانة وحسن إخاء مع أمانة
(هب) وكذا البزار (عن ثوبان) بضم الثاء بضبط المصنف قال العلائي: حديث غريب فيه يزيد بن ربيعة الرجي ضعيف متكلم فيه اه. قال الهيثمي: فيه يزيد بن ربيعة متروك
3471 -
(ثلاث منجيات) من عذاب الله تعالى (خشية الله) أي خوفه (تعالى في السر والعلانية والعدل في الرضى والغضب) العادل من لا يميل في الهوى فيجور في الحكم (والقصد في الفقر والغنى) أي التوسط فيهما (وثلاث مهلكات) أي يردين فاعلهن في الهلاك (هوى متبع وشح مطاع) قال ابن الأثير: هو أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها الله عليه في ماله يقال أطاعه يطيعه فهو مطيع وطاع له يطوع ويطيع فهو طائع أي أذعن وأقر والاسم الطاعة (وإعجاب المرء بنفسه) قال القرطبي: وهو ملاحظة لها بعين الكمال والاستحسان مع نسيان منة الله فإن وقع على الغير واحتقره فهو الكبر قال الغزالي: أحذرك ثلاثا من خبائث القلب هي الغالبة على متفقهة العصر وهي مهلكات وأمهات لجملة من الخبائث سواها الحسد والرياء والعجب فاجتهد في تطهير قلبك منها فإن عجزت عنه فأنت عن غيره أعجز ولا تظن أنه يسلم لك بنية صالحة في تعلم العلم وفي قلبك شيء من الحسد والرياء والعجب فأما الحسد فالحسود هو الذي ينشق عليه إنعام الله على عبد من عباده بمال أو علم أو محبة أو حظ حتى يحب زوالها عنه وإن لم يحصل له شيء فهو المعذب الذي لا يرحم
⦗ص: 307⦘
فلا يزال في عذاب فالدنيا لا تخلو عن كثير من أقرانه فهو في عذاب في الدنيا إلى موته ولعذاب الآخرة أشد وأكبر وأما الهوى المتبع فهو طلبك المنزلة في قلوب الخلق لتنال الجاه والحشمة وفيه هلك أكثر الناس وأما العجب فهو الداء العضال وهو نظر العبد إلى نفسه بعين العز والاستعظام ونظره لغيره بعين الاحتقار وثمرته أن يقول أنا وأنا كما قال إبليس ونتيجته في المجالس التقدم والترفع وطلب التصدر وفي المحاورة الاستنكاف من أن يرد كلامه وذلك مهلك للنفس في الدنيا والآخرة قال الزمخشري: الإعجاب هو فتنة العلماء وأعظم بها من فتنة وقال في العوارف: وما نقل عن جمع كبار من كلمات مؤذنة بالإعجاب فهو بسقيا السكر وانحصارهم في مضيقه وعدم خروجهم لفضاء الفقر في ابتداء أمرهم فإنه إذا حدق صاحب البصيرة نظره علم أنه من استراق النفس قال عند نزول الوارد على القلب والنفس عند الاستراق المذكور تظهر بصفتها فتصدر عنها تلك الكلمات كقول بعضهم ما تحت خضر السماء مثلي وقول بعضهم أسرجت وألجمت وطفت في أقطار الأرض وقلت هل من مبارز فلم يخرج إلي أحد فهذا كله يطفح عليهم حال السكر فيحتمل
(أبو الشيخ [ابن حبان] [ابن حبان] في التوبيخ) وكذا البزار وأبو نعيم والبيهقي (طس) كلهم (عن أنس) قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف
3472 -
(ثلاث مهلكات) أي موقعات لفاعلها في المهالك (وثلاث منجيات) لفاعلها (وثلاث كفارات) لذنوب فاعلها (وثلاث درجات) أي منازل في الآخرة (فأما المهلكات فشح مطاع) أي بخل يطيعه الناس فلا يؤدون الحقوق وقال الراغب: خص المطاع لينبه أن الشح في النفس ليس مما يستحق به ذم إذ ليس هو من فعله وإنما يذم بالانقياد له (1)(وهوى متبع) بأن يتبع كل أحد ما يأمره به هواه (وإعجاب المرء بنفسه) أي تحسين كل أحد نفسه على غيره وإن كان قبيحا قال القرطبي: وإعجاب المرء بنفسه هو ملاحظة لها بعين الكمال مع النسيان لنعمة الله والإعجاب وجدان شيء حسنا قال تعالى في قصة قارون {قال إنما أوتيته على علم عندي} قال الله تعالى {فخسفنا به} فثمرة العجب الهلاك قال الغزالي: ومن آفات العجب أنه يحجب عن التوفيق والتأييد من الله تعالى فإن عجب مخذول فإذا انقطع عن العبد التأييد والتوفيق فما أسرع ما يهلك قال عيسى عليه الصلاة والسلام: يا معشر الحواريين كم سراج قد أطفأته الريح وكم عابد أفسده العجب (وأما المنجيات فالعدل في الغضب والرضى والقصد في الفقر والغنى وخشية الله في السر والعلانية) قدم السر لأن تقوى الله فيه أعلى درجة من العلن لما يخاف من شوب رؤية الناس وهذه درجة المراقبة وخشيته فيهما تمنع من ارتكاب كل منهي وتحثه على فعل كل مأمور فإن حصل للعبد غفلة عن ملاحظة خوفه وتقواه فارتكب مخالفة مولاه لجأ إلى التوبة ثم داوم الخشية (وأما الكفارات) جمع كفارة وهي الخصال التي من شأنها أن تكفر أي تستر الخطيئة وتمحوها (فانتظار الصلاة بعد الصلاة) ليصليها في المسجد (وإسباغ الوضوء في السبرات) جمع سبرة بسكون الموحدة وهي شدة البرد كسجدة وسجدات (ونقل الأقدام إلى الجماعة) أي إلى الصلاة مع الجماعة
⦗ص: 308⦘
(وأما الدرجات فإطعام الطعام) للجائع (وإفشاء السلام) بين الناس من عرفته ومن لم تعرفه (والصلاة بالليل والناس نيام) أي التهجد في جوف الليل حال غفلة الناس واستغراقهم في لذة النوم وذلك هو وقت الصفاء وتنزلات غيث الرحمة وإشراق الأنوار
(طس) وكذا أبو نعيم (عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه قال العلاء: سنده ضعيف وعده في الميزان من المناكير قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة ومن لا يعرف
(1) لأنه من لوازم النفس مستمد من أصل جبلتها الترابي وفي التراب قبض وإمساك وليس ذلك بعجيب من الآدمي وهو جبلي إنما العجيب وجود السخاء في الغريزة وهو النفوس الفاضلة الداعي إلى البذل والإيثار
3473 -
(ثلاث من كن فيه فهو منافق) أي حاله يشبه حال المنافق (وإن صام) رمضان (وصلى) الصلوات المفروضة (وحج) البيت (واعتمر) أي أتى بالعمرة وإن عمل أعمال المسلمين من صلاة وصوم وحج واعتمار وغيرها من العبادات وهذا الشرط اعتراضي وأراد للمبالغة لا يستدعي الجواب ذكره الزمخشري (وقال إني مسلم إذا حدث كذب) في حديثه (وإذا وعد أخلف) فيما وعد (وإذا ائتمن خان) فيما جعل أمينا عليه وقد سبق الكلام على هذا مستوفى بما منه أنه ليس الكلام فيمن لم تتمكن منه هذه الخصال إنما المراد من صارت هجيراه وديدنه وشعاره لا ينفك عنها بدليل قرن الجملة الشرطية بإذا الدالة على تحقق الوقوع
(رسته في) كتاب (الإيمان وأبو الشيخ [ابن حبان] في) كتاب (التوبيخ) كلاهما (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو يعلى باللفظ المزبور لكن بدون حج واعتمر والباقي سواء فلو عزاه له ثم قال وزاد فلان وحج واعتمر لكان أقعد وأجود
3474 -
(ثلاث من الإيمان) أي من قواعد الإيمان وشواهد أهله (الحياء) بحاء مهملة ومثناة تحتية (والعفاف والعي) والمراد به (عي اللسان) عن الكلام عند الخصام (غير عي الفقه) أي الفهم في الدين (والعلم) فإن العي عنهما ليس من أصل الإيمان بل محض النقص والخسران (وهن مما ينقصن من الدنيا) لأن أكثر الناس لا حياء عندهم فمن استحيا معهم ضيعوه والعفاف ليس من شأنهم فمن قصر منهم في الخصام خصموه (و) هن (يزدن في الآخرة) أي في عمل الآخرة الذي لا معول عند كل ذي لب إلا عليه (وما يزدن في الآخرة أكثر مما ينقصن من الدنيا){وللآخرة خير لك من الأولى} (وثلاث من النفاق) أي من علامات النفاق وشأن أهله (البذاء والفحش) في القول والفعل (والشح) الذي هو أشد البخل (وهن مما يزدن في الدنيا) لكونهن طباع أهلها (وينقصن من الآخرة) لما فيهن من الوزر وارتكاب الإصر (وما ينقصن من الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا)
(رسته عن عون) بفتح المهملة وآخره نون (ابن عبد الله بن عتبة بلاغا) وهو الهذلي الكوفي الزاهد الفقيه تابعي جليل وقيل روايته عن الصحب مرسلة قال الذهبي: وثقوه
3475 -
(ثلاث) أي صوم ثلاث (من كل شهر) زاد النسائي أيام البيض (ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله)
⦗ص: 309⦘
قال بعض الكمل: إشارة إلى مجموع صوم رمضان أدخل الفاء في الخبر لكون المبتدأ نكرة موصوفة أو الفاء زائدة واعترض بأنه صح خبر صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر فما فائدة إضافة رمضان إليه مع أن قوله إلى رمضان يصير مستدركا على توجيهه فالأقرب تعلق قوله إلى رمضان بمحذوف خبر لرمضان أي صوم رمضان إلى رمضان ولا يبعد أن يعطي الله بمجرد صوم رمضان ثواب سنة تفضلا
(م د ن) كلهم في الصوم (عن أبي قتادة) ولم يخرج البخاري عن أبي قتادة شيئا
3476 -
(ثلاث هن علي فريضة) لازمة ولفظ رواية الحاكم فرائض (وهن لكم تطوع الوتر وركعتا الضحى والفجر) قال ابن حجر: يلزم من قال به وجوب ركعتي الفجر عليه ولم يقولوا به وإن وقع في كلام بعض السلف ووقع في كلام الآمدي وابن الحاجب وقد ورد ما يعارضه انتهى (أقول) أخشى أن يكون ذلك تحريفا فإن الذي وقفت عليه بخط الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك النحر بالنون وحاء مهملة لا بفاء وجيم ولعله هو الصواب فلينظر
(حم ك) في الوتر عن شجاع عن يحيى بن أبي حبة عن عكرمة (عن ابن عباس) قال الذهبي: ما تكلم الحاكم عليه وهو حديث منكر ويحيى ضعفه النسائي والدارقطني وقال ابن حجر: ولفظ رواية أحمد ركعتا الفجر بدل الضحى وفي رواية لابن عدي الوتر والضحى وركعتا الفجر ومداره على أبي جناب الكلبي عن عكرمة وأبو جناب ضعيف ومدلس وقد عنعنه وقد أطلق الأئمة على هذا الحديث الضعف كأحمد والبيهقي وابن الصلاح وابن الجوزي والنووي وغيرهم وخالف الحاكم فخرجه في مستدركه لكن لم يتفرد به أبو جناب بل تابعه أضعف منه وهو جابر الجعفي انتهى وقال في موضع آخر: الحديث ضعيف من جميع طرقه وقال في موضع: فيه أبو جناب ضعيف وله طريق أخرى فيها مندل وأخرى وضاح بن يحيى وأخرى فيها جابر الجعفي والكل ضعفاء وقال في موضع آخر: حديث غريب أورده ابن عدي في منكرات أبي جناب بجيم ونون خفيفة وموحدة وقد ضعفوه
3477 -
(ثلاث وثلاث وثلاث) أي أعدهن وأبين حكمهن (فثلاث لا يمين فيهن) أي يعمل بمقتضاها بل إذا وقع الحلف ينبغي الحنث والتكفير لا يجب فيهن يمين (وثلاث الملعون فيهن وثلاث أشك فيهن) فلا أجزم فيهن بشيء (فأما الثلاث التي لا يمين فيهن فلا يمين للولد مع والده) أي لو كانت يمين الولد يحصل بسببه لوالده نحو أذى طلب للولد أن يكفر عن يمينه وكذا يقال في قوله (ولا للمرأة مع زوجها) فإذا حلفت على شيء يتأذى به فتحنث وتكفر (ولا للمملوك مع سيده) فإذا حلف المملوك على فعل شيء أو تركه وتأذى به سيده فيحنث ويكفر بالصوم لكن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق في كل ذلك (وأما الملعون فيهن فملعون من لعن والديه) أي يعود لعنه عليه (وملعون من ذبح لغير الله) كالأصنام (وملعون من غير تخوم الأرض) بضم المثناة الفوقية وخاء معجمة أي حدودها جمع تخم بفتح فسكون
⦗ص: 310⦘
(وأما التي أشك فيهن فعزيز لا أدري أكان نبيا أم لا ولا أدري ألعن تبع أم لا) وهذا قبل علمه بأنه كان قد أسلم بدليل ما سيجيء في حديث لا تسبوا وفي رواية لا تلعنوا تبعا فإنه كان قد أسلم وهو تبع الحميري كان مؤمنا وقومه كافرين فلذلك ذمهم الله ولم يذمه (ولا أدري الحدود) التي تقام على أهلها في الدنيا (كفارة لأهلها في العقبى أم لا) وهذا قاله قبل علمه بأنها كفارة لها فقد صح عند أحمد وغيره خبر من أصابه ذنبا فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته وظاهره التكفير وإن لم يتب وعليه الجمهور واستشكل بأن قتل المرتد ليس بكفارة وأجيب بأن الخبر خص بآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به} وظاهر الخبر أن القاتل إذا قتل سقطت عنه المطالبة في الآخرة وأباه جماعة
(الإسماعيلي) بكسر الهمزة وسكون المهملة وفتح الميم وكسر العين المهملة نسبة إلى جد له اسمه إسماعيل (في معجمه وابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) رضي الله عنهما
3478 -
(ثلاث لا تؤخر وهن الصلاة إذا أتت) أي دخل وقتها قال ابن سيد الناس: رويناه بمثناتين فوقيتين وروي آنت بنون ومد بمعنى حانت وحاضرت وقال التوربشتي: أكثر المحدثين أنه بمثناتين فوقيتين وهو تصحيف وإنما المحفوظ من ذوي الإتقان أنه آنت على وزان حانت (والجنازة إذا حضرت) فإذا حضرت للمصلى لا تؤخر لزيادة المصلي ولا غيره للأمر بالإسراع بها نعم ينبغي انتظار الولي إن لم يخف تغيره قال المظهر: وفيه أن الصلاة على الجنازة لا تكره في الأوقات المكروهة وفي تحفة الألباب أن بلاد بلغار يشتد بردها فتصير الأرض كالحديد لا يمكن الدفن بها إلا تعهد الشتاء بثلاثة أشهر (والأيم إذا وجدت كفؤا) فإنه لا يؤخر تزويجها ندبا قال الطيبي: وجمع تعجيل الصلاة والجنازة والأيم في قرن واحد لما يشملها من معنى اللزوم فيها وثقل محلها على من لزم عليه مراعاتها والقيام بحقها وهذا الحديث فيه قصة وهي ما أخرجه ابن دريد والعسكري أن معاوية قال يوما وعنده الأحنف: ما يعدل الأناة شيء فقال الأحنف: إلا في ثلاث تبادر بالعمل الصالح أجلك وتعجل إخراج ميتك وتنكح كفء أيمك فقال رجل: إنا لا نفتقر في ذلك إلى الأحنف قال: لم قال: لأنه عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا علي كرم الله وجهه فذكره الترمذي في الصلاة
