المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الجيم] - فيض القدير - جـ ٣

[عبد الرؤوف المناوي]

الفصل: ‌فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الجيم]

‌فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الجيم]

ص: 353

3607 -

(الجار أحق بصقبه)(1) محركا روي بصاد وبسين أي بسبب قربه من غيره وهذا كما يحتمل كون المراد أنه أحق بالشفعة يحتمل أنه أحق بنحو بر أو صلة والدليل إذا تطرق له الاحتمال سقط به الاستدلال فلا حجة فيه للحنفية على ثبوت الشفعة للجار على أنه يستلزم أن يكون الجار أحق من الشريك ولا قائل به (2)

(خ د ن هـ عن أبي رافع) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (ن هـ عن الشريد) بوزن الطويل (ابن سويد) ولم يخرجه ورواه الشافعي عن أبي رافع قال في المنضد: والحديث في سنده اضطراب وأحاديث أنه لا شفعة إلا للشريك لا اضطراب فيها

(1) سئل الأصمعي عن معنى هذا الحديث فقال: لا أدري ولكن العرب تزعم أن الصقب اللزيق قال في المنتقى: معنى الخبر الحث على عرض المبيع على الجار وتقديمه على غيره

(2)

فائدة: إذا قضى حنفي بشفعة الجوار قيل ينقض قضاؤه لمخالفة النص والصحيح أنه لا ينقض للأحاديث الدالة له وعلى هذا هل يحل للمقضي له أن يفعله باطنا إذا كان شافعيا وجهان أصحها نعم وعليه النووي

ص: 353

3608 -

(الجار أحق بشفعة جاره) أي الشريك أحق بشفعة شريكه (ينتظر) بالبناء للمفعول (بها) أي بحقه من الشفعة أو ينتظر بها الصبي حتى يبلغ (وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا) قال الأبي: هذا أظهر ما يستدل به الحنفية على شفعة الجار لأنه بين بما يكون أحق ونبه على الاشتراك في الطريق لكنه حديث لم يثبت بل هو مطعون به

(حم ع م عن جابر) قال البيهقي: فيه عبد الملك بن أبي سليمان تركه جماعة وقال الشافعي عن جمع تخلق أن لا يكون محفوظا وقال أحمد: حديث منكر وقال الترمذي: سألت عنه البخاري فقال: لا أعلم أحدا رواه عن عطاء غير عبد الملك تفرد به وقال ابن معين: لم يروه غير عبد الملك وأنكروه عليه وقال الترمذي: إنما ترك شعبة الحديث عن عبد الملك لهذا الحديث وقال الصدر المناوي: عبد الملك خرج له مسلم واستشهد به البخاري ولم يخرجا له هذا الحديث لتفرده به وإنكار الأئمة عليه فيه حتى قال بعضهم: هو رأى لفظا أدرجه عبد الملك في الحديث

ص: 353

3609 -

(الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق) أي التمس قبل السلوك في الطريق رفيقا تحصل به المرافقة على قطع السفر كما سبق (والزاد (1) قبل الرحيل) أي وأعد لسفرك زادا قبل الشروع فيه وإعداده لا ينافي التوكل وزاد الديلمي في رواية واتخذوا ذكر الله تجارة يأتكم الرزق بغير بضاعة اه وكذا عند رافع بن خديج قال الزركشي: وأسانيده ضعيفة

(خط في الجامع عن علي) أمير المؤمنين (تتمة) قال الراغب: قيل لرابعة لم لا تسألين الله في دعائك الجنة فقالت:

⦗ص: 354⦘

الجار قبل الدار وبهذا النظر قال بعضهم: من عبد الله بعوض فهو لئيم وقال المصنف في الدرر: وسنده ضعيف انتهى ورواه عنه أيضا الحاكم والدارمي والعقيلي في الضعفاء والعسكري قال السخاوي: وكلها ضعيفة لكن بالانضمام يتقوى

(1) وكل من الجار والرفيق والزاد يجوز نصبه بفعل مقدر ورفعه بالإبتداء أي اتخذه أو يتخذ

ص: 353

3610 -

(الجالب) أي الذي يجلب المتاع يبيع ويشتري (مرزوق) أي يحصل له الربح من غير إثم (والمحتكر) أي المحتبس للطعام الذي تعم الحاجة إليه للغلاء (ملعون) أي مطرود عن الرحمة ما دام مصرا على ذلك الفعل الحرام

(هـ) في البيوع من حديث إسرائيل عن علي بن سالم عن علي بن زيد بن المسيب (عن عمر) بن الخطاب قال الذهبي: علي عن علي ضعفاء اه وقال المناوي: فيه علي بن سالم مجهول وقال البخاري: لا يتابع على حديثه اه وقال ابن حجر: سنده ضعيف وفي الميزان علي بن سالم بصري قال البخاري: لا يتابع على حديثه ثم أورد له هذا الخبر قال أعني في الميزان وماله غيره

ص: 354

3611 -

(الجالب إلى سوقنا) أيها المؤمنون (كالمجاهد في سبيل الله) في حصول مطلق الأجر (والمحتكر في سوقنا كالملحد في كتاب الله) القرآن في مطلق حصول الوزر وإن اختلفت المقادير وتفاوت الثواب والعقاب

(الزبير بن بكار في أخبار المدينة) النبوية (ك) في البيع (عن اليسع بن المغيرة) المخزومي المكي التابعي قال في التقريب: كأصله لين الحديث (مرسلا) قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل في السوق يبيع طعاما بسعر هو أرخص من سعر السوق فقال: تبيع في سوقنا بأرخص قال: نعم قال: صبرا واحتسابا قال: نعم قال: أبشر فذكره وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الإرسال والأمر بخلافه فقد قال الذهبي: خبر منكر وإسناده مظلم

ص: 354

3612 -

(الجاهر بالقرآن)(1) أي بقراءته (كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة) شبه القرآن جهرا وسرا بالصدقة جهرا وسرا ووجه الشبه أن الإسرار أبعد من الرياء فهو أفضل لخائفه فإن لم يخفه فالجهر لمن لم يؤذ غيره أفضل

(د ت ن) في الصلاة وحسنه الترمذي (عن عقبة بن عامر) الجهني (ك عن معاذ) بن جبل وفيه من الطريق الأول إسماعيل بن عياش ضعفه قوم ووثقه آخرون

(1) قال الشيخ يحيى النووي: جاءت أحاديث بفضيلة رفع الصوت بالقراءة وآثار بفضيلة الإسرار قال العلماء: والجمع بينهما أن الإسرار أبعد من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف فإن لم يخف فالجهر أفضل بشرط أن لا يؤذي غيره من مصل أو نائم أو غيرهما

ص: 354

3613 -

(الجبروت في القلب) ومن ثم قالوا الظلم كمين في النفس القوة تظهره والعجز يخفيه قال الديلمي: وأصل الجبروت القهر والسطوة والامتناع والتعظيم اه

(ابن لال) والديلمي (عن جابر) بن عبد الله بسند ضعيف لكن شاهد خبر أحمد وابن منيع والحارث عن علي مرفوعا: إن الرجل ليكتب جبارا وما يملك غير أهله ببيته

ص: 354

3614 -

(الجدال في القرآن كفر) أي الجدال المؤدي إلى مراء ووقوع في شك أما التنازع في الأحكام فجائز إجماعا إنما المحذور جدال لا يرجع إلى علم ولا يقضى فيه بضرس قاطع وليس فيه اتباع للبرهان ولا تأول على النصفة بل يخبط

