المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ حرف الدال

⦗ص: 515⦘

‌ حرف الدال

ص: 515

4165 -

(داووا مرضاكم بالصدقة) فإن الطب نوعان جسماني وروحاني فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأول آنفا وأشار الآن إلى الثاني فأمر بمداواة المرضى بالصدقة ونبه بها على بقية أخواتها من القرب كإغاثة ملهوف وإغاثة مكروب وقد جرب ذلك الموفقون فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية ولا ينكر ذلك إلا من كشف حجابه والنبي صلى الله عليه وسلم طبيب القلوب فمن وجد عنده كمال استعداد إلى الإقبال على رب العباد أمره بالطب الروحاني ومن رآه على خلاف ذلك وصف له ما يليق من الأدوية الحسية

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الثواب عن أبي أمامة) وقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لهذا مع وجوده لبعض المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو البيهقي في سننه والخطيب من حديث ابن مسعود ورواه أيضا الطبراني من حديث أبي أمامة والديلمي من حديث ابن عمر وعزاه لهما في الدرر

ص: 515

4166 -

(داووا مرضاكم بالصدقة) من نحو إطعام الجائع واصطناع المعروف لذي القلب الملهوف وجبر القلوب المنكسرة كالمرضى من الغرباء والفقراء والأرمل والمساكين الذين لا يؤبه بهم (فإنها تدفع عنكم الأمراض والأعراض (1)) قال في سفر السعادة: كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يعالج الأمراض بثلاثة أنواع: بالأدوية الطبيعية وبالأدوية الإلهية وهذا منها وبالأدوية المركبة منهما. وقال في سلك الجواهر: الصدقة أمام الحاجة سنة مطلوبة مؤكدة والخواص يقدمونها أمام حاجاتهم إلى الله كحاجتهم إلى شفاء مريضهم لكن على قدر البلية في عظمها وخفتها حتى أنهم إذا أرادوا كشف غامض بذلوا شيئا لا يطلع عليه أحد وكان ذوو الفهم عن الله إذا كان لهم حاجة يريدون سرعة حصولها كشفاء مريض يأمرون باصطناع طعام حسن بلحم كبش كامل ثم يدعون له ذوي القلوب المنكسرة قاصدين فداء رأس برأس وكان بعضهم يرى أن يخرج من أعز ما يملكه فإذا مرض له من يعز عليه تصدق بأعز ما يملكه من نحو جارية أو عبد أو فرس يتصدق بثمنه على الفقراء من أهل العفاف قال الحليمي: فإن قيل: أليس الله قدر الأعمال والآجال والصحة والسقم فما فائدة التداوي بالصدقة أو غيرها قلنا: يجوز أن يكون عند الله في بعض المرضى أنه إن تداوى بدواء سلم وإن أهمل أمره أفسد أمره المرض فهلك

(فر) من حديث بديل بن المجبر عن هلال بن مالك عن يونس بن عبيد عن راو (عن ابن عمر) بن الخطاب قال البيهقي: منكر بهذا الإسناد

(1) بفتح الهمزة أي العوارض من المصائب والبلايا وقد جرب ذلك الموفقون من أهل الله فوجدوا الأدوية الروحانية تنفع أكثر من الحسية وقد تقدم الأمر بالتداوي بها في حديث تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء

ص: 515

4167 -

(دباغ الأديم) بكسر الدال الجلد الذي نجس بالموت (طهوره) بفتح الطاء أي مطهره فيصير طاهرا ينتفع به عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك وكذا أحمد في إحدى روايتيه أما قبل الدبغ فلا يجوز الانتفاع به خلافا للزهري

⦗ص: 516⦘

للنجاسة وأما الجلد الذي لم ينجس بالموت كجلد المغلظ فلا يطهره الدباغ ثم الدباغ يكون بكل حريف نازع للفضول وتمسك بهذا من جوز أكل جلد الميتة بعد الدبغ وهو وجه عند الشافعية رجحوا مقابله ومن قال يطهر شعر الجلد معه وهو وجه عندهم أيضا صححوا نقيضه قالوا: لأن الدباغ لا يؤثر فيه

(حم م) من حديث السبائي (عن ابن عباس) قال السبائي: سألت ابن عباس إنا نكون بالمغرب فيأتينا المجوس بالأسقية فيها الماء والودك فقال: اشرب فقلت: أر أي تراه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره (د عن سلمة بن المحبق) وفيه سلمة بن ربيعة بن المحبق الهذلي صحابي نزيل البصرة (ن عن عائشة) قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جلود الميتة فذكره (ع عن أنس طب عن أبي أمامة وعن المغيرة)

ص: 515

4168 -

(دباغ جلود الميتة طهورها) قال في الفردوس: معناه أنه إذا دبغ فهو طاهر كجلد المذكى وهذا شامل للمأكول وغيره من كل جلد نجس بالموت وهو ما عليه الشافعية وخصه المالكية بالمأكول لورود الخبر في الشاة ولأن الدباغ لا يزيد في التطهير على الذكاة وغير المأكول لو ذكى لم يطهر بالذكاة فكذا الدباغ وأجاب من عمم بالتمسك بمفهوم اللغة

(قط) من رواية سعيد بن المسيب (عن زيد بن ثابت) قال الغرياني في حاشية مختصر الدارقطني كما وقفت عليه بخطه: فيه الواقدي ضعفوه قال البخاري: متروك وشيخه معاذ بن محمد الأنصاري مجهول ورواه عنه أيضا ابن حبان وقال ابن جماعة: في سنده شريك القاضي وثقه ابن معين لكنه اختلط آخرا ولذلك روى له مسلم في المتابعات

ص: 516

4169 -

(دباغ كل إهاب طهوره) عام في كل جلد يقبل الدباغ لا مطلق فخرج المغلظ قال ابن العربي: وزعم بعض الغفلة وهو أبو يوسف أن جلد الخنزير يطهر بالدبغ تعلقا بالعموم: لا وجه له

(قط عن ابن عباس) رواه من عدة طرق عن عدة من الصحابة بألفاظ مختلفة ثم قال: أسانيدها صحاح

ص: 516

4170 -

(دب إليكم) أي سار إليكم (داء الأمم قبلكم) أي عادة الأمم الماضية (الحسد والبغضاء) والبغضاء (هي الحالقة حالقة الدين) بكسر الدال (لا حالقة الشعر) أي الخصلة التي شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر قال ابن الأثير: نقل الداء من الأجسام إلى المعاني ومن أمر الدين إلى الآخرة وقال الطيبي: الدب يستعمل في الأجسام فاستعير للسراية على سبيل التبعية وكذا قوله الحالقة فإنها تستعمل في حلق الشعر فاستعملت فيما يستأصل الدين وليست هي استعارة لذكر المشبه والمشبه به أي البغضاء تذهب الدين كما يذهب الموسى الشعر (والذي نفس محمد بيده) أي بقدرته وتصريفه (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا) بالله تعالى وبما علم مجيء الرسول بالضرورة (ولا تؤمنوا حتى تحابوا) بحذف إحدى التاءين للتخفيف أي حتى يحب بعضكم بعضا (أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم) قالوا: بلى يا رسول الله قال: (أفشوا السلام بينكم) فإنه يزيل الضغائن ويورث التحابب كما سلف تقريره

(حم ت) في الزهد (والضياء) المقدسي عن مولى آل الزبير (عن الزبير) بالتصغير (ابن العوام) بفتح المهملة وشد الواو قال المناوي: ومولى الزبير مجهول ورواه باللفظ المزبور من هذا الوجه البزار قال الهيثمي كالمنذري: سنده جيد

ص: 516

4171 -

(دثر مكان البيت) أي درس محل الكعبة وأصل الدثر الدروس وهو أن تهب الرياح على المنزل فتغشى رسومه

⦗ص: 517⦘

الرمل وتغطيه بالتراب اه وذلك بالطوفان وقد روى كما في البحر العميق أنه كان موضع البيت بعد الغرق أكمة حمراء لا تعلوها السيول وكان يأتيها المظلوم ويدعو عندها المكروب فقل من دعا عندها إلا استجيب له (فلم يحجه هود ولا صالح) مع أن سنة الله في الذين خلوا من قبل أصفيائه آدم فمن بعده المحافظة على حجة (حتى بوأه الله إبراهيم) أي أراه أصله ومحله فأسس قواعده وبناه وأظهر حرمته ودعا الناس إلى الحج إليه ووردت أخبار بحج هود وصالح وسندها كلها ضعيف قاله المصنف

(الزبير بن بكار في النسب) من حديث إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه عن الزهري عن عروة (عن عائشة) وفي الميزان: إبراهيم واه قال ابن عدي: عامة حديثه مناكير وقال البخاري: سكتوا عنه وبمشورته جلد مالك

ص: 516

4172 -

(دحية) بمهملتين كحية وقد يفتح أوله بل نقل الزمخشري عن الأصمعي أنه لا يقال بالكسر (الكلبي) بفتح فسكون الصحابي القديم المشهور شهد مع المصطفى صلى الله عليه وسلم مشاهده كلها بعد بدر وبايع تحت الشجرة (يشبه جبريل) وكان يأتي المصطفى صلى الله عليه وسلم غالبا على صورته فإنه كان بارعا في الجمال يضرب به المثل فيه بحيث كان إذا دخل بلدا برز لرؤيته العواتق من خدروهن (وعروة) بضم العين المهملة (ابن مسعود الثقفي) الذي أرسلته قريش إلى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية ثم أسلم فدعا قومه إلى الإسلام فقتلوه (يشبه عيسى ابن مريم) ولما قتله قومه قال مثله في قومه كصاحب يونس (وعبد العزى) بن قطن (يشبه الدجال) في الصورة وفيه جواز تشبيه الأنبياء والملائكة بغيرهم وهذه التشيهات إنما هي للصورة كما تقرر ولا شك أن الصورة المذكورة أخص بالمشبه به فلا يرد أن المشبه به يجب كونه أقوى وفيه إشارة إلى أن الدجال آثار الحدوث عليه ظاهرة وإن بينت كافية في الدلالة على كونه من جنس المخلوقين وأن له خالقا خلقه {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم}

(ابن سعد) في الطبقات (عن الشعبي مرسلا)