(ك) في النكاح (عن علي) أمير المؤمنين رضي الله عنه قال الترمذي: غريب وليس سنده بمتصل وهو من رواية وهب عن سعيد مجهول وقد ذكره ابن حبان انتهى وجزم ابن حجر في تخريج الهداية بضعف سنده وقال في تخريج الرافعي: عنه رواه الحاكم من هذا الوجه وجعل محله سعيد بن عبد الرحمن الحجمي وهو من أغاليطه الفاحشة انتهى ومما رواه البيهقي في سننه عن سعيد بن عبد الله هذا قال وفي الباب أحاديث كلها واهية أمثلها هذا وبه عرف ما في جزم الحافظ العراقي بحسنه وما في قول المناوي رجاله ثقات
3479 -
(ثلاث لا ترد) أي لا ينبغي ردها (الوسائد) جمع وسادة المخدة (والدهن) قال الترمذي: يعني بالدهن الطيب (واللبن) قال الطيبي: يريد أن يكرم الضيف بالطيب والوسادة واللبن ولا يردها فإنها هدية قليلة المنة فلا ينبغي ردها وأنشد بعضهم يقول:
قد كان من سيرة خير الورى. . . صلى الله عليه طول الزمن
⦗ص: 311⦘
أن لا يرد الطيب والمتكا. . . واللحم أيضا يا أخي واللبن
(ت) في الاستئذان (عن عمر) بن الخطاب وقال: غريب وفي الميزان عن أبي حاتم هذا حديث منكر وقال ابن القيم: حديث معلول رواه الترمذي وذكر علته ولا أحفظ الآن ما قيل فيه إلا أنه من رواية عبد الله بن مسلم بن حبيب عن أبيه عن ابن عمر وقال ابن حبان: إسناده حسن لكنه ليس على شرط البخاري
3480 -
(ثلاث لا يجوز اللعب فيهن) لكون هزلهن جدا (الطلاق والنكاح والعتق) في رواية بدله الرجعة قال ابن حجر: وهذا هو المشهور فيه اه فمن طلق أو تزوج أو أعتق هازلا نفذ له وعليه
(طب عن فضالة بن عبيد) الأنصاري قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وبقية رجاله رجال الصحيح قال ابن حجر: وفيه رد على النووي إنكاره على الغزالي إيراد اللفظ قائلا المعروف الخبر المار ثلاث جدهن إلخ اه
3481 -
(ثلاث) أصله ثلاث خصال بالإضافة حذف المضاف إليه ولهذا جاز الإبتداء بالنكرة (لا يحل لأحد) من الناس (أن يفعلهن) وأن وما بعدها يقدر بالمصدر الذي هو فاعل تقديره لا يحل لأحد فعلهن (لا يؤم رجل) أي ولا امرأة للنساء (قوما فيخص) منصوب بأن المقدرة لوروده بعد النفي على حد {لا يقضى عليهم فيموتوا} (نفسه بالدعاء دونهم) في رواية بدعوة فتخصيص الإمام نفسه بالدعاء مكروه فيندب له أن يأتي بلفظ الجمع في نحو القنوت (1) قال ابن رسلان رحمه الله: وكذا التشهد ونحوه من الأدعية (فإن فعل) أي خص نفسه بالدعاء (فقد) أي حقيق (خانهم) لأن كل ما أمر به الشارع فهو أمانة وتركه خيانة (ولا ينظر) بالرفع عطفا على يوم (في قعر) كفلس (بيت) أي صدره وفي المصباح قعر الشيء نهاية أسفله (قبل أن يستأذن) على أهله فيحرم الاطلاع في بيت الغير بغير إذنه (فإن فعل) أي اطلع فيه بغير إذنهم (فقد دخل) أي فقد ارتكب إثم من دخل البيت (2)(ولا يصلي) بكسر اللام المشدودة مضارع والفعل في معنى النكرة والنكرة في معرض النفي تعم فتشمل صلاة فرض العين والكفاية والسنة فلا يفعل شيء منها (وهو حقن) أي حاقن أي حابس للبول كالحاقب للغائط والحازق لذي خف ضيق (حتى يتخفف) بفتح المثناة التحتية ومثناة فوقية أي يخفف نفسه بإخراج الفضلتين لئلا يؤذيه بقاؤه وفي معناه الريح ونحوه مع الطهارة بلفظه
(ت) في الصلاة بمعناه كلاهما (عن ثوبان) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه عنه أيضا ابن ماجه (د) في اختلاف يسير لفظي
(1) أي خاصة بخلاف دعاء الافتتاح والركوع والسجود والجلوس بين السجدتين والتشهد
(2)
والظاهر أن محل هذا إذا كان فيه من يحرم النظر إليه أو ما يكره المالك اطلاع الناس عليه
3482 -
(ثلاث لا يحاسب بهن العبد) الفاعل لهن (ظل خص يستظل به وكسرة يشد بها صلبه وثوب يواري به عورته) قال في الفردوس: الخص من قصب وقيل مكتوب في التوراة يا ابن آدم كسرة تكفيك وخرقة تواريك وجحر يؤويك
(حم في) كتاب (الزهد) له (هب) كلاهما (عن الحسن) البصري (مرسلا) ثم قال أعني البيهقي هكذا جاء مرسلا وهو
⦗ص: 312⦘
مرسل جيد اه ورواه الديلمي عمن له صحبة ويعضده ما خرجه هو أيضا عن الحسن بن علي وعثمان مرفوعا ثلاث ليس على ابن آدم فيهم حساب طعام يقيم صلبه وبيت يسكنه وثوب يواري عورته فما فوق ذلك فكله حساب
3483 -
(ثلاث لا يفطرن الصائم) إذا وقعت في الصوم (الحجامة) فلو حجم نفسه أو حجمه غيره بإذنه لم يفطر لكن الأولى تركه وخبر أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ أو مؤول (والقيء) فمن ذرعه القيء أي سبقه فهو لا يفطر مطلقا ولا قضاء عليه (والاحتلام) فمن نام نهارا واحتلم فأنزل لم يبطل صومه ولا قضاء عليه قال الحافظ العراقي: فيه أن الحجامة لا تفطر الصائم قال ابن العربي: وكنت مترددا فيه لكثرة المعارضات في الروايات حتى أخبرني القاضي أبو المطهر بحديث أفطر الحاجم والمحجوم فرأيت حديثا عظيما ورجالا وسندا صحيحا فكنت تارة أحمله على لفظه وتارة أتأوله وتترامى بي الخواطر حتى قرأت على أبي الحسين بن المبارك فذكر بإسناد حديث أنس مر النبي صلى الله عليه وسلم بجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يحتجم فقال: أفطر هذا ثم رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحجامة للصائم وهذا نص فيه ثلاث فوائد تسمية المحتجم وثبوت خطر الحجامة ومنعها للصائم وثبوت الرخصة بعد في الحظر
(ت) وكذا البيهقي (عن أبي سعيد) الخدري قال الترمذي: هذا غير محفوظ وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم مضعف والمشهور عن عطاء مرسل وأورده في الميزان في ترجمة عبد الرحمن من حديث أبي سعيد ونقل عن ابن عباس عند البزار بسند معلول وعن ثوبان عند الطبراني وهو ضعيف
3484 -
(ثلاث لا يعاد صاحبهن) أي لا تندب إعادته لا أنها لا تجوز (الرمد) أي وجع العين (وصاحب الضرس) أي الذي به وجع الضرس أو غيره من الأسنان (وصاحب الدمل) أي الذي به دمل أي خراج صغير وإن تعدد لأن هذه من الآلام التي لا ينقطع صاحبها بسببها غالبا وهذا صريح في أن وجع العين ليس بمرض وبه تمسك قوم وذهب آخرون إلى أنه مرض وعليه مالك فإنه سئل عمن به صداع شديد فقال: هو من الإفطار في سعة فقالوا: لا تندب عيادته لكون عائده قد يرى ما لا يراه هو وتعقب بأنه أمر خارجي قد يأتي مثله في بقية الأمراض كالمغمى عليه قال في المطامح: فجعله مرضا اه. ويشهد له ما في أبي داود وصححه الحاكم عن زيد بن أرقم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم عاده من وجع بعينه وهو عند البخاري رحمه الله تعالى في الأدب المفرد وسياقه أتم وبه أخذ الشافعية وحملوا الحديث على الغالب من عدم الانقطاع لذلك
(طس عد عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال البيهقي في الشعب: حديث ضعيف وقال الهيثمي: فيه مسلمة بن علي الخشني وهو ضعيف اه. وقال ابن حجر: هذا الحديث صحح البيهقي وقفه على يحيى بن أبي كثير وذلك لا يوجب الحكم بوضعه إذ مسلمة لم يجرح بكذب فجزم ابن الجوزي بوضعه وهم
3485 -
(ثلاث لا يمنعهن) أي لا يجوز لأحد منعهن (الماء) أي ماء البئر المحفورة في موات فماؤها مشترك بين الناس والحافر كأحدهم فإن حفرها بملك أو موات للتملك ملكه أو للارتفاق فهو أولى به حتى يرتحل وفي جميع الحالات يجب عليه بذل الفاضل عن حاجته للمحتاج (والكلأ) بالهمز والقصر النبات أي المباح وهو النابت في موات فلا يحل منع أهل الماشية من رعيه لأنه مجرد ظلم أما كلأ نبت بأرض ملكها بالإحياء فمذهب الشافعية حل بيعه (والنار) يعني الأحجار التي توري النار فلا يمنع أحد من الأخذ منها وأما نار يوقدها الإنسان فله منع من أخذ جذوة منها لا أن
⦗ص: 313⦘
يأخذ منها مصباحا أو يدني منها ضغثا إذ لا ينقصها كذا ذكره جمع وقال صاحب العدة: لو أضرم نارا بحطب مباح بصحراء لم يمنع من ينتفع بها فلو جمع الحطب ملكه فإن أضرمه نارا فله منع غيره منها
(هـ عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي رضي الله عنه: سنده صحيح
3486 -
(ثلاث يجلين البصر) بضم أوله وشد اللام (النظر إلى الخضرة) أي إلى الزرع الأخضر أو الشجر أو إلى كل أخضر (والى الماء الجاري) في نحو نهر خرج به الراكد كبركة (والى الوجه الحسن) أي عند ذوي الطباع السليمة والسلائق المستقيمة ويحتمل عند الناظر
(ك في تاريخه) تاريخ نيسابور عن محمد بن أحمد بن هارون الشافعي عن أحمد بن عمر الزنجاني عن أبي البحتري وهب بن وهب عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه (عن علي) أمير المؤمنين كرم الله وجهه قال ابن الجوزي: باطل موضوع ووهب كذاب والشافعي هو الريرندي ليس بشيء قال الحاكم: حدث عن قوم لا يعرفون فقلت له: إن أحمد بن عمر ما خلق بعد اه. ولم يتعقب المؤلف إلا بأنه ورد من طريق آخر وهو ينافي قوله (د عن ابن عمر) أي عن محمد بن أحمد الوارق عن علي بن القباني عن عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي عن يحيى بن أيوب المقابري عن شعيب بن حرب عن مالك بن مغول عن طلحة عن مصرف عن نافع عن ابن عمر قال المؤلف: رجاله من شعيب فصاعدا رجال الصحيح والخوارزمي قال أبو نعيم في حديثه نكارة (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي عن محمد الأنماطي عن محمد الأهوازي عن النعمان بن أحمد عن محمد بن حرب عن عباد بن يزيد عن سليمان بن عمرو النخعي عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي عن أمه صفية (عن عائشة) رضي الله عنها أورده المؤلف في مختصر الموضوعات وقال: سليمان النخعي كذاب (الخرائطي في) كتاب (اعتلال القلوب) في التصوف عن أحمد بن الهيثم الكندي عن محمد بن زكريا عن محمد بن يحيى النيسابوري عن عيسى بن إبراهيم البركي عن حماد بن حميد الطويل عن أبي الصديق الناجي (عن أبي سعيد) الخدري قال المؤلف: حماد هو ابن سلمة وهو فمن فوقه عن رجال الصحيح وعيسى البركي روى له أبو داود ووثق وخالد بن يحيى هو الهذلي ثم قال أعني المؤلف وبمجموع هذه الطرق يرتقي الحديث عن درجة الوضع
3487 -
(ثلاث يزدن في قوة البصر الكحل بالإثمد) أي التكحل بالكحل الأسود المشهور (والنظر إلى الخضرة) فيه الإحتمالات المقررة (والنظر إلى الوجه الحسن) على ما سبق قال السخاوي: كان النسائي يلبس الأخضر من الثياب ويقول الأخضر مما يزيد في قوة البصر (نكتة) قال في اللسان وروى جعفر بن علي الدقاق رضي الله عنه عن الحسين بن سهل التركي عن أبيه عن يحيى بن أكثم قال: دخلت على المأمون والعباس ابنه عن يمينه وكان من أحسن الناس وجها فجعلت أتأمله فنظر إلي المأمون فزجرني قلت: يا أمير المؤمنين حدثني عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر رفعه النظر إلى الوجه المليح يجلو البصر وإن في بصري ضعفا أردت أن أجلوه قال فأطرق ثم أنشد يقول:
ألا لله درك أي قاض. . . رمته المرد بالحدق المراض
يجن إذا رأى وجها مليحا. . . ويغلط في الحديث المستفاض
⦗ص: 314⦘
قال في اللسان: هذا موضوع
(أبو الحسن الفراء) بفتح الفاء وشد الراء نسبه إلى خياطة الفراء وبيعها (في فوائده) تخريج السلفي عن أحمد بن الحسن الشيرازي عن الحسين بن محمد الأهوازي عن الحسين بن محمد البيع عن محمد المحدث عن جعفر الطرائقي عن عبد الله بن عباد العبدي عن إسماعيل بن عيسى عن أبي هلال الراسبي عن أبي بريدة (عن) أبيه (بريدة) وأبو هلال ضعفه قوم ووثقه آخرون
3488 -
(ثلاث يدخلون الجنة بغير حساب: رجل غسل ثيابه فلم يجد له خلفا) يلبسه حتى تجف ثيابه يعني أنه لفقره ليس له إلا ثيابه التي عليه ولا يمكن تحصيل شيء غيرها (ورجل لم ينصب على مستوقده قدران) يعني لا قدرة له على تنويع الأطعمة وتلوينها لفقره ورثاثة حاله (ورجل دعى بشراب فلم يقل له) بالبناء للمجهول أي لم يقل له خادمه أو نحوه الذي استدعى منه إحضار الطعام والشراب (أيهما تريد) يعني لا قدرة له على تحصيل نوعين من الأشربة لضيق حاله وقلة ماله فهؤلاء يدخلون الجنة بغير حساب
(أبو الشيخ [ابن حبان] في الثواب عن أبي سعيد) الخدري قال الديلمي: وفي الباب أبو هريرة
3489 -
(ثلاث يدركن بهن) أي بفعلهن (العبد) الإنسان (رغائب) جمع رغبة وهي العطاء الكثير (الدنيا والآخرة: الصبر على البلاء والرضا بالقضاء والدعاء في الرخاء) أي في حال الأمن وسعة الحال وفراغ البال فإن من تعرف إلى الله في الرخاء تعرف إليه في الشدة كما سبق تقريره موضحا والرخاء بالمد العيش الهنيء والخصب والسعة