⦗ص: 355⦘

خبط عشواء غير فارق بين حق وباطل

(ك) من حديث عمر بن أبي سلمة عن أبيه (عن أبي هريرة) ثم قال: الشيخان لم يحتجا بعمر اه. وعمر هذا أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه ابن معين وقال النسائي: ليس بقوي

ص: 354

3615 -

(الجراد) بفتح الجيم والتخفيف اسم جنس واحده جرادة للذكر والأنثى: من الجرد لأنه لا ينزل على شيء إلا جرده وحلقه (نثرة حوت) بنون ومثلثة وراء أي عطسته يقال نثرت الشاة نثرا إذا عطست (في البحر) والمراد أن الجراد من صيد البحر كالسمك يحل للمحرم أن يصيده. ذكره كله الزمخشري وقال الديلمي: قال زياد حدثني من رأى الحوت ينثره وقد أجمعوا على حل أكله بغير تذكية لكن المشهور عند المالكية اشتراط تذكيته ثم اختلفوا في صفتها فقالوا: يقطع رأسه وقيل يوضع في قدر أو نار وقال ابن وهب أخذه ذكاة

(هـ) وكذا الخطيب كلاهما (عن أنس) بن مالك (وجابر) بن عبد الله (معا) قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدعو على الجراد اللهم اقتل كباره وأهلك صغاره وأفسد بيضه واقطع دابره وخذ بأفواهه عن معائشنا وأرزاقنا إنك سميع الدعاء فقال رجل: يا رسول الله تدعو على جند من أجناد الله بقطع دابره فقال: إنما الجراد فذكره قال ابن حجر: سنده ضعيف وأورده ابن الجوزي في الموضوعات

ص: 355

3616 -

(الجراد من صيد البحر) تمامه فكلوه قال القاضي: عده من صيده لأنه يشبهه من حيث أنه تحل ميتته ولا يفتقر إلى التذكية أو لما قيل إن الجراد يتوالد من الحيتان كالديدان وقال في الفتح: هذا حديث ضعيف ولو صح كان فيه حجة لمن قال: إنه لا جزاء فيه إذا قتله المحرم والجمهور على خلافه

(د) في الحج (عن أبي هريرة) قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حج أو عمرة قال: فاستقبلنا جراد فجعلنا نضرب بنعلنا وأسواطنا فذكره خرجه أبو داود من طريقين وافقه الترمذي في واحدة وكلاهما ضعيفة فالرواية التي انفرد بها فيها ميمون بن حبان وهو كما قال المناوي كعبد الحق ضعيف لا يحتج به والآخر فيها أبو المهزم ضعيف ولما خرجهما أبو داود نفسه قال الحديثان جميعا وهم اه

ص: 355

3617 -

(الجرس) بالتحريك الجلجل وحكى عياض سكون الراء قال جدنا الأعلى للإمام الزين العراقي: والتحقيق أن الذي بالفتح اسم الآلة وبالسكون اسم الصوت فإن أصل الجرس بالسكون الصوت الخفي اه. وتقدمه القرطبي فقال: بفتح الراء ما يعلق في أعناق الإبل مما له صلصلة وأما بسكونها فالصوت الخفي فقال بفتح الجيم وكسرها اه. (مزامير) وفي رواية مزمار وفي رواية من مزامير (الشيطان) أخبر عن المفرد بالجمع لإرادة الجنس وأضافه إلى الشيطان لأن صوته شاغل عن الذكر والفكر فيكره سفرا وحضرا وينبغي لمن سمعه سد أذنيه لكن لا يجب لقولهم لو كان بجواره ملاهي محرمة لم يلزمه النقلة ولا يأثم بسماعها بلا قصد قال ابن حجر: الكراهة لصوته لأن فيه شبها لصوت الناقوس وشكله. قال النووي: والجمهور على أن الكراهة تنزيهية لا تحريمية

(حم م د عن أبي هريرة) ووهم الحاكم فاستدركه

ص: 355

3618 -

(الجزور) بوزن فعول من الجزر وهو القطع الواحد من الإبل يتناول الذكر والأنثى إلا أن اللفظة مؤنثة (عن سبعة) أي تجزئ عن سبعة أنفس في الأضاحي فيجوز شركة سبعة في بدنة أو بقرة يشترونها ويذبحونها عن أنفسهم وبه قال الأئمة الثلاثة وهو حجة على مالك والليث في ذهابهما إلى المنع أما الشاة فلا تجزئ عن واحد

(الطحاوي) بفتح الطاء والحاء المهملتين نسبة إلى طحا قرية بصعيد مصر وهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة تفقه على خاله المزني صاحب

⦗ص: 356⦘

الشافعي ثم تحول حنفيا وصنف في الحديث عدة كتب (عن أنس) بن مالك ظاهر اقتصاره على الطحاوي أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه أبو داود في الأضاحي عن جابر بزيادة فقال: البدنة عن سبعة والجزور عن سبعة ورواه الترمذي بلفظ الجزور عن سبعة والبقرة عن سبعة في الأضاحي وما أراه إلا ذهل عنه

ص: 355

3619 -

(الجزور في الأضحى عن عشرة) أي مجزئة عن عشرة ولم أر من قال به من المجتهدين بل حكى القرطبي الإجماع على المنع فيما زاد على سبعة

(طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي: فيه عطاء بن السائب وقد اختلط انتهى ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن ابن مسعود المذكور ثم قال: أيوب أبو الجمل أحد رواته ضعيف ولم يروه عن عطاء غيره

ص: 356

3620 -

(الجفاء كل الجفاء) أي البعد كل البعد (والكفر والنفاق من سمع منادي الله ينادي) أي سمع المؤذن يؤذن (بالصلاة) المكتوبة (ويدعو إلى الفلاح فلا يجيبه) أي يدعوه إلى سبب البقاء في الجنة وهو الصلاة في الجماعة (1) والفلاح والفلح البقاء ذكره الديلمي قال أبو البقاء: الجفاء في الأصل مصدر وهو هنا مبتدأ وكل الجفاء توكيد والكفر والنفاق معطوفان على الجفاء ومن سمع خبر المبتدأ إذ لا بد فيه من حذف مضاف أي إعراض من سمع لأن من بمعنى شخص أو إنسان والجفاء ليس بالإنسان والخبر يجب أن يكون هو المبتدأ في المعنى والإعراض جفاء وهذا الحديث من أقوى حجج من أوجب الجماعة لما أفاده من الوعيد قال الكمال: والمراد به أن وصف النفاق يتسبب عن التخلف عنها لا الإخبار بالواقع أن التخلف لا يقع إلا من منافق فإن الإنسان قد يتخلف كسلا مع صحة الإسلام ويقين التوحيد وعدم النفاق

(طب) وكذا الديلمي من حديث ابن لهيعة عن زيان عن سهل بن معاذ (عن) أبيه (معاذ بن أنس) ورواه عنه أيضا أحمد باللفظ المزبور من الوجه المذكور ولعل المؤلف ذهل عنه وإلا فهو أحق بالعزو كما مر غير مرة قال الهيثمي: وفيه زيان بن فائد ضعفه ابن معين ووثقه أبو حاتم

(1) بالسعي إلى الجماعة والمراد الحث على حضور الجماعة لأن المتخلف يصير كافرا أو منافقا

ص: 356

3621 -

(الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة بعد الصلاة عبادة) أي من العبادة التي يثاب عليها فاعلها (والنظر في وجه العالم) أي العامل بعلمه والمراد العلم الشرعي (عبادة ونفسه) بفتح الفاء (تسبيح) أي بمنزلة التسبيح