ص: 517

4173 -

(دخلت الجنة) أي في اليوم لأنه لا يدخل الجنة في اليقظة والمصطفى صلى الله عليه وسلم وإن دخلها يقظة ليلة المعراج إلا أن بلالا لم يدخل (فسمعت خشفة) بفتح المعجمتين والفاء صوت حركة أو وقع نعل (فقلت ما هذه) الخشفة أي قال ذلك للملائكة أو لغيرهم من أهل الجنة كالحور والولدان وزاد في رواية أمامي (قالوا هذا بلال) قال العراقي في شرح التقريب: إن قيل: كيف رأى بلالا أمامه مع أنه أول من يدخلها قلنا: لم يقل هنا إنه يدخلها قبله يوم القيامة وإنما رآه أمامه مناما وأما الدخول حقيقة فهو أول داخل وهذا الدخول المراد به سريان الروح حالة النوم قال القاضي: ولا يجوز إجراؤه على ظاهره إذ ليس لنبي من الأنبياء أن يسابقه فكيف بأحد من أمته (ثم دخلت الجنة) أي مرة أخرى (فسمعت خشفة فقلت ما هذه قالوا هذه الغميصاء) بغين معجمة مصغرة ويقال الرميصاء امرأة أبي طلحة وهي أم سليم خالة أنس (1)(بنت ملحان (2)) وهذا يقتضي تكرار الدخول لكن قد عرفت أنها رؤيا منام

(عبد) بغير إضافة (بن حميد عن أنس) بن مالك (الطيالسي) أبو داود (عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه الديلمي أيضا رمز المصنف لحسنه

(1) الذي في الإصابة أنها أم أنس

(2)

بكسر الميم وسكون اللام وبالمهملة ونون: ابن خالد الأنصاري وأمها تبلة أو رملة أو سهلة أو رميشة أو مليكة أو نبيهة من الصحابيات الفاضلات

ص: 517

⦗ص: 518⦘

4174 - (دخلت الجنة فسمعت خشفة) بخاء معجمة بضبط المصنف صوت غير شديد وأصله صوت دبيب الحية والمراد هنا ما يسمع من حس وقع القدم أو النعل (بين يدي) أي أمامي بقربي (فقلت ما هذه الخشفة فقيل هذا بلال يمشي أمامك) إنما أخبره بذلك ليطيب قلبه ويداوم على العمل ويرغب غيره فيه قال المظهر: هذا لا يدل على تفضيل بلال على العشرة فضلا عن النبي وإنما سبقه للخدمة وقال التوربشتي: هذا شيء كوشف به من عالم الغيب في نومه أو يقظته وهو من قبيل قول القائل لعبده تسبقي إلى العمل أي تعمل قبل ورود أمري عليك قال الطيبي: ولا ينافضه {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} لما أن المتقدم بين يدي الرجل خارج من صفة المبايع المنقاد لأن الآية واردة في النهي عما لا يرضي الله ورسوله كما يشهد له سبب النزول والحديث ليس كذلك من ثم قرره على السبب الموجب السبق واستحمده لذلك اه

(طب) وكذا في الأوسط والصغير (عد عن أبي أمامة) قال الهيثمي: رجال الصغير ثقات وقد رواه أحمد في حديث طويل اه. ومفهومه أن رجال الكبير ليسوا ثقات وبه يعرف أن المصنف لم يصب في إهماله الطريق الجيد وإيثاره عليها غيرها

ص: 518

4175 -

(دخلت الجنة ليلة أسري بي فسمعت في جانبها وجسا) أي صوتا خفيا قال ابن الأثير: الوجس الصوت الخفي فتوجس بالشيء أحس به (فقلت يا جبريل ما هذا قال بلال المؤذن) قال الحافظ العراقي: وفيه وفيما قبله ندب قص الرؤيا الصالحة على أصحابه وأن الإنسان إذا رأى لصاحبه خيرا بشره به وأن رؤيا الدنيا حق ومنقبة عظيمة لبلال

(حم ع عن ابن عباس) قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير قابوس وقد وثق وفيه ضعف

ص: 518

4176 -

(دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل) تصغير نفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة (1) الذي قال للمصطفى صلى الله عليه وسلم لما بدأه الوحي وذهبت به خديجة إليه هذا الناموس الأكبر الذي أنزل على موسى (درجتين) أي منزلتين عظيمتين لكونه تنصر وآمن بعيسى ثم آمن بمحمد وفي رواية دوحتين أي شجرتين عظيمتين قال الزين العراقي: ينبغي أن يقال إنه أول من آمن من الرجال لأن الوحي نزل في حياته فآمن به وصدقه وذكره ابن منده في الصحابة وقول الحاكم لا أعلم خلافا أن عليا أول الذكور إسلاما أراد به إسلاما بعد خديجة ومن نظمه:

أربا واحدا أم آلف رب. . . أدين إذا تقسمت الأمور

تركت اللات والعزى جميعا. . . كذلك يفعل الرجل البصير

ألم تعلم بأن الله أفنى. . . رجالا كان شأنهم الفجر

وأبقى آخرين ببر قوم. . . فيربو منهم الطفل الصغير

(ابن عساكر) في التاريخ (عن عائشة) وفيه الباغندي مضعف لكن قال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد

(1) قوله وهو ابن عم خديجة إلخ: يعارضه ما في أول صحيح البخاري أن القائل هو ورقة بن نوفل فليحرر اه

ص: 518

4177 -

(دخلت الجنة) لفظ رواية الطبراني فيما وقفت عليه من النسخ دخل رجل الجنة فرأى ولعل هذه رواية أخرى

⦗ص: 519⦘

في نسخة أخرى (فرأيت على بابها الصدقة بعشرة والقرض (1) بثمانية عشر فقلت يا جبريل كيف صارت الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشرة قال لأن الصدقة تقع في يد الغني والفقير والقرض لا يقع إلا في يد من يحتاج إليه) قال الطيبي: القرض اسم مصدر والمصدر بالحقيقة الإقراض ويجوز كونه هنا بمعنى المقروض وقال البلقيني: فيه أن درهم القرض بدرهمي صدقة لأن الصدقة لم يعد منها شيء والقرض عاد منه درهم فسقط مقابله وبقي ثمانية عشر (2) ومن ثم لو أبرأ منه كان له عشرون ثواب الأصل وهذا الحديث يعارضه حديث ابن حبان من أقرض درهما مرتين كان له كأجر صدقة مرة وجمع بعضهم بأن القرض أفضل الصدقة باعتبار الابتداء بامتيازه عنها بصون وجه من لم يعتد السؤال وهي أفضل من حيث الانتهاء لما فيها من عدم رد المقابل وعند تقابل الخصوصيتين قد ترجح الأولى وقد تترجح الثانية باعتبار الأثر المترتب والحق أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وعليه تنزل الأحاديث المتعارضة

(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه عتبة بن حميد وثقه ابن حبان وغيره وفيه ضعف

(1) بفتح القاف أشهر من كسرها بمعنى القرض ويطلق على المصدر بمعنى الأقراض الذي هو تمليك شيء على أن يرد بدله

(2)

قلت: وذكره الدميري بعبارة أخرى فقال: الحكمة في أن القرض بثمانية عشر أن الحسنة بعشر أمثالها حسنة عدل وتسعة فضل ولما كان المقرض يرد إليه ماله سقط سهم العدل مع مقابله وبقيت سهام الفضل وهي تسعة فضوعفت بسبب حاجة المقترض فكانت ثمانية عشر. اه

ص: 518

4178 -

(دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة فقلت من هذا قالوا) يعني الملائكة أو غيرهم ممن مر (حارثة) بحاء مهملة ومثلثة (ابن النعمان) من بني مالك بن النجار البدري وكان أبر الناس بأمه (كذلكم البر كذلكم البر) قال الطيبي: المشار إليه ما سبق والمخاطبون الصحابة فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم رأى هذه الرؤيا وقصها على أصحابه فلما بلغ إلى قوله النعمان نبههم على سبب نيل تلك الدرجة بقوله كذلكم البر أي حارثة قال تلك الدرجة بسبب البر وموقع هذه الجملة التذييل كقوله تعالى {وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون} وفيه من المبالغة أنه جعل جزء البر برا وعرف الخبر بلام الجنس تنبيها على أن هذه الدرجة القصيا لا تنال إلا ببر الوالدين والتكرار للاستيعاب والتقرير والتأكيد

(ن ك) في المناقب وكذا أحمد وأبو يعلى بسند قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (عن عائشة) قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وقال الحافظ في الإصابة: إسناده صحيح وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته وكان أبر الناس بأمه اه فكأنه أغفله سهوا أو توهم أنه مدرج في الحديث وهو ذهول فقد قال الصدر المناوي وغيره: وصح لنا برواية الحاكم والبيهقي أن قوله كان أبر الناس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بمدرج ثم بسطه

ص: 519

4179 -

(دخلت الجنة فرأيت فيها جنابذ من اللؤلؤ ترابها المسك فقلت لمن هذا يا جبريل قال للمؤذنين والأئمة من أمتك يا محمد) فيه أن من رأى لقوم خيرا سببه فعلهم لشيء من أبواب الخير أن يسألهم عما استحقوا به ذلك

⦗ص: 520⦘

ليحثهم عليه ويرغبهم فيه

(ع) وكذا أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي (عن أبي) بن كعب قال الديلمي: وفي الباب أنس وغيره

ص: 519

4180 -

(دخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي فقلت ما هذه الخشفة فقيل الغميصاء) ويقال الرميصاء (بنت ملحان) بن خالد الأنصارية أم سليم خالة أنس بن مالك يقال اسمها رميلة أو رميثة أو مليكة أو نبيهة اشتهرت بكنيتها وهي امرأة أبي طلحة سيدة الصابرات التي مات ولدها وزوجها غائب فسبحته في ناحية البيت فجاء أبو طلحة فقدمت له إفطاره فقال: كيف الصبي قالت: هو أسكن مما كان فيه ثم تصنعت له فأصابها فلما فرغ قالت: ألا تعجب لجيرانك أعيروا عارية فطلبت منهم فجزعوا فقال: بئس ما صنعوا فقالت: ابنك كان عارية فقبض فحمد واسترجع فخليق بمثل هذا أن تكون في عليين

(حم م ن عن أنس) بن مالك

ص: 520

4181 -

(دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه فإذا هو مسك أذفر) قال أنس: قلت ما الأذفر قال: الذي لا خلط له (فقلت ما هذا يا جبريل قال هو الكوثر الذي أعطاك الله) في الجنة