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) في الثواب (عن عمران بن حصين) ورواه الديلمي عن أبي هلال التيمي مرفوعا
3490 -
(ثلاث يصفين لك ود أخيك) في الإسلام (تسلم عليه إذا لقيته) في نحو طريق (وتوسع له في المجلس) إذا قدم عليك وأنت جالس فيه (وتدعوه بأحب الأسماء إليه) من اسم أو كنية أو لقب (1) وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البيهقي وثلاث من البغي تجد على الناس فيما تأتي وترى من الناس ما يخفى عليك من نفسك وتؤذي جليسك فيما لا يعنيك
(طس ك هب) كلهم من حديث أبي مطرف عن موسى بن عبد الملك (عن عثمان بن طلحة) بن أبي طلحة بن عثمان بن عبد الدار العبدري (الحجبي) بفتح وكسر الحاء المهملة والجيم الموحدة نسبة إلى حجابة الكعبة المعظمة صحابي شهير استشهد بأجنادين أو غيرها قال الحاكم: أبو مطرف ثقة قال الذهبي: لكن موسى ضعفه أبو حاتم وقال الهيثمي في كلامه على أحاديث الطبراني: فيه موسى بن عبد الملك بن عمير وهو ضعيف وعثمان بن طلحة هذا قتل أبوه وعمه يوم أحد كافرين وهاجر مع خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه ودفع إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مفتاح الكعبة (هب عن عمر) بن الخطاب (موقوفا عليه) من قوله
(1) فيندب فعل هذه الخصال والملازمة عليها لتنشأ عنها المحبة وتدوم المودة
3491 -
(ثلاث إذا رأيتهن فعند ذلك) أي عند رؤيتهن يعني عقبها على القرب منها (تقوم الساعة) القيامة (إخراب العامر وعمارة
⦗ص: 315⦘
الخراب) قال ابن قتييبة: أراد به نحوا مما يفعله الملوك من إخراب بناء جيد محكم وإنتاج غيره في الموات بغير علة إلا إعطاء النفس الشهوة ومتابعة الهوى (وأن يكون المعروف منكرا والمنكر معروفا) أي يكون ذلك دأب الناس وديدنهم فمن أمرهم بمعروف عدوا أمره به منكرا وآذوه ومقتوه ومن نهاهم عن منكر فعلوه عدوا نهيه عنه نهيا عن معروف فعلوه فآذوه ومقتوه (وأن يتمرس الرجل) بمثناة تحتية فمثناة فوقية فميم مفتوحات فراء مشددة مفتوحة فسين مهملة (بالأمانة) أي يتلعب بها (تمرس البعير بالشجرة) أي يتلعب ويعبث بها كما يعبث البعير بالشجرة ويتحكك بها والتمرس شدة الالتواء
(ابن عساكر) في التاريخ (عن محمد بن عطية) بن عروة (السعدي) صدوق من الطبقة الثالثة كلام المؤلف كالصريح في أنه صحابي وهو غفلة عن قول التقريب وغيره وهم من زعم أنه له صحبة مات على رأس المئة ورواه أيضا من هذا الوجه الطبراني قال الهيثمي: وفيه يحيى بن عبد الله النابلسي وهو ضعيف فما أوهمه صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من المشاهير غير سديد
3492 -
(ثلاث أصوات يباهي الله بهن الملائكة الأذان) أي أذان المؤذن للصلاة (والتكبير في سبيل الله) أي حال قتال الكفار (ورفع الصوت بالتلبية) في النسك يقول لبيك اللهم لبيك وهذا في حق الذكر
(ابن النجار) في تاريخه (فر) كلاهما (عن جابر) رضي الله تعالى عنه وفيه معاوية بن عمرو البصري قال الذهبي في الضعفاء: واه ورشدين بن سعد قال أبو زرعة والدارقطني ضعيف وقرة بن عبد الرحمن قال أحمد منكر الحديث جدا اه. ومن ثم قال ابن حجر رحمه الله: حديث غريب ضعيف
3493 -
(ثلاثة أعين لا تمسها النار) أي نار جهنم في الآخرة (عين فقئت) أي خسفت وبخست (في سبيل الله) أي في قتال الكفار لإعلاء كلمة الله (وعين حرست) المسلمين (في سبيل الله) في الجهاد (وعين بكت من خشية الله) قال الطيبي: كناية عن العالم العابد المجاهد مع نفسه لقوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} حيث وقع حصر الخشية فيهم غير متجاوزة عنهم فحصلت النسبة بين العينين: عين مجاهدة مع النفس والشيطان وعين مجاهدة مع الكفار والخوف والخشية متلازمان. قال في الإحياء: الخوف سوط الله يسوق به عباده إلى المواظبة إلى العلم والعمل
(ك) في الجهاد عن محمد الأسدي عن عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن عمر ضعفوه
3494 -
(ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة) ذكر الثلاثة ليس للتقييد فإنه خصم كل ظالم لكنه أراد التغليظ عليهم لغرابة قبح فعلهم والخصم يقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد وهذ الحديث من الأحاديث القدسية
⦗ص: 316⦘
فقد رواه البخاري رضي الله عنه بلفظ قال الله تعالى فوقع في هذه الرواية اختصار (ومن كنت خصمه خصمته) لأنه لا يغلبه شيء (رجل أعطى بي) أي أعطى الأمان باسمي أو بذكري أو بما شرعته من الدين كأن يقول عليك عهد الله أو ذمته (ثم غدر) أي نقض العهد الذي عاهد عليه لأنه جعل الله كفيلا له فيما لزمه من وفاء ما أعطى والكفيل خصم المكفول به للمكفول له (ورجل باع حرا فأكل ثمنه) يعني انتفع به على أي وجه كان وخص الأكل لأنه أخص المنافع وذلك لأن من باع حرا فهو غاصب لعبد الله الذي ليس لأحد غير الله عليه سبيل فالمغصوب منه خصم الغاصب (ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه) أي العمل (ولم يوفه) أجره لأنه استأجر عبدا وغلة العبد لمولاه فهو الخصم في صلب أجرة عبده هذا حكمة تخصيص هؤلاء لكنه تعالى أكرم الخصوم وأغناهم والكريم إذا ملك أحسن وإذا حاسب سمح وإذا سئل وهب والخبر مسوق لمعنيين أحدهما تعظيم هذه الخصال وأنها كبائر جرائم وخطايا عظائم يتعين الحذر منها الثاني الإخبار عن كرم الله وفضله وأن الخصم الغني الكريم الرؤوف الرحيم وإذا كان هو الخصم كان أرجى للعبد لأنه غني لا يتعاظمه ذنب ولا ينقصه شيء فيناقش فيه بل يرضى خصوم من شاء من عنده كما جاء في كثير من الأخبار فيا له من حديث جمع الخوف والرجاء اللذين هما سهما العبودية إذ هي اضطرار وافتقار فالخوف اضطرار والرجاء افتقار والعبادة لله إنما تصفو بخوف التقصير وشكر التوفيق فرؤية التقصير توجب الخوف ورؤية التوفيق توجب الرجاء وقد قيل في معنى هذا الخبر أقاويل كثيرة وما سمعت أجود
(هـ) في الأحكام (عن أبي هريرة) ظاهر اقتصاره على ابن ماجه أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد رواه سلطان المحدثين البخاري في البيع والإجارة لكن بدون ومن كنت خصمه خصمته ولفظه عن الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا ثم أكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره اه فهو عند البخاري من الأحاديث القدسية كما مر
3495 -
(ثلاث تحت العرش يوم القيامة القرآن له ظهر وبطن يحاج العباد) وقال ابن الأثير وغيره: ظهره لفظه وبطنه معناه أو ظهره ما ظهر تأويله وبطنه ما بطن تفسيره أو ظهره تلاوته وبطنه تفهمه أو ظهره ما استوى المكلفون فيه من الإيمان والعمل بمقتضاه وبطنه ما وقع التفاوت في فهمه بين العباد على حسب مراتبهم في الأفهام والعقول وتباين منازلهم في المعارف والعلوم وفيه تنبيه على أن كلا منهم إنما يطلب بقدر ما انتهى إليه من علم الكتاب وفهمه وقال الحكيم: ظهره يحاج الأمة وبطنه يحاج الخاصة فإن أهل الملة صنفان قال التوربشتي: وقوله له ظهر وبطن جملة مفصولة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه تنبه السامع على جلالة شأن القرآن وامتيازه عما سواه واعترضه الطيبي ثم اختار أنها جملة اسمية واقعة حالا من ضمير القرآن بلا واو أي القرآن يحاج العباد مستقصيا فيه (والرحم تنادي صل من وصلني واقطع من قطعني) لأن الله تعالى أعطاها ذلك في الدنيا وأمر بالتراحم والتعاطف بها فمن امتثل أمره فاز بالكرامة ومن أبى نودي عليه بالخسران واستحقاق النيران (والأمانة) تنادي ألا من حفظني حفظه الله ومن ضيعني ضيعه الله قال القاضي: تحت العرش عبارة عن اختصاص هذه الثلاثة من الله بمكان وقرب منه واعتبار عنده بحيث لا يضيع أجر من حافظ عليها ولا يهمل مجازاة من ضيعها وأعرض عنها كما هو حال المقربين عند السلطان الواقفين تحت عرشه فإن التوسل بهم وشكرهم وشكايتهم لها تأثير عظيم لديه وخص الثلاثة لأن كل ما يحاوله المرء إما أمر دائر بينه
⦗ص: 317⦘
وبين ربه خاصة أو بينه وبين الخلق عامة أو بينه وبين أقاربه وأهل بيته والقرآن وصلة بين العبد وربه فمن راعى أحكامه واتبع ظواهره وبواطنه أدى حق الربوبية وأتى بوظيفة العبودية والأمانة تعم عموم الناس فإن دمائهم وأموالهم وأعراضهم أمانات بينهم فمن قام بحقها أقام العدل وجانب الظلم ومن وصل الرحم وراقب الأقارب ودفع عنهم المخاوف وأحسن إليهم أدى حقه وخرج من عهدته ولما كان القرآن أعظم قدرا وأرفع منارا والقيام به يشمل الأمرين الآخرين قدم ذكره وأخبر عنه بأنه يحاج العباد أي يخاصمهم فيما أعرضوا عن أحكامه ولم يلتفتوا لمواعظه وأمثاله سواء ما ظهر معناه فأغنى عن التأويل أو خفي واحتاج إليه وأخر الأمانة لأنها أخصها وأفردها بالذكر وإن اشتملت محافظته على الأولين على محافظتها لأنها أحق حقوق الخلق أن تحفظ ولأنه أراد أن يبين أن صلة الرحم وقطيعته بهذه المثابة العظيمة من الوعد والوعيد اه. وقال الأشرف: الضمير في تنادي عائد إلى الرحم ويمكن عوده إلى كل من الأمانة والرحم
(الحكيم) الترمذي في نوادره (ومحمد بن نصر) في فوائده (عن عبد الرحمن بن عوف) ورواه عنه أيضا البغوي في شرح السنة قال المناوي: وفيه كثير بن عبد الله اليشكري متكلم فيه
3496 -
(ثلاث تستجاب دعوتهم الوالد) لولده (والمسافر والمظلوم) على ظالمه لأن السفر مظنة حصول انكسار القلب بطول الغربة عن الأوطان وتحمل المشاق والانكسار من أعظم أسباب الإجابة والمظلوم مضطر
(حم طب عن عقبة ابن عامر الجهني)
3497 -
(ثلاثة حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله) لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى (والمكاتب) أي العبد الذي كاتبه سيده على نجوم إذا أداها عتق (الذي يريد الأداء) أي الذي نيته أن يؤدي للسيد ما كاتب عليه (والناكح الذي يريد العفاف) أي المتزوج بقصد عفة فرجه عن الزنا واللواط أو نحوهما وإنما آثر هذه الصيغة إيذانا بأن هذه الثلاثة من الأمور الشاقة التي تكدح الإنسان وتقصم ظهره لولا أنه يعان عليها لما قام بها قال الطيبي: وأصعبها العفاف لأنه قمع الشهوة الجبلية المذكورة في النفس وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل سافلين فإذا استعف وتداركه عون إلهي ترقى إلى منزلة الملائكة في أعلى عليين. <تنبيه> قال العارف ابن عربي: إذا رأيت واحدا من هؤلاء فأعنه بطائفة من مال أو قال أو حال فإنك إذا أعنتهم فأنت نائب الحق في عونهم فإنه إذا كان عون هؤلاء حقا على الله فمن أعانهم فقد أدى عن الله ما أوجبه على نفسه فيتولى الله كرامته بنفسه فما دام المجاهد مجاهدا بما أعنته عليه فأنت شريكه في الأجر ولا ينقصه شيء وإذا ولد للناكح ولد صالح كان لك في ولده وعقبه أجر وأقر به عين محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وهو أعظم من عون المكاتب والمجاهد لما أن النكاح أفضل النوافل وأقربه نسبة للفضل الإلهي في إيجاده العالم وبعظم الأجر يعظم النسب إلى هنا كلامه
(حم ت ن) في الجهاد (هـ) في الأحكام (ك) في النكاح (عن أبي هريرة) وقال على شرط مسلم وقال الترمذي: حسن
3498 -
(ثلاثة على كثبان المسك) جمع كثيب بمثلثة الرمل المستطيل المحدوب (يوم القيامة يغبطهم الأولون والآخرون) أي يتمنون جميعا أن يكون لهم مثل الذي لهم ويدوم عليهم ما هو فيهم والغبطة حسد خاص ليس بمذموم (عبد) أي قن ذكر أو أنثى (أدى حق الله وحق مواليه) أي قام بالحقين جميعا فلم يشغله أحدهما عن الآخر (ورجل يؤم قوما وهم
⦗ص: 318⦘
به راضون) أو امرأة تؤم نساء وهن بها راضيات والتخصيص بالرجل غالبي (ورجل ينادي بالصلوات الخمس كل يوم وليلة) أي يؤذن محتسبا كما جاء في رواية طالبا بأذانه الأجر من الله سبحانه وتعالى ولا يأخذ عليه أجرا في الدنيا
(حم ت) في الأدب (عن ابن عمر) بن الخطاب وقال: حسن غريب وقال الصدر المناوي: فيه أبو اليقظان عثمان بن عمير قال الذهبي: كان شيعيا ضعفوه
3499 -
(ثلاث على كثبان المسك يوم القيامة لا يهولهم الفزع) أي الخوف (ولا يفزعون حين يفزع الناس) يوم القيامة (رجل تعلم القرآن فقام به يطلب وجه الله) أي لا للرياء والسمعة ولا ليتسلق به على حصول دنيا (وما عنده) من جزيل الأجر (ورجل نادى في كل يوم وليلة بخمس صلوات يطلب وجه الله وما عنده ومملوك لم يمنعه رق الدنيا من طاعة ربه) بل قام بحق الحق وحق سيده وجاهد نفسه على حمل مشقات القيام بالحقين ومن ثم كان له أجران واستوجب الأمان وارتفع على الكثبان
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه بحر بن كنين السقاء ضعيف بل متروك
3500 -