(فر عن أسامة بن زيد) وفيه أحمد بن عيسى المصري أورده الذهبي في الضعفاء وقال: كان ابن معين يكذبه وهو ثقة

ص: 356

3622 -

(الجلوس مع الفقراء) إيناسا لهم وجبرا لخواطرهم (من التواضع) الذي تطابقت الشرائع والملل على مدحه (وهو من أفضل الجهاد) إذ هو جهاد للنفس عما هو طبيعتها وسجيتها من التكبر والتعاظم والتيه سيما على الفقراء

(فر عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن الحسين السلمي الصوفي قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان كان يضع الحديث

ص: 356

3623 -

(الجماعة بركة) أي لزوم جماعة المسلمين زيادة في الخير (والسحور) للصائم (بركة) أي نمو وزيادة في الأجر (والثريد بركة) لما فيه من المنافع التي ربما أربت على اللحم قال الديلمي: زاد أنس بن مالك والمشورة بركة

(ابن شاذان في مشيخته

⦗ص: 357⦘

عن أنس) بن مالك ورواه الحارث بن أبي أسامة وأبو يعلى والديلمي من حديث أبي هريرة ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لابن شاذان مع وجوده لمن ذكر

ص: 356

3624 -

(الجماعة رحمة) أي لزوم جماعة المؤمنين موصل إلى الرحمة {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} (والفرقة عذاب) لأنه تعالى جمع المؤمنين على معرفة واحدة وشريعة واحدة ليألف بعضهم بعضا بالله وفي الله فيكونون كرجل واحد على عدوهم فمن انفرد عن حزب الرحمن انفرد به الشيطان وأوقعه فيما يؤديه إلى عذاب النيران قال العامري في شرح الشهاب: لفظ الجماعة ينصرف لجماعة المسلمين لما اجتمع فيهم من جميل خصال الإسلام ومكارم الأخلاق وترقي السابقين منهم إلى درجة الإحسان وإن قل عددهم حتى لو اجتمع التقوى والإحسان اللذان معهما الرحمة في واحد كان هو الجماعة فالرحمة في متابعته والعذاب في مخالفته

(عبد الله) بن أحمد (في زوائد المسند) أي مسنده المشهور (والقضاعي) في مسند الشهاب (عن النعمان بن بشير) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: الجماعة إلخ قال الزركشي بعد عزوه لأحمد والطبراني: فيه الجراح بن وكيع قال الدارقطني: ليس بشيء وقال المصنف في الدرر: سنده ضعيف وقال السخاوي: سنده ضعيف لكن له شواهد

ص: 357

3625 -

(الجمال في الرجل اللسان) أي فصاحة اللسان كما تفسره روايات أخر وهو معدود من جوامع الكلم ولما أرسل المصطفى إلى الكافة أيد طبعه بالفصاحة من غير تكلف لا كتكلف المتشدقين وسجع المتملقين المتصنعين

(ك عن علي بن الحسين) زين العابدين (مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندا لأحد وإلا لما عدل لرواية إرساله وهو قصور فقد رواه ابن لال والديلمي من حديث العباس بن عبد المطلب

ص: 357

3626 -

(الجمال صواب القول بالحق والكمال حسن الفعال بالصدق) لأن جمال الكمال في سعة العلم والحق والعدل والصواب والصدق والأدب فإذا لم يعمل فهو جاهل وإذا علم احتاج أن يكون محقا فيعمل بذلك العلم فإذا عمل احتاج إلى إصابة الصواب فقد يعمل ذلك الغير في غير وقته فلا يصيب فإذا عمل الصواب احتاج إلى العدل فيكون مزيدا به وجه الله فإذا عدل احتاج إلى الصدق بأنه لا يلتفت إلى نفسه فيوجب لها ثوابا فتحتجب عنه المنية فذلك هو الجمال والكمال في الحقيقة وهذا قاله لعمه العباس لما جاءه وعليه ثياب بيض فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما يضحكك قال: جمالك قال: وما الجمال فذكره

(الحكيم) الترمذي (عن جابر) بن عبد الله قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب فقد رواه أبو نعيم في الحلية والديلمي في الفردوس والبيهقي في الشعب فعدوله للحكيم واقتصاره عليه الموهم غير لائق ثم إن فيه أيوب بن يسار الزهري قال الذهبي: ضعيف جدا تفرد به عنه عمر بن إبراهيم وهو ضعيف جدا

ص: 357

3627 -

(الجمال في الإبل) أي في اتخاذها واقتنائها (والبركة) أي النمو والزيادة في الخير (في الغنم) يشمل الضأن

⦗ص: 358⦘

والمعز (والخيل في نواصيها الخير) أي معقود في نواصيها إلى يوم القيامة وسيجيء بيانه

(الشيرازي في) كتاب (الألقاب عن أنس) بن مالك

ص: 357

3628 -

(الجمعة إلى الجمعة) المضاف محذوف أي صلاة الجمعة منتهى إلى الجمعة والجمعة بضم الجيم مخففة أشهر من فتحها وسكونها وكسرها وشدها وتاؤه ليست للتأنيث لأن اليوم مذكر بل للمبالغة كما في علامة (كفارة ما بينهما) من الذنوب الصغائر (ما لم تغش الكبائر) حكى ابن عطية عن جمهور أهل السنة أن اجتناب الكبائر شرط لتكفير هذه الفرائض للصغائر فإن لم تجتنب فلا تكفير بالكلية وعن الحذاق أنها تكفر الصغائر ما لم يصر عليها وإن فعل الفرائض لا يكفر شيئا من الكبائر أصلا وإلا لزم بطلان فرضية التوبة وقول ابن حزم العمل يكفر الكبائر رد بأنه إن أريد أن من عمل وهو مصر على كبير يغفر فهو معلوم البطلان من الدين ضرورة وأن من لم يصر وحافظ على الفرائض بغير توبة كفرت بذلك فمحتمل لظاهر آية {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} كذا قرره جمع لكن أطلق الجمهور أن الكبيرة لا يكفرها إلا التوبة

(هـ عن أبي هريرة) ورواه الحاكم والديلمي بنحوه

ص: 358

3629 -

(الجمعة) إنما تجب (على من سمع النداء) أي أذان المؤذن لها وفي رواية للدارقطني بدله التأذين فتجب على من سمع النداء أو كان في قوة السامع سواء أكان داخل البلد أو خارجه عند الشافعي كالجمهور وقصر أبو حنيفة الوجوب على أهل البلد <تنبيه> قال في الروض: يوم الجمعة كان يسمى في الجاهلية يوم العروبة ولم يسم الجمعة إلا في الإسلام ولهذا قال بعضهم: إنه اسم إسلامي وكعب بن لؤي جد المصطفى صلى الله عليه وسلم هو أول من جمع يوم العروبة وقيل هو أول من سماها الجمعة فكانت قريش تجتمع إليه فيخطبهم ويذكرهم ذكره الماوردي في كتاب الأحكام

(د) في الجمعة (عن ابن عمرو) بن العاص قال عبد الحق: الصحيح وقفه وقال ابن القطان: فيه أبو سلمة بن نبيه مجهول وعبد الله بن هارون مجهول وفي الميزان أبو سلمة بن نبيه نكرة تفرد عنه محمد بن سعيد الطائفي وشيخه ابن هارون كذلك