(حم خ ت عن أنس)

ص: 520

4182 -

(دخلت الجنة) في النوم (فإذا أنا بقصر من ذهب) وفي رواية فأتيت على قصر من ذهب مريع مشرف وذكر بعضهم في حكمة كونه من ذهب أنه أشار إلى أن عمر من الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم لأن لفظ الذهب مطابق للإذهاب (فقلت لمن هذا القصر) استفهام الملائكة الذين كانوا معه في الجنة حينئذ وفائدة سؤاله عنه أن يعلم لمن هو فيبشره به (قالوا لشاب من قريش) أي من قبيلة قريش (فظننت أني أنا هو فقلت ومن هو قالوا عمر بن الخطاب) قال الزين العراقي: في حكمة كونه لم يصرح له ابتداء بكونه لعمر بيان فضيلة قريش فلو قال ابتداء لعمر فات التنبيه على ذلك (فلولا ما علمته من غيرتك لدخلت) تمامه فبكى عمر ثم قال: أعليك بأبي وأمي يا رسول الله أغار قال المعيرون: القصر في المنام عمل صالح لأهل الدين ولغيرهم حبس وضيق وقد يعبر دخول القصر بالتزوج وفيه الحكم لكل امرئ بما يعرف من خلقه ولا يعارض هذا خبر ابن أبي الدنيا عن أنس مرفوعا دخلت الجنة فإذا فيها قصر أبيض قلت لجبريل: لمن هذا القصر قال: لرجل من قريش فرجوت أن أكون أنا فقلت: لأي قريش فقال: لعمر لأن الرؤيا إن كانت متعددة فظاهر ولا مانع من إعداد قصرين أو قصور له بعضها أصفر وبعضها أبيض وإلا فلا مانع من كون المراد ببياضه نوره وإشراقه وضياؤه وذهب الجنة لا يشبه ذهب الدنيا من كل وجه <تنبيه> قد كان المصطفى أشد الناس غيرة وتبعه أكابر أصحابه على ذلك كما أشعر به ما أشير إليه من غيرة عمر ومن غيرة سعد بن عبادة حيث قال: لو وجدت مع امرأتي رجلا لضربته بالسيف غير مصفح يعني لو وجدته عليها فإنه يكون مباح الدم بزناه

(حم ت حب عن أنس) بن مالك (حم ق عن جابر) بن عبد الله (حم عن بريدة) بن الحصيب (وعن معاذ) بن جبل وفي الباب غيرهم أيضا

ص: 520

⦗ص: 521⦘

4183 - (دخلت الجنة) زاد في رواية البارحة (فاستقبلتني جارية شابة فقلت لمن أنت قالت لزيد بن حارثة) حب رسول الله الذي ما بعثه في جيش قط إلا أمره عليهم ولو بقي بعده لاستخلفه كما رواه ابن عساكر عن عائشة ولما جاء مصابه في غزوة مؤتة أتى منزله فلما رأته ابنته أخمشت في وجهه بالبكاء فبكى النبي صلى الله عليه وسلم حتى انتحب فقيل: ما هذا يا رسول الله قال: هذا شوق الحبيب إلى الحبيب

(الروياني) في مسنده (والضياء) المقدسي في المختارة (عن بريدة) وفيه الحسين بن أحمد قد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: استنكر أحمد بعض حديثه

ص: 521

4184 -

(دخلت الجنة البارحة) اسم لأقرب ليلة مضت وهذا يقتضي قرب عهده بالدخول وقد كانت له عليه السلام التجليات الصادقة المعلومة والمكاشفات المشهورة والمشاهدات المأثورة وقد تجلى له الكون كله وزويت له الأرض بأسرها فأري مشارقها ومغاربها (فنظرت فيها) أي تأملت (فإذا جعفر) بن أبي طالب الذي استشهد بمؤتة (يطير مع الملائكة وإذا حمزة) بن عبد المطلب عم النبي (متكئ على سرير) قال السهيلي: إنه لم يرد أنه يطير بجناحين كالطير بريش بل المراد بهما صفة ملكية وقوة روحانية ومنعه ابن حجر بفقد المانع من الحمل على الظاهر وورد عند البيهقي أن جناحيه من ياقوت

(طب عد ك عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن فيه سلمة بن وهرام ضعفه أبو داود

ص: 521

4185 -

(دخلت الجنة فإذا جارية أدماء) أي شديدة السمرة (لعساء) في لونها أدنى سواد ومشربة من الحمرة (فقلت ما هذه يا جبريل فقال إن الله عز وجل عرف شهوة جعفر بن أبي طالب للأدم اللعس فخلق له هذه) إكراما له ليكمل لذته وتعظم مسرته لكونه استشهد في سبيله بعد ما بذل الجهد في قتال أعدائه

(جعفر بن أحمد القمي) بضم القاف وشد الميم نسبة إلى قم بلذة كبيرة بين أصبهان وساوة أكثر أهلها شيعة (في فضائل جعفر) بن أبي طالب (والرافعي في تاريخه) أي تاريخ قزوين (عن عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب يرفعه

ص: 521

4186 -

(دخلت الجنة) أي في المنام (فرأيت في عارضتي الجنة) أي عارضتي بابها (مكتوبا ثلاثة أسطر) جمع سطر وهو الصف من الكتابة (بالذهب) أي بذهب الجنة الذي لا يبلى ولا يفنى (السطر الأول لا إله إلا الله) أي الواجب الوجود (محمد رسول الله) إلى كافة الثقلين (والسطر الثاني ما قدمنا) أي في الدنيا من الإنفاق في وجوه القرب (وجدنا) ثوابه في الآخرة (وما أكلنا) من الدنيا من الحلال (ربحنا) أكله (وما خلقنا) أي تركنا من مالنا بعد موتنا (خسرنا) فإن حسابه ووباله على المورث والتبسط به للوارث (والسطر الثالث أمة مذنبة) أي أمة محمد كثيرة الذنوب (ورب غفور) كثير المغفرة لها

⦗ص: 522⦘

فلو أتوه بقراب الأرض خطايا قابلهم بقرابها مغفرة كما سيجيء في خبر وقوله ما قدمنا إلخ مقول على ألسنة العباد

(الرافعي) الإمام أبو القاسم في تاريخ قزوين (وابن النجار) في تاريخ بغداد (عن أنس) بن مالك

ص: 521

4187 -

(دخلت الجنة فإذا أكثر أهلها البله) جمع أبله وهو الغافل عن الشر المطبوع على الخير أومن غلبت عليه سلامة الصدر فحسن ظنه بالناس فأغفل أمر دنياه فجهل حذق التصرف فيها وأقبل على آخرته فشغل نفسه بها فلذلك كانوا أكثر أهلها

(ابن شاهين في الأفراد وابن عساكر) في التاريخ (عن جابر) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه أحمد بن عيسى قال ابن حبان: يروي عن المجاهيل المناكير وفي الميزان: آفته محمد بن إبراهيم القرشي

ص: 522

4188 -

(دخلت الجنة فوجدت أكثر أهلها اليمن) أي أهل اليمن (ووجدت أكثر أهل اليمن مذحج) كمسجد اسم أكمة باليمن ولدت عندها امرأة من حمير كانت زوجة إدد فسميت باسمها ثم صار علما على القبيلة ومنهم قبيلة الأنصار وعليه فلا ينصرف للتأنيث والعلمية وقال الجوهري: مذحج اسم الأب قال: والميم عند سيبويه أصلية وعليه فهو منصرف

(خط) وكذا الديلمي (عن عائشة) وفيه حمزة بن الحسين السمسار قال الذهبي في الضعفاء: عن حمزة بن الحسين الدلال ابن السماك قال الخطيب كذاب اه

ص: 522

4189 -

(دخلت الجنة فسمعت نحمة) قال الزمخشري: النحمة كالرزمة من النحيم وهو صوت من الجوف ورجل نحم وبذلك سمى نعيم النحام اه وقال العراقي: النحمة بنون مفتوحة فحاء مهملة الصوت أو السعلة أو النحنحة وقال السهيلي: النحمة سعلة مستطيلة (من نعيم) أي من جوف نعيم بن عبد الله القرشي العدوي أسلم قبل عمر وكتم إيمانه وكان ينفق على أرامل بني عدي فمنعوه من الهجرة وقالوا: أقم على أي دين شئت ثم هاجر عام الحديبية وتبعه أربعون من أهل بيته واستشهد يوم اليرموك أو بأجنادين

(ابن سعد) في الطبقات (عن أبي بكر) بن سلمان بن أبي خثيمة عبد الله بن حذيفة (العدوي) بالعين والدال المهملتين نسبة إلى عدي بن كعب بن لؤي ثقة عارف بالنسب (مرسلا) أرسل عن ابن عمر وغيره قال في الكاشف: ثقة

ص: 522

4190 -

(دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) أي دخلت في وقت الحج وشهوره هذا هو المناسب للحال وقيل معناه دخل عمل العمرة في عمل الحج إذا قرن بينهما وقيل معناه أن العمرة نفسها داخلة في الحج وفي الإتيان به وأن فرضها ساقط بوجوب الحج وفرضه وهو قول من لا يرى وجوب العمرة كأبي حنيفة ومالك كذا قرره البيضاوي وقال ابن العربي ردا على مذهبه المالكية: تعلق علماؤنا بقوله دخلت العمرة في الحج على عدم وجوبها فقالوا: لما حكم بدخولها فيه سقط وجوبها قلنا: لو كان المراد لسقط فعلها رأسا وإنما معناه دخلت في زمن الحج ردا على العرب الزاعمين أن العمرة في زمن الحج من أفجر الفجور فحكم بدخولها معه في زمانه كما تدخل معه في مكانه كما تدخل معه في قرانه وهذا بديع

(م د عن جابر) قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر على المروة بمشقص ثم ذكره (د ت عن ابن عباس مرسلا) ورواه عنه البزار والطبراني والطحاوي قال الحافظ ابن حجر في تخريج المختصر: حديث غريب تفرد به داود بن يزيد وفيه مقال تفرد به عن عبد الملك بن ميسرة وقد خولف

ص: 522

4191 -

(دخلت امرأة النار) قال ابن حجر: لم أقف على اسمها فقيل حميرية وقيل إسرائيلية ولا تعارض لأن طائفة من حمير