(ثلاثة في ظل الله) أي في ظل عرشه كما في رواية عز وجل يوم لا ظل إلا ظله) أي يوم القيامة (رجل حيث توجه علم أن الله معه) حيثما توجه {أينما تولوا فثم وجه الله} {وهو معكم أينما كنتم} (ورجل دعته امرأة) أجنبية (إلى نفسها) أي إلى الزنا بها (فتركها) أي ترك الزنا بها (من خشية الله تعالى) لا لغرض آخر كخوف من حاكم أو قالة أو نحو ذلك (ورجل أحب بجلال الله) أي يحب رجلا لا يحبه إلا إعظاما لله الذي خلقه فعدله فلم يحبه لنحو إحسانه له بمال أو جاه أو غير ذلك
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه بشر بن نمير وهو متروك
3501 -
(ثلاثة في ظل العرش) أي عرش الرحمن (يوم القيامة) في الموقف (يوم لا ظل إلا ظله واصل الرحم) أي القرابة بالإحسان ونحوه (يزيد الله في رزقه) في الدنيا أي يوسع عليه فيه (ويمد في أجله) أي يطيل حياته بسبب صلته لأقربائه (وامرأة مات زوجها وترك عليها أيتاما صغارا) يعني أولادا منه ومن في معناهم كأولاد ولدها منه الذي مات عنهم ولا كافل لهم إلا هو (فقالت لا أتزوج بل أقيم على أيتامي) أكفلهم وأقوم بهم (حتى يموتوا أو يغنيهم الله تعالى) كأن يكبروا ويستغنوا بنحو كسب (وعبد) أي إنسان (صنع طعاما) أي طبخه وهيأه (فأضاف) منه (ضيفه وأحسن
⦗ص: 319⦘
نفقته) أي أحسن القيام بها (فدعا عليه) أي طلب له (اليتيم والمسكين) المراد به هنا ما يشمل الفقير لأنهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا (فأطعمهم لوجه الله) عز وجل عن كل نقص ووصف ليس في الكمال المطلق أقصاه وغايته أي فعل ذلك لوجه الله لا لغرض آخر كرياء أو سمعة أو توصل إلى شيء من المقاصد الدنيوية كبعض من يجمع الأيتام والزمناء والعميان عنده في نحو زاوية ويتشيطن على ولاة الأمور ويدخل عليهم بأنه ليس يريد الدنيا وإنما يريد مرتبا للقيام بأدواء هؤلاء حتى إذا تحصل على حظه من ذلك كتبه باسم نفسه واستخدم أهل الزاوية كالعبيد كما فعل الناس الآن ممن يزعم الصلاح
(أبو الشيخ [ابن حبان] في) كتاب (الثواب والأصبهاني) في الترغيب (فر) كلهم (عن أنس) وفيه حفص بن عبد الرحمن قال الذهبي في الضعفاء: قال أبو حاتم: مضطرب الحديث
3502 -
(ثلاثة في ضمان الله عز وجل أي في حفظه وكلاءته ورعايته (رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله) أي يريد الصلاة أو الاعتكاف فيه (ورجل خرج غازيا في سبيل الله) لإعلاء كلمة الله (ورجل خرج حاجا) أي بمال حلال
(حل عن أبي هريرة)
3503 -
(ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة) أي دخولها (مدمن الخمر) أي الملازم لشربها آناء الليل وأطراف النهار المداوم عليها (والعاق) لوالديه أو أحدهما وقد سبق معنى العقوق فلا تغفل (والديوث) بمثلثة وهو الذي (يقر في أهله) أي زوجته أو سريته وقد يشمل الأقارب أيضا (الخبث) يعني الزنا بأن لا يغار عليهم وهؤلاء الثلاثة إن استحلوا ذلك فهم كفار والجنة حرام على الكفار أبدا وإن لم يستحلوا فالمراد بتحريمها عليهم منعهم من دخولها قبل التطهير بالنار فإذا تطهروا بها أدخلوها
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات
3504 -
(ثلاثة كلهم ضامن على الله) أي مضمون على حد {عيشة رضية} أي مراضية أو ذو ضمان كالقاسط والابن فهو من باب النسب ذكره البيضاوي وسبق نحوه النووي في الأذكار فقال: معنى ضامن صاحب الضمان والضمان الرعاية للشيء كما يقال تامر ولابن أي صاحب تمر ولبن (رجل خرج غازيا في سبيل الله) أي لإعلاء كلمة الله (فهو ضامن على الله) الآية {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله} ولا يزال مضمونا عليه (حتى يتوفاه) الله (فيدخله الجنة) برحمته (أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة ورجل دخل بيته بسلام) أي لازم بيته إيثارا للعزلة وطلبا للسلامة من الفتنة أو المراد أنه إذا دخله سلم على أهله ائتمارا بقوله سبحانه {إذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم} قال الطيبي: والأول أوجه وبملاءمة ما قبله
⦗ص: 320⦘
أوفق لأن المجاهدة في سبيل الله سفرا والرواح إلى المسجد حضرا ولزوم البيت اتقاء من الفتن أخذ بعضها بحجزة بعض (فهو ضامن على الله) قال النووي رضي الله عنه في الأذكار: معناه أنه في رعايته وما أجزل هذه العطية وقال الطيبي: عدى ضامن بعلى تضمينا لمعنى الوجوب والمحافظة على سبيل الوعد أي يجب على الله وعدا أن يكلأه من مضار الدنيا والدين ولم يذكر الشيء المضمون به في الثالث اكتفاء بما قبله
(د) في الجهاد ولم يضعفه (حب ك) في البيوع (عن أبي أمامة) صحيح وأقره الذهبي
3505 -
(ثلاثة ليس عليهم حساب) يوم القيامة (فيما طعموا) أي أكلوا أو شربوا (إذا كان) المأكول أو المشروب (حلالا: الصائم) عند الفطر (والمتسحر) للصوم (والمرابط في سبيل الله عز وجل أي الملازم لبعض الثغور بقصد الجهاد
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه عبد الله بن عصمة عن أبي الصباح وهما مجهولان
3506 -
(ثلاثة من كن فيه يستكمل إيمانه) بالبناء للمجهول أي اجتماعهن في إنسان تدل على كمال إيمانه (رجل لا يخاف في الله لومة لائم ولا يرائي بشيء من عمله) بل إنما يعمل لوجه الله تعالى مراعيا للإخلاص في سائر أعماله (وإذا عرض عليه أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة اختار أمر الآخرة) لبقائها ودوامها (على الدنيا) لفنائها واضمحلالها وسرعة زوالها
(ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي هريرة)
3507 -
(ثلاثة من قالهن دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب (1)(من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا) إلى الثقلين كافة (والرابعة لها من الفضل كما بين السماء والأرض وهي الجهاد في سبيل الله عز وجل لتكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله العليا
(حم عن أبي سعيد) الخدري
(1) فإن قيل لا حاجة إلى التقدير لأنه من انتفى منه خصلة من الخصال الثلاث لا يدخل الجنة أصلا فالجواب أن هذا فيمن قالهن من المسلمين وهل المراد قالهن في كل يوم أو مرة في عمره؟ الظاهر الثاني
3508 -
(ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاوة فمن السعادة المرأة الصالحة) الدينة العفيفة الجميلة (التي تراها فتعجبك وتغيب عنها فتأمنها على نفسها) فلا تخونك بزنا ولا بسحاق ولا بتبرج ونحو ذلك (ومالك) فلا تخون فيه بسرقة ولا
⦗ص: 321⦘
تبذير (والدابة تكون وطيئة) أي هنية سريعة المشي سهلة الانقياد (فتلحقك بأصحابك) بلا تعب ولا مشقة في الإحثاث (والدار تكون واسعة كثيرة المرافق) بالنسبة لحال ساكنها ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال (وثلاثة من الشقاء المرأة) السوء وهي التي (تراها فتسوؤك) لقبح ذاتها أو أفعالها (وتحمل لسانها عليك) بالبذاءة (وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون قطوفا) بفتح القاف أي بطيئة السير والقطوف من الدواب البطيء (فإن ضربتها) لتسرع بك (اتبعتك وإن تركتها) تمشي بغير ضرب (لم تلحقك بأصحابك) أي رفقتك بل تقطعك عنهم (والدار تكون ضيقة قليلة المرافق) بالنسبة لحال الساكن وعياله فرب دار ضيقة بالنسبة لإنسان واسعة بالنسبة لآخر
(ك) في النكاح (عن سعد) بن أبي وقاص قال الحاكم: تفرد به محمد بن سعد عن أبيه فإن كان حفظه فعلى شرطهما وتعقبه الذهبي فقال محمد قال أبو حاتم صدوق يغلط وقال يعقوب بن شبة ثقة
3509 -
(ثلاثة من الجاهلية) أي من أفعال أهلها (الفخر بالأحساب) أي التعاظم بالآباء (والطعن في الأنساب) أي أنساب الناس (والنياحة) على الميت كما مر بيانه موضحا
(طب عن سلمان) الفارسي قال الهيثمي: فيه عبد الغفور أبو الصباح ضعيف
3510 -
(ثلاثة من مكارم الأخلاق عند الله) أضافها إليه للتشريف (أن تعفو عمن ظلمك) فلا تنتقم منه عند القدرة (وتعطي من حرمك) عطاءه أو تسبب في حرمانك عطاء غيره (وتصل من قطعك) ولا تعامله بمثل فعله. <فائدة> قال العارف ابن عربي: الأخلاق ثلاثة أنواع خلق متعد وخلق غير متعد وخلق مشترك والمتعدي قسمان متعدي بمنفعة كالجود والفتوة ومتعد بدفع مضرة كالعفو والصفح وتحمل الأذى مع القدرة على الجزاء والتمكن منه وغير المتعدي كالورع والزهد والتوكل والمشترك كالصبر على أذى الخلق وبسط الوجه وكمال البشر
(خط عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الديلمي باللفظ المذكور
3511 -
(ثلاثة من السحر الرقى والتول والتمائم) قال الديلمي: التول ما يحبب المرأة إلى زوجها وقيل ما تجعله المرأة في عنقها لتحسن عند زوجها والتمائم واحدتها تميمة خرزات تعلقها العرب على أولادها لاتقاء العين فأبطلها الشارع ونهى عنها وأما ما ذكر في الرقى فمحمول على ما كان من كلام الجاهلية ومن الذي لا يعقل معناه لاحتمال أن يكون كفرا بخلاف الرقى بالذكر ونحوه كما مر ويأتي
(طب) من حديث عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم (عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف
⦗ص: 322⦘
3512 - (ثلاثة من أعمال الجاهلية لا يتركهن الناس) أي أهل الإسلام (الطعن في الأنساب والنياحة) على الميت (وقولهم مطرنا بنوء كذا وكذا) أي بالنجم الفلاني من النجوم الثمانية والعشرين سمي نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق ينوء نوءا فيعتقدون أن المطر هو فعل النجم قال الحليمي: أما القول بأنه قد يكون لبعضها بعض اتصال يمتزج منه طبائعها أي تتأدى بتلك الطبائع بالمجاوزة إلى الجو ويوصله الجو بمجاوزته الأرض إلى الأرض فيكون سببا لآثار تحدث في الأجسام الأرضية فهذا قد يكون إلا أن تلك الآثار أفعال لله لا للكواكب فتنقل الكواكب وتبدل أحوالها مواقيت لأقضية الله كجعله تحول الشمس ميقاتا للصلاة إلى هنا كلامه
(طب) والبزار (عن عمرو بن عوف) بن مالك المزني قال الهيثمي: فيه كثير بن عبد الله المزني ضعيف
3513 -
(ثلاثة مواطن لا ترد فيها دعوة عبد رجل يكون في برية بحيث لا يراه أحد إلا الله فيقوم فيصلي ورجل يكون معه فئة) في الجهاد (فيفر عنه أصحابه فيثبت) هو للعدو فيقاتل حتى يقتل أو ينتصر (ورجل يقوم من آخر الليل) أي يتهجد فيه عند فتح أبواب السماء وتنزلات الرحمة
(ابن منده وأبو نعيم) كلاهما (في الصحابة عن ربيعة بن وقاص) قال الذهبي: حديث مضطرب
3514 -
(ثلاث نفر) بفتحتين أي ثلاث من الرجال (كان لأحدهم عشرة دنانير فتصدق منها بدينار وكان لآخر عشرة أواق فتصدق منها بأوقية وآخر كان له مئة أوقية فتصدق منها بعشرة أواق فهم في الأجر سواء كل قد تصدق بعشر ماله) أي فأجر الدينار بقدر أجر الأوقية بقدر أجر العشرة الأواق فلا فضل لأحدهم على الآخر
(طب عن أبي مالك الأشعري) كعب بن عاصم وقيل عبيد وقيل عمر وقيل الحارث يعد في الشاميين
3515 -
(ثلاثة هم حداث الله يوم القيامة) أي يكلمهم ويكلمونه في الموقف والناس في ذلك الهول مشغولون بأنفسهم (رجل لم يمش بين اثنين بمراء قط) بضم الطاء المشددة في الزمن الماضي (ورجل لم يحدث نفسه بزنا قط) ولا بلواط (ورجل لم يخلط كسبه بربا قط) الرجل في الثلاثة وصف طردي فالمرأة كذلك
(حل عن أنس) بن مالك ورواه عنه الديلمي أيضا
⦗ص: 323⦘
3516 - (ثلاثة لا تحرم عليك أعراضهم) بل يجوز لك اغتيابهم (المجاهر بالفسق) فيجوز ذكره بما تجاهر به أي فقط (والإمام الجائر) أي السلطان الجائر الظالم (والمبتدع) أي المعتقد بما لا يشهد له شيء من الكتاب والسنة
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي في كتاب (ذم الغيبة عن الحسن مرسلا) هو البصري
3517 -
(ثلاثة لا تجاوز صلاتهم أذانهم) في رواية رؤوسهم أي لا ترتفع إلى السماء وهو كناية عن عدم القبول كما صرح به في رواية للطبراني وقال التوربشتي: لا يرتفع إلى الله رفع العمل الصالح بل شيئا قليلا من الرفع كما نبه عليه بذكر الأذن وخصها بالذكر لما يقع فيها من التلاوة والدعاء وهذا كقوله في المارقة يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم عبر عن عدم القبول بعدم مجاوزته الآذان بدليل التصريح بعدم القبول في رواية أخرى أو المراد لا يرفع عن آذانهم فتظلهم كما يظل العمل الصالح صاحبه يوم القيامة قال الطيبي: ويمكن أن يقال إن هؤلاء استوصوا بالمحافظة على ما يجب عليهم من مراعاة حق السيد والزوج والصلاة فلما لم يقوموا بما استوصوا به لم تتجاوز طاعتهم عن مسامعهم كما أن القارئ الكامل هو من يتدبر القرآن بقلبه ويتلقاه بالعمل الصالح فلما لم يقم بذلك لم يتجاوز من صدره إلى ترقوته (العبد الآبق) بدأ به تغليظا للأمر فيه (حتى يرجع) من إباقه إلى سيده إلا أن يكون إباقه لإضرار السيد به ولم يجد له ناصرا كما قاله بعض الأئمة (وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط) لأمر شرعي كسوء خلق وترك أدب ونشوز وهذا أيضا خرج مخرج الزجر والتهويل (وإمام قوم وهم له كارهون) فإن للإمام شفاعة ولا يستشفع المرء إلا بمن يحبه ويعتقد منزلته عند المشفوع إليه فيكره أن يؤم قوما يكرهه أكثرهم وهذا إن كرهوه لمعنى يذم به شرعا وإلا فلا كراهة واللوم على كارهه