ص: 358

3630 -

(الجمعة حق واجب على كل مسلم مكلف) زاد في رواية يؤمن بالله واليوم الآخر (في جماعة) فيشترط أن تقام في جماعة (إلا على أربعة) بالنصب لأنه استثناء من موجب (عبد مملوك) فلا جمعة عليه لشغله بخدمة سيده (أو امرأة) ومثلها الخنثى (أو صبي) ولو مراهقا (أو مريض) وكذا مسافر وكل من له عذر مرخص في ترك الجماعة وفي نسخ عبدا مملوكا إلى آخره بالنصب وهو أحسن لأنها عطف بيان لأربعة المنصوب وقد جرت عادة المتقدمين أن يكتبوا المنصوب بغير ألف فصورة الرفع مخرجة عليه وقد يعرب خبر مبتدأ محذوف وقال المظهر: إلا بمعنى غير وما بعده بالجر صفة لمسلم

(د ك) في الجمعة (عن طارق) بالمهملة والقاف (ابن شهاب) ابن عبد شمس البجلي بفتح الموحدة والجيم الأحمسي الصحابي الكوفي وقد مر. ظاهر صنيع المصنف أن أبا داود خرجه ساكتا عليه وليس كذلك بل تعقبه بقوله طارق هذا رأى النبي ولم يسمع منه شيئا اه. وقال الخطابي: إسناده ليس بذلك ولعل المصنف اغتر بقول النووي على شرط الشيخين ومراده أنه مرسل صحابي وهو حجة على أن بعض المحققين رده بأن فيه عياش بن عبد العظيم ولم يخرج له البخاري إلا تعليقا فكيف هو على شرطهما وبأن مرسل الصحابي إنما يكون حجة إن ثبت سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة اه. ولما ذكر ابن حجر الخبر قال: فيه أربعة أنفس ضعفاء على الولاء قاله ابن القطان

ص: 358

⦗ص: 359⦘

3631 - (الجمعة على من آواه الليل إلى أهله) أي الجمعة واجبة على من كان بمحل لو أتى إليها أمكنه الرجوع بعدها إلى وطنه قبل دخول الليل وبه قال الحنفية واستشكل بأنه يلزم منه أن يجب السعي من أول النهار وهو مخالف لقوله تعالى {إذا نودي للصلاة} الآية قال الحرالي: والأهل مسكن المرء من زوج ومستوطن

(ت عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه رواه ساكتا والأمر بخلافه بل تعقبه فقال: إسناده ضعيف إنما يروى من حديث معارك بن عباد عن عبد الله بن سعيد المقبري والمقبري مضعف قال أعني الترمذي: وقد ذكر أحمد بن الحسن هذا الحديث لأحمد ابن حنبل فغضب عليه وقال له استغفر ربك مرتين انتهى قال الدارقطني: عبد الله بن سعيد المقبري قال أحمد متروك وقال البخاري عن القطان استبان كذبه انتهى وقال الذهبي: معارك ضعيف وعبد الله ساقط متهم وحجاج متروك

ص: 359

3632 -

(الجمعة واجبة إلا على امرأة أو صبي أو مريض أو عبد أو مسافر)(1) <فائدة> قال ابن سراقة في الأعداد: خص نبينا بصلاة الجمعة والجماعة وصلاة الليل وصلاة العيدين والكسوفين والاستسقاء والوتر

(طب عن تميم الداري) قال البخاري: فيه نظر وقال ابن القطان: فيه أبو عبد الله الشامي مجهول انتهى وأورده في الميزان في ترجمة الحكم بن عمر الجزري وقال: قال البخاري: لا يتابع عليه وفي اللسان قال أبو حاتم: هو شيخ مجهول وكذا الأزدي كذاب ساقط

(1) أي لا يلزمه الحضور إليها فإن حضر إلى المكان الذي تقام فيه حرم انصرافه ما لم يزد ضرره

ص: 359

3633 -

(الجمعة على الخمسين رجلا وليس على ما دون الخمسين جمعة) وبه أخذ بعض المجتهدين واشترط الشافعي أربعين لدليل آخر

(طب عن أبي أمامة) قال الذهبي في المهذب: حديث واه وقال الهيثمي: فيه جعفر بن الزبير صاحب القسم وهو ضعيف جدا وقال ابن حجر: جعفر بن الزبير متروك وهياج بن بسطام متروك

ص: 359

3634 -

(الجمعة واجبة على كل) أي على أهل كل (قرية) زاد في رواية للدارقطني فيها إمام (وإن لم يكن فيها إلا أربعة) من الرجال وفي رواية وإن لم يكن إلا ثلاثة رابعهم إمامهم قال البيهقي: يعني بالقرى المدائن وكذا روى عن الموقري والحكم الأيلي عن الزهري

(قط هب) عن معاوية بن سعيد التجيبي والوليد بن محمد والحكم بن عبد الله قالوا حدثنا الزهري (عن أبي عبد الله الدوسية) قال الدارقطني: كل هؤلاء متروكون ولم يسمع الزهري من الدوسية وكل من رواه متروك وقال الذهبي: فيه متروكان وتالف وقال ابن حجر: هو ضعيف ومنقطع أيضا وقال في محل آخر: إسناده واه جدا

ص: 359

3635 -

(الجمعة حج المساكين) جمع مسكين وهو الذي أسكنه الخلة وأصله دائم السكون كالمستكبر الدائم الكبر ذكره القاضي يعني من عجز عن الحج وذهابه يوم الجمعة إلى المسجد هو له كالحج وليس معناه سؤال الناس له

(ابن زنجويه في ترغيبه والقضاعي) في مسند الشهاب والحارث بن أبي أسامة كلهم من حديث عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن مقاتل عن الضحاك (عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وأورده في الميزان في ترجمة عيسى هذا وقال عن جمع: هو منكر الحديث متروك انتهى وقال السخاوي: مقاتل ضعيف وكذا الراوي عنه

ص: 359

3636 -

(الجمعة حج الفقراء) قال العامري: لما عجز المسكين عن مال الحج أو ضعف وكان يتمناه بقلبه نظر الكريم

⦗ص: 360⦘

إلى تحسره فأعطاه ثواب الحج بقصده على منوال خبر إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا إلا وقد سبقوكم إليه حبسهم العذر

(القضاعي وابن عساكر عن ابن عباس)

ص: 359

3637 -

(الجنازة متبوعة وليست بتابعة) وفي رواية الجنازة متبوعة لا تبع (1) قال الطيبي: قوله لا تبع صفة مؤكدة أي متبوعة غير تابعة (ليس منا) كذا قال هو في خط المصنف وفي نسخ ليس منها وفي نسخ المصابيح والمشكاة وغيرها ليس معها وهو أوضح (من تقدمها) أي لا يعد مشيعا لها قال الطبري: هذا تقرير بعد تقرير ينبغي من تقدم الجنازة ليس ممن يشيعها فلا يثبت له الأجر وبهذا أخذ أبو حنيفة ووافقه النووي في الراكب وفضل الشافعية إطلاق المشي أمامها لأنهم شفعاء الميت إلى الله والشفيع يمشي قدام المشفوع له (2) قالوا: والخبر ضعيف وقال البيهقي: الآثار بالمشي أمامها أصح وأكثر