⦗ص: 523⦘

تهودت فنسبت إلى دينها تارة وإلى قبيلتها أخرى (في هرة) أي لأجلها أو بسببها ذكره الزمخشري وقال ابن مالك: في هنا بمعنى التعليل وهو مما خفي على أكثر النحاة وتعقبه الطيبي بأنهم يقدرون المضاف أي في شأن هرة أو في أمرها والهرة أنثى السنور جمعها هرر كقربة وقرب والذكر هر وبجمع أيضا على هررة كقردة (ربطتها) وفي رواية للبخاري حبستها وفي أخرى لمسلم عذبت امرأة في هرة سجنتها وفي رواية له أيضا: أوثقتها وفي رواية له أيضا: دخلت امرأة النار من جراء هرة لها أو هرة ربطتها (فلم تطعمها) حتى ماتت جوعا كما في رواية البخاري والفاء تفصيل وتفسير للربط (ولم تدعها) لم تتركها (تأكل من خشاش) بفتح الخاء المعجمة أشهر من كسرها وضمها كما في الديباج وغيره وحكى النووي أنه روي بحاء مهملة وغلط قائله (الأرض) حشراتها وهوامها. قال الزمخشري: الواحدة خشاشة سميت به لاندساسها في التراب من خشن في الأرض دخل فيها. قال الطيبي: وذكر الأرض للإحاطة والشمول مثله في آية {وما من دابة في الأرض} (حتى ماتت) زاد في رواية مسلم هزلا وظاهره أنها عذبت بالنار حقيقة أو بالحساب لأن من نوقش عذب كذا ذكره بعضهم وجزم القرطبي بالأول وهذه المرأة هي التي رآها المصطفى صلى الله عليه وسلم في النار وهي امرأة طويلة من بني إسرائيل أو حمير ويحتمل كونها كافرة كذا ذكره جمع وحكاه عنهم الحافظ ابن حجر وقال النووي: الذي يظهر أنها كانت مسلمة وإنما دخلت النار بهذه المعصية وتوبع على ذلك وقال القرطبي: هل كانت كافرة أو مسلمة كل محتمل فإن كانت كافرة ففيه أن الكفار مخاطبون بالفروع ومعاقبون على تركها وإلا فقد تلخص أن سبب تعذبيها حبس الهرة ففيه أن الهر لا يملك وأنه لا يجب إطعامه إلا على من حبسه وكأنهم لم يروا فيه شيئا وهو عجيب فقد ورد النص الصريح الصحيح بكفرها قال علقمة: كنا جلوسا عند عائشة فدخل أبو هريرة فقالت: أنت الذي تحدث أن امرأة عذبت في هرة ربطتها إلخ؟ فقال: سمعته منه فقال: هل تدري ما كانت المرأة إن المرأة مع ما فعلت كانت كافرة وإن المؤمن أكرم على الله أن يعذبه في هرة فإذا حدثت عن رسول الله فانظر كيف تحدث رواه أحمد. قال الحافظ الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وفيه تفخيم الذنب ولو صغيرا وأن تعذيب الحيوان حرام وأنه يسلط يوم القيامة على ظالمه وحل اتخاذ الهر ورباطها بشرط إطعامها وسقيها وألحق بها غيرها في معناها وقول النووي وإن نفقة الحيوان على مالكه توزع فيه بأنه ليس في الخبر ما يقتضيه

(حم ق هـ عن أبي هريرة خ عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه أيضا مسلم بلفظ عذبت امرأة في هرة أوثقتها إلخ

ص: 522

4192 -

(دخول البيت) الكعبة المعظمة أي للتكبير فيه والصلاة والدعاء كما فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم (دخول في حسنة وخروج من سيئة) أراد بالحسنة والسيئة الجنس بدليل رواية دخول البيت دخول في الحسنات والخروج منه خروج من السيئات وفي رواية للبيهقي من دخل البيت دخل في حسنة وخرج من سيئة مغفورا له وفيه ندب دخول الكعبة ومحله ما لم يؤذ أحدا بدخوله أو ينادي هو ولا يجب إجماعا وحكاية القرطبي عن بعضهم أن دخول الكعبة من المناسك رد بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما دخله عام الفتح ولم يكن محرما وأما خبر أبي داود وغيره عن عائشة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم خرج من عندها وهو قرير العين ثم رجع وهو حزين فقال: دخلت الكعبة فأخاف أن أكون شققت على أمتي فلا يدل للقول المحكي لأن عائشة لم تكن معه في الفتح ولا في عمرته وقال النووي: إن المصطفى صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفح لا في حجة الوداع. قال في الفتح: ويشهد له ما في تاريخ الأزرقي أنه إنما دخلها مرة واحدة عام الفتح ثم حج فلم يدخلها

(عد هب عن ابن عباس) وفيه محمد بن إسماعيل البخاري أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قدم بغداد سنة خمس مئة. قال ابن الجوزي: كان كذابا وفيه عبد الله بن المؤمل. قال الذهبي: ضعفوه

ص: 523

⦗ص: 524⦘

4193 - (درهم ربا يأكله الرجل) يعني الإنسان وذكر الرجل غالبي (وهو يعلم) أي والحال أنه يعلم أنه ربا أو يعلم الحكم فمن نشأ بعيدا عن العلماء ولم يقصر فهو معذور (أشد عند الله من) ذنب (ستة) وفي رواية ثلاث (وثلاثين زنية) زاد الدارقطني في روايته في الخطيئة. قال الطيبي: إنما كان أشد من الزنا لأن من أكله فقد حاول مخالفة الله ورسوله ومحاربتهما بعقله الزائغ. قال تعالى: {فأذنوا بحرب من الله ورسوله} أي بحرب عظيم فتحريمه محض تعبد ولذلك رد قولهم {إنما البيع مثل الربا} وأما قبح الزنا فظاهر شرعا وعقلا وله روادع وزواجر سوى الشرع فأكل الربا يهتك حرمة الله والزاني يخرق جلباب الحياء اه. وهذا وعيد شديد لم يقع مثله على كبيرة إلا قليلا. قال الحرالي: وإذا استبصر ذو دراية فيما يضره في ذاته فأنف منه رعاية لنفسه حق له بذلك التزام رعايتها عما يتطرق له منه من جهة غيره فيتورع عن أكل أموال الناس بالباطل لما يدري من المؤاخذة عليها في العاجل وما خبيء له في الآجل. قال سبحانه وتعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا} فهو آكل نار وإن لم يحس به. وكما عرف الله تعالى أن أكل مال الغير نار في البطن عرف أن أكل الربا جنون في العقل وخبال في النفس {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان} وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أحمد في الحطيم هكذا ذكره وكأنه سقط من قلم المصنف

(حم) عن حسين بن محمد عن جرير بن حازم عن أيوب عن ابن أبي مليكة (طب) من هذا الوجه كلاهما عن ابن أبي مليكة (عن عبد الله حنظلة) بن أبي عامر الزاهد الأنصاري له رواية وأبوه غسيل الملائكة قتل يوم أحد أورده ابن الجوزي في الموضوع وقال: حسين بن محمد هو ابن بهرام المروزي قال أبو حاتم: رأيته ولم أسمع منه وسئل أبو حاتم عن حديث يرويه حسين فقال: خطأ فقيل له: الوهم ممن قال ينبغي أن يكون من حسين اه. وتعقبه ابن حجر بأنه احتج به الشيخان ووثقه غيرهما وبأن له شواهد اه. ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن عبد الله المذكور وقال: الأصح موقوف وقال الحافظ العراقي: رجاله ثقات انتهى. لكن قال تلميذه الهيثمي في موضع فيه جرير بن حازم تغير قبل موته وقال في آخر: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح

ص: 524

4194 -

(درهم أعطيته في عقل) أي إعانة في الدية التي على العاقلة (أحب إلي من مئة في غيره) أي أحب إلي من مئة درهم أعطيها في غير عقل لما في ذلك الدرهم من عظيم الثواب

(طس عن أنس) قال الهيثمي: فيه عبد الصمد بن عبد الأعلى قال الذهبي: فيه جهالة

ص: 524

4195 -

(درهم حلال) أي اكتسب من وجه حلال (ليشتري به عسلا ويشرب بماء المطر شفاء من كل داء) من الأدواء التي تعرض للبدن أو من الأدواء القلبية وإنما يكون ذلك مع صدق النية وقوة الاستيقان وكمال التصديق بما ورد عن الشارع ونبه باشتراط الحل على أن ما كان من وجه حرام لا شفاء فيه وإن زال الداء عند استعماله ظاهرا فعاقبته أردأ من ذلك الداء

(فر عن أنس) ورواه عنه أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمي فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى

ص: 524

4196 -

(درهم الرجل ينفق في) حال (صحته خير من عتق رقبة عند موته) يعني التصدق بدرهم وأحد حال الصحة أفضل

⦗ص: 525⦘

من عتق رقبة عند الموت لمال فيه من مجاهدة النفس على إخراج الصدقة والإنسان صحيح شحيح يؤمل الغنى ويخاف الفقر والأجر على قدر النصب وأما من تيقن الموت ومفارقته لماله على كل حال فلا يشق عليه العتق ولا غيره فالتصدق حينئذ بعتق أو غيره مفضول بالنسبة للتصرف في حال الصحة بنسبة ما بين قيمة الدرهم وثمن الرقبة لكن الظاهر أن ذلك مخرج مخرج المبالغة والحث على التصدق حال الصحة

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) بن حبان (عن أبي هريرة) وفيه يوسف بن السفر الدمشقي قال في الميزان: عن الدارقطني متروك وعن ابن عدي له أباطيل وساق هذا منها

ص: 524

4197 -

(دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه) في الإسلام (بظهر الغيب) لفظ الظهر مقحم ومحله النصب على الحال من المضاف إليه لأن الدعوة مصدر أضيف إلى الفاعل ثم بين الإجابة بجملة استئنافية فقال: (عند رأسه ملك موكل به) أي بالتأمين على دعائه بذلك كما يفيده قوله (كلما دعا لأخيه) في الإسلام (بخير) أي بدعاء يتضمن سؤال خير له (قال الملك) الموكل به (آمين) أي استجب يارب (ولك) آيها الداعي (بمثل ذلك) أي مثل ما دعوت به لأخيك وهذا يحتمل كونه إخبارا من الملك بأن الله سبحانه وتعالى يجعل له مثل ثواب ما دعا به لكونه علم ذلك بالاطلاع على اللوح المحفوظ أو غير ذلك من طرق العلم ويحتمل أنه دعا له به والأول أقرب