(ت) في الصلاة (عن أبي أمامة) وقال حسن غريب وضعفه الهيثمي وأقره عليه الزين العراقي في موضع وقال في آخر: إسناده حسن وقال الذهبي: إسناده ليس بقوي وروي بإسنادين آخرين هذا أمثلهما اه
3518 -
(ثلاثة لا ترى أعينهم النار) أي نار جهنم (يوم القيامة) إشارة إلى شدة إبعادهم عنها ومن بعد عنها قرب من الجنة (عين بكت من خشية الله وعين حرست في سبيل الله) أي في الجهاد ويمكن شموله للرباط أيضا (وعين غضت) بالتشديد أي خفضت وأطرقت وليس المراد بالبكاء من خشية الله بكاء النساء ورقتهن فتبكي ساعة ثم تترك العمل وإنما المراد خوف يسكن القلب حتى تدمع منه العين قهرا ويمنع صاحبه عن مقارفة الذنوب وتحثه على ملازمة الطاعات فهذا هو البكاء المقصود وهذه هي الخشية المطلوبة لا خشية الحمقاء الذين إذا سمعوا ما يقتضي الخوف لم يزيدوا على أن يبكوا ويقولوا يا رب سلم نعوذ بالله وهم مع ذلك مصرون على القبائح والشيطان يسخر بهم كما تسخر أنت بمن رأيته وقد قصده سبع ضاري وهو إلى جانب حصن منيع بابه مفتوح إليه فلم يفزع وإنما اقتصر على رب سلم حتى جاء السبع فأكله (عن محارم الله) أي عن النظر إلى ما حرمه الله عليها فلم تنظر إلى شيء منها امتثالا لأمر الله
(طب عن معاوية بن حيدة) قال الهيثمي: فيه أبو حبيب
⦗ص: 324⦘
العبقري ويقال العنزي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات
3519 -
(ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا) بل شيئا قليلا (رجل أم قوما وهم له كارهون) أي أكثرهم لما يذم شرعا كفسق وبدعة وتساهل في تحرز عن خبث وإخلال بهيئة من هيئات الصلاة وتعاطي حرفة مذمومة وعشرة نحو فسقة (وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط) لنحو سوء خلقها أو لتفويتها عليه حقا من حقوقه المتوجهة عليها شرعا وجوبا أو ندبا (وأخوان) من نسب أو دين (متصارمان) أي متهاجران متقاطعان في غير ذات الله قال الطيبي: وأخوان أعم من جهة النسب أو الدين لما ورد ولا يحل لمسلم أن يصارم مسلما فوق ثلاث أي يهجره ويقطع مكالمته قال الزين العراقي: وفيه وما قبله أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت زوجها ساخطا عليها من الكبائر لكن إذا كان غضبه عليها بحق
(هـ عن ابن عباس) قال مغلطاي في شرح ابن ماجه: إسناده لا بأس به ثم اندفع في بيانه وقال الزين العراقي في شرح الترمذي: إسناده حسن
3520 -
(ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل) بين الرعية (والصائم حتى) أي إلى أن (يفطر (1)) من صومه وفي نسخ حين يفطر قال القاضي: الإمام بدل من دعوتهم على حذف مضاف أي دعوة الإمام ودعوة الصائم بدليل عطف (ودعوة المظلوم) عليه وقوله (يرفعها الله) في موضع الحال ويحتمل أن يجعل تفصيل ثلاثة وأن يكون القسم الثالث محذوفا لدلالة ودعوة المظلوم عليه وهو مبتدا ويرفعها خبره استأنف به الكلام لفخامة شأن دعاء المظلوم واختصاصه بمزيد قبول ورفعها (فوق الغمام) أي السحاب وقوله (وتفتح له أبواب السماء ويقول الرب تعالى وعزتي وجلالي لأنصرنك) مجاز عن إشارة الآثار العلوية وجميع الأسباب السماوية وعلى انتصاره من الظالم وإنزال البأس عليه (ولو بعد حين) بدل على أنه سبحانه يمهل الظالم ولا يهمله. (تنبيه} قال الغزالي: فيه أن الإمارة والخلافة من أفضل العبادات إذا كانتا مع العدل والإخلاص ولم يزل المتقون يحترزون منها ويهربون من تقلدها لما فيها من عظيم الخطر إذ تتحرك به الصفات الباطنة ويغلب على النفس حب الجاه والاستيلاء ونفاذ الأمر وهو أعظم ملاذ الدنيا
(حم ت) في الدعوات (هـ) في الصوم (عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن اه وفيه مقال طويل بينه ابن حجر وغيره
(1) قال الدميري: يستحب للصائم أن يدعو في حال صومه بمهمات الآخرة والدنيا له ولمن يحب وللمسلمين لهذا الحديث والرواية فيه حتى بالمثناة فوق فيقتضي استحباب دعاء الصائم من أول يومه إلى آخره لأنه يسمى صائما في كل ذلك اه قلت: قوله والرواية فيه حتى بالمثناة من فوق هو كذلك في بعض الأصول وفي بعضها بالمثناة التحتية والنون وفي خط شيخنا كذلك ويؤيده رواية إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد كما تقدم وقول سائر أصحابنا يستحب للصائم أن يدعو عند إفطاره
3521 -
(ثلاثة لا تسأل عنهم) أي فإنهم من الهالكين (رجل فارق) بقلبه ولسانه واعتقاده أو ببدنه ولسانه وخص
⦗ص: 325⦘
الرجل بالذكر لشرفه وأصالته وغلبة دوران الأحكام عليه فالأنثى مثله من حيث الحكم (الجماعة) المعهودين وهم جماعة المسلمين (وعصى إمامه) إما بنحو بدعة كالخوارج المتعرضين لنا والممتنعين من إقامة الحق عليهم المقاتلين عليه وإما بنحو بغي أو حرابة أو صيال أو عدم إظهار الجماعة في الفرائض فكل هؤلاء لا تسأل عنهم لحل دمائهم (ومات عاصيا) فميتته ميتة جاهلية (وأمة أو عبد أبق من سيده) أو سيدته أي تغيب عنه في محل وإن كان قريبا (فمات) فإنه يموت عاصيا (وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤونة الدنيا فتزوجت بعده فلا تسأل عنهم) فائدة ذكره ثانيا تأكدا العلم ومزيد بيان الحكم
(خد ع طب ك هب عن فضالة بن عبيد) قال الحاكم: على شرطهما ولا أعلم له علة وأقره الذهبي وقال الذهبي: رجاله ثقات
3522 -
(ثلاثة لا تسأل عنهم رجل ينازع الله ازاره ورجل ينازع الله رداءه فإن رداءه) أكد بإن الجملة الإسمية لمزيد الرد على المنكر (الكبرياء وإزاره العز) فمن تكبر من المخلوقين أو تعزز فقد نازع الخالق سبحانه رداءه وإزاره الخاصين به فله في الدنيا الذل والصغار وفي الآخرة عذاب النار (ورجل في شك من أمر الله){أفي الله شك} (والقنوط) بالضم أي اليأس (من رحمة الله){إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}
(خد ع طب عن فضالة بن عبيد) قال الهيثمي: رجاله ثقات
3523 -
(ثلاثة لا تقربهم الملائكة) أي الملائكة النازلون بالبركة والرحمة والطائفون على العباد للزيارة واستماع الذكر وأضرابهم لا الكتبة فإنهم لا يفارقون المكلفين طرفة عين في شيء من أحوالهم الحسنة والسيئة {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} (جيفة الكافر والمتضمخ) أي الرجل المتضمخ (بالخلوق) بالفتح طيب له صبغ يتخذ من الزعفران وغيره لما فيه من الرعونة والتشبه بالنساء (والجنب إلا أن يتوضأ) قال الكلاباذي: يجوز كونه فيمن أجنب من محرم أما من حلال فلا يجتنبه الملك ولا البيت الذي فيه فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا بغير حلم ويصوم ذلك اليوم وكان يطوف على نسائه بغسل واحد ويجوز كونه فيمن أجنب باحتلام وترك الغسل مع وجود الماء فبات جنبا لأن الحلم من الشيطان فمن تلعب به في يقظته أو نومه تجنبه الملك الذي هو عدو الشيطان اه
(د عن عمار بن ياسر)
3524 -
(ثلاثة لا تقربهم الملائكة بخير) ملائكة الرحمة والبركة ونحو ذلك لا الكتبة ولا ملائكة الموت كما سبق (جيفة الكافر) أي جسد من مات على الكفر (والمتضمخ بالخلوف) أي المتلطخ به قال القاضي: وهو طيب له صبغ يتخذ من زعفران ونحوه وسببه أنه توسع في الرعونة وتشبه بالنساء وذلك يؤذن بخسة النفس وسقوطها (والجنب إلا أن يبدو له أن يأكل) أي أو أن يشرب (أو ينام) قبل الاغتسال (فيتوضأ) فإنه إذا فعل ذلك لم تنفر الملائكة عنه
⦗ص: 326⦘
ولم تمتنع عن دخول بيت هو فيه وبين بقوله (وضوءه للصلاة) أي المراد الوضوء الشرعي لا الوضوء اللغوي وهو رد صريح على من اكتفى به قال القاضي: والكلام في جنب تهاون في الغسل وأخره حتى مر عليه وقت صلاة وجعل ذلك دأبا وعادة فإنه مستخف بالشرع متساهل في الدين غير مستعد لاتصالهم والاختلاط بهم لا أي جنب كان لما ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد
(طب عن عمار بن ياسر) قال في الفردوس: وفي الباب ابن عباس وغيره
3525 -
(ثلاثة لا تقربهم الملائكة) بخير (السكران) أي سكرا تعدى به (والمتضمخ بالزعفران) أي تعديا (والحائض والجنب) ومثلهما النفساء ويظهر أن المراد بالحائض والنفساء انقطع من دمه منهما وأمكنه الغسل لتفريطه بإهماله أما غيره ففيه احتمال
(البزار) في مسنده (عن بريدة) بن الحصيب المسلمي قال الهيثمي: فيه عبد الله بن حكيم لم أعرفه وبقية رجاله ثقات
3526 -
(ثلاثة لا يجيبهم ربك عز وجل أي لا يجيب دعاءهم (رجل نزل بيتا خربا) لأنه عرض نفسه للهلاك وخالف قول الله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} (ورجل نزل على طريق السبيل) أي بالنهار يتخطاه المارة وربما تعثر به فرس فأهلكه وكذا بالليل فإن لله تعالى دواب يبثها فيه كما سبق في الخبر (ورجل أرسل دابته) أي أطلقها عبثا (ثم جعل يدعو الله أن يحبسها) عليه فلا يجيب الله دعوتهم لمخالفتهم ما أمروا به من التحفظ إذ الأول عرض نفسه لانهدام البيت عليه أو للسارق بنزوله بغير ما هو محفوف بالعمارة والثاني عرض نفسه للمار على الطريق والثالث لم يعمل بخبر اعقلها وتوكل
(طب عن عبد الرحمن بن عائذ) بالمد والهمز والمعجمة (الثمالي) بمثلثة مضمومة والتخفيف نسبة إلى ثمالة بطن من الأزد وفي نسخ الثمامي قال الهيثمي: فيه صدقة بن عبد الله السمين وثقه دحيم وضعفه أحمد
3527 -
(ثلاثة لا يحجبون عن النار) أي نار جهنم (المنان) بما أعطاه (وعاق والده) فعاق أمه أولى (ومدمن الخمر) أي المداوم على شربها الملازم له لا ينفك عنه
(رسته في) كتاب (الإيمان) له (عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه
3528 -
(ثلاثة لا يدخلون الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب كما مر (مدمن الخمر وقاطع الرحم) أي القرابة (ومصدق بالسحر) قال الذهبي في الكبائر: ويدخل فيه تعليم السيمياء وعملها وهي محض السحر وعقد المرء عن زوجته ومحبة الزوج لامرأته وبغضها وبغضه وأشباه ذلك بكلمات مجهولة (ومن مات وهو مدمن الخمر) جملة حالية (سقاه الله من نهر الغوطة نهر) بدل مما قبله أو خبر مبتدأ محذوف وهو نهر في نار جهنم (يجري) فيه القيح والصديد السائل (من فروج المومسات) الزانيات (يؤذي أهل النار ريح فروجهن) أي ريح نتنها وهذا أمر مهول جدا يحمل من له أدنى عقل على الإحجام عن الزنا وفيه أن الثلاثة كبائر قال الذهبي: وكثير من الكبائر بل عامتها إلا
⦗ص: 327⦘
الأقل يجهل خلق من الأمة تحريمه وما بلغه الزجر فيه ولا الوعيد عليه فهذا الضرب فيهم تفصيل فينبغي للعالم أن لا يعجل على الجاهل بل يرفق به ويعلمه سيما إذا اقترب عهده بجهلته كمن أسر وأجلب إلى أرض الإسلام وهو تركي فبالجهد أنه تلفظ بالشهادتين فلا يأثم أحد إلا بعد العلم بحاله وقيام الحجة عليه
(حم طب ك) في الأشربة (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي
3529 -
(ثلاثة لا يدخلون الجنة) بالمعنى المقرر فيما قبله (العاق لوالديه) وإن عليا (والديوث) فيعول من ديثت البعير إذا دللته ولينته بالرياضة فكأن الديوث ذلل حتى رأى المنكر بأهله فلا يغيره (ورجلة النساء) بفتح الراء وضم الجيم وفتح اللام أي المتشبهة بالرجال في الزي والهيئة لا في الرأي والعلم فإنه محمود وقال الذهبي: فيه أن هذه الثلاثة من الكبائر قال فمن كان يظن بأهله الفاحشة ويتغافل لمحبته فيها فهو دون من يعرس عليها ولا خير فيمن لا غيرة فيه والقوادة التي لا تزال بالحرة حتى تصيرها بغيا عليها وزنيان
(ك) في الإيمان (هب) كلاهما (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر: إسناده صحيح لكن بعضهم يقول عن عمر عن أبيه وبعضهم يقول عن ابن عمر مرفوعا وقال في الفردوس صحيح
3530 -
(ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا) تقييده هنا بأبدا التي لا يجامعها تخصيص على ما قيل يؤذن بأن الكلام في المستحل (الديوث والرجلة من النساء) بمعنى المترجلة (ومدمن الخمر) أي المداوم على شربها وتمامه عند مخرجه الطبراني قالوا: يا رسول الله أما مدمن الخمر فقد عرفناه فما الديوث قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله قلنا: فما الرجلة قال: التي تتشبه بالرجال قال ابن القيم: وذكر الديوث في هذا وما قبله يدل على أن أصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له فالغيرة تحمي القب فتحمي له الجوارح فترفع السوء والفواحش وعدمها يميت القلب فتموت الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة والغيرة في القلب كالقوة التي تدفع المرض وتقاومه فإذا ذهبت القوة كان الهلاك