(هـ) في الجنائز (عن ابن مسعود) قال ابن الجوزي: حديث لا يثبت وفيه أبو ماجد قال الدارقطني: مجهول وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه تفرد بإخراجه من بين الستة وأنه لا علة له والأمر بخلافه أما أولا فلأن أبا داود والترمذي خرجاه أيضا في الجنائز واستغربه الترمذي وأما ثانيا فلأنه عندهم من رواية أبي ماجد وقد قال الترمذي عن البخاري أنه ضعفه وأن ابن عيينة قال ليحيى التميمي الراوي عن أبي ماجد من هو فقال: طائر طار فحدثنا اه وقال الدارقطني: مجهول. وابن عدي: منكر الحديث. والذهبي: تركوه. وقال البيهقي: أحاديث المشي خلفها كلها ضعيفة

(1) في العلقمي قال شيخنا قال العراقي في قوله الجنازة متبوعة يحتمل ذلك في حالة الصلاة عليها جمعا بين الأحاديث

(2)

والأفضل أن يكون قريبا منها وكل ما قرب منها هو أفضل سواء كان راكبا أو ماشيا ولو تقدم عليها كثيرا فإن كان بحيث لا ينسب إليها لكثرة بعده وانقطاعه عن تابعيها لم يحصل له فضيلة المتابعة ولو مشى خلفها حصل له فضيلة أصل المتابعة ولكنه فاته كمالها

ص: 360

3638 -

(الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله)(1) أحد سيور النعل التي بوجهها والنعل ما وقيت به القدم (والنار مثل ذلك) أي النار مثل الجنة في كونها أقرب من شراك النعل فضرب القرب مثلا بالشراك لأن سبب حصول الثواب والعقاب إنما هو سعي العبد ومجرى السعي بالأقدام وكل من عمل خيرا استحق الجنة بوعده ومن عمل شرا استحق النار بوعيده وما وعد وأوعد منجزان فكأنهما حاصلان ذكره الطيبي وقال غيره: أراد أن سبب دخول الجنة والنار مع صفة الشخص وهو العمل الصالح والسيء وهو أقرب إليه من شراك نعله إذ هو مجاوز له والعمل صفة قائمة به وقيل وجه الأقربية أن يسيرا من الخير قد يكون سببا لدخول الجنة وقليلا من المنكر قد يكون سببا للنار فينبغي الرغبة في كل أسباب الجنة وتجنب جميع أسباب النار (2) وعلى هذا فالقرب معنوي وإلا فالجنة فوق السماوات السبع قال تعالى {عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى} وثبت أن سدرة المنتهى فوق السماء وفي خبر رواه أبو نعيم وغيره أن الجنة في السماء وروى ابن منده عن مجاهد قلت لابن عباس: أين الجنة قال: فوق سبع سماوات قلت: فأين النار قال: تحت سبعة أبحر مطبقة ولا ينافيه خبر ابن أبي شيبة عن ابن عمرو موقوفا الجنة مطوية معلقة بقرون الشمس تنشر في كل عام مرة لأنه أراد ما يحدثه الله بالشمس كل سنة مرة من أنواع الثمار والفواكه والنبات جعلها الله تذكيرا بتلك الجنة وآية تدل عليها كما جعل النار مذكرة بتلك وإلا فالجنة فوق الشمس وأكبر منها فكيف تعلق بقرونها

(حم خ)

⦗ص: 361⦘

في الرقائق (عن ابن مسعود) ولم يخرجه مسلم

(1) والشسع بكسر المعجمة وسكون المهملة بعدها عين مهملة السير الذي يجعل فيه أصبع الرجل من النعل وكلاهما يختل المشي بفقده

(2)

فإنه لا يعلم الحسنة التي يرحمه الله بها ولا السيئة التي يسخط عليه بها وقال ابن الجوزي: معنى الحديث أن تحصيل الجنة سهل بتصحيح القصد وفعل الطاعة والنار كذلك بموافقة الهوى وفعل المعصية

ص: 360

3639 -

(الجنة لها ثمانية أبواب (1) والنار لها سبعة أبواب (2)) إنما كانت أبواب الجنة ثمانية لأن مفتاح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله وكذلك المفتاح ثمانية أسنان: الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبر والصلة فلكون أنواع الأعمال ثمانية جعلت أبوابها ثمانية وإنما كانت أبواب النار سبعة لأن الأديان سبعة: واحد للرحمن وستة للشيطان فالتي للشيطان اليهودية والنصرانية والمجوسية والوثنية والدهرية والإبراهيمية والصنف السابع أهل التوحيد كالخوارج والمبتدعة والظلمة والمصرين على الكبائر فهؤلاء كلهم صنف فوافق عدة الأبواب عدة الأصناف ذكره السهيلي

(ابن سعد) في الطبقات (عن عتبة بن عبد) عتبة بن عبد في الصحابة ثمالي وأنصاري وسلمي فكان ينبغي تمييزه

(1) بعضها مختص بجماعة لا يدخل منه غيرهم كالريان للصائمين وباب الضحى للملازمين على صلاتها وبعضها مشترك

(2)

يدخلون منها أو طبقات ينزلونها بحسب مراتبهم وهي جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية

ص: 361

3640 -

(الجنة مئة درجة) يعني درجها الكبائر مئة وفي ضمن كل درجة منها درجات صغار كثيرة فلا تعارض بينه وبين خبر أحمد يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه (1)(ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض) هذا التفاوت إما بحسب الصورة كطبقات السماء أو بحسب المعنى أي باعتبار التفاوت في القرب إلى الله ولا مانع من الجمع وفيه دلالة على أنها في غاية العلو ونهاية الارتفاع ففيه رد لما روى ابن منده عن عبد الله أن الجنة في السماء الرابعة والذي قاله ابن عباس ودلت عليه الأحاديث أنها في السابعة ذكره السمهودي في ختم ابن ماجه وقوله ما بين كل درجتين إلى آخره يقتضي أن المسافة في ذلك مسيرة خمس مئة عام وهو مخالف لما رواه الترمذي أن ما بين كل درجتين مئة عام وأجيب بأن ذلك يختلف بالسرعة والبطء في السير فالمئة للسريع والخمس مئة للبطيء ذكره ابن القيم

(ابن مردويه) في التفسير (عن أبي هريرة) وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذي وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو عجب فقد خرجه الحاكم باللفظ المزبور وقال على شرطهما

(1) فهذا يدل على أن في الجنة درجات على عدد آي القرآن وهي تنيف على ستة آلاف آية فإذا اجتمعت للإنسان فضيلة الجهاد مع فضيلة القرآن جمعت له تلك الدرجات كلها وهكذا كلما زادت أعماله زادت درجاته

ص: 361

3641 -

(الجنة مئة درجة ولو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم) لسعة أرجائها وكثرة مرافقها ولعظم سعتها وغاية ارتفاعها يكون الصعود من أدناها إلى أعلاها

(حم ع عن أبي سعيد) الخدري ظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وإلا لما عدل عنه والأمر بخلافه فقد رواه الترمذي عن أبي سعيد المذكور بلفظ الجنة مئة درجة ولو أن الناس كلهم في درجة واحدة لوسعتهم اه بلفظه فالعدول عنه من ضيق العطن

ص: 361

3642 -

(الجنة تحت أقدام الأمهات) يعني التواضع لهن وترضيهن سبب لدخول الجنة وتمامه كما في الميزان من شيئين أدخلن ومن شيئين أخرجن وقال العامري: المراد أنه يكون في برها وخدمتها كالتراب تحت قدميها مقدما لها على