(حم م) في الدعوات (هـ) في الحج (عن أبي الدرداء) ولم يخرجه البخاري

ص: 525

4198 -

(دعاء الوالد) لولده يعني دعاء الأصل لفرعه (يفضي إلى الحجاب) أي يصعد ويصل إلى حضرات القبول فلا يعوقه عائق ولا يحول بينه وبين الإجابة حائل قال الزين العراقي: وهل هذا بمعنى قوله في دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب أو هو دونه لأن في ذلك نفي الحجاب كل محتمل والأول أقرب وفي كتاب البر والصلة لابن المبارك عن مجاهد دعوة الوالد لا تحجب دون الله وفيه أن رجلا سأل الحسن قال: ما دعاء الوالد للولد قال: مجابة قال: فعليه قال: استئصالته

(هـ) من حديث حبابة بن عجلان عن أمها صفية بنت جرير (عن أم حكيم) بنت وداع الخزاعية قال في الميزان: حبابة لا تعرف ولا أمها ولا صفية تفرد عنها التبوذكي قال الزين العراقي: وفي إسناده ثلاث نسوة روى بعضهن عن بعض

ص: 525

4199 -

(دعاء الوالد لولده) أي الأصل لفرعه (كدعاء النبي لأمته) في كونه مقبولا قبولا حسنا غير مردود

(فر عن أنس) ورواه عنه أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا فلو عزاه المصنف للأصل لكان أحسن قال الزين العراقي في شرح الترمذي: هذا حديث منكر وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال: قال أحمد هذا حديث باطل منكر وأقره عليه المؤلف في مختصر الموضوعات

ص: 525

4200 -

(دعاء الأخ لأخيه) في الإسلام (بظهر الغيب لا يرد) لأنه إلى الإخلاص أقرب

(البزار) في مسنده (عن عمران بن حصين) سكت عليه الهيثمي فلم يتعقبه قال الحافظ العراقي: وهو في مسلم بلفظ دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجابة اه وحينئذ فعدول المصنف إلى البزار وإهماله العزو للصحيح غير جيد

ص: 525

⦗ص: 526⦘

4201 - (دعاء المحسن إليه للمحسن) له (لا يرد) أي يقبله الله تعالى مكافأة له على امتثاله أمر الله تعالى بالإحسان

(فر عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لصحته وليس كما زعم ففيه محمد بن إسماعيل بن عياش قال أبو داود: لم يكن بذاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال: ضعفه أحمد والدارقطني

ص: 526

4202 -

(دعوات المكروب) أي المغموم المحزون أي الدعوات النافعة له المزيلة لكربه والكرب بفتح فسكون ما يدهم المرء مما يأخذ بنفسه ويغمه ويحزنه (اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت) ختمه بهذه الكلمات الحضورية الشهودية إشارة إلى أن الدعاء إنما ينفع المكروب ويزيل كربه إذا كان مع حضور وشهود ومن شهد لله بالتوحيد والجلال مع جمع الهمة وحضور البال فهو حري بزوال الكرب في الدنيا والرحمة ورفع الدرجات في العقبى

(حم خد د) في الأدب من حديث طويل (حب) كلهم (عن أبي بكرة) واسمه نفيع قال ابن حبان: صحيح وأقره عليه ابن حجر لكل قال المناوي وغيره: فيه جعفر بن ميمون غير قوي

ص: 526

4203 -

(دعوة ذي النون) أي صاحب الحوت وهو يونس (إذا) أي حين (دعى بها وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت) أي إنك الذي تقدر على حفظ الإنسان حيا في باطن الحوت ولا قدرة لغيرك على هذه الحالة ثم أردف ذلك بقوله (سبحانك إني كنت من الظالمين) تصريحا بالعجز والانكسار وإظهار الذلة والافتقار قال الحسن: ما نجا إلا بإقراره على نفسه بالظلم وإنما قبل منه ولم يقبل من فرعون حين قال {لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} لأن يونس ذكرها في الحضور والشهود وفرعون ذكرها في الغيبة تقليدا لبني إسرائيل ذكره الإمام الرازي (لم يدع بها رجل مسلم في شيء) بنية صادقة صالحة (إلا استجاب الله له) لأنها لما كانت مسبوقة بالعجز والانكسار ملحوقة بهما صارت مقبولة {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} فإن قيل: هذا ذكر لا دعاء قلنا: هو ذكر يستفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء أو هو كما ورد من شغله ذكري عن مسئلتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين

(حم ت) في الدعوات (ن ك) في الدعاء (هب والضياء) المقدسي في المختارة من حديث إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه (عن) جده (سعد) بن أبي وقاص قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وفي الحديث قصة بين سعد وبين عثمان حين سلم سعد عليه فلم يرد السلام فشكاه لعمر ومن لطائف إسناده أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده

ص: 526

4204 -

(دعوة المظلوم مستجابة) أي يستجيبها الله تعالى يعني فاجتنبوا جميع أنواع الظلم لئلا يدعو عليكم المظلوم فيجاب (وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه) ولا يقدح ذلك في استجابة دعائه لأنه مضطر ونشأ من اضطراره صحة التجائه إلى ربه وقطعه قلبه عما سواه وللإخلاص عند الله موقع وقد ضمن إجابة المضطر بقوله {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} ويحتمل أن يريد بالفاجر الكافر ويحتمل أن يريد الفاسق <تنبيه> ينبغي أن يعتقد أن دعوة المظلوم مستجابة ولا ينافيه عدم ظهور أثرها حالا لأنه تعالى ضمن الإجابة لدعائه في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد كما في الحكم العطائية وله في ذلك حكم فتخلفها عن الحصول عقب الدعاء إنما هو بسبب فاحذر أن تقول قد دعا فلان على فلان الظالم فلم يستجب

⦗ص: 527⦘

له ولو كان فلان صالحا كان دعاءه على من ظلمه مفيدا ونحو ذلك من كلمات الجهالات الدائرة على ألسنة العامة ولله در القائل:

أتهزأ بالدعاء وتزدريه. . . وما يدريك ما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطى ولكن. . . لها أمد وللأمد انقضاء

(الطيالسي) أبو داود (عن أبي هريرة) ظاهره أنه لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير الذين رمز لهم وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول فقد رواه أحمد والبزار باللفظ المزبور عن أبي هريرة قال المنذري والهيثمي: إسناده حسن وقال العامري البغدادي: صحيح غريب

ص: 526

4205 -

(دعوة الرجل لأخيه) في الإسلام (بظهر الغيب) سبق أن لفظ الظهر مقحم وإن محله النصب على الحال من المضاف إليه قال الطيبي: ويجوز كونه ظرفا للمصدر وقوله (مستجابة) خبر وقوله (وملك عند رأسه يقول آمين) جملة مستأنفة مبينة للاستجابة والباء في قوله (ولك بمثل) زائدة في المبتدأ كما في بحسبك درهم وقال النووي: الرواية المشهورة كسر ميم مثل وعن عياض فتحها والثاء وزيادة هاء أي عديله سواء فكان بعض السلف إذا أراد الدعاء لنفسه يدعو لأخيه بذلك

(أبو بكر في الغيلانيات عن أم كرز) ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف وهو وهم فقد خرجه مسلم عن أم الدرداء معا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل اه

ص: 527

4206 -

(دعوة في السر تعدل سبعين دعوة في العلانية) لأن دعاء السر أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الثواب عن أنس) ورواه عنه الديلمي

ص: 527

4207 -

(دعوتان ليس بينهما وبين الله تعالى حجاب) بالمعنى المار (دعوة المظلوم) حتى ينتصر بقول أو فعل (ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب) قال النووي: معناه كالذي قبله إن دعوة المسلم في غيبة المدعو له وفي السر مستجابة لأنها أبلغ في الإخلاص كما تقرر. <تنبيه> قال العلائي: والمراد بالحجاب نفي المانع الرد فاستعار الحجاب للرد فكان نفيه دليلا على ثبوت الإجابة والتعبير بنفي الحجاب أبلغ من التعبير بالقبول لأن الحجاب من شأنه المنع من الوصول إلى المقصود فاستعير نفيه لعدم المنع ويخرج كثير من أحاديث الصفات على الاستعارة التخيلية وهي أن يشترك شيئان في وصف ثم يعتمد لوازم أحدهما حيث يكون جهة الاشتراك وصفا فيثبت ذلك للمستعار مبالغة في إثبات المشترك وقد ذكر الحجاب في عدة أحاديث صحيحة والله سبحانه منزه عما يحجبه إذ الحجاب إنما يحيط بمقدار محسوس لكن المراد بحجابه منع أبصار خلقه أو بصائرهم بما شاء وكيف شاء وإذا شاء كشف ذلك عنهم

(طب عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته وليس كما ظن فقد أعله الهيثمي وغيره بأن فيه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وهو ضعيف وجزم المنذري بضعفه ثم قال: لكن له شواهد

ص: 527

4208 -

(دع عنك معاذا) أي اترك ذكره بما ينقصه أو يزري به والمراد ابن جبل (فإن الله يباهي به الملائكة) أي

⦗ص: 528⦘

بعبادته وعلمه وهذه منقبة شريفة لمعاذ ولذلك يأتي يوم القيامة أمام العلماء بربوة كما في حديث

(الحكيم) الترمذي في النوادر (عن معاذ)

ص: 527

4209 -

(دع داعي اللبن) أي أبق في الضرع باقيا يدعو ما فوقه من اللبن ولا تستوعبه فإنه إذا استقصى أبطأ الدر وفي رواية ولا يجهد أي لا تستقصه والجهد الاستقصاء قال الشماخ: من ناصع اللون حلو غير مجهود. ذكره كله الزمخشري. وهذا قاله لضرار حين أمره بحلب ناقة

(حم تخ حب ك عن ضرار) بكسر الضاد المعجمة مخففا (ابن الأزور) واسم الأزور مالك بن أوس الأسدي كان بطلا شاعرا له وفادة وهو الذي قتل مالك بن نويرة بأمر خالد بن الوليد أبلى يوم اليمامة بلاء عظيما فقطعت ساقاه فجعل يحبو ويقاتل حتى قتل. قال الهيثمي: رواه أحمد بأسانيد أحدها رجاله ثقات