(طب عن عمار بن ياسر) قال الهيثمي: فيه مساتير وليس فيهم من قيل إنه ضعيف ورواه عنه أيضا البيهقي في الشعب
3531 -
(ثلاثة لا يرد الله دعاءهم) إذا توفرت شروطه وأركانه (الذاكر الله كثيرا) يحتمل على الدوام ويحتمل الذاكر كثيرا عند إرادة الدعاء (والمظلوم) وإن كان كافرا (والإمام المقسط) أي العادل في رعيته
(هب عن أبي هريرة) وفيه حميد بن الأسود أورده الذهبي في الضعفاء وقال: كان عفان يحمل عليه عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ثقة ضعفه أبو حاتم عن شريك بن أبي تمر قال يحيى والنسائي ليس بقوي
3532 -
(ثلاثة لا يريحون رائحة الجنة) حين يجد المقربون ريحها (رجل ادعى إلى غير أبيه) لأنه كاذب آثم كالذي يدعي
⦗ص: 328⦘
أن الله خلقه من ماء فلان غير ماء أبيه فهو كاذب على الله (ورجل كذب علي) أي أخبر عني بما لم أقل أو أفعل (ورجل كذب على عينيه) أي قال رأيت في منامي كذا لأنه كذب على الله وعلى ملك الرؤيا إذ الرؤيا الصالحة بشرى من الله وذلك ذنب كبير فيستحق العقوبة ولأن رؤيا المؤمن جزء من أجزاء النبوة كما يجيء في عدة أخبار فكان الكاذب فيها متنبئا بادعائه جزء من ستة وأربعين جزءا من أجزاء النبوة ومدعي الجزء كمدعي الكل ذكره الكلاباذي
(خط عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا البزار قال الهيثمي: وفيه عبد الرزاق بن عمر ضعيف ولم يوثقه أحد
3533 -
(ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق ذو الشيبة في الإسلام وذو العلم) أي الشرعي (وإمام مقسط) أي عادل وهذا ضعيف لكن قالوا له شواهد منها ما رواه الخطيب عن أبي هريرة مرفوعا لا يوسع المجلس إلا لثلاث لذي علم لعلمه ولذي سلطان لسلطانه ولذي سن لسنه وعن كعب قال: نجد في كتاب الله عليما أن يوسع في المجلس لذي الشيبة المسلم والإمام العادل ولذي القرآن ونعظمهم ونوقرهم ونشرفهم
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: هو من رواية عبد الله بن زحر عن علي بن يزيد وكلاهما ضعيف اه
3534 -
(ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق بين النفاق: ذو الشيبة في الإسلام) وكذا ذات الشيبة فيه (وذو العلم والإمام) الأعظم (المقسط) أي العادل في حكمه والمراد في هذا وما قبله النفاق العملي
(أبو الشيخ [ابن حبان] في) كتاب (التوبيخ عن جابر) وهذا ضعيف
3535 -
(ثلاثة لا يقبل الله منهم يوم القيامة) المراد به نفي كمال القبول (صرفا) توبة أو نافلة أو وجها يصرف فيه عن نفسه العذاب (ولا عدلا) أي فريضة يعني لا يقبل الله فريضتهم قبولا تكفر به هذه الخطيئة وإن كان يكفر بها ما شاء من الخطايا (عاق) لوالديه (ومنان) بما يعطيه (ومكذب بالقدر) بالتحريك أي بأن الأشياء كلها بتقدير الله وإرادته وأخذ الذهبي وغيره من هذا الحديث ونحوه أن المن كبيرة فعدوه منها
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: رواه بإسنادين في أحدهما بشر بن نمير وهو متروك وفي الآخر عمر بن يزيد وهو ضعيف اه. ومن ثم قال ابن الجوزي: حديث لا يصح قال ابن حبان: عمر بن يزيد يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل اه. لكن خالفهم الذهبي فقال: عمر صويلح
3536 -
(ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة) أي قبولا كاملا صلاة (الرجل) ومثله صلاة المرأة للنساء (يؤم قوما وهم) يعني أكثرهم (له كارهون) لمذموم شرعي قام به (والرجل لا يأتي الصلاة إلا دبارا) بكسر الدال أي بعد فوت وقتها وقيل جمع دبر وهو آخر وقت الشيء نحو {وأدبار السجود} والمراد يأتيها حين أدبر وقتها وهذا وارد فيمن اتخذه ديدنا وعادة
⦗ص: 329⦘
(ورجل اعتبد محررا) أي اتخذه عبدا كأن يعتقه ثم يكتمه أو يعتقه بعد العتق فيستخدمه كرها أو يأخذ حرا فيدعي رقه ويتملكه
(د هـ) كلاهما في الصلاة من رواية عبد الرحمن بن زياد الأفريقي عن عمران المغافري (عن ابن عمرو) ابن العاص قال في شرح المهذب: وهو ضعيف قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي: عبد الرحمن الأفريقي ضعفه الجمهور وقال المناوي رضي الله عنه: ضعفه الشافعي رضي الله عنه وغيره
3537 -
(ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة ولا ترفع لهم إلى السماء حسنة) رفعا كاملا (العبد الآبق) أي الهارب ومثله الأمة (حتى يرجع إلى مواليه) ذكره بلفظ الجمع ولم يقل مولاه لأن العبد تتناوله أيدي الناس غالبا كذا قيل (والمرأة الساخط عليها زوجها) لموجب شرعي (حتى يرضى) عنها زوجها (والسكران) أي المتعدي بسكره فيما يظهر (حتى يصحو) من سكره وروى ابن عمرو مرفوعا من ترك الصلاة سكرا مرة واحدة فكأنما كانت له الدنيا وما فيها فسلبها ومن ترك الصلاة أربع مرات سكرا كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال قال: عصارة أهل جهنم قال الذهبي في الكبائر: سنده صحيح
(ابن خزيمة) في صحيحه (حب هب) من حديث هشام عن عمار عن الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن ابن المنكدر (عن جابر) قال البيهقي في السنن: تفرد به زهير قال الذهبي في المهذب: قلت هذا من مناكير زهير اه. وهشام سبق فيه كلام
3538 -
(ثلاثة) من الناس (لا يكلمهم الله) تكليم رضى عنهم أو كلاما يسرهم أو لا يرسل لهم الملائكة بالتحية وملائكة الرحمة ولما كان لكثرة الجمع مدخل عظيم في مشقة الخزي قال (يوم القيامة) الذي من افتضح في جمعه لم يفز (ولا ينظر إليهم) نظر رحمة وعطف ولطف (ولا يزكيهم) يطهرهم من الذنوب أو لا يثني عليهم (ولهم عذاب أليم) مؤلم يعرفون به ما جهلوا من عظمته واجترحوا من مخالفته وكررها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فقال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله قال (المسبل إزاره) أي المرخي له (1) الجار طرفيه خيلاء وخص الإزار لأنه عامة لباسهم فلغيره من نحو قميص حكمه (والمنان الذي لا يعطي) غيره (شيئا إلا منه) أي اعتد به على من أعطاه أو المراد بالمن النقص من الحق والخيانة من نحو كيل ووزن ومنه {وإن لك لأجرا غير ممنون} أي منقوص (والمنفق سلعته) بشد الفاء أي الذي يروج بيع متاعه (بالحلف) بكسر اللام وسكونها (الكاذب) أي الفاجر قال الطيبي: جمع الثلاثة في قرن لأن المسبل إزاره هو المتكبر المرتفع بنفسه على الناس ويحتقرهم والمنان إنما من بعطائه لما رأى من علوه على المعطى له والحالف البائع يراعي غبطة نفسه وهضم صاحب الحق والحاصل من المجموع احتقار الغير وإيثار نفسه ولذلك يجازيه الله باحتقاره له وعدم التفاته إليه كما لوح به لا يكلمهم الله وإنما قدم ذكر الجزاء مع أن رتبته التأخير عن الفعل لتفخيم شأنه وتهويل أمره ولتذهب النفس كل مذهب ولو قيل المسبل والمنان والمنفق لا يكلمهم لم يقع هذا الموقع
(حم م 4 عن أبي ذر) الغفاري رضي الله عنه
(1) إلى أسفل الكعبين بقصد الخيلاء
⦗ص: 330⦘
3539 - (ثلاثة لا يكلمهم الله) كلاما يسرهم بل بنحو {اخسأوا فيها} (يوم القيامة) استهانة بهم وغضبا عليهم بما انتهكوا من حرمته (ولا ينظر إليهم) نظر رحمة (رجل) خبر مبتدأ محذوف (حلف على سلعته لقد أعطى بها أكثر مما أعطى) بالبناء للفاعل أي حلف أنه دفعت لبائعها أكثر مما أعطى فيها أو للمفعول أي أعطاني من يريد شراءها أكثر (وهو كاذب) أي والحال أنه كاذب في إخباره بذلك وكلمة قد هنا للتحقيق (ورجل حلف على يمين) بزيادة حرف الجر (كاذبة) أي محلوف يمين فسماه يمينا مجازا للملابسة بينهما والمراد ما شأنه أن يكون محلوفا عليه (بعد العصر) خصه لشرفه بكونه وقت ارتفاع الأعمال وقول البعض لاجتماع ملائكة الليل والنهار حينئذ زيفه ابن حجر رحمه الله بأن بعد الصبح يشاركه في ذلك ولم يرد فيه فالأولى التوجيه بأن وقت ختام الأعمال والأمور بخواتيمها فغلظت العقوبة فيه وقيل هو ليس بقيد بل خرج مخرج الغالب لأن مثله يقع غالبا في آخر النهار حيث يريدون الفراغ من معاملتهم (ليقتطع بها مال رجل مسلم) أي ليأخذ قطعة من ماله وتخصيص الثالثة غالبي للإختصاص فالأنثى والخنثى والذمي كذلك (ورجل منع فضل مائه) الزائد على حاجته عن المحتاج (فيقول الله عز وجل اليوم) أي يوم القيامة (أمنعك) بضم العين (فضلي) الذي لا ينجي في ذلك اليوم غيره (كما منعت فضل ما لم تعمله يداك) وظاهر قوله فضل مائه بالإضافة أن الكلام في بئر حفرها بملكه أو بموات للارتفاق أو أطلق وفضل عن حاجته ما يحتاجه غيره وأما ما حفر للمارة فيجب بذله فضلا وأصلا فإن الحافر فيه كواحد من المارة فظاهر قوله آخرا ما لم تعمل يداك أن الكلام في المياه المباحة النابعة في موضع لا يختص بأحد ولا صنع للآدميين في انبساطها وإجرائها كماء الأودية والعيون ثم الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة لا ينحصرون في الثلاثة لأن العدد لا ينفي الزائد
(ق عن أبي هريرة) واللفظ للبخاري
3540 -
(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة) كلام رضى ورحمة (ولا ينظر إليهم) نظر إنعام وإفضال (ولا يزكيهم) لا يطهرهم من دنس ذنوبهم (ولهم عذاب أليم) مؤلم على ما اجترحوه (رجل على فضل ماء) يعني له ماء فاضل عن حاجته (بالفلاة) أي في المفازة (يمنعه) أي الفاضل من الماء (من ابن السبيل) أي المسافر المضطر للماء لنفسه أو حيوان محترم معه وقوله رجل مرفوع خبر مبتدأ محذوف (و) الثاني من الثلاثة (رجل بايع رجلا) بلفظ الماضي (بسلعة) أي ساوم فيها وروي سلعة بدون باء فعليه يكون بايع بمعنى باع (بعد العصر) خص العصر لكونه وقت نزول الملائكة لرفع أعمال النهار وإذا حلف كاذبا في ذلك الوقت ختم عمل نهاره بعمل سيء فكان جديرا بالإبعاد والطرد عن رب العباد (فحلف له) أي البائع للمشتري (بالله) تعالى (لأخذها) بصيغة الماضي (بكذا وكذا فصدقه) أي المشتري البائع (وهو على غير ذلك) أي والحال أن البائع لم يشترها بما ذكره من الثمن (و) الثالث (رجل بايع إماما) أي عاقد الإمام الأعظم على أن يعمل بالحق ويقيم الحد ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر والحال أنه (لا يبايعه) لا يعاقده (إلا لدنيا) بلا تنوين
⦗ص: 331⦘
كحبلى أي لغرض دنيوي (فإن) الفاء تفسيرية (أعطاه منها) أي الدنيا (وفا) بالتخفيف للفاء أي ذلك الرجل المبايع بما عاقده عليه (وإن لم يعطه) أي الإمام (منها لم يف) ببيعته لأن الإمامة نيابة عن الله ورسوله فمن عدل في متابعة ذلك النائب عن قانون الشريعة ومنهاج السنة وقصر متابعته له على ما يعطاه دون ملاحظة المبايع عليه فقد خسر خسرانا مبينا وضل ضلالا عظيما واستحق هذا الوعيد الشديد لتركه الواجب عليه من الإخلاص في البيعة. قال الخطابي: الأصل في المبايعة للإمام أن يبايع على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فمن جعل مبايعته لما يعطاه دون ملاحظة المقصود فقد دخل في الوعيد
(حم ق 4 عن أبي هريرة)
3541 -
(ثلاثة لا يكلمهم الله) بما يسرهم أو بشيء أصلا وأن الملائكة يسألونهم (يوم القيامة) أو لا ينتفعون بآيات الله وكلماته قال القاضي: والظاهر أنه كناية عن غضبه عليهم لقوله (ولا يزكيهم) أي لا يثني عليهم (ولا ينظر إليهم) فإن من سخط على غيره واستهان به أعرض عنه وعن التكلم معه والالتفات إليه كما أن من اعتد بغيره يكثر النظر إليه (ولهم) مع ذلك الأمر المهول (عذاب أليم) مؤلم موجع قال الواحدي: هو العذاب الذي يخلص إلى قلوبهم وجعه قال الراغب: الألم الوجع الشديد (شيخ زان) لاستخفافه بحق الحق وقلة مبالاته به ورذالات طبعه إذ داعيته قد ضعفت وهمته قد فترت فزناه عناد ومراغمة (وملك كذاب) لأن الكذب يكون غالبا لجلب نفع أو دفع ضر والملك لا يخاف أحدا فيصانعه فهو منه قبيح لفقد الضرورة (وعائل) أي فقير (مستكبر) لأن كبره مع فقد سببه فيه من نحو مال وجاه وكونه مطبوعا عليه مستحكما فيه فيستحق أليم العذاب وفظيع العقاب وفيه دلالة على كرم الله في قبول عذر عبيده مما يكون منهم عن مخالفته <تنبيه> قال القونوي: سر عد الملك الكذاب منهم أن الكذب قسمان ذاتي وصفاتي فالصفاتي محصور في موجبين الرغبة والرهبة والملك محلها ظاهرا وليس حكمه مع الرعية بصورة رهبة منهم أو رغبة فيما عندهم يوجب الإقدام على الكذب فإذا كان الملك كذابا فلا موجب له إلا لؤم الطبع فهو وصف ذاتي له والأوصاف الذاتية الجبلية تستلزم نتائج تناسبها
(م ن عن أبي هريرة) رضي الله عنه
3542 -