⦗ص: 362⦘

هواه مؤثرا برها على بر كل عباد الله لتحملها شدائد حمله ورضاعه وتربيته وقال بعض الصوفية: هذا الحديث له ظاهر وباطن وحق وحقيقة لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم فقوله الجنة إلخ ظاهره أن الأمهات يلتمس رضاهن المبلغ إلى الجنة بالتواضع لهن وإلقاء النفس تحت أقدامهن والتذلل لهن والحقيقة فيه أن أمهات المؤمنين هن معه عليه السلام أزواجه في أعلى درجة في الجنة والخلق كلهم تحت تلك الدرجة فانتهاء زوس الخلق في رفعة درجاتهم في الجنة وآخر مقام لهم في الرفعة أول مقام أقدام أمهات المؤمنين فحيث انتهى الخلق فهن ثم ابتداء درجاتهن فالجنة كلها تحت أقدامهن وهذا قاله لمن أراد الغزو معه وله أم تمنعه فقال: الزمها ثم ذكره قال الذهبي: فيه أن عقوق الأمهات من الكبائر وهو إجماع

(القضاعي) في مسند الشهاب (خط في الجامع) كلاهما من حديث منصور بن مهاجر عن النضر الأبار (عن أنس) قال ابن طاهر: ومنصور وأبو النضر لا يعرفان والحديث منكر اه. فقول العامري على شرحه حسن غير حسن. وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من الستة وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول فقد خرجه النسائي وابن ماجه وكذا أحمد والحاكم وصححه وأعجب من ذلك أن المصنف في الدرر عزاه إلى مسلم باللفظ المذكور من حديث النعمان بن بشير فيا له من ذهول ما أبشعه

ص: 361

3643 -

(الجنة تحت ظلال) وفي رواية للبخاري بارقة (السيوف) أي الجهاد مآله الجنة فهو تشبيه بليغ كزيد بحرا وهو استعارة يعني أن ظلال السيوف والضرب بها في سبيل الله سبب للفوز بظلال بساتين الجنة ونعيمها لما أنه سبب موصل إليها ذكره بعضهم وفي النهاية هو كناية عن الدنو من الضرب في الجهاد حتى يعلوه السيف ويصير ظله عليه وقال الطيبي: معناه ثواب الله والسبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيف في سبيل الله فاحضروا الجهاد بصدق النية واثبتوا وإنما نهى عن لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب والإتكال على النفس والوثوق بالقوة ولمخالفته للحزم والاحتياط وخص السيوف لكونها أعظم آلات الحرب وأنفعها

(ك) في الجهاد (عن أبي موسى) قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي وكان على المصنف إثبات هذا في حرف إن لأنه في رواية الحاكم بأن في أوله كما رأيته في المستدرك بخط الذهبي ثم إن ظاهر كلام المصنف أن هذا مما لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما وهو ذهول فقد رواه البخاري عن ابن أبي أوفى مرفوعا بلفظ اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف وأخرجه مسلم أيضا في المغازي وأبو داود في الجهاد فاقتصار المؤلف على الحاكم من ضيق العطن وممن عزاه إلى الشيخين معا صاحب مسند الفردوس

ص: 362

3644 -

(الجنة دار الأسخياء) السخاء المحمود شرعا لأن السخاء من أخلاق الله العظيمة وهو يحب من يتخلق بشيء من أخلاقه فلذلك صلحوا لجواره في داره ولذا ورد في خبر عبد الحكيم ما جبل الله وليا قط إلا على السخاء ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل سخت أنفسهم بدنياهم لأخراهم فوصلوا أرحامهم وآثروا بها فقراءهم وسلموا أنفسهم لعبادة الرحمن فظفروا بالجنان وأعلى من هؤلاء من سخت أنفسهم عن الدنيا بما فيها وعابوا الالتفاف إليها لشغلها عن المولى (خاتمة) قال الإمام الرازي: الجنة موضعها فوق السماء وتحت العرش كما ذكره الإمام مالك فالجنة فوق السماوات والنار في أسفل الأرضين كذا ذكره في تفسيره وذهب ابن حزم أن الجنة في السماء السادسة تعلقا بقوله تعالى {عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى} وسدرة المنتهى في السماء السادسة

(عد) عن زيد بن عبد العزيز عن جحدر عن بقية عن الأوزاعي عن الزهري عن عائشة ثم قال مخرجه ابن عدي يسرق الحديث ويروي المناكير وقال الدارقطني: حديث لا يصح (والقضاعي) وكذا الدارقطني في المستجار والخرائطي كلهم (عن عائشة) وقال في الميزان: حديث منكر

⦗ص: 363⦘

ما أفته سوى جحدر ومن ثم قال الدارقطني: لا يصح وأورده ابن الجوزي في الموضوع انتهى. قال العامري: في قوله حسن غريب غير مصيب

ص: 362

3645 -

(الجنة) أي أبنيتها (لبنة من ذهب ولبنة من فضة) بين به أنها مبنية بناء حقيقيا دفعا لتوهم أن ذلك تمثيل وأن ليس هناك بناء بل تتصور النفوس غرفا مبنية كالعلالي بعضها فوق بعض حتى كأنها تنظر إليها عيانا وهل المراد بناء قصورها ودورها أو بناء حائطها وسورها احتمالات رجح الحافظ ابن حجر الثاني لخبر جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما

(طس) وكذا البزار كلاهما (عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح اه. وقضية كلام المصنف أن ما ذكره هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته وملاطها المسك

(1)" لبن " ككتف [أي بفتح اللام وكسر الباء] : المضروب من الطين مربعا للبناء [المضروب: المصنوع بالقوالب]

من " القاموس " وما بين قوسين مربعين [هكذا] فمن دار الحديث

ص: 363

3646 -

(الجنة مئة درجة ما بين كل درجتين مسيرة خمس مئة عام) حقيقة إذ الجنة درجات بعضها أرفع من بعض أو المراد الرفعة المعنوية من كثرة النعيم وعظيم المنال وقد يصار إلى الجمع هنا بين الحقيقة والمجاز كما تقرر فيما قبله

(طس عن أبي هريرة) هذا من المصنف كالصريح في أن هذا الحديث لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وإلا لما عدل عنه وأعظم به من غفلة فقد خرجه سلطان المحدثين البخاري وكذا أحمد والترمذي باللفظ المزبور وزادوا والفردوس أعلاها درجة ومنها تفجرت أنهار الجنة الأربع وفوق ذلك يكون العرش اه

ص: 363

3647 -

(الجنة بالمشرق) الظاهر أن المراد به أن جهة بلاد المشرق كالعراقين وما والاهما كثيرة الأشجار الملتفة والغياض المونقة فإن الجنة اسم لذلك وإلا فقد ورد أن الجنة فوق السماء السابعة

(فر عن أنس) فيه يونس بن عبيد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مجهول وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد أعلى ولا أشهر ولا أقدم من الديلمي وهو عجيب فقد خرجه الحاكم من هذا الوجه بهذا اللفظ ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا فإهمال المصنف للأصل واقتصاره على العزو للفرع غير جيد

ص: 363

3648 -

(الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها) الفاحش ذو الفحش في قوله أو فعله أي لا يدخلها مع الأولين الفائزين أو لا يدخلها قبل تعذيبه إلا إن عفي عنه

(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (الصمت) أي فضله (حل) كلاهما (عن ابن عمرو) بن العاص قال الحافظ العراقي: سنده لين

ص: 363

3649 -

(الجنة لكل تائب) توبة صحيحة (والرحمة لكل واقف) أي مصر على المعاصي. قال الديلمي: ويروى وقاف وهو المتأني كأنه يريد أن يتوب ثم يحجم ويتوقف فالرحمة قريب منه انتهى