ص: 528

4210 -

(دع قيل وقال) مما لا فائدة فيه ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (وكثرة السؤال) عما لا يعني (وإضاعة المال) صرفه في غير حله وبذله في غير وجهه المأذون فيه شرعا

(طس عن ابن مسعود) قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أوصني فذكره رمز المصنف لصحته وهو غير صحيح فقد قال الحافظ الهيثمي وغيره: فيه السري بن إسماعيل وهو متروك

ص: 528

4211 -

(دع ما يريبك) أي يوقعك في الشك والأمر للند ب لما أن توقي الشبهات مندوب لا واجب على الأصح (إلى ما لا يريبك) أي اترك ما تشك فيه من الشبهات واعدل إلى ما لا تشك فيه من الحلال البين لما سبق أن من اتقى الشبهات فقد أستبرا لعرضه ودينه قال القاضي: هذا الحديث من دلائل النبوة ومعجزات المصطفى صلى الله عليه وسلم فإنه أخبر عما في ضمير وابصة قبل أن يتكلم به والمعنى أن من أشكل عليه شيء والتبس ولم يتبين أنه من أي القبيلين هو فليتأمل فيه إن كان من أهل الاجتهاد ويسأل المجتهدين إن كان من المقلدين فإن وجد ما يسكن إليه نفسه ويطمئن به قلبه وينشرح صدره فليأخذ به وإلا فليدعه وليأخذ بما لا شبهة فيه ولا ريبة هذا طريق الورع والاحتياط وحاصله يرجع إلى حديث الحسن الآتي

(حم عن أنس) ابن مالك قال الهيثمي: فيه أبو عبد الله الأسدي لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح (ن عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين (طب عن وابصة) بكسر الموحدة وفتح المهملة (بن معبد) بن عتبة الأسدي نزيل الجزيرة (خط عن ابن عمر) بن الخطاب

ص: 528

4212 -

(دع ما يريبك) بضم الياء وفتحها أكثر رواية (إلى ما لا يريبك) أي اترك ما اعترض لك الشك فيه منقلبا عنه إلى ما لا شك فيه ذكره الطيبي (فإن الصدق ينجي) أي فإن فيه النجاة وإن كان الإنسان يظن أن فيه الهلكة فإذا وجدت نفسك ترتاب من شيء فاتركه فإن نفس المؤمن الكامل تطمئن إلى الصدق الذي فيه النجاة من المهالك وترتاب من الكذب فارتيابك في شيء أمارة كونه حراما فاحذره واطمئنانك علامة كونه حقا فخذ به ذكره القاضي قال: والنفس إذا ترددت في أمر وتحيرت فيه وزال عنها القرار استتبع ذلك العلاقة التي بينها وبين القلب الذي هو المتعلق الأول لها فتنتقل العلاقة إليه من تلك الهيئة أثرا فيحدث فيه خفقان واضطراب ربما يسري هذا الأثر إلى سائر القوى فتحس بانحلال وانهزال فإذا زال ذلك عن النفس وجدت لها قرارا وطمأنينة وقيل المعنى بهذا الأمر أرباب البصائر من أهل النظر والفكرة المستقيمة وأهل الفراسات من ذوي النفوس المرتاضة والقلوب السليمة فإن نفوسهم بالطبع تصبو إلى الخير وتنبو عن الشر فإن

⦗ص: 529⦘

الشيء يتحبب إلى ما يلائمه وينفر عما يخالفه فيكون ما يلهمه الصواب غالبا

(ابن قانع) في المعجم (عن الحسن بن علي)

ص: 528

4213 -

(دع ما يريبك) أي اترك ما تشك في كونه حسنا أو قبيحا أو حلالا أو حراما (إلى ما لا يريبك) أي واعدل إلى ما لا شك فيه يعني ما تيقنت حسنه وحله (فإن الصدق طمأنينة) أي يطمئن إليه القلب ويسكن وفيه إضمار أي محل طمأنينة أو سبب طمأنينة (وإن الكذب ريبة) أي يقلق القلب ويضطرب وقال الطيبي: جاء هذا القول ممهدا لما تقدمه من الكلام ومعناه إذا وجدت نفسك ترتاب في الشيء فاتركه فإن نفس المؤمن تطمئن إلى الصدق وترتاب من الكذب فارتيابك من الشيء منبيء عن كونه مظنة للباطل فاحذره وطمأنينتك للشيء مشعر بحقيقته فتمسك به والصدق والكذب يستعملان في المقال والأفعال وما يحق أو يبطل من الاعتقاد وهذا مخصوص بذوي النفوس الشريفة القدسية المطهرة عن دنس الذنوب ووسخ العيوب اه والحاصل أن الصدق إذا مازج قلب الكامل امتزج نوره بنور الأيمان فاطمأن وانطفأ سراج الكذب فإن الكذب ظلمة والطلمة لا تمازج النور

(حم ت) في الزهد (حب عن الحسن) بن علي قال الحاكم: حسن صحيح وقال الذهبي: سنده قوي ورواه عنه أيضا النسائي وابن ماجه فما أوهمه صنيع المؤلف من تفرد الترمذي به من بين الستة غير صحيح

ص: 529

4214 -

(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) بفتح الياء وضمها والفتح أفصح (فإنك لن تجد فقد شيء تركته لله) ولهذا قال بعضهم: الورع كله في ترك ما يريب إلى ما لا يريب وفي هذه الأحاديث عموم يقتضي أن الريبة تقع في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الأحكام وإن ترك الريبة في ذلك كله ورع قالوا: وهذه الأحاديث قاعدة من قواعد الدين وأصل في الورع الذي عليه مدار اليقين وراحة من ظلم الشكوك والأوهام المانعة لنور اليقين <تنبيه> قال العسكري: لو تأملت الحذاق هذا الحديث لتيقنوا أنه قد استوعب كل ما قيل في تجنب الشبهات

(حل) من حديث أبي بكر بن راشد عن عبد الله بن أبي رومان عن ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث مالك تفرد به ابن رومان عن ابن وهب (خط) في ترجمة الباغندي من حديث قتيبة عن مالك عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب وظاهر صنيع المؤلف أن مخرجه الخطيب سكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه: هذا الحديث باطل عن قتيبة عن مالك وإنما يحفظ من حديث عبد الله بن أبي رومان عن ابن وهب عن مالك تفرد به واشتهر به ابن أبي رومان وكان ضعيفا والصواب عن مالك من قوله وقد سرقه ابن أبي رومان إلى هنا كلامه

ص: 529

4215 -

(دعهن) يا ابن عتبك (يبكين) يعني النسوة التي احتضر عندهن عبد الله بن ثابت (ما دام عندهن) لم تزهق روحه بالكلية (فإذا وجب فلا تبكين باكية) قاله لما جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجبه فاسترجع وقال: غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجعل ابن عتبك يسكتهن فذكره فقالوا: ما الوجوب يا رسول الله قال: الموت. وأخذ الشافعي وصحبه من هذا أنه يكره البكاء على الميت بعد الموت لأنه أسف على ما فات وأنه لا كراهة فيه فبل الموت بل صرح بعض أئمة الشافعية بندبه إظهارا لكراهة فراقه

(مالك) في المؤطأ (ن ك) كلهم (عن جابر بن عتبك) بن قبس الأنصاري صحابي جليل من بني تميم

ص: 529

4216 -

(دعهن يا عمر) بن الخطاب يبكين (فإن العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب) بالموت فلا حرج عليهن في البكاء

⦗ص: 530⦘

أي بغير نوح وتهوه قال الطيبي: وكان الظاهر أن يعكس لأن قرب العهد مؤثر في القلب بالحزن والحزن مؤثر في البكاء لكن قدم ما يشاهد وفيه أنهن لم يزدن على البكاء النياحة والجزع اه وقضبته أنه بعد الموت غير مكروه خلاف ما اقتضاه الحديث الأول ويمكن حمل هذا على البكاء الاضطراري الذي لا يمكن دفعه إلا بمحذور يلحقه في جسده والأول على خلاف ذلك فلا تعارض

(حم ن هـ ك عن أبي هريرة) قال: مات ميت في آل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمع النساء يبكين فقام عمر ينهاهن ويطردهن فذكره

ص: 529

4217 -

(دعهن) يا عمر (يبكين وإياكن) أيها النسوة التفت من خطاب عمر إلى خطابهن (ونعيق الشيطان) قالوا: وما نعيق الشيطان قال: (فإنه) أي الشأن (مهما كان من العين والقلب) من غير صياح ولا ضرب نحو خد (فمن الله ومن الرحمة) فلا لوم عليكن فيه (ومهما كان من اليد) بنحو خد وشق جيب (واللسان) من نحو صياح وندب (فمن الشيطان) أي لأنه الآمر به الراضي بفعله قال الطيبي: ومهما حرف شرط تقول مهما تفعل أفعل ومحله رفع بمعنى أي شيء كان من العين فمن الله فإن قلت: نسبته الدمع من العين والقول من اللسان والضرب باليد إن كان من طريق الكسب فالكل يصح من العبد وإن كان من طريق التقدير فمن الله فما وجه اختصاص البكاء بالله؟ قلت: الغالب في البكاء أن يكون محمودا فالأدب أن يسند إلى الله بخلاف قول الخناء والضرب باليد عند المصيبة فإنه مذموم وهذا قاله لما ماتت رقية بنته فبكت النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه وفيه أنه يحرم الندب وهو تعديد الشمائل مع البكاء والنوح وهو رفع الصوت والجزع بضرب خد وشق ثوب وقطع شعر وتغيير لباس ونحو ذلك

(حم عن ابن عباس) قال في الميزان: هذا حديث منكر فيه علي بن زيد بن جدعان وقد ضعفوه

ص: 530

4218 -

(دعوا الحسناء العاقر) التي لا تلد (وتزوجوا السوداء الولود فإني أكاثر بكم الأمم يوم القيامة) أي أفاخرهم وأغالبهم بكثرتكم وإنافتكم عليهم فأغلبهم والأمر للندب لا للوجوب

(عب عن ابن سيرين مرسلا) هو أبو بكر بن أبي عمرة البصري ثقة ثبت عابد كبير القدر لا يرى الرواية بالمعنى