(ثلاثة لا ينظر الله إليهم) ولما كان لكثرة الجميع دخل عظيم في مشقة الخزي زاد قوله (يوم القيامة) الذي من افتضح في جمعه لم يفز (العاق لوالديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والمدمن الخمر والمنان بما أعطى) قال الطيبي: يؤول على وجهين أحدهما من المنة الذي هي الاعتداد بالضيعة وهي إن وقعت في صدقة أحبطت الثواب أو في معروف أبطلت الضيعة وقيل من المنن وهو النقص يعني النقص من الحق والخيانة فيه
(حم ن ك) وكذا البزار (عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه وفيه عبد الله بن يسار الأعرج قال: قال الصدر المناوي لا يعرف حاله
3543 -
(ثلاث لا ينظر الله) أي الملك الأعظم (إليهم يوم القيامة: المنان عطاءه) أي الذي يكثر المنة على غيره لإحسانه إليه
⦗ص: 332⦘
والمنة لا تليق إلا بالله تعالى إذ هو الملك الحقيقي وغيره يعطي من ملك غيره فلم يجز له المن فإذا من كأنه ادعى لنفسه الملك والحرية وانتفى من العبودية ونازع الله صفات رب البرية فلا ينظر إليه نظر رحمنية (والمسبل إزاره) الذي يطول ثوبه ويرسله إذا مشى تيها وفخرا (خيلاء) أي يقصد الخيلاء بخلافه لا بقصدها ولذلك رخص المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء (ومدمن الخمر) قال الطيبي: جمع الثلاثة في قرن لأن المنان إنما من بعطائه لما رأى من فضله وعلوه على المعطى له أو صاحب الحق والمسبل إزاره وهو المتكبر الذي يترفع بنفسه على الناس ويحط منزلتهم ومدمن خمر يراعي لذة نفسه ويفخر حال السكر على غيره ويتيه والحاصل من المجموع عدم المبالاة بالغير
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: رجاله ثقات
3544 -
(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة) استهانة بهم وغضبا عليهم بما انتهكوا من محرماته وخالفوا من أوامره (ولا يزكيهم) لكونهم لم يزكوا أحكامه (ولهم عذاب أليم) يعرفون به ما جهلوا من عظمته واجترحوا من حرمته (أشيمط زان) في النهاية الشمط الشيب (وعائل مستكبر) أي فقير ذو عيال لا يقدر على تحصيل مؤونتهم ولا يطلب من بيت المال أو من الناس المتكبر فهو آثم لإيصال الضرر إلى عياله (ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه) فيه أن المن صفة ذم في حق العبد إذ لا يكون غالبا إلا عن بخل وكبر وعجب ونسيان منن الله عليه <تنبيه> قال القونوي: سر ما تقرر في الحديث أن الزنا في الشباب له فيه نوع عذر فإن الطبيعة تنازعه وتتقضاه وأما الشيخ فشهوته ضعفت وقوته انحطت فإذا كان زانيا فليس ذلك إلا لكونه مفسدا بالطبع فهو مجبول على الفساد فلذلك وصف ذاتي له فيستلزم النتائج الرديئة وأما العائل المستكبر فالعائل الفقير والمستكبر الذي يتعانى الكبر وهذا ينقسم أعني التكبر إلى قسمين ذاتي وصفاتي فالتكبر الصفاتي محصور في موجبين المال والجاه فالتكبر من الناس وإن كان قبيحا شرعا وعقلا لكن لأصحاب الجاه والمال فيه صورة عذر وأما عادمهما إذا تكبر فلا عذر له بوجه فالتكبر إذن صفة ذاتية له فلا جرم ينتج نتيجة رديئة ويأتي نحو ذلك التوجيه في الخلاف
(طب هب عن سلمان) الفارسي قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني في الثلاثة: ورجاله رجال الصحيح
3545 -
(ثلاثة لا ينظر الله إليهم غدا) أي في الآخرة (شيخ زان) لاستخفافه بحق الله وقصده معصية بلا حاجة فإنه ضعفت شهوته عن الوطء الحلال فكيف بالحرام وكمل عقله ومعرفته وتجاربه وإنما يدعو إلى الزنا غلبة الحرارة وقلة المعرفة وضعف العقل الحاصل كل ذلك زمن الشباب ولهذا قيل من لم يرعو عند الشيب ولم يستح من العيب ولم يخش الله في الغيب فليس لله فيه حاجة شيب وعيب (ورجل اتخذ الأيمان) أي الحلف بالله (بضاعته يحلف في كل حق وباطل وفقير مختال) أي مخادع مراوغ والختل الخداع والمراوغة (يزهو) أي يتكبر ويفتخر ويتعاظم
(طب عن عصمة) بكسر العين وسكون الصاد المهملتين (ابن مالك) الأنصاري الخطم وغلط ابن منده في جعله خثعميا قال الهيثمي: إسناده ضعيف
⦗ص: 333⦘
3546 - (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة) نظر رحمة (رجل حر باع حرا) فأكل ثمنه لكونه سلبه نعمة الحرية وأدخله في ذل العبودية (وحر باع نفسه) لكونه أذلها وأحقرها (ورجل أبطل كراء أجير حين جف رشحه) أي استعمله حتى تعب وعرق بدنه فلما فرغ من عمله لم يعطه أجره فالرجل في الثلاثة وصف طردي ثم إن ما ذكر في الثانية لا يعارض بما جاء في خبر إن الخضر باع نفسه لرجل لأن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا على أنه لمقاصد أخروية جليلة المقدار وليس الكلام فيها
(الإسماعيلي في معجمه عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
3547 -
(ثلاثة لا ينفع معهن عمل الشرك بالله وعقوق الوالدين) بضم العين من العق وهو القطع قال الحافظ: والمراد به هنا صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل ما لم يتعنت الوالد وضبطه ابن عطية بوجوب طاعتهما في المباح فعلا وتركا وندبها في المندوب وفرض الكفاية كذلك (والفرار من الزحف) أي حين لا يجوز الفرار
(طب عن ثوبان) مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال الهيثمي: فيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف
3548 -
(ثلاثة) من الرجال أو رجال ثلاثة وخبره قوله (يؤتون أجورهم مرتين) وفي رواية البخاري ثلاثة لهم أجران (رجل من أهل الكتاب) أي الإنجيل لأن اليهودية نسخت يرشد إليه رواية البخاري رجل آمن بعيسى عليه الصلاة والسلام بدل (آمن بنبيه) أو هو على عمومه لأن اليهود كانوا مأجورين بإيمانهم لكن بطل ذلك بكفرهم بعيسى عليه الصلاة والسلام فبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم يحسب ذلك الأجر (وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم في عهد بعثته على ما جزم به العيني تبعا للكرماني لأن نبيه بعد البعثة إنما هو محمد صلى الله عليه وسلم باعتبار عموم بعثته أو بعدها إلى يوم القيامة على ما جرى عليه ابن حجر رحمه الله كشيخه البلقيني رضي الله عنه عملا بظاهر اللفظ والمؤمن من أهل الكتاب لا بد أن يكون مع إيمانه بنبيه مؤمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم للميثاق المتقدم في آية {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} (فآمن به واتبعه وصدقه) فيما جاء به إجمالا في الإجمالي وتفصيلا في التفصيلي ووجه تعدد إيمانه المترتب عليه تعدد أجره أن إيمانه أولا تعلق بأن المنعوت بكذا رسوله وإيمانه ثانيا تعلق بأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو المتصف بتلك الوصاف فهما معلومان متباينان (فله أجران) أجر الإيمان بنبيه وأجر الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وكذا حكم الكتابية لأن النساء شقائق الرجال كما هو مطرد في جل الأحكام حيث يدخلن مع الرجال تبعا إلا ما خصه الدليل ثم لا يلزم على ذلك أن الصحابي الذي كان كتابيا أجره زائد على أجر كبار الصحابة كالخلفاء الأربعة لأن الإجماع خصهم وأخرجهم من هذا الحكم ويلتزم ذلك في كل صحابي لم يقم دليل على زيادة أجره على من كان كتابيا ولم يقل ومحمد مع كونه اخص إيذانا باستقلال كل منهما بالإيمان واعلم أن أهل الكتاب قسمان قسم غيروا وبدلوا وماتوا على ذلك فهم كفرة وقسم لا ولا وماتوا قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم فهم مؤمنون ولهم أجر واحد وقسم أدركوا بعثته ودعاهم فلم يؤمنوا به فهم كفار وقسم آمنوا به فلهم أجران
⦗ص: 334⦘
والحديث فيهم (وعبد مملوك) وصفه به لأن جميع الناس عباد الله فأراد تمييزه بكونه مملوكا للناس (أدى حق الله) من صلاة ونحوها (وحق سيده) بأن خدمه ونصح جهده له لأن من اجتمع عليه فرضان فأداهما ليس كمن عليه فرض واحد فأداه وفي رواية البخاري بدل سيده مواليه وعليه فإنما لم يقل مولاه لأن المراد من العبد جنس العبد حتى يكون عند التوزيع لكل عبد مولى لأن مقابلة الجمع بالجمع أو ما يقوم مقامه مفيدة للتوزيع أو أراد أن استحقاق الأجرين إنما هو عند أداء جميع حق مواليه لو كان مشتركا (فله أجران) أجر تأديته للعبادة وأجر نصحه وإحسانه وكرره لطول الكلام اهتماما والمراد أن له أجران من هذه الجهة وقد يكون لسيده جهات أخر يستحق بها أضعاف ذلك (ورجل كانت له أمة) يطؤها بملك اليمين وفي رواية الترمذي له جارية وضيئة قال العراقي: ليس في الكتب الستة وصفها بالوضاءة إلا فيه وفي كونها شرط لحصول الأجر الموعود بحث والمراد بقوله يطؤها يحل له وطؤها وإن لم يطأها (فغذاها) بتخفيف الذال المعجمة (فأحسن غذاءها) بالمد (ثم أدبها) بأن راضها بحسن الأخلاق وحملها على جميل الخصال (فأحسن تأديبها) بأن استعمل فيه الرفق والتلطف والتأني من غير ضرب ولا عنف (وعلمها) ما يتعين عليها من أحكام الدين وما يتيسر من مندوباته ومطلوباته (فأحسن تعليمها) بأن استعمل معها ما ندبوا إليه من اتصاف المعلم به من نحو حسن خلق ورفق في ضرب وغاير بين التأديب والتعليم مع أنه قد يدخل فيه لأن الأول عرفي والثاني شرعي والأول دنيوي والثاني أخروي (ثم أعتقها) عبر فيما قبله بالفاء وفيه بثم لأن التعليم والتأديب يتعاقبان على الوطء بل لا بد منهما فيه بل قبله لتعينهما على السيد بعد التمليك بخلاف الإعتاق (وتزوجها) بعد أن أصدقها قرن العتق بالتزويج لما فيه من قمع الكبر وإذلال النفس وترك التعاظم إن لم يكتف سيدها بعتقها حتى تزوجها ولم يتزوج ذات شرف وأصالة ومال (فله أجران) أحدهما في مقابل تعليمها وتأديبها والثاني لاعتاقها وتزوجها أو أحدهما لاعتاقها والثاني لتزوجها وكما كانت جهة الأجر فيه متعددة ومظنة الاستحقاق أكثر من ذلك أعاد قوله فله أجران وخص هذه الثلاثة بالأجرين مع ثبوت مثله لغيرهم كأزواج المصطفى صلى الله عليه وسلم وكولد أدى حق الله وحق أبيه لأن الفاعل في كل منهما جامع بين أمرين بينهما مخالفة عظيمة فكان العامل لهما فاعل الضدين عامل بالمتنافيين بخلاف غيره وهذا أقعد من جواب البلقيني بأن قضيتهن خاصة بهن مقصورة عليهن فإن قيل ينبغي أن يكون للأخير أربعة أجور للتأديب والتعليم والإعتاق والتزويج قلنا لم يعتبر فيهما إلا الأجرين الأخيرين اللذين هما كالمتنافيين كأخواته وإن تميز بغيرهما ولهذا ميز بينهما على الأمرين الذين بلفظ ثم دون غيره وفيه ندب تأديب الأمة والزوجة وليس لك أن تقول ليس فيه إلا الأمة لأنه من التنبيه بالأدنى على الأعلى
(حم ق ت ن هـ عن أبي موسى)
3549 -
(ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين والناس في الحساب رجل لم تأخذه في الله لومة لائم ورجل لم يمد يده إلى ما لا يحل له ورجل لم ينظر إلى ما حرم الله عليه) لأنه لما حفظ جوارحه التي هي أمانة عنده فلم يستعملها في غير ما أمر الله به أو نهى عنه وكفها وقهرها خوفا من الله جوزي بالأمن يوم الفزع الأكبر
(الأصبهاني في ترغيبه عن ابن عمر)
⦗ص: 335⦘
ابن الخطاب رضي الله عنه
3550 -
(ثلاثة يحبهم الله تعالى وثلاثة يبغضهم الله فأما الذين يحبهم الله فرجل أتى قوما فسألهم بالله ولم يسألهم لقرابة بينهم وبينه فمنعوه فتخلف رجل بأعقابهم) بقاف وباء موحدة بعد الألف كما في صحيح ابن حبان وغيره وما وقع في الترمذي وتبعه البغوي بأنه بعين مهملة فياء آخر الحروف فألف فنون تصحيف كما بينه المناوي وغيره (فأعطاه سرا لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به فوضعوا رؤوسهم فقام أحدهم يتملقني) أي يتضرع إلي ويزيد في الود والدعاء والإبتهال (ويتلو آياتي) القرآن (ورجل كان في سرية فلقي العدو) يعني الكفار (فهزموا فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له والثلاثة الذين يبغضهم الله الشيخ الزاني والفقير المختال والغني الظلوم) بفتح الظاء صيغة مبالغة أي الكثير الظلم للناس أو لنفسه
(ت) في صفة الجنة (ن) في الزكاة (حب ك) في الزكاة والجهاد (عن أبي ذر) قال الترمذي: حديث صحيح وقال الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي ورواه ابن عساكر من حديث مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: بلغني عن أبي ذر حديث فكنت أحب أن ألقاه فلقيته فسألته عنه فذكره
3551 -
(ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يشنأهم الله) أي يبغضهم فأما الذين يحبهم الله (الرجل يلقى العدو في فئة) أي جماعة من أصحابه (فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه والقوم يسافرون فيطول سراهم حتى يحبوا أن يمسوا الأرض فينزلون) عن دوابهم (فيتنحى أحدهم فيصلي) وهم نيام (حتى) يصبح و (يوقظهم لرحيلهم) من ذلك المكان (والرجل يكون له الجار يؤذيه فيصبر على أذاه حتى يفرق بينهما) بالبناء للمفعول والفاعل الله حتى يفرق الله أي بينه وبينه (بموت) لأحدهما (أو ظعن) بفتحتين أي ارتجال لأحدهما (والذين يشنأهم الله) أي يبغضهم (التاجر الحلاف) بالتشديد صيغة مبالغة أي الكثير الحلف على سلعته وفيه إشعار بأن القليل الصدق ليس محلا الذم (والفقير المختال والبخيل المنان) بما أعطاه