(أبو الحسن بن المهتدي في فوائده) الحديث (عن ابن عباس) وظاهر حال المصنف أن لم يقف عليه مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الديلمي خرجه في مسند الفردوس

ص: 363

3650 -

(الجنة بناؤها لبنة من فضة ولبنة من ذهب وملاطها) بكسر الميم طينها الذي يكون بين كل لبنتين أو ترابها الذي يخالطه الماء (المسك الآذفر) بذال معجمة في خط المصنف أي الذي لا خلط فيه أو الشديد الريح قالوا: لكن

⦗ص: 364⦘

لونه مشرف لا يشبه مسك الدنيا بل هو أبيض (وحصباؤها) أي حصاؤها الصغار (اللؤلؤ والياقوت) الأحمر والأصفر (وتربتها الزعفران) وفي رواية تربتها درمكة بيضاء مسك خالص فإذا عجن بالماء صار مسكا والطين يسمى ترابا فلما كانت تربتها طينة وماؤها طيب فانضم أحدهما إلى الآخر حدث لهما طيب آخر فصار مسكا أو يحتمل أن كونه زعفرانا باعتبار اللون مسكا باعتبار الريح وهذا من أحسن شيء وأظرفه تكون البهجة والإشراق في لون الزعفران والريح ريح المسك وكذا تشبيهها بالدرمكة وهو الخبز الصافي الذي يضرب لونه إلى صفرة مع لينها ونعومتها وهو معنى قول مجاهد: أرض الجنة من فضة وترابها مسك فاللون في البياض لون الفضة والريح ريح المسك مثل كثبان الرمل ولا يعارض ذلك كله خبر أبي الشيخ قلت ليلة أسري بي يا جبريل إنهم يسألوني عن الجنة فقال: أخبرهم أنها درة بيضاء وأرضها عقيان والعقيان الذهب لأن إخبار جبريل عن أرض الجنتين الذهبيتين اهتماما منه بالأفضل الأعلى (من يدخلها ينعم لا يبأس) أي لا يفتقر ولا يحتاج يعني أن نعيم الجنة لا يشوبه بؤس ولا يعقبه شدة تكدره يقال بئس الرجل إذا اشتدت حاجته أي لا يكون في شدة وضيق (لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم) إشارة إلى بقاء الجنة وجميع ما فيها ومن فيها وأن صفات أهلها من الشباب ونحوه لا يتغير وملابسهم لا تبلى وقد نطق بذلك التنزيل في عدة آيات لهم فيها نعيم مقيم أكلها دائم وظلها وفي طي ذلك تعريض بذم الدنيا فإن من فيها وإن نعم يبأس ومن أقام فيها لم يخلد بل يموت ويفنى شبابه ويبلى جسده وثيابه

(حم ت) في صفة الجنة (عن أبي هريرة) ورواه عنه الطيالسي

ص: 363

3651 -

(الجن ثلاثة أصناف فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون) قال الحكيم: والصنف الثاني ثم الذين ورد النهي عن قتلهم في خبر نهى عن قتل ذوي البيوت وخبر نهى عن قتل الحيات فإن تلك في صور الحيات وهم من الجن وهم سكان البيوت <تنبيه> قال ابن عربي: من الجن الطائع والعاصي مثلنا ولهم التشكل في الصور كالملائكة وأخذ الله بأبصارنا عنهم فلا يراهم إلا بعضنا بكشف إلهي ولما كانوا من عالم اللطف قبلوا التشكيل فيما يرون من الصور الحسنة فالصورة الأصلية التي ينسب إليها الروحاني إنما هي أول صورة أوجده الله عليها ثم تختلف عليه الصور بحسب ما يريد أن يدخل فيها ولو كشف الله عن أبصارنا حتى نرى ما تصوره القوة المصورة التي وكلها الله بالتصوير في خيال المتخيل لرأيت مع كل إنسان ألف صورة مختلفة لا يشبه بعضها بعضا وكما وقع التناسل في البشر بإلقاء الماء في الرحم وقع التناسل في الجان بإلقاء الهوى في رحم الأنثى فكانت الذرية والتوالد وهم محصورون في اثني عشر قبيلة أصولا ثم يتفرعون إلى أفخاذ وتقع بينهم حروب وبعض الزوابع يكون عند حربهم فإن الزوبعة تقابل ريحين يمنع كل منهما صاحبتها أن تخترقها فيؤدي ذلك إلى الدور المشهود في الغيرة في الحس فهذه حربهم لكن ما كل زوبعة حرب (مهمة) هذا العالم الروحاني إذا تشكل وظهر في صورة حسنة يقيده البصر بحيث لا يقدر أن يخرج عن تلك الصورة ما دام البصر ناظر إليه بالخاصية من الإنسان فإذا قيده ولم يبرح نظرا له وليس ثم ما يتوارى فيه أظهر له ذلك الروحاني صورة جعلها عليه كالستر ثم خيل له مشى تلك الصورة إلى جهة مخصوصة فيتبعها بصره فإذا تبعها خرج الروحاني عن تقييده فغاب عنه وبمغيبه تزول تلك الصورة عن النظر فإنها للروحاني كالنور مع السراج المنتشر في الزوايا نوره فإذا غاب جسم السراج فقد النور فمن يعرف هذا ويحب تقييده لا يتبع الصورة بصره وهذا من الأسرار الإلهية وليست الصورة غير الروحاني بل عينه وإن كانت بألف مكان وأشكال مختلفة وإذا قتلت صورة من تلك الصور تنقل ذلك الروحاني من الحياة

⦗ص: 365⦘

الدنيا إلى البرزخ كما ننتقل نحن بالموت ولا يبقى له في الدنيا حديث مثلنا والفرق بين الجن والملائكة وإن اشتركوا في الروحانية أن الجن غذاؤهم من الأجسام الطبيعية بخلاف الملائكة

(طب والبيهقي في) كتاب (الأسماء) والصفات وكذا أبو نعيم والديلمي كلهم (عن أبي ثعلبة الخشني) في اسمه أقوال قال الهيثمي: رجاله وثقوا وفي بعضهم ضعف وقال شيخه العراقي: صحيح الإسناد

ص: 364

3652 -

(الجن لا تخبل) بخاء معجمة وباء موحدة في خط المصنف (أحدا في بيته عتيق من الخيل) لخاصية فيه علمها الشارع (1) وفيه تصريح بأن الجن تخبط وتخبل وما وقع للقاضي كالزمخشري مما يوهم إنكاره في آية الذي يتخبطه الشيطان حيث قال: إن التخبط والمس وارد على ما تزعم العرب أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع وأن الجني يمسه فيختلط عقله فيشنع عليها بأن وجود الجن مما انعقد عليه الإجماع ونطق به كلام الله والأنبياء وحكى مشاهدتهم عن كثير من العقلاء وأهل الكشف فلا وجه لنفيها كما في شرح المقاصد وغيره <فائدة> أخرج ابن عباس عن ابن جرير في آية {ومن الأرض مثلهن} قال: في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق قال ابن حجر: إسناده صحيح وأخرجه الحاكم والبيهقي في كل أرض أي من السبع آدم كآدمكم ونوح كنوحكم وإبراهيم كإبراهيمكم وعيسى كعيسى ونبي كنبيكم قال البيهقي: إسناده صحيح لكنه شاذ (تتمة) قال الحكيم: الجن ألطف في الفهم وأسرع في الذكاء من الإنس لأن أجسامهم من نار مارج والآدمي من تراب فجوهرهم أرق وجوهر الآدمي أغلظ ولم تشغلهم الشهوات كشغل الآدمي فرقة جوهرهم عون لهم على درك الأشياء