ص: 530

4219 -

(دعوا الحبشة ما ودعوكم) قيل قلما يستعملون الماضي من ودع ويحتمل كون الحديث ما وادعوكم أي سالموكم فسقطت الألف قال الطيبي: ولا حاجة لهذا مع مجيئه في القرآن {ما ودعك ربك} بالتخفيف وقال المظهري: كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم متبوع لا تابع بل فصحاء العرب بالإضافة إليه أقل (واتركوا الترك ما تركوكم) أي مدة تركهم لكم فلا تتعرضوا لهم إلا أن تعرضوا لكم لما في غزوهم من المشقة ولقوة بأسهم وبرد بلادهم وبعدها ولكونهم أول من يسلب هذه الأمة ملكهم كما تقدم قال الخطابي: والجمع بين هذا وبين قوله {قاتلوا المشركين كافة} أن الآية مطلقة والحديث مقيد فيحمل المطلق على المقيد ويجعل الحديث مخصصا لعموم الآية وكل ذلك ما إذا لم يدخلوا بلادنا قهرا وإلا وجب قتالهم

(د) عن عيسى بن محمد الرملي عن ضمرة عن الشيباني عن أبي سكينة (عن رجل) من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذا هو في أصول متعددة والذي وقفت عليه في مسند الفردوس أن أبا داود خرجه في الملاحم عن ابن عمر

⦗ص: 531⦘

هكذا قال

ص: 530

4220 -

(دعوا الدنيا) أي اتركوها (لأهلها من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه) لنفسه ومن يلزمه مؤونته (أخذ حتفه) أي هلاكه (وهو لا يشعر) بأن المأخوذ فيه هلاكه إذ هي السم القاتل فطلبها شين وقلتها زين فإن طلبها ليطلب بها البر وفعل الصنائع واكتساب المعروف كان على خطر وغرر وتركه لها أبلغ في البر

(ابن لال) في مكارم الأخلاق (عن أنس) وظاهره أنه لم يره مخرجا لأشهر من ابن لال وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه والأمر بخلافه بل خرجه باللفظ المزبور عن أنس المذكور البزار وقال: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه قال المنذري: ضعيف وقال الهيثمي كشيخه العراقي: فيه هانئ بن المتوكل ضعفوه

ص: 531

4221 -

(دعوا الناس يصيب بعضهم من بعض) لأن أيدي العباد خزائن الملك الجواد فلا يتعرض لها إلا بإذن فلا تسعروا ولا يبع حاضر لباد ولا تتلقوا الركبان (فإذا استنصح أحدكم أخاه) أي طلب منه أن ينصحه (فلينصحه) وجوبا فأفاد أن التسعير غير مشروع بل ورد في عدة أخبار النهي عنه وفي خبر للدارقطني أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم التسعير فأبى وقال: إن الله ملكا اسمه عمارة على فرس من حجارة الياقوت طوله مد البصر يدور في الأمصار فينادي ألا ليرخص كذا وكذا قال السخاوي: وأغرب ابن الجوزي في حكمه بوضعه

(طب) وكذا القضاعي (عن أبي السائب) قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يساوم صاحبه فجاءه رجل فقال للمشتري: دعه فذكره قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط ورواه بهذا اللفظ من هذا الوجه أحمد ولعل المصنف ذهل عنه والمصنف رمز لصحة حديث أبي السائب فليحرر وروى مسلم دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض

ص: 531

4222 -

(دعوا لي أصحابي) الإضافة للتشريف تؤذن باحترامهم وزجر سابهم وتعزيزه عند الجمهور قال النووي: وهو من أكبر الفواحش وعياض من الكبائر وبعض المالكية يقتل (فوالذي نفسي) بسكون الفاء (بيده) أي بقدرته وتدبيره {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} (لو أنفقتم مثل) جبل (أحد) بضم الهمزة (ذهبا ما بلغتم أعمالهم) أي ما بلغتم من إنفاقكم بعض أعمالهم لما قارنها من مزيد الإخلاص وصدق نية وكمال يقين. قال بعض الكاملين: وقوله أصحابي مفرد مضاف فيعم كل صاحب له لكنه عموم مراد به الخصوص لأن السبب الآتي يدل على أن الخطاب لخالد وأمثاله ممن تأخر إسلامه وأن المراد هنا متقدمو الإسلام منهم الذي كانت له الآثار الجميلة والمناقب الجليلة في نصرة الدين من الإنفاق في سبيل الله واحتمال الأذى في سبيل الله ومجاهدة أعدائه ويصح أن يكون من بعد الصحابة مخاطبا بذلك حكما إما بالقياس أو بالتبعية

(حم) وكذا البزار (عن أنس) قال: كان بين خالد بن الوليد وابن عوف كلام فقال له خالد: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فذكره. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح

ص: 531

4223 -

(دعوا لي أصحابي وأصهاري) لما لهم من الفضائل والمآثر وبذل المهج في نصرة الدين وظاهر صنيع المصنف

⦗ص: 532⦘

أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الذي عزاه إليه فمن آذاني في أصحابي وأصهاري أذله الله تعالى يوم القيامة اه بلفظه

(ابن عساكر) في ترجمة معاوية من حديث وكيع عن فضيل بن مرزوق عن رجل من الأنصار (عن أنس) وفضيل إن كان هو الرقاشي فقد قال الذهبي: ضعفه ابن معين وغيره وإن كان الكوفي فقد ضعفه النسائي وغيره وعيب على مسلم إخراجه له في الصحيح والرجل مجهول

ص: 531

4224 -

(دعوا صفوان بن المعطل) بفتح الطاء المشددة أي اتركوه فلا تتعرضوا له بشر (فإنه خبيث اللسان طيب القلب) أي طاهره نقيه من الشرك والغش والخيانة والحقد والكبر والحسد وغير ذلك من الأمراض القلبية والعمل إنما هو على طهارة القلوب

(ع) وكذا الطبراني (عن سفينة (1)) قال: شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صفوان بن المعطل وقال هجاني فذكره. قال الهيثمي: فيه عامر بن أبي صالح بن رستم وثقه جمع وضعفه جمع وبقية رجاله رجال الصحيح

(1) غير مصغر هو مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم يكنى أبا عبد الرحمن كان اسمه مهران أو غير ذلك وسفينة لقبه قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه يمشون فثقل عليهم متاعهم فحملوه علي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: احمل فإنما أنت سفينة

ص: 532

4225 -

(دعوا صفوان) بن المعطل فلا تؤذوه (فإنه يحب الله ورسوله) وما أحب الله حتى أحبه الله سمعت امرأة من العابدات تقول: بحبك لي إلا غفرت لي ما غفرت لي فقيل: أما يكفيك أن تقولي بحبي لك؟ قالت: أما سمعت قوله {ويحبهم ويحبونه} فقدم محبته على محبتهم له

(ابن سعد) في الطبقات (عن الحسن مرسلا) وهو البصري

ص: 532

4226 -

(دعوني من السودان) يعني من الزنج كما بينه في رواية أخرى (فإنما الأسود لبطنه وفرجه)(1) أي لا يهتم إلا بهما فإن جاع سرق وإن شبع فسق كما في خبر آخر

(طب) عن محمد بن زكريا الغلابي عن عبد الله بن رجاء عن يحيى بن أبي سليمان المدني عن عطاء (عن ابن عباس) قال: ذكر السودان عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. قال الهيثمي: فيه محمد بن زكريا الغلابي وهو ضعيف وقد وثقه ابن حبان وقال: يعتبر حديثه إذا روى عن ثقة اه. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (2) وقال يحيى: منكر الحديث وتعقبه المؤلف بأن ابن حبان ذكره في الثقات وقال السخاوي: سنده ضعيف إلا أن له شواهد يؤكد بعضها بعضا

(1)[هذا إذا سلم الحديث من الوضع. أو قد يكون في حكم غير المتقين إذا غلبه الطبع. وإلا فيقول تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم " المسلمون إخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى (9211) " ويقول: " انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى (2740) ". دار الحديث]

(2)

[ولعله موضوع حيث يخالف الأصول المذكورة في الحاشية السابقة وغيرها. دار الحديث]

ص: 532

4227 -

(دعوه) يعني اتركوا يا أصحابنا من طلب منا دينه فأغلظ فلا تبطشوا به (فإن لصاحب الحق مقالا) أي صولة الطلب وقوة الحجة فلا يلام إذا تكرر طلبه لحقه لكن مع رعاية الأدب وهذا من حسن خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم وكرمه وقوة صبره على الجفاة مع القدرة على الانتقام وفيه أنه يحتمل من صاحب الدين الإغلاظ في المطالبة لكن بما ليس بقدح أو شتم ويحتمل أن القائل كان كافرا فأراد تألفه

(خ ت عن أبي هريرة) قال: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ له فهم به أصحابه (1) فقال رسول الله: دعوه فإن لصاحب الحق مقالا ثم قال: أعطوه سنا مثل سنه قالوا: لا نجد إلا أمثل من سنه قال: أعطوه فإن خيركم أحسنكم قضاء للدين كذا رواه الشيخان معا كما عزاه لهما النووي ثم العراقي فما أوهمه صنيع المؤلف أنه مما تفرد به البخاري غير صحيح

(1) أي أراد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذوه بالقول أو الفعل لكن لم يفعلوا أدبا مع النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 532

⦗ص: 533⦘

4228 - (دعوه) أي المريض (يئن (1)) أي يستريح بالأنين أي يقول آه ولا تنهوه عنه (فإن الأنين اسم من أسماء الله تعالى) أي لفظ آه من أسمائه لكن هذا لم يرد في حديث صحيح ولا حسن وأسماؤه تعالى توقيفية (يستريح إليه العليل) فيه رد لما رواه أحمد عن طاوس أن أنين المريض شكوى وقول جمع شافعية منهم أبو الطيب وابن الصباغ أنين المريض وتأوهه مكروه رده النووي بأنه ضعيف أو باطل فإن المكروه ما ثبت فيه نهي مخصوص وهذا لم يثبت فيه بل ثبت الأذن فيه نعم استعماله بالذكر أولى وكثرة الشكوى تدل على ضعف اليقين ومشعرة بالتسخط للقضاء وتورث شماتة الأعداء أما إخبار المريض صديقه أو طبيبه عن حاله فلا بأس به اتفاقا وحكى ابن جرير في كتابه الآداب الشريفة والأخلاق الحميدة خلافا للسلف أن أنين المريض هل يؤخذ به ثم رجح الرجوع فيه إلى النية فإذا نوى به تسخط قضاء ربه أوخذ به أو استراحة من الألم جاز