(حم عن أبي ذر) قال الحافظ العراقي: فيه ابن الأحمس ولا يعرف حاله قال: ورواه أيضا أحمد والنسائي بلفظ آخر بإسناد جيد انتهى
⦗ص: 336⦘
3552 - (ثلاثة يحبهم الله عز وجل رجل قام من الليل) أي للتهجد فيه (يتلو كتاب الله) القرآن في صلاته وخارجها (ورجل تصدق صدقة بيمينه يخفيها) أي يكاد يخفيها (عن شماله ورجل كان في سرية فانهزم أصحابه) دونه (فاستقبل العدو) وحده فقاتل حتى قتل أو فتح عليه
(ت) في صفة أهل الجنة من حديث أبي بكر بن عياش (عن ابن مسعود) وقال: غريب غير محفوظ وأبو بكر بن عياش كثير الغلط انتهى
3553 -
(ثلاثة) من الأشياء (يحبها الله عز وجل يثيب فاعلها ويرضاها (تعجيل الفطر) أي تعجيل الصائم الفطر إذا تحقق الغروب (وتأخير السحور) إلى آخر الليل ما لم يوقع التأخير في شك (وضرب اليدين إحداهما بالأخرى في الصلاة)
(طب) وكذا الديلمي (عن يعلى بن مرة) قال الهيثمي: وفيه عمر بن عبد الله بن يعلى وهو ضعيف
(1)[" ضرب اليدين ": أي وضع الواحدة على الأخرى. دار الحديث]
3554 -
(ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق) بالضم (فلم يطلقها) فإذا دعى عليها لا يستجيب له لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها وهو في سعة من فراقها (ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه) فأنكره فإذا دعى لا يستجاب له لأنه المفرط المقصر بعدم امتثال قوله تعالى {وأشهدوا شهيدين من رجالكم} (ورجل أتى سفيها) أي محجورا عليه بسفه (ماله) أي شيئا من ماله مع علمه بالحجر عليه فإذا دعى عليه لا يستجاب له لأنه المضيع لماله فلا عذر له (وقد قال الله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم)(1)
(ك) في التفسير (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم على شرطهما ولم يخرجاه لأن الجمهور رووه عن شعبة موقوفا ورفعه معاذ عنه انتهى وأقره الذهبي في التلخيص لكنه في المهذب قال: هو مع نكارته إسناده نظيف
(1) قال البيضاوي: نهى الأولياء عن أن يؤتوا الذين لا رشد لهم أموالهم فيضيعوها وإنما أضاف الأموال إلى الأولياء لأنها في تصرفهم وتحت ولايتهم وهو الملائم للآيات المتقدمة والمتأخرة وقيل: نهى لكل أحد إلى ما خوله الله من المال فيعطي امرأته وأولاده ثم ينظر إلى أيديهم وإنما سماهم سفهاء استخفافا بعقلهم وهو أوفق لقوله {التي جعل الله لكم قياما} أي تقومون بها وتنتفعون وعلى الأول أول بأنها التي من جنس ما جعل الله لكم قياما
3555 -
(ثلاثة يضحك الله إليهم) أي يرضى عليهم ويلطف بهم قالوا: الضحك منه تعالى محمول على غاية الرضى والرأفة والدنو والقرب كأنه قيل إنه تعالى يرضى عنهم ويدنو إليهم برأفته ورحمته قال الطيبي: ويجوز أن يضمن الضحك معنى النظر ويعدى تعديته بإلى فالمعنى أنه تعالى ينظر إليهم ضاحكا راضيا عنهم متعطفا عليهم لأن الملك إذا نظر إلى بعض رعيته بعين الرضى لا يدع من الإنعام والإكرام شيئا إلا فعله في حقهم وفي عكسه لا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم على والوجه
⦗ص: 337⦘
الأول يضحك مستعار للرضى على سبيل التبعية والقرينة الصارفة نسبة الضحك إلى من هو متعال عن صفات الخلق (الرجل إذا) إذا متمحض للظرفية وهو بدل من الرجل والرجل موصوف أي رجال ثلاثة يضحك الله منهم وقت قيام الرجل بالليل فوضع الظرف مقام الرجل مبالغة على منوال قولهم أخطب ما يكون الأمير قائما أي أخطب أوقاته والأخطبية ليست للأوقات وإنما هي للأمير (قام من الليل يصلي) النافلة وهو التهجد (والقوم إذا صفوا للصلاة) وسووا صفوفهم على سمت واحد كما أمرهم به في حديث آخر (والقوم) أي المسلمون (إذا صفوا للقتال) أي لقتال الكفار بقصد إعلاء كلمة الله قال الطيبي: قدم قيام الليل على صف الصلاة وأخر صف القتال إما تنزلا فإن محاربة النفس التي هي أعدى عدو لله أشق من محاربة عدوك الذي هو الشيطان ومحاربة الشيطان أصعب من محاربة أعداء الدين أو ترقيا فإن محاربة من يليك أقدم والأخذ بالأصعب فالأصعب أحرى وأولى من أخذ الأصعب ثم الأسهل
(حم ع عن أبي سعيد) ورواه ابن ماجه في باب ما أنكرت الجهمية من حديث أبي سعيد مع بعض خلف لفظي
3556 -
(ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله التاجر الأمين والإمام المقتصد وراعي الشمس بالنهار) يعني المؤذن ويظهر أن هذا في محتسب لا ياخذ على أذانه أجرا
(ك في تاريخه فر عن أبي هريرة) وفيه جماعة مجاهيل
3557 -
(ثلاثة يهلكون عند الحساب) يوم القيامة (جواد) بالتخفيف أي إنسان كثير الجود أعطى لغير الله (وشجاع) قاتل لغير إعلاء كلمة الله (وعالم) لم يعمل بعلمه وفيه إثبات الحساب والعذاب
(ك عن أبي هريرة)
3558 -
(ثلاثون) أي من السنين (خلافة نبوة) بالإضافة (وثلاثون خلافة وملك وثلاثون تجبر ولا خير فيما وراء ذلك) من السنين
(يعقوب بن سفيان في تاريخه) ولفظ رواية الطبراني جبروت وكذا ابن عساكر في تاريخه (عن معاذ) بن جبل ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز في ديباجة كتابه وهو عجيب فقد رواه الطبراني عن معاذ أيضا وكذا الديلمي قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني: وفيه مطر بن العلاء الرملي لم أعرفه وبقية رجاله ثقات
3559 -
(ثمانية) من الناس (أبغض خليفة الله إليه يوم القيامة) قيل: ومن هم يا رسول الله قال: (السقارون) بسين أو صاد مهملتين وقاف مشددة (وهم الكذابون) وفسره في خبر آخر بأنهم نشء يكون في آخر الزمان تحيتهم إذا التقوا التلاعن وإليه يميل كلام أهل اللغة (والخيالون) بخاء معجمة وشد التحتية (وهم المستكبرون والذين يكنزون البغضاء لإخوانهم) في الإسلام (في صدورهم) أي قلوبهم (فإذا) رأوهم و (لقوهم تخلقوا لهم) بمثناة فوقية وخاء معجمة مفتوحتين ولام
⦗ص: 338⦘
مفتوحة شديدة وقاف أي أظهروا من خلقهم خلاف ما في طويتهم (والذين إذا دعوا إلى الله ورسوله) أي إلى طاعتهما (كانوا بطاء) بكسر الموحدة والمد بضبطه (وإذا دعوا إلى الشيطان وأمره) من اللهو والمعاصي (كانوا سراعا) بتثليث السين المهملة (والذين لا يشرف لهم طمع من الدنيا إلا استحلوه بأيمانهم وإن لم يكن لهم ذلك بحق والمشاؤون) بين الناس (بالنميمة) ليفسدوا بينهم (والمفرقون بين الأحبة) بالفتن ونحوها (والباغون البرآء) أي الطالبون (الدحضة) بالتحريك في المصباح دحض الرجل زلق (أولئك يقذرهم الرحمن عز وجل أي يكره فعالهم
(أبو الشيخ [ابن حبان] في) كتاب (التوبيخ وابن عساكر) في التاريخ (عن الوضين بن عطاء مرسلا) هو الخزاعي الدمشقي قال الذهبي: ثقة وبعضهم يضعفه مات سنة تسع وأربعين ومئة
3560 -
(ثمن الجنة لا إله إلا الله) أي قولها باللسان مع إذعان القلب وتصديقه فمن قالها كذلك استحق دخولها زاد الديلمي في روايته وثمن النعمة الحمد لله قال الحرالي: والثمن ما لا ينتفع بعينه حتى يصرف إلى غيره من الأعراض
(عد وابن مردويه) في التفسير (عن أنس) بن مالك ورواه عنه الديلمي أيضا (عبد بن حميد في تفسيره عن الحسن) البصري (مرسلا) قال الديلمي: وفي الباب ابن عباس وغيره
3561 -
(ثمن الخمر حرام) فلا يصح بيعه ولا يحل ثمنه ولا قيمة على متلفه قال البغوي: فلو أراق خمر ذمي أو قتل خنزيره فلا غرامة عليه لأنه لا ثمن لهما في حق الدين وفي تحريم بيعه دليل على تحريم بيع الأعيان النجسة وإن انتفع بها في الضرورة كالزبل (ومهر البغي حرام) أي ما تعطاه الزانية على الزنا بها حرام لا يحل لها تناوله وإن كان الزاني إنما أعطاه عن طيب قلب (وثمن الكلب حرام) لنجاسة عينه وعدم صحة بيعه ولو معلما عند الشافعية وخص الحنفية المنع بغيره وعن مالك فيه روايتان (والكوبة حرام) بضم فسكون طبل ضيق الوسط واسع الطرفين وبيعه باطل عند الشافعي وأخذ ثمنه أكل له بالباطل ونبه به على تحريم بيع جميع آلات اللهو كطنبور ومزمار لكن إذا غيرت عن حالتها جاز بيعها (وإن أتاك صاحب الكلب يلتمس ثمنه فاملأ يديه ترابا) كناية عن منعه ورده خائبا (والخمر والميسر حرام وكل مسكر حرام) قال الحكيم: اعلم أن الخمر اسم لازم لجميع أنواع الأشربة ولو لم يكن كذلك لم يقل كل ثم بين أن علامة الخمر كل شيء أسكر والمسكر هو مفعل للسكر والسكر سد العقل ومنه يقال لسد النهر سكرا ومن قوله {إنما سكرت أبصارنا} أي سدت فالخمر اسم فيه صفة الفعل الذي يظهر منه الفساد لأنه يخمر الفؤاد أي يغطيه ويحول بينه وبين شعاع العقل فكل شراب فيه هذه الصفة فقد لزمه اسم التحريم
(حم
⦗ص: 339⦘
عن ابن عباس) ورواه أيضا الطيالسي والديلمي وغيرهما ورواه عنه الدارقطني وقال الغرياني في مختصره: وفيه يزيد بن محمد عن أبيه لم أجدهما
3562 -
(ثمن القينة) الأمة غنت أو لا كما في الصحاح من التقيين وهو التزيين سميت به لأنها تزين البيت قال البيضاوي: وهنا أريد بها المغنية إذ لا وجه لحرمة ثمن غيرها (سحت) بضم فسكون أي حرام سمي به لأنه يسحت البركة أي يذهبها (وغناؤها حرام) أي استماعه (1)(والنظر إليها حرام وثمنها مثل ثمن الكلب) قال البيضاوي: التحريم مقصور على البيع والشراء لأجل التفخم وحرمة ثمنها يدل على فساد بيعها لكن الجمهور صححوه وأولوا الحديث بأن أخذ الثمن عليهن حرام كأخذ ثمن العنب من الخمار لأنه إعانة وتوسل لمحرم لا لأن البيع باطل (وثمن الكلب سحت ومن نبت لحمه على السحت) بتناوله أثمان شيء من هؤلاء أو غيرها قال في النهاية: السحت الحرام الذي لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها والسحت الرشوة في الحكم (فالنار) أي نار جهنم (أولى به) لأن الخبيث للخبيث فأسند ما ذكر إلى اللحم لا إلى صاحبه إشعارا بالغلبة وأنه حيث لا يصلح لدار الطيبين التي هي الجنة بل لدار الخبيثين التي هي النار هذا على ظاهر الاستحقاق أما إذا تاب الله عليه أو غفر له بغير توبة أو أرضى خصمه أو نالته شفاعة شفيع فهو خارج من هذا الوعيد
(طب عن عمر) بن الخطاب ورواه عنه الديلمي أيضا قال الذهبي: والخبر منكر
(1) حيث خيف منه فتنة وفي شرح البهجة لشيخ الإسلام زكريا وفي شرائه مغنية - بالغين - تساوي ألفا بلا غناء وجوه ثالثها إن قصد الغناء بطل وإلا فلا والأصح في الروضة صحته مطلقا واعتمده الرملي
3563 -
(ثمن الكلب خبيث) فيبطل بيعه عند الشافعي وأخذ ثمنه أكل له بالباطل أو رديء دنيء فيصح بيعه عند الحنفية قالوا الخبيث كما يستعمل في الحرام يستعمل في الرديء الدنيء (ومهر البغي) أجرة الزانية فعيل من البغاء وهو صفة لمؤنث ولذلك سقطت التاء (خبيث) أي حرام إجماعا لأن بذل العوض في الزنا ذريعة إلى التوصل إليه فيكون في التحريم مثله (وكسب الحجام خبيث) أي مكروه لدناءته ولا يحرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه أجره ولو كان حراما لم يعطه قال الخطابي: قد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ ويفرق بينهما في المعنى بالأغراض والمقاصد قال القاضي: الخبيث في الأصل ما يكره لرداءته وخسته ويستعمل للحرام من حيث كرهه الشارع واسترداه كما يستعمل الطيب للحلال قال تعالى: {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} أي الحرام بالحلال والرديء من المال قال سبحانه وتعالى: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} أي الدنيء من المال ولما كان مهر الزانية وهو ما تأخذه عوضا عن الزنا حرام كان الخبيث المسند إليه بمعنى الحرام وكسب الحجام لما لم يكن حراما لأنه عليه الصلاة والسلام احتجم وأعطى الحجام أجرته كان المراد من المسند إليه المعنى الثاني وأما الأول فمبني على صحة بيع الكلب فمن صححه كالحنفية فسره بالدناءة ومن لم يصححه كأصحابنا فسره بأنه حرام قال عياض: وليس المراد بالحجام المزين بل من يخرج الدم
(حم م د ت) كلهم في البيع (عن رافع بن خديج) ولم يخرجه البخاري
3564 -
(ثمن الكلب خبيث وهو) أي الكلب (أخبث منه) أي أشد خبثا لنجاسة عينه أو رداءته على ما تقرر عن المذهبين.
⦗ص: 340⦘
(ك) من حديث يوسف بن خالد السمتي عن الضحاك عن عكرمة (عن ابن عباس) قال أعني الحاكم ويوسف واه خرجته لشدة الحاجة إليه اه فعزو المصنف الحديث لمخرجه وسكوته عما عقبه به من بيان علته من سوء الصنيع ورواه عنه البيهقي في سننه وقال يوسف غيره أوثق منه فقال الذهبي عليه بل هو واه جدا