(طب عن عريب) بفتح العين المهملة بضبط المصنف وقال ابن حجر: بفتح أوله وكسر الراء بعدها تحتية ثم موحدة أبو عبد الله المليكي شامي قال البخاري: يقال له صحبة قال الذهبي: له حديث من وجه ضعيف وأشار إلى هذا

(1) وحيث أن هذا الحديث ضعيف فلا يجزم به. وإن كان صلى الله عليه وسلم قاله فعلا فيكون ذلك كما قال المناوي: لخاصية في العتيق من الخيل علمها الشارع. والله أعلم. دار الحديث]

ص: 365

3653 -

(الجهاد واجب عليكم مع كل أمير) أي مسلم (برا كان أو فاجرا وإن هو عمل الكبائر) وفجوره إنما هو على نفسه والإمام لا ينعزل بالفسق (والصلاة) يعني المكتوبة (الخمس واجبة عليكم خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن هو عمل الكبائر) لأن مرتكب الكبائر لا يخرج بارتكابها عن الإيمان فتصح الصلاة خلف كل فاسق ومبتدع لا يكفر ببدعته قال الأشرفي: قوله واجبة عليكم أي جائزة عليكم لأن الوجوب والجواز مشتركان في جانب الإتيان بهما قال: وقد تمسك بظاهره القائل بوجوب الجماعة وفي قوله وإن عمل الكبائر دلالة على أن من أتى الكبائر لا يكفر ولفظ الكبائر على صيغة الجمع يدل على تعدد صدور الكبيرة منه اه. (والصلاة واجبة عليكم على كل مسلم يموت برا كان أو فاجرا وإن هو عمل الكبائر) لكن الوجوب هنا على الكفاية فيسقط الفرض بواحد ولا يجوز دفن من مات على الإسلام بدون صلاة وإن تعاطى جميع الكبائر ومات مصرا عليها ولم يتب عن شيء منها قال الطيبي: وفي ظاهر كل قرينة دلالة على وجوب أمر وجواز أمر فالأولى تدل على وجوب الجهاد على المسلم وعلى جواز كون الفاسق أميرا والثانية تدل على وجوب الصلاة جماعة وجواز أن يكون الفاجر إماما والثالثة على وجوب الصلاة عليهم وعلى جواز صدورها عن الفاجر هذا ظاهر الحديث ومن قال إن الجماعة لا تجب عينا تأوله بأنه فرض على الكفاية كالجهاد وعليه دليل إثبات ما ادعاه

(د ع) وكذا البيهقي في السنن كلهم من حديث عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحرث عن مكحول (عن أبي هريرة) قال في المهذب: وهذا منقطع وفي الميزان بعد ما ساقه من مناكير عبد الله بن صالح كاتب الليث هذا

⦗ص: 366⦘

مع نكارته منقطع اه. وتقدمه للتنبيه عليه الدارقطني فقال مكحول لم يلق أبا هريرة وقال ابن حجر: لا بأس برواته إلا أن مكحولا لم يسمع من أبي هريرة وفي الباب عن أنس خرجه سعيد بن منصور وأبو داود وفي إسناده أيضا ضعف

ص: 365

3654 -

(الجهاد أربع) أي جهاد النفس الذي هو أصل جهاد العدو الخارج ومقدم عليه أربع مراتب المرتبة الأولى والثانية (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) أي مجاهدتها على أن تأمر بالمعروف وتنتهي عن المنكر في ذاتها ثم جهادها على أن تصدع الظلمة بالأمر والنهي وتجاهدهم باليد عند القدرة فاللسان بحيث لا يخاف في ذلك لومة لائم (و) المرتبة الثالثة (الصدق في مواطن الصبر) بأن يجاهدها على صدق العزيمة والصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق وتحمل ذلك كله لله وحده (و) المرتبة الرابعة (شنآن الفاسق) أي إظهار معاداته لله لأجل فسقه والمراد به ما يشمل المنافق فجهاد الكفار أخص بالسنان وجهاد المنافقين أخص باللسان قال ابن القيم وغيره: وجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار وهو جهاد خواص الأمة وورثة الرسل والقائمون به أفراد في العالم والمعانون عليه وإن كانوا هم الأقلين عددا فهم الأعظمون عند الله قدرا ومددا ثم ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبي نعيم فمن أمر بالمعروف شد عضد المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الفاسق ومن صدق في مواطن الصبر فقد قضى ما عليه. اه بحروفه فاقتصار المصنف على بعض الحديث بغير ملجئ تقصير وإن كان جائزا

(حل) وكذا الديلمي (عن علي) أمير المؤمنين رضي الله تعالى عنه وفيه عبيد الله الوصافي نقل في الميزان عن جميع تضعيفه واستحقاقه للترك ثم أورد له أخبارا هذا منها

ص: 366

3655 -

(الجلاوزة) قال في الفردوس: هم أصحاب الشرط وفي القاموس الجلواز بالكسر الشرطي (والشرط) جمع شرطي وهو شرطي السلطان وشرط السلطان هم نخبة أصحابه الذين يقدمهم على سائر الجند (وأعوان الظلمة كلاب النار) أي نار جهنم يعني أخسهم وأحقرهم كما أن الكلاب أخس الحيوانات وأحقرها أو ينبحون على أهلها لشدة العذاب كالكلاب أو يكون فيها على صورة الكلاب

(حل عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه الديلمي باللفظ المزبور

ص: 366

3656 -

(الجيران) بكسر الجيم جمع جار (ثلاثة: فجار له حق واحد) على جاره (وهو أدنى الجيران حقا وجار له حقان وجار له ثلاث حقوق فأما الذي له حق واحد فجار مشرك) يعني كافر وخص المشرك لغلبته حينئذ (لا رحم له) أي لا قرابة بينه وبين جاره المؤمن فهذا (له حق الجوار) فقط بكسر الجيم وضمها والكسر أفصح (وأما الذي له حقان) على جاره (فجار مسلم) فهذا (له حق الإسلام وحق الجوار وأما الذي له ثلاث حقوق فجار مسلم ذو رحم) فهذا له (حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم) فاستفدنا أن المجاورة مراتب بعضها ألصق من بعض على هذا الترتيب وأقرب أهل المرتبة الثالثة وأحقها بما يستوجبه الجار من الإكرام الزوجة فإن كانت قريبة فهي آكد وقد ورد في الإكرام من الأخبار والآثار ما لا يخفى على الموفقين. قال سبحانه وتعالى {والجار ذي القربى والجار الجنب} قيل الأول المسلم والثاني الكافر وقيل الأول القريب المسكين والثاني بعيده وقيل الأول البعيد والثاني الزوجة

(البزار)

⦗ص: 367⦘

في مسنده (وأبو الشيخ [ابن حبان] ) الأصبهاني (في) كتاب (الثواب) أي ثواب الأعمال (حل) وكذا الديلمي كلهم (عن جابر) ابن عبد الله قال الحافظ العراقي: والكل ضعيف اه. وقال بعضهم: له طرق متصلة ومرسلة وكلها لا تخلو عن مقال ورواه الطبراني باللفظ المزبور عن شيخه عبد الله بن محمد الحازمي قال الهيثمي: وهو وضاع

ص: 366