(الرافعي) إمام الدين في تاريخ قزوين (عن عائشة) قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا عليل يئن فلنا له: اسكت فذكره

(1) قال في المصباح: أن الرجل يئن بالكسر أنينا وأنا بالضم صوت فالذكر آن على وزن فاعل والأنثى آنة اه

ص: 533

4229 -

(دفن البنات من المكرمات) أي من الخصال التي يكرم الله تعالى بها أباهن ونعم الصهر القبر لأنها عورة ولضعفها بالأنوثه وعدم استقلالها وكثرة مؤونتها وأثقالها وقد تجر العار وتجلب العدو إلى الدار أخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة أن الحبر ماتت له بنت فأتاه الناس يعزونه فقال: عورة سترت ومؤونة كفيت وأجر ساقه الله تعالى فاجتهد المهاجرون أن يزيدوا فيها حرفا فما قدروا وفي الفردوس عن الحبر نعم الكفء القبر للجارية وأما خبر الصهر القبر فلا أصل له <تنبيه> قال بعضهم: حاشاه أن يقول ذلك كراهة للبنات بل خرج مخرج التعزية للنفس

(خط) من حديث محمد بن معمر عن حميد بن حماد عن مسعر بن كدام عن عبد الله بن دينار (عن ابن عمر) بن الخطاب وحميد بن حماد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالمناكير اه ورواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس وأورد ابن الجوزي هذا الحديث من هذا الطريق وحكم بوضعه وأقره عليه الذهبي والمؤلف في مختصر الموضوعات

ص: 533

4230 -

(دفن الطينة التي يخلق منها) قاله لما رأى حبشيا يدفن بالمدينة وفي رواية للبزار عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بالمدينة فرأى جماعة يحفرون قبرا فسأل عنه فقالوا: حبشي قدم فمات فقال: لا إله إلا الله سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس يدفن كل إنسان في التربة التي خلق منها وأخرج الدينوري في المجالس عن هلال بن يساف قال: ما من مولود يولد إلا وفي سرته من تربة الأرض التي يموت فيها وأخرج عبد بن حميد عن عطاء أن الملك الموكل بالأرحام ينطلق فيأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق من التراب ومن النطفة وذلك قوله تعالى {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} وأخرج الديلمي عن أنس رفعه " ما من مولود يولد إلا وفي سرته من تربته التي خلق منها فإذا رد إلى أرذل العمر رد إلى تربته التي خلق منها حتى يدفن فيها " وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة " ما من مولود يولد إلا بعث الله ملكا يأخذ من الأرض ترابا فيجعله على مقطع سرته فكان فيه شفاؤه وكان قبره حيث أخذ التراب منه

(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: وفيه عبد الله بن عيسى وهو ضعيف

ص: 533

⦗ص: 534⦘

4231 - (دليل الخير كفاعله) يعني من أرشدك إلى خير ففعلته بإرشاده فكأنه فعل ذلك الخير بنفسه قال عياض: أن للدال ثوابا كما لفاعل الخير ثوابا ولا يلزم تساويهما وخالفه غيره كما ستراه وبعكس المعونة في أعمال الخير المعونة في أعمال الشر ذكره عياض أيضا

(ابن النجار) في تاريخ بغداد (عن علي) أمير المؤمنين

ص: 534

4232 -

(دم عفراء أزكى عند الله) في رواية أحب إلى الله (من دم سوداوين) يعني ضحوا بالعفراء وهي الشاة التي يضرب لونها إلى بياض غير ناصع والعفرة لون الأرض فإن دمها عند الله أفضل من دم شاتين سوداوين ذكره الزمخشري

(طب عن كثيرة بنت سفيان) الخزاعية وكانت أدركت الجاهلية قالت: يا رسول الله إني وأدت أربع بنين في الجاهلية قال: اعتقي أربع رقبات قالت: وقال لنا دم عفراء إلخ قال الهيثمي: وفيه محمد بن سليمان بن شمول وهو ضعيف

ص: 534

4233 -

(دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين) يعني في الأضاحي

(حم ك عن أبي هريرة) قال الذهبي في المهذب: فيه أبو نقال واه وقال الهيثمي: فيه أبو نقال قال البخاري: فيه نظر

ص: 534

4234 -

(دم عمار) بن ياسر (ولحمه حرام على النار) أي نار جهنم (إن تأكله أو تمسه) من غير أكل لتمكن الإيمان من قلبه وفي رواية بدل أن تأكله أن تطعمه

(ابن عساكر) في التاريخ من حديث أوس بن أوس (عن علي) أمير المؤمنين قال: كنت مع علي فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله وفيه عطاء بن مسلم الخفاف أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن حبان لا يحتج به وضعفه أبو داود ورواه البزار عن علي أيضا باللفظ المزبور قال الهيثمي: ورجاله ثقات وفي بعضهم كلام لا يضر

ص: 534

4235 -

(دوروا مع كتاب الله حيثما دار) قال الحرالي: من الدور وهو رجوع الشيء عودا على بدء والمراد كما في حديث آخر أحلوا حلاله وحرموا حرامه وهذا الحديث يوضحه ما رواه الطبراني عن معاذ خذوا العطاء ما دام عطاء فإذا صار رشوة على الدين فلا تأخذوه ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار ألا وإن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب

(ك عن حذيفة) بن اليمان

ص: 534

4236 -

(دونك) أي خذي حقك يا عائشة (فانتصري) من زينب التي دخلت بغير إذن وهي غضبي ثم قالت: يا رسول الله حسبك إذا قلبت لك بنية أبي بكر ذريعتها (1) ثم أقبلت على عائشة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ومعنى دون أدنى مكان من الشيء ومنه تدوين الكتب لأنه إدناء البعض من البعض ودونك هذا أي خذه من أدنى مكان منك

(هـ) في النكاح من حديث خالد بن سلمة عن عروة (عن عائشة) قال: فأقبلت عليها حتى رأيتها قد يبس ريقها في فيها لا ترد علي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه قال ابن عدي: خالد لين وقال ابن معين: ثقة لكنه يبغض عليا

(1) قوله ذريعتها قال في النهاية: الذريعة تصغير الذراع ولحوق الهاء فيها لكونها مؤنثة ثم ثنتها مصغرة وأرادت به ساعديها اه

ص: 534

⦗ص: 535⦘

4237 - (دية المعاهد) بفتح الهاء أي الذمي الذي له عهد (نصف دية الحر) فيه حجة لمالك وأحمد على قولهما دية الكتابي كنصف دية مسلم. وقال الشافعي: كثلثها وأبو حنيفة: كدية مسلم <تنبيه> قال بعضهم: حكمة إيجاب الدية أن المتقول يقدم كالشاكي الذي يمشي إلى السلطان مستعديا على من ظلمه فجعل الدية كالإحسان لولي الدم لعل ذلك الشاكي إذا بلغه إحسانه لذوي قرابته يمسك عنه فلا يطالبه عند الله العدل بذمته

(د عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه جماعة لم أعرفهم

ص: 535

4238 -

(دية عقل الكافر نصف عقل المؤمن) قال القاضي: يريد بالكافر الكتابي الذي له ذمة وأمان وبه قال مالك مطلقا وأحمد إن كان القتل خطأ وإن كان عمدا فديته عنده دية مسلم والدية المال الواجب بالجناية على الحر في النفس أو ما دونها مأخوذة من الودي وهو أن يدفع الدية يقال وديت القتيل أديه وديا

(ت عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه

ص: 535

4239 -

(دية المكاتب بقدر ما عتق منه دية الحر وبقدر ما رق منه دية العبد) قال الخطابي: أجمعوا على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم في جنايته والجناية عليه ولم يذهب إلى هذا الحديث إلا النخعي وتعقبه ابن رسلان بأنه حكى عن أحمد

(طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه

ص: 535

4240 -

(دية أصابع اليدين والرجلين سواء عشرة من الإبل لكل أصبع) قال أبو البقاء: وقع في هذه الرواية عشرة بالتاء وهو خطأ والصواب عشر بغير التاء لأن الإبل مؤنثة والتاء لا تثبت في العدد مع المؤنث

(ت عن ابن عباس) رواه عنه أحمد أيضا وكان ينبغي للمصنف ضمه إلى الترمذي وقد رمز المصنف لصحته

ص: 535

4241 -

(دية الذمي دية المسلم) أي مثل ديته وبه أخذ الشعبي والنخعي ومجاهد فقالوا: ديته دية المسلم عمدا كان القتل أو خطأ وإليه ذهب الثوري وأصحاب الرأي نقله القاضي ولفظ رواية الطبراني مثل دية المسلم فكأنه سقط من قلم المؤلف

(طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: وفيه أبو كرز عبد الله بن كرز وهو ضعيف وهذا أنكر حديث رواه اه وفي الميزان في ترجمة عبد الله بن كرز هو قاضي الموصل عن نافع وعنه علي بن الجعد واه وأنكر مالك عن نافع هذا الخبر قال أبو زرعة: هو ضعيف وضرب على حديثه وقال الدارقطني: باطل لا أصل له وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث غريب قال مخرجه الطبراني لم يروه عن نافع إلا أبو كرز تفرد به علي بن الجعد وخرجه الدارقطني أيضا وقال أبو كرز متروك الحديث ولم يروه عن نافع غيره وقد وهاه العقيلي وابن حبان أيضا

ص: 535

4242 -

(دين المرء عقله ومن لا عقل له لا دين له) لأن العقل هو الكاشف عن مقادير العبودية ومحبوب الله ومكروهه وهو الدليل على الرشد والناهي عن الغي وكلما كان حظ العبد من العقل أوفر فسلطان الدلالة فيه أبعد فالعاقل من عقل عن الله أمره ونهيه فأتمر بما أمره وانزجر عما نهاه فتلك علامة العقل وصورة العبادة قد تكون عادة ومن ثم كان المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا ذكر له عبادة رجل سأل عن عقله

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الثواب)

⦗ص: 536⦘

على الأعمال (وابن النجار) في تاريخ بغداد (عن جابر) ورواه عنه الديلمي أيضا

ص: